MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




الضمانات الدستورية لحرية الرأي والتعبير

     

مـونـة جـنـيـح
حاصلة على الدكتوراه في القانون الخاص
من كلية العلوم القانونية والاقتصادية
والاجتماعية جامعة عبد المالك السعدي بتطوان



الضمانات الدستورية لحرية الرأي والتعبير
 
مقدمة:

حظي موضوع حرية الرأي والتعبير باهتمام كبير من قبل القانون الدولي لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، إذ لا يخلو أي دستور من دساتير دول العالم من النص على حرية الرأي والتعبير التي ظلت ولازالت من المواضيع المهمة باعتبارها مصدر أساسي للعديد من الحريات، إذ تعد بمثابة العمود الفقري للحقوق اللصيقة بالشخص وأحد الدعائم الأساسية لبناء دولة الحق  القانون، لذلك اهتمت معظم الدول بدسترة ما يكفي من الضمانات الحقوقية والقانونية التي تكفل للأفراد التمتع بحق حرية الرأي والتعبير باعتبارها حجر الزاوية في كل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية[1].

وتعود جذور مفهوم حرية الرأي والتعبير[2] إلى الحركات الفلسفية والفكرية التي لم تأتي في غفلة من التاريخ[3] وإنما ترجع لأصول وأسس سابقة بنت عليها الحضارة الحديثة  مفاهيمها عن هذه الحرية، كما لا يمكن الحسم في تحديد لحظة محددة بدأت عندها الأصول الأولى لفكرة حرية الرأي والتعبير، حيث كفلت الأديان السماوية حرية الرأي والتعبير لكل الأفراد إلى جانب الثورات الكبرى التي شاهدتها الإنسانية، وهو ما تم إفراغه في الإعلانات والدساتير والاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان منذ أواخر القرن السابع عشر لإيجاد مبادئ حقوق الإنسان وإيصالها إلى النظم القانونية، وتحقيق أكبر ضمانة لها وإدخال هذه المبادئ في التنظيم الدستوري لتحديد القيم الأساسية للمجتمع والحقوق والحريات.

 ونظرا لطبيعة الضمانات الحقوقية التي يتضمنها الدستور كان من اللازم إعطاءه الصبغة السامية، باعتباره القانون الأسمى داخل الدولة ويعلو على غيره من القوانين.[4] وبما أن الدستور يقدم الضمانات العامة التي تكفل ممارسة الحريات العامة ثم يحيل إلى القانون في  كيفية ممارسة هذه الحريات التي من أبرزها حرية الرأي والتعبير، فإننا نجد  الدستور المغربي يضمن في فصله 25 على أن حرية الرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها[5]، وأن للمواطن الحق في ممارسة هذه الحريات في إطار مبادئ الدستور وأحكام القانون[6]، حيث تم وضع مجموعة من الضمانات التي تدعم إرساء هذه الحقوق والتمتع بها بكل حرية.

 لينتقل المغرب من خلال دساتيره من ما هو نظري إلى أهم المراحل ألا وهي مرحلة التنصيص وحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، وبذلك يشكل احترام معايير حقوق الإنسان حاجة وضرورة ملحة لضمان استقرار المجتمعات، وما حرية الرأي والتعبير إلا أحد المعايير الأساسية في إطار منظومة حقوق الإنسان، وبدون تمتع الإنسان بهذا الحق لن يتمكن من التمتع بأي من الحقوق الأخرى التي يتمتع بها. من خلال ما تقدم يمكن التساؤل هنا كيف استطاعت المواثيق الدولية ترسيخ حرية الرأي والتعبير وضمانة هذا الحق؟ وكيف يمكن التوفيق بين الضمانات الدستورية لحرية الرأي والتعبير وبين متطلبات بناء دولة الحقوق والحريات؟

وهو ما سنحاول الإجابة عليه من خلال التقسيم التالي:

المبحث الأول: المواثيق الدولية والدستورية لحرية الرأي والتعبير
المبحث الثاني: الضمانات الدستورية لحرية الرأي والتعبير في المغرب

المبحث الأول: المواثيق الدولية والدستورية لحرية الرأي والتعبير
 
تشكل حرية الرأي والتعبير أحد الأعمدة الأساسية للديمقراطية وجزءا أساسيا من دساتير الدول، وهو الحق الذي ألزمت جميع الدول بكفالته والنص عليه في الدساتير والقوانين المحلية، وأن يتمتع هذا الحق بضمانات حقيقية تجد لها صدى حقيقيا في النصوص القانونية والواقع المعاش. لذلك فقد تم إقرار مجموعة من الحقوق الأساسية من بينها حرية الرأي والتعبير في مجموعة من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تكتسي أهمية كبرى على المستوى الدولي أو على المستوى الإقليمي. وارتأينا تقسيم هذا المبحث لدراسة الضمانات الدولية لحرية الرأي والتعبير في المطلب الأول، والضمانات الإقليمية لحرية الرأي والتعبير في المطلب الثاني.

المطلب الأول: الضمانات الدولية لحرية الرأي والتعبير

نصت أغلب المعاهدات والمواثيق الدولية[7] على حرية الرأي والتعبير، حيث يضمن كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية[8]، الحق في ممارسة حرية التعبير والرأي وفقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. كما اعتمدت منظمة الأمم المتحدة على مجموعة من الاتفاقيات[9] لضمان حرية الرأي والتعبير ما أدى بها إلى إصدار إعلانات[10] وقرارات[11] خاصة بحرية الرأي والتعبير، وسنقتصر من خلال هذا المطلب إلى التطرق إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من أجل ضمان الحماية الكافية لحرية الأفراد في الرأي والتعبير.

أولا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من أهم مصادر حرية الرأي والتعبير ذلك أنه منطلق تكريس الحريات العامة على المستوى الدولي وخاصة منها حرية الرأي والتعبير، ومظاهر وصور تجسيدها بالنسبة للحريات الأخرى كحرية الإعلام والتظاهر وغيرها... وفي هذا الإطار نجد المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن لكل إنسان حرية الرأي والتعبير، حيث يشمل هذا الحق حرية اعتناق آراء وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالقيود واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها، ومن هذا المنطلق يتبين أن هذه المادة تتضمن مجموعة من الحقوق المتعلقة بهذه الحرية وهي:
ـ حرية تكوين آراء شخصية دون مضايقة من الغير،
ـ حق كل شخص في نقل الأخبار والأفكار التي استقاها إلى أشخاص آخرين بأي طريقة تناسبه سواء بالقول أو بالكتابة أو بوسائل الاتصال الحديثة مثل الإنترنت وغيره،
ـ حق كل إنسان في معرفة المعلومات واستعراضها سواء بشكل تعبيري مثل تحقيق صحفي أو كاريكاتير أو في قالب تمثيلي مثل مسرحية أو فيلم...
ـ حق كل شخص في الحصول على الأخبار والأفكار من مصادرها الشخصية،
ـ حق كل شخص في أن يكون له مصادر خاصة للمعلومات.
وبذلك فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد على حق كل شخص بالتمتع بحرية الرأي والتعبير والتفكير والتعليم وممارسة الشعائر الدينية، واعتناق الآراء دون مضايقة أو تدخل من أحد، والحصول على الأنباء والأفكار من مصادرها الشرعية وتلقيها ونقلها إلى الآخرين في كافة وسائل الإعلام دون اعتبار للحدود بين الدول[12].
كما تنص المادة 22 من هذا الإعلان على أن لكل شخص الحق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم[13].
 
ثانيا: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

 أقرت الأمم المتحدة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[14] سنة 1966 حيث بلغ عدد الدول التي وافقت على هذا العهد في تلك السنة 127 دولة[15]، ومن خلاله تلتزم المادة الثانية من العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية الدول الأعضاء بضمان وكفالة وكذا حماية الحقوق والحريات الواردة به، ولا يجوز للدولة أن تحتج بأن تشريعاتها الوطنية ودستورها يعفيها من التزاماتها الدولية التي ارتضتها بالانضمام طواعية إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، مؤدي ذلك أن تقوم الدولة بتعديل تشريعاتها الداخلية إذ لزم الأمر لتكون أكثر اتساقا مع كفالة كل الحقوق المنصوص عليها في العهد الدولي[16].
وباعتبـار المادة 19 مـن العهـد الدولـي الخـاص بالحقـوق المدنية والسياسـية المرجعية الأكثر تخصصـا فـي التطـرق لاحترام حريـة الـرأي والتعبيـر والقيـود الـواردة علـى التعبيـر، التـي تسـري علـى جميـع فئـات المجتمع، والتـي نصـت علـى أن:
1 ـ لـكل إنسـان حـق فـي اعتنـاق آراء دون مضايقـة.
2ـ لـكل إنسـان حـق فـي حريـة التعبيـر ويشـمل هـذا الحـق حريتـه فـي التمـاس مختلـف ضـروب المعلومات والأفكار وتلقيهـا ونقلهـا إلـى آخريـن دونمـا اعتبـار للحـدود، سـواء علـى شـكل مكتـوب أو مطبـوع أو فـي قالـب فنـي أو بأيـة وسـيلة أخـرى يختارهـا.
3ـ تسـتتبع ممارسـة الحقـوق المنصوص عليهـا فـي الفقـرة الثانية مـن هـذه المادة واجبـات ومسـؤوليات خاصة؛ وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شـريطة أن تكون محـددة بنـص القانـون وأن تكـون ضروريـة:"
  ـأـ لاحترام حقـوق الآخرين أو سـمعتهم.
ـ ب ـ  لحمايـة الأمن القومـي أو النظـام العـام أو الصحـة العامـة أو الآداب العامـة.
ويتضـح مـن نـص المادة 19 للعهـد المدني والسياسـي، وخاصـة الفقـرة الثالثة منـه أنهـا حـددت معاييـر القيـود الممكنة علـى حريـة التعبيـر وتحديـد شـروطها، لتشـكل مرجـع قيـاس مـدى قانونيـة أي قيد يفرض مـن قبـل الـدول الأطراف فـي هـذا العهـد، علـى حريـة التعبيـر[17].

المطب الثاني: الضمانات الإقليمية لحرية الرأي والتعبير

حرص المجتمع الدولي على ضمان وكفالة الحق في حرية الرأي والتعبير باعتبارها حق أساسي من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، مما يقتضي تكريسها وكفالتها في العديد من المواثيق والاتفاقيات الإقليمية[18]، نذكر منها:

أولا: اتفاقية حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية

أكدت الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان[19] على حماية حق كل إنسان في التعبير عن رأيه ومعتقداته وحقه في التعبير عن رأيه بالنشر وتلقي المعلومات والأفكار وإذاعتها وفقا لقيود معينة يحددها قانون كل دولة، وقد نصت المادة 10 منها على أن لكل شــخص الحق في حرية التعبير. ويشــمل هــذا الحق حرية الــرأي وحرية تلقــي أو نقل المعلومــات أو الأفكار مــن دون أن يحصل تدخل من السلطات العامة، ودونما اعتبار لحدود لا تحول هذه المادة دون إخضــاع الدول شــركات البث الإذاعي أو الســينما أو التلفزة لنظام التراخيص.
ويجــوز إخضاع ممارســة هــذه الحريات وما تشــمله مــن واجبات ومســؤوليات، لبعــض المعاملات أو الشــروط أو القيــود أو العقوبات المنصوص عليها في القانون واللازمة للحد من نطاق هذه الحرية[20]، والتي تشكل تدابير ضرورية في المجتمع الديمقراطي، للأمن الوطني أو ســلامة الأراضي أو السلامة العامة أو حمايــة النظام ومنع الجريمة، أو لحماية الصحــة أو الأخلاق، أو لحماية ســمعة الغيــر أو حقوقه أو لمنع الكشــف عن معلومات ســرية، أو لضمان سلطة القضاء ونزاهته.
وتتضمن الحريات واجبات ومسؤوليات فأثناء ممارستها لا يجوز التعدي على ممارسيها أو التعدي على الحدود المرسومة قانونا، لذا يجوز إخضاعها لشكليات إجرائية وشروط وقيود وعقوبات محددة في القانون، حسب ما تقتضيه الضرورة في مجتمع ديمقراطي، لصالح الأمن القومي وسالمة الأراضي وأمن الجماهير، وحفظ النظام ومنع الجريمة، وحماية الصحة والآداب، واحترام حقوق الآخرين ومنع إفشاء الأسرار أو تدعيم السلطة وحياد القضاء[21].
 
ثانيا: الميثاق العربي لحقوق الإنسان

يؤكد الميثاق العربي لحقوق الإنسان ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والشرعية الدولية لحقوق الإنسان وإعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام، ودخل الميثاق حيز التنفيذ في 15 مارس 2008[22]، وتضمنت المادة 24 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان  العربي على حق كل مواطن عربي في الرأي والتعبير، وتضمنت بعض الحقوق النابعة من ذلك الحق وهي: حرية المشاركة في إدارة الشؤون العامة إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون بحرية،حرية ترشيح نفسه أو اختيار من يمثله بطريقة حرة ونزيهة وعلى قدم المساواة بين جميع المواطنين، بحيث تضمن التعبير الحر عن إرادة المواطن، كما نصت المادة 30 على حرية الفكر والعقيدة، بينما تضمنت المادة 32 من هذا الميثاق النص على أنه:"يضمن هذا الميثاق على الحق في الإعلان وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية"، وهذا لا يختلف عن ما سبق ونص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
أوجبـت جميـع المواثيق الدوليـة الأساسية المذكورة أعـلاه الاحترام الكامـل لحريـة الـرأي واعتبرتهـا حـق لا يقبـل الخضـوع إلا باسـتثناء أو التقييـد إذ تحظـر مضايقـة أي شـخص بسـبب مـا يعتنـق مـن آراء أو بـذل أي جهـد مهمـا كان شـكله أو إكراه فـرد علـى اعتنـاق رأي أو عدمـه بـل وتشـمل حريـة الـرأي وجهيـن أحدهمـا إيجابـي وآخـر سـلبي، بحيـث يتـاح أمـا بالنسـبة لحريـة التعبيـر للفـرد الحـق فـي التعبيـر عـن رأيـه أو الامتناع عـن ذلـك أيضـا فنصـت بعـض المواثيـق الدوليـة المذكورة أعـلاه علـى إمكانيـة تقييـد هـذه الحريـة، علـى نحـو اسـتثنائي وضمـن شـروط واضحـة ومحـددة.

المبحث الثاني الضمانات الدستورية لحرية الرأي والتعبير في المغرب

إن حرية الرأي والتعبير من الحريات الأساسية التي يجب أن تراعى في دولة تحـترم حقـوق الإنسان ضـمانة أساسـية للديمقراطيـة وأحـد مظاهرهـا الرئيسية، لـذلك أقرتهـا الدسـاتير والتشـريعات الوطنيـة وكافـة الإعلانات الدولية والإقليمية لحقـوق الإنسان والاتفاقيات والمواثيق، إلا أن تقريـر حريـة الرأي والتعبـير والنص عليها في المواثيق والإعلانات أو في الدساتير يمكـن أن يبقـى مجرد حـبرا علـى ورق مـا لم تتـوفر الضـمانات الدستورية والقانونية الـتي تكفـل ممارسـة حق حريـة الرأي والتعبـير مـن الناحيـة الواقعيـة. وعليه سنتطرق إلى الإطار الدستوري لحرية الرأي والتعبير في المغرب من خلال المطلب الأول، والضمانات الدستورية لاحترام حرية الرأي والتعبير في المطلب الثاني.
 
المطلب الأول: الإطار الدستوري لحرية الرأي والتعبير 

يظل الدستور المغربي الإطار القانوني الأساسي الذي يقر دستوريا على أهمية الحريات الفردية والجماعية التي تهم المواطنين، بل وحتى قبل صدور أول دستور للمملكة تم الاعتراف بالحريات العامة في نصوص أساسية وإقرار الضمانات اللازمة لممارستها في المغرب [23]، لذلك حرصت الدساتير المغربية المتعاقبة على النص على مجموعة من الحقوق السياسية والقانونية والاجتماعية المستمدة مبادئها العامة من المبادئ الأساسية من حقوق الإنسان والدساتير الأجنبية التي لا تكاد تختلف في هذه المبادئ. فتظل المراحل التي قطعها التطور الديمقراطي منذ الاستقلال حتى صدور أول دستور مكتوب للبلاد[24] لسنة 1962 ما هي إلا مرحلة تبين مدى الكفاح من أجل الديمقراطية الذي قام بها الشعب المغربي والمؤسسات الوطنية[25]. ومنذ الاستقلال شهد المغرب خمسة دساتير: دستور سنة 1962 باعتباره القاعدة الأولى التي على أساسها سيأتي كل من دستور 1970 ودستور 1972، حيث أضافت إلى النصوص الدستورية بعض المقتضيات المتعلقة بالحريات العامة في صلب الدستور[26]. كما تضمنت الدساتير الثلاث الحريات العامة مع بعض الاستثناءات وتنوع الحقوق بين ما هو قانوني وسياسي وبين ما هو اجتماعي واقتصادي دون إغفال لواجبات المواطنين .
كما أتى دستوري 1992 ودستور 1996 بمراجعة  دستورية شاملة سمحت بإدماج قواعد ذات أصل اتفاقي في الدستور، مما جعل من المغرب يعلن انخراطه في الحركة الدولية القائمة على احترام حقوق الإنسان واستيعاب كافة الحقوق الدولية التي تراكمت عبر الأجيال، ورفعت التشريع الدولي إلى درجة دستورية أعلى من التشريع الداخلي، وبذلك أصبح المغرب ملزما بتطبيق الحقوق المنصوص عليها في الديباجة، وتطبيق الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان[27] التي صادق عليها؛ ومعنى هذا أن المعاهدات التي صادق عليها المغرب أصبحت جزءا من القانون الداخلي المغربي وهي بذلك تأتي في المرتبة الثانية بعد الدستور، وبالتالي وجوب اتخاذ إجراءات من أجل جعل القانون الوضعي المغربي يتلائم مع القانون الدولي لحقوق الإنسان .
وقد نصت هذه الدساتير[28] على حرية الرأي والتعبير من خلال الفصل 9 على أنه "يضمن الدستور لجميع المواطنين حرية التجول وحرية الاستقرار بجميع أرجاء المملكة؛ حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع؛ حرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم. ولا يمكن أن يوضع حد لممارسة هذه الحريات إلا بمقتضى القانون"، حيث تم النص صراحة على تكريس حرية الرأي والتعبير بجميع أشكالها في مختلف المجالات من طرف هذه الدساتير، إلا أنه يلاحظ ضعف الإطار القانوني للحريات التي لم ترقى كلها إلى المستوى الدستوري[29].
ولعل السنوات الماضية كانت كافية لوضع المغرب على خطه الصحيح الذي يريده كي يعمد إلى تطوير منظوره الديمقراطي وإعادة النظر في البناء الدستوري للدولة. فاستمر مسلسل الإصلاح إلى غاية دستور 2011 دستور الحقوق والحريات التي تصدرت ديباجته كجزء منه وانعكست على أغلبية فصوله، وقد ارتأت اللجنة الاستشارية المكلفة  بإعداد دستور 2011 تخصيص الباب الثاني من الدستور للحريات والحقوق الأساسية، وتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور وفي مقتضياته الأخرى. كما صادق المغرب على مجموعة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية[30] وجعلها في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها[31] حسب المادة 19 من الدستور. وبذلك فانه جعل فصوله تنص على مجموعة من الحقوق الإنسانية المتعارف عليها عالميا مع مراعاة طابعها الكوني وعدم قابليتها للتجزيء والنص على آليات حمايتها وضمان ممارستها.
وتأسيسا على هذه المبادئ والحقوق خصص دستور 2011 بدوره مجموعة من الحقوق من بينها المقتضيات ذات الصلة بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة من خلال الفصلين 25[32] و 28[33]، ولعل تحليل محتوى حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها يفترض في كل فرد أن يتمتع بممارسة هذا الحق وقدرته على تبني الآراء والأفكار التي يريدها دون أي ضغط أو إجبار إضافة إلى القدرة على التعبير عن هذه الآراء باسـتخدام مختلف الوسـائل والأساليب أو التقنيات الحديثة، دون التعدي على الغير أو المساس بحقوقه، لان ممارسة حرية الرأي والتعبير بشكل مطلق في ذاتها تجد عند تصريفها مقتضيات تجعل من تحديدها ضرورة يقتضيها الحفاظ على الحقوق والحريات نفسها، لكون ممارسة هذا الحق دون ضوابط من شأنه أن يخلق فوضى اجتماعية يغدو معها التصادم بين الحقوق الأساسية[34] والحريات، والحال أن جميع الحقوق هي حقوق أساسية بمعنى أنها ضرورية في تكاملها لتحقق الذات الإنسانية وضمان احترامها[35].
وبناء عليه فلا مناص من تحديد مجال حرية الرأي والتعبير مما يدفعنا إلى النظر في الفصل 25 من حيث نطاقه إلى تمييزه عن فصل آخر ضمن الدستور ألا وهو الفصل 28 الذي ينص على أن حرية الصحافة مضمونة، ولا يكمن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، أي أن المشرع الدستوري أضاف إلى هذا الضمان ضمانة إجرائية إضافية خاصة بهذه الحقوق تتمثل في أنه لا يمكن تقيد هذه الحرية برقابة قبلية، كما ضمن للجميع الحق في التعبير ونشر الأخبار والأفكار والآراء بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة ومعنى هذا أن حرية الصحافة مضمونة، لكن القانون يحدد قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية ومراقبتها[36].

المطلب الثاني: الضمانات الدستورية لاحترام حرية الرأي والتعبير

إن الممارسة الفعلية لحرية الرأي والتعبير تتطلب توفر ضمانات فعالة تسعى إلى تحقيق ديمقراطية تحترم مبادئ حقوق الإنسان وترسيخ دولة الحق والمؤسسات، ولعل الضمانات الدستورية لحماية حرية الرأي والتعبير تتمثل بالأساس في ضرورة وجود نظام حكم ديمقراطي يرتكز على المبادئ التالي:
مبدأ الفصل بين السلطات: ينص الفصل الأول من دستور 2011 [37] في فقرته الثانية على أنه "يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها، الديمقراطية المواطنة والتشاركية وعلى مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة"، والمقصود من فصل السلط عدم تجميع واحتكار السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية من طرف سلطة أو هيئة واحدة، والعكس من ذلك فالفصل يروم ممارسة كل سلطة لصلاحياتها الدستورية باستقلال عن السلطة الأخرى، هذه الاستقلالية ليست ضد مبدأ التعاون بين السلطات لخدمة المصالح العليا للدولة بقدر ما هي ضمانا لحرية الفرد وتجنبا للتعسف في استعمال السلطة.
مبدأ المشروعية أو سيادة القانون: يعتبر هذا المبدأ من أهم الضمانات التي أوجدت لحماية الحريات بما فيها حرية الرأي والتعبير، لان هذه الأخيرة مقترنة بدولة الحق والقانون، ولان عدم سيادة القانون هو سيادة الفوضى وقانون الغابة وتكون الحريات بمختلف أشكالها عرضة للاعتداء أو الانتهاك. ويقصد بالمشروعية أن تخضع الدولة بهيئاتها وأفرادها جميعهم لأحكام القانون وأن لا تخرج عن حدوده، ومن مقتضيات هذا المبدأ أن تحترم الإدارة في تصرفاتها أحكام القانون، وإلا عدت أعمالها غير مشروعة وتعرضت للبطلان. والأساس الذي يقوم عليه المبدأ مرهون باختلاف الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مختلف الدول؛ وغالبا ما تتفق الدول على أن هذا الخضوع هو الذي يمنح تصرفاتها طابع الشرعية ويضعها في مصاف الدول القانونية.
فالقانون في الدولة هو الذي يعلو ويسمو على كل شيء وجميع السلطات والهيئات ملزمة باحترام القانون وتدرجه وتخضع له وتحرص على تطبيقه؛ فالسلطة التنفيذية ينبغي أن تحترم القوانين الصادرة من السلطة التشريعية، وينبغي على هذه الأخيرة عند إصدارها للتشريعات أن تحترم الدستور بمعنى أن مبدأ تدرج القواعد القانونية يجب أن تحترمه كل السلطات وعليه فالقرارات الفردية يجب أن تصدر في حدود القرارات التنظيمية وعلى القرارات التنظيمية أن تحترم التشريعات وعلى التشريع أن يحترم الدستور[38].
مبدأ استقلالية السلطة القضائية : تم تأكيد على مبدأ استقلال السلطة القضائية في المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي نصت على أن "لكل شخص الحق المتساوي في أن تستمع محكمة مستقلة محايدة إلى دفاعه العلني الكامل في تحديد حقوقه والتزاماته"، ومعنى هذا أن استقلال السلطة القضائية[39] من المبادئ الأساسية في سير حسن العدالة وأن فصل السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية تطبيقا لمبدأ فصل السلط الذي يترتب عليه استقلال كل سلطة عن أخرى دون أن تؤثر إحداها عن بعضها البعض، بحيث لا يحق للسلطة التشريعية والتنفيذية أن تتدخل في عمل القاضي وليس للسلطة القضائية كذلك أي ارتباط أو تدخل في أشغال السلطتين التشريعية والتنفيذية[40].
كما نص الدستور المغربي في الفصل 107 على أن "السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن التنفيذية"، هذا القرار الدستوري يحتم الاحترام والوقار للسلطة القضائية من طرف السلطات العامة والأفراد ويتدخل القانون الجنائي لكي يوقع الجزاء على من يخالف هذا المبدأ[41] وهكذا فان السلطة القضائية هي المختصة بتفسير القانون وتكيفيه وتطبيقه على القضايا  المعروضة عليها ، فوجه المقارنة بينها وبين السلطة التنفيذية في هذا الصدد هو أن السلطة التنفيذية ملزمة بتنفيذ القانون من تلقاء نفسها بل إن هذا يدخل في صميم مهامها، أما القضاء فإنه لا يعمل إلا إذا طرحت عليه منازعة بين الخصوم[42] ، وبذلك فان دستور 2011 يحمل القاضي مسؤولية ضمان حقوق المواطنين والسهر على تمتعهم بحرياتهم من خلال التطبيق السليم للقانون، واعتماد ضمانات مؤسساتية من خلال تمتيع المؤسسة القضائية بالموارد الكافية على المستوى اللوجيستيكي والتقني والموارد البشرية الإدارية والقضائية.
الرقابة على دستورية القوانين: باعتبار الدستور أسمى القوانين ومصدر كل السلطات وأساس جميع الحقوق والحريات، فان الرقابة على دستورية القوانين تشكل أحد أهم الآليات التي لها الحق في تعديل كافة أشكال القصور في القوانين وتكفل ضمان احترام الدستور والقوانين من قبل مختلف السلطات ، وتعتبر من بين الضمانات الأساسية لحماية حرية الرأي والتعبير من كل اعتداء وانتهاك لان هذه الأخيرة مكفولة قانونا وبأحكام الدستور الذي يسعى إلى ضمان الحريات والحقوق وتحقيق العدل والمساواة من خلال الارتقاء بالمجلس الدستوري إلى مستوى محكمة دستورية مستقلة مشمولة باختصاصات وأدوار متعددة ومهمة لحماية الحقوق والحريات الأساسية وتجسيد متطلبات بناء دولة القانون.
 
خاتمة

لطالما نادت مختلف المواثيق الدولية بدءا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهديين الدوليين المرتبطين به وانتهاء بدساتير مختلف الدول بما فيها المغرب، بتكريس حرية الرأي والتعبير بكل أشكاله، إلا أن هذه الحرية ليست حرية مطلقة بل هي حرية نسبية من حيث تطبيقها على أرض الواقع ومن خلال الواقع المعاش، حيث تم ضبطها وتقييدها بمقتضى القانون بالرغم من تعدد الضمانات الممنوحة في هذا الإطار، إلا أنها تبقى قاصرة في مواجهة القيود المفروضة عليها، مما يستوجب تعزيز وتفعيل آليات دولية ووطنية جديدة تضمن الممارسة الحقيقة لحرية الرأي والتعبير في إطار حدود الضمانات الممنوحة وتوضيحها، والعمل على الارتقاء بمستوى ممارسة هذه الحرية حتى لا يتم انتهاك أو التعدي على حرية الغير.
 
 الهوامش
------------------------- 
[1] - تنص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن ''لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقييد بالحدود الجغرافيا''.
[2]ـ وردت عدة تعاريف لحرية الرأي والتعبير من بينها"أنها حق الفرد في فرض وتكوين رأيه والتعبير عن ما يعتقدونه أو يملكون من أفكار دون أن يكون تابعا لغيره وعدم التعدي أو المساس بالنظام العام وحقوق الآخرين وبالطريقة التي يراها مناسبة. أي أنها أنها إمكانيـة أو قـدرة الفرد عن التعبير عن فكره في أي أمر من الأمور بأي وسيلة ودونما اعتبار لحـدود".
كما أنها الوسيلة التي يعتمد عليها الفرد في تكوين رأيه وتجسيدها في قوالب من مختلف أشكال التعبير ويتم القيام بها دون الإساءة للآخرين، و أنها مرتبطة بالعديد من الفروع منها ما هو متصل بالإنسان كالحرية الشخصية وحرية الرأي، ومنها ما هو متصل بالاتصال مع الآخر، كحرية الاتصال وحرية الإعلام والصحافة.(انظر في ذلك صادق شعبان، الحقوق السياسية للإنسان في الدساتير العربية، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربيةـ،عدد 1987/106 ، ص 10.
-Dominique renou et Demis michel , Dictionnaire des termes politique,Paris de vecchi, 2006, p72).
[3] ـ لعب الفكر اليوناني القديم دورا كبيرا في التأسيس لنظرية كاملة للحرية وصياغتها بدقة، حيث لا زالت إلى وقتنا هذا سندا رئيسيا للنظريات الغربية الحديثة، ولا يستطيع أحد أن ينكر فضل فلاسفة اليونان القدامى كأفلاطون وأرسطو وبريكليس على الفكر السياسي والتنظيري في حكم الدولة، وان كانت اليونان القديمة قد اعترفت لمواطنيها الأحرار ببعض الحقوق والحريات، رغم أنها لم تكن على عامة الشعب خاصة حرية الرأي والتعبير، وكانت ممارستها تستقر على طائفة أقلية، وهكذا كانت الديمقراطية الاثنية ديمقراطية العشرين ألف سيد في مواجهة مائة ألف من العبيد الذين لم يكن لهم حقوق.
فيما تواصلت الأفكار الإصلاحية في أوروبا تلك الفترة من أجل التحرر من سلطة الكنيسة، وساهمت كتابات كبار المفكرين مثل: توماس هوبز، ميلتون، ديفيد هيوم، جون ستيوارت ميل، لوك، جان جاك روسو، فولتير، ومونتسكيو ..في بلورة الأساس الفكري للحقوق والحريات، والتي عجلت بالثورات التي قامت في بريطانيا وأمريكا وفرنسا وغيرها من دول أوروبا بين سنوات 1776 و1848، وظهرت تلك الأفكار جلية في وثيقة الحقوق الانجليزية عام1688 ، وإعلان الاستقلال الأمريكي1776 ، وإعلان حقوق الإنسان الفرنسي سنة 1789. (انظر في ذلك عصمت عدلي، المدخل إلى التشريعات الإعلامية والإعلام الأمني، دار المعرفة الجامعية القاهرة الطبعة الأولى سنة 2009 ، ص 44).
[4] ـ ادريس برهون، إشكالية دولة الحق والقانون في المغرب، طبعة سنة 2002، ص55.
[5] ـ الفصل 25 من الدستور المغربي: "حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها.
حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني مضمونة".
[6] - ولتقوية الدور الذي يضطلع به المغرب على الصعيد الدولي والتزامه بما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق جاء الدستور المغربي الجديد بمجموعة من الحقوق الأساسية للأفراد من خلال الباب الثاني من الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 المتعلق بالحريات والحقوق الأساسية، الفصول من 19 إلى 37، مع العلم أن الفصول الأخيرة من هذا الباب ونقصد هنا الفصول 38، 39،40/ تنص على واجبات المواطنين اتجاه الدولة.
- الفصول من 117 إلى 127، تحت عنوان حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة المنصوص عليها في الباب السابع من نفس الدستور.
[7]ـ تقر ديباجة ميثاق الأمم المتحدة على تجديد إيمان الشعوب بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء والأمم من حقوق متساوية كبيرها وصغيرها، وضرورة إتباع السبل التي من أجل تحقيق العدالة تحقيق العدالة  واحتراما لالتزامات الناشئة في المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي الأصلية منها والاحتياطية، كما حثت على الدفع بالرقي الاجتماعي والتقدم، وضرورة رفع من مستوى الحياة في جو من الحرية قد أكد الميثاق في مبادئه على تحقيق التعاون الدولي، والعمل على حل  المسائل الدولية التي تتعلق بالقضايا الاجتماعية والثقافية والإنسانية، وكذلك وجهت مقاصدها نحو تعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتوفير الحماية لهذه الحقوق والحريات شر ط حفظ السالم والأمن الدوليين. ديباجة ميثاق الأمم المتحدة 1945.
[8]ـ ألزمت هذه الاتفاقية وضع التزامات على الدولة لتمكين الأفراد في التعبير عن أرائهم وممارسة مختلف الأنشطة التي يريدونها، مع إقرار المساواة لهذه الحقوق بالنسبة للجميع وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، وه بذلك نص صريح على ممارسة حرية الرأي والتعبير. العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار  الجمعية العامة لألمم المتحدة 2200 ألف د-21 مؤرخ في 16 ديسمبر 1966.
[9]ـ اتفاقية حقوق الطفل سنة 1989: أقرت هذه الاتفاقية مجموعة من الحقوق التي يتمتع بها الطفل، حيث أقرت في المادة 13 على أنه: 1. يكون للطفل الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حرية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة، أو الفن، أو بأية وسيلة أخرى يختارها الطفل.
2. يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لبعض القيود، بشرط أن ينص القانون عليها وأن تكون لازمة لتأمين ما يلي:احترام حقوق الغير أو سمعتهم، وحماية الأمن الوطني أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الآداب العامة. اتفاقية مؤرخة في  20 فبراير 1989 دخلت حيز التنفيذ في 02 سبتمبر 1990 الموقع الرسمي لليونسيف https://www.unicef.org/ar تم الاطلاع عليها بتاريخ 14/11/2022 على الساعة 23:12.
ـ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 1965: اعتمدت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 كانون الأول/ديسمبر 1965 وبدأ نفاذها في 4 كانون الثاني/يناير 1969. وحتى تاريخ 21 نيسان/أبريل 2008 بلغ عدد الدول الأطراف في الاتفاقية 173 دولة طرفا. وقد أنشأت لجنة القضاء على التمييز العنصري بموجب المادة 8 من الاتفاقية للقيام برصد تنفيذ الاتفاقية، وتنص المادة 5 من هذه الاتفاقية على:
إيفاء للالتزامات الأساسية المقررة في المادة 2 من هذه الاتفاقية، تتعهد الدول الأطراف بحظر التمييز العنصري والقضاء عليه بكافة أشكاله، وبضمان حق كل إنسان، دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الاثني، في المساواة أمام القانون، لا سيما بصدد التمتع بالحقوق التالية:
أ) الحق في معاملة علي قدم المساواة أمام المحاكم وجميع الهيئات الأخرى التي تتولى إقامة العدل،
ب) الحق في الأمن علي شخصه وفي حماية الدولة له من أي عنف أو أذى بدني، يصدر سواء عن موظفين رسميين أو عن أية جماعة أو مؤسسة،
ج) الحقوق السياسية، ولا سيما حق الاشتراك في الانتخابات -اقتراعا وترشيحا- علي أساس الاقتراع العام المتساوي، والإسهام في الحكم وفي إدارة الشؤون العامة علي جميع المستويات، وتولي الوظائف العامة علي قدم المساواة،
د) الحقوق المدنية الأخرى، ولا سيما:
1 الحق في حرية الحركة والإقامة داخل حدود الدولة،
2 الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلي بلده،
3  الحق في الجنسية،
4 حق التزوج واختيار الزوج،
5 حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين،
6 حق الإرث،
7 الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين،
8  الحق في حرية الرأي والتعبير،
9 الحق في حرية الاجتماع السلمي وتكوين الجمعيات السلمية أو الانتماء إليها،
ـ اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقات: تنص المادة 21 من هذه الاتفاقية على حرية التعبير والرأي والحصول على معلومات، حيث تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة التي تكفل ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقهم في حرية التعبير والرأي، بما في ذلك الحق في طلب معلومات وأفكار، وتلقيها، والإفصاح عنها، على قدم المساواة مع الآخرين، وعن طريق جميع وسائل الاتصال التي يختارونها بأنفسهم، على النحو المعرّف في المادة 2 من هذه الاتفاقية، بما في ذلك ما يلي:
أ) تزويد الأشخاص ذوي الإعاقة بمعلومات موجهة لعامة الناس باستعمال الأشكال والتكنولوجيات السهلة المنال والملائمة لمختلف أنواع الإعاقة في الوقت المناسب وبدون تحميل الأشخاص ذوي الإعاقة تكلفة إضافية؛
ب) قبول وتيسير قيام الأشخاص ذوي الإعاقة في معاملتهم الرسمية باستعمال لغة الإشارة وطريقة برايل وطرق الاتصال المعززة البديلة وجميع وسائل وطرق وأشكال الاتصال الأخرى سهلة المنال التي يختارونها بأنفسهم؛
ج) حث الكيانات الخاصة التي تقدم خدمات إلى عامة الناس، بما في ذلك عن طريق شبكة الإنترنت، على تقديم معلومات وخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة بأشكال سهلة المنال والاستعمال؛
د) تشجيع وسائط الإعلام الجماهيري، بما في ذلك مقدمي المعلومات عن طريق شبكة الإنترنت، على جعل خدماتها في متناول الأشخاص ذوي الإعاقة؛
هـ) الاعتراف بلغات الإشارة وتشجيع استخدامها.
[10]ـ تعتبر من أهم الإعلانات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان: الإعلانات الإنجليزية والإعلانات الأمريكية والإعلانات الفرنسية.
[11] ـ إعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب.
ـ إعلان طهران 1968: وقد أنعقد في طهران في الفترة الممتدة من 22 نيسان/أبريل إلي 13 أيار/مايو 1968 لاستعراض التقدم الذي تم تحقيقه خلال الأعوام العشرين التي انقضت منذ اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولصياغة برنامج للمستقبل، وقد نظر في المشكلات المتصلة بالأنشطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتشجيع احترامها.
وتنص المادة 5 منه على أن الهدف الرئيسي للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان هو أن يتمتع كل إنسان بأقصى الحرية والكرامة. ومن أجل تحقيق هذا الهدف ينبغي لقوانين كل بلد أن تمنح كل فرد، بصرف النظر عن عنصره أو لغته أو دينه أو معتقده السياسي، حرية التعبير والإعلام والضمير والدين، وكذلك حق المشاركة في حياة بلده السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وأنه ينبغي للدول أن تجدد تأكيد تصميمها علي إنفاذ المبادئ المجسدة في ميثاق الأمم المتحدة وفي صكوك دولية أخري بصدد حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. حقوق الإنسان: مجموعة صكوك دولية، المجلد الأول، الأمم المتحدة، نيويورك، 1993، رقم المبيع A.94.XIV-Vol.1, Part 1، ص 69.
ـ إعلان ويندهوك الخاص بتعزيز صحافة افريقية مستقلة وقائمة على التعددية في ويندهوك بناميبيا، في الفترة من 29 / نيسان أبريل إلى 3/ أيار مـايو 1991، ١ -تمشياً مع روح المادة 19 من الإعلان العالمي لحقـوق الإنـسان، يـشكل إنـشاء صـحافة مستقلة وقائمة على التعددية وحرة وصونها وتمويلها، أمرا لا غنى عنه لتحقيـق وصـون الديمقراطية في أي دولة، ولتحقيق التنمية الاقتصادية؛
فيما نصت المادة 6 منه على أنه يجب تشجيع الدول الإفريقية على كفالة الضمانات الدستورية لحرية الصحافة وحريـة الاجتماع...الخ
مأخوذ عن الموقع الالكتروني https://www.un.org/ar/observances/press-freedom-day تم الاطلاع عليه بتاريخ 14/11/2022 على الساعة 00:30.
[12]ـ هنداوي حسام أحمد محمد، القانون الدولي وحماية الحريات الشخصية، دار النهضة العربية ـ مصر ـ طبعة 1992 ، ص 24.
[13]ـ ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق ليس في هذه المادة أي حكم يجيز للدول الأطراف في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعقودة عام 1948 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي اتخاذ تدابير تشريعية من شأنها، أو تطبيق القانون بطريقة من شأنها أن تخل بالضمانات المنصوص عليها في تلك الاتفاقية.
[14]ـ اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر 1966 تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49.
[15]ـ - عبد اهلل خليل، موسوعة تشريعات صحافة العربية وحرية التعبير، مركز القاهرة لدراسة حقوق الإنسان، القاهرة، 2000 ص 7 ـ 8.
[16]ـ محسن عوض، حرية الرأي والتعبير في مصر(القيم والالتزامات والممارسات) المنظمة العربية لحقوق الإنسان ـ مشروع تعزيز حرية الرأي والتعبير في المنطقة العربية، ص 8.
[17]ـ وبذلـك ألزمـت الفقـرة 3 حظـر فـرض أي قيـد علـى حريـة التعبيـر مـا لـم يكـن ضمـن ثلاث شـروط صارمـة، محـددة علـى وجـه الحصـر؛ وهـي شـرط المشروعية الـذي يقتضـي كـون القيـد محددا بنص القانون. وشـرط الضـرورة الـذي يسـتدعي فرضـه كفالـة احتـرام حقـوق الآخرين أو سـمعتهم أو حمايـة الأمن القومـي أو النظـام العـام أو الصحـة العامـة أو الآداب العامـة فـي مجتمـع ديمقراطي، بالإضافة إلـى شـرط التناسـب الـذي يجـب معـه ن تتماشـى التدابيـر التقييديـة المتبعـة مـع تحقيـق الحمايـة التـي فرضـت مـن أجلهـا، تكـون مفرطـة، ودون التوسـع بهـا علـى نحـو يعـرض جوهـر أي حـق مـن حقـوق الإنسان للخطـر، بـل وبأقـل الوسـائل تدخـلا مقارنـة مـع غيرهـا مـن الوسـائل التـي يمكـن أن تحقـق النتيجـة المنشـودة.
[18]ـ الاتفاقية الأمريكية لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية " سان خوسيه" في 22/ 11/1969، حيث نصت المادة 13 منها على حرية الرأي والتعبير على أنه "لكل إنسان الحق في حرية الفكر والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في البحث عن مختلف أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، دونما اعتبار للحدود، سواء شفاها أو كتابة أو طباعة أو في قالب فني أو بأية وسيلة يختارها.لا يجوز أن تخضع ممارسة الحق المنصوص عليه في الفقرة السابقة لرقابة مسبقة، بل يمكن أن تكون موضوعاً لفرض مسئولية لاحقة يحددها القانون صراحة وتكون ضرورية من أجل ضمان:
ـ احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم.
- حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة.
3ـ لا يجوز تقييد حق التعبير بأساليب أو وسائل غير مباشرة، كالتعسف في استعمال الإشراف الحكومي أو غير الرسمي على ورق الصحف، أو تردد موجات الإرسال الإذاعية أو التلفزيونية، أو الآلات أو الأجهزة المستعملة في نشر المعلومات، أو بأية وسيلة أخرى من شأنها أن تعرقل نقل الأفكار والآراء وتداولها وانتشارها.
4 على الرغم من أحكام الفقرة 2 السابقة، يمكن إخضاع وسائل التسلية العامة لرقابة مسبقة ينص عليها القانون، ولكن لغاية وحيدة هي تنظيم الحصول عليها من أجل الحماية الأخلاقية للأطفال والمراهقين.
5 وإن أية دعاية للحرب وأية دعوة إلى الكراهية القومية أو الدينية، واللذين يشكلان تحريضاً على العنف المخالف للقانون، أو أي عمل غير قانوني آخر ومشابهة ضد أي شخص أو مجموعة أشخاص، مهما كان سببه، بما في ذلك سبب العرق أو اللون أو الدين أو اللغة أو الأصل القومي، تعتبر جرائم يعاقب عليها القانون.
ـ الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب تمت إجارته من قبل مجلس الرؤساء الأفارقة بدورته العادية رقم 18 في نيروبي (كينيا) يونيو 1981، تنص المادة 9 على أنه:
ـ من حق كل فرد أن يحصل على المعلومات.
ـ يحق لكل إنسان أن يعبر عن أفكاره وينشرها فى إطار القوانين واللوائح.
ـ الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الطفل 1999 بدأ العمل به في 29 نوفمبر 1999، تنص المادة 7 منه على حرية التعبير حيث يكفل لكل طفل قادر على إبداء آرائه الخاصة حق التعبير عن آرائه بحرية في كافة المسائل، وأن يعلن آرائه طبقاً للقيود التي يقررها القانون.
ـ مبادئ جوهانسبورغ حول الأمن القومي وحرية التعبير والوصول إلى المعلومات 1995 وهى المبادىء التى تبناها مؤتمر جوهانسبرج في 1 أکتوبر 1995 ، وقد تم الاعتراف والإقرار بحق کل شخص في حرية التعبير ، الذي يشمل حرية البحث ، وتلقي ونقل المعلومات والأفكار من کافة الأنواع ، بغض النظر عن الحدود . وسمحت هذه المبادئ بفرض قيود على هذه الحقوق في حال کان ذلک ضرورياً لحماية الأمن القومي. على أن تکون هذه القيود موجودة في القانون. الذي يجب أن يکون واضحاً ودقيقاً وأن يکون منسجماً مع مبادئ الديمقراطية.
وتناولت المادة (6) من مبادئ جوهانسبرج حدود القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير فيما يخص الأمن القومي حيث تنص على أنه " لا يمکن معاقبة التعبير کتهديد للأمن القومي، إلا إذا استطاعت الحکومة أن تثبت أن ذلک التعبير : يهدف لإثارة العنف الوشيک، ومن المحتمل أن يثير مثل هذا العنف؛ كما أن هناک علاقة مباشرة بين التعبير واحتمال  أو وقوع مثل هذا العنف.
وتضيف المادة (7) من مبادئ جوهانسبرج أن العبارات التي تنتقد السلطة وسياستها والتي تکشف معلومات عن انتهاکات حقوق الإنسان من قبل هذه السلطة لا تعتبر مهددة للأمن القومي ، وبالتالي لا يجوز وضع قيود لتدفق هذه المعلومات ونشرها.
[19]ـ وهي معاهدة دولية تهدف لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في قارة أوروبا، و هي أول إتفاقية يعقدها مجلس أوروبا حيث وضع مسوَّدتها سنة 1950، ودخلت حيز التنفيذ في 3 ديسمبر 1953 بعد تصديق 10 دول عليها وقد جاءت لتكريس هدف أوروبا وهو خلق إتحاد وثيق بين الدول الأوروبية على أساس تعزيز الحرية والديمقراطية.
[20]ـ موسى يعقوب عبد الحليم، حرية التعبير الصحافي في ظل الأنظمة السياسية العربية ـ الطبعة الثامنة، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان سنة 2003، ص 18.
[21]ـ أمير موسى، مرجع سابق، ص 172
[22]ـ الميثاق العربي لحقوق الإنسان اعتمد في 23 مايو 2004 بمناسبة القمة السادسة عشرة لجامعة الدول العربية المنعقدة في تونس العاصمة.
بعد أن صادقت عليه 7 دول وهو العدد المطلوب حسب فصله 49 ليدخل حيز التنفيذ، يتكون هذا الميثاق من ديباجة و53 مادة.
[23]- M’hamed Antari : Regard sur le système de garantie et de protection des libertés publiques dans le droit positif marocain « inquarante années de libertés publique » Remald 18, 1999 p : 110.
[24] ـ وقد كان قبل صدور هذه الدساتير مجموعة من المذكرات منذ 1901 إلى غاية تقديم  "مشروع دستور لسان المغرب" سنة 1908، والذي يشتمل على ثلاث وتسعين مادة مقسمة إلى أبواب موضوعاتية (الدولة والدين والسلطان، أبناء الدولة الشريفة، مجلس الشرفاء، كبار الموظفين، مالية الدولة، رواتب الموظفين، الحامية الأجنبية، المدارس الوطنية). وتحمل هذه الوثيقة على غرار المذكرات السابقة الكثير من المفاهيم والتصورات الحديثة كالمواطنة والمساواة والسيادة وتوحيد القوانين وعقلنة الإدارة وربط المسؤولية بالمحاسبة وحق انتخاب الممثلين الخ. محمد نبيل ملين، فكرة الدستور في المغرب وثائق ونصوص (1901 ـ 2011)، تيل كيل ميديا ـ جامعة محمد السادس متعددة التخصصات ـ مركز جاك بارك للأبحاث في العلوم الإنسانية والاجتماعية ص 42.
[25] ـ وتدل أن الفكرة الدستورية لم تعد نظرية فقط، وإنما أصبحت قائمة بنفسها على المستوى الواقعي. البصري ادريس، مراجعة الدستور المغربي 1992 دراسة تحليلهم، طبعة سنة 1992 ص 45.
[26] ـ  قانون الحريات العامة الصادر في سنة 1958 والميثاق الأساسي الصادر في سنة 1961 .
[27]- خالد عفاش، السياسة الحقوقية بالمغرب بين الشكل والواقع (1990-1998) رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس الرباط، السنة الجامعية 1997-1998، ص  17-18.
[28] ـ  1962ـ 1970 ـ 1972 ـ 1992 ـ 1996.
[29] ـ عمر بندورو، النظام السياسي المغربي، سلسلة القانون العام، طبعة سنة 2002 ص  146.
[30] ـ جاء في تصدير 2011 ما يلي:"وإدراكا منها لضرورة تقوية الدور الذي تطلع به على الصعيد الدولي فإن المملكة المغربية العضو العامل النشيط في المنظمات الدولية، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبتها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا"، حسب  الفقرة الثالثة من تصدير دستور 2011 الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، ص 3601.
[31]ـ وهويتها الوطنية الراسخة تسمو فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملائمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة، يشكل هذا التصدير جزءا لا يتجزأ من هذا الدستور.
[32]ـ حرية الرأي والتعبير من خلال الفصل 25 كون "حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها.
حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الأدب والفن والبحث العلمي والتقني مضمونة".
[33]ـ الفصل 28 من الدستور المغربي "حرية الصحافة مضمونة، ولا يكمن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية. للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة.
 تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به.
يحدد القانون قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية ومراقبتها. ويضمن الاستفادة من هذه الوسائل مع احترام التعددية اللغوية والثقافية والسياسية للمجتمع المغربي.
وتسهر الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على احترام هذه التعددية، وفق أحكام الفصل 165 من هذا الدستور".
[34] - Favoreu louis et Patrick Gaia, Droit des libertés fondamentales, droit public et science politique, précis Dalloz, 4ème édition, Paris 2007,p 167.
[35] ـRivero jean et hugues moutouh, Libertés publiques – Tome I,9ème  édition, Puf coll . Thémis, Paris 2003, p 20.
[36]ـ حسب الفقرة الرابعة من الفصل 28 (يحدد القانون قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية ومراقبتها. ويضمن الاستفادة من هذه الوسائل، مع احترام التعددية اللغوية والثقافية والسياسية للمجتمع المغربي).
[37]  ـ من خلال خطاب 9 مارس 2011 ارتكز إصلاح الدستور على سبع مقومات أساسية :
أولا: التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة الغنية بتنوع روافدها و في صلبها الامازيغية كرصيد لجميع المغاربة .
ثانيا: ترسيخ دولة الحق و المؤسسات و توسيع مجال الحريات الفردية و الجماعية وضمان ممارستها وتعزيز منظومة حقوق الإنسان بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية و التنموية والثقافية والبيئية ولسيما دسترة التوصيات الموجهة لهيأة الإنصاف و المصالحة و الالتزامات الدولية للمغرب .
ثالتا: الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة و تعزيز صلاحيات المجلس الدستوري توطيدا لسمو الدستور ولسيادة القانون والمساواة أمامه .
رابعا: توطيد مبدأ فصل السلط و توازنها وتعميق ديمقرطة و حديث المؤسسات وعقلنتها من خلال برلمان نابع من انتخابات حرة و نزيهة يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة الصدارة مع توسيع مجال القانون و تخويله اختصاصات جديدة كفيلة بالنهوض بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية.
خامسا: تعزيز آليات الدستورية لتأطير المواطنين بتقوية دور الأحزاب السياسية في نطاق تعددية حقيقية وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية و المجتمع المدني .
سادسا: تقوية آليات تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة .
سابعا: دسترة هيئات الحكامة الجيدة وحقوق الإنسان وحماية الحريات. محمد زين الدين، الدستور ونظام الحكم المغرب الطبعة الأولى أبريل 2015 ص 156.
[38]ـ فاروق عبد البر، دراسات في حرية التعبير واستقلال القضاء وضمانات التقاضي، دار النهضة، العربية، القاهرة، سنة 2006، ص22 .
[39]ـ وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان نجد مبادئ أساسية بشأن استقلال السلطة القضائية تتجلى في:
1. تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية وينص عليه دستور البلد أو قوانينه، ومن واجب جميع المؤسسات الحكومية وغيرها من المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية.
2. تفضل السلطة القضائية في المسائل المعروضة عليها دون تحيز، على أساس الوقائع ووفقا للقانون، ودون أية تقييدات أو تأثيرات غير سليمة أو أية إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات، مباشرة كانت أو غير مباشرة، من أي جهة أو لأي سبب.
3. تكون للسلطة القضائية الولاية على جميع المسائل ذات الطابع القضائي كما تنفرد بسلطة البت فيما إذا كانت أية مسألة معروضة عليها للفصل فيها تدخل في نطاق اختصاصها حسب التعريف الوارد في القانون.
4. لا يجوز أن تحدث أية تدخلات غير لائقة، أو لا مبرر لها في الإجراءات القضائية ولا تخضع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم لإعادة النظر. ولا يخل هذا المبدأ بإعادة النظر القضائية أو بقيام السلطات المختصة، وفقا للقانون، بتخفيف أو تعديل الأحكام التي تصدرها السلطة القضائية.
5. لكل فرد الحق في أن يحاكم أمام المحاكم العادية أو الهيئات القضائية التي تطبق الإجراءات القانونية المقررة. ولا يجوز إنشاء هيئات قضائية، لا تطبق الإجراءات القانونية المقررة حسب الأصول والخاصة بالتدابير القضائية، لتنتزع الولاية القضائية التي تتمتع بها المحاكم العادية أو الهيئات القضائية.
6. يكفل مبدأ استقلال السلطة القضائية لهذه السلطة ويتطلب منها أن تضمن سير الإجراءات القضائية بعدالة، واحترام حقوق الأطراف.
7.من واجب كل دولة عضو أن توفر الموارد الكافية لتمكين السلطة القضائية من أداء مهامها بطريقة سليمة.
حرية التعبير وتكوين الجمعيات
8.يحق لأعضاء السلطة القضائية كغيرهم من المواطنين التمتع بحرية التعبير والاعتقاد وتكوين الجمعيات والتجمع، ومع ذلك يشترط أن يسلك القضاة دائما، لدى ممارسة حقوقهم، مسلكا يحفظ هيبة منصبهم ونزاهة واستقلال القضاء.
9.تكون للقضاة الحرية في تكوين جمعيات للقضاة أو غيرها من المنظمات لتمثيل مصالحهم والنهوض بتدريبهم المهني وحماية استقلالهم القضائي وفى الانضمام إليها.
[40] ـ ويترتب على ذلك ما يلي: استقلال القضاء عن بقية السلط يجعل منه سلطة مستقلة بذاتها غير تابعة، يؤهل القاضي إلى أن يستمع إلى ضميره والقانون الواجب التطبيق ويمنع على القضاء التدخل في أشغال السلطة التشريعية حتى لا يفتح الباب على مصراعيه لوضع تشريعات لا تناسب القضايا المطروحة عليه. يمنع عن السلطتين التشريعية والتنفيذية التدخل في وظائف القضاء أو تدخل في  تعديل الأحكام التي تصدرها المحاكم أو توقف تنفيذها انظر في ذلك كل من محمد الازهر- السلطة القضائية في الدستور - دراسة مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، طبعة سنة 2013، ص 18، وفارق الكيالني، استقلال القضاء، المركز العربي للمطبوعات، دار المؤلف، الطبعة الثانية بيروت 1999 ص62 والعلاوي العبدلاوي، التنظيم القضائي المغربي الجديد، مطبعة فضالة، المحمدية 1975، ص75.
[41] ـ محمد الازهر، مرجع سابق، ص 21 .
[42] ـ سليمان محمد الطحاوي، السلطات الثالث في الدساتير العربية المعاصرة في الفكر السياسي الإسلامي، دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، القاهرة 1979، ص 285.



الخميس 30 ماي 2024

عناوين أخرى
< >

تعليق جديد
Twitter