رفقته نسخة للتحميل
مقدمة
أصبح مقياس قوة الدول في عالمنا المعاصر مقترن بالموارد الإقتصادية، متجاوزا بذلك المساحة و عدد السكان، و العراقة...، هذا ما جعل جل دول العالم تنخرط و بشكل سريع في مسلسل الإنفتاح الإقتصادي و الإهتمام بخلق مناخ مناسب لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، و على غرار الدول المتقدمة دب المغرب بدوره بخطى محمودة في هذا الصوب، ليهتم هو الآخر بمجال إقتصاده، عبر تشدين أوراش إصلاحية عدة، شملت جميع الميادين إلى أن بدأ في تحقيق مبتغاه، و هو ما أكده تقرير المؤسسة الدولية "خيامبرون"، الذي صنف المغرب بين الدول المفضلة من قبل المستثمرين، و يعتبر هذا بمثابة تتويج للمغرب على كل الجهوذ المبذولة في هذا المجال رغم كل المعيقات التي تعتريه من شتى الجوانب، و من بين ما قام به المغرب لخلق مناخ جاذب للإستثمار، نجد إهتمامه بالتحكيم الدولي لكونه من بين الآليات و المؤشرات التي يتم بها اختيار البلد المستضيف للإستثمار من لدن المستثمر الأجنبي، في هذا الصدد نص المشرع المغربي و لأول مرة على مقتضيات قانونية تهم التحكيم الدولي ضمن القانون 05.08 بعدما كان مؤطرا بموجب اتفاقيات دولية، و جاء ذلك بعد خطاب الملك محمد السادس بمناسبة السنة القضائية سنة 2003 بتاريخ 29 يناير، الذي نادى من خلاله بتسريع تطوير قانون التحكيم التجاري الوطني و الدولي.
انبثق التحكيم الدولي عن مجال التجارة الدولية و تطور معه، إلى أن أصبحت جل العقود التجارية الدولية في الآونة الأخيرة تتوفر على شرط تحكيم، و سرعان ما انتقل التحكيم الدولي كذلك إلى العقود الإدارية الدولية مثل عقود T.O.B، و عقود الإسثمارات الدولية، و عقود الصفقات العمومية ..، و هذا ما أخذت به جل دول العالم بما فيها المغرب الذي اعتمد التحكيم الدولي في عقود صفقاته، و هذا راجع للإرتباط الوثيق بين هذا النوع من العقود بمجال التجارة الدولية، و كذا لما تتطلبه من سرعة و فعالية في فض النزعات الناشئة عنها لإرتباطها بالمصلحة العامة و بالإستجابة لحاجيات الفرد و المجتمع، و كذا رغبة المشرع الملحة في إدماج المغرب في السوق الرأسمالية العالمية بالإستجابة لمتطلبات الإستثمار.
عارض جانب عريض من الفقه فكرة جواز التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية و في كافة العقود الإدارية، معتبرا أن الأمر يشكل مساسا بالمصلحة و المنفعة العامة خصوصا أثناء استبعاد القانون الوطني و في ظل غياب الضمانات القانونية التي يتميز بها القضاء كحق الإستئناف و علانية المحاكمات ما يجعل التحكيم الدولي في هذا الصدد في صالح الشركات الكبرى خاصة إذا كان الطرف الآخر في النزاع من بين الدول النامية.
يعرف التحكيم بأنه نظام لتسوية المنازعات يخول بمقتضاه أطراف النزاع مهمة الفصل فيه إلى محكمين يختارونهم بمحض إرادتهم[1]، كما جاء أنه طريق اتفاقي لتسوية المنازعات، يخرج النزاع من ولاية قضاء الدولة ويعهد به إلى فرد أو هيئة تقضي بحكم ملزم للطرفين[2]، وفي نفس المعنى جاء أنه نظام قضائي خاص لفض الخصومات بعيداً عن طرق التقاضي العادية ويتم اللجوء إليه بمقتضى اتفاق أطراف النزاع لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية عقدية أو غير عقدية[3]. و من بين المجالات التي انتشر فيها التحكيم نجد مجال الصفقات العمومية، و تعتبر الصفقات العمومية عقودا بعوض تبرم بين صاحب المشروع من جهة وشخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى، يدعى مقاولا أو موردا أو خدماتيا، وتهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات[4].
تكمن أهمية الموضوع في مدى محاولة المشرع المغربي إقامة التوازن بين المتطلبات الإقتصادية بجواز التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية، و متطلبات حماية المصلحة العامة كونها أساس هذا النوع من العقود، و هو الأمر الذي سينتج عنه أمرين إما تغليب الجانب الإقتصادي بجعل مقتضيات التحكيم الدولي التجاري تسري على عقود الصفقات العمومية، أو ترجيح حماية المال العام و المصلحة العامة بفرض مميزات و سمات خاصة بالتحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية، هذا ما يجعل الإشكال المطروح في هذا الصدد هو : أي خصوصية للتحكيم الدولي في منازعات الصفقات العمومية؟
و عن هذا الإشكال تتفرع مجموعة من الأسئلة تضمن الإحاطة الكاملة بالموضوع و هي :
المطلب الأول : شرعية التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية و خصوصية إجراءاته
أجاز المشرع المغربي إمكانية اللجوء إلى التحكيم الدولي بخصوص النزاعات الناشئة عن عقود الصفقات العمومية من خلال مؤشرات عدة تبرهن ذلك، جراء غياب أي نص قانوني يخول فض النزعات الناشئة عن هذا النوع من العقود بواسطة التحكيم الدولي (الفقرة الأولى)، ما سيتطلب من المشرع المغربي إفراد هذا النوع من العقود بخصوصية تلائم طبيعتها أثناء إجراءات المسطرة التحكيمية داخل التحكيم الدولي (الفقرة الثانية) .
الفقرة الأولى : شرعية التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية بالمغرب
إن محاولة بيان مسألة شرعية التحكيم الدولي بالمغرب تفرض علينا أولا التطرق لمسألة المعايير المحددة لدولية التحكيم بتمييزه عن التحكيم الداخلي، إجابة على السؤال المطروح في هذا الصدد و المتعلق بمتى نكون أمام تحكيم دولي؟
عرفت مسألة تشطير التحكيم إلى تحكيم داخلي و تحكيم دولي، نقاشا فقهيا كبيرا حول المعيار المحدد لدولية التحكيم[5]، هذا أدى إلى ظهور ثلاثة اتجاهات فقهية، حيث يرى أنصار الإتجاه الأول أن القانون الواجب التطبيق هو الخالق لمعيار تجزيئ التحكيم ، و بالتالي فإعمال القانون الوطني يجعلنا أمام تحكيم داخلي، و أما الخضوع لقانون أجنبي أو لإتفاقية دولية يجعلنا إزاء تحكيم دولي، أما الإتجاه الثاني فقد ربط معيار التفرقة بمكان صدور المقرر التحكيمي، و بجنسية الأطراف و المحكمين، و أما الإتجاه الثالث فذهب لربط معيار التفرقة بمصالح التجارة الدولية و بوجود محل سكنى أو إقامة أو مقر إجتماعي لأحد أطراف التحكيم بالخارج[6]، و هو النهج الذي سارت عليه أغلب التجارب الدولية بما فيها المغرب، أخذا بما جاء به قانون الأونسيترال[7] النموذجي للتحكيم[8]، في مادته الأولى المعنونة بنطاق التطبيق[9].
ذهب المغرب من خلال القانون 17-95[10] في مادته 72، بأن دولية التحكيم تتعلق بمصالح التجارة الدولية و بأجنبية موطن أو مقر أحد الأطراف على الأقل. و هو الموقف الذي دافع عليه الإجتهاد القضائي كذلك في أكثر من محطة و هنا نذكر قرار محكمة الإستئناف التجارية بمراكش بتاريخ 24 ماي 2022[11]، الذي سار على نفس النهج[12]. فالمشرع المغربي هنا و في محاولته تحديد دولية التحكيم إعتمد على معيارين، المعيار الأول، اقتصادي و هو الذي يبحث في موضوع النزاع، والمعيار الثاني جغرافي و هو المرتبط بأجنبية موطن أو مقر أحد أطراف النزاع.
إن محاولة تحديد معايير دولية التحكيم الدولي بالمغرب جعلتنا نؤمن بأن المشرع المغربي أجاز التحكيم الدولي في عقوده التجارية إلى أن التساؤل الذي مازال مطروحا هو مالدليل و مالقرائن حول سماح المشرع المغربي بالتحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية؟
يترجم جواز التحكيم الدولي في منازعات الصفقات العمومية، من خلال عدة مؤشرات أمام غياب نص صريح يجيز به المشرع المغربي اللجوء لهذا النوع من التحكيم بخصوص العقود التي تعتبر أشخاص القانون العام طرفا بها، حيث نجد أولا أن المشرع المغربي عمل على تنظيم التحكيم الدولي بمقتضيات قانونية ضمن الباب الثالث من القانون 95.17، بدون تضمين هذا الباب ما يبعد النزاعات التي تعتبر أشخاص القانون العام طرفا فيها من نطاق التحكيم الدولي، و ثانيا كون إمكاينة اللجوء إلى التحكيم في المنازعات التي تعتبر أشخاص القانون العام طرفا فيها كان في إطار الباب الأول المعنون ب "التعريف و القواعد العامة'' مايستنتج منه أن هذه الإمكانية تسري على المقتضيات اللاحقة و الحديث هنا عن الباب الثاني المتعلق بالتحكيم الداخلي و الباب الثالث المتسم بالتحكيم الدولي، حيث أنه لو أراد المشرع أن يخص هذه الإمكانية بالتحكيم الداخلي فقط كان سيضمن هذا المقتضي في الباب الثاني المتعلق بالتحكيم الداخلي وليس في الباب الأول المنظم للتحكيم بشكل عام، و هذا ما يؤكد شرعية التحكيم الدولي في منازعات الصفقات العمومية إضافة إلى مؤشرات أخرى من بينها ما جاء به قانون الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الإستثمار في بابه السادس المعنون بتسوية الخلافات، من إمكانية تضمين إتفاقيات الإستثمار المبرمة بين الدولة المغربية و المستثمر الأجنبي، بنودا تنص على تسوية الخلاف بواسطة التحكيم الدولي[13]، و كذا ما يؤكد هذه الشرعية أيضا هو مصادقة المغرب على العديد من الإتفاقيات و المعاهدات الدولية المعنية بالتحكيم الدولي[14] و كما لايخفى على أحد أن الإتفاقيات الدولية تسموعلى القوانين الوطنية، و في هذا الإطار نصت المادة الأولى من الباب الثالث المتعلق بالتحكيم الدولي على : "تطبق مقتضيات هذا الباب دون الإخلال بما ورد فالإتفاقيات الدولية المصادق عليها من لدن المملكة المغربية و المنشورة بالجريدة الرسمية"، نذكر منها :
الفقرة الثانية : خصوصية الإجراءات المسطرية للتحكيم الدولي في الصفقات العمومية
أبان الواقع العملي على أن أغلب الصفقات العمومية تنشأ عنها نزاعات بين أطراف الصفقة و هو ما يجعل البت في النزاع موكولا للهيئة التحكيمية في حالة إبرام إتفاق تحكيم بين الأطراف سواء كان الأطراف من بلد واحد أي حالة التحكيم الداخلي و كذا في إطار التحكيم الدولي أي إذا كان صاحب الصفقة مثلا له مقر اجتماعي خارج المغرب، و تكمن أهمية اتفاق التحكيم في كونه أساس اللجوء إلى التحكيم فبدونه لاوجود للتحكيم ولا أساس له[16]، و هذا ماجعل البعض يعتبر اتفاق التحكيم بأنه قلب التحكيم و قالبه[17] كما تكمن أهمية اتفاق التحكيم أيضا في ما جاء المشرع المغربي في إطار الباب الثالث المتعلق بالتحكيم الدولي، بأن اتفاق التحكيم يقوم بتحديد المسطرة الواجب اتباعها خلال سيرعمليات التحكيم الدولي، و هذا التحديد يكون إما مباشرة أو استنادا إلى نظام للتحكيم[18]. و تم تعريف إتفاق التحكيم بأنه كل شرط تحكيم أو عقد تحكيم موقع عليه من الأطراف، أو وارد في رسائل أو برقيات متبادلة و منها الخطابات الإلكترونية حسب مقتضيات الفقرة الثانية من المادة الثانية من اتفاقية نيويورك المتعلقة بالاعتراف و تنفيذ أحكام المحكمين الأجانب[19]، أي أن اتفاق التحكيم له وجهان[20]، فإما أن يكون شرط تحكيم في العقد الرابط بين طرفي الخصومة أو عقد تحكيم مستقل بعد وقوع النزاع[21]
بالنسبة لإتفاق التحكيم في مجال الصفقات العمومية، فتارة يكون على شكل عقد تحكيم و تارة يكون على شكل شرط تحكيم، و يتخذ هذا الأخير شكل بند في دفتر الشروط الخاصة[22]، بالنسبة لصفقات الأشغال[23] و كذا صفقات التوريدات[24] وفق العبارة التالية او عبارات أخرى مشابهة لها :
" Tous litiges ou différends entre le maître d'ouvrage et le titulaire sont soumis aux tribunaux compétents conformément aux dispositions des articles 81 à 84 du CCAG-T".
و المراد من هذه العبارة، أن تسوية النزاعات و الخلافات الناتجة عن صاحب المشروع و المقاول ستكون طبقا للمواد 81 , 82 , 83 و 84 من الباب التاسع من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال، و كما هو معلوم فإن المادة 82 تهم التحكيم و الوساطة، و أما بالنسبة لصفقات الخدمات، فهي استثناء حيث لا يتم تضمين دفتر الشروط الخاصة بها لشرط التحكيم حيث يشير البند المعنى بتسوية النزاع في هذا النوع من الصفقات إلى فض النزاعات بواسطة القضاء فقط[25]، و هذا لكون دفتر الشروط الإدارية العامة الخاص بها[26] لم يسمح بالتحكيم كآلية لفض نزاعات هذه العقود لأنه يعود لسنة 2002 أي قبل صدور القانون 08-05 الذي رفع الحظر على التحكيم في العقود الإدارية، وهذا ما يؤكد على المشرع المغربي تسريع تحيينه لدفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الخدمات، و أما بالنسبة لعقد التحكيم في الصفقات العمومية فيخضع لنفس المقتضيات المعمول بها في هذا النوع من اتفاق التحكيم، و إلى هنا يتبين أن المشرع المغربي لم يخص اتفاق التحكيم في إطار التحكيم الدولي بأي خصوصية تميزه عن اتفاق التحكيم في إطار التحكيم الداخلي.
خول المشرع المغربي اختصاص التكوين القضائي لتشكيل الهيئة التحكيمية في إطار التحكيم الدولي برئيس المحكمة الإبتدائية التجارية[27]، و هو ما يشكل اختلافا بالنسبة لعقود الصفقات العمومية حيث أن هذا الإختصاص في ظل التحكيم الداخلي كان من إختصاص رئيس المحكمة الإبتدائية الإدارية كل ما كان شخص من أشخاص القانون العام طرفا بالعقد[28]، و هو مقتضى يلاءم طبيعة العقد، إلى أن المشرع المغربي في هذا الصدد لم يخص العقود هذا النوع من العقود بأي مقتضى يراعي خصوصيتها بل جعلها محتكمة لنفس قواعد العقود التجارية العادية.
خص المشرع المغربي التحكيم الدولي أثناء البت في موضوع النزاع من لدن الهيئة التحكيمية بمميزات أوردها الباب الثالث من القانون 95.17، حاول من خلالها حماية أطراف التحكيم و ضمان حقوقهم، و من بين هذه المقتضيات نجد إلزامية إحترام القواعد المتعلقة بحقوق الدفاع[29]، و يعود سبب هذا لما يتسم به التحكيم الدولي من حساسية جعلت المشرع المغربي يعمل على حماية أطراف الخصومة التحكيمية، خاصة و أن المشرع المغربي أجاز التحكيم في النزاعات التي تنشأ مع أشخاص القانون العام، مثال الصفقات العمومية، و يمكن اعتبار هذا المقتضى من بين ما عمل به المشرع المغربي على حماية أشخاص القانون العام، داخل مساطر التحكيم الدولي، و يعرف حق الدفاع بأنه "إتاحة الفرصة الكاملة لكلا الخصمين في المثول أمام هيئة التحكيم، لشرح إدعاءتهم و تفنيد مزاعم خصومهم، و تمكينهم من كل ما من شأنه إثبات دعواهم"[30]، و من مظاهر احترام حق الدفاع من لدن الهيئة التحكيمية، في إطار الصفقات العمومية، نجد عدم جواز حصول المحكم على معلومات من الغير دون علم أطراف الصفقة و كذلك عدم جواز أن يحكم المحكم بعلمه إلا بعد طرحه للنقاش على أطراف الصفقة و إبداء رأيهم به[31]، كما و في نفس الصدد فيتعتبر إخلالا بحق الدفاع كذلك كل ما يفقد المحكم حياده[32] كإنحيازه مثلا لصاحب الصفقة لكونه من دولته أو كون المحكم معروف بعداءه للمغرب ما سينتج عنه إصدار حكم ضد صاحب المشروع إن كان مغربيا، كما نجد أن من بين المقتضيات التي ميز بيها المشرع المغربي أيضا مساطر التحكيم الدولي، حثه كذلك على معاملة أطراف التحكيم على قدم المساواة[33] من طرف الهيئة التحكيمية و كذلك يمكن في هذا الصدد القول بأن المشرع المغربي يشير إلى القاعدة الخاصة بقبول الدولة التحكيم عندما يكون دوليا و بأنه لا يمكنها أن تتحلل من الإلتزامات الناجمة عن اتفاق التحكيم[34]، و هذا مقتضى يعنى بالصفقات العمومية و يلزم صاحب المشروع دولة كان أو مؤسسة عمومية أو مقاولة عمومية أو جماعة ترابية...أن يلتزم بما هو متضمن بإتفاق التحكيم.
من هذا كله تبين أن المشرع المغربي لم يفرد عقود الصفقات العمومية بأي خصوصية على مستوى الإجراءات المسطرية للتحكيم الدولي، لا من حيث اتفاق التحكيم ولا من حيث تشكيل الهيئة التحكيمية عندما خول اختصاص التكوين القضائي لها، للقاضي التجاري بدون مراعاة لطبيعة عقد الصفقات العمومية، و نفس الشيء بالنسبة لمرحلة البت في موضوع النزاع من لدن الهيئية التحكيمية مع إيراد مقتضيات تهم ضمان حقوق الدفاع و إعمال مبدأ المساواة، و هي ما تتماشى حقيقة مع خصوصية الصفقات العمومية و كل العقود التي تعتبر أشخاص القانون العام طرفا بها. إلى أنه و في غياب أي خصوصية على هذا المستوى يطرح تساؤل بخصوص مرحلة تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، هل سيفردها المشرع المغربي بخصوصية تلائم طبيعة الصفقات العمومية أم أنها ستخضع على حد سوى لنفس مقتضيات العقود التجارية الأخرى؟
المطلب الثاني : تذييل الحكم التحكيمي الدولي الصادر عن الصفقات العمومية
يعتبر صدور الحكم التحكيمي الدولي في الصفقات العمومية، بمثابة تتويج لعمل الهيئة التحكيمية، إلى أن هذا الحكم لايقرن دائما بتنفيذه، تنفيذا اختياريا، حيث أن هناك حالات عدة يتم فيها تقاعس الطرف الذي صدر الحكم ضده عن تنفيذ الحكم التحكيمي، و هذا ما جعل جل التشريعات تمنح للقاضي إختصاص تذييل الحكم التحكيمي الدولي بالصيغة التنفيذية، ليصبح بنفس درجة إلزامية الحكم القضائي، و ينفذ تنفيذا جبريا (الفقرة الأولى) جراء إصدار القاضي أمرا بمنح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الدولي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الجهة المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي في مجال الصفقات العمومية
خول اختصاص تذييل الحكم التحكيمي الصادر عن العقود التي تعتبر أشخاص القانون العام طرفا بها لرئيس المحكمة الإبتدائية الإدارية[35]، و يأتي هذا ضمن المقتضيات المؤطرة للتحكيم الداخلي، أخذا بعين الإعتبار خصوصية و طبيعة هذا النوع من العقود، هذا ما يجعلنا نقول بأن الجهةالمختصة بتذييل الحكم التحكيمي الصادر عن نزاعات الصفقات العمومية في إطار التحكيم الداخلي هو القاضي الإداري، إلى أنه و في إطار المقتضيات المنظمة للتحكيم الدولي، فالمشرع اكتفى بالتصريح بإختصاص القاضي التجاري بتذييل الأحكام التحكيمية الدولية بالمغرب[36]، بدون الإشارة للجهة المختصة في العقود التي تعتبر أحد أشخاص القانون العام طرفا بها، ما يجعل التساؤل المثار في هذا الصدد متعلق بماهي الجهة المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي الصادر عن الصفقات العمومية؟
بالرجوع إلى قرارت محكمة النقض لتحديد الجهة القضائية المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي الصادر في إطار الصفقات العمومية، تم الوقوف على آراء متضاربة في هذا الصدد، حيث منها من خول الإختصاص للقضاء الإداري و منها من أقرنه بالقاضي التجاري، حيث جاء في قرار محكمة النقض عدد 241[37] الصادر بتاريخ 07 مارس 2013 الصادر في الملف الإداري عدد 182/4/1/2013، أن إختصاص التظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في إطار نزاع ناشئ عن تنفيذ صفقة عمومية، يعود للمحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون الحكم التحكيمي يشمل التراب الوطني، و منه فمحكمة النقض هنا إعتبرت بموجب هذا القرار أن كون الدولة طرفا في النزاع يستدعي مباشرة تخويل إختصاص التذييل بالصيغة التنفيذية للقاضي الإداري، أخذا بطبيعة العقد[38]، و هو ما عارضه جانب من الفقه[39] بذريعة أن هذا القرار لم يأخذ بعين الإعتبار صفة دولية العقد و ارتباطه بمصالح التجارة الدولية[40]. و هو ما أخذت به محكمة النقض في قرارها اللاحق رقم 300/1[41] الصادر بتاريخ 22 مارس 2018، الذي جاءت فيه محكمة النقض بأن إختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر عن غرفة التجارة الدولية بباريس في نزاع يتعلق بتنفيذ عقد صفقة عمومية دولية بين مؤسسة عمومية و شركة تركية، هو من إختصاص القضاء التجاري، و أنه كلما تعلق النزاع بتحكيم دولي تكون المحكمة الإدارية غير مختصة، لتكون محكمة النقض في هذا الصدد أعملت طبيعة التحكيم و تجاهلت طبيعة العقد الإداري و ارتباطه بالمصلحة العامة، حيث أقرت أنه كلما كان الحكم صادرا في إطار التحكيم الدولي فلا يتعبر القاضي الإداري مختصا، سيرا على النهج المعتمد سلفا[42] بإقران اختصاص تذييل كل الأحكام التحكيمية الدولية بالقاضي التجاري بغض النظر عن طبيعتها، و هو ما ينتج عنه، تقديم القاضي الإداري اختصاص تذييل الحكم التحكيمي الصادر عن عقود الصفقات العمومية في إطار التحكيم الداخلي، و نزعه منه بنقله للقاضي التجاري جراء التحكيم الدولي، إلى أنه من شأن الإستمرار في اعتماد هذه الثنائية القضائية، أن تكرس لغياب الأمن القضائي، و هو ماستنتج عنه عواقب وخيمة من أبرزها نفور المستثمرين الأجانب، خصوصا منهم المؤسسين لشركات داخل المغرب، و من هذا كله فيجب و بإلحاح تدخل المشرع لتنظيم و تقنين مسطرة تذييل الحكم التحكيمي الدولي في إطار الصفقات العمومية لما يلاءم خصوصية هذه العقود و يتسجيب للمتطلبات الإستثمارية.
الفقرة الثانية : الأمر بتذييل الحكم التحكيم الدولي بالصيغة التنفيذية في مجال الصفقات العمومية.
يصدر عن عملية تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية من لدن القضاء، أمرا بمنح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي، و بتميز هذا الأمر في التحكيم الدولي بإمكانية الطعن فيه بالإستئناف[43]، وفق حالات محددة[44]، بخلاف الأمر بتذييل الحكم التحكيمي الداخلي الذي لايقبل أي طعن[45]، ومن بين حالات الطعن هذه نجد تلك المتعلقة بإتفاق التحكيم، حيث أن عدم وجود اتفاق تحكيم يفضي إلى انعدام حكم التحكيم[46] و هذا لكون اتفاق التحكيم هو أساس العملية التحكيمية ككل[47] و نفس الأمر بالنسبة لإتفاق التحكيم إذا كان باطلا، كحالة غياب شرط من الشروط الموضوعية أو الشكلية اللازمة لقيامه أو كونه ورد على ما لايجوز التحكيم فيه، كصدوره بشأن قرار فسخ الصفقة و هذا ما لا يستقيم كون القرارات الأحادية للدولة لاتقبل التحكيم بشأنها[48]، و من الحلات المتعلقة بإتفاق التحكيم نجد كذلك الحالة التي يشوب فيها الرضا عيب من عيوب الإرادة من غلط أو تدليس أو غبن، و كذا الحالة التي يصدر فيها الحكم بناءً على اتفاق تحكيم انقضى ميعاده أي أنه صدر بعد انتهاء ولاية المحكم بالنزاع.[49]
و بالإضافة إلى ماسبق أعلاه ، فهناك حالات طعن متعلقة بالهيئة التحكيمة، كتشكيلها بصفة غير قانونية، و كذا بتها في النزاع دون التقيد بالمهام المسندة إليها أو دون احترام حقوق الدفاع و بما لأهميتها في إطار التحكيم الدولي خصوصا عندما تكون الإدارة طرفا بالنزاع.
زيادة عن حالات الطعن المتعلقة بإتفاق التحكيم و كذا المتعلقة بالهيئة التحكيمية، نجد تلك المتعلقة بالنظام العام الوطني أو الدولي، و يعرف النظام العام بأنه مجموع القواعد القانونية التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة[50]، و عرفته محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء في قرار بتاريخ 1/15/2015 بأنه مجموع المبادئ الأساسية المتعلقة بالعدالة و الأخلاق الحميدة التي تسعى الدولة إلى حمايتها و القواعد و الأحكام التي تهدف خدمة المصالح السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للدول[51]، إلى أنه و رغم كل هذه التعريفات فيبقى مفهوم النظام العام مفهوم غير واضح و متغير بتطور الظروف و المجتمع[52] و مرتبط بالخصوص بالسلطة التقديرية للقاضي و في غياب أي تحديد لحالاته فسيظل مفهوم شاسعا لاحصر له، كما تجدر الإشارة في هذا الصدد أن قواعد النظام العام تختلف بين التحكيم الداخلي و التحكيم الدولي فهي ليست قواعدا و احدة فقد تكون أوسع و قد تكون أضيق[53].
و يأتي السماح بالطعن في الأمر بتذييل الحكم التحكيمي الدولي، في إطار حماية أطراف النزاع، الذي قد يكون أحدهم من أشخاص القانون العام، في إطار الصفقات العمومية مثلا، لكون أن مقتضيات الطعن هذه تسري على جميع الأحكام التحكيمية الدولية، و يكون هذا الطعن لدى محكمة الإستئناف التجارية داخل أجل 15 يوم[54]، و في هذا الصدد يعاد نفس إشكال الجهة المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي الصادر عن الصفقات العمومية، بغياب خصوصية هذا النوع من العقود في هذا المستوى كذلك.
خاتمة :
أجاز المشرع المغربي إمكانية اللجوء إلى التحكيم الدولي بخصوص النزاعات الناشئة عن عقود الصفقات العمومية، لغايات عدة ارتبطها أغلبها بالهاجس الإقتصادي و الإستثماري، إلى أن الأمر تطلب من المشرع المغربي في هذا الصدد ضرورة إعمال مبدأ التوازن بين المصلحة الإقتصادية، و حماية الصفقات العمومية، أي بالسماح للتحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية لكن بإفراد هذا النوع من العقود بخصوصية جراء مقتضيات هذا التحكيم، تلائم خصوصيتها كعقود إدارية مرتبطة بالمصلحة العامة و بالمال العام، و هو ما تبين عكسه داخل المقتضيات المنظمة للتحكيم الدولي في إطار القانون 95.17 ، سواءا من حيث الإجراءات المسطرية للتحكيم الدولي و كذا من خلال الجهة المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي و الطعن في الأمر بمنح الصيغة التنفيذية.
إلى هنا يمكن القول بأن المشرع كان موفقا في إعتماده التحكيم الدولي و السماح به في عقود الصفقات العمومية، إلى أنه وجب التدخل لتنظيم هذا المجال بمقتضيات قانونية تحمي الصفقات العمومية و تحقق نجاعتها و فعاليتها.
لائحة المراجع :
الكتب :
الرسائل و الأطروحات :
المقالات العلمية :
القرارات القضائية :
الملحق رقم 1 :
ملحق رقم 2 : ( نماذج دفاتر شروط خاصة متعلقة بصفقات الأشغال)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحق رقم3 : ( نماذج دفاتر شروط خاصة متعلقة بصفقات التوريدات)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحق رقم 4 : ( نماذج دفاتر شروط خاصة متعلقة بصفقات الخدمات)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفهرس :
مقدمة.....................................................................................................................1
المطلب الأول : شرعية التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية و خصوصية إجراءاته................4
الفقرة الأولى : شرعية التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية بالمغرب.................................4
الفقرة الثانية : خصوصية الإجراءات المسطرية للتحكيم الدولي في الصفقات العمومية.....................7
المطلب الثاني : تذييل الحكم التحكيمي الدولي الصادر عن الصفقات العمومية............................10
الفقرة الأولى : الجهة المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي في مجال الصفقات العمومية ...........10
الفقرة الثانية : الأمر بتذييل الحكم التحكيم الدولي بالصيغة التنفيذية في مجال الصفقات العمومية....12
خاتمة....................................................................................................................14
لائحة المراجع..........................................................................................................15
ملحق 1..................................................................................................................19
ملحق 2..................................................................................................................22
ملحق 3..................................................................................................................23
ملحق 4..................................................................................................................24
أصبح مقياس قوة الدول في عالمنا المعاصر مقترن بالموارد الإقتصادية، متجاوزا بذلك المساحة و عدد السكان، و العراقة...، هذا ما جعل جل دول العالم تنخرط و بشكل سريع في مسلسل الإنفتاح الإقتصادي و الإهتمام بخلق مناخ مناسب لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، و على غرار الدول المتقدمة دب المغرب بدوره بخطى محمودة في هذا الصوب، ليهتم هو الآخر بمجال إقتصاده، عبر تشدين أوراش إصلاحية عدة، شملت جميع الميادين إلى أن بدأ في تحقيق مبتغاه، و هو ما أكده تقرير المؤسسة الدولية "خيامبرون"، الذي صنف المغرب بين الدول المفضلة من قبل المستثمرين، و يعتبر هذا بمثابة تتويج للمغرب على كل الجهوذ المبذولة في هذا المجال رغم كل المعيقات التي تعتريه من شتى الجوانب، و من بين ما قام به المغرب لخلق مناخ جاذب للإستثمار، نجد إهتمامه بالتحكيم الدولي لكونه من بين الآليات و المؤشرات التي يتم بها اختيار البلد المستضيف للإستثمار من لدن المستثمر الأجنبي، في هذا الصدد نص المشرع المغربي و لأول مرة على مقتضيات قانونية تهم التحكيم الدولي ضمن القانون 05.08 بعدما كان مؤطرا بموجب اتفاقيات دولية، و جاء ذلك بعد خطاب الملك محمد السادس بمناسبة السنة القضائية سنة 2003 بتاريخ 29 يناير، الذي نادى من خلاله بتسريع تطوير قانون التحكيم التجاري الوطني و الدولي.
انبثق التحكيم الدولي عن مجال التجارة الدولية و تطور معه، إلى أن أصبحت جل العقود التجارية الدولية في الآونة الأخيرة تتوفر على شرط تحكيم، و سرعان ما انتقل التحكيم الدولي كذلك إلى العقود الإدارية الدولية مثل عقود T.O.B، و عقود الإسثمارات الدولية، و عقود الصفقات العمومية ..، و هذا ما أخذت به جل دول العالم بما فيها المغرب الذي اعتمد التحكيم الدولي في عقود صفقاته، و هذا راجع للإرتباط الوثيق بين هذا النوع من العقود بمجال التجارة الدولية، و كذا لما تتطلبه من سرعة و فعالية في فض النزعات الناشئة عنها لإرتباطها بالمصلحة العامة و بالإستجابة لحاجيات الفرد و المجتمع، و كذا رغبة المشرع الملحة في إدماج المغرب في السوق الرأسمالية العالمية بالإستجابة لمتطلبات الإستثمار.
عارض جانب عريض من الفقه فكرة جواز التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية و في كافة العقود الإدارية، معتبرا أن الأمر يشكل مساسا بالمصلحة و المنفعة العامة خصوصا أثناء استبعاد القانون الوطني و في ظل غياب الضمانات القانونية التي يتميز بها القضاء كحق الإستئناف و علانية المحاكمات ما يجعل التحكيم الدولي في هذا الصدد في صالح الشركات الكبرى خاصة إذا كان الطرف الآخر في النزاع من بين الدول النامية.
يعرف التحكيم بأنه نظام لتسوية المنازعات يخول بمقتضاه أطراف النزاع مهمة الفصل فيه إلى محكمين يختارونهم بمحض إرادتهم[1]، كما جاء أنه طريق اتفاقي لتسوية المنازعات، يخرج النزاع من ولاية قضاء الدولة ويعهد به إلى فرد أو هيئة تقضي بحكم ملزم للطرفين[2]، وفي نفس المعنى جاء أنه نظام قضائي خاص لفض الخصومات بعيداً عن طرق التقاضي العادية ويتم اللجوء إليه بمقتضى اتفاق أطراف النزاع لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية عقدية أو غير عقدية[3]. و من بين المجالات التي انتشر فيها التحكيم نجد مجال الصفقات العمومية، و تعتبر الصفقات العمومية عقودا بعوض تبرم بين صاحب المشروع من جهة وشخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى، يدعى مقاولا أو موردا أو خدماتيا، وتهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات[4].
تكمن أهمية الموضوع في مدى محاولة المشرع المغربي إقامة التوازن بين المتطلبات الإقتصادية بجواز التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية، و متطلبات حماية المصلحة العامة كونها أساس هذا النوع من العقود، و هو الأمر الذي سينتج عنه أمرين إما تغليب الجانب الإقتصادي بجعل مقتضيات التحكيم الدولي التجاري تسري على عقود الصفقات العمومية، أو ترجيح حماية المال العام و المصلحة العامة بفرض مميزات و سمات خاصة بالتحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية، هذا ما يجعل الإشكال المطروح في هذا الصدد هو : أي خصوصية للتحكيم الدولي في منازعات الصفقات العمومية؟
و عن هذا الإشكال تتفرع مجموعة من الأسئلة تضمن الإحاطة الكاملة بالموضوع و هي :
- ماهي معايير تحديد دولية التحكيم و ما قرائن شرعيتة التحكيم الدولي بالصفقات العمومية في المغرب؟
- ما خصوصية الإجراءات المسطرية للتحكيم الدولي في الصفقات العمومية؟
- ماهي الجهة المخول لها تذييل الحكم التحكيمي الدولي بالصيغة التنفيذية في نزاعات الصفقات العمومية؟
- أي خصوصية للأمر بتذييل الحكم التحكيمي الدولي بالصيغة التنفيذية في مجال الصفقات العمومية ؟
المطلب الأول : شرعية التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية و خصوصية إجراءاته
أجاز المشرع المغربي إمكانية اللجوء إلى التحكيم الدولي بخصوص النزاعات الناشئة عن عقود الصفقات العمومية من خلال مؤشرات عدة تبرهن ذلك، جراء غياب أي نص قانوني يخول فض النزعات الناشئة عن هذا النوع من العقود بواسطة التحكيم الدولي (الفقرة الأولى)، ما سيتطلب من المشرع المغربي إفراد هذا النوع من العقود بخصوصية تلائم طبيعتها أثناء إجراءات المسطرة التحكيمية داخل التحكيم الدولي (الفقرة الثانية) .
الفقرة الأولى : شرعية التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية بالمغرب
إن محاولة بيان مسألة شرعية التحكيم الدولي بالمغرب تفرض علينا أولا التطرق لمسألة المعايير المحددة لدولية التحكيم بتمييزه عن التحكيم الداخلي، إجابة على السؤال المطروح في هذا الصدد و المتعلق بمتى نكون أمام تحكيم دولي؟
عرفت مسألة تشطير التحكيم إلى تحكيم داخلي و تحكيم دولي، نقاشا فقهيا كبيرا حول المعيار المحدد لدولية التحكيم[5]، هذا أدى إلى ظهور ثلاثة اتجاهات فقهية، حيث يرى أنصار الإتجاه الأول أن القانون الواجب التطبيق هو الخالق لمعيار تجزيئ التحكيم ، و بالتالي فإعمال القانون الوطني يجعلنا أمام تحكيم داخلي، و أما الخضوع لقانون أجنبي أو لإتفاقية دولية يجعلنا إزاء تحكيم دولي، أما الإتجاه الثاني فقد ربط معيار التفرقة بمكان صدور المقرر التحكيمي، و بجنسية الأطراف و المحكمين، و أما الإتجاه الثالث فذهب لربط معيار التفرقة بمصالح التجارة الدولية و بوجود محل سكنى أو إقامة أو مقر إجتماعي لأحد أطراف التحكيم بالخارج[6]، و هو النهج الذي سارت عليه أغلب التجارب الدولية بما فيها المغرب، أخذا بما جاء به قانون الأونسيترال[7] النموذجي للتحكيم[8]، في مادته الأولى المعنونة بنطاق التطبيق[9].
ذهب المغرب من خلال القانون 17-95[10] في مادته 72، بأن دولية التحكيم تتعلق بمصالح التجارة الدولية و بأجنبية موطن أو مقر أحد الأطراف على الأقل. و هو الموقف الذي دافع عليه الإجتهاد القضائي كذلك في أكثر من محطة و هنا نذكر قرار محكمة الإستئناف التجارية بمراكش بتاريخ 24 ماي 2022[11]، الذي سار على نفس النهج[12]. فالمشرع المغربي هنا و في محاولته تحديد دولية التحكيم إعتمد على معيارين، المعيار الأول، اقتصادي و هو الذي يبحث في موضوع النزاع، والمعيار الثاني جغرافي و هو المرتبط بأجنبية موطن أو مقر أحد أطراف النزاع.
إن محاولة تحديد معايير دولية التحكيم الدولي بالمغرب جعلتنا نؤمن بأن المشرع المغربي أجاز التحكيم الدولي في عقوده التجارية إلى أن التساؤل الذي مازال مطروحا هو مالدليل و مالقرائن حول سماح المشرع المغربي بالتحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية؟
يترجم جواز التحكيم الدولي في منازعات الصفقات العمومية، من خلال عدة مؤشرات أمام غياب نص صريح يجيز به المشرع المغربي اللجوء لهذا النوع من التحكيم بخصوص العقود التي تعتبر أشخاص القانون العام طرفا بها، حيث نجد أولا أن المشرع المغربي عمل على تنظيم التحكيم الدولي بمقتضيات قانونية ضمن الباب الثالث من القانون 95.17، بدون تضمين هذا الباب ما يبعد النزاعات التي تعتبر أشخاص القانون العام طرفا فيها من نطاق التحكيم الدولي، و ثانيا كون إمكاينة اللجوء إلى التحكيم في المنازعات التي تعتبر أشخاص القانون العام طرفا فيها كان في إطار الباب الأول المعنون ب "التعريف و القواعد العامة'' مايستنتج منه أن هذه الإمكانية تسري على المقتضيات اللاحقة و الحديث هنا عن الباب الثاني المتعلق بالتحكيم الداخلي و الباب الثالث المتسم بالتحكيم الدولي، حيث أنه لو أراد المشرع أن يخص هذه الإمكانية بالتحكيم الداخلي فقط كان سيضمن هذا المقتضي في الباب الثاني المتعلق بالتحكيم الداخلي وليس في الباب الأول المنظم للتحكيم بشكل عام، و هذا ما يؤكد شرعية التحكيم الدولي في منازعات الصفقات العمومية إضافة إلى مؤشرات أخرى من بينها ما جاء به قانون الإطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الإستثمار في بابه السادس المعنون بتسوية الخلافات، من إمكانية تضمين إتفاقيات الإستثمار المبرمة بين الدولة المغربية و المستثمر الأجنبي، بنودا تنص على تسوية الخلاف بواسطة التحكيم الدولي[13]، و كذا ما يؤكد هذه الشرعية أيضا هو مصادقة المغرب على العديد من الإتفاقيات و المعاهدات الدولية المعنية بالتحكيم الدولي[14] و كما لايخفى على أحد أن الإتفاقيات الدولية تسموعلى القوانين الوطنية، و في هذا الإطار نصت المادة الأولى من الباب الثالث المتعلق بالتحكيم الدولي على : "تطبق مقتضيات هذا الباب دون الإخلال بما ورد فالإتفاقيات الدولية المصادق عليها من لدن المملكة المغربية و المنشورة بالجريدة الرسمية"، نذكر منها :
- -اتفاقية نيويورك 1958 المتعلقة بالإعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية و تنفيذها و التي صادق المغرب عليها بمقتضى الظهير الشريف 1.59.266 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2437 بتاريخ 18 مارس 1960، و بدور هذه الإتفاقية تم تجاوز مشكلة الإعتراف بالتحكيم الدولي بالمغرب و التخفيف من عراقيل منح الصيغة التنفيذية و تضييق مبدأ النظام العام للحد من درجة التدخل و خلق نوع من التوازن بين مصالح الدولة المغربية و مصالح التحكيم الدولي[15].
- إتفاقية واشنطن 1965، المنشأة للمركز الدولي لتسوية منازاعات الإستثمار بين دول ورعايا دول أجنبية أخرى، هذه الإتفاقية تم إبرامها تحت رعاية البنك الدولي، قصد تحسين وتلطيف ظروف ومناخ الاستثمار الأجنبي الخاص عن طريق توفير التحكيم كوسيلة ودية بديلة لتسوية الخلافات .
- اتفاقية التبادل الحر بين المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية و التي نجد من بين بنودها إمكانية تسوية المنازعات الناشئة بين المستثمر و الدولة بواسطة التحكيم.
- اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري التي حررت بتاريخ 14 أبريل 1987، و التي تهم حل النزعات التي يمكن أن تتولد عن العقود التجارية الدولية بواسطة التحكيم، و التي يعتبر المغرب من أعضائها.
الفقرة الثانية : خصوصية الإجراءات المسطرية للتحكيم الدولي في الصفقات العمومية
أبان الواقع العملي على أن أغلب الصفقات العمومية تنشأ عنها نزاعات بين أطراف الصفقة و هو ما يجعل البت في النزاع موكولا للهيئة التحكيمية في حالة إبرام إتفاق تحكيم بين الأطراف سواء كان الأطراف من بلد واحد أي حالة التحكيم الداخلي و كذا في إطار التحكيم الدولي أي إذا كان صاحب الصفقة مثلا له مقر اجتماعي خارج المغرب، و تكمن أهمية اتفاق التحكيم في كونه أساس اللجوء إلى التحكيم فبدونه لاوجود للتحكيم ولا أساس له[16]، و هذا ماجعل البعض يعتبر اتفاق التحكيم بأنه قلب التحكيم و قالبه[17] كما تكمن أهمية اتفاق التحكيم أيضا في ما جاء المشرع المغربي في إطار الباب الثالث المتعلق بالتحكيم الدولي، بأن اتفاق التحكيم يقوم بتحديد المسطرة الواجب اتباعها خلال سيرعمليات التحكيم الدولي، و هذا التحديد يكون إما مباشرة أو استنادا إلى نظام للتحكيم[18]. و تم تعريف إتفاق التحكيم بأنه كل شرط تحكيم أو عقد تحكيم موقع عليه من الأطراف، أو وارد في رسائل أو برقيات متبادلة و منها الخطابات الإلكترونية حسب مقتضيات الفقرة الثانية من المادة الثانية من اتفاقية نيويورك المتعلقة بالاعتراف و تنفيذ أحكام المحكمين الأجانب[19]، أي أن اتفاق التحكيم له وجهان[20]، فإما أن يكون شرط تحكيم في العقد الرابط بين طرفي الخصومة أو عقد تحكيم مستقل بعد وقوع النزاع[21]
بالنسبة لإتفاق التحكيم في مجال الصفقات العمومية، فتارة يكون على شكل عقد تحكيم و تارة يكون على شكل شرط تحكيم، و يتخذ هذا الأخير شكل بند في دفتر الشروط الخاصة[22]، بالنسبة لصفقات الأشغال[23] و كذا صفقات التوريدات[24] وفق العبارة التالية او عبارات أخرى مشابهة لها :
" Tous litiges ou différends entre le maître d'ouvrage et le titulaire sont soumis aux tribunaux compétents conformément aux dispositions des articles 81 à 84 du CCAG-T".
و المراد من هذه العبارة، أن تسوية النزاعات و الخلافات الناتجة عن صاحب المشروع و المقاول ستكون طبقا للمواد 81 , 82 , 83 و 84 من الباب التاسع من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال، و كما هو معلوم فإن المادة 82 تهم التحكيم و الوساطة، و أما بالنسبة لصفقات الخدمات، فهي استثناء حيث لا يتم تضمين دفتر الشروط الخاصة بها لشرط التحكيم حيث يشير البند المعنى بتسوية النزاع في هذا النوع من الصفقات إلى فض النزاعات بواسطة القضاء فقط[25]، و هذا لكون دفتر الشروط الإدارية العامة الخاص بها[26] لم يسمح بالتحكيم كآلية لفض نزاعات هذه العقود لأنه يعود لسنة 2002 أي قبل صدور القانون 08-05 الذي رفع الحظر على التحكيم في العقود الإدارية، وهذا ما يؤكد على المشرع المغربي تسريع تحيينه لدفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الخدمات، و أما بالنسبة لعقد التحكيم في الصفقات العمومية فيخضع لنفس المقتضيات المعمول بها في هذا النوع من اتفاق التحكيم، و إلى هنا يتبين أن المشرع المغربي لم يخص اتفاق التحكيم في إطار التحكيم الدولي بأي خصوصية تميزه عن اتفاق التحكيم في إطار التحكيم الداخلي.
خول المشرع المغربي اختصاص التكوين القضائي لتشكيل الهيئة التحكيمية في إطار التحكيم الدولي برئيس المحكمة الإبتدائية التجارية[27]، و هو ما يشكل اختلافا بالنسبة لعقود الصفقات العمومية حيث أن هذا الإختصاص في ظل التحكيم الداخلي كان من إختصاص رئيس المحكمة الإبتدائية الإدارية كل ما كان شخص من أشخاص القانون العام طرفا بالعقد[28]، و هو مقتضى يلاءم طبيعة العقد، إلى أن المشرع المغربي في هذا الصدد لم يخص العقود هذا النوع من العقود بأي مقتضى يراعي خصوصيتها بل جعلها محتكمة لنفس قواعد العقود التجارية العادية.
خص المشرع المغربي التحكيم الدولي أثناء البت في موضوع النزاع من لدن الهيئة التحكيمية بمميزات أوردها الباب الثالث من القانون 95.17، حاول من خلالها حماية أطراف التحكيم و ضمان حقوقهم، و من بين هذه المقتضيات نجد إلزامية إحترام القواعد المتعلقة بحقوق الدفاع[29]، و يعود سبب هذا لما يتسم به التحكيم الدولي من حساسية جعلت المشرع المغربي يعمل على حماية أطراف الخصومة التحكيمية، خاصة و أن المشرع المغربي أجاز التحكيم في النزاعات التي تنشأ مع أشخاص القانون العام، مثال الصفقات العمومية، و يمكن اعتبار هذا المقتضى من بين ما عمل به المشرع المغربي على حماية أشخاص القانون العام، داخل مساطر التحكيم الدولي، و يعرف حق الدفاع بأنه "إتاحة الفرصة الكاملة لكلا الخصمين في المثول أمام هيئة التحكيم، لشرح إدعاءتهم و تفنيد مزاعم خصومهم، و تمكينهم من كل ما من شأنه إثبات دعواهم"[30]، و من مظاهر احترام حق الدفاع من لدن الهيئة التحكيمية، في إطار الصفقات العمومية، نجد عدم جواز حصول المحكم على معلومات من الغير دون علم أطراف الصفقة و كذلك عدم جواز أن يحكم المحكم بعلمه إلا بعد طرحه للنقاش على أطراف الصفقة و إبداء رأيهم به[31]، كما و في نفس الصدد فيتعتبر إخلالا بحق الدفاع كذلك كل ما يفقد المحكم حياده[32] كإنحيازه مثلا لصاحب الصفقة لكونه من دولته أو كون المحكم معروف بعداءه للمغرب ما سينتج عنه إصدار حكم ضد صاحب المشروع إن كان مغربيا، كما نجد أن من بين المقتضيات التي ميز بيها المشرع المغربي أيضا مساطر التحكيم الدولي، حثه كذلك على معاملة أطراف التحكيم على قدم المساواة[33] من طرف الهيئة التحكيمية و كذلك يمكن في هذا الصدد القول بأن المشرع المغربي يشير إلى القاعدة الخاصة بقبول الدولة التحكيم عندما يكون دوليا و بأنه لا يمكنها أن تتحلل من الإلتزامات الناجمة عن اتفاق التحكيم[34]، و هذا مقتضى يعنى بالصفقات العمومية و يلزم صاحب المشروع دولة كان أو مؤسسة عمومية أو مقاولة عمومية أو جماعة ترابية...أن يلتزم بما هو متضمن بإتفاق التحكيم.
من هذا كله تبين أن المشرع المغربي لم يفرد عقود الصفقات العمومية بأي خصوصية على مستوى الإجراءات المسطرية للتحكيم الدولي، لا من حيث اتفاق التحكيم ولا من حيث تشكيل الهيئة التحكيمية عندما خول اختصاص التكوين القضائي لها، للقاضي التجاري بدون مراعاة لطبيعة عقد الصفقات العمومية، و نفس الشيء بالنسبة لمرحلة البت في موضوع النزاع من لدن الهيئية التحكيمية مع إيراد مقتضيات تهم ضمان حقوق الدفاع و إعمال مبدأ المساواة، و هي ما تتماشى حقيقة مع خصوصية الصفقات العمومية و كل العقود التي تعتبر أشخاص القانون العام طرفا بها. إلى أنه و في غياب أي خصوصية على هذا المستوى يطرح تساؤل بخصوص مرحلة تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، هل سيفردها المشرع المغربي بخصوصية تلائم طبيعة الصفقات العمومية أم أنها ستخضع على حد سوى لنفس مقتضيات العقود التجارية الأخرى؟
المطلب الثاني : تذييل الحكم التحكيمي الدولي الصادر عن الصفقات العمومية
يعتبر صدور الحكم التحكيمي الدولي في الصفقات العمومية، بمثابة تتويج لعمل الهيئة التحكيمية، إلى أن هذا الحكم لايقرن دائما بتنفيذه، تنفيذا اختياريا، حيث أن هناك حالات عدة يتم فيها تقاعس الطرف الذي صدر الحكم ضده عن تنفيذ الحكم التحكيمي، و هذا ما جعل جل التشريعات تمنح للقاضي إختصاص تذييل الحكم التحكيمي الدولي بالصيغة التنفيذية، ليصبح بنفس درجة إلزامية الحكم القضائي، و ينفذ تنفيذا جبريا (الفقرة الأولى) جراء إصدار القاضي أمرا بمنح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الدولي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الجهة المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي في مجال الصفقات العمومية
خول اختصاص تذييل الحكم التحكيمي الصادر عن العقود التي تعتبر أشخاص القانون العام طرفا بها لرئيس المحكمة الإبتدائية الإدارية[35]، و يأتي هذا ضمن المقتضيات المؤطرة للتحكيم الداخلي، أخذا بعين الإعتبار خصوصية و طبيعة هذا النوع من العقود، هذا ما يجعلنا نقول بأن الجهةالمختصة بتذييل الحكم التحكيمي الصادر عن نزاعات الصفقات العمومية في إطار التحكيم الداخلي هو القاضي الإداري، إلى أنه و في إطار المقتضيات المنظمة للتحكيم الدولي، فالمشرع اكتفى بالتصريح بإختصاص القاضي التجاري بتذييل الأحكام التحكيمية الدولية بالمغرب[36]، بدون الإشارة للجهة المختصة في العقود التي تعتبر أحد أشخاص القانون العام طرفا بها، ما يجعل التساؤل المثار في هذا الصدد متعلق بماهي الجهة المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي الصادر عن الصفقات العمومية؟
بالرجوع إلى قرارت محكمة النقض لتحديد الجهة القضائية المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي الصادر في إطار الصفقات العمومية، تم الوقوف على آراء متضاربة في هذا الصدد، حيث منها من خول الإختصاص للقضاء الإداري و منها من أقرنه بالقاضي التجاري، حيث جاء في قرار محكمة النقض عدد 241[37] الصادر بتاريخ 07 مارس 2013 الصادر في الملف الإداري عدد 182/4/1/2013، أن إختصاص التظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر في إطار نزاع ناشئ عن تنفيذ صفقة عمومية، يعود للمحكمة الإدارية التي سيتم تنفيذ الحكم التحكيمي في دائرتها أو إلى المحكمة الإدارية بالرباط عندما يكون الحكم التحكيمي يشمل التراب الوطني، و منه فمحكمة النقض هنا إعتبرت بموجب هذا القرار أن كون الدولة طرفا في النزاع يستدعي مباشرة تخويل إختصاص التذييل بالصيغة التنفيذية للقاضي الإداري، أخذا بطبيعة العقد[38]، و هو ما عارضه جانب من الفقه[39] بذريعة أن هذا القرار لم يأخذ بعين الإعتبار صفة دولية العقد و ارتباطه بمصالح التجارة الدولية[40]. و هو ما أخذت به محكمة النقض في قرارها اللاحق رقم 300/1[41] الصادر بتاريخ 22 مارس 2018، الذي جاءت فيه محكمة النقض بأن إختصاص النظر في طلب تذييل الحكم التحكيمي الصادر عن غرفة التجارة الدولية بباريس في نزاع يتعلق بتنفيذ عقد صفقة عمومية دولية بين مؤسسة عمومية و شركة تركية، هو من إختصاص القضاء التجاري، و أنه كلما تعلق النزاع بتحكيم دولي تكون المحكمة الإدارية غير مختصة، لتكون محكمة النقض في هذا الصدد أعملت طبيعة التحكيم و تجاهلت طبيعة العقد الإداري و ارتباطه بالمصلحة العامة، حيث أقرت أنه كلما كان الحكم صادرا في إطار التحكيم الدولي فلا يتعبر القاضي الإداري مختصا، سيرا على النهج المعتمد سلفا[42] بإقران اختصاص تذييل كل الأحكام التحكيمية الدولية بالقاضي التجاري بغض النظر عن طبيعتها، و هو ما ينتج عنه، تقديم القاضي الإداري اختصاص تذييل الحكم التحكيمي الصادر عن عقود الصفقات العمومية في إطار التحكيم الداخلي، و نزعه منه بنقله للقاضي التجاري جراء التحكيم الدولي، إلى أنه من شأن الإستمرار في اعتماد هذه الثنائية القضائية، أن تكرس لغياب الأمن القضائي، و هو ماستنتج عنه عواقب وخيمة من أبرزها نفور المستثمرين الأجانب، خصوصا منهم المؤسسين لشركات داخل المغرب، و من هذا كله فيجب و بإلحاح تدخل المشرع لتنظيم و تقنين مسطرة تذييل الحكم التحكيمي الدولي في إطار الصفقات العمومية لما يلاءم خصوصية هذه العقود و يتسجيب للمتطلبات الإستثمارية.
الفقرة الثانية : الأمر بتذييل الحكم التحكيم الدولي بالصيغة التنفيذية في مجال الصفقات العمومية.
يصدر عن عملية تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية من لدن القضاء، أمرا بمنح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي، و بتميز هذا الأمر في التحكيم الدولي بإمكانية الطعن فيه بالإستئناف[43]، وفق حالات محددة[44]، بخلاف الأمر بتذييل الحكم التحكيمي الداخلي الذي لايقبل أي طعن[45]، ومن بين حالات الطعن هذه نجد تلك المتعلقة بإتفاق التحكيم، حيث أن عدم وجود اتفاق تحكيم يفضي إلى انعدام حكم التحكيم[46] و هذا لكون اتفاق التحكيم هو أساس العملية التحكيمية ككل[47] و نفس الأمر بالنسبة لإتفاق التحكيم إذا كان باطلا، كحالة غياب شرط من الشروط الموضوعية أو الشكلية اللازمة لقيامه أو كونه ورد على ما لايجوز التحكيم فيه، كصدوره بشأن قرار فسخ الصفقة و هذا ما لا يستقيم كون القرارات الأحادية للدولة لاتقبل التحكيم بشأنها[48]، و من الحلات المتعلقة بإتفاق التحكيم نجد كذلك الحالة التي يشوب فيها الرضا عيب من عيوب الإرادة من غلط أو تدليس أو غبن، و كذا الحالة التي يصدر فيها الحكم بناءً على اتفاق تحكيم انقضى ميعاده أي أنه صدر بعد انتهاء ولاية المحكم بالنزاع.[49]
و بالإضافة إلى ماسبق أعلاه ، فهناك حالات طعن متعلقة بالهيئة التحكيمة، كتشكيلها بصفة غير قانونية، و كذا بتها في النزاع دون التقيد بالمهام المسندة إليها أو دون احترام حقوق الدفاع و بما لأهميتها في إطار التحكيم الدولي خصوصا عندما تكون الإدارة طرفا بالنزاع.
زيادة عن حالات الطعن المتعلقة بإتفاق التحكيم و كذا المتعلقة بالهيئة التحكيمية، نجد تلك المتعلقة بالنظام العام الوطني أو الدولي، و يعرف النظام العام بأنه مجموع القواعد القانونية التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة[50]، و عرفته محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء في قرار بتاريخ 1/15/2015 بأنه مجموع المبادئ الأساسية المتعلقة بالعدالة و الأخلاق الحميدة التي تسعى الدولة إلى حمايتها و القواعد و الأحكام التي تهدف خدمة المصالح السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية للدول[51]، إلى أنه و رغم كل هذه التعريفات فيبقى مفهوم النظام العام مفهوم غير واضح و متغير بتطور الظروف و المجتمع[52] و مرتبط بالخصوص بالسلطة التقديرية للقاضي و في غياب أي تحديد لحالاته فسيظل مفهوم شاسعا لاحصر له، كما تجدر الإشارة في هذا الصدد أن قواعد النظام العام تختلف بين التحكيم الداخلي و التحكيم الدولي فهي ليست قواعدا و احدة فقد تكون أوسع و قد تكون أضيق[53].
و يأتي السماح بالطعن في الأمر بتذييل الحكم التحكيمي الدولي، في إطار حماية أطراف النزاع، الذي قد يكون أحدهم من أشخاص القانون العام، في إطار الصفقات العمومية مثلا، لكون أن مقتضيات الطعن هذه تسري على جميع الأحكام التحكيمية الدولية، و يكون هذا الطعن لدى محكمة الإستئناف التجارية داخل أجل 15 يوم[54]، و في هذا الصدد يعاد نفس إشكال الجهة المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي الصادر عن الصفقات العمومية، بغياب خصوصية هذا النوع من العقود في هذا المستوى كذلك.
خاتمة :
أجاز المشرع المغربي إمكانية اللجوء إلى التحكيم الدولي بخصوص النزاعات الناشئة عن عقود الصفقات العمومية، لغايات عدة ارتبطها أغلبها بالهاجس الإقتصادي و الإستثماري، إلى أن الأمر تطلب من المشرع المغربي في هذا الصدد ضرورة إعمال مبدأ التوازن بين المصلحة الإقتصادية، و حماية الصفقات العمومية، أي بالسماح للتحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية لكن بإفراد هذا النوع من العقود بخصوصية جراء مقتضيات هذا التحكيم، تلائم خصوصيتها كعقود إدارية مرتبطة بالمصلحة العامة و بالمال العام، و هو ما تبين عكسه داخل المقتضيات المنظمة للتحكيم الدولي في إطار القانون 95.17 ، سواءا من حيث الإجراءات المسطرية للتحكيم الدولي و كذا من خلال الجهة المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي و الطعن في الأمر بمنح الصيغة التنفيذية.
إلى هنا يمكن القول بأن المشرع كان موفقا في إعتماده التحكيم الدولي و السماح به في عقود الصفقات العمومية، إلى أنه وجب التدخل لتنظيم هذا المجال بمقتضيات قانونية تحمي الصفقات العمومية و تحقق نجاعتها و فعاليتها.
لائحة المراجع :
الكتب :
- محمد الروبي: دراسة في إطار BOT عقود التشييد والاستغلال والتسليم : ماهيتها طبيعتها القانونية القانون الواجب التطبيق عليها-تقييمها، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى 2013.
- أبو زيد، رضوان الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي، 1981.
- محمد حسين منصور، العقود الدولية، دار الجامعة الجديدة، الطبعة الأولى- 2006.
- أحمد عبد الكريم سلامة، قانون التحكيم التجاري الدولي الداخلي، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى-2004.
- محمد البيحياتي محمد، القضاء و التحكيم الدور الرقابي للقضاء على التحكيم في القانون المغربي-دراسة مقارنة، مطبعة الأمنية-الرباط، الطبعة الأولى 2020.
- عبد الحميد المنشاوي، التحكيم الدولي و الداخلي، منشأة المعارف الإسكندرية، الطبعة الأولى، السنة 1995.
- أحمد إبرهيم عبد التواب، اتفاق التحكيم مفهومه-أركانه و شروطه-نطاقه،دار النهضة العربية، الطبعة الأولى-2012.
- مليكة الصروخ، الصفقات العمموية في المغرب الأشغال-التوريدات-الخدمات، الطبعة الأولى-2009.
- عمر أزوكار، التحكيم لتجاري الداخلي و الدولي بالمغرب-قراءة في التشريع و القضاء، مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء، الطبعة الأولى-2015.
- صوفي أبو طالب، مبادئ تاريخ القانون، دار النهضة العربية-القاهرة، طبعة أولى 1976. .
- عزمي عبد الفتاح، واجب القاضي في تحقيق مبدأ المواجهة، دار النهضة العربية-القاهرة، الطبعة الأولى 1992.
- عبد الالاه المحبوب، التحكيم الداخلي و الدولي على ضوء قانون التحكيم المغربي الجديد، المطبعة الأورومتوسطية للمغرب-فاس، الطبعة الأولى 2023.
- سيد أحمد محمود، نظام التحكيم، دار النهضة العربية-القاهرة، الطبعة الأولى 1998.
- ناصر صالح حيدر، تنفيذ أحكام التحكيم وفقا للتشريعات الداخلية و الدولية، دار السلام للطلباعة-الرباط، الطبعة الأولى-2017.
- الحسين السالمي، التحكيم و قضاء الدولة، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع، الطبعة الأةلى 2008.
- عيد محمد القصاص، حكم التحكيم-دراسة التحليلة في قانون التحكيم المصري و المقارن، دار النهضة العربية-القاهرة، الطبعة الأولى 2007.
- نبيل إسماعيل عمر، التحكيم في المواد المدنية و التجارية و الوطنية و الدولية، دار الجامعة الجديدة، الطبعة الثانية 2005.
الرسائل و الأطروحات :
- سامي محسن حسين السري، القواعد الإجرائية المنظمة للتحكيم التجاري الدولي، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه، بكلية الحقوق-جامعة عين شمس-القاهرة، السنة الجامعية 2003/2004.
- أسماء عبيد : التحكيم في التشريع المغربي ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –سلا- ، السنة الجامعية 2008/2009
المقالات العلمية :
- برناردو كريماديس، قراءة أولية لنص مشروع قانون متعلق بالقانون المغربي للتحكيم الداخلي و الدولي، مقال منشور بمجلة دفاتر المجلس الأعلى للحسابات، العدد 6-2005.
- زكرياء الغزاوي، القضاء المختص في التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية على ضوء آخر القرارت الصادرة عن محكمة النقض، مقال منشور بمجلة الوكالة القضائية للمملكة، العدد 2 – 2018.
- عبد الجليل التهامي الوزاني، التحكيم بخصوص العقود الإدارية من خلال العمل القضائي، مقال منشور بمجلة رسالة المحاماة، العدد 38 -2018.
- خديجة جمح، تنفيذ قرارات المحكم و طرق الطعن فيها دراسة مقارنة، مقال منشور بالمولف الجماعي التحكيم و الوساطة الإتفاقية في ضوء مستجدات القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية، مطبعة الأمنية-الرباط، الطبعة الأولى 2024.
- زكرياء الغزاوي، تعليق على القرار الصادر عن محكمة النقض الغرفة الإدارية الأولى بتاريخ 7 مارس 2013 في الملف عدد 182/2013 قضية شركة "ساليني" ضد الدولة المغربية، مقال منشور بالمجلة المغربية للتحكيم العربي و الدولي، العدد الأول-2015.
- ليلى بن جلون ، التحكيم التجاري في القانون المغربي و التشريعات العربية، مقال منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى ، عدد 2، سنة 2012.
- وداد فلاحي، الرقابة الضائية على التحكيم من خلال الإجتهاد القضائي-قراءة في القانون المغربي و الإتفاقيات الدولية، مقال منشور بمجلة المهن القانونية و القضائية، عدد 6/5-شتنبر 2020.
القرارات القضائية :
- القرار رقم 1189 لمحكمة الإستئناف التجارية بمراكش و الصادر بتاريخ 24 ماي 2022 في الملف رقم 740/8225/2022
- القرار محكمة النقض رقم 300/1 الصادر بتاريخ 2018/03/22 عن الغرفتين الإدارية و التجارية ، في الملف الإداري رقم 1542/4/1/2015
- القرار محكمة النقض رقم 241 الصادر بتاريخ 2013/03/07، عن الغرفة الإدارية الأولى في الملف عدد 182/2013
- قرار محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 220 صدر بتاريخ 15/1/2015 ملف رقم 2669/8224/2013
الملحق رقم 1 :
ملحق رقم 2 : ( نماذج دفاتر شروط خاصة متعلقة بصفقات الأشغال)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحق رقم3 : ( نماذج دفاتر شروط خاصة متعلقة بصفقات التوريدات)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحق رقم 4 : ( نماذج دفاتر شروط خاصة متعلقة بصفقات الخدمات)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفهرس :
مقدمة.....................................................................................................................1
المطلب الأول : شرعية التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية و خصوصية إجراءاته................4
الفقرة الأولى : شرعية التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية بالمغرب.................................4
الفقرة الثانية : خصوصية الإجراءات المسطرية للتحكيم الدولي في الصفقات العمومية.....................7
المطلب الثاني : تذييل الحكم التحكيمي الدولي الصادر عن الصفقات العمومية............................10
الفقرة الأولى : الجهة المختصة بتذييل الحكم التحكيمي الدولي في مجال الصفقات العمومية ...........10
الفقرة الثانية : الأمر بتذييل الحكم التحكيم الدولي بالصيغة التنفيذية في مجال الصفقات العمومية....12
خاتمة....................................................................................................................14
لائحة المراجع..........................................................................................................15
ملحق 1..................................................................................................................19
ملحق 2..................................................................................................................22
ملحق 3..................................................................................................................23
ملحق 4..................................................................................................................24
[1] أبو زيد، رضوان الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي، 1981، ص 19.
[2] محمد الروبي: دراسة في إطار BOT عقود التشييد والاستغلال والتسليم : ماهيتها طبيعتها القانونية القانون الواجب التطبيق عليها-تقييمها، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الأولى 2013، ص159.
[3] محمد حسين منصور، العقود الدولية، دار الجامعة الجديدة، سنة 2006، ص476.
[4] المادة 4 من المرسوم 2.22.431 المتعلق بالصفقات العمومية، الصادر بتاريخ 8 مارس 2023 و الصادر بالجريدة الرسمية 7176 بتاريخ 9 مارس 2023.
[5] تجدر الإشارة هنا عند ذكر صفة الدولية بيان الفرق بين صفة الأجنبية و صفة الدولية، حيث أن صفة الدولية أوسع نطاقا من صفة الأجنبية
[6] عبد الحميد المنشاوي، التحكيم الدولي و الداخلي، منشأة المعارف الإسكندرية، الطبعة الأولى، السنة 1995، الصفحة 19.
[7] الأونيسترال : هي لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، و هي هيئة فرعية تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، و دورها يهم تحسين الإطار القانوني للتجارة الدولية.
[8] قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، لعام 1985 و الذي أدخلت عليه تعديلات سنة 2006.
[9] حددت المادة الأولى من قانون الأونيسترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، معيار دولية التحكيم وفق الأتي :
- إذا كان مقر عمل طرفي اتفاق التحكيم، وقت عقد ذلك الاتفاق، واقعين في دولتين مختلفتين، أو
- إذا كان أحد الأماكن التالية واقعة خارج الدولة التي يقع فيها مقر عمل الطرفين
. مكان التحكيم إذا كان محددا في اتفاق التحكيم أو طبقا له
. أي مكان ينفذ فيه جزء هام من الإلتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية، أو المكان الي يكون لموضوع النزاع أوثق صلة به أو
- إذا اتفق الطرفان صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم متعلق بأكثر من دولة واحدة.
- إذا كان مقر عمل طرفي اتفاق التحكيم، وقت عقد ذلك الاتفاق، واقعين في دولتين مختلفتين، أو
- إذا كان أحد الأماكن التالية واقعة خارج الدولة التي يقع فيها مقر عمل الطرفين
. مكان التحكيم إذا كان محددا في اتفاق التحكيم أو طبقا له
. أي مكان ينفذ فيه جزء هام من الإلتزامات الناشئة عن العلاقة التجارية، أو المكان الي يكون لموضوع النزاع أوثق صلة به أو
- إذا اتفق الطرفان صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم متعلق بأكثر من دولة واحدة.
[10] القانون 95.17 المتعق بالتحكيم و الوساطة الاتفاقية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.22.34 بالجريدة الرسمية بتاريخ 13 يونيو 2022.
[11] القرار رقم 1189 لمحكمة الإستئناف التجارية بمراكش و الصادر بتاريخ 24 ماي 2022 في الملف رقم 740/8225/2022 (قرار منشوربالمنصة الرقمية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، juriscassation.cspj.ma )
[12] جاء في قرار محكمة الإستئناف التجارية أعلاه، بأن دولية التحكيم مرتبطة بالتالي :
- أن يكون لأطراف اتفاق التحكيم وقت ابرام الاتفاق مؤسسات بدول مختلفة أو
- أن يكون أحد الأمكنة التالي بيانها خارج الدولة الموجودة بها مؤسسات الأطراف أو
. مكان التحكيم عندما يكون منصوصا عليه في اتفاق التحكيم أو معينا بمقتضى هذا الاتفاق
. كل مكان يجب أن ينفذ فيه جزء مهم من الالتزامات المترتبية على العلاقة التجارية أو المكان الذي تربطه أكثر بموضوع النزاع صلة وثيقة
- كان أحد الأطراف متفقين صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم يهم أكثر من بلد واحد.
- أن يكون لأطراف اتفاق التحكيم وقت ابرام الاتفاق مؤسسات بدول مختلفة أو
- أن يكون أحد الأمكنة التالي بيانها خارج الدولة الموجودة بها مؤسسات الأطراف أو
. مكان التحكيم عندما يكون منصوصا عليه في اتفاق التحكيم أو معينا بمقتضى هذا الاتفاق
. كل مكان يجب أن ينفذ فيه جزء مهم من الالتزامات المترتبية على العلاقة التجارية أو المكان الذي تربطه أكثر بموضوع النزاع صلة وثيقة
- كان أحد الأطراف متفقين صراحة على أن موضوع اتفاق التحكيم يهم أكثر من بلد واحد.
[13] المادة 37 و 38 من قانون – إطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الإستثمار، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف 1.22.76 بتاريخ 9 دجنبر 2022 و الصادر بالجريدة الرسمية عدد 7151 بتاريخ 12 ديسمبر 2022
[14] مليكة الصروخ، الصفقات العمموية في المغرب الأشغال-التوريدات-الخدمات، الطبعة الأولى-2009، ص 563.
[15] أسماء عبيد : التحكيم في التشريع المغربي ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية –سلا- ، السنة الجامعية 2008/2009 ، ص : 62.
[16] عمر أزوكار، مرجع سابق، ص 266.
[17] أحمد إبرهيم عبد التواب، اتفاق التحكيم مفهومه-أركانه و شروطه-نطاقه،دار النهضة العربية، الطبعة الأولى-2012، ص 33.
[18] المادة 74 من القانون 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية
[19] عمر أزوكار، التحكيم لتجاري الداخلي و الدولي بالمغرب-قراءة في التشريع و القضاء، مطبعة النجاح الجديدة-الدار البيضاء، الطبعة الأولى-2015، ص 267.
[20] أحمد عبد الكريم سلامة، قانون التحكيم التجاري الدولي الداخلي، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى-2004، ص 333.
[21] محمد البيحياتي محمد، القضاء و التحكيم الدور الرقابي للقضاء على التحكيم في القانون المغربي-دراسة مقارنة، مطبعة الأمنية-الرباط، الطبعة الأولى 2020، ص 106.
[22] دفتر الشروط الخاصة، يخص هذا كل صفقة على حدى، يتم التوقيع عليه من لدن صاحب المشروع فبل الشروع في مسطرة إبرام الصفقة، و يتضمن هذا الدفتر إحالات إلى دفاتر الشروط الإدارية العامة و دقتر الشروط المشتركة و يحدد طريقة الإبرام و موضوع و محتوى الأعمال المراد و أجل إنجازها أو تاريخ انتهاء الصفقة.....
[23] الملحق رقم 2
[24] الملحق رقم 3
[25] الملحق رقم 4
[26] المرسوم رقم 2.01.2332 المتعلق بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الخدمات المتعلقة بأعمال الدراسات و الإشراف على الأشغال المبرمة لحساب الدولة الصادر بالجريدة الرسمية عدد5010 بتاريخ 6 يونيو 2002.
[27] المادة 73 من القانون 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.
[28] المادة 22 من القانون 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.
[29] المادة 75 من القانون 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.
[30]صوفي أبو طالب، مبادئ تاريخ القانون، دار النهضة العربية-القاهرة، طبعة أولى 1976، ص 114.
[31] سامي محسن حسين السري، القواعد الإجرائية المنظمة للتحكيم التجاري الدولي، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه، بكلية الحقوق-جامعة عين شمس-القاهرة، السنة الجامعية 2003/2004، ص 146.
[32] عزمي عبد الفتاح، واجب القاضي في تحقيق مبدأ المواجهة، دار النهضة العربية-القاهرة، الطبعة الأولى 1992، ص213.
[33] المادة 75 من القانون 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية
[34] برناردو كريماديس، قراءة أولية لنص مشروع قانون متعلق بالقانون المغربي للتحكيم الداخلي و الدولي، مقال منشور بمجلة دفاتر المجلس الأعلى للحسابات، العدد 6-2005، ص 55.
[35] المادة 68 من القاون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.
[36] المادة 77 من القاون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.
[37] القرار محكمة النقض رقم 241 الصادر بتاريخ 2013/03/07، عن الغرفة الإدارية الأولى في الملف عدد 182/2013 ، قرار غير منشور (الملحق 1)
[38] زكرياء الغزاوي، تعليق على القرار الصادر عن محكمة النقض الغرفة الإدارية الأولى بتاريخ 7 مارس 2013 في الملف عدد 182/2013 قضية شركة "ساليني" ضد الدولة المغربية، مقال منشور بالمجلة المغربية للتحكيم العربي و الدولي، العدد الأول-2015، ص 96.
[39] زكرياء الغزاوي، القضاء المختص في التحكيم الدولي في عقود الصفقات العمومية على ضوء آخر القرارت الصادرة عن محكمة النقض، مقال منشور بمجلة الوكالة القضائية للمملكة، العدد 2 – 2018، ص 148.
[40] عبد الجليل التهامي الوزاني، التحكيم بخصوص العقود الإدارية من خلال العمل القضائي، مقال منشور بمجلة رسالة المحاماة، العدد 38-2018، ص 165.
[41] قرار محكمة النقض رقم 300/1 الصادر بتاريخ 2018/03/22 عن الغرفتين الإدارية و التجارية ، في الملف الإداري رقم 1542/4/1/2015،
(قرار منشوربالمنصة الرقمية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، juriscassation.cspj.ma )
(قرار منشوربالمنصة الرقمية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، juriscassation.cspj.ma )
[42] في هذا الصدد نجد القرار 1085 الصادر في الملق التجاري 335/83 بتاريخ 21/6/1983 عن محكمة الإستئناف بالدار البيضاء،الذي نص على أن "تذييل المقرر التحكيمي الأجنبي يصدر بأمر من رئيس المحكمة الإبتدائية بصفقته هاته طبقا للفصل 322 من ق.م.م و ليس بحكم من محكمة الموضوع في نطاق أحكام الفقرة الأولى من الفصل 430 من ق.م.م" قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 51 ص 109.
[43] المادة 79 من القاون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.
[44] المادة 80 من القاون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.
[45] المادة 69 من القاون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.
[46] ناصر صالح حيدر، تنفيذ أحكام التحكيم وفقا للتشريعات الداخلية و الدولية، دار السلام للطلباعة-الرباط، الطبعة الأولى-2017، ص168.
[47] سيد أحمد محمود، نظام التحكيم، دار النهضة العربي[47] عيد محمد القصاص، حكم التحكيم-دراسة التحليلة في قانون التحكيم المصري و المقارن، دار النهضة العربية-القاهرة، الطبعة الأولى 2007، ص 220.
ة-القاهرة، الطبعة الأولى 1998، ص 278.
ة-القاهرة، الطبعة الأولى 1998، ص 278.
[48] المادة 16 من القاون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.
[49] نبيل إسماعيل عمر، التحكيم في المواد المدنية و التجارية و الوطنية و الدولية، دار الجامعة الجديدة، الطبعة الثانية 2005، ص 399
[50] الحسين السالمي، التحكيم و قضاء الدولة، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع، الطبعة الأةلى 2008، ص 572.
[51] قرار محكمة الإستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 220 صدر بتاريخ 15/1/2015 ملف رقم 2669/8224/2013، قرار غير منشور. أورده عمر أزوكار، التحكيم التجاري الداخلي و الدولي بالمغرب-قراءة في التشريع و القضاء، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2015، ص 372 و 373.
[52] ليلى بن جلون ، التحكيم التجاري في القانون المغربي و التشريعات العربية، مجلة قضاء المجلس الأعلى ، عدد 2، سنة 2012 ، ص 111.
[53] وداد فلاحي، الرقابة الضائية على التحكيم من خلال الإجتهاد القضائي-قراءة في القانون المغربي و الإتفاقيات الدولية، مقال منشور بمجلة المهن القانونية و القضائية، عدد 6/5-شتنبر 2020، ص 232.
[54] المادة 81 من القاون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.