إن المتحدث عن السياسة الحقوقية بالمغرب، لابد من التطرق إلى عموميتها و شموليتها على جميع الأصعدة، وكما انه يجب التطرق إلى الحديث عن نشأتها، بحيث عرفت السياسة الحقوقية بالمغرب حركية كانت نتاجا لمختلف السياقات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية التي مر بها المغرب، و ذلك من دون إهمال تأثير السياق الدولي، بحيث نجد على أن المغرب تفاعل مع النظام ألأممي لحقوق الإنسان، وفي هذا الإطار وجب الحديث عن تحمل المسؤولية للفاعلين السياسيين فيما يخص محاولة هجرة العشرات من المغاربة في اتجاه الضفة الأخرى، التي يطلق عليها البعض: جنة الله في أرضه، إنها أوربا التي تعطي لكل ذي حق حقه.
و من هذا المنطلق فانه يستوجب علينا الوقوف مليا على هاته الأحداث الأخيرة التي فر ما يفوق تقريبا 200 شاب و شابة صغارا و كبارا ، أطفالا و قاصرين و نساء و شباب باتجاه مدينة سبتة التي تديرها و تسيرها اسبانيا، و قد شاهد العالم اجمع صور و فيديوهات كيف تعاملت القوات المساعدة العمومية المغربية مع الشباب الذين تم إلقاء القبض عليهم من سوء معاملة و تعذيب مشين، قد يضرب في صورة دولة تعتزم تنظيم كأس العالم لسنة 2030، و التي تريد أن تحسن صورتها في هذا الحدث الكوري الدولي و الذي بسببه تم فرض مجموعة من الضرائب على المواطنين، بحيث يجب تدريبه القوات المساعدة و السلطات على حسن المعاملة مع هاته الحالات بطرق إنسانية حضارية، لأنه كل شيء أصبح موثق في مواقع التواصل الاجتماعي بالصوت و الصورة، و من حالفه الحظ من الشباب المقهور في الولوج إلى الضفة الأخرى، لم يجد إكليل من الورود ولا فنجان قهوة، بل صادفته قوات كبيرة من الحرس المدني الاسباني بالعصي و القنابل المسيلة للدموع و الترهيب. فأين إذا المفر.
كان و لازال على الفاعلين السياسيين بالمغرب، أن يعتمدوا على سياسة حقوقية حقيقية تراعي احتياجات الشباب، و تعطيه الكرامة التي يطمح لها، ولن يبدل وطنه بأي مكان أخر في العالم. لكن ما يظهر للجميع على أن الفاعلين السياسيين في كل واد يهيمون، وليس في عاشر اهتماماتهم هموم الشعب المغلوب على أمره، فهل سينتظر الشباب تغيرات مناخية لكي يقتنص الفرصة للهروب إلى اسبانيا أو ينتظر دعوات للهجرة الجماعية في مواقع التواصل الاجتماعي و التي أعطت فاعلية واقعية في ظرف وجيز، بحيث كان تاريخ الأحد 15 شتنبر 2024 نقطة محورية لمجموعة كبيرة من الشباب، الذين التحقوا من أغلب المدن المغربية لمدينة الفنيدق للهروب من جحيم الفقر إلى اسبانيا هربا من الأسعار الملتهبة و ذلك لإيجاد لقمة العيش بالكرامة، و ما شجع فتيل هذا الاحتقتان، هو انتشار صور و فيديوهات في هاته الأيام لرجال السلطة يقومون بدهس و إتلاف عربات شباب يبيع الخضر و الفواكه بالشارع العام من دون رحمة ولا حفظ لهاته المواد التي قامت بدهسها بالشراع العام آليات و جرافات كبيرة. من دون توفير حلول بديلة لهم. وذلك من خلال إنشاء أسواق القرب بكل حي و إعطائهم الأولية بالعمل في هاته الأسواق. من دون زبونية و محسوبية كما هو معتاد في ارض الواقع.
هذا الشباب الذي غامر بنفسه، لم يقم بذلك بمحض الصدفة، أو من فراغ، بل انطلاقا من عيشه لواقع مرير، أثقل كاهله من جميع الاتجاهات، فأينما حل و ارتحل ، يجد أمامه عراقيل بيروقراطية كثيرة، لعل أخرها كثرة البرامج التي تهم دعم الشباب و التي لم يرى منها لشباب إلى صور في مواقع التواصل الاجتماعي، على عكس الواقع ، عند الذهاب إلى الابناك من اجل الحصول على القروض من اجل إنشاء مشاريع ناجحة، يجدون عراقيل لا تعد و لا تحصى. و عندما يبادرون بالقيام ببيع بعض السلع بالشارع العام لأنهم ليس لديهم القدرة على الكراء الشهري، تتم محاربتهم من طرف السلطات الوصية.
"فالمغرب اعتبر السياسة الحقوقية جزءا من السياسات العمومية، على اعتبار أنها فعل الدولة في مجال حقوق الإنسان، حيث اتخذت الدولة مجموعة من القوانين و الإجراءات التي تهم هذا المجال، و أنشأت مجموعة من الأجهزة الرسمية لتنقص بذلك دور المجتمع المدني و فعاليته في الدفاع عن هذه الحقوق. فحقوق الإنسان سياسة عمومية تدخل في برنامج الحكومة مثل السياسة الصحية و التعليمية و الاقتصادية و الإدراية..."[1]
و عليه فان الدولة المغربية أخذت على عاتقها الاهتمام بمجال حقوق الإنسان و تطبيقه بالاعتماد على الاتفاقيات و البروتوكولات الدولية التي وقع عليها المغرب، بحيث يعتبر المغرب السياسية الحقوقية جزءا من السياسات العمومية، و بالتالي فانه يتوجب على الحكومات المتعاقبة على دواليب السلطة و الحكم عدم التنصل من المسؤولية الملقاة على عاتقهم. بحيث أن السياسية الحقوقية تدخل في إطار برامج الحكومة في جميع القطاعات مثل السياسية الصحية و التعليمية و الاقتصادية و الإدارية إلى غير ذلك.
"فحقوق الإنسان تستمد إلزاميتها من القانون الدولي عن طريق المعاهدات و الاتفاقيات الدولية و الإقليمية، إن تبادل التأثير بين رسم السياسات الداخلية للدول و ممارسة سياستها الخارجية أصبح يفرض نفسه من خلال مقولة المبادئ المتعارف عليها عالميا، حيث قبلت غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الالتزام بتكييف سياستها الحقوقية وفقا لمعايير حقوق الإنسان المتفق عليها دوليا".[2]
فإذا كان الشباب الذي غامر بنفسه بين أمواج البحر العاتية و الحيتان الكبرى التي تلتهم الكبير و الصغير، وجد ملاذ آمنا في وطنه و مستقرا في سربه لديه قوته يومه، فانه من سابع المستحيلات أن يغامر بنفسه، و في ما يخص الشيء بالشيء يذكر، فانه قد توفى شابين غرقا في حملة الهجرة الجماعية الاخيرة. فكيف سيعيش أهلهم بقية حياتهم من هول هاته الصدمة؟ و كيف ستكون نظرتهم للحكومة التي تسير الوضع الحالي؟ وكيف و كيف و كيف؟
فهذا الوضع الحالي، لا يبشر بالخير، و يجب إصلاحه قبل فوات الوقت، المغرب يشهد دينامية و حركية على جميع الأصعدة، و يجب أن تكون منتظمة و مدروسة، و عدم التسرع بالبرامج الاستعجالية التي في اغلبها لم تأتي أكلها، لأنها لم تكن دراسة عن بعد نظر و تبصر، و إنما حلول ترقيعية مؤقتة، تعتبر كدواء مهدء وليس علاج نهائي.
"فالمشهد السياسي المغربي عرف مجموعة من التوترات، كان وراءها مجموعة من العوامل لعل أبرزها تنامي ثقافة الاحتجاج و الخروج للشارع التي افرزها الوضع السيوسيو- اقتصادي من جهة، بالإضافة إلى تأثير الربيع العربي و الحراك الشعبي من جهة أخرى." [3]
فمن اجل ضبط الأمور و الحفاظ على الاستقرار، فانه من الضروري و المؤكد العمل ليل نهار، من أجل تحسين الوضعية الاجتماعية لكافة المواطنين و إيجاد حلول حقيقية لمشكل الارتفاع الصاروخي في الأثمان في جميع المنتوجات و الخدمات. فالشعب المغربي في هاته الأثناء عبارة عن بركان خامد، قد ينفجر في أي لحظة.
"و على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في مسار تنزيل مقتضيات الجهوية المتقدمة على المستويات التشريعية و القانونية و المؤسساتية، إلا انه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله لبلوغ الغاية المرجوة من هذا الورش الوطني الاستراتيجي، و المتمثلة في تعزيز التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية و تحقيق الحاكمة الترابية، من خلال تحلي الفاعلين السياسيين المركزيين و الترابيين بالإرادة الحقيقة لتفعيل هذا الورش الطموح".[4]
و من اجل تجاوز الوضع الحالي، يجب تبني مقاربة تشاركية بين جميع الفاعلين السياسيين و الاقتصاديين ، "و إذا كانت الديمورقراطية التشاركية، التي تهدف تنمية انخراط المواطنين في الحياة العامة و اتخاذ القرار، منطلقا أساسيا في دستور 2011، فإن الهدف هو وضع هندسة جديدة للسلطة يتعدد فيها الفاعلون في صنع السياسيات العمومية بعيدا عن احتكار الدولة كفاعل وحيد. فالاعتماد على مقاربة تشاركية من ِشأنه التخفيف من اختلالات الديمقراطية التمثيلية و ذلك بإشراك فعاليات المجتمع المدني".[5]
كما انه على الفاعلين السياسيين إشراك المجتمع المدني في ما يخص الاقتراحات، و لعل الدول الأوربية التي تستمد منها أغلب الدول بالقارة الإفريقية تجاربهم الناجحة، نجدهم يعطون مكانة كبيرة لفعاليات المجتمع المدني. و المغرب يسير في هذا الاتجاه، لكن ليس بالسرعة المطلوبة.
"و قد جسدت مشاركة المجتمع المدني في إعداد الوثيقة الدستورية مظهرا من مظاهر فاعليته في الحقل السياسي، ليس بالنظر لأهمية الوثيقة الدستورية داخل أي نظام سياسي فقط بل بحكم أن هذا الإصلاح خول للمجتمع المدني فرصة أخرى لرسم تصوراته عن المسألة الدستورية، و السياسية، و الاجتماعية، و الحقوقية .... أي رسم مجمل التصور عن محددات النظام السياسي". [6]
فأحداث الفنيدق، يجب أن لا تمر مرور الكرام، بحيث يجب دراستها من جميع النواحي، و يجب على المنظمات الحقوقية أن تعطي مقترحاتها و أرائها و أن لا تقف موقف المواطن العادي المتفرج في مجريات الأمور، "فالمنظمات الحقوقية تلعب دورا كبيرا في حماية و تعزيز حقوق الإنسان و ذلك لمطالبها المتكررة من أجل إقرار مؤسسات ديمقراطية يتمتع في ظلها المواطن بحقوقه و حرياته، فمتى كان هناك انتهاكات لحقوق الإنسان تجد المنظمات الحقوقية تكشفها، تندد بها و تدعوا إلى حمايتها. و قد كان لعجز المؤسسات التقليدية عن ضمان حماية كافية لحقوق الإنسان دوره في بروز هذه التنظيمات للتصدي لأشكال محددة من المخاطر تهدد المجتمعات البشرية".[7]
و من هذا المنطلق فانه يستوجب علينا الوقوف مليا على هاته الأحداث الأخيرة التي فر ما يفوق تقريبا 200 شاب و شابة صغارا و كبارا ، أطفالا و قاصرين و نساء و شباب باتجاه مدينة سبتة التي تديرها و تسيرها اسبانيا، و قد شاهد العالم اجمع صور و فيديوهات كيف تعاملت القوات المساعدة العمومية المغربية مع الشباب الذين تم إلقاء القبض عليهم من سوء معاملة و تعذيب مشين، قد يضرب في صورة دولة تعتزم تنظيم كأس العالم لسنة 2030، و التي تريد أن تحسن صورتها في هذا الحدث الكوري الدولي و الذي بسببه تم فرض مجموعة من الضرائب على المواطنين، بحيث يجب تدريبه القوات المساعدة و السلطات على حسن المعاملة مع هاته الحالات بطرق إنسانية حضارية، لأنه كل شيء أصبح موثق في مواقع التواصل الاجتماعي بالصوت و الصورة، و من حالفه الحظ من الشباب المقهور في الولوج إلى الضفة الأخرى، لم يجد إكليل من الورود ولا فنجان قهوة، بل صادفته قوات كبيرة من الحرس المدني الاسباني بالعصي و القنابل المسيلة للدموع و الترهيب. فأين إذا المفر.
كان و لازال على الفاعلين السياسيين بالمغرب، أن يعتمدوا على سياسة حقوقية حقيقية تراعي احتياجات الشباب، و تعطيه الكرامة التي يطمح لها، ولن يبدل وطنه بأي مكان أخر في العالم. لكن ما يظهر للجميع على أن الفاعلين السياسيين في كل واد يهيمون، وليس في عاشر اهتماماتهم هموم الشعب المغلوب على أمره، فهل سينتظر الشباب تغيرات مناخية لكي يقتنص الفرصة للهروب إلى اسبانيا أو ينتظر دعوات للهجرة الجماعية في مواقع التواصل الاجتماعي و التي أعطت فاعلية واقعية في ظرف وجيز، بحيث كان تاريخ الأحد 15 شتنبر 2024 نقطة محورية لمجموعة كبيرة من الشباب، الذين التحقوا من أغلب المدن المغربية لمدينة الفنيدق للهروب من جحيم الفقر إلى اسبانيا هربا من الأسعار الملتهبة و ذلك لإيجاد لقمة العيش بالكرامة، و ما شجع فتيل هذا الاحتقتان، هو انتشار صور و فيديوهات في هاته الأيام لرجال السلطة يقومون بدهس و إتلاف عربات شباب يبيع الخضر و الفواكه بالشارع العام من دون رحمة ولا حفظ لهاته المواد التي قامت بدهسها بالشراع العام آليات و جرافات كبيرة. من دون توفير حلول بديلة لهم. وذلك من خلال إنشاء أسواق القرب بكل حي و إعطائهم الأولية بالعمل في هاته الأسواق. من دون زبونية و محسوبية كما هو معتاد في ارض الواقع.
هذا الشباب الذي غامر بنفسه، لم يقم بذلك بمحض الصدفة، أو من فراغ، بل انطلاقا من عيشه لواقع مرير، أثقل كاهله من جميع الاتجاهات، فأينما حل و ارتحل ، يجد أمامه عراقيل بيروقراطية كثيرة، لعل أخرها كثرة البرامج التي تهم دعم الشباب و التي لم يرى منها لشباب إلى صور في مواقع التواصل الاجتماعي، على عكس الواقع ، عند الذهاب إلى الابناك من اجل الحصول على القروض من اجل إنشاء مشاريع ناجحة، يجدون عراقيل لا تعد و لا تحصى. و عندما يبادرون بالقيام ببيع بعض السلع بالشارع العام لأنهم ليس لديهم القدرة على الكراء الشهري، تتم محاربتهم من طرف السلطات الوصية.
"فالمغرب اعتبر السياسة الحقوقية جزءا من السياسات العمومية، على اعتبار أنها فعل الدولة في مجال حقوق الإنسان، حيث اتخذت الدولة مجموعة من القوانين و الإجراءات التي تهم هذا المجال، و أنشأت مجموعة من الأجهزة الرسمية لتنقص بذلك دور المجتمع المدني و فعاليته في الدفاع عن هذه الحقوق. فحقوق الإنسان سياسة عمومية تدخل في برنامج الحكومة مثل السياسة الصحية و التعليمية و الاقتصادية و الإدراية..."[1]
و عليه فان الدولة المغربية أخذت على عاتقها الاهتمام بمجال حقوق الإنسان و تطبيقه بالاعتماد على الاتفاقيات و البروتوكولات الدولية التي وقع عليها المغرب، بحيث يعتبر المغرب السياسية الحقوقية جزءا من السياسات العمومية، و بالتالي فانه يتوجب على الحكومات المتعاقبة على دواليب السلطة و الحكم عدم التنصل من المسؤولية الملقاة على عاتقهم. بحيث أن السياسية الحقوقية تدخل في إطار برامج الحكومة في جميع القطاعات مثل السياسية الصحية و التعليمية و الاقتصادية و الإدارية إلى غير ذلك.
"فحقوق الإنسان تستمد إلزاميتها من القانون الدولي عن طريق المعاهدات و الاتفاقيات الدولية و الإقليمية، إن تبادل التأثير بين رسم السياسات الداخلية للدول و ممارسة سياستها الخارجية أصبح يفرض نفسه من خلال مقولة المبادئ المتعارف عليها عالميا، حيث قبلت غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الالتزام بتكييف سياستها الحقوقية وفقا لمعايير حقوق الإنسان المتفق عليها دوليا".[2]
فإذا كان الشباب الذي غامر بنفسه بين أمواج البحر العاتية و الحيتان الكبرى التي تلتهم الكبير و الصغير، وجد ملاذ آمنا في وطنه و مستقرا في سربه لديه قوته يومه، فانه من سابع المستحيلات أن يغامر بنفسه، و في ما يخص الشيء بالشيء يذكر، فانه قد توفى شابين غرقا في حملة الهجرة الجماعية الاخيرة. فكيف سيعيش أهلهم بقية حياتهم من هول هاته الصدمة؟ و كيف ستكون نظرتهم للحكومة التي تسير الوضع الحالي؟ وكيف و كيف و كيف؟
فهذا الوضع الحالي، لا يبشر بالخير، و يجب إصلاحه قبل فوات الوقت، المغرب يشهد دينامية و حركية على جميع الأصعدة، و يجب أن تكون منتظمة و مدروسة، و عدم التسرع بالبرامج الاستعجالية التي في اغلبها لم تأتي أكلها، لأنها لم تكن دراسة عن بعد نظر و تبصر، و إنما حلول ترقيعية مؤقتة، تعتبر كدواء مهدء وليس علاج نهائي.
"فالمشهد السياسي المغربي عرف مجموعة من التوترات، كان وراءها مجموعة من العوامل لعل أبرزها تنامي ثقافة الاحتجاج و الخروج للشارع التي افرزها الوضع السيوسيو- اقتصادي من جهة، بالإضافة إلى تأثير الربيع العربي و الحراك الشعبي من جهة أخرى." [3]
فمن اجل ضبط الأمور و الحفاظ على الاستقرار، فانه من الضروري و المؤكد العمل ليل نهار، من أجل تحسين الوضعية الاجتماعية لكافة المواطنين و إيجاد حلول حقيقية لمشكل الارتفاع الصاروخي في الأثمان في جميع المنتوجات و الخدمات. فالشعب المغربي في هاته الأثناء عبارة عن بركان خامد، قد ينفجر في أي لحظة.
"و على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في مسار تنزيل مقتضيات الجهوية المتقدمة على المستويات التشريعية و القانونية و المؤسساتية، إلا انه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي عمله لبلوغ الغاية المرجوة من هذا الورش الوطني الاستراتيجي، و المتمثلة في تعزيز التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية و تحقيق الحاكمة الترابية، من خلال تحلي الفاعلين السياسيين المركزيين و الترابيين بالإرادة الحقيقة لتفعيل هذا الورش الطموح".[4]
و من اجل تجاوز الوضع الحالي، يجب تبني مقاربة تشاركية بين جميع الفاعلين السياسيين و الاقتصاديين ، "و إذا كانت الديمورقراطية التشاركية، التي تهدف تنمية انخراط المواطنين في الحياة العامة و اتخاذ القرار، منطلقا أساسيا في دستور 2011، فإن الهدف هو وضع هندسة جديدة للسلطة يتعدد فيها الفاعلون في صنع السياسيات العمومية بعيدا عن احتكار الدولة كفاعل وحيد. فالاعتماد على مقاربة تشاركية من ِشأنه التخفيف من اختلالات الديمقراطية التمثيلية و ذلك بإشراك فعاليات المجتمع المدني".[5]
كما انه على الفاعلين السياسيين إشراك المجتمع المدني في ما يخص الاقتراحات، و لعل الدول الأوربية التي تستمد منها أغلب الدول بالقارة الإفريقية تجاربهم الناجحة، نجدهم يعطون مكانة كبيرة لفعاليات المجتمع المدني. و المغرب يسير في هذا الاتجاه، لكن ليس بالسرعة المطلوبة.
"و قد جسدت مشاركة المجتمع المدني في إعداد الوثيقة الدستورية مظهرا من مظاهر فاعليته في الحقل السياسي، ليس بالنظر لأهمية الوثيقة الدستورية داخل أي نظام سياسي فقط بل بحكم أن هذا الإصلاح خول للمجتمع المدني فرصة أخرى لرسم تصوراته عن المسألة الدستورية، و السياسية، و الاجتماعية، و الحقوقية .... أي رسم مجمل التصور عن محددات النظام السياسي". [6]
فأحداث الفنيدق، يجب أن لا تمر مرور الكرام، بحيث يجب دراستها من جميع النواحي، و يجب على المنظمات الحقوقية أن تعطي مقترحاتها و أرائها و أن لا تقف موقف المواطن العادي المتفرج في مجريات الأمور، "فالمنظمات الحقوقية تلعب دورا كبيرا في حماية و تعزيز حقوق الإنسان و ذلك لمطالبها المتكررة من أجل إقرار مؤسسات ديمقراطية يتمتع في ظلها المواطن بحقوقه و حرياته، فمتى كان هناك انتهاكات لحقوق الإنسان تجد المنظمات الحقوقية تكشفها، تندد بها و تدعوا إلى حمايتها. و قد كان لعجز المؤسسات التقليدية عن ضمان حماية كافية لحقوق الإنسان دوره في بروز هذه التنظيمات للتصدي لأشكال محددة من المخاطر تهدد المجتمعات البشرية".[7]
[1] د.خالد عفاش، السياسة الحقوقية بالمغرب بين الشكل و الواقع، 1990-1998 ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، اكدال – الرباط 1997- 1998، ص 45- 46 .
[2] د.عبد العزيز العروسي، ملائمة التشريع الوطني مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان – نموذج المغرب- ص 17
[3] د.ادريس لكرييني: ثورات الربيع العربي: مخاطر الانتقال السياسي و الاقتصادي، سلسلة المؤتمرات و الندوات، مطبعة الوراقة الوطنية، مراكش، العدد 43/2013، الطبعة الأولى، 2013، ص : 151.
[4] ذ. محمد بنطلحة الدكالي: قرارات جلالة الملك الشجاعة تضع المغرب في مصاف الدول المتحضرة، مقال منشور بجريدة LE 360 بالعربية، بتاريخ : الاربعاء 25 يوليوز 2024 .
[5] حسن طارق : "الربيع العربي و الدستورانية: قراءة في تجارب المغرب، تونس و مصر" ص 59.
[6] ذ. الشامي الأشهب يونس، "المجتمع المدني و إشكالية التنمية السياسية بالمغرب: حول المداخل السوسيوسياسية لفاعلية المجتمع المدني في تنمية الديمقراطية"، ص 669.
[7] ذ. المصطفى جعبوط، وضعية حقوق الإنسان من خلال تقارير وزارة الخارجية الأمريكية – دراسة مقارنة: 1999- 2009، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة محمد الخامس أكدال، الرباط، 2011، ص 33.