يعد وجود الإدارة ضرورة أساسية من أجل تأقلم المجتمعات مع المتغيرات الداخلية والخارجية المستمرة في مختلف مجالات حياتها، التي تتطلب تحقيق أهداف وخدمات استعصى على الناس تحقيقها فرادى، وبالتالي برزت أهمية الإدارة على اعتبار أنها ذات طابع اجتماعي وإنساني، شُكّلت قصد تلبية احتياجاتهم وتوجيه مجهودهم وتنسيقه.
لقد اتّسع نطاقُ الإدارات لتصبح بذلك جسما يمتاز بالديناميكية المعقّدة، وبالضخامة والتعدّد، على مستوى مصالحها الإدارية، ممّا فرض عليها إعادة النظر في الأدوار المنوطة بالأجهزة الإدارية، عن طريق توفير الموارد البشرية والمالية الكفيلة بضمان استمرارية تقديمها للخدمات وتحقيقها للأهداف بكفاءة وفعالية. إلاّ أنّ السعي لتوفير تلك الموارد يتوقّف على توفر الآليات التي من خلالها تستطيع الإدارة تدبيرَ مواردها فيما خطط له دون تبذير، والوصول إلى الكفاية في استخدامها.
وهكذا فإنّ التدقيق كألية حديثة للرقابة فرض نفسه، خاصة في ظل المتغيّرات المتواصلة التي تعرفُها الدولة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وسعيها لتجعل من الإدارة -ككل المجتمعات الديمقراطية- أحد الركائز الأساسية التي يقام عليها التدبير المتين والجيد للشأن العام، على جميع المستويات الاقتصادية، والمالية، والقضائية، والثقافية...
إذ نستطيع القول أن التدقيق يعد اللبنة الأساس في صرح الأداء المؤسساتي بالدولة، بل أكثر من ذلك يمكن القول أنه الوجه الذي يحدد ملامح نظام الحاكم في الدول. كما يعتبر بمثابة العين الساهرة على بقية العمليات الإدارية بل الحصن الذي تحمي فيه الدولة، مؤسساتها ومصالح مواطنيها،
انطلاقا مما تقدم تتبين أهمية التدقيق في الآونةالأخيرة نظرا لاستفحال ظاهرة الفساد المالي و الإداري و تنوع أساليبه و تعدد مظاهره، فظاهرة الفساد الماليو الإداري ينتج عنها عدة انعكاسات، سواء على مستوى تكريس هشاشة سلطة الدولة و خلخلةمصداقيتها و فقدان المواطن الثقة في الإدارة نتيجة الشعور باللامساواة و عدم تكافؤ الفرص أو على مستوى الرفع من تكلفة الأنشطة و الخدمات الإدارية.
قد لا يختلفاثنان على أن امتلاك السلطة كيفما كانت طبيعتها و كيفما كان زمان و مكان ممارستها و من ضمنها سلطة تدبير المال العام لا يمكن أن تستقيم دون إقرار العمل بنظامرقابة حديث و فعال يساهم لا محال في محاربة الفساد المالي و الإداري و بالتالي العمل على ترسيخ ثقافة للاستعمال الأمثل للتدبير المالي.
تباطا بما تقدم فإنأهمية ودور التدقيق يمكن أن ينظر إليها من أبعاد مختلفة منها ما هو قانوني، و أخراجتماعي؛
المحور الأول: الأبعـــاد القـــانونيــة للتـــدقيــق
قبل تفكيك الابعاد القانونية للتدقيق لابد وان نقدم المسار التاريخي لمحطات نظام الرقابة المالية القضائية بالمغرب،
ففي مرحلة الحماية، عمل المستعمر الفرنسي على تبني بمجموعة من العمليات لتحديث النظام المالي المغربي، من خلال إدخال تقنيات المراقبة المالية الحديثة، غير أن هيئات المراقبة بقيت، في هذه المرحلة، مرتبطة بمركز القرار الفرنسي بحيث عمل على الحد من السيادة المغربية في عدة مجالات ابرزها المجال المالي، و بالتالي فاللجنة المحلية المغربية للحسابات التي تم إحداثها سنة 1932، اقتصر عملها على مراقبة بعض الحسابات الثانوية في حين تولت محكمة الحسابات الفرنسية البت في الحسابات الرئيسة، مما جعلها تتحكم في الرقابة العليا على الأموال العمومية بالمغرب.
وغداة الاستقلال تبني المغرب النظام العصري للرقابة إيمانا منه بفعالية هذا الأخير وبضرورة إتباع نظام للتنمية اختار عصرنة مؤسساته من خلال مبادرة المشرع بعد الاستقلال إلى تغيير وتعديل مختلف القوانين، خاصة تلك التي تحكم المالية العمومية؛ كتنظيم المحاسبة العمومية سنة 1958 ثم سنة 1967، وإحداث المفتشية العامة للمالية، وفي نفس المرحلة تم تعديل بعض النصوص القانونية المتعلقة بالرقابة العليا على الأموال العمومية حيث أصبح ظهير 14 أبريل 1960 ينظم الهيئة الجديدة المكلفة بالرقابة العليا على الأموال العمومية؛ أي اللجنة الوطنية للحسابات التي عوضت اللجنة المحلية للحسابات.
ضعف مردودية اللجنة الوطنية للحسابات دفع بالبحث عن تطوير أساليب المراقبة العليا على الأموال العمومية فثم إحداث المجلس الأعلى للحسابات بمقتضى القانون رقم 12.79 سنة 1979 الذي أسندت إليه مجموعة من الاختصاصات الرقابية، لكن سرعان ما عرف مجموعة من المعيقات أبرزها ضعف الموارد البشرية للهيئة العليا للرقابة على الأموال العمومية، ومحدودية مردوديتها، وضعف فعاليتها، وتأسيسا على ذلك، فقد قامت الدولة بإعادة إصلاح منظومة الرقابة المالية وتفعيل آليتها، من اجل دلك ثم الارتقاء بالمجلس الأعلى للحسابات إلى مصاف المؤسسات الدستورية بغيت إقرار لامركزية القضاء المالي، وإعادة توزيع الأدوار في مجال المراقبة العليا على الأموال العمومية. حيث صدر القانون 62.99 بمثابة مدونة المحاكم المالية.
أما في فترة التسعينات عرف المغرب عدة إصلاحات قانونية ومؤسساتية بهدف الرفع من مستوى الأداء في الإدارة وترسيخ ثقافة جديدة في تدبير الشأن العام الوطني، و المحلي وبهذا الصدد، فقد عجلت التحولات الجديدة والضغوطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية في ظل محيط دولي متغير يطرح إشكالية الاستعمال الأمثل للمال العام.
وفضلا عن ذلك، فإن الباب العاشر من دستور 2011 ،الخاص بالمجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات قدم رؤية جديدة لنظام الرقابة الحديثة من نواحي مختلفة:
الناحية الأولى:تكريسها الدستوري لعلوية المجلس الأعلى للحسابات ضمن أجهزة الرقابة المالية الأخرى، أي أنه الجهاز الأعلى للرقابة والمحاسبة وفق التعريف والاصطلاح المتعارف عليه عالميا لدى المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة التابعة للأمم المتحدة (إنتوساي)، وشمولية رقابته من خلال تكريس لمبدا مستقر لدى أهل التخصص في مجال الرقابة والمحاسبة ومفاده: كلما وحيثما كان المال العام حاضرا يجب أن يكون الجهاز الأعلى للرقابة حاضرا
الناحية الثانية:المجلس الأعلى للحسابات جهاز مستقل بموجب الدستور التي لم يكن منصوصا عليها في الدستور السابق ولأن الضمانة الدستورية للاستقلال تجعله يكتسب حصانة رفيعة ومتميزة.
والمطلوب حاليا من المجلس الأعلى للحسابات الذي يبدو أنه غارق في ممارسة اختصاص واحد غير قضائي (رقابة التسيير) أن يهتم أكثر بتدقيق الحسابات، ولاسيما التأديب المالي ، أي الانتقال من الرقابة إلى المساءلة ، لإحداث توازن في أدائه غير المتوازن بين اختصاصاته الثلاث من جهة وبين وظيفة الرقابة و وظيفة المساءلة من جهة أخرى
نعتبر أن إرساء الرقابة المالية القضائية المحلية قد يعد أحد المداخل الهامة للمساهمة في تدعيم التحول الديمقراطي عن طريق تكريس مبادئ المساءلة والمحاسبة والشفافية على المستوى المحليهكذا، فإعادة التفكير في تحديد وتوزيع السلطات بين المركز والمحيط يتطلب إشراك مؤسسات جديدة تتكلف بمراقبة تدبير الجماعات المحلية للشأن العام المحلي، وإقحام مفهوم الرقابة القضائية، إنما هو تعزيز لمبدأ الاستقلالية وتجاوز للرقابة الكلاسيكية، وتكييف لهذه العلاقة حتى تستجيب لمعطيات الحداثة والعقلنة
ارتباطا بما تقدم فإنموقع التدقيق في القطاع العام لا يكتمل بما ذكرنا سابقا، وإنّما لابدّ من معرفة دوره في ترسيخ ثقافة الاستعمال الأمثل للمال العام، على اعتبارإن الإدارة الأداة الأساسية للتنمية، تستطيع الاستفادةبشكل كبير منمواردها المالية والبشرية المتاحة والتغلب على المشاكل وتصحيحها، فلابدّمن توفّر مقومات إدارة ناجحة، إدارة مبتكرة قادرة على القيادة متأقلمة مع المتغيرات العالمية، إدارة تتحرّر من القوالب الإدارية الجامدة الكلاسيكية،واستحداث تنظيمات متطورة، من اجل دلك لحت الضرورة على إقحام تقنيات وسياسات جديدة في أساليب عمل الإدارة العموميةلعل أهمها سياسة التدقيق من خلال :
مساهمته في تجويد الأداء الإداري؛
التحقق من أن الموارد المالية العمومية قد تم تحصيلها وفق القواعد والقوانين واللوائح المعمول بها؛
حماية المال العام من الاختلاسات وسوء التدبير؛
التركيز على مراقبة جودة الوحدات الإدارية. ومدى تحقيق الأهداف المخطط لها؛
كلها وضائف تقوم على تكريس ثقافة الاستعمال الأمثل للمال العام إلى ان التساؤل المطروح في وقتنا الحاضر بموازات مع التحولات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية التي تعرفها الدولة حيث ان للتدقيق أبعاد اجتماعية
المحور الثاني: الأبعـــاد الاجتــماعية للتـــدقيــق
يعد التدقيق سياسة إدارية شاملة و متعددة الأبعاد،منها ما هو قانوني كما سلفنا الذكر و ما هو اقتصادي في عمق التدبير الرشيد للموارد و التحول من صيغة التبذير على التدبير الجيد، و أيضا ما هواجتماعي وهو بيت القصيد في موضوعنا هذا لأن دراسته من الجانب القانوني لا يكفي بالوصول على أدواره الجوهرية التي تختلف من حيث الرؤية أو الزاوية المنظور من خلالها، فما اثر التدقيق في الحياة الاجتماعية ؟
كيف يساهم التدقيق في تحقيق جودة الخدمات العمومية و بالتالي الوصول إلى رضا المرتفقين ؟
لتفكيكمثل هاته التساؤلات الأولية لابد من الإشارة إلى العلاقة التي تجمع بين الحياة الإدارية و الحياة الاجتماعية
إن الحديث على علاقة الإدارة بالمواطن و المتعاملين معها يعد ورشا أساسيا من اوراش الإصلاح الإداري و تحديث الإدارة، فجل الدول التي انكبت على تحديث إداراتها مرت أساسا من تحسين علاقة المواطن بالإدارة، ففي المغرب بدأ الاهتمام بهذا الموضوع في السنوات الأخيرة من خلال سياسات شمولية للإصلاح الإداري قوامها تأهيل الجهاز الإداري وإعداده لربح رهان التحولات الاجتماعية، فالدولة مدعوة على تنشيط المبادرة الخاصة دون تقليصها، و خلق متطلبات جديدة تدعو إلى نوع جديد من التدبير العمومي و إلى أنماط جديدة للعمل إذ تعتبر جودة الخدمات المقدمة من طرف الإدارات و فعاليتها مكونا أساسيا لمحيط الأعمال و المقاولات التنافسية و القدرة على الاستجابة لحاجيات المرتفقين و بالتالي تحقيق الرضا بنوعيه رضا وظيفي و ما يعكس عنه من رضا المرتفقين
و إرتباطا بما تقدم فإن الإدارة أصبحت تحتل مكانة متميزة في النظم الإدارية العالمية وموقعا بارزا في الصراع الاجتماعي داخل المجتمعات المعاصرة، باعتبارها آلية تدبيرية تمكن المجتمعات المحلية من طرح تصوراتها ومناقشة قضاياها والتداول بشأنها بالكيفية التي تراها ملائمة وفق منظور واستراتيجية متكاملة ومتناسقة وهذا ما يفسر الاهتمام المتزايد للدول الحديثة بتنظيم صرح إدارات عصرية ومتطورة قادرة على فهم واستيعاب وكذا مواكبة كل التحولات الدولية والإقليمية للمساهمة إلى جانب الدولة والقطاع الخاص وباقي الفاعلين –كشريك أساسي- في تلبية الحاجيات المتزايدة للمواطنين، أيضا لدعم الجهود المبذولة في مجال التنمية المستدامة.
فمن الناحية المادية تعتبر أداة أساسية لتحقيق التنمية وقناة ضرورية لتنفيذ السياسات العمومية والفضاء الأنسب للتشاور والتداول والتواصل مع مختلف الفاعلين باعتبار الإدارة قاطرة التنمية، تمكنها من خلق محيط يوفر لها عوامل النجاح وتحقيق التنمية المستدامة.
فماهي العلاقة التي تجمع التدقيق كألية حديثة للرقـابة بالتنــمية المسـتدامة ؟
قبل التطرق لتلك العلاقة لابد من تقديم لماهية التنمية المستدامة التي تعد من المفاهيم الحديثة، والتي ظهرت مع بداية الاهتمام العالمي بقضايا البيئة وحماية الموارد الطبيعية من الاستنزاف والاستخدامات غير الرشيدة لتلك الموارد.
وتتعد أنماط ومستويات التنمية المستدامة، كما أن تلك التنمية ترتكز على مبادئ تحكم السلوك البشري مع المعطيات البيئية المتنوعة، لذلك فإنَّ هناك أهداف تسعى إلى تحقيقها تلكالتنمية من خلال مشاركات ومساهمات أطرافها، وباستخدام الأدوات التي تكفل الوصول إلى تحقيق تنمية مستدامة.
وهناك خطأ شائع يصنع ترادفاً ومزجاً بين التنمية المستدامة وبين التنمية البيئية حيث يظن الكثير أن التنمية المستدامة هي المحافظة علي البيئة بكل مفرداتها من القضايا المتعلقة بالبيئة، وإذا كانت الجوانب البيئية ركناً أصيلاً من التنمية المستدامة إلاّ أنها ليست كل الأركان، فالتنمية المستدامة هي رؤية أكثر شمولية للمجتمع على نحو يفوق البعد البيئي.
لقد كَثُرَ استخدام مفهوم التنمية المستدامة في الوقت الحاضر، ويعتبر أول مَنْ أشار إليه بشكل رسمي هو تقرير" مستقبلنا المشترك" الصادر عن اللجنة العالمية للتنمية والبيئة سنة 1987، وتشكلت هذه اللجنة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبرعام 1983 برئاسة "برونتلاند" رئيسة وزراء النرويج وعضوية ( 22 ) شخصية من النخب السياسية والاقتصادية الحاكمة في العالم، كما عرفته منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)
"التنمية المستدامة هي إدارة وحماية قاعدة الموارد الطبيعية وتوجيه التغير التقني والمؤسسي بطريقة تضمن تحقيق واستمرار إرضاء الحاجات البشرية للأجيال الحالية والمستقبلية"
كما أن "فكرة التنمية المستدامة" تم التصديق عليها رسمياً في مؤتمر قمة الأرض الذي عقد في البرازيل "ريو دي جانيرو" عام 1992؛ حيث أدرك القادة السياسيين – في هذا المؤتمر- أهمية فكرة التنمية المستدامة، لا سيما أنهم قد أخذوا في اعتبارهم أنه ما زال هناك جزء كبير من سكان العالم يعيشون تحت ظل الفقر، وأن هناك تفاوتاً كبيراً في أنماط الموارد التي تستخدمها كل من الدول الغنية وتلك الفقيرة.
يتضح لنا من خلال ما تقدم أن التنمية المستدامة في الواقع هي "مفهوم شامل يرتبط باستمرارية الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية والمؤسسية والبيئية للمجتمع"، حيث تُمكّنُ التنمية المستدامة المجتمع وأفراده ومؤسساته من تلبية احتياجاتهم والتعبير عن وجودهم الفعلي في الوقت الحالي مع حفظ التنوع الحيوي والحفاظ على النظم الإيكولوجية والعمل على استمرارية واستدامة العلاقات الإيجابية بين النظام البشري والنظام الحيوي حتى لا يتم الجور على حقوق الأجيال القادمة في العيش بحياة كريمة.
من خلال التعريفات السابقة للتنمية المستدامة يمكن استخلاص أهدافها، و أبعادها التي تتقاطع و دور التدقيق بالقطاع العام، والتي يمكن إجمالها على النحو التالي:
1 البعــد الـبيئــي :
يساهم التدقيق في التنمية المستدامة من خلال تحقيق العديد من الأهداف البيئية (هنا تحدث عن العلاقة بين التدقيق و التنمية المستدامة من خلال بعدها البيئي)
- الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعي‘
- عدم تعارض التدبير الإداري مع القدرة المحدودة للبيئة؛
- التوفيق بين التنمية الاقتصادية( الموارد المالية ) والمحافظة على البيئة مع مراعاة حقوقالأجيال القادمة في الموارد الطبيعية.
2 البعد الاقتــصادي:
تهدف التنمية المستدامة بالنسبة للبلدانالغنية إلى إجراء تخفيضات متواصلة في مستويات استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية والتي تصل إلى أضعاف أضعافها في الدول الغنية مقارنة بالدول الفقيرة، و بالتالي يساهم التدقيق في البعد الاقتصادي من خلال ترشيد النفقات و التحول من التبذير إلى التدبير العمومي الجيد، و الارتقاء بالإدارات إلى مصاف الإدارات المنتجة و المقاولة
3 البعد الاجــتماعي :
إنّ عملية التنمية المستدامة تتضمن تنمية بشرية تهدف إلى تحسين الخدمات العمومية ، فضلاً عن دور المقاربة التشاركية حيثُ تؤكّد تعريفات التنمية المستدامة على أنّ التنمية ينبغي أن تكون بالمشاركة بحيث يشارك الناس في صنع القرارات التنموية التي تؤثر في حياتهم، وبالتالي يشكل الإنسان محور التعريفات المقدمة حول التنمية المستدامة، أيضاً يعد عنصر العدالة أو الإنصاف والمساواة، من خلال إنصاف الأجيال المقبلة والتي يجب أخذ مصالحها في الاعتبار وفقاً لتعريفات التنمية المستدامة، والنوع الثاني هو إنصاف من يعيشون اليوم ولا يجدون فرصا متساوية مع غيرهم في الحصول على الخدمات الاجتماعية،
4 البعد التكنولوجي:
تستهدفُ التنمية المستدامة تحقيق تحولاً سريعاً في القاعدة التكنولوجية للمجتمعات الإدارية، إلى تكنولوجيا جديدة أكفأ وأقدر على الحد من تلوث البيئة وهنا نتحدث عن دور الإدارة الإليكترونية و مدى مساهمة التدقيق -التدقيق المعلوماتي- في تجويد الأداء الإداري و تحسين المجال التكنولوجي الذي تستهدفه التنمية المستدامة، وسيلة هامة للتوفيق بين أهداف التنمية والقيود التي تفرضها البيئة، بحيث لا تتحقق التنمية الإدارية على حساب البيئة.
من خلال ما تقدم توجد عدة أنماط للاستدامة تمثل مكونات التنمية المستدامة تتقاطع و جوهر التدقيق، ويمكن إجمالها في:
الاستدامة المؤسسية
الاستدامةالاقتصادية
الاستدامة البشرية
إن موضوع التدقيق بين المساهمة في ترسيخ الحكامة المالية وتحقيق التنمية المستدامة، يعد من الاشكالات الآنية، على اعتبار أنّ سياسة التدقيق تعتبر الركيزة الأساسية في الإدارات، بالإضافة إلى أنها تعد الأداة التي تعمل على تطويرها وتحديثها، سعيا إلى تحقيق مستويات عالية من الكفاءة والفعالية في الأداء.
فنظرا للتطور الكبير الذي شهدته الإدارات، بحيث نجد تعددا في المهام المنوطة بها وضخامة الموارد المتاحة لها، وحجم الاستثمارات المخصصة لها، والمشروعات والبرامج المسندة إليها، أصبح من اللازم اللجوء إلى نظام رقابي حديث يعمل على ضبط الأداء الإداري والتقليل من إمكانات الغش والاختلاس وحماية الأموال العمومية، وكذلك الاتقاء بالأداء الإداري إلى جودة عالية تتماشى والمتطلبات و الحاجات المستمر للمواطنين.
أيضا يعكس الترابط بين التدقيق من أبعاد مختلفة قانونية و اجتماعية، تتقاطع فيه او يدمج ما بين الحياة الإدارية والحياة الاجتماعية، على اعتبار أن تحقيق التنمية المستدامة رهين بفعالية النظم الإدارية القادرة على خلق مناخ تنموي يعمل على التطوير الإيجابي للحياة الاجتماعية و الاقتصادية للمغرب.
المراجع المعتمدة
الصرنرعد،نظمالإدارةالبيئيةوالإيزو 14000 دارالرضا،دمشق 2001
النجدي أحمدوآخرون الدراساتالاجتماعيةومواجهةقضاياالبيئة،دارالناشر القاهرة 2003
تقرير اللجنةالعالميةللبيئةوالتنمية،مستقبلناالمشترك،ترجمةمحمدكاملعارف، 1989 ،سلسلة عالم المعرفة 142 المجلس الوطني للثقافة و الفنون الكويت
ثاراجوثا،فيديركو،نظرةفيمستقبلالبشرية،قضايالاتحتملالانتظار،ترجمةمحمدمكي، الجمعية المصرية للنشر 1990
عثمان،غنيم،مقدمةفيالتخطيطالتنمويوالإقليمي،دارصفاء،عمان،الأردن.1998
OECD La gouvernance pour le développement durable Étude de cinq pays de l'OCDE: Étude de cinq pays de l'OCDEOECD Publishing, 2 déc. 2002
Ecole nationale d'administration (ENA)Administration au défi du développement durableRevue française d'administration publique n°134 2010-
PRESSES UNIVERSITAIRES DE FRANCE Sylvie Brunel Le développement durable 1 juin 2012
Robert Fouchet.Management Public Durable : dialogue autour de la Méditerranée (Public Administration Today - Administration publique aujourd'hui)- Bruylant2013 -
Editions Universitaires Europeennes -Développement Durable, Territoires et Collectivités: Évaluation de la mise en ?uvre du développement durable par les collectivités: processus stratégiques et adaptation du SD21000 Broché – 31 août 2010
Pierre P. Tremblay-L'administration contemporaine de l'État: une perspective canadienne et québécoisePUQ, 2012