الباب الثاني : تركيبة الهيئة الوطنية واللجن الجهوية
في الباب الثاني الذي جاء تحت عنوان تركيبة الهيئة الوطنية واللجن الجهوية تتضمن 20مادة وحتى ينسجم عنوان هذا الباب مع باقي مواده يمكن تعديل عنوانه بعبارة (تأليف الهيئة الوطنية واللجن الجهوية )ولو ان هذا الباب كان يتعين تقسيمه لفصلين كما هو عليه الامر بالنسبة للباب الاول ،الفصل الاول يخصص لهيكلة الهيئة الوطنيةواللجن الجهوية ،والفصل الثاني لمهام الاجهزة المسيرة .
ويمكن إعادة كتابة المادة 30 (( تتألف الهيئة الوطنية من رئاسة وجمع عام ولجنة تنفيذية تضم كتابة عامة )).لأن الكاتب العام يجب ان يختار من بين اللجنة التنفيذية عن طريق الانتخاب من بين اعضائها .وهكذا يمكن الاستغناء عن تعيين الكاتب العام الذي يختار من بين الاعضاء المعيين سلفا من الملك .
كانت هناك تجارب سابقة بإقتراح شخصيات لمناصب حساسة في الدولة كانت تتم بإقتراح من جهات مجهولة لايطلع المواطن على خلاصة تقرير بحثها عن هؤلاء الاشخاص المقترحين ،ولاحتى التوجهات التي تحكمها مما يغيب مسؤوليتها ومسائلتها في اقتراح شخصيات غير قادرة على تدبير المرفق العمومي بل قد تتلاعب بمصالح المواطنين والاموال العام للدولة دون اي رقيب ولاحسيب لعدم الاحتياط والحذر في إقتراح اشخاص قد يضيعون مؤسسات الدولة ،في حين انه في دول أجنبية يكون هناك خطأ بسيط لعون تابعة لمؤسسة ما سببا في تقديم المسؤول عنها لإستقالته لكونه لم يحسن الاختيارولم يتخذ الاحتياطات والتوقعات اللازمة لذلك أعطي مثال ((بالحرائق التي عرفتها السجون بالمغرب لم تشهد اية إقالة للمسؤولين الذين وقوع على تسلم البنايات رغم عدم تزويدها بوسائل إطفاء الحرائق التلقائية ) ولم يبني إقتراحاته على بحوث موضوعية ،وبالتالي فإنه يتعين تحديد اللجنة علنيا التي تقترح على الملك الشخصيات التي سيعينها لشغل مناصب بالهيئة الوطنية حتى تحدد المسؤولية ،ويجب ان تتوازى فيها تمثيلية السلط الثلاثة إضافة إلى المجتمع المدني .
ومن جهة ثانية يجب ان تكون الفترة التي تعين لها الشخصية التي ستشغل رئاسة الهيئة الوطنية موازية للفترة التي ستعمل فيها الحكومة الجديدة وبالتالي تتغير مع تغير الحكومة في الاستحقاقات العامة ويكون التعيين لفترة واحدة غير قابلة للتجديد حتى لاتصاب شخصيات القانون العام بالادمان على السلطة ،ويجب على تلك الشخصية ان تعرض برنامجها للعمل طيلة فترة الولاية حتى تلتزم بتطبيقة ويمكن ان تسائل عليه بعد إنتهاءفترة ولايتها تطبيقا لما جاء بالدستور( المسؤولية تقابلهاالمحاسبة ).المادة 31 من مسودة المشروع .
هذا فإن تركيز السلطات بيد الرئيس من خلال المواد 32ومابعدهايجعل المسؤولية فردية يتحملها الرئيس ، وإلا فالمسؤولية تكون جماعية وتضامنية في حالة تحديد برنامج العمل خلال الولاية من طرف الجمع العام للهئية والذي تتولى تنفيذه اللجنة التنفيذية .
ولابد من الاشارة إلى ان تركيز السلطات بيد رئيس الهيئة قد يؤدي إلى الاستئثار بالقرار ويسهل ممارسة الضغط على فرد واحد من الهيئة بدل توزيع الادوار على مجموعة من الاعضاء والتداول بشأنها مما يجعل أثر التأثير والضغط ضعيفا وغير ذي جدوى .و،وقد يحرج الضاغط بفضح ممارسته علنيا .اضافة إلى انه يجب حدف مهمة التصدي المباشر التي هي وظيفة قضائية لاتختص بها الهيئة الوطنية كما سبق الاشارة إلى ذلك (الفقرة 6 من المادة 33من المسودة ،كما ان تفويض بعد المهام بصفة شخصية هو عمل ذاتي يصطبغ بعدم الموضوعية وتطغى فيه التقييمات الذاتية مما يتعين حذف هذه الصلاحية لرئيس الهيئة وإسنادها للجنة التنفيذية للمصادقة عليها (الفقرة الاخيرة ـ تفويض بعض إختصاصاته لمسؤولين بالهيئة يعينهم بصفة شخصية لهذا الغرض ـ .
المادة 34 حددت عدد أعضاء الهيئة في 29شخصية يعين 10منها الملك (طبعا بعد تأسيس لجنة معروفة للتحري والاقتراح حتى تكون مسؤولة امام الملك في حالة إقتراح شخصيات غير فاعلة وقادرة ) بالنسبة لتسعة شخصيات التي اعطي للحكومة إختيارها فهو إجراءمخالف للدستور خاصة الفصل 1 الذي ينص ((..........يقوم النظام الدستوري للمملكة على اساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها....)) إذ تم تغيب سلطتين القضائية والتشريعية وهذا ما اشير إليه سابقا لكون الآلة الفعالة التي تعطي للهيئة قوة هي السلطة القضائية بكافة مكونتها (قضاة النيابة العامة وقضاة المجلس الاعلى للحسابات ثم الشرطة القضائية بكل مكونتها[1] ( ضباط الجمارك ضباط المالية ضباط الاسواق المالية (مجلس القيم ) وغيرهم وهكذا يوزع إختيار هؤلا التسعة بنسبة 3شخصيات لكل سلطة 3قضاة (قاضي بمحكمة النقض ومحامي العام بمحكمة النقض وقاضي بالمجلس الاعلى للحسابات )3 شخصيات بالحكومة موظف سامي بالادارة الداخلية وموظف سامي (بالمالية او العدل ـ من غير القضاة ـ )موظف سامي بالخارجية 3 اعضاء من السلطة التشريعية يختارون حسب التمثيلية برلمانين من الاغلبية وبرلماني من الاقلية ـ
وبالنسبة لعشرة شخصيات الذين يختارون من بعض المؤسسات العامة والمهنية لابد ان يكون من بين اعضائها
ـ احدالضباط (أو ضابطين برتبة ـ كونيل أو جنيرال من المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية )السامين للجيش مختصين في مجال المحاسبة والتدبير الاداري المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والتجربة.
ـ أحد ضباط الشرطة القضائية الساميين المتخصصين في مجال محاربة الفساد المالي والادارية والمشهود لهم بالنزاهة والكفاءة والتجربة .
ـ جمعية هيآت المحامين بالمغرب
ـ غرفة الموثقين...........الباقي لايتغير ......))
مازالت المادة 35تتضمن عبارة (مكافحة ) التي يجب ان تستبدل بالمحاربة .
وبالنسبة للمادة 39 من المسودة فأشارت الى كون اللجنة التنفيذية تتكون من تسعة اعضاء 3 من بين الذين إختارهم الملك فيجب إستبدال (ثلاثة اعضاء من بين الاعضاء الممثلين للحكومة ) لكونها غير دستورية كما سبق الاشارة الى ذلك فتكون هكذا ( ثلاثة اعضاء ممثلين للسلطات الثلاثة ( قاضي وعضو من البرلمان ثم عضو من الحكومة ) ،والمادة 46 اعطت للملك صلاحية تعين الكاتب العام مع ان هذه المهمة يمكن ان تسند للجنة التنفيذية ان تختار من هو مؤهل للقيام بهذه المهمة بعد المناقشة والتصويت .
وتركز المادة 48صلاحيات رئيس الهيئة في تعيين رؤساء اللجن الجهوية مع ان هذه الصلاحية كما سبق إنتقادها قد تعتمد على معايير ذاتية اكثر من موضوعية ويتعين إعطاء هذه الصلاحية للجنة التنفيذية .
الباب الثالث: التنظيم الاداري والمالي للهيئة الوطنية
في الباب الثالث ماقبل الاخير والمتضمن للتنظيم الاداري والمالي للهيئة الوطنية ،كان الاحرى تخصيص المادة 50منه لتنصيص على جعل الميزانية المخصصة للهيئة الوطنية
تناقش من طرف البرلمان حسب البرنامج السنوي لجدول الاعمال المسطر من طرف الهيئة بدل إعادة التذكير بإستقلالها المالي والاداري والذي سبق النص عليه بالمادة 1.
وهكذا تكون المادة 50 على الشكل التالي (( تتمتع الهيئة الوطنية بميزانية ترصد لها للقيام بمهامها تعرض على البرلمان وفق برنامج العمل السنوي الذي صادق عليه الجمع العام ،وتخضع للمناقشة والتصويت وتخضع للمراقبة البعدية حسب قواعد المحاسبة العمومية بعد إنتهاه كل ولاية .))
ويلاحظ على المادة 51انها تضمنت عبارة إعانات مالية وكذلك الهبات والوصايا وهذه العبارات تنم عن المساس بإسقلالية الهيئة الوطنية ، المفروض فيها القوة وليس الضعف مما يتعين تغيير تلك الكلمات موازاة مع المهام الجسيمة للهيئة الوطنية ، ويمنع عليها تلقي اية هبات او وصايا خارج الميزانية المخصصة لها وإلا سنقدم لها (رشوة لمحاربة الفساد ) ثم إنه يجب التنصيص على ان مؤسسة الكتاب العامون الجهويين يعتبرون آمرين بالصرف بقوة القانون دون تعيين من رئيس الهيئة .
من حيث مراقبة حسابات الهيئة يجب التنصيص على ان لجنة التدقيق والافتحاص المنصوص عليا بالمادة 54 يجب تعينها من طرف الجمع العام والتصويت عليها بعد الاعلان على العروض وفق دفتر التحملات ويكون التقرير محل نقاش وتصويت من طرف الجمع العام او رفضه .
الباب الرابع : أحكام ختامية
والباب الرابع هو مخصص للأحكام الختامية التي لاتتضمن اية ملاحظات بشأنها .
وختاما فإن تعديل هذه النصوص المنتقدة لابد ان يعرف إنتقادات متسلسلة قصد التطلع لماهو احسن في وضع مؤسساتقادرة على تخليق الحياة الاقتصادية والادارية ،و التنزيل للهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الفساد على ارض الواقع ،هو الذي سيحكم على فعالية هذه المؤسسة او فشلها (وإن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتيكم خيرا )صدق الله العظيم والله ولي التوفيق .
إنتهى بحمد الله وقوته بتاريخ15ربيع الاول 1434هجرية الموافق ل 27يناير 2013
إنجاز ودراسة لعبد ربه محمد عنبر رئيس غرفة بمحكمة النقض
ونائب رئيس نادي قضاة المغرب
[1] من المطالب التي جاء بها النادي هي فصل الشرطة القضائية عن الادارة العامة لأمن العمومي وجعلها تابعة للسلطة القضائية الممثلة في النيابة العامة تفاديا لإزدواجية التعليمات التي قد تكون صادرة من السلطة التنفيذية .