MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




العيوب الخفية الموجبة للضمان في بيوع العقارات في الفقه المالكي والقانون المغربي

     

فؤاد الحطري
باحث بسلك الدكتوراه / المقارنات التشريعية الفقهية والقانونية
جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس



 
 
مقدمة:
      يعد عقد البيع من العقود المسماة الأكثر شيوعا وأقدمها وجودا، والناس يحتاجون لإبرام عقود البيع في حاجياتهم اليومية، لذلك حظي عقد البيع باهتمام كبير في الحياة العملية، حيث يعد بمثابة عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وأساس المعاملات اليومية بين الأفراد.
        ويعتبر عقد البيع من قبيل عقود المعاوضات الملزمة لجانبين والمبنية أساسا على تقابل الالتزامات حيث يتوجب على البائع تسليم المبيع للمشتري مقابل حصوله على الثمن ، كما أن المشتري يلتزم بدوره بدفع الثمن مقابل استلام الشيء المبيع محل العقد. إلا أن البائع لا يلزم فقط بتسليم محل العقد ونقل الملكية للمشتري ، وإنما يلزم بأكثر من ذلك فهو إذ يسلم المبيع للمشتري عليه واجب ضمان الحيازة النافعة ولا يتحقق ذلك إلا بتسليمه للطرف الآخر المبيع وهو سالم من العيوب الخفية.
     وضمان البائع لعيوب المبيع يعد التزاما لصيقا لعقد البيع منذ ظهوره، فقد عرفه فقهاء المالكية بأنه هو الذي "تنقص به قيمة المبيع، أو يفوت به على المشتري غرض صحيح ..."[[1]]url:#_ftn1 .
     و ضابط العيب الذي يرد به المبيع  عند المالكية هو ما كان منقصا للثمن.. أو منقصا لذات المبيع .. أو يكون منقصا للتصرف.
     كما تم تعريفه بأنه:" ما يثبت بسببه نقص يخالف ما التزم به البائع شرطا أو عرفا في زمان ضما نه"[[2]]url:#_ftn2
     أما الفقه القانوني فقد عرف العيب بأنه: "كل ما يصيب أصل الفطرة السلمية للشيء ويترتب على ذلك نقصان في قيمته أو مجرد التأثير على منفعته وفقا لما خصص له المبيع بحسب الطبيعة أو بمقتضى الاتفاق"[[3]]url:#_ftn3
        وقد اهتم فقهاء المالكية بهذا الموضوع وأولوه عناية فائقة، فأصدروا فتاوى كثيرة في شأنه، وتميزت فتاويهم بالدقة والإحكام. وقد تطرق المشرع المغربي لعيوب الشيء المبيع في الفصول من 549 إلى 575 من قانون الالتزامات والعقود وكذا الفصول من 765 إلى 780 من نفس القانون المتعلقة بالضمان العشري، كما خصص له بعض المقتضيات في القانون الجديد  رقم 31.8المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
    وإن ما يثير الاهتمام بالتزام البائع بضمان العيوب الخفية كون أن هذه العيوب قد تثير اشكالية بوجود عيب خفي قد يجهله المشتري في المبيع تؤثر على المنفعة المرجوة من المبيع وتنقص من قيمته المادية أو المعنوية ، وهذا ما يعطي الحق للمشتري للجوء إلى دعوى فسخ العقد إذا توافرت شروط الدعوى ووفق إجراءات يحددها القانون.
      وينتظم هذا الموضوع في مطلبين، يخصص الأول للحديث عن العيوب الموجبة للضمان في بيع الأراضي، ويخصص الثاني للحديث عن العيوب الموجبة للضمان في بيع الدور.
 
 
 
 
 
المطلب الأول: العيوب الموجبة للضمان في بيع الأراضي
       تختلف العيوب الموجبة للضمان في بيع الأراضي باختلاف الغاية التي يهدف إليها المشتري أثناء إبرام العقد، فإما يتم اقتناء الأرض بقصد البناء عليها، أو امن أجل فلاحتها والرعي فيها. وفي كلتا الحالتين يستلزم بالضرورة أن تكون تلك الأرض صالحة لأداء المهمة التي اشتريت من أجلها، وبالتالي فكل ما من شأنه أن يحول دون تحقيق ذلك إلا ويعد عيبا فيها .
     الفقرة الأولى: العيوب ذات الطبيعة القانونية:
       تكون عيوب الأرض الموجبة للضمان ذات طبيعة قانونية تلك المتعلقة بالجوار وقيود البناء وحقوق الارتفاق سواء ما كان منها مفروضا بحكم القانون أو تأسيسا على الارتفاق أو بسبب موقع الأرض، ومثال ذلك أن تكون الأرض المزمع البناء عليها مملوكة للدولة أو الأغيار، أو أن تكون مثقلة برهون أو ارتفاقات تحول كليا أو جزئيا دون البناء عليها، أو أن تكون من الأماكن التي يمنع فيها البناء، فمن واجب المهندس المعماري مراعاة ما يمكن أن يكون هناك من ارتفاقات مقررة على الأرض المزمع إقامة البناء عليها لمنفعة عقارات مملوكة للأغيار، أو ما يمكن أن يكون هناك من قيود تحد من سلطة المالك في البناء على أرضه[[4]]url:#_ftn4 ، ويمكن في هذا الصدد مطالبة رب العمل بتقديم مستندات ملكيته ليتحقق بنفسه من أن الأرض المراد البناء عليها غير مثقلة بارتفاقات أو قيود تحد من سلطة المالك في البناء عليها، وأنها ليست من الأماكن التي تحظر السلطة العامة البناء عليها أو سبق نزع ملكيتها للمنفعة العامة،                          فعلى المهندس المعماري أن يتأكد من عدم وجود الموانع القانونية قبل الشروع في فحص التربة من الناحية الجيولوجية، ويحق له في سبيل ذلك الاستعانة برب العمل نفسه وبالسلطات المختصة في هذا الشأن، ومن ذلك مثلا عرض الرسم العقاري على الجهات المعنية كالمحافظة العقارية والسلطات المحلية[[5]]url:#_ftn5 .
       وإغفال المهندس للارتفاقات والقيود التي تثقل العقار المراد البناء عليه قد يجعله مسؤولا مسؤولية تقصيرية تجاه من تقررت هذه الارتفاقات والقيود لمصلحتهم، كما يمكن أن يكون سببا في رجوع رب العمل على المهندس بما دفعه من تعويض لهؤلاء الأغيار إذا كانوا قد رجعوا عليه مباشرة[[6]]url:#_ftn6 .
الفقرة الثانية: العيوب ذات الطبيعة الطبيعية
      إن العيوب الطبيعة نوعان: فهي متعلقة بالتكوين الجيولوجي للتربة أو راجعة لأسباب الجوار.
فيما يتعلق بالتكوين الجيولوجي للتربة: فقد تكون هذه الأخيرة رملية أو رخوية لا تتمتع بقدر من الصلابة لتحمل ثقل البناء المراد إنشاؤه عليها، أو تكون تربة محلية تعمل على تآكل الأسياخ الحديدية التي يتم بها البناء .
     أوقد تكون التربة فيها نسبة الملوحة مرتفعة، وهذا العيب مما لا يمكن التوصل إليه بالفحص العادي حتى ولو كان المشتري فلاحا، إذ مثل هذا العيب يحتاج لإظهاره إلى إجراء سلسلة من الفحوص والتحاليل الهندسية الدقيقة على عينات الأرض من طرف الجهات المختصة، وبالتالي فالإخطار بالعيب في مثل هذه الحلات لا يكون لازما إلا عند اكتشافه. وهذا ما أشارت إليه الفقرة الثانية من الفصل 553 من ق. ل. ع " ما لم تكن العيوب مما لا يمكن التعرف عليه بالفحص العادي... وفي مثل هذه الحالة يجب إخطار البائع بعيوب الشيء فور اكتشافها".
       وفيما يتعلق بأسباب الجوار: فقد تكون الأرض المراد إقامة البناء عليها بالقرب من حافة نهر أو بئر بحيث تكون مهددة بتلاطم الأمواج وتأثيرات المد والجزر أو فعل الرطوبة أو تكون موجودة على خزان المياه الجوفية عالية المنسوب مما يجعلها غير صالحة كليا أو جزئيا لتحمل أثقال البناء[[7]]url:#_ftn7 .
       يتبين مما تقدم أنه على المهندس المعماري بعد أن يتأكد من الوضع القانوني للأرض، أن يتحقق كذلك من عدم وجود موانع طبيعة تحول كليا أو جزئيا دون البناء عليها ، وللوصول إلى ذلك يمكنه الاستعانة بالوسائل العلمية الحديثة والقيام بالدراسات والاختبارات التي تمكنه من التعرف على طبيعة التكوين الجيولوجي للتربة وتساعده على الوقوف على مدى صلابتها وقدرتها على تحمل أثقال البناء الذي سيشيد عليها، فإذا تبين له من الدراسة التي أجراها على التربة أنها غير صالحة لإقامة البناء عليها وأن العيب الموجود بها من شأنه أن يسبب تهدم البناء إذا ما تمت إقامته أو تهدد سلامته ومتانته، فإن من واجبه إحاطة رب العمل علما بذلك ، فإن كان العيب من النوع الذي يمكن إصلاحه قام بإصلاحه إذا طلب منه رب العمل ذلك، أما إذا كان العيب مما لا يمكن إصلاحه، فيتعين عليه الامتناع عن إتمام المشروع وإلا كان مسؤولا عما يمكن أن يلحق البناء من تهدم أو تهديد سلامته ومتانته بسبب ذلك العيب[[8]]url:#_ftn8 .
إلا أنه لابد من التأكيد على أن عيوب الأرض التي يسأل عنها المهندس المعماري هي العيوب التي يمكن اكتشافها طبقا لأساليب الفن وطرقه  ، أما إذا كانت مما يتعذر كشفه باستعمال الطرق والأساليب عادة في اختبار التربة وفحص خصائصها، فإن ذلك يعتبر بمثابة قوة قاهرة تجعل المهندس المعماري متحللا من المسؤولية.
المطلب الثاني: العيوب الموجبة للضمان في بيع الدور
    اهتم فقهاء المذهب المالكي اهتماما كبيرا بعيوب الدور، وقد ميزوا بين ثلاثة أنواع منها:
الفقرة الأولى: العيوب اليسيرة
     وهي لا تستوجب الضمان نظرا لكون العرف يجيزها، ولا تكون مشمولة بالضمان إلا بالاتفاق، وقد مثل لها ابن الرامي البناء بتلقين التلبيس (ترميمها بكيفية رديئة) في الحيطان  أو الثقب أو التحفير اليسير مما لابد منه[[9]]url:#_ftn9 .
وقال ابن عاصم:
فإن يكن ليس له تأثير         في ثمن فخطبه يسير
فإذا كان العيب الذي اطلع عليه المشتري ليس له تأثير في الثمن كسقوط شرفات أو شق يسير أو نحوهما فشأنها لا يعتبر لأنه كالعدم.
 
 
الفقرة الثانية: العيوب المتوسطة
        وهي التي تؤثر على المبيع في حدود ثلث القيمة، ولم تكن مما يتسامح فيه عادة، وقد أشار بن الرامي البناء إلى بعضها حيث قال: والعيوب المتوسطة كالصدع المأمون الذي لا يخشى سقوط الحائط منه إذا كان لها ثمن  وتهوير البئر (تداعي سقفه للانهيار) الذي لا يخشى منه هدم البئر، والتدعيم (وجود أعمدة حجرية في باطن الحيطان) الذي يكون في الحاط بالحجر تبطينا عيب، والهوة التي يكشف منها على الحجر عيب فيها، وتعفن اللوح والقصب في السقف أيضا عيب، وتعفن رؤوس الخشب عيب متوسط، وتهدم القناة في الدور والمطامير التي تردم في الدور من غير ركز عيب  والبناء بالطوب والطابية وتلبيس الحيطان بالبغلي، والغسل عليه بالجير والجبس وعمل الأكحال في عامة الدار وما أشبه ذلك، كل ذلك عيب متوسط تؤخذ قيمتها إذا لم تكن مشترطة، وقد نزل أكثرها عندنا فحكم القضاة بقيمة عيبها ولم ترد الدور بذلك"[[10]]url:#_ftn10 .
الفقرة الثالثة: العيوب الجسيمة
       هي التي على جانب من الخطورة والجسامة، كتداعي السقف للانهيار، أو وجود شق في واجهة الدار، و عدم وجود منفذ لها . وضابط خطورة العيب لدى هؤلاء الفقهاء هو تأثيره على المبيع في حدود ثلث القيمة فاكثر[[11]]url:#_ftn11 ، إذ لو كان مؤثرا عليه فيما دون ذلك فهو من المتوسط لا الجسيم. 
وجاء في مقدمات ابن رشد أن ما يحط الثمن كثيرا إن كان المبيع قائما بعينه لم تدخله زيادة ولا نقصان فإن المبتاع فيه بالخيار بين أن يرد ويرجع بجميع الثمن أو يمسك ولا شيء له من الثمن ، وكذلك العيب المؤبد الذي لا يزول فإنه ترد به الدار[[12]]url:#_ftn12 ..
       وفيما يلي سأعرض لأهم العيوب الموجبة للضمان في بيع الدور التي أوردها فقهاء المالكية في كتبهم ومؤلفاتهم:
  • جاء في الطرر عن الموازية : أن الجار في الدار المكتراة عيب يرد به إذا لم يعلم[[13]]url:#_ftn13 .
  • وقال أبو صالح الحراني: سمعت مالكا يقول: ترد الدار من سوء الجيران والحفرة والبئر والمرحاض إن كانت بقرب حيطان الدار والبيوت أو تحتها عيب. والشقوق المخوفة لهدم الدار فيها عيب، فإن لم تكن مخوفة لم يكن عيب . وتبقية مرحاضها  وكثرة البق فيها عيب.[[14]]url:#_ftn14
  • جاء في نوازل العلمي: "... وأما عيوب الدور فالحفرة والبير والمطهرة بقرب الحيطان أو البيوت أو تحتها، والسقف التي يخشى سقوطها، وجريان ماء غيرها عليها، واستنقاع مائها فيه، وتنقية مرحاضها على بابها، وأن لا يكون لها مرحاض وكثرة البق وتشقق الحيطان"[[15]]url:#_ftn15
  • ونزلت مسألة بقرطبة : وهي : أن رجلا اشترى دارا بقرب من واد  فحمل الوادي في بعض السنين حتى بلغ إليها فوقع الحكم بأن الوادي إن ثبت أنه بلغ إليها فيما مضى من الزمان – ولو مرة- فله الرجوع.[[16]]url:#_ftn16
  • وقد نزلت مسألة بتونس في رجل اشترى دارا فوجد فيها قناة تشقها فتحاكما إلى القاضي أبي اسحاق ابن عبد الرفيع فقال للمشتري: أنت بالخيار إما تمسك وتقبل العيب، وإلا فخذ ما أعطيت.[[17]]url:#_ftn17
  • ونزلت مسألة أخرى في رجل اشترى دارا فوجد خلف بيته قناة للجار وقد ابتل الحائط من مسيل القناة وأن ذلك يضر بالحائط. فقال القاضي للمشتري: أنت بالخيار إما أن تأخذ مالك أو ترضى بالعيب، فقال المشتري أقبض الثمن: فحكم على البائع أن يرد الثمن ويأخذ داره.
وكثيرا ما جرى مثل هذه، وكان يرد البيع أو يرضى المشتري بالعيب، وكذلك كل عيب يجب رد الدار به كالندوة وغيرها وما يكون من شيء لا يصلح مثل القناة خلف الحائط أو ما يشبه ذلك مما يؤدي إلى البلل فإنه يجب الرد به ولا يؤخذ فيه قيمته وكذلك الحائط المائل على غير الميزان في الدار على ما وراه ابن القاسم في الصدع.
  • قال القاضي أبو إسحاق ابن عبد الرفيع : وإذا كانت الدار ماء بئرها زعاقا ردت به. وهو عيب إذا لم يكن مستساغا لمرارته. وكذلك إن كان طي البئر قد تهيأ الانكباب، يعني للسقوط رد بذلك إذا كان لا يقدر على إصلاحه إلى أن ينقض الطي كله .
 والعيوب التي ترد بها الدور منها ما يكون عيبا شاملا غير مشترك مثل قناة شقها أو شق بعض حيطانها أو كوة لا يمكن الستر منها، ووقوع الحائط  الكبير الذي يعم اكثر الدار والدخان الذي يؤدي من يسكن الدار، والرائحة القبيحة تكون في دور جيرانه فتصل إليها من القنوات، أو وراءه يكون خلف البيت يمنع النوم ويهز الحائط، أو شيئا يملك أعلاها أسفلها. فكل ذلك عيوب كثيرة توجب الرد إذا كان لم تكن بشرط على المشتري ، والشؤم إذا كانت الدار مشهورة به فهو عيب ترد الدار به[[18]]url:#_ftn18 .
وهذا كله إذا كان المبيع قائما بعينه ولم يدخله زيادة ولا نقصان، فإن دخل المبيع نقصان مثل أن يهدم من الدار شيء وهي في ملك المشتري فلا يخلو أن يكون الهدم يسيرا أو أكثر، فإن كان كثيرا وظهر للمشتري في الدار عيب يوجب الرد فليس للمشتري أن يرد الدار، وإنما يؤخذ قيمته لما فات من الدار بالهدم الكثير، وإن كان الذي أنهدم من الدار سيرا  ثم قام المشتري بعيب يوجب الدار فللمشتري أن يرد الدار ويقوم ما انهدم منها  ويأخذ البائع ثمنه من المشتري مع داره .،وكذلك يجري العمل فيما يزداد في الدار[[19]]url:#_ftn19 .
وقد ذكر ابن الرامي البناء في كتابه مسألة نزلت عندهم بتونس في: " رجل اشترى دارا فوجد فيها عيبا فتداعيا إلى القاضي الفقيه أبي عبد الله بن الغمار قاضي الجماعة حينئذ، فسألنا النظر في ذلك فكتبنا وثيقة متضمنها أنه عيب يوجب الرد، فحكم بينهما القاضي برد الدار، ثم قام البائع على المشتري فيما انهدم من الدار بعد شرائه، وتحاكما في ذلك  عند القاضي المذكور، فقال :ينظر أهل البصر الهدم ، هل يسير أو كثير؟ فكتبنا وثيقة نصها: "الحمد لله وحده يقول من يوقع شهادته هنا، بعد، كنت عاينت العيوب المشهود بها في البصر وشهدت بها .،وبأنها أقدم من أمد التبايع المذكورة فيه وأنها توجب الرد ،ثم طلب من بعد ذلك معاينة ما أحدث بالدار المذكورة فيه من هدم بعد الشراء المذكور وهو هدم كثير يوجب الرد بفوات المبيع بسبب الهدم الكثير والحادث فيها بعد الشراء المذكور وأن قيمة العيب كذا وكذا، ثم شهدنا، وحكم بالقيمة ولم يرد الدار بالعيب لفوات المبيع بالهدم الكثير[[20]]url:#_ftn20 . 
     - وقال ابن عاصم: والبق عيب من عيوب الدور يوجب الرد على المشهور.  وبالتالي فقد اعتبر ابن عاصم أن البق عيبا ولو قل. وقد قال أبو صالح الجواني سمعت مالكا يقول ، ترد الدار من سوء الجيران والحفرة والبئر والمرحاض بقرب حيطان الدار بقرطبة وحكم بردها[[21]]url:#_ftn21 .
* ويعد بمثابة عيب يوجب الضمان في الدور أيضا ما يلي:
       - الاعوجاجات الخارجية التي لا تتوافق وقواعد العمران: وهي تختلف بحسب ما إذا كنا في مناطق الفيلات والعمارات، حيث يتم البناء وفقا لتفاصيل وتصاميم خاصة ودقيقة الشيء الذي يجعل من الاعوجاج البسيط عيبا موجبا للضمان، أما إذا تعلق الأمر ببناءات مشيدة خارج النطاق الحضري فإن مثل هذه الاعوجاجات والنتوءات اليسيرة  أو البسيطة لا تشكل عيبا فيها إلا إذا تأثرت بصورة محسوسة على مظهر البناء أو كانت مشمولة بالضمان بمقتضى اتفاقات خاصة.
- تصدع جدران الدور ووجود شقوق بها نتيجة لنقص مواد البناء أو عدم احترام قواعد الفن المعماري.
خــــــاتـــــــمــــــة :
       نختم موضوعنا هذا بموقف المشرع المغربي من العيوب الموجبة للضمان في بيوع العقارات المبنية. حيث أشار المشرع المغربي وهو بصدد الكلام في إجارة الصنع إلى بعض العيوب التي تستوجب الضمان في العقار الجاهز أثناء العقد، فقد جاء في الفصل 769 من ق. ل. ع بأن :" المهندس المعماري أو المهندس والمقاول المكلفان مباشرة من رب العمل يتحملان المسؤولية إذا حدث خلال العشر سنوات التالية لإتمام البناء أو غيره من الأعمال التي نفذاها أو أشرفا على تنفيذها إن انهار البناء كليا أو جزئيا أو هدده خطر واضح بالانهيار بسبب نقص المواد أو عيب في طريقة البناء أو عيب في الأرض".
مما سبق يتبين أن البناء إذا انهار بسبب نقص المواد المستعملة أو لعدم احترام المقاول لقوانين الفن المعماري يعد سببا كافيا للرجوع بالضمان من طرف رب العمل على المقاول الذي تعهد بتنفيذ المقاولة إذا كان العيب راجعا إلى خلل في البناء، أما عيوب الأرض فلا يسأل عنها المقاول وإنما المهندس المعماري المختص ، وبالتالي فهو لا يسأل عن عيوب البناء ونقص المواد لأن ذلك خارج عن اختصاصه، كل هذا ما لم يحصل الاتفاق على تمديد مهمته إلى الإشراف على عملية البناء[[22]]url:#_ftn22
وهذا ما نستخلصه من الفقرة الثانية من نص الفصل 769 ق. ل. ع التي جاء فيها : " المهندس المعماري الذي أجري تصميم البناء ولم يشرف على تنفيذ عملياته لا يضمن إلا عيوب تصميمه".
ويرى الدكتور عمر عزيمان في أطروحته " المهنة الحرة بالمغرب" وهو بصدد التعليق على نص الفصل 769 بان الالتزام الملقى على المقاول والمهندس المعماري هو من قبيل الالتزامات بتحقيق نتيجة حيث يتعين على هؤلاء أن يسلموا البناء إلى الزبون وهو سالم من العيوب المشار إليها في الفصل السابق والتي تتمثل في نقصان مواد البناء أو عيب في التشييد ، أو البناء على أرض غير صالحة لهذه المهمة . ويشترط الرجوع على هؤلاء أن يكون العقار قد تداعى للانهيار أو تهدم فعلا ، وأن يتم وضع دعوى الضمان داخل العشر سنوات التي تلي إتمام البناء[[23]]url:#_ftn23 .
 
 
 
 
المصادر والمراجع:
  • عبد القادر العرعاري: ضمان العيوب الخفية في عقد البيع، منشورات جمعية البحوث والدراسات القضائية 1996.
  • عبد القادر العرعاري ،:المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغربأطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس بالرباط1410ه/1990م.
  • عبد الرحمان حموش: المسؤولية العقدية للمهندس في القانون المغربي والمقارن ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص كلية الحقوق بوجدة 2010-2011 .
  • عمر عزيمان ، المهنة الحرة بالمغرب، أطروحةلنيل شهادة الدكتوراهفي القانون الخاص ، جامعة محمد الخامس –كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – السويسي – الرباط . عبد الرزاق حسن يس : المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء،دار الفكر العربي ، الطبعة الاولى 1998.
  • أبي عبد الله إبراهيم بن محمد اللخمي المعروف بابن الرامي البناء :الاعلان بأحكام البنيان ،تحقيق ودراسة فريد بن سليمان، مركز النشر الجامعي 1999.
  • محمد بن محمد الحطاب: مواهب الجليل شرح مختصر خليل ، دار الرضوان- نواكشوط - موريتانيا، الطبعة الثانية ، 1398 ه ، الجزء الرابع .
  • أحمد بن عبد الرحمان اليزليتني القروي المالكي: مختصر فتاوى البرزلي، تحقيق أبو الفضل الدمياطي احمد بنعلي، مركز الثرات الثقافي المغربي ، الدار البيضاءالطبعة الأولى 1432ه/2011م.
  • أبي عبد الله سيدي محمد المهدي ابن محمد الخضر الوزاني الشريف العمراني الحسيني: النوازل الصغرى المسماة : المنح السامية في النوازل الفقهية ، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 1413ه/ 1993م ، الجزء الثالث.
  • أبي الحسن علي بن عبد السلام التسولي : البهجة في شرح التحفة ، دار الكتب العلمية بيروت –لبنان ، الطبعة الأولى 1418ه/1998م الجزء الثاني.
 
 
 
 
1- محمد بن يوسف العبدري، الشهير بالمواق : التاج والإكليل لمختصر خليل، دار الفكر بيروت ، الطبعة الثانية، 1398 هـ  ،  الجزء الرابع ،ص 426.
2-محمد بن محمد الحطاب : مواهب الجليل شرح مختصر خليل ، دار الرضوان- نواكشوط - موريتانيا،الطبعة الثانية ، 1398 ه ، الجزء الرابع ،ص 427
 
3- عبد القادر العرعاري : ضمان العيوب الخفية في عقد البيع، منشورات جمعية البحوث والدراسات القضائية ،1996 ص 24 وما يليها .
1-عبد الرحمان حموش: المسؤولية العقدية للمهندس في القانون المغربي والمقارن ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص كلية الحقوق بوجدة 2010-2011 ص 114
[4] 2- عبد القادر العرعاري ،:المسؤولية العقدية للمقاول والمهندس المعماري بالمغرب ، أطروحةانيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جتمعة محمد الخامس بالرباط1410ه/1990م، ص 67[4]
 
- عبد الرحمان حموش :مرجع سابق ص 115[6]
1- عبد الرزاق حسن يس: المسؤولية الخاصة بالمهندس المعماري ومقاول البناء،  دار الفكر العربي ، الطبعة الاولى 1998ص 721
- عبد الرحمان حموش: مرجع سابق ص 116[8]
1-  أبي عبد الله إبراهيم بن محمد اللخمي المعروف بابن الرامي البناء :الاعلان بأحكام البنيان ،  تحقيق ودراسة فريد بن سليمان، مركز النشر الجامعي 1999ص 344 وما يليها
- ابن الرامي البناء: مرجع سابق، ص 350[10]
- التسولي : البهجة في شرح التحفة ،  مرجع سابق ،ص 98 وما يليها [11]
ابن رشد أبو الوليد أحمد بن محمد القرطبي : المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعيات والتحصيلات المحكمات لأمهات مسائلها المشكلات، تحقيق سعيد أحمد أعراب ، دار الغرب الإسلامي – بيروت لبنان -، الطبعة الأولى 1408ه/ 1988م ، الجزء الثاني.
1- أحمد بن عبد الرحمان اليزليتني القروي المالكي: مختصر فتاوى البرزلي،تحقيق أبو الفضل الدمياطي احمد بن علي، مركز الثر ات  الثقافي المغربي ، الدار البيضاء  الطبعة الأولى 1432ه/2011م،ص 265               
- مختصر فتاوى البرزلي ، مرجع سابق ،ص265[14]
[[15]]url:#_ftnref15 - ا أبي عبد الله سيدي محمد المهدي ابن محمد الخضر الوزاني الشريف العمراني الحسيني: النوازل الصغرى المسماة : المنح السامية في النوازل الفقهية ، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 1413ه/ 1993م ، الجزء الثالث.ص 28-29
-4 ابن الرامي البناء: ،مرجع سابق، ص104
 
 - ابن الرامي  البناء ، مرجع سابق ،ص107[17]
- ابن الرامي البناء: مرجع سابق ، ص110.[18]
- - ابن الرامي البناء،: ،مرجع سابق ص101-111.2
 
 
 
- عبد القادر العرعاري،  ضمان العيوب الخفية في عقد البيع ،مرجع سابق، ص 140[22]
[[23]]url:#_ftnref23 - عمر عزيمان ، المهنة الحرة بالمغرب، أطروحة  لنيل شهادة الدكتوراه  في القانون الخاص ، جامعة محمد الخامس –كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – السويسي – الرباط ،ص 344 وما يليها.
 




الخميس 1 سبتمبر 2022
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter