MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



المبادئ التوجيهية في قانون الكراء التجاري رقم 16ـ49

     



المبادئ التوجيهية في قانون الكراء التجاري رقم 16ـ49

بتاريخ 11 غشت 2016 نشر بالجريدة الرسمية عدد 6490 القانون رقم 16ـ49 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري و الصناعي و الحرفي الذي نسخ ظهير 24 ماي 1955 بعد عقود من انتظار المراجعة التشريعية لقانون شغل بال الباحثين القانونيين و عرف تضاربا في التفسير و التطبيق القضائي و نقاشا حادا بين أنصار الملكية العقارية و المدافعين عن الملكية التجارية.
و إذا كان من الصعب القول بأن التنظيم التشريعي الجديد قد أعاد التوازن المفقود بين حقوق مالكي العقارات و مكتريها لأغراض تجارية لأن هذه غاية مثالية و نظرية أكثر منها حقيقة واقعية بالنظر إلى صعوبة محاربة ظاهرة المضاربة العقارية بشكل عام فإنه لا بد من ملاحظة أن القانون الجديد حاول جهد الإمكان تفادي سلبيات القانون القديم بتبنيه مبادئ توجيهية واضحة تهدف إلى حماية الأمن التعاقدي و  توسيع نطاق الاستفادة و تبسيط مساطر التقاضي و الدفع نحو تشجيع مالكي الأصول التجارية على التصريح الضريبي و عدم إيقاف النشاط التجاري و حمايتهم من تعسف مالكي الرقبة. و في كل ذلك حاول المشرع أن يستفيد من الحلول التي ابتكرها الاجتهاد القضائي لتجاوز نقص النصوص القانونية أو غموضها أو وضع حد لتضارب العمل القضائي تحقيقا لأهداف الأمن القانوني و القضائي.
تأسيسا على ما ذكر سوف نحاول مقاربة قانون الكراء التجاري الجديد من خلال المبادئ التوجيهية التالية في أفق إعداد دراسة تفصيلية و شاملة لمقتضيات القانون المذكور. و قد ارتأينا تقسيم الموضوع كالآتي:
المبحث الأول: توسيع مجال الاستفادة من قانون الكراء التجاري.
المبحث الثاني: تبسيط الإجراءات و المساطر القضائية.
المبحث الثالث: حماية الأمن التعاقدي و تشجيع الشفافية الضريبية.
المبحث الرابع: حماية المكتري من تعسف مالك العقار.
المبحث الخامس: تعزيز الأمن القانوني و القضائي.
 
 
المبحث الأول: توسيع مجال الاستفادة من قانون الكراء التجاري
.

وسع قانون 16ـ49 من نطاق تطبيقه من خلال تعداد نوع الأملاك العقارية  و المحلات موضوع عقد الكراء التجاري، هكذا يشمل تطبيق القانون حسب المادة الأولى منه:
1ـ عقود كراء العقارات أو المحلات التي يستغل فيها أصل تجاري في ملكية تاجر أو حرفي أو صانع و المحلات الملحقة بها.
2ـ عقود كراء الأراضي العارية التي شهدت بنايات لاستغلال أصل تجاري بشرط الموافقة الكتابية للمالك.
3ـ عقود كراء العقارات أو المحلات المندرجة ضمن الملك الخاص للدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية إذا لم تكن مرصودة لمنفعة عامة.
و زيادة في التوضيح و رفعا لكل لبس وسع المشرع نطاق الاستفادة من قانون الكراء التجاري ليشمل المحلات التي تمارس فيها مؤسسات التعليم الخصوصي نشاطها و كذا المصحات الخاصة و المؤسسات المماثلة لها و المقاولات الصيدلية و المختبرات الخاصة بالتحاليل البيولوجية و الطبية و عيادات الفحص بالأشعة و كذا المحلات التي تمارس فيها التعاونيات نشاطا تجاريا. و يلاحظ أنه إذا كان القضاء كان قد درج على اعتبار نشاط الصيدلي نشاطا تجاريا لكونه يقوم على عمليات الشراء من أجل البيع و بالتالي أخضع نشاطه لمفهوم الاستغلال التجاري المشمول بحماية ظهير 1955 فإن الأمر لم يكن بتلك السهولة بالنسبة للمصحات الطبية أو المؤسسات التعليمية بحيث كان يصعب على القضاء أن يشملها بحماية ظهير 1955 لكون النشاط التعليمي و الطبي يعتبر نشاطا فكريا لا تجاريا خاصة مع وجود حالات التنافي لممارسة التجارة من طرف رجال التعليم و الأطباء باستثناء إذا ما تمت ممارسة النشاط في إطار شركة تجارية. نفس الأمر كان ينطبق على التعاونيات لأن الأصل أنها لا تسعى إلى الربح شأنها شأن الجمعيات. إلا أن القانون الجديد استوعب حجم الاستثمار الذي أصبحت تشكله المقاولة التعليمية و الصحية و التعاونية و رغبة منه في تشجيع هذه الاستثمارات أخضعها لنفس مقتضيات حماية الأصول التجارية و لو كان النشاط الممارس لا يندرج ضمن الأنشطة التجارية وفق مفهوم المواد 6 و 7 و 8 و 9 من مدونة التجارة. فهل هي بداية التماهي بين مفهوم الأصل التجاري و الأصل المهني؟ و هل سوف يعتمد القضاء القياس لتوسيع دائرة تطبيق القانون الجديد على مهن حرة أخرى غير التعليم و الصحة؟
في مقابل ذلك كان القانون الجديد صارما في استثناء العقارات المندرجة ضمن الملك العام للدولة و كذا تلك التي تدخل ضمن الملك الخاص للدولة إذا كانت مرصودة لمنفعة عامة و العقارات المملوكة للأوقاف و العقارات المكراة بناء على أمر قضائي . و مع ذلك يحق لنا أن نتساءل عن معايير المنفعة العامة بالنسبة للملك الخاص للدولة هل يتعلق الأمر بمجرد تصريح للإدارة بأن العقار المعني مخصص للمنفعة العامة أم يتعلق الأمر بالعقارات المنزوعة ملكيتها من أجل المنفعة العامة؟ و هل للقضاء رقابة على معيار المنفعة العامة؟ و فيما يخص العقارات التي تدخل في نطاق الأوقاف نعتقد أنه كان على المشرع أن يكون أكثر تحديدا و تدقيقا بالتنصيص على العقارات المندرجة ضمن الأوقاف العامة دون الأوقاف الخاصة ، فمن جهة فإن إدارة الأوقاف تسير فقط الحبس العام دون الخاص و من جهة ثانية فإن رغبة المحبس في الحبس العام تنصرف إلى غاية خيرية أو منفعة عامة على خلاف الحبس الخاص الذي ينصرف إلى انتفاع شخص معين أو عقب معين.
و من بين الاستثناءات التي نص عليها القانون الجديد حرمان المحلات التجارية المشيدة ضمن مركز تجاري له شعار موحد. و يظهر أن المشرع رجح كفة و مصلحة المركز التجاري ذي الشعار الموحد على حساب مكتري المحلات التجارية الذين يمارسون أنشطتهم ضمن مجاله و تحت تسييره العام[1] . و هو نفس الباعث الذي جعل المشرع يحرم مكتري العقارات و المحلات الذين يمارسون أنشطتهم بالفضاءات المخصصة لاستقبال مشاريع المقاولات التي تمارس نشاطها بقطاعي الصناعة و تكنولوجيا المعلومات.
و قد كرس القانون الجديد استثناء الأكرية التي تندرج ضمن الحقوق العينية العقارية كالكراء الطويل الأمد و عقود الائتمان الإيجاري العقاري باعتبارها حقوقا تتمتع بحماية قانونية بمقتضى نصوص تشريعية خاصة
.
المبحث الثاني: تبسيط الإجراءات و المساطر القضائية
.

يعتبر تبسيط الإجراءات شبه القضائية و كذا المساطر القضائية من بين المبادئ الناظمة لعملية تسهيل الولوج إلى العدالة. و قد كان ظهير 24 ماي 1955 يتميز بتعقيد إجراءات تجديد و فسخ عقد الكراء التجاري بدءا من توجيه الإنذار مرورا بسلوك مسطرة الصلح و انتهاء بدعوى المنازعة  و التعويض  أو دعوى الفسخ و الإفراغ، و كان الطرف المكتري  يعاني كثيرا من تعقيد الإجراءات و آجالات سقوط الحق بالإضافة إلى إرغامه على اللجوء إلى القضاء بدلا من إلزام الطرف الذي له مصلحة في الإفراغ بذلك و هو المكري.
هكذا إذن كان المكتري ملزما بسلوك مسطرة الصلح أمام رئيس المحكمة المختصة داخل أجل ثلاثين يوما من توصله بالإنذار، كما كان ملزما برفع دعوى المنازعة في الإنذار أو المطالبة بالتعويض داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ تبليغه بمقرر فشل الصلح . كل ذلك تحت طائلة سقوط حقه و اعتباره محتلا بدون سند.
على خلاف ذلك تعامل القانون الجديد بمرونة مع المكتري المواجه بالإنذار بالإفراغ بحيث ألزم المكري برفع دعوى المصادقة على الإنذار في حالة عدم استجابة المكتري لمضمونه داخل أجل ستة أشهر من تاريخ انتهاء الأجل المحدد في الإنذار تحت طائلة السقوط حسب المستفاد من المادة 26. فإذا انصرم الأجل المذكور كان المكري ملزما بتوجيه إنذار جديد حتى يتمكن من رفع دعوى جديدة للمصادقة على الإنذار.
و يفهم من خلال هذه المقتضيات  أن المكتري غير ملزم برفع دعوى المنازعة في الإنذار و إنما بإمكانه أن يكتفي بالجواب و الدفع ببطلان الإنذار إما لأسباب شكلية أو لأسباب موضوعية، و لا يلزم برفع الدعوى إلا إذا تعلق الأمر بطلب التعويض عن الإفراغ الذي يمكن أن يأتي في شكل طلب مقابل أثناء سريان دعوى المصادقة أو دعوى مستقلة شريطة تقديمها داخل أجل لا يتعدى ستة أشهر من تاريخ تبليغه الحكم النهائي القاضي بالإفراغ.[2]
غير أنه من إيجابيات مسارعة المكتري برفع دعوى التعويض قبل صدور حكم نهائي بالإفراغ تفعيل حقه في تعطيل إجراءات تنفيذ الحكم بالإفراغ إلى حين توصله بالتعويض المحكوم به طبقا لمقتضيات المادة 27 من القانون رقم 16ـ49.
و من جانب الطرف المكري نظم قانون الكراء التجاري لأول مرة مسطرة خاصة لاسترجاع حيازة المحلات المهجورة أو المغلقة. فبعدما كان العمل القضائي الاستعجالي يعالج الأمر في إطار ما عرف بمسطرة فتح محل في الحالة التي يدعي فيها المكري هجر المكتري للمحل لمدة معينة ــ و هو ما كان يفرض على رئيس المحكمة بوصفه قاضيا للمستعجلات إصدار أمر بفتح المحل و استرجاع حيازته مؤقتا بعد التأكد من واقعة الهجر و الإغلاق في إطار القواعد العامة للقضاء الاستعجالي ــ فإن القانون الجديد حاول استدراك الفراغ التشريعي في الموضوع و نظم هذه المسطرة بوضع شروط معينة لتقديم الدعوى و تحديد الاختصاص و الآثار. لكن الجديد في الموضوع أن هذه المسطرة يمكن أن تصبح تمهيدا لفسخ عقد الكراء بصفة نهائية بدلا من اعتبارها مجرد استرجاع مؤقت للحيازة إذا استمرت غيبة المكتري  لمدة لا تقل عن ستة أشهر من تاريخ تنفيذ الحكم الاستعجالي القاضي بفتح المحل. و بذلك يتبين توجه المشرع الواضح نحو حرمان  المكتري المتوقف عن استغلال الأصل التجاري من الحماية المقررة للملكية التجارية. و هذا بخلاف ما استقرت عليه محاكم الموضوع و محكمة النقض سابقا من تقرير حق المكتري المواجه بمسطرة فتح محل في الرجوع إلى محله مهما طالت مدة الإغلاق و التوقف عن الاستغلال ما دام أن المسطرة المذكورة لا يترتب عنها فسخ عقد الكراء أو إنهاءه الذي لا يثبت إلا باتباع مسطرة الإفراغ طبقا للفصلين 6 و 27 من ظهير 24 ماي 1955 التي كانت تعتبر من النظام العام[3].

المبحث الثالث: حماية الأمن التعاقدي و تشجيع الشفافية الضريبية.

ربط القانون الجديد استفادة المكتري من بعض المقتضيات الحمائية بضرورة التقيد بقواعد الكتابة و الإشعار و ضبط المحاسبة و الالتزام بالتصاريح الضريبية.

أولا: التقيد بقواعد الكتابة.

نصت المادة الثالثة على أن عقود كراء العقارات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي تبرم وجوبا بمحرر كتابي ثابت التاريخ. فما معنى الوجوب؟ و هل الكتابة شكلية إثبات أم انعقاد؟ أم أنها شرط ضروري  لاكتساب الحق في الكراء كعنصر معنوي من عناصر الأصل التجاري.
بداية نذكر بأن الأصل في العقود هو الرضائية إلا إذا اشترط القانون إفراغ العقد في شكل معين. و بالنظر إلى خلو قانون الكراء التجاري من شرط مماثل فضلا على أنه نص في مادته 37 بأن الأكرية التي لا تتوفر فيها الشروط المنصوص عليها في الباب الأول تخضع لمقتضيات قانون الالتزامات و العقود ـ ، فإن مؤدى ذلك أن عقود الكراء التجاري غير المكتوبة تعتبر صحيحة بدليل خضوع تنظيمها لقانون الالتزامات و العقود الذي لا يشترط الكتابة. كما يتبين أيضا أن الكتابة لم تشترط للإثبات ما دام أنه لا يوجد نص بذلك فيخضع الإثبات للقاعدة المنصوص عليها في المادة 334 من مدونة التجارة في باب العقود التجارية التي نصت على خضوع المادة التجارية لحرية الإثبات و كذا المادة 628 ق ل ع التي نصت على أنه يتم الكراء بتراضي طرفيه على الشيء و على الأجرة و على غير ذلك مما عسى أن يتفقا عليه من شروط في العقد . كل ما هنالك أن المكتري الذي لا يتوفر على محرر كتابي ثابت التاريخ يحرم من الحق في تجديد عقده و ما يقابله من حق التعويض حسب ما ورد في المادة 6 من نفس القانون التي نصت على أنه: ٌ يكون المكتري محقا في تجديد عقد الكراء متى توفرت مقتضيات الباب الأول من هذا القانونٌ. و بالرجوع إلى مقتضيات الباب الأول نجد من بينها المادة الثالثة التي اشترطت ورود العقد في محرر كتابي ثابت التاريخ[4].
كذلك تعتبر الكتابة ضرورية للاحتجاج ببعض الشروط سواء من جهة المكتري أو من جانب المكري، فلكي يحتج المكتري بحقه في تغيير النشاط التجاري أو بحقه في الحصول على الاستفادة من تجديد العقد دون إثبات انتفاعه لمدة سنتين على الأقل أو بحقه في الحصول على تعويض عن الإفراغ يعادل على الأقل المبلغ المدفوع لشراء الحق في الكراء لا بد أن يضمن المكتري الحقوق المذكورة كتابة في عقد الكراء أو في عقد منفصل ــ انظر المواد 22 و 4 و 7 على التوالي ــ.
و من جانب المكري فإنه لا يمكنه أن يحتج على المكتري  ببعض الشروط ما لم يتم التنصيص عليها عقدا كالمنع من الكراء من الباطن أو إلزام المكتري بتحملات إضافية مستقلة عن السومة الكرائية أو الاحتجاج بالشرط الفاسخ المرتبط بعدم أداء الكراء ــ انظر المواد 24 و 5 و 33 على التوالي ــ.
 
ثانيا: الإشعار كإجراء للاحتجاج.

ألزم القانون رقم 49ـ16 المكتري بالقيام بإشعار المكري كتابة ببعض التصرفات من أجل الاحتجاج عليه بها. و من بينها على سبيل المثال تفويت الحق في الكراء للغير بحيث نصت المادة 25 على أنه لا يمكن مواجهة المكري بهذا التفويت إلا اعتبارا من تاريخ تبليغه إليه. و قد كان العمل القضائي مستقرا على تطبيق مقتضيات حوالة الحق وفقا لنصوص قانون الالتزامات و العقود إلا أنه كان يتعامل بمرونة كبيرة مع هذا المقتضى بإقرار ثبوت التبليغ بأي وسيلة للعلم بما في ذلك العلم الناتج عن التبليغ بمقال افتتاحي أو بمذكرة جوابية أثناء سريان الدعوى.
غير أنه في نظرنا لم يعد مبررا طبقا لمقتضيات القانون الجديد الاحتجاج بوقوع تبليغ الإشعار بالتفويت بمختلف وسائل الإثبات بل يتعين التقيد بما نصت عليه المادة 34 من نفس القانون التي جاءت صريحة في وجوب أن تتم الإنذارات و الإشعارات و غيرها من الإجراءات المنجزة في إطار القانون المذكور بواسطة مفوض قضائي أو طبقا للإجراءات المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية. و يقصد بها طبعا الإجراءات الواردة في المواد 37 و 38 و 93 ق م م.
من جهة أخرى لا يمكن للمكري أن يحتج على المكتري برفض طلب هذا الأخير  الرامي إلى ممارسة أنشطة مرتبطة بالنشاط الأصلي أو مكملة إلا إذا وجه إشعارا للمكتري  يعلمه فيه بجوابه داخل أجل شهرين من  تاريخ التوصل. و إلا اعتبر سكوته بمثابة موافقة على ممارسة هذه الأنشطة ــ المادة 22 ــ.
كما ألزم القانون الجديد المكري الذي يرغب في وضع حد لعقد الكراء التجاري تبليغ طلبه إلى الدائنين المقيدين و هم الدائنون الذين يتوفرون على امتياز البائع أو على رهن الأصل التجاري ـ المادة 29 ـ . نفس الالتزام يقع على المكتري بحيث يلزم بإشعار الدائنين المقيدين بوقوع الإفراغ و بوجود تعويض مستحق له حتى يمارسوا حقهم في التعرض على أداء ثمن التعويض خلافا للمادة 112 من مدونة التجارة التي ألغيت صراحة بمقتضى المادة 38 من القانون رقم 49ـ16.

 ثالثا: ضبط المحاسبة و الالتزام بالتصريحات الضريبية.

إذا كانت التزامات المكتري بضبط قواعد المحاسبة كتاجر منظمة بمقتضى القانون رقم 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية كما تم تعديله بواسطة القانون رقم 44.03  و التزامه بالتصريح الضريبي مؤطر بمقتضى قواعد القوانين الضريبية و ينتج عن مخالفتها جزاءات معينة فإن انعكاس هذه الالتزامات في علاقته بالحق في الكراء يعتبر من مستجدات قانون الكراء التجاري الجديد الذي يرمي إلى جعل المقاولة التجارية أكثر تنظيما و يسعى إلى هيكلة الأنشطة التجارية و محاربة التجارة السرية و التهرب الضريبي.
في هذا السياق ربطت المادة 7 من القانون الجديد تحديد قيمة الأصل التجاري المعتمد أساسا لتعويض المكتري عن إنهاء عقد الكراء بالتصريحات الضريبية للسنوات الأربع الأخيرة. و مع أن القانون لم يضع أي مقياس أو مبيان يحدد التعويض المستحق عن فقدان الحق في الكراء علاقة بالقيمة الواردة في التصاريح الضريبية بالشكل الذي يوحي بأن القضاء لا زال يتمتع بالسلطة التقديرية الواسعة في تحديد التعويض المستحق للمكتري فإنه لا يعقل أن يكون المقتضى المذكور قد ورد على سبيل التزيد ما دام أن العمل التشريعي منزه عن العبث. لذا أعتقد أن تفعيل تأثير التصاريح الضريبية على تحديد قيمة الأصول التجارية يتعين أن يكون موضوع معايير تضعها غرف التجارة و الصناعة مثلا توجه و ترشد الخبراء المحاسبيين في الموضوع حتى لا تتباين خبراتهم بخصوص تقييم نفس الأصل التجاري.
لذلك فإن المشرع و إن لم يسلب القضاء سلطته التقديرية في تحديد التعويض عن إنهاء عقد الكراء التجاري بالتنصيص على أن هذا التعويض يعادل ما لحق المكتري من ضرر ناجم عن الإفراغ فإنه حاول قدر الإمكان ربط عناصر تقييم الضرر بمعايير موضوعية أهمها أن تقويم الأصول التجارية تحدد انطلاقا من التصريحات الضريبية الأربعة الأخيرة للمكتري، و كأنه يعتبر هذه التصريحات بمثابة إقرار و أن كل تصريح كاذب سيعامل صاحبه بنقيض قصده. و في هذا المسلك تشجيع على الشفافية الضريبية.
إلا أنه في إطار خلق نوع من التوازن أتاح المشرع للمكتري الحق في التعويض عن إنهاء عقد الكراء لا يقل ـ في جميع الأحوال و بغض النظر عن القيمة الواردة في التصريحات الضريبيةـ عن المبلغ المدفوع مسبقا من طرفه في إطار البدل المدفوع مقابل اكتساب الحق في الكراء و هو ما يسمى في العمل و الممارسة بحق المفتاح.

المبحث الرابع: حماية المكتري من تعسف مالك العقار.

لا يعتبر الطرف المكتري طرفا ضعيفا كما هو الشأن بالنسبة للمستهلك الذي خصص له قانون حماية المستهلك رقم 31ـ08 منظومة متكاملة لحمايته من تعسفات و تجاوزات المورد.         و بالرغم من ذلك فإن حماية الملكية التجارية التي تعتبر في ذات الوقت الدعامة الأساسية لحماية استقرار التاجر حتمت على قانون الكراء التجاري الجديد أن تخصه بمقتضيات حمائية تقيه من الشروط التعسفية أو الإجراءات و الدعاوى الكيدية التي قد تثقل كاهله.

أولا: بطلان الشروط التعسفية.

هكذا أقر القانون الجديد إلزامية احترام مسطرة فسخ عقد الكراء من جانب المكري طبقا لمقتضيات المادتين 6 و 26 منه تحت طائلة البطلان. إلا أن المستجد الذي تميز فيه القانون الجديد عن ظهير 24 ماي 1955 هو أن هذا القانون الأخير كان يفرض على المكتري المبادرة إلى سلوك مسطرة الصلح و المنازعة في الإنذار بينما جعل القانون الجديد عبئ تفعيل مسطرة الإنذار بالإنهاء على الطرف المكري طبقا لمقتضيات المادتين 26 و 27. و في هذا المستجد انسجام مع المبادئ العامة للتقاضي التي تلزم المتضرر و صاحب المصلحة باللجوء إلى القضاء باعتباره مدعيا و ليس العكس.
 كما منع القانون الجديد المكتري من اشتراط حرمان المكتري من التعويض عن الفسخ أو حرمانه من تفويت الأصل التجاري كلا أو بعضا ـ انظر المادتين 7 و 25 ـ. و رتب عن مخالفة ذلك بطلان الشرط أو الاتفاق على غرار ظهير 24 ماي 1955.
 
 ثانيا: حماية المكتري من الإجراءات و الدعاوى الكيدية.

تفاديا لإرهاق المكتري من طرف مالك العقار المكري من توجيه إنذارات و دعاوى لا ترمي سوى إلى التقاضي بسوء نية خلافا للمبدأ المسطري المقرر في المادة الخامسة ق م م أقر قانون الكراء التجاري الجديد بعض المقتضيات الحمائية للمكتري .
من هذه المقتضيات ما نصت عليه المادة 10 من إلزام المكري الراغب في استرجاع محله من أجل الهدم و إعادة البناء من الشروع في البناء داخل أجل شهرين من تاريخ الإفراغ و إلا استحق المكتري التعويض الكامل عن إنهاء عقد الكراء إلا إذا أثبت المكري أن سبب التأخير خارج عن إرادته.
كذلك فرض القانون على المكري تمكين المكتري من المحل الجديد بعد الهدم و إعادة البناء داخل أجل لا يتعدى ثلاث سنوات من تاريخ الإفراغ  و سنة واحدة في حالة التوسيع أو التعلية و إلا استحق المكتري التعويض الكامل عن إنهاء عقد الكراء ـ انظر المادتين 11 و 16 ـ.
نفس المقتضى رتبه المشرع في مواجهة المكري الذي لم يمتع المكتري من حق الأسبقية سواء في حالة عدم توفر البناء الجديد على محلات أخرى بعد ممارسة حق الأسبقية من طرف مكترين آخرين أو في حالة ما إذا كانت البناية الجديدة لا تتوفر على محلات مخصصة للاستغلال التجاري لأسباب لا تتعلق بمقتضيات قانونية أو تنظيمية بالبناية.
و فيما يتعلق بممارسة المكري لدعوى المصادقة على الإنذار الموجه للمكتري طبقا لمقتضيات المادة 26 فإن القانون ألزمه برفع هذه الدعوى داخل أجل ستة أشهر من تاريخ انتهاء الأجل الممنوح للمكتري في الإنذار بإنهاء عقد الكراء. و قد رتب المشرع جزاء سقوط الحق و ليس التقادم و بذلك فإن الأجل المذكور لا يخضع لمقتضيات الوقف أو الانقطاع. و هذا يخالف تماما ما كان عليه الأمر في ظهير 24 ماي 1955 و خاصة الفصل 33 منه الذي كان ينص على أن الدعاوى الناتجة عن الظهير المذكور تتقادم بمرور سنتين، و كان اجتهاد محكمة النقض يقصر تقادم الدعاوى المذكورة على الدعاوى التي يرفعها المكتري دون المكري الذي يخضع للقواعد العامة لتقادم الدعاوى[5]. و في هذا المستجد تعبير عن رغبة المشرع في تحفيز الملاكين على أن يكونوا أكثر جدية في ممارسة إجراءات التقاضي.
كذلك فرض المشرع بمقتضى المادة 28 على المكري المحكوم لفائدته بالإفراغ مقابل التعويض أن يودع مبلغه داخل أجل ثلاثة أشهر من التاريخ الذي أصبح فيه الحكم القضائي قابلا للتنفيذ تحت طائلة اعتباره متنازلا عن التنفيذ مع تحميله جميع المصاريف القضائية المترتبة عن المسطرة[6]. فلم يعد بإمكان المكري إذن أن يتراخى في اتباع إجراءات  التنفيذ كما يشاء لا يقيده في ذلك إلا أجل تقادم تنفيذ الأحكام و هو 30 سنة حسب قواعد قانون المسطرة المدنية. و إنما فرض عليه القانون أجلا قصيرا لإيداع مبلغ التعويض المحكوم به.
 
المبحث الخامس: تعزيز الأمن القانوني و القضائي.

تعد حماية الأمن القضائي من أهم اختصاصات القضاء طبقا للمادة 117 من دستور 2011 بالإضافة إلى الوظيفة التقليدية المرتبطة بتطبيق القانون. و إذا كانت السلطة التشريعية من اختصاص و صلاحيات البرلمان فإن التطبيق العادل للقانون الذي يتولاه القضاء حسب المادة 110 من الدستور من شأنه أن يعزز الأمن القانوني للأشخاص المخاطبين بأحكام القانون.
إن تخبط القضاء و الفقه حول كيفية تطبيق ظهير 24 ماي 1955 الذي تميز بالتعقيد و الغموض دفع السلطة التشريعية إلى سن قانون الكراء التجاري غايته في ذلك تعزيز الأمن القانوني من خلال نصوص واضحة و مبادئ موحدة تساعد القضاء على حماية الأمن القضائي لأطراف عقد الكراء و كذا الدائنين المقيدين نمثل لها من خلال النقط التالية:

أولا: مظاهر لتعزيز الأمن القضائي.

يمكن تلمس رغبة المشرع في دعم الأمن القضائي من خلال ثلاثة مؤشرات أساسية:
1ــ إرشاد المحاكم إلى اعتماد معايير موضوعية في تقدير التعويض عن إنهاء عقد الكراء، و هو ما من شأنه تقليص الفوارق في تقدير التعويض المحكوم به من طرف محاكم الموضوع. يستفاد هذا التوجه من خلال المادة 7 التي ورد فيها بأن التعويض يشمل قيمة الأصل التجاري الذي يحدد انطلاقا من التصريحات الضريبية للسنوات الأربع الأخيرة بالإضافة إلى ما أنفقه المكتري من تحسينات و إصلاحات و ما فقده من عناصر الأصل التجاري و مصاريف الانتقال من المحل على ألا يقل التعويض عن المبلغ المدفوع مقابل الحق في الكراء.
2ــ منح اختصاصات واسعة لرئيس المحكمة بوصفه قاضيا للمستعجلات لضمان تدخل قضائي سريع و فعال حماية لحقوق أطراف العلاقة الكرائية. و قد شمل هذا التدخل الاستعجالي مجالات من صميم اختصاص قضاء الموضوع كتحديد التعويض الاحتياطي الكامل و البت في دعوى الإفراغ بالنسبة للمحلات الآيلة للسقوط و توسيع المحلات أو تعليتها.
3ــ التنصيص صراحة على حق المكتري في التعويض إذا  حرم من الاستفادة من حقه في الأسبقية في حالة عدم وجود محلات جديدة مخصصة للاستغلال التجاري عند إعادة البناء و حقه في التعويض عند حرمانه من ممارسة حقه في الرجوع و حقه في طلب تنفيذ التعويض الاحتياطي المحدد مسبقا ــ انظر المواد 9 و 15 و 17 و 31ــ.   

ثانيا: الأمن القانوني يوازن بين الملكية العقارية و الملكية التجارية.

إذا كان قانون الكراء التجاري قد اعترف للمكتري صاحب الأصل التجاري بالملكية التجارية و هو الأمر الذي يمنحه حق التصرف في هذه الملكية بالتفويت للغير دون أن يستطيع المكري صاحب الرقبة منعه من ذلك إلا أنه في نفس الوقت خول لهذا الأخير الحق في أن يسترجع المحل عن طريق ممارسة حق الأفضلية مقابل عرضه مجموع المبالغ المدفوعة من طرف مشتري الحق في الكراء أو إيداعه لها داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ تبليغه.
و بطبيعة الحال فإن حق الأفضلية امتياز من نوع خاص يختلف عن حق الشفعة التي تثبت للشركاء على الشياع في الحقوق العينية العقارية كما يختلف عن حق الأفضلية المخول للمالكين في نظام الملكية المشتركة، لذا نظمه قانون الكراء التجاري بنص خاص عبر المادة 25 التي أفردت له مقتضيات خاصة تفرض على المفوت و المفوت إليه إشعار مالك الرقبة بتفويت الحق في الكراء و بأن يتم هذا التفويت بواسطة عقد رسمي أو عرفي ثابت التاريخ مع تضمينه البيانات المنصوص عليها في المادة 81 م ت و إيداع ثمن البيع لدى جهة مؤهلة قانونا للاحتفاظ بالودائع فضلا على خضوع العقد للإجراءات المنصوص عليها في المواد من 83 إلى 89 م ت. و في ذلك حرص من المشرع على الحد من ظاهرة العقود الصورية. و مع ذلك و على فرض قيام طرفي عقد البيع بتوثيق العقد و إيداع الثمن و احترام كل المقتضيات أعلاه فيبقى لمالك الرقبة في نظرنا الحق في رفع دعوى الصورية التي يمكن إثباتها بمختلف وسائل الإثبات ما دام أنها واقعة مادية طبقا لما نص عليه الفصل 419 ق ل ع. لكن هل يمكن أن يلتمس مالك الرقبة توجيه يمين التزكية إلى المشتري على أن ظاهر الثمن كباطنه قياسا على قواعد دعوى الشفعة؟ و هل يتعين رفع دعوى ممارسة حق الأفضلية على المفوت و المفوت إليه معا أم تكون الدعوى صحيحة برفعها في مواجهة المفوت إليه فقط؟ هي بعض الأسئلة التي سوف يجيب عنها القضاء بمناسبة ما يمكن أن يثار من منازعات على إثر تطبيق القانون الجديد.
ثالثا: الأمن القانوني يوازن بين الحق في فسخ عقد الكراء و حقوق الدائنين المقيدين.
نظرا إلى أن الدائنين المقيدين على الأصل التجاري اتخذوا هذا الأصل ضمانا و تأمينا لحقهم في اقتضاء ديونهم فإن من شأن ممارسة المكري لحقه في إنهاء عقد الكراء أن يؤثر على الضمانة المذكورة لأن فسخ عقد الكراء يعني فقدان عنصر الحق في الكراء الذي له تأثير مباشر على عنصر الزبناء و السمعة التجارية.
و على خلاف المادة 112 م ت التي كانت تخاطب المكري دون المكتري وتلزمه بإشعار الدائنين المقيدين في حالة اللجوء إلى الفسخ الرضائي أو القضائي لعقد الكراء و رتبت عن ذلك أن الحكم القضائي بفسخ الكراء لا يمكن أن يصدر إلا بعد ثلاثين يوما من تبليغ الإشعار و أن الفسخ الرضائي لا يعتبر نهائيا إلا بعد انصرام نفس الأجل فإن القانون الجديد و بعد نسخه لمقتضيات المادة المذكورة صراحة وعيا منه بعدم فعاليتها وضع حماية خاصة للدائنين المقيدين على الأصل التجاري و هم الدائنون الحاصلون على امتياز بائع أو راهن الأصل التجاري بحيث أوجبت المادة 29 على المكري الذي يريد وضع حد للعلاقة الكرائية تبليغ طلبه لهؤلاء الدائنين في الموطن المختار من طرفهم إلا أنها لم ترتب الجزاء القانوني عن عدم القيام بهذا الإشعار.  و عندما تقضي المحكمة بالتعويض الكامل عن إنهاء العقد فإن المبلغ المحكوم به لا يمكن أن يستخلص من طرف المكتري إلا إذا أدلى هذا الأخير بشهادة ضبطية تفيد خلو الأصل التجاري من كل تقييد، و في الحالة المعاكسة يلزم بالإدلاء بما يفيد إشعار الدائنين المقيدين بوقوع الإفراغ و بوجود تعويض مستحق له. و يجوز للدائنين المقيدين التعرض على أداء ثمن التعويض المودع بكتابة الضبط بتصريح يقدم إليها داخل أجل خمسة عشرة يوما من تاريخ التوصل بالإشعار وفق المسطرة المنصوص عليها في المادة 84 م ت. و في جميع الأحوال لا يمكن للمكتري أن يستخلص التعويض المودع إلا بعد انصرام أجل التعرضات. و في حالة وجود تعرضات يوزع مبلغ التعويض وفق اٌجراءات المنصوص عليها في الفصل الرابع من الباب الرابع من الكتاب الثاني م ت. ـ انظر المادة 30 من القانون رقم 16ـ49 ـ. و يفهم من التنظيم الجديد أن واجب إشعار الدائنين المقيدين مقتصر فقط على حالة الفسخ القضائي دون الفسخ الرضائي، و أن الالتزام بالإشعار مزدوج الجانب بحيث يقع على عاتق المكري و المكتري في نفس الوقت بحيث أن المكري ملزم بإشعار الدائنين المقيدين سابقا على رفع دعوى الفسخ في حين أن المكتري ملزم بإشعار الدائنين المقيدين عند تنفيذ حكم الإفراغ بوجود تعويض مستحق له. و إذا كانت الغاية من إشعار المكتري للدائنين هي تمكينهم من التعرض على أداء ثمن التعويض و تمكينهم من مباشرة حقهم في الامتياز في استيفاء ديونهم فإن الغاية من إشعارهم من طرف المكري هي تمكينهم من التدخل الإرادي في دعوى الفسخ حفاظا على حقوقهم ما دام أن الحكم القاضي بالفسخ و إن كان نسبيا شأنه شأن باقي الأحكام القضائية إلا أنه قد يضر بمصالحهم و قد يعرض حقوقهم للضياع.

خاتمة:

إذا كانت مبادئ الأمن التعاقدي و القانوني تحاول أن تتعايش من خلال القانون الجديد للكراء التجاري فلا شك أن القضاء بما يضطلع به من دور في تحقيق الأمن القضائي ستكون له المسؤولية الكبرى في التطبيق العادل و التنزيل السليم لمقتضيات القانون. و هو في ذلك مدعو للحسم في العديد من الإشكالات القانونية خاصة تلك الناتجة عن تطبيق القانون من حيث الزمان و حسم التضارب الناتج عن التطبيق الفوري للقواعد المسطرية و ضمان عدم رجعية القانون من جهة و الحفاظ في نفس الوقت على الحقوق المكتسبة من جهة أخرى. و ستكون إشكالات المرحلة الانتقالية لتطبيق القانون الجديد موضوع دراسة مقبلة إن شاء الله.
 
الهوامش

[1] و قد كان القضاء الفرنسي سباقا إلى تغليب مصلحة العلامة التجارية للمحلات التجارية الكبرى على مصلحة المقاولات التجارية التي تعمل ضمن مجاله بالنظر إلى أن اكتساب الأصل التجاري يشترط فيه التوفر على زبناء خاصين و مستقلين.
كما ذهبت المحكمة التجارية بالرباط إلى أنه: و حيث إن المحكمة بعد اطلاعها على الاتفاقات المدرجة بملف النازلة أن تواجد المدعى عليه بالقرية السياحية للمدعية هو على وجه الكراء لتوفر جميع عناصر هذا العقد إلا أنه لا يستفيد من حماية ظهير 24 ماي 1955 رغم مرور المدة المنصوص عليها في الفصل الخامس من نفس الظهير على اعتبار أنه لم ينشئ أصلا تجاريا على المحل المكرى لافتقاده للزبناء العنصر المميز للأصل التجاري تطبيقا للمادة 80 م ت و من الثابت فقها و قضاء أن انتياز المكتري بالتواجد في بعض الأماكن التي يتردد عليها العموم بكثرة كالمراكز التجارية و الفنادق و المطارات و محطات القطار لا يخوله صفة مالك الأصل التجاري الذي يستغله لافتقاده لزبناء ذاتيين و مستقلين به يرتبطون بالخدمات التي يقدمها...ملف 47ـ98 المؤرخ في 27ـ7ـ1998.منشور بمجلة الإشعاع العدد التاسع عشر. يونيو 1999.
[2] غير أن دعوى التعويض المقدمة على إثر الحرمان من حق الرجوع لا تتقيد بهذا الأجل وفق ما نصت عليه المادة 31.
[3] انظر الحكم التجاري الصادر عن تجارية البيضاء تحت عدد 8085 و تاريخ 14ـ7ـ2009 في الملف 479ـ9ـ2009 الذي خلص إلى أن إقدام مالك العقار على كرائه بعد أن استرجعه في إطار أمر استعجالي بفتح محل و ليس في إطار القواعد الخاصة بإنهاء كراء المحلات التجارية لا يرتب أي حق للمكتري الثاني لأن مصالح المكتري الأول أولى بالحماية.
 و قد استقرت المحاكم على اعتبار إهمال المكتري للعين المكتراة الذي يؤدي إلى تضرر المحل سببا خطيرا يستوجب الفسخ.  قد جاء في قرار لمحكمة النقض أنه ٌ لكن و حيث ثبت لمحكمة الاستئناف من خلال أقوال الشهود المستمع إليهم أن المحل شبه مهجور و متوقف عن الاستغلال منذ سنة 1996 و أنه مغلق بأخشاب بدون باب فصرحت بأن واقعة الإهمال ثابتة بمقتضى الإنذار الاستجوابي و إثبات حال و كذا تقرير الخبرة و تصريحات الخبير. و أن من أهم الالتزامات الملقاة على المكتري الحفاظ على الشيئ و صيانته مما يجعل الإنذار منتجا لآثاره القانونية و مبررا لإنهاء العقد...ٌ قرار عدد 532 الصادر بتاريخ 24ـ5ـ2006 ملف تجاري عدد 1534ـ3ـ2ـ2004 منشور بكتاب محمد أزوكار: الإنذار بالإفراغ في ضوء ظهير الكراء التجاري و آخر المواقف القضائية. مطبعة النجاح الجديدة. الطبعة الأولى سنة 2015. ص 334. 
[4] إلا أن الإشكال يطرح بالنسبة للأكرية الشفوية المبرمة قبل دخول القانون الجديد حيز التنفيذ و التي اكتسب أصحابها الحق في تجديد الكراء طبقا للقانون القديم هل تعتبر خاضعة لقواعد ق ل ع أم للقانون الجديد. يبدو أن المادة 38 من القانون الجديد متعت هؤلاء المكترين بضمانات و امتيازات القانون رقم 16ـ49 بنصها على أنه: تخضع الأكرية المبرمة خلافا للمقتضيات الواردة في المادة الثالثة أعلاه، لهذا القانون. و يمكن للأطراف الاتفاق في أي وقت على إبرام عقد مطابق لمقتضياته. و بمفهوم المخالفة لا تخضع لمقتضيات ق ل ع إلا عقود الكراء الشفوية المبرمة بعد دخول القانون الجديد حيز التنفيذ أو  تلك المبرمة قبل دخول القانون الجديد حيز التنفيذ و التي لم تستوف المدة القانونية لاكتساب الحق في تجديد الكراء.  
[5] انظر قرار محكمة النقض عدد 206 الصادر بتاريخ 20ـ2ـ2008 في الملف التجاري عدد 1144ـ3ـ2ـ2005 الذي ورد فيه:ٌلكن حيث يتجلى من تعليلات القرار المطعون فيه أن محكمة الإحالة تقيدت بالنقطة القانونية التي بت فيها المجلس الأعلى و الذي اعتبر أن التقادم المنصوص عليه في الفصل 33 من ظهير 55 لا ينطبق إلا على منازعات المكتري التي ينظمها الظهير المذكور و لا يمتد إلى المكري الذي لا يسقط حقه في إقامة دعوى الإفراغ في نطاق القواعد العامة..ٌ و في اتجاه فريد ذهبت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش إلى أن الأجل المذكور في الفصل 33 يواجه به طرفي العلاقة الكرائية معا و لا يمكن تطبيقه على طرف دون آخر. انظر القرار عدد 155 الصادر بتاريخ 13ـ2ـ2007 في الملف عدد 730ـ7ـ2006 منشور في مجلة المحاكم التجارية عدد 5 و 6 فبراير 2010 منشورات وزارة العدل. ص 211.
[6] و بذلك تم إعفاء المكري من رفع دعوى التوبة المنصوص عليها في ظهير 1955 . بل يكفيه أن يمتنع عن إيداع مبلغ التعويض المحكوم به داخل أجل ثلاثة أشهر من التاريخ الذي أصبح فيه الحكم القضائي قابلا للتنفيذ.



الاثنين 28 غشت 2017

تعليق جديد
Twitter