MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




"الدائن وحماية المصلحة الاقتصادية العامة –صعوبات المقاولة نموذجا-"

     



"الدائن وحماية المصلحة الاقتصادية العامة –صعوبات المقاولة نموذجا-"
مقـــــــدمة:
لا شك أن لكل نظام قانوني فلسفته وأهدافه الخاصة التي سن من أجلها، تختلف باختلاف المطامح التي يرمي إلى تحقيقها كل واحد منهما، والأهداف التي تسمو نظام الإجراءات الجماعية ثلاث[1]؛ هي أولا حماية المقاولة وإنقاذها من مخاطر الأمراض الاقتصادية،ثم ثانيا المحافظة على مناصب الشغل وأخيرا تصفية الخصوم الذي يبقى من باب تحصيل حاصل، غير أن تحقيق هذه الغاية يفرض المشاركة الجدية لمختلف الفاعلين في هذه المساطر من قضاء تجاري أولا ثم الأجهزة الساهرة على تسيير المسطرة مرورا برئيس المقاولة ذاته، والأجراء الخلية الحية بالمقاولة وأخيرا الدائنين الذين يعتبرون القلب النابض وقطب الرحى في هذه المساطر.فإشراك الدائن أو بالأحرى إعطائه حرية المبادرة في تحريك المساطر الجماعية، يعد اعترافا لهذا الأخير بدوره الأساسي والحاسم في إنجاحها، ذلك أن هذه الأخيرة مهما أبدع في سنها من الناحية النظرية، تبقى قاصرة عن تحقيق أهدافها في الواقع[2].
فالمساطر الجماعية إذن، هي أداة أو وسيلة مفرغة من محتواها دون إشراك فعلي للدائنين في جميع مراحلها، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة المساطر من حيت إرادة الأطراف المعنية بها، ففي الوقت الذي تكون فيه هذه المساطر إرادية بالنسبة للمقاولة، فإنها تكون كذلك أيضا بالنسبة للدائنين[3]، وذلك بحسب الوضعية المالية للمقاولة.
وتأسيسا على ذلك لا يمكن الاستفادة من مزايا أية مسطرة، في غياب الشروط الموضوعية المبررة لها، ويعد التوقف عن الأداء الشرط الجوهري الذي يفصل بينها، إذ بتوفر هذا الشرط ينتقل الوضع من المساطر الإرادية إلى المساطر الإلزامية، والتي تتكفل المحكمة أمر سيرها .
فخلافا لما هو جاري به العمل في مساطر الوقاية الخالصة[4]، لاسيما منها مسطرة الوقاية الخارجية ومسطرة المصالحة، وما هو معمول به أيضا في مسطرة الانقاذ، التي حدد فيها المشرع جهات خاصة تملك وحدها حق تحريك وتفعيل هذه المساطر، وذلك لتعلق هذه الأخيرة بإرادة المقاولة المعنية بها بالدرجة الأولى، نجد المشرع ذهب منحى آخر في إطار المساطر القضائية للمعالجة الخالصة، بكونها مسطرة أصبحت تتجاوز أطراف النزاع حول الدائنية، وبالتالي ترتفع في جانب منها عن منطق الخصومة، مما يؤدي تعطيل جزئي للقاعدة المسطرية المتمثلة في الصفة والمصلحة في رفع الدعوى[5] .
ولعل من مبررات هذا التوجه، أصبح مفهوم التوقف عن الدفع تقنية للمحافظة على معادلة تحكم ميدان الأعمال، تتجسد عناصرها في الثقة والائتمان، الثقة التي يجب أن تتوفر للغير حتى يمنح الائتمان للتاجر، فهذا الأخير محتاج له عند افتقاده المبالغ الضرورية لإبرام معاملاته التي يفرضها استغلاله التجاري، ولا يقدم الغير على هذه المغامرة إلا إذا توفرت له الضمانات القوية لاستيفاء ديونه عند حلول ميعاد استحقاقها، خاصة إذا أخدنا بعين الاعتبار أن التاجر لا يطمح إلى الحصول على ديونه كاملة فقط، وإنما يرغب في أن يستوفيها في معاد الاستحقاق. إذ أن  التاجر يكون دائما دائنا ومدينا في نفس الوقت، ومن البديهي إذن أن هذا الأخير لن يتمكن من الوفاء بالتزاماته إلا إذا قام مدينه بالسداد في معاد الاستحقاق[6].
انطلاقا من هذه المعادلة المتشابكة التي تطبع مجال الأعمال، خول المشرع للدائن حق طلب فتح المساطر الجماعية في مواجهة مدينه، كلما ثبت توقف هذا الأخير عن الدفع، وذلك تدعيما للثقة وحفاظا على الائتمان الذي يعد أحد مرتكزات العمل التجاري كما تقدم.
غير أن الدائن لا يمكنه فتح المسطرة بهذه السهولة، أي بمجرد تقديم طلب إلى المحكمة تستجيب له هذه الأخيرة، فكثيرة هي الحالات التي يتقدم فيها الدائن بطلب إلى المحكمة يرمي من خلاله إلى فتح مسطرة المعالجة في مواجهة مدنيه لتوقف هذا الأخير عن الدفع، ولا يكتب لهذا الطلب النجاح، حيث يفرض عليه أن يثبت واقعة التوقف عن الدفع في حق مدينه، عن طريق الاستعلام والتقصي الذاتي عن الوضعية المالية للمقاولة، ومن تم تبرير فتح المسطرة في مواجهتها وهو أمر نكاد التصريح باستحالة تحقيقه من طرف بعض الدائنين، خاصة إثبات التوقف عن الدفع بمفهومه الاقتصادي، الذي غالبا ما يكون مآل طلباتهم الرفض.
والمتمعن في مسألة الأطراف التي يحق لها تقديم طلب أو فتح المسطرة، سيجد بالإضافة إلى الدائن المحكمة نفسها، وهو ما يثير الكثير من الاستغراب، إذ أنه في الكثير من الحالات تبقى المحكمة كأكبر حاجز وعائق أمام الدائن عند طلبه فتح المسطرة، وذلك بالتشدد في إثباته لواقعة التوقف عن الدفع؛ فأليس من المنطقي أنه من يملك الكل يملك الجزء[7]؟ فقد تكون مبادرة الدائن[8] عند طلبه لفتح المسطرة جاءت في الوقت المناسب، وبعرقلة المحكمة لهذا الطلب يمكن أن يزيد في تأزيم الوضع وتصبح مختلة بشكل لا رجعة فيه، بعدما كانت قابلة للتقويم ولعلاج.
وعموما تبقى مبادرات الدائن بتفعيل المسطرة، خاصة إذا ما نظرنا إليها من زاوية الأدوار الجديدة التي أصبح يلعبها القضاء التجاري في مساطر صعوبات المقاولة[9]، من بداية المسطرة عبر المبادرة الذاتية حتى نهايتها، يمكن القول أن طلبات الدائنين في هذه الحالة تعتبر بمثابة مؤشرات إنذار للمحكمة باتخاذ اللازم[10] في الوقت المبكر قبل استفحال الداء في عروق  المقاولة وإصابة باقي الأطراف المرتبطة بها، كما تشكل أداة مهمة للتيسير عليها الفتح التلقائي للمسطرة.
إذن فالإشكال المحوري لموضوع دراستنا يتمركز بالأساس حول؛ مدى قدرة الدائن تفعيله مساطر المعالجة الخالصة أو على الأقل التيسير على المحكمة الفتح التلقائي للمسطرة وتجاوزه للتحديات المجابهة؟
كمحاولة منا للإجابة عن هذا الإشكال ارتأينا معالجة موضوعنا من خلال مطلبين، نتناول في الأول دور الدائن في التيسير على المحكمة الفتح التلقائي للمسطرة، على أن نخصص الثاني للحديث عن حدود هذا الدور.
 
 

المطلب الأول: دور الدائن في التيسير على المحكمة الفتح التلقائي للمسطرة

خول المشرع المغربي بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 578 من مدونة التجارة للمحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها[11] بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة وذلك بنصه على أنه "يمكن للمحكمة أيضا أن تضع يدها على المسطرة إما تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة، أو من رئيس المحكمة في إطار ما تخوله له الوقاية الخارجية من اختصاصات".
ويعتبر تدخل المحكمة هذا، مخالفا لمبادئ الشريعة الإجرائية العامة[12]، إذ أن المحكمة لا تحكم إلا وفقا لطلبات الأطراف وفي حدودها[13]، فأصبحت في ظل مساطر صعوبات المقاولة "تحكم دون أن يطلب منها وتقضي بخلاف ما طلب منها "[14] وذلك لتعلق هذه المساطر بالنظام العام الاقتصادي.
وتكمن الغاية من تخويل هذه الصلاحية للمحكمة التجارية، في تفادي الخلال التي يمكن أن ينجم عن إهمال رئيس المقاولة التصريح شخصيا بحالة التوقف عن الدفع التي وصل اليها، رغم أنه نادرا ما يقع[15]، أو في حالة إغفال الدائن إحدى الشكليات الضرورية التي قد يؤدي إلى عدم قبول الدعوى شكلا، أو تنازل هذا الأخير عن دعواه أو كما في حالة طلب فسخ اتفاق الصلح لعدم تنفيذه، وتعتبر هذه الحالات الأخيرة مبادرات هامة ييسر من خلالها الدائن على المحكمة التدخل من تلقاء نفسها للحكم بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة.

الفقرة الأولى: حالة العيب الشكلي في المقال الافتتاحي المرفوع من طرف الدائن

لم يقيد المشرع المغربي دعوى الدائن بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة بأية إجراءات استثنائية أو قواعد شكلية خاصة، تقليلا من حالات بطلان الدعوى التي تروم فقط فتح المسطرة بعد ثبوت واقعة التوقف عن الدفع[16]، وذلك على خلاف المشرع الفرنسي الذي أثقل فتح المسطرة بإجراءات شكلية؛ كبيان طبيعة الدين ومبلغه والمساطر التي سبق إتباعها لاستفتاء الدين، وطرق التنفيذ التي سلكها الدائن وغيرها من الاجراءات[17].
فعلى العكس من ذلك، يخضع الطلب المقدم من قبل الدائن للشروط الشكلية العامة التي تطلبها المشرع في جميع الدعاوى المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، وذلك بإحالة صريحة من الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون رقم 53.95 المحدث للمحاكم التجارية[18].
ذلك أن قبول الدعوى من حيث الشكل يتوقف على توفر مجموعة من الشروط، والذي هدف المشرع من خلال التنصيص عليها إلى التقليص من مجال الدعاوى الكيدية التي تحرك خيوطها الحقد والضغينة، ويرتبط بعض تلك الشروط بالمتقاضين أنفسهم، في حين يرتبط الجزء الآخر بطبيعة الدعوي التي تم رفعها[19].
وقد تم التنصيص على بعض هذه الشروط في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية، الذي جاء فيه: "لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والمصلحة والأهلية لإثبات حقوقه.
تثير المحكمة تلقائيا انعدام الصفة أو المصلحة أو الأهلية أو الإذن بالتقاضي إذا كان ضروريا، وتندر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده...".
كما يتعين على الدائن أن يرفع دعواه أمام المحكمة التجارية[20] بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في هيئة من هيئات المحامين[21] بالمغرب يتضمن مجموعة من البيانات نص عليها الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية.
وبناء على ما سبق، تتاح الفرصة للمحكمة للحكم من تلقاء نفسها بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة، وذلك في الحالة التي يكون فيها المقال المرفوع من طرف أحد الدائنين بهذا الخصوص غير مستوف لأحد الشروط الشكلية المتطلبة قانونا لرفع دعوى من هذا القبيل.
ومن حالات العيوب الشكلية الشائعة التي يسقط فيها الدائن، رفع الدعوى في مواجهة الشريك أو المساهم باعتباره كمسير للشركة، أي بصفته كشريك فتقضي المحكمة في مواجهته بعدم قبول الدعوى، ذلك أنه يتعين عليه  أن يرفع دعواه في مواجهة الشركة في شخص ممثلها القانوني، لاستقلال هذه الأخيرة عن الشركاء المكونين لها عن طريق شخصيتها المعنوية[22]، وإلا قضي في مواجهة الدائن عدم القبول لانعدام  الصفة، وذلك طبقا لقاعدة الفقهية القائلة "وجوب رفع الدعوى من ذي الصفة على ذي الصفة"[23].
وبالإضافة إلى الصفة والأهلية والمصلحة، فإنه يتعين على الدائن، عند رفعه لدعواه، مع الزامية تعينه لمحام لكون المسطرة أمام المحكمة التجارية كتابية، أن يعين محل للمخابرة معه وذلك في الحالة التي يكون فيها هذا الأخير، مسجل في هيئة أخرى، غير الهيئة التي توجد بدائرة المحكمة المرفوع اليها الدعوى، تحث طائلة الحكم بعدم قبوله شكلا أيضا.
وقد جاء في إحدى حيثيات حكم صادر عن تجارية البيضاء[24] أنه: "...وحيث إن المدعي في نازلة الحال...أقام الدعوى في مواجهة المدعى علية المسير السيد...شخصيا والحال أن الدعوى تقتضي رفعها في مواجهة الشركة، مما يبقي معه الطلب والحالة هذه معيبا ويتوجب التصريح بعدم قبوله...".
فيعتبر طلب الدائن في مثل هذه الحالات، والتي يواجه فيها بعدم القبول، لافتقاده لإحدى الشكليات التي نص عليها القانون، بمثابة إنذار للمحكمة وإشعارا لها بحصول صعوبات داخل المقاولة المراد مقاضاتها، ويعتبر من تم، إجراء تيسيريا على المحكمة بأن تقضي تلقائيا بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة كلما كانت الشروط الأخرى اللازمة لذلك متوفرة[25].

الفقرة الثانية: حالة تنازل الدائن عن الدعوى

تخضع دعوى فتح مسطرة المعالجة للقواعد والإجراءات العامة في قانون المسطرة المدنية، ومن ضمنها حق الدائن في التنازل[26] عن الدعوى إن صراحة أو ضمنها، وفي أي وقت كانت عليه الدعوى تطبيقا للفصل 120 من القانون المسطرة المدنية الذي ينص: "يقبل التنازل عن الدعوى في جميع القضايا ".
غير أن الطبيعة التنازل في قضايا صعوبات المقاولة، تختلف عن التنازل الذي يمكن أن يجريه المدعي في جميع الدعاوى ا المدنية أو التجارية لأخرى، على اعتبار أن التنازل عن هذه الأخيرة يفرض على المحكمة الاشهاد عليه[27]، والحكم بالتالي بعدم قبول الدعوى على الحالة وذلك من دون أن تبحث فيما إذا كان للدائن أو المدعي المعني بالأمر، قد استوفى ماله من دين على المدعى عليه أم لا[28] طبقا للفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية.
في حين أن التنازل عن الدعوى بفتح مساطر صعوبات المقاولة لا يكون له أي أثر على المحكمة التجارية المرفوعة إليها الدعوى، حيث يمكن بالرغم من تنازل الدائن عن هذه الدعوى أن تحكم من تلقاء نفسها بفتح مسطرة صعوبات المقاولة في مواجهة المدين المدعى عليه، وذلك لاعتبارها من النظام العام الاقتصادي، يمكن للمحكمة أن تضع يدها تلقائيا على المسطرة دون إعارة أي اهتمام لحصول التنازل من عدمه، فقد جاء في قرار لمحكمة النقض[29] تجسيدا لما ذكر أنه: "أعطت المادة 563 من مدونة التجارة (التي تقابلها المادة 578 من القانون الجديد) للمحكمة بأن تقضي من تلقاء نفسها بفتح تلك المسطرة كلما توفر لديها المبررات لذلك، بصرف النظر عن أي طلب أخر يبرره، لأن هذه المسطرة تعتبر من النظام العام الاقتصادي ودور المحكمة فيها لم يعد منحصرا في الفصل في النزاع بناء على طلب أحد الأطراف...".
ولتعلق هذه المساطر بالنظام العام، لا يمكن الطعن في حكم المحكمة القاضي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية، بعلة تجاوز طلبات الأطراف والحكم أكثر مما طلب منها، فقد جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية أنه: "يجوز للمحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها بإشهار الافلاس متى تبينت من ظروف النزاع المطروح توفر الشروط الموضوعية في خصوص إشهار الافلاس، كما يجوز لها ذلك أيضا إذا كان طلب الافلاس دائنا ذا صفة ثم تنازل عن طلبه دون أن يعتبر قضاؤها هذا قضاء بما لم يطلب منها القضاء به، لتعلق أحكام الافلاس بالنظام العام وإذا خلص الحكم المطعون فيه المؤيد  للحكم الابتدائي إلى توافر شروط اشهار إفلاس الطاعن وقضى به دون أن يلق بالا إلى تنازل الدائن طالب إشهار الإفلاس عن طلبه وتركه الخصومة فيه، فانه لا تثريب عليه في هذا الشأن ويضحى النعي على غير أساس [30]".
ولا يبقى في الأخير إلا أن نشير إلى أن مسألة تنازل الدائن عن الدعوى لا يشكل أي خطر على حقوق الدائنين الآخرين، ما داموا يملكون نفس الحق إذا كانت ديونهم حالة، ومستقبلا إذا كانت ديونهم مؤجلة، ومادام أيضا يحق لكل دائن التدخل كشخص ثالث أو خارج عن الخصومة في الدعوى وأن المحكمة ملزمة بالنظر في هذا التدخل[31] لكون فتح المسطرة كما سبق القول من النظام العام .

الفقرة الثالثة: حالة طلب الدائن فسخ اتفاق الصلح لعدم تنفيذه

قد ينجم عن مسطرة المصالحة اتفاق الصلح بين المقاولة المدينة وجميع الدائنين أو الرئيسيين منهم فقط، ويعتبر اتفاق الصلح هذا كجميع الاتفاقات المدنية و التجارية، يتضمن مجموعة من الشروط التي يرتضيها كل طرف فيه، فيخول من تم حقوق المقاولة المدينة، ويفرض عليها التزامات مقابلة، تتمثل أهمها في ضرورة أداء الديون المستحقة وفق الجدولة والشروط والكيفيات  المحددة في الاتفاق[32].
هكذا، فإذا كان المشرع قد أعطى لرئيس المقاولة في إطار هذه المسطرة فرصة إنقاد مقاولته، فإنه بالمقابل لم يتساهل في اتخاد الاجراءات اللازمة عند الاخلال بالالتزامات المبرمة في إطار اتفاق الصلح، حيث اعتبر ذلك  مبررا لفتح مسطرة المعالجة[33].
فيترتب على عدم تنفيذ المدين التزاماته، الاعتراف للدائن المتعاقد معه بالحق في اللجوء إلى المحكمة المختصة  من أجل إقامة دعوى لفسخ هذا الاتفاق، وذلك دون الاهتمام لطبيعة الالتزام محل الاخلال بالتنفيذ[34] سواء  كان هذا الالتزام ماليا أو الالتزام بالقيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل.
وبديهي إذن أن فسخ اتفاق المصالحة لعدم تنفيذه، يسقط كل آجال الأداء التي كانت ممنوحة بمقتضاه، مما يجعل المحكمة في مركز يسمح لها بأن تحكم من تلقاء نفسها بفتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة في مواجهة هذه الأخيرة[35].
وبرجوعنا إلى الفقرة الأخيرة من المادة 559 من مدونة التجارة التي تعتبر الأساس القانوني لفسخ اتفاق الصلح لعدم  تنفيذه، نجدها تنص على أنه: "في حالة عدم تنفيذ الالتزامات الناجمة عن الاتفاق، يعاين رئيس المحكمة بمقتضي أمر غير قابل للطعن، فسخ هذا الاتفاق وسقوط كل آجال الأداء الممنوحة، ويحيل الملف إلى المحكمة لفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية"، وهي عبارة قد تثير اللبس في أدهان القراء لهذه المادة، والاعتقاد بأن المشرع يجعل من عدم تنفيذ المقاولة لهذا الاتفاق أو إخلالها بأحد بنوده يعتبر سببا كافيا للنطق بفتح المسطرة القضائية للمعالجة في مواجهة المقاولة المعنية، والحال أن العبرة ليست في تنفيذ أو عدم تنفيذ الاتفاق، بل تكمن فيما إذا كانت وضعية المقاولة متوقفة عن الدفع أم لا طبقا للمادة 575 من مدونة التجارة .
وفي حقيقة الأمر أن هذا النقاش، قد أثير في البداية بفرنسا، وذلك حول الصياغة التي كانت عليها المادة 5 من قانون 25 يناير 1985، حيث ذهب البعض إلى القول أن افتتاح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة مقاولة ليست متوقفة عن دفع ديونها، يعتبر إلى حد ما مجرد عقاب، وهذا ما يخالف روح القانون المتعلق بالتسوية القضائية الذي يقوم على أساس المعالجة من الصعوبات[36].
وقد غير المشرع الفرنسي تحت طائلة هذا الانتقاد موقفه بعد تعديل  10 يونيو 1994، مانحا للمحكمة السلطة التقديرية أو الخيرة بين فتح مسطرة من مساطر المعالجة أو رفض ذلك، أي أن فتح هذه المسطرة أصبح جوازيا بعدما كان إلزاميا، مع بقاء عدم أداء الديون موضوع اتفاق الصلح يشكل سببا مستقلا من أسباب فتح مسطرة المعالجة[37].

المطلب الثاني: حدود تفعيل الدائن لمساطر المعالجة الخالصة

صحيح أن المشرع خول للدائن حق المبادرة الذاتية لطلب فتح مساطر المعالجة ضد مدينه المتوقف عن دفع ديونه، وذلك دون إعارة أي اهتمام لنسبة الدين سواء كان زهيدا أو كبيرا، ولا أهمية أيضا لطبيعة الدين والتأمينات أو الضمانات التي تحميه، فكل ما يشترط هو أن يكون الدين مستحقا ومعين المقدار وخاليا من أي نزاع كما سبق أن بينا.
هذا نظريا، ليبقى السؤال مطروحا حول مدى نجاح الدائنين في الواقع العملي في القيام بهذه المبادرة داخل الفترة الزمنية المناسبة، إنقاذا للمقاولة ومساهمتهم في إتاحة الفرصة لمعالجتها وتصحيح الصعوبات التي تعترض نشاطها؟ وكيف يتعامل القضاء مع طلب الدائن هذا، بفتح مسطرة المعالجة ضد المقاولة المدينة له ؟
لذلك فإن طبيعة الإجابة عن هذه الأسئلة تقتضي تقسيم هذه الفقرة إلى نقطتين، نخصص الأولى للحديث عن حدود تفعيل الدائن لمساطر المعالجة، والنقطة الثانية نخصصها لواقع المحاكم المختصة من طلب الدائن هذا.

الفقرة الأولى: حدود استعمال الدائن للإمكانية المعطاة له فيما يخص طلب فتح المسطرة

ينقسم الدائنين عادة إلى طائفتين؛ طائفة الدائنين العاديين وطائفة الدائنين المؤمنين على ديونهم بضمانات خاصة.
وما يلاحظ من خلال الواقع العملي أن الدائنين العاديين لا يبادرون إلى طلب الحكم بفتح المسطرة إلا نادرا، فبدل البحث عن مخرج جماعي يفيد جميع الدائنين ويفيد المقاولة كذلك[38] يتحرك الدائن العادي في اتجاه آخر، حيث يسعى إلى استمالة المدين لاستيفاء حقوقه، وذلك من خلال مساومات لا تخلو من ترهيب المدين بفتح مساطر المعالجة التي قد تتحول إلى تصفية قضائية[39]، وما قد يترتب عن ذلك من آثار جد خطيرة خاصة عن رئيس المقاولة الذي أغفل، أو لم يقم عن قصد، بتقديم طلب داخل الأجل الذي حدده القانون، حيث قد يحكم عليه في هذه الحالة بسقوط أهليته التجارية (البند 4 من المادة 747 من م .ت).
بالإضافة إلى ذلك، لا يلجؤون الدائنين العاديين إلى طلب فتح المسطرة، معرفتهم المسبقة بوجود دائنين آخرين أصحاب امتيازات أو ضمانات قوية من الممكن أن تغطي كل أموال المقاولة المدينة، وبذلك يفضلون التسوية الحبية لديونهم مع مدينهم عوض الدخول في إجراءات طويلة ومعقدة.
أما بخصوص الدائنين أصحاب ضمانات خاصة، فإنهم يفضلون إلى وسيلة أخرى أكثر نجاعة بالنسبة لهم ويتعلق الأمر بالتنفيذ المباشر على الأموال المشمولة بهذه الضمانات، عوض المطالبة بفتح مساطر المعالجة التي تجعلهم في حالة انتظار بسبب طول الإجراءات وتعقيداتها، خصوصا وأن عامل الزمن يلعب دورا مهما لدى هذا النوع من رجال الأعمال في مجال المعاملات المالية، ذلك أن كل تأخير في أداء الديون ضررا ينعكس على الدائن[40].
كما أنه ومن جهة أخرى، ألزم المشرع الدائن عند تقديمه طلب فتح المسطرة أن يثبت توقف مدينه عن الدفع، وذلك  حسب المفهوم الاقتصادي للتوقف عن الدفع الذي سبق الحديث عنه، وهو أمر يكاد يستحيل علينا أحيانا خاصة إذا أخدنا بعين الاعتبار أن الدائن غير ممكن له تقديم طلب بفتح مساطر الوقاية كمرحلة أولى لتفكيك وتدارس صعوبات المقاولة، حيث كان سيتيسر له في هذه الحالة ضبط الوضعية الاقتصادية للمقاولة ومعرفة الحلول الملائمة لها[41].
بالإضافة إلى كل ما سبق، يعتبر من المعيقات أيضا التي تعترض الدائن في مبادرته بفتح المسطرة، جعل المشرع لدعاوى مساطر صعوبات المقاولة شأنها شأن باقي الدعاوى الأخرى، حيث يمكن أن يترتب عن فشل الدائن في إثبات واقعة التوقف عن الدفع إثارة مسؤوليته تجاه المقاولة المدعى عليها[42] وتعويضها عن الأضرار -ربما الادبية فقط- التي لحقتها من جراء مبادرة الدائن هذه.

الفقرة الثانية: واقع المحاكم التجارية من طلب الدائن بفتح المسطرة

لقد أجاز المشرع للمحكمة أن تضع يدها تلقائيا على المسطرة الجماعية عن طريق الحكم من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من النيابة العامة أو رئيس المحكمة في إطار الصلاحيات التي تخولها له مسطرة الوقاية الخارجية بوضع المدين في حالة التوقف عن الدفع.
ولا تقف سلطة المحكمة عند هذا الحد وإنما يمكنها الحكم بفتح المسطرة أيضا، في الحالات التي لا يواصل فيها الدائن هذه المسطرة كما تقدم، إذ " المحكمة عند تحريك مساطر صعوبات المقاولة لم تعد مقيدة بطلبات الأطراف والوثائق المرفقة بها، بل يصبح بإمكانها أن تضع يدها تلقائيا على القضية قصد فحص المركز المالي الحقيقي للمدين وعلى إثر ذلك اتخاد القرار المناسب الذي قد لا يساير طلبات الأطراف.." كما جاء في حكم لتجارية البيضاء[43].
كما يعتبر تدخل المحكمة بهذه الطريقة استثناء من المبدأ العام الذي يقضي بأن المحكمة لا تبت إلا بناء على طلب ويبررها حماية النظام العام الاقتصادي[44] وهي بذلك قد تخالف الطلب المقدم إليها نفسه، إذ يمكنها الحكم بالتسوية القضائية رغم تقدم الدائن بطلب فتح مسطرة التصفية القضائية أو تقضي العكس حينما يطلب المدين ذلك، على اعتبار أن "من يملك الكل، الفتح التلقائي للمسطرة، يملك الجزء" أي الخيار بين المساطر المناسبة.
من هذا المنطلق، يفترض في المحكمة التجارية بمجرد ما يتقدم إليها الدائن بطلب فتح المسطرة أن تقوم من تلقاء نفسها بإتمام الاجراءات الكفيلة للوصول إلى الوضعية الحقيقية للمقاولة المراد فتح المسطرة في مواجهتها، بالاعتماد على المبررات السابقة، خاصة إذا أخدنا بعين الاعتبار الدور الجديد الذي أصبح يلعبه القضاء في حماية النظام العام الاقتصادي.
غير أنه ما يلاحظ في الواقع العملي، في حدود الأحكام التي استطعنا الحصول عليها، أن غالبية الطلبات المقدمة من طرف الدائنين الهادفة إلى فتح مسطرة المعالجة في مواجهة مدينهم يكون مآلها الرفض، بعلة عدم إثبات الدائن لعنصر التوقف عن الدفع بمفهومه الاقتصادي أي عدم كفاية الأصول المتوفرة لتسديد الخصوم المستحقة[45]، لدرجة أن بعض المحاكم اشترطت في طلب الدائن بفتح المسطرة أن يكون مقرونا بالوثائق المنصوص عليها في المادة 577 من م .ت التي من الاستحالة بمكان أن يحصل عليها الدائن، إذ جاء في إحدى حيثيات حكم صادر عن المحكمة التجارية بمكناس ما يلي: "...وحيث إنه من المعلوم أن فتح مساطر المعالجة رهين طبقا للمادة 560  و 568 من م .ت بضرورة ثبوت عنصر التوقف عن الدفع، وكذا تشخيص الصعوبات للتأكد مما إذا كانت المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه أم لا، وهو ما لا يتأتى إلا بالتوفر على المعطيات والوثائق التي تمكن من معرفة أصول وخصوم المقاولة ووضعيتها المالية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة منها الوثائق المنصوص عليها في المادة 562 من مدونة التجارة (التي تقابلها المادة 577 من القانون الجديد)..."[46].
كما ذهبت بعض المحاكم، إلى محاولة التأسيس لمفهوم جديد في مساطر صعوبات المقاولة، وذلك عندما ردت طلب الدائن بفتح المسطرة ضد مدينه معللة قرارها بأنه: "وحيث أنه علاوة على ذلك فإن هدف المشرع من فتح مساطر المعالجة هو محاولة إنقاذ المقاولة، ولم يجعل منها أبدا وسيلة للحصول على الديون وتنفيذ الأحكام..."[47].
ومن خلال ما سبق، يمكن استنتاج من عدم تجاوب المحاكم التجارية مع طلبات الدائنين لفتح بفتح المسطرة بناء على العلل السابقة فرضيتين:
ــ الفرضية الأولى: هي أن القضاء التجاري المغربي يخشى من أن يفتح المجال أمام الدائن لطلب فتح المسطرة، مع ما يترتب عن ذلك قانونا من تعيين الأجهزة والقيام بجميع الدعاوى والإجراءات المرتبطة بالمسطرة، أمام قلة الإمكانات المادية والبشرية التي تتوفر عليها المحكمة، وهي الفرضية الغالبة.
ــ الفرضية الثانية: الفهم الخاطئ لمفهوم التوقف عن الدفع، إذ أن المحكمة التجارية المرفوع إليها دعوى فتح مسطرة المعالجة، يجب أن تعتبر المدين في حالة توقف عن الدفع كلما كان هناك عدم أداء دين تتوفر فيه الشروط السابق التطرق إليها، أو كما عبر عن ذلك أحد الفقه المغربي من دون أن تولي أي اهتمام لنية هذا المدين وهل هو عاجز عن الأداء أم ممتنع عنه بسوء نية[48]، وهو ما قضت به محكمة النقض الفرنسية في قرار لها جاء فيه أن "الدائن بالدين غير المؤدى لا يملك في أغلب الحالات أية وسيلة لمعرفة السبب الذي يقف وراء عدم قيام المدين بالأداء بالرغم من كون الدين المعني بالأمر معين المقدار وثابتا ومستحقا"[49].
خــــــاتمة:
وفي الختام يمكن التأكيدعلى أنطلب الدائن بفتح مساطر المعالجة، يعتبر من الآليات التيسيريةالتي تسهل على المحكمة وضع يدها تلقائيا على المسطرة والبحث عن مواطن الخلل، لتقرر تبعا لذلك الحكم بالتسوية القضائية[50] إذا كانت وضعية المقاولة ليست مختلفة بشكل لا رجعة فيه، أو تقضي بالتصفية القضائية في حالة كون وضعية المقاولة ميؤوس من علاجها.
وما الصعوبات التي يصادفهاالدائن التي تحول دون طلبهبفتح مساطر المعالجة،يرجع سببها المباشر ربما إلى عدم إشراكه في طلب الوقاية (خاصة المصالحة والإنقاذ) كمرحلة أولى لتفكيك وتدارس صعوبات المقاولة التي تمكنه من ضبط الوضعية الاقتصادية ومعرفة الحلول الملائمة لها، حيثتترسخعندئذ روح المشاركة والتعاون بين المقاولة التي تعترضها صعوبات أو مشاكل ظرفية، وبين الدائن الممول والشريك في نفس الوقت، فخلق الحوار بين المقاولة والدائن، لاشك أنه سيساهم شعوريا ومعنويا بخلق نوع من الثقة بين الطرفين إذا ما دخلت المقاولة نوعية "الصعوبات العميقة" أو التوقف عن الدفع.
غير أنه من الملاحظ أن الدائنين لا يلجؤون إلى طلب تفعيل هذه المساطر، إما لقبولهم التسوية الحبية لديونهم مع مدينهم، دون الدخول في متاهات المساطر القضائية التي تتسم بالطول والتعقيد، وإما لكونهم يعتقدون مسبقا برفض المحاكم لطلباتهم لعدم إثباتهم لواقعة التوقف عن الدفع، لاسيما عند نظرهم إلى واقع المحاكم التجارية اليوم وكيفية تعاملها مع معظم الطلبات التي تهدف إلى فتح هذه المساطر، وهي فرصة لنا لدعوة المحاكم التجارية بإعادة نظرها في كيفية تعاملها مع طلبات الدائنين بفتح المسطرة، وانتزاع لباس "العدل" خدمة للمصلحة الاقتصادية العامة.
 
 
[1]- وهذه الأهداف بالرغم من عدم إعلان نظام الإجراءات الجماعية عنها صراحة، إلا أنه بتفحص جل مواضيعه نجدها لا تخرج عنها، وقد عبر المشرع عنها صراحة في ديباجة مسطرة الإنقاذ وكذا في مخطط التفويت، وهو عيب ربما سقط فيه المشرع المغربي، إذ الأحرى كان عليه أن يعلن عنها في أول مادة تنظم المساطر كما فعل نظيره الفرنسي..
[2]- محمد الزياني، المشاركة الغائبة للدائنين في مسطرة الإنقاذ، مقال منشور على الموقع الالكتروني marocdroit .
[3]- باستثناء مسطرة الإنقاذ التي تعتبر مسطرة هجينة، تجمع بين صفات الوقاية وصفات المعالجة، اذ تبدأ اختيارية وتنتهي اجبارية من حيث آثار الحكم الفاتح لها.
[4]- ومن باب الأمانة العلمية،  لابد من الاعتراف أن أول من أدخل هذه المصطلحات إلى ميدان المساطر الجماعية هو أستاذنا عبد الرحيم شميعة، شرح أحكام نظام مساطر معالجة صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17، دذط، مطبعة مكتبة سجلماسة، سنة 2018.
[5]- عبد الرحيم شميعة، شرح أحكام نظام مساطر معالجة صعوبات المقاولة، م س، ص 127.
[6]-(M) AZIZ, l’intervention de l’état en matière de crédite et de banque au Maroc, thèse cassa,  1980 , p 20 . 
[7]- قصدنا بهذه المعادلة، أن الجهة التي يرجع إليها قبول الطلب من عدمه، سيما المقدم من قبل الدائن، تملك هي نفسها هذا الحق، إذ أن مسألة التوقف عن الدفع في نظام المساطر الجماعية، أصبحت تقترب إلى الدعوى العمومية منها إلى الدعوى المدنية.
[8]- وهذا لا يعني البتة إطلاق الحبل علىالغارب وقبول طلب فتح المسطرة كلما تقدم إليها الدائن بذلك، إذا ما أخذنا في نفس الوقت الآثار المترتبة عن الحكم بفتح المسطرة، خاصة التشهير "بإفلاس" المقاولة وما له من نتائج وخيمة على سمعتها في السوق... لكن من جهة أخرى ليس التشدد لحد المنع بدريعة الإعتبار السابق كما يحص الآن !!
[9]- يراجع في هذا الشأن. عبد الحميد أخريف، الدور القضائي الجديد في القانون المغربي لمعالجة صعوبات المقاولة، أطروحة الدولة، جامعة محمد الأول وجدة، 2002-2003 ، ص 13. 
-عبد الرحيم السلماني، دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة، أطروحة لنيل الدكتورة في الحقوق، كلية الحقوق الرباط أكدال، 2004ـ2005، ص  28.
[10]- يمكن للمحكمة اتخاذ اللازم، إما عن طريق رئيسها وذلك من خلال السلطات والصلاحيات المخولة له في مسطرة الوقاية الخارجية ، وذلك باستدعاء رئيس المقاولة الي مكتبه وطلب منه شروحات حول وضعية المقاولة، حول ما إذا كانت تعاني فعلا من صعوبات من شأنها أن تؤدي بها إلي التوقف عن الدفع، وذلك باقتراحه عليه اللجوء اما لمسطرة الوكيل الخاص او مسطرة المصالحة، حسب سلطته التقديرية، واما عن طريق قضاء الموضوع ، وذلك بفتح مساطر المعالجة تلقائيا في حالة ثبوت  لديها التوقف عن الدفع .
[11]- وهي امكانية كانت مخولة لها حثي في نظام الافلاس الملغي لسنة 1913 مع فارق بسيط، يتمثل في أن المحكمة التي كانت معنية في هذا النظام الأخير هي المحكمة الابتدائية، في حين أصبح الأمر يتعلق بالمحكمة التجارية وذلك بعد إحداثها  بموجب القانون رقم 53.95 المومأ إليه.
[12]- ينص الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية علي أنه: " يتعين علي القاضي أن يبث في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات ويبت دائما طبقا للقوانين المطبقة علي النازلة..."
[13]- مقارنة بالقانون الفرنسي الذي ألغي هذه الامكانية لمخالفتا للدستور بموجب أمر رئاسي رقم 1088-2014 بتاريخ 26 شتنبر 2014.
[14]- عبد الرحيم شميعة، م س، ص 30.
[15]- من الصعب على المحكمة ،التدخل التلقائي لفتح مسطرة المعالجة دون مساهمات من جهات أخري خارجة عن المحكمة تخبرها بتوقف مقاولة معينة عن الدفع، خاصة أمام ضغط الملفات وقلة عدد القضاة لدى المحاكم التجارية، عبد الرحيم شميعة،م س، ص 39،راجع أيضا فاتحة مشماشي، أزمة معالجة صعوبات المقاولة، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس-أكدال الرباط ، السنة الجامعية 2006-2007، ص153 وما بعدها.
[16]- أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثاني، في مساطر المعالجة، حكم فتح مسطرة المعالجة، والتسوية القضائية، ط1 ، مط المعارف الجديدة- الرباط، 2000، ص 185.
[17]- المادة 7 فقرة 1 من مرسوم 27 دجنبر 1985 الفرنسي.
[18]-  تنص الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون 53.95 "...كما تطبق أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك".
[19]- جواد أمهمول، المسطرة المدنية ،الدعوى وإجراءاتها، الطلبات والدفوع، طرق الطعن، التنفيذ الجبري، الطبعة الأولي، مطبعة النجاح الجديدة الدار بيضاء، 2018، ص 49.
[20]- على اعتبار أن الاختصاص النوعي في قضايا صعوبات المقاولة من النظام، يجوز إثارته في أي مرحلة من مراحل التقاضي وتلقائيا من طرف المحكمة. راجع عبد رحيم شميعة، م س،  ص  123. محمد كرام، م س، ص 70 .
[21]- تنص المادة 13  من قانون 53.95 علي أنه: " ترفع الدعوى امام المحكمة التجارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، مع مراعاة الفقرة الثانية من المادة 31 من الظهير الشريف رقم 1.08.101 المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة..."
[22]- ذلك ان اكتساب الشركة للشخصية المعنوية، يصبح من حقها التقاضي، إذ لها أن ترفع الدعوى علي الغير، ويمكن للغير أن يوجه الدعوى ضدها في شخص مديرها أو رئيس مجلس ادارتها القانوني.
رابع في هذا لإطار : عبد الرحيم شميعة، الشركات التجارية في ضوء أخر التعديلات القانونية، الطبعة الأولى، مطبعة سجلماسة، سنة 2017، ص 56. - فؤاد معلال، شرح القانون التجاري الجديد، الجزء الثاني، الشركات التجارية، الطبعة الرابعة، مطبعة الأمنية- الرباط، 2012، ص 61.
[23]- عبد الحميد أخريف، محاضرات في قانون المسطرة المدنية، موجهة لطلبة السداسية السادسة، كلية الحقو، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس  السنة لجامعية 2011 2012، ص 7.
[24] - حكم رقم 85/2010 بتاريخ 05/04/2010، ملف رقم 74\21\2010 (غير منشور ).
[25] - امحمد الفروجي، التوقف عن الدفع، سلسلة دراسات قانونية معمقة، العدد الأول، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ص 95.
[26]- يعرف التنازل بكونه إعلان رغبة المتقاضي في التخلي عن متابعه كل أو بعض إجراءات الدعوى التي سبق أن رفعها للقضاء، بصفة أصلية أو عارضة، ويترتب عليه فقط محو الترافع أمام القضاء بالنسبة للطلبات التي شملها التنازل، عبد الحميد أخريف، محاضرات في قانون المسطرة المدنية، م س، ص 4.
[27]- ينص الفصل 121 من قانون المسطرة المدنية علي أنه: " يسجل القاضي على الأطراف اتفاقهم على التنازل..".
[28]- امحمد الفروجي، التوقف عن الدفع، م س، ص 95.
[29]- قرار محكمة النقض عدد 1327 بتاريخ 23/10/2002، في الملف المضمومين رقم 304/01 و 201/02، مجلة القضاء والقانون، عدد 149، السنة الواحد والثلاثون، ص149.
[30]- قرار محكمة النقض المصرية بتاريخ 20/01/2000 في الطعن رقم 7886 سنة قضائية المنشور علي الموقع الالكتروني لهذه المحكمة عبر الرابط التالي:www.cc.gov.eg                                
أنظر أيضا قرار محكمة النقض المصرية بتاريخ 23/12/2012 في الطعن رقم 9740 سنة 75 القضائية منشور علي الرابط أعلاه.
[31]- أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات...، الجزء الثاني، م س، ص 186 و 187.
[32]- امحمد الفروجي، صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها، سلسلة الدراسات القانونية 4، سنة 2000. ، ص 139.
[33]- لحسن زهران، التصفية القضائية للمقاولة وفق التشريع والقضاء، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق الدار البيضاء عين الشق، 20004-2005، ص 107.
[34]- زكرياء العماري، التسوية الودية كألية  للوقاية من صعوبات المقاولة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة قانون الاعمال والمقاولات، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس السويسي الرباط، السنة الجامعية 2007/2008.، ص 263.
[35]- امحمد الفروجي، التوقف عن الدفع، م س، ص 94.
[36]- (Y) GUYON, droit des affaire, T.2. Entrepris en difficulté- redressement judicaires, économico- 5 émeEdition,p 139.
[37]- أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات...، م س، ص 291 .
[38]- امحمد الفروجي، التوقف عن الدفع، م س، ص 92.
[39] -(M) jeatin, paiement in droit des faillites et restructuration du capital œuvre collectif coller tique du droit, 7 P.U.J Grenoble, 1982, P 49. 
[40]- فاتحة مشماشي، أزمة معالجة صعوبات المقاولة، م س، ص 150.
[41]- فاتحة مشماشي، أزمة معالجة صعوبات المقاولة، م س، ص 152.
[42]- أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات...، الجزء الثاني، م س، ص 168.
[43]- حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 104/2010، بتاريخ 19/04/2010، ملف رقم 221/20/2009، (غير منشور).
[44]- حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء رقم 73 بتاريخ 17/05/2018، ملف رقم 38/8301/2018 (غير منشور).
[45]- من ذلك مثلا: حكم المحكمة التجارية بمكناس رقم 25،  بتاريخ27/07/2017، في الملف رقم 18/8301/2017.(غير منشور).
- حكم المحكمة التجارية بمكناس رقم  06، بتاريخ04/12/2016، في الملف رقم 27/8301/2015. (غير منشور).
- حكم المحكمة التجارية بمكناس رقم 26، بتاريخ 27/07/2017، في الملف رقم 19/8301/2017.(غير منشور).
[46]- حكم المحكمة التجارية بمكناس رقم 12، بتاريخ 26/04/2018، في الملف عدد 03/8303/2018.(غير منشور).
[47]-حكم محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 2667/2001، المؤرخ في 21/12/2001، ملف عدد 2204/2001/11، منشور بمجلة سلسلة دراسات قانونية معمقة العدد الأول، 2005، ص 160.
[48]- امحمد الفروجي، التوقف عن الدفع، م س، ص 62.
[49]-cour de cassation française , arrêt commercial, 9 janv.1996, J.C.P , Edition entreprise, p 306.  
[50]- ولما لا إنذار رئيس المحكمة بوجود صعوبات تعاني منها لمقاولة، للعمل علي استدعاء رئيس المقاولة واقتراحه عليه فتح مسطرة  الوكيل الخاص أو المصالحة، وذلك في إطار الصلاحيات التي تخولها له مقتضيات مسطرة الوقاية الخارجية، وبذلك يكون الدائن عبارة عن جهاز للإخبار والإنذار بفتح مسطرة الوقائية الخارجية، وذلك بطريقة غير مباشرة لأنه  لا يمكنه طلب فتح المسطرة كما تقدم .



السبت 28 مارس 2020
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter