تمهيد
شهدت التسعينات من القرن الماضي نهاية الحرب الباردة وبروز نظام اقتصادي عالمي جديد، وكان من أهم هياكل هذا النظام إنشاء منظمة التجارة العالمية (WTO)، كما كان من أهم مضامينه تحرير التجارة وسهولة حركة رؤوس الأموال وتحرير الاستثمار، وفتح الباب على مصراعيه أمام الاستثمار الأجنبي المباشر.
وهكذا ففي الوقت الذي استفادت كثير من الدول والشرائح المجتمعية من الأوضاع الجديدة وقطف ثمارها، إلا أن عددا كبيرا من الدول والشرائح المجتمعية لم تستفيد إلا القليل في أحسن الأحوال، بل لربما زادت معاناتها وتدهورت أوضاعها في كثير من الأحيان، ومرة أخرى، يكتشف المجتمع الدولي من جديد بعد أن اكتشفها في السابق. ذلك أن من يقطف ثمار أي ازدهار مادي، على مستوى الأفراد والدول، هي الأكثر قوة واستعداد وتهيئة فيما يتعلق بحصيلة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية لديهم[1].
إن العولمة تعني نمو لا مثيل له في القطاع الخاص وتراجعا كبيرا للدولاتية أعني تدخلا أقل للدولة في الميدان الاقتصادي، غير أن هذا التكييف المتجه نحو تقليص حجم التدخل الحكومي، لا يعني إلغاء دور الدولة بقدر ما يعني مراجعة هذا الدور، فالتحرير المتزايد للمبادلات الدولة يعطي مهاما جديدة للدولة، ليس فقط على صعيد وضع وإصلاح البنيات المؤسساتية والقانونية، لكن أيضا على صعيد الاستثمار سواء الاستثمار المباشر في البنيات التحتية أو على صعيد توفر المناخ الملائم للاستثمارات الخاصة، والإدارة تأخذ حيزا هاما في تحديد مصير هذه السياسات[2].
إن تظافر تحولات مسلسل الليبرالية والعولمة وما أنتجاه من قيم وأساليب جديدة للتعاطي مع المشاكل. وانطلاقا من الخوصصة وإعادة الهيكلة وتراجع الدولة وتقوية المجتمع المدني لم تلغ الدولة، بل تطلبت منها أن تراجع طريقة تداخلها وتعاطيها مع الطلبات الداخلية والخارجية[3].
فالعولمة تؤثر في مهام الإدارة، ومكانتها في المجتمع كفاعل للتنمية الاقتصادية وممون للمنافع الاجتماعية، فالعولمة وخاصة من خلال برامج التقويم الهيكلي، ستعيد النظر في دور الدولة داخل المجتمع وتراجع مهام الإدارة مراجعة عميقة (اقتصاد السوق الحر، النمط الاستهلاكي، إعلام الترفيه، الخوصصة وما إلى ذلك) [4].
والعولمة كنسق ليبرالي موحد لها آليات مختلفة أهمها المعلومات والاتصالات.
ويوجد افتراض ضمني يعالج إشكالية التحديث والمتمثلة في سيادة الليبرالية الجديدة التي تتضمن موضعين:
الأول: انخفاض قيمة الدولة والثاني يتمثل في الرفع من قيمة السوق، فمنطقة اقتصاد السوق لا يقصي الدولة بل يدعو إلى التفكير في البنيات وتحديد الأدوار والاختصاصات بين كل الفاعلين بشكل يفسح المجال أمام المنافسة الحرة والمبادرة الفردية لتحقيق التنمية.
وسنعرف في هذه الفقرة ماهية العولمة (أولا) وتأثير هذه الأخيرة على الإدارة (ثانيا).
أولا: ماهية العولمة
لمفهوم العولمة تعريفات مختلفة تندرج بين ما هو علمي وأكاديمي وما هو إيديولوجي، ويرجع ذلك بالأساس إلى الاختلاف الإيديولوجي والعقائدي لدى مختلف المهتمين بظاهرة العولمة، فهناك من عرفها بأسبابها، ونتائجها أو بمؤسساتها وسماتها كما سنلاحظ ذلك لاحقا.
فقد عرف R.PETRILE العولمة: كمجموعة المراحل التي تمكن من إنتاج وتوزيع السلع الخدمات في أسواق عالمية منظمة، وفق معايير عالمية من طرف منظمات تعمل على أساس قواعد عالمية، بمرجعية تنظيم منفتحة على المحيط العالمي، تخضع لإستراتيجية عالمية من الصعب تحديد مجالها القانوني والاقتصادي والتكنولوجي، بحكم تعدد وترابط عناصرها في مختلف العمليات الإنتاجية قبل الإنتاج وبعده[5].
أما ماك لوهان فيرى أن العولمة لا تعدو أن تكون نقلا لسلطات الدول لا لصالح المؤسسات فوق القطرية ولكن لقوى خاصة ذات مصالح عالمية، ستدخل بكل تأكيد في صراع مع ضرورات تنمية مستدامة موزعة بعدالة ومقررة ديمقراطيا ومقبولة بيئيا[6].
ويرى محمد عابدي الجابري بأن العولمة: ليس مالاً أو اقتصاداً وحسب ولا هي ثقافية بل هي أيضا وفي الأساس اتصال عبر الفضاء لا جغرافية فيه ولا تاريخ، فضاء شبكة الاتصال المعلوماتية (الانترنت).
وتشمل العولمة حسب الجابري مجال المال والتسويق والاتصال والمبادلات[7].
فالعولمة بالنسبة للجابري تعتبر[8]:
أما محمد الأطرش فتعريفه للعولمة فينصب أساسا على الجانب الاقتصادي الذي يشهد اندماجا تاما على جميع المستويات ومن خلال الشركات المتعددة الجنسية، فالعولمة واندماج أسواق العالم في حقول التجارة، والاستثمارات المباشرة، وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافة، ضمن إطار من رأسمالية وحرية الأسواق وبالتالي خضوع العالم لقوى السوق العالمية، مما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية وإلى الانحسار الكبير في سيادة الدولة، والعنصر الأساسي في هذه الظاهرة هي الشركات الرأسمالية الضخمة متخطيات القوميات[10].
ويعرف رئيس أكاديمية العلوم المالية والمصرفية الأردني السيد مصطفى هديب العولمة من حيث تجلياتها الاقتصادية "بأنها تزايد الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين دول العالم من خلال زيادة حجم وتنوع معاملات السلع والخدمات العابرة للحدود وتعاظم التدفقات الرأسمالية الدولية، وسرعة انتشار التكنولوجيا، وحركية الموارد البشرية، وإتاحة الفرص والتحديات الجديدة أمام الاقتصاديات الوطنية وصانعي الاستراتيجيات والسياسات"[11].
إن العولمة كما نشاهدها اليوم إنما هي ظاهرة ارتبطت بنشوء الرأسمالية الصناعية ونتيجة طبيعية لتطورها[12].
والعولمة تعرف: بأنها ذلك الحدث الاقتصادي الكبير الذي يميز الحاضر وهي تحديد الحكومات ما يمكن وما يجب أن تفعله، لقد عرفها صندوق النقد الدولي: بأنها "التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم، والذي يحتمه زيادة حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود، إضافة لتدفق رؤوس الأموال الدولية والانتشار المتسارع للتكنولوجيا في أرجاء العالم كله[13].
ومهما قيل في تعريف العولمة، فهي في مراسيمها ومظاهرها الأصلية ظاهرة أو حركة اقتصادية في غالبية أبعادها ليست جديدة على المجتمع العالمي، لكنها نالت زخما كبيرا في العقدين الماضيين أثر التطورات العلمية والتقنية، وانتشار الثورة الجديدة في عالم تقنيات المعلومات والاتصال، واتساع قاعدة الإنتاج عبر القطري، وأثر النكسة الكبيرة التي أصابت الإيديولوجية الاشتراكية.
ويمكن تعريف العولمة بأبعادها الاقتصادية، بأنها عملية اندماج أو تكامل اقتصادي سريع بين الدول.
ويمكن تعريفها كذلك بأنها العملية التي يتم من خلالها انتقال الأفراد والأفكار والمعارف ورأس المال والسلع التجارية والخدمات عبر الحدود القطرية، مما يؤدي إلى تنامي التكامل والاعتماد المتبادل والاندماج في كثير من نواحي الحياة، وبخاصة الاقتصادية منها[14].
والملاحظ أن مختلف التعريفات تربط بين العولمة والاقتصاد ولكن وإن ارتبطت بالاقتصاد فإنها لا تقتصر عليه بل إنها تخترق الحواجز السياسية والثقافية والإدارية والنفسية بين الدول والشعوب بنفس الديناميكية التي اخترقت بها الحواجز الاقتصادية.
ولا أدل على ذلك من أن مظاهرها وتجلياتها تتجاوز المجال الاقتصادي والإعلامي إلى مجالات السياسة والاجتماع والقانون والثقافة، كما أن الحقول المعرفية جميعا قد اهتمت بالظاهرة من اللسانيات وعلم النفس والاجتماع مرورا بمختلف فروع العلوم الإنسانية والاجتماعي ووصول إلى العلوم الدقيقة بيولوجيا ورياضيات وغيرها[15].
إن من الصعوبة البالغة وضع مفهوم منضبط محور للعولمة التي تعتبر من أكثر المفاهيم والظواهر عقلانية وتشكيكا.
إن من أكبر التحديات التي تواجه المجتمع العربي في هذا العقد هو ظاهرة العولمة بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية وغيرها وتتجلى هذه الأبعاد في اندماج اقتصاديات العالم واتساع دائرة الأعمال المتبادل في أنشطة لأعمال الدولية والتجارة الدولية، وتكنولوجيا الاتصال بصورة لم يسبق لها مثيل، وتزايد الدور المحوري للشركات الكونية والمتعددة الجنسيات الدولية في اقتصاد العالم، فنحن نقف اليوم في مواجهة تحدي خارجي متمثل في العولمة وتحدي داخلي متمثل في التنمية البشرية.
ثانيا: تأثير العولمة على الإدارة
أصبحت الدول داخلة في دواليب عولمة مفروضة، تمس أرجاء العالم غير مبالية بالحدود ولا استقلال الكيانات، ولا تنوع الأنظمة السياسية، وأصبحت الشركات الكبرى إنتاجية كانت أو خدمية هي المتحكمة، وهذا يكتسي أهمية قصوى وخاصة في الدول النامية والدول التي توجد في وضعية انتقالية، وحيث يجب على الدولة أن تكيف باستمرار هيكلها القانوني مع بقائها مسؤولية عن التماسك السياسي والتضامن الاجتماعي والنظام العام والأمن الداخلي، بمقدار ما هي مسؤولية عن الأنشطة المتعلقة بالسياسات الاقتصادية[16].
فالثورات الجديدة التي أطلقت العولمة عقالها أفادت الدول التي توافرت لديها غالبية عناصر الرباعية اللازمة للنمو التقدم، وهي[17]:
فالعولمة ومن خلال برامج التقويم الهيكلي سنعيد النظر في دور الدولة داخل المجتمع، وتراجع مهام الإدارة مراجعة عميقة، ويوجد افتراض ضمن يعالج إشكالية التحديث والمتمثلة في سيادة الليبرالية الجديدة والتي تتضمن معطيين الأول انخفاض قيمة الدولة من جانب والثاني يتمثل في الرفع من قيمة السوق من جانب آخر[18].
وهكذا اكتسى سؤال إعادة تحديد مهام الإدارة على ضوء الدور الجديد للدولة أهمية كبرى على المستوى النظري والعملي، لاسيما بعد تخلي الدولة عن القيام بمجموعة من المهام وإسناد تدبيرها لفائدة شركاء وفاعلين جدد[19].
إن المحيط الدولي الذي نعيش فيه الآن يفرض على الدول السائرة في طريق النمو مجهودا كبيرا لتقليص الهوة التي تفصلهم عن الدول المتقدمة، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بمعالجة محكمة لكل الاختلالات والنواقص المتراكمة وأن النجاعة التي نبحث عليها داخل الإدارة هي إحدى نقط العجز التي تتطلب ترتيبات سريعة وملائمة[20].
ومع إحداث المنظمة العالمية للتجارة أصبح من البديهي الحديث عن رفع الحواجز التجارية والجمركية وزيادة المبادلات التجارية، فهناك تيار المجموعة الجهوية، ومناطق التبادل الحر من جهة ومن جهة أخرى نجد عولمة الاقتصاد وإلغاء الحدود الجمركية، إذن من واجب الجهاز الإداري أن يطور نفسه بشكل يواكب هذه التحولات وإلا فوت على ذاته الفرصة للإسهام في بناء هذا النظام الدولي الجديد[21].
وهذا لا يمنع اليوم الإدارات العامة من استعارة تدبير الخواص بحثا عن الفعالية والمرد ودية، فلإدارة ليست فقط مجرد نظام للتدبير في خدمة الحكومة بل أصبحت مدمجة أكثر فأكثر في دواليب النظام العالمي وفق منظومة التعاون الدولي.[22]
ومن جهة النظر هذه أصبحت تلعب دورا رئيسيا في مسلسل العولمة وخاصة في بزوغ بيئة ملائمة للتعاون وتشجيع الاستثمار[23].
ولإنجاح عملية الإدماج في مسلسل العولمة يجب على السلطات الوطنية أن تدخر وسعا في محاربة الفساد والرشوة وكل ما هو عقيم، وجعل الإدارات العمومية مسئولة عن أعمالها، ولذلك يجب وضع حد لكل الأنشطة، التي يكون مبعثها تحقيق الربح الخاص، والقضاء على التبذير والوظائف الغير المنتجة وتأمين الأمن القانوني والاقتصادي اللازم لذلك[24].
مما يستوجب وضع ميكانيزمات لتحسين أداء التدبير العمومي والتفكير في تطوير تقنيات ومناهج التسيير بالشكل الذي يسمح لها بأن توفق فما تبين[25]:
الغاية الأولى: تتمثل في تثبيت المرد ودية المالية من خلال العمل على رفع إنتاجية الجهاز الإداري، من خلال البحث عن إدارة منتجة تميزها السرعة في التنفيذ والفعالية في الأداء والاقتصاد في التكلفة، كمعايير تفرضها المعاملات الدولية وتحديات الأسواق الخارجية والديناميكية الاقتصادية التي أصبحت رهينة بالاستثمار والمقاولة.
الغاية الثانية: تكمن في تحقيق المنفعة العامة عن طريق تحسين نوعية الخدمات وإرضاء المتعاملين مع الإدارة، مما يتطلب معه تجديد التسيير والتدبير خاصة على المستوى الإداري.
ومع ذلك فإن للعولمة العديد من الجوانب الإيجابية فهي تدفع بالدول إلى إدخال الإصلاحات الضرورية على أجهزتها الإدارية الإنتاجية حتى تساير التطور الحاصل في البلدان الأخرى، والانفتاح على الاقتصاديات المتطورة[26].
وهنا ينبغي التميز بين ما ينبغي أن يكون عليه دور الدولة في تدبير الشأن العام (الدور المعياري)، وبين الممارسة الفعلية لدور الدولة على أرض الواقع الدور الواقعي في ظل العولمة وما تقتضيه من جودة وتأهيل، أن تطابق الدور المعياري مع الدور الوضعي من شأنه أن يحقق حالة فضلى.
فالإدارة مطالبة بالعمل أكثر وعلى نحو أفضل بموارد أقل، مع الحفاظ على التوازنات الماكر واقتصادية، وترشيد النفقات العمومية في ظل محيط اقتصادي أضحى فيه التغير هو القاعدة والاستقرار هو الاستثناء، فالعولمة التي فرضت نهج الحكامة تتمثل في عولمة النظام النقدي التجاري والمالي ،مرورا بما هو ثقافي وسياسي بهدف التأثير المباشر في التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول خاصة المتخلفة منها[27].
مما يتعين معه مواءمة مهام الإدارة وأدوارها والتحكم في انعكاسات سياسة التبادل الحر والعولمة والمساهمة في تحسين أداء الاقتصاد الوطني، وذلك بخلق أجهزة إدارية عصرية قادرة على مسايرة تحديات وإكراهات الظرفية الدولية[28]
شهدت التسعينات من القرن الماضي نهاية الحرب الباردة وبروز نظام اقتصادي عالمي جديد، وكان من أهم هياكل هذا النظام إنشاء منظمة التجارة العالمية (WTO)، كما كان من أهم مضامينه تحرير التجارة وسهولة حركة رؤوس الأموال وتحرير الاستثمار، وفتح الباب على مصراعيه أمام الاستثمار الأجنبي المباشر.
وهكذا ففي الوقت الذي استفادت كثير من الدول والشرائح المجتمعية من الأوضاع الجديدة وقطف ثمارها، إلا أن عددا كبيرا من الدول والشرائح المجتمعية لم تستفيد إلا القليل في أحسن الأحوال، بل لربما زادت معاناتها وتدهورت أوضاعها في كثير من الأحيان، ومرة أخرى، يكتشف المجتمع الدولي من جديد بعد أن اكتشفها في السابق. ذلك أن من يقطف ثمار أي ازدهار مادي، على مستوى الأفراد والدول، هي الأكثر قوة واستعداد وتهيئة فيما يتعلق بحصيلة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية لديهم[1].
إن العولمة تعني نمو لا مثيل له في القطاع الخاص وتراجعا كبيرا للدولاتية أعني تدخلا أقل للدولة في الميدان الاقتصادي، غير أن هذا التكييف المتجه نحو تقليص حجم التدخل الحكومي، لا يعني إلغاء دور الدولة بقدر ما يعني مراجعة هذا الدور، فالتحرير المتزايد للمبادلات الدولة يعطي مهاما جديدة للدولة، ليس فقط على صعيد وضع وإصلاح البنيات المؤسساتية والقانونية، لكن أيضا على صعيد الاستثمار سواء الاستثمار المباشر في البنيات التحتية أو على صعيد توفر المناخ الملائم للاستثمارات الخاصة، والإدارة تأخذ حيزا هاما في تحديد مصير هذه السياسات[2].
إن تظافر تحولات مسلسل الليبرالية والعولمة وما أنتجاه من قيم وأساليب جديدة للتعاطي مع المشاكل. وانطلاقا من الخوصصة وإعادة الهيكلة وتراجع الدولة وتقوية المجتمع المدني لم تلغ الدولة، بل تطلبت منها أن تراجع طريقة تداخلها وتعاطيها مع الطلبات الداخلية والخارجية[3].
فالعولمة تؤثر في مهام الإدارة، ومكانتها في المجتمع كفاعل للتنمية الاقتصادية وممون للمنافع الاجتماعية، فالعولمة وخاصة من خلال برامج التقويم الهيكلي، ستعيد النظر في دور الدولة داخل المجتمع وتراجع مهام الإدارة مراجعة عميقة (اقتصاد السوق الحر، النمط الاستهلاكي، إعلام الترفيه، الخوصصة وما إلى ذلك) [4].
والعولمة كنسق ليبرالي موحد لها آليات مختلفة أهمها المعلومات والاتصالات.
ويوجد افتراض ضمني يعالج إشكالية التحديث والمتمثلة في سيادة الليبرالية الجديدة التي تتضمن موضعين:
الأول: انخفاض قيمة الدولة والثاني يتمثل في الرفع من قيمة السوق، فمنطقة اقتصاد السوق لا يقصي الدولة بل يدعو إلى التفكير في البنيات وتحديد الأدوار والاختصاصات بين كل الفاعلين بشكل يفسح المجال أمام المنافسة الحرة والمبادرة الفردية لتحقيق التنمية.
وسنعرف في هذه الفقرة ماهية العولمة (أولا) وتأثير هذه الأخيرة على الإدارة (ثانيا).
أولا: ماهية العولمة
لمفهوم العولمة تعريفات مختلفة تندرج بين ما هو علمي وأكاديمي وما هو إيديولوجي، ويرجع ذلك بالأساس إلى الاختلاف الإيديولوجي والعقائدي لدى مختلف المهتمين بظاهرة العولمة، فهناك من عرفها بأسبابها، ونتائجها أو بمؤسساتها وسماتها كما سنلاحظ ذلك لاحقا.
فقد عرف R.PETRILE العولمة: كمجموعة المراحل التي تمكن من إنتاج وتوزيع السلع الخدمات في أسواق عالمية منظمة، وفق معايير عالمية من طرف منظمات تعمل على أساس قواعد عالمية، بمرجعية تنظيم منفتحة على المحيط العالمي، تخضع لإستراتيجية عالمية من الصعب تحديد مجالها القانوني والاقتصادي والتكنولوجي، بحكم تعدد وترابط عناصرها في مختلف العمليات الإنتاجية قبل الإنتاج وبعده[5].
أما ماك لوهان فيرى أن العولمة لا تعدو أن تكون نقلا لسلطات الدول لا لصالح المؤسسات فوق القطرية ولكن لقوى خاصة ذات مصالح عالمية، ستدخل بكل تأكيد في صراع مع ضرورات تنمية مستدامة موزعة بعدالة ومقررة ديمقراطيا ومقبولة بيئيا[6].
ويرى محمد عابدي الجابري بأن العولمة: ليس مالاً أو اقتصاداً وحسب ولا هي ثقافية بل هي أيضا وفي الأساس اتصال عبر الفضاء لا جغرافية فيه ولا تاريخ، فضاء شبكة الاتصال المعلوماتية (الانترنت).
وتشمل العولمة حسب الجابري مجال المال والتسويق والاتصال والمبادلات[7].
فالعولمة بالنسبة للجابري تعتبر[8]:
- نتيجة إفرازات التطور الهائل في الاتصالات والمعلومات.
- تؤدي إلى توحيد الاستهلاك عالميا.
- تختص مجال المال والتسويق والاتصال.
أما محمد الأطرش فتعريفه للعولمة فينصب أساسا على الجانب الاقتصادي الذي يشهد اندماجا تاما على جميع المستويات ومن خلال الشركات المتعددة الجنسية، فالعولمة واندماج أسواق العالم في حقول التجارة، والاستثمارات المباشرة، وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافة، ضمن إطار من رأسمالية وحرية الأسواق وبالتالي خضوع العالم لقوى السوق العالمية، مما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية وإلى الانحسار الكبير في سيادة الدولة، والعنصر الأساسي في هذه الظاهرة هي الشركات الرأسمالية الضخمة متخطيات القوميات[10].
ويعرف رئيس أكاديمية العلوم المالية والمصرفية الأردني السيد مصطفى هديب العولمة من حيث تجلياتها الاقتصادية "بأنها تزايد الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين دول العالم من خلال زيادة حجم وتنوع معاملات السلع والخدمات العابرة للحدود وتعاظم التدفقات الرأسمالية الدولية، وسرعة انتشار التكنولوجيا، وحركية الموارد البشرية، وإتاحة الفرص والتحديات الجديدة أمام الاقتصاديات الوطنية وصانعي الاستراتيجيات والسياسات"[11].
إن العولمة كما نشاهدها اليوم إنما هي ظاهرة ارتبطت بنشوء الرأسمالية الصناعية ونتيجة طبيعية لتطورها[12].
والعولمة تعرف: بأنها ذلك الحدث الاقتصادي الكبير الذي يميز الحاضر وهي تحديد الحكومات ما يمكن وما يجب أن تفعله، لقد عرفها صندوق النقد الدولي: بأنها "التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم، والذي يحتمه زيادة حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود، إضافة لتدفق رؤوس الأموال الدولية والانتشار المتسارع للتكنولوجيا في أرجاء العالم كله[13].
ومهما قيل في تعريف العولمة، فهي في مراسيمها ومظاهرها الأصلية ظاهرة أو حركة اقتصادية في غالبية أبعادها ليست جديدة على المجتمع العالمي، لكنها نالت زخما كبيرا في العقدين الماضيين أثر التطورات العلمية والتقنية، وانتشار الثورة الجديدة في عالم تقنيات المعلومات والاتصال، واتساع قاعدة الإنتاج عبر القطري، وأثر النكسة الكبيرة التي أصابت الإيديولوجية الاشتراكية.
ويمكن تعريف العولمة بأبعادها الاقتصادية، بأنها عملية اندماج أو تكامل اقتصادي سريع بين الدول.
ويمكن تعريفها كذلك بأنها العملية التي يتم من خلالها انتقال الأفراد والأفكار والمعارف ورأس المال والسلع التجارية والخدمات عبر الحدود القطرية، مما يؤدي إلى تنامي التكامل والاعتماد المتبادل والاندماج في كثير من نواحي الحياة، وبخاصة الاقتصادية منها[14].
والملاحظ أن مختلف التعريفات تربط بين العولمة والاقتصاد ولكن وإن ارتبطت بالاقتصاد فإنها لا تقتصر عليه بل إنها تخترق الحواجز السياسية والثقافية والإدارية والنفسية بين الدول والشعوب بنفس الديناميكية التي اخترقت بها الحواجز الاقتصادية.
ولا أدل على ذلك من أن مظاهرها وتجلياتها تتجاوز المجال الاقتصادي والإعلامي إلى مجالات السياسة والاجتماع والقانون والثقافة، كما أن الحقول المعرفية جميعا قد اهتمت بالظاهرة من اللسانيات وعلم النفس والاجتماع مرورا بمختلف فروع العلوم الإنسانية والاجتماعي ووصول إلى العلوم الدقيقة بيولوجيا ورياضيات وغيرها[15].
إن من الصعوبة البالغة وضع مفهوم منضبط محور للعولمة التي تعتبر من أكثر المفاهيم والظواهر عقلانية وتشكيكا.
إن من أكبر التحديات التي تواجه المجتمع العربي في هذا العقد هو ظاهرة العولمة بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية وغيرها وتتجلى هذه الأبعاد في اندماج اقتصاديات العالم واتساع دائرة الأعمال المتبادل في أنشطة لأعمال الدولية والتجارة الدولية، وتكنولوجيا الاتصال بصورة لم يسبق لها مثيل، وتزايد الدور المحوري للشركات الكونية والمتعددة الجنسيات الدولية في اقتصاد العالم، فنحن نقف اليوم في مواجهة تحدي خارجي متمثل في العولمة وتحدي داخلي متمثل في التنمية البشرية.
ثانيا: تأثير العولمة على الإدارة
أصبحت الدول داخلة في دواليب عولمة مفروضة، تمس أرجاء العالم غير مبالية بالحدود ولا استقلال الكيانات، ولا تنوع الأنظمة السياسية، وأصبحت الشركات الكبرى إنتاجية كانت أو خدمية هي المتحكمة، وهذا يكتسي أهمية قصوى وخاصة في الدول النامية والدول التي توجد في وضعية انتقالية، وحيث يجب على الدولة أن تكيف باستمرار هيكلها القانوني مع بقائها مسؤولية عن التماسك السياسي والتضامن الاجتماعي والنظام العام والأمن الداخلي، بمقدار ما هي مسؤولية عن الأنشطة المتعلقة بالسياسات الاقتصادية[16].
فالثورات الجديدة التي أطلقت العولمة عقالها أفادت الدول التي توافرت لديها غالبية عناصر الرباعية اللازمة للنمو التقدم، وهي[17]:
- الديمقراطية السياسية، المتمثلة بالهياكل والمؤسسات والتشريعات والممارسات ذات العلاقة.
- الحريات الاقتصادية، ضمن مفهوم اقتصاد السوق والتنافسية والأطر التنظيمية المناسبة.
- العدالة الاجتماعية التوزيع العادل للثروة.
- الانجازات العالمية والتقنية التي تعتمد على تكاثف الجهود الحكومية وجهود المؤسسات العلمية والأكاديمية، ومؤسسات القطاع الخاص.
فالعولمة ومن خلال برامج التقويم الهيكلي سنعيد النظر في دور الدولة داخل المجتمع، وتراجع مهام الإدارة مراجعة عميقة، ويوجد افتراض ضمن يعالج إشكالية التحديث والمتمثلة في سيادة الليبرالية الجديدة والتي تتضمن معطيين الأول انخفاض قيمة الدولة من جانب والثاني يتمثل في الرفع من قيمة السوق من جانب آخر[18].
وهكذا اكتسى سؤال إعادة تحديد مهام الإدارة على ضوء الدور الجديد للدولة أهمية كبرى على المستوى النظري والعملي، لاسيما بعد تخلي الدولة عن القيام بمجموعة من المهام وإسناد تدبيرها لفائدة شركاء وفاعلين جدد[19].
إن المحيط الدولي الذي نعيش فيه الآن يفرض على الدول السائرة في طريق النمو مجهودا كبيرا لتقليص الهوة التي تفصلهم عن الدول المتقدمة، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بمعالجة محكمة لكل الاختلالات والنواقص المتراكمة وأن النجاعة التي نبحث عليها داخل الإدارة هي إحدى نقط العجز التي تتطلب ترتيبات سريعة وملائمة[20].
ومع إحداث المنظمة العالمية للتجارة أصبح من البديهي الحديث عن رفع الحواجز التجارية والجمركية وزيادة المبادلات التجارية، فهناك تيار المجموعة الجهوية، ومناطق التبادل الحر من جهة ومن جهة أخرى نجد عولمة الاقتصاد وإلغاء الحدود الجمركية، إذن من واجب الجهاز الإداري أن يطور نفسه بشكل يواكب هذه التحولات وإلا فوت على ذاته الفرصة للإسهام في بناء هذا النظام الدولي الجديد[21].
وهذا لا يمنع اليوم الإدارات العامة من استعارة تدبير الخواص بحثا عن الفعالية والمرد ودية، فلإدارة ليست فقط مجرد نظام للتدبير في خدمة الحكومة بل أصبحت مدمجة أكثر فأكثر في دواليب النظام العالمي وفق منظومة التعاون الدولي.[22]
ومن جهة النظر هذه أصبحت تلعب دورا رئيسيا في مسلسل العولمة وخاصة في بزوغ بيئة ملائمة للتعاون وتشجيع الاستثمار[23].
ولإنجاح عملية الإدماج في مسلسل العولمة يجب على السلطات الوطنية أن تدخر وسعا في محاربة الفساد والرشوة وكل ما هو عقيم، وجعل الإدارات العمومية مسئولة عن أعمالها، ولذلك يجب وضع حد لكل الأنشطة، التي يكون مبعثها تحقيق الربح الخاص، والقضاء على التبذير والوظائف الغير المنتجة وتأمين الأمن القانوني والاقتصادي اللازم لذلك[24].
مما يستوجب وضع ميكانيزمات لتحسين أداء التدبير العمومي والتفكير في تطوير تقنيات ومناهج التسيير بالشكل الذي يسمح لها بأن توفق فما تبين[25]:
الغاية الأولى: تتمثل في تثبيت المرد ودية المالية من خلال العمل على رفع إنتاجية الجهاز الإداري، من خلال البحث عن إدارة منتجة تميزها السرعة في التنفيذ والفعالية في الأداء والاقتصاد في التكلفة، كمعايير تفرضها المعاملات الدولية وتحديات الأسواق الخارجية والديناميكية الاقتصادية التي أصبحت رهينة بالاستثمار والمقاولة.
الغاية الثانية: تكمن في تحقيق المنفعة العامة عن طريق تحسين نوعية الخدمات وإرضاء المتعاملين مع الإدارة، مما يتطلب معه تجديد التسيير والتدبير خاصة على المستوى الإداري.
ومع ذلك فإن للعولمة العديد من الجوانب الإيجابية فهي تدفع بالدول إلى إدخال الإصلاحات الضرورية على أجهزتها الإدارية الإنتاجية حتى تساير التطور الحاصل في البلدان الأخرى، والانفتاح على الاقتصاديات المتطورة[26].
وهنا ينبغي التميز بين ما ينبغي أن يكون عليه دور الدولة في تدبير الشأن العام (الدور المعياري)، وبين الممارسة الفعلية لدور الدولة على أرض الواقع الدور الواقعي في ظل العولمة وما تقتضيه من جودة وتأهيل، أن تطابق الدور المعياري مع الدور الوضعي من شأنه أن يحقق حالة فضلى.
فالإدارة مطالبة بالعمل أكثر وعلى نحو أفضل بموارد أقل، مع الحفاظ على التوازنات الماكر واقتصادية، وترشيد النفقات العمومية في ظل محيط اقتصادي أضحى فيه التغير هو القاعدة والاستقرار هو الاستثناء، فالعولمة التي فرضت نهج الحكامة تتمثل في عولمة النظام النقدي التجاري والمالي ،مرورا بما هو ثقافي وسياسي بهدف التأثير المباشر في التوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول خاصة المتخلفة منها[27].
مما يتعين معه مواءمة مهام الإدارة وأدوارها والتحكم في انعكاسات سياسة التبادل الحر والعولمة والمساهمة في تحسين أداء الاقتصاد الوطني، وذلك بخلق أجهزة إدارية عصرية قادرة على مسايرة تحديات وإكراهات الظرفية الدولية[28]
الهوامش
[1] - منذر واصف المصري: "العولمة وتنمية الموارد البشرية"، مركز الإمارات للدراسات البحوث الإستراتيجية، الطبعة الأولى 2004، ص 13.
[2] - عبد القادر ألبوقي: "تكنولوجيا المعلومات وتأثيرها على العنصر البشري، الإدارة العمومية المغربية نموذجا"، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، اكدال، الرباط 2002- 2003، ص 258.
[3] - عبد القادر البوقي، نفس المرجع، ص 285.
[4] - عبد الكريم العطلاتي: "الإدارة العمومية المغربية، الواقع التحديات"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، طبعة العام الجامعية 2006- 2007، ص 126.
[5] -
- R. PETRELLA : « la mondialisation de l’économie et de la société une hypothèse perspective », futuribles, septembre 1989.
- R. PETRELLA : « la mondialisation de l’économie et de la société une hypothèse perspective », futuribles, septembre 1989.
[6] - يحيى اليحياوي: "العولمة ورهانات الإعلام"، سلسلة شراع، عدد 33 يونيو 1998، ص 11.
[7] - محمد نجيب بوليف: "العالم العربي بين تحديات العولمة ومتطلبات التنمية"، مطبعة طوب بريس، الرباط، الطبعة الأولى 2003، ص 12.
[8] - محمد نجيب بوليف، مرجع سابق، ص 13.
[9] - السيد ياسين: "في مفهوم العولمة"، مجلة المستقبل العربي، العدد 228، فبراير 1998.
[10] - محمد نجيب بوليف، مرجع سابق، ص 15.
[11] - محمد نجيب بوليف، مرجع سابق، ص 15.
[12] - وكما اختلف المحللون لظاهرة في تعريفها والمقصود بها، فقد اختلفوا أيضا حول نشأتها، وفي سياق هذا الاختلاف حول تاريخ ظهور المفهوم وتاريخ بروز وتشكيل الظاهرة التي عبر عنها جلال أمين، أن المفهوم وإن كان حديثا فإن الظاهرة ظاهرة عمرها خمسة قرون على الأقل، ولكن ثمة أشياء مهمة قد طرأت على ظاهرة العولمة في أربعين سنة الأخيرة، منها انهيار الكثير من الحواجز بين الأمم والشعوب وتراجع سياسات العزلة وزيادة المبادلات الدولية ومجالات الاستثمار، وتنوع العلاقات بين الدول واقتحام الخدمات في مجال التجارة ومجالات الاستثمار، وتنوع العلاقات بين الدول واقتحام الخدمات مجال التجارة الدولية وبروز الشركات متعددة الجنسيات وغيرها من العوامل التي كانت وراء تسريع وتيرة التدويل.
- راجع:
جلال أمين: "العولمة والدولة والمستقبل العربي"، عدد 228، فبراير 1998، ص 23 وما بعدها.
- راجع:
جلال أمين: "العولمة والدولة والمستقبل العربي"، عدد 228، فبراير 1998، ص 23 وما بعدها.
[13] - عبد الكريم ألعطلاتي، نقلا عن أسبوعية المستقبل الاقتصادي، الصادر في 19 نونبر 1997.
[14] - منذر واصف المصري، مرجع سابق، ص 21.
[15] - نجاة آيت بوكاديو: "تحديات الإدارة المغربية، رهانات التنمية"، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس كلية الحقوق أكدال، الرباط، السنة الجامعية 2002- 2003، ص 18.
[16] - علي سدرجاي: "الإدارة والعولمة أية علاقة"، مرجع سابق، ص 4.
[17] - منذر واصف المصري، مرجع سابق، ص 14.
[18] - عبد الكريم العطلاتي، مرجع سابق، ص 142.
[19] - لقد كان من نتائج العولمة أن تم التراجع والإساءة لدولة الضمان الاجتماعي وذلك باسم سياسة تقشف الميزانية، فلكي تكون الدولة فعالة وتنافسية يجب ألا تكلف غالبا، وهذا يقتضي حصر التقاعد، والإلغاء التدريجي للطب المجاني، إلغاء المساعدات المالية، الزيادة في الاقتطاعات الإجبارية، وهكذا تفا حشت وتفاقمت مشكلة البطالة تحت تأثير حركة مزدوجة، أولا لم يتح الوضع الاقتصادي بخلق فرص جديدة للشغل، ثانيا تعدد الأزمات الاقتصادية بفعل الأداء الاقتصادي المتدهور لمؤسسات القطاع العام، فمع التسريحات الاقتصادية وضغوط اليد العاملة والضغط الديمغرافي المتزايد، كل هذا لا يساعد على الانفراج بل على العكس من ذلك فهو يعمق الأزمة، وبالتالي يدعو إلى إيجاد حلول أكثر واقعية تتماشى مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، إضافة إلى أن القوانين الصادرة تحت غطاء مرونة سوق العمل لم تعد كفيلة عملية سوق الشغل إلا في النادر من الأحوال.
فالدولة رغم تطورها نحو اقتصاد السوق تظل مطالبة بتوفير الحماية الاجتماعية للمواطنين تحت طائلة اشتداد الأقصى الاجتماعي، لكن هذه المهمة ما انتكست تتدهور نظرا للتخفيض الكبير من الميزانيات ذات الطابع الاجتماعي ولنمو البطالة وغلاء المعيشة، تماشيا مع توصيات البنك الدولي التي تعطي الأهمية للتوازنات المالية على حساب المتطلبات الاجتماعية
فالدولة رغم تطورها نحو اقتصاد السوق تظل مطالبة بتوفير الحماية الاجتماعية للمواطنين تحت طائلة اشتداد الأقصى الاجتماعي، لكن هذه المهمة ما انتكست تتدهور نظرا للتخفيض الكبير من الميزانيات ذات الطابع الاجتماعي ولنمو البطالة وغلاء المعيشة، تماشيا مع توصيات البنك الدولي التي تعطي الأهمية للتوازنات المالية على حساب المتطلبات الاجتماعية
[20] - خالد الناصري: "الإدارة العمومية بين إشكالية المضمون ومتطلبات التجديد"، ضمن تأهيل الإدارة للعولمة، منشورات كريت 2000، مرجع سابق، ص 67.
[21] - عبد اللطيف ناصري: "مداخل لتأسيس إدارة القرب حالة إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة"، منشورات م.م.أ.م، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 35، ص 68.
[23] - علي سدجاري: "الإدارة العولمة أية علاقة ضمن تأهيل الإدارة للعولمة"، منشورات كريت، 2002، مرجع سابق، ص 7، 8، 9.
[24] - علي سدجاري: "الإدارة والعولمة أية علاقة"، ضمن تأهيل الإدارة للعولمة، مرجع سابق، ص 9.
[25] -إن الاتجاه للتحول للقطاع الخاص وان كان اتجاه أخذت بة الكثير من دول العالم ،الا ان الإشكال التنظيمية الجديدة للمشروعات التي شملت التحول قد اختلفت من دولة لأخرى،حيث اتخذت إشكالا وأوصافا مختلفة فمنه ما أصبح بعد التحول شكل منشات خاصة ومنها ما اتخذ شكل تنظيمات ذات ملكية مختلطة،وهناك نماذج أخرى ظلت كهيئات حكومية ولكن تدار بأساليب إدارة الإعمال بم يمنحها شيئا من المرونة والاستقلال شبة الذاتي عن أجهزة الإدارة العامة ،وان هذه الإشكال التنظيمية خضعت في اختيارها لاعتبارات التوفيق بين عنصر المرونة ألازم لإدارة المشروعات من جهة،ورغبة الدولة في إبقاء المشروعات العامة ضمن سلطتها وسيطرتها من جهة أخرى.للمزيد من الاطلاع راجع صادق دخان،تطبيق أساليب إدارة الإعمال في أجهزة الإدارة العامة الايرادية واثر ذلك على الكفاءة الإنتاجية،دراسة تحليلية مقارنة ،جامعة القاهرة ،دكتورة فلسفة في أدارة الإعمال ،كلية التجارة للعام الجامعي 1987،ص141 .
- راجع عبد الكريم ألعطلاتي، مرجع سابق، ص 139.
- راجع عبد الكريم ألعطلاتي، مرجع سابق، ص 139.
[26] - محمد بن التهامي: "الوظيفة العمومية المغربية بين وحدة الدور والهدف وتعدد الأنظمة"، أطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق أكدال، سنة 2002، ص 281.
[27] - محمد بوبوش: "دور المنظمات الدولية في ترسيخ العولمة"، مجلة وجهة نظر، العدد 22، 2009، ص 48- 50.
[28] - راجع في هذا الموضوع نجاة آيت بوكابو: "تحديث الإدارة المغربية ورهانات التنمية"، مرجع سابق، ص
- راجع محمد بن التهامي: "الوظيفة العمومية المغربية بين وحدة الدور والهدف وتعدد الأنظمة"، ص 280.
- راجع محمد بن التهامي: "الوظيفة العمومية المغربية بين وحدة الدور والهدف وتعدد الأنظمة"، ص 280.