أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط
بالمحكمة الإدارية بالرباط
بـاسم جلالـة الـمـلك وطبقا للقانون
بتـاريخ 29 شتنبر 2015
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
مصطفى سيمو…....…..….....................رئيسا
فتح الله الحـمداني ….........…...........……مقررا
عبد الحق أخو الزين....................................عضوا
بحضور رشدي حرمان…...…..............مفوضا ملكيا
وبمساعدة السيـدة مليكة حاجي................كاتبة للضبط
الحكم الآتي نصه:
بين الطاعنين:
- محمـد أحنين، عنوانه: دوار تمالوث جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان.
- علي يخلف، عنوانه : شارع موسى بن نصير زنقة العين رقم 22 تطوان .
- محمـد كرون، عنوانه : دوار افرطن جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان.
- عبد الفاضل صمدون، عنوانه : دوار اسفالو جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان .
- يونس قاشي، عنوانه : شارع الأمانة زنقة 8 رقم 5 كدية السبع تطوان .
- حميد اوراد، عنوانه : شارع الأمانة زنقة 15 رقم 74 كدية السبع تطوان .
- عائشة حيحاي، عنوانها : دوار تمالوث جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان .
- فطمة كرون، عنوانها : دوار افرطن جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان
- نجاة امطيل ، عنوانها : دوار احماذة جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان .
- رشيد احرادة ، عنوانه : دوار احريق جماعة الزيتون تطوان .
نائبهم : الأستاذ محمـد قنيش المحامي بهيئة تطوان .
..........................................من جهة
وبين المطلوبين في الطعن:
- عبد السلام بودكو، عنوانه : شارع محمد داوود زنقة الخرطوم رقم 107 تطوان .
نائبه : الأستاذ محمـد فضالي المحامي بهيئة تطوان والأستاذ سعيد جابويريك المحامي بهيئة القنيطرة.
- الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط .
- وزارة الداخلية في شخص الوزير بمكاتبه بالرباط .
- ولاية تطوان في شخص الوالي بمقر ولاية تطوان الحي الإداري بتطوان .
- دائرة تطوان في شخص رئيس الدائرة بدائرة تطوان بن قريش تطوان .
- قيادة بني حسان في شخص قائد قيادة بني حسان تطوان .
..........................................من جهة أخرى
الـوقـائـع
بناء على عريضة الطعن المقدمة من طرف الطاعنين بواسطة نائبهم والمودعة بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 22/09/2015 والتي عرضوا فيها أنهم يطعنون في جلسة انتخاب عبد السلام بودكو رئيسا لمجلس جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان ونوابه، ذلك أنهم يعتبرون أعضاء في المجلس الجماعي بعد انتخابهم ممثلين لدوائرهم بتاريخ 4/9/2015 إلا أنه ومنذ ذلك التاريخ وهم يتعرضون لتهديدات وضغوطات قصد منعهم من ممارسة حقهم في الترشح والتصويت واختيار رئيس مجلس جماعتهم بكل حرية، وبتاريخ 16/9/2015 حضر الطاعنون إلى مقر الجماعة قصد المشاركة في انتخاب رئيس وأعضاء مكتب المجلس ليجدوا أن كل التهديدات قد أصبحت حقيقية ، إذ أنه بالرجوع إلى محضر جلسة انتخاب رئيس ونواب رئيس جماعة أولاد منصور المطعون فيها يتبين أن ما وقع قبل وأثناء الجلسة من تجمهر لمناصري أعضاء حزب العدالة والتنمية واحتجازهم للأعضاء المنتمين إلى حزب الأصالة والمعاصرة التسعة بمن فيهم الطاعن الأول السيد محمد أحنين يشكل دليلا قاطعا على الخرق السافر لكل الإجراءات القانونية المتطلبة لإجراء الانتخابات، بالإضافة إلى خرق المادة 17 من القانون التنظيمي رقم 113.14 التي تنص على أنه يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب المجلس عددا من المرشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس، لكون لائحة نواب الرئيس التي تم التصويت عليها جاءت مخالفة لما تطلبه المشرع المغربي في المادة المذكورة والدستور المغربي ولمبدأ مشاركة العنصر النسوي في تدبير شؤون الجماعة، لأجل ذلك التمسوا الحكم بإلغاء انتخاب رئيس ومكتب المجلس الجماعي لجماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان دائرة تطوان ولاية تطوان التي جرت بتاريخ 16/9/2015 مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وشمول الحكم بالنفاذ المعجل واحتياطيا إجراء بحث، وأدلى بنسخة أصلية من محضر جلسة الانتخابات ونسخة أصلية من محضر معاينة وإثبات حال ونسخة من شكاية ونسخ من تصريحات.
وبناءً على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف نائب المطعون ضده عبد السلام بودكو بتاريخ 29/09/2015 عرض فيها أن العملية الانتخابية كانت نزيهة وحرة ومرت في ظروف اتسمت بتعبير كل عضو عن توجهه بحرية، ذلك أن السيدة عائشة حيحاي صوتت بكل حرية على الطاعن محمـد أحنين دون أن يطالها مكروه وأن ممثل السلطة المحلية كان حاضرا ولم يسجل أي ملاحظة، وأن التجمهر الذي كان خارج قاعة جلسة الانتخاب لا يمكن أن يفسر على أنه ضغط على الطاعنين، وبخصوص وسيلة الطعن المتخذة من خرق المادة 17 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات عرض أن المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم احترامها، لأجل ذلك التمس رفض الطلب.
و بناء على إدراج القضية بجلسة 29/09/2015 حضر بها كل من الأستاذ قنيش عن الطاعن والأستاذ جابوريك عن المطعون ضده والتمس رفض الطعن لعدم جديته لكون تأسيس الطعن على المادة 17 من القانون التنظيمي للجماعات غير سليم، وأعطيت الكلمة للأستاذ قنيش فأوضح ما جاء بمقال الطعن مؤكدا أن الانتخابات المطعون فيها لم تتوفر فيها مقومات الانتخابات ذلك أن الطاعنين هم 10 أعضاء من أصل 15 التي يتكون منها المجلس والمطلوبين في الطعن 5 أعضاء فقط فكيف يعقل أن يفوز 5 أعضاء من أصل 15 عضوا، مؤكدا أن الطاعنين تعرضوا لتهديدات ملتمسا إلغاء الانتخابات واحتياطيا إجراء بحث، فتقرر اعتبار القضية جاهزة واقترح المفوض الملكي إلغاء نتيجة الاقتراع، فتم وضع القضية في المداولة لآخر الجلسة.
وبعد الـمداولة طبقا للقانون
فـي الشكـل:
حيث قدم الطعن مستوفيا للشروط الشكلية المتطلبة قانونا مما يتعين معه التصريح بقبوله.
فـي الـموضوع:
حيث يهدف الطعن إلى الحكم بإلغاء نتيجة عملية انتخاب رئيس ومكتب المجلس الجماعي لجماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان دائرة تطوان ولاية تطوان المجراة بتاريخ 16/09/2015 مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وشمول الحكم بالنفاذ المعجل.
وحيث أسس الطاعن طعنه على وسيلتين تتمثل الأولى في التأثير على حرية الاقتراع لعدم سلامة الظروف التي مرت فيها العملية الانتخابية والثانية في عدم تضمن لائحة نواب الرئيس الفائزة لمرشحات في حدود نسبة الثلث على الأقل خرقا لمقتضيات المادة 17 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات.
• حول وسيلة الطعن الـمستمدة من عدم سلامة الظروف التي مرت فيها العملية الانتخابية
حيث يتبين من وثائق الملف وخاصة من محضر اجتماع المجلس الجماعي المذكور المنعقد من أجل انتخاب رئيس ومكتب المجلس أن الطاعنين ولحظة وصولهم إلى مقر الجماعة من أجل المشاركة في الاقتراع المشار إليه تعرضوا للمنع من الدخول إليه من طرف عدد كبير من الساكنة الذين احتجوا وعارضوا ترشح الطاعن محمد احنين إلى رئاسة المجلس المذكور، والثابت حسب محضر المعاينة المنجز من طرف المفوض القضائي السيد مصطفى مريزق والمدلى به في الملف أن التجمع السكاني المشار إليه قام بمحاصرة السيارتين اللتين أوصلتا الطاعنين وعمد عدد من المحتجين إلى ضرب زجاج إحدى السيارتين بالأيادي ومنعهم من مغادرتها مع صعود أحد الأشخاص فوق سطح السيارة وقيامه بركل السطح بقدمه وترديد شتائم في حق الطاعنين وتهديدات بالقتل، وأنهم شرعوا في دفع السيارة بأيديهم وحاولوا تحريكها من مكانها وجعلوها تترنح مصرحين للقائد أنهم لن يسمحوا للسيارة بالتحرك أو مغادرة الطاعن الأول لها مع قيامهم بوضع حجارة بالطريق المؤدي إلى الجماعة للحيلولة دون مغادرة سيارتي الطاعنين وسيارات الدرك والقوات المساعدة وسيارة القائد، وبعد ذلك تم السماح للطاعنين بالدخول لمقر الجماعة تحت حراسة أمنية مشددة وهم يتعرضون للتعنيف اللفظي والجسدي بالضرب والركل والسب بألفاظ نابية وأن حالة الذعر كانت بادية عليهم حسب ما ضمن بمحضر العملية الانتخابية، واستمر هذا الوضع داخل قاعة الاجتماع من خلال حضور بعض المواطنين لعملية الاقتراع وقيام بعضهم بالتهجم على الطاعنين محمد أحنين ويونس قاشي، فيما كان آخرون متجمهرين حول نوافذ قاعة الاجتماع وهم يصرخون ويوجهون السب والشتم لبعض المنتخبين، كما ثبت من خلال نفس محضر المعاينة أن بعض أعضاء المجلس المنتمين لحزب المطعون ضده في النازلة قد شاركوا بدورهم في التأثير على سلامة ظروف عملية الانتخاب من خلال مساندة عضوة المجلس الجماعي فطيمة الدراز للسكان المحتجين بعد أن اقتربت منهم وسلمتهم لافتة ثم اعتصمت معهم لبعض الوقت وهي تحييهم وتطلب منهم الصمود وتقوم بتوزيع مياه الشرب على النساء المعتصمات، فيما قام عضو المجلس محمـد بلحاج المنتمي لنفس حزب المطعون ضده بسب وتهديد الطاعن رشيد حرادة داخل القاعة بالسماح للمحتجين بالاعتداء عليه، وقيامه بالتصريح أمام المواطنين أن عملية انتخاب الرئيس لن تتم مع حشده للسكان من أجل ذلك وصعوده لسيارة الطاعنين، ودعوة عضو المجلس عبد العليم بودكو الطاعنين الذين ينتمون لحزب الأصالة والمعاصرة لعدم التصويت على الطاعن المنتمي لنفس الحزب والتصويت في مقابل ذلك على المطعون ضده المنتمي لحزب العدالة والتنمية.
وحيث إن الانتخابات حتى يؤخذ بنتائجها ينبغي أن تمر في ظروف تسمح بالتحقق التام لحرية الاختيار لدى الناخبين دون وجود ما يؤثر على إرادتهم من ضغط أو تهديد أو تدليس، ذلك أن مبادئ الديمقراطية باعتبار أساسها الدستوري المستمد من التنصيص على الاختيار الديمقراطي كثابت من ثوابت الأمة، تقتضي الاحتكام إلى القانون في تدبير التداول على مواقع القرار بالمجالس المنتخبة، وتتنافى مع اعتماد أساليب الضغط والترهيب من أجل التأثير في عملية الانتخاب، الشيء الذي يجعل مشاركة بعض المطعون ضدهم في أعمال الضغط والترهيب التي مارسها عديد من المواطنين المتجمهرين ضد الطاعنين خارج وداخل قاعة الاقتراع والتنسيق معهم ومساندتهم من أجل مواصلة التجمهر عملا مخالفا للأدبيات السياسية التي تقتضي انضباط التنافس الانتخابي لمقتضيات القانون وعدم القيام بأي سلوك من شأنه التأثير غير المشروع في حرية الاقتراع، كما أن تحقيق التداول على مراكز القرار الجماعي المحلي بما يلبي حاجيات المواطنين ينبغي أن يتم بدوره في إطار القانون باعتماد نتائج الاقتراع بعد انتخابات حرة وليس من خلال اتباع أساليب تخل بقواعد الديمقراطية، لكل ذلك فقد تأكد للمحكمة أن انتخاب رئيس ومكتب المجلس الجماعي محل الطعن قد تم في ظروف غير سليمة كفيلة بالتأثير في حرية الاختيار، خاصة أن عدد أعضاء المجلس الجماعي المذكور الذين تقدموا بطعنهم الحالي يشكلون الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس الجماعي، إذ يصل عددهم إلى عشرة أعضاء ينتمي تسعة منهم لنفس الحزب من أصل خمسة عشر عضو بالمجلس، بينما ينتمي باقي الأعضاء إلى أحزاب أخرى من بينها الحزب المنافس الذي فاز وكيل لائحته بمنصب الرئيس أي أن الأغلبية صوتت لفائدة ممثل الأقلية في هذه النازلة، وهو ما يشكل قرينة على تأثير الظروف الأمنية غير الملائمة التي مرت فيها العملية الانتخابية على حرية الاختيار لدى الطاعنين، سيما وأن الثابت من محضر العملية الانتخابية أن الطاعن الأول بدوره لم يصوت على نفسه باعتباره مرشحا لرئاسة المكتب ولم ينل إلا صوتا واحدا، مما يجعل نتائج انتخاب رئيس مكتب المجلس الجماعي ونوابه وكاتب المجلس ونائبه واقعة تحت طائلة البطلان.
• حول وسيلة الطعن الـمستمدة من خرق الـمادة 17 من القانون التنظيمي رقم 113.14 الـمتعلق بالجماعات.
حيث استند الطاعن في وسيلة طعنه على عدم تضمن لائحة نواب الرئيس التي فازت في الاقتراع لعدد من النساء يساوي ثلث نواب الرئيس على الأقل.
وحيث تنص الفقرة السادسة من المادة 17 من القانون التنظيمي رقم 113.14 على أنه "يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس".
وحيث يستفاد من هذا المقتضى القانوني أن المشرع نص بصيغة الوجوب المتمثلة في عبارة "يتعين" على ضرورة مراعاة التمثيلية النسائية في تشكيلة المكتب المسير للجماعة بنسبة الثلث على الأقل، وهو مقتضى يبقى واجب التفعيل على اعتبار أنه يدخل في إطار التدابير القانونية التي تفرضها المادة الثالثة من الاتفاقية الدولية المصادق عليها من طرف المغرب المتعلقة بمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، من خلال عمل الدولة على التنزيل التشريعي المتدرج للمبدأ الدستوري المنصوص عليه في الفصل 19 من الدستور الذي يلزمها بالسعي نحو تحقيق المناصفة بين النساء والرجال، وهي غاية يتطلب تحقيقها ضمان مشاركة أوسع للمرأة في الحياة العامة عن طريق سن مجموعة من الإجراءات التي تستند إلى مبدأ التمييز الإيجابي لصالح المرأة بفرض حضورها في المجالس المنتخبة استنادا إلى مبدأ "الكوطا"، وذلك من أجل النهوض في مرحلة أولى بوضعها داخل المجتمع بما يساهم في تحقيق الشروط المجتمعية والسياسية التي تجعل المرأة قادرة على الوصول في مرحلة ثانية إلى مواقع المشاركة في الحياة السياسية بدون الحاجة إلى إجراءات التمييز الإيجابي المشار إليها، بمعنى أن هاته الأخيرة تبقى مجرد إجراءات مؤقتة ينقضي العمل بها عندما تتحقق المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة في شتى المجالات بحكم الواقع وليس بالاستناد إلى مثل هاته التدابير.
وحيث يلاحظ على نص المادة أعلاه أنها جاءت بعبارة "يتعين العمل على" وهي صيغة تختلف عن الصيغة التي وردت بشأن الإلزام بتخصيص عدد من المقاعد النسائية في كل جماعة خلال انتخابات أعضاء المجالس الجماعية بمقتضى المادة 128 مكرر من القانون التنظيمي 59.11، مما مفاده أن تنزيل مبدأ التمثيلية النسائية على مستوى لوائح ترشيح نواب رئيس المجلس الجماعي يبقى مقيدا بعدم تحقق ما يجعل ضمان هذه التمثيلية متعذرا، وهو ما يعني أن الإلزام الوارد بالمقتضى القانوني المذكور لا ينصب على ضرورة مراعاة التمثيلية النسائية في لوائح الترشيح بشكل مطلق في جميع الأحوال، بل يتعلق فقط بضرورة مراعاة هاته التمثيلية كلما كان ذلك ممكنا.
وحيث لئن كانت صيغة المادة المذكورة قد فتحت المجال لعدم تطبيق مقتضياتها على إطلاقها في حال تعذر ذلك، فإن تفسير هاته المقتضيات في ضوء السياق الدستوري المتجلي في الفصل 19 من الدستور الرامي إلى السير في اتجاه توسيع مجال مشاركة المرأة في أفق ضمان المناصفة يوجب فهم حالة تعذر حضور المرأة في لوائح الترشيح على أنها حالة استثنائية لا يُتوسع في تطبيقها، الأمر الذي لا يستقيم معه تقدير هذا الظرف الاستثنائي من خلال معيار شخصي مرتبط مثلا برفض عضوات المجلس الجماعي الترشح ضمن لوائح نواب الرئيس استنادا إلى رغبتهن المجردة في عدم الترشح بدون تبريرها بمعطى موضوعي مقبول، لأن ضمان مشاركة المرأة في مكتب الجماعة ليس حقا شخصيا للمرأة المنتخبة فحسب، وإنما هو حق لكل المجتمع الذي يفترض أن يكون هذا المقتضى القانوني قد جاء معبرا عن تطور المشترك الثقافي بين أفراده وبلوغه المدى الذي ساد معه الاقتناع بضرورة الدفع بالمرأة نحو مراكز القرار، بما يساهم في تحقيق مبدأ المساواة بينها وبين الرجل باعتبار تنزيل هذا المبدأ من مداخل التنمية والتطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تعم آثاره المجتمع كافة وليس المرأة المنتخبة وحدها. كما أن استحضار مبدأ انسجام النصوص القانونية وتكاملها يؤدي إلى تعزيز هذا الفهم، ذلك أن القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية جاء قاطعا في إلزامه بتخصيص عدد من المقاعد النسائية بما يضمن حضور المرأة بشكل مسبق في المجالس الجماعية، لذلك لا يبقى للنساء اللواتي اخترن الترشح لعضوية هاته المجالس المجال بعد ذلك للرفض المستند إلى مجرد الرغبة الشخصية في عدم الترشح في لوائح نواب الرئيس، لأن مثل هذا الرفض يعاكس أهداف المشرع ويفرغ جميع المقتضيات القانونية ذات الصلة من مضمونها، ولأن فوز المترشحات في الانتخابات المتعلقة بأعضاء مجلس الجماعة بعد قبولهن المشاركة فيها يستتبع ضرورة التزامهن بما يترتب عن هذه العضوية من واجبات يقتضيها المنصب الانتخابي الذي سعين إلى الترشح له، و يقتضي انضباطهن لما يفرضه القانون من ضرورة مشاركة النساء بنسبة الثلث كحد أدنى في لوائح الترشيح لنواب الرئيس تحقيقا لأهداف المشرع ولحق المجتمع في ضمان الحضور الفعال للمرأة في تسيير المجلس الجماعي. غير أن تحقق حالة التعذر لسبب موضوعي خارج عن الرغبة المجردة للمنتخبات يجعل لوائح الترشيحات المقدمة بدون التوفر على نسبة الثلث من النساء صحيحة، كما في الحالة التي يكون فيها الحزب أو التحالف الحزبي الذي قدم اللائحة غير متوفر على عدد كاف من المنتخبات في المجلس الجماعي لهن نفس الانتماء لهذا الحزب أو لأحزاب التحالف.
وحيث إن الثابت من خلال محضر العملية الانتخابية المدلى به في الملف أن عدد نواب الرئيس بجماعة أولاد علي منصور هو أربعة أعضاء وأن لائحة النواب التي تقدم بها رئيس المجلس وفازت بالرتبة الأولى لا تتضمن أي مرشحة بالرغم من أن تطبيق نسبة الثلث على الأقل المفروضة بنص المادة 17 أعلاه يقتضي أن تتضمن هاته اللائحة الفائزة مرشحتين كحد أدنى، مما يجعلها مخالفة للقانون خاصة أن من بين أعضاء المجلس الجماعي يوجد أربع عضوات من النساء وكان بالإمكان تضمين اللائحة مرشحتين أو أكثر في ظل عدم ثبوت تعذر ترشيحهن استنادا إلى مبرر موضوعي مقبول.
وحيث إنه إعمالا لمقتضيات المادة 32 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المحال عليه بنص المادة 31 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات في شأن شروط الطعن في أجهزة مكتب الجماعة، يتضح أن مخالفة عملية الانتخاب للإجراءات المقررة قانونا يوجب الحكم ببطلانها، وأنه بالرجوع للنازلة فإن عدم تضمن لائحة نواب الرئيس الفائزة في الاقتراع للتمثيلية النسائية المقررة في المادة 17 المشار إليه أعلاه يجعلها مخالفة لللإجراءات القانونية المعمول بها في شأن ضوابط لوائح الترشيح، الأمر الذي يكون معه انتخاب نواب رئيس المجلس الجماعي محل الطعن واقعا تحت طائلة البطلان.
وحيث إنه استنادا إلى ثبوت الخروقات التي استندت إليها وسيلتا الطعن، تكون عملية انتخاب رئيس ومكتب المجلس الجماعي لجماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان دائرة تطوان ولاية تطوان المجراة بتاريخ 16/09/2015 باطلة للعلتين المستند إليهما أعلاه، ويتعين الحكم بإلغائها مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
وحيث يتعين رفض طلب النفاذ المعجل لعدم تحقق مبرراته القانونية.
الـمنطـوق
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية والقانون التنظيمي رقم 113.14 الـمتعلق بالجماعات.
لـهـذه الأسـبـاب
حكمت المحكمة الإدارية وهي تقضي علنيا ابتدائيا و حضوريا:
في الشكل: بقبول الطعن.
في الـموضوع: بإلغاء نتائج عملية انتخاب الرئيس ونوابه والكاتب ونائبه بالمجلس الجماعي لجماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان دائرة تطوان ولاية تطوان المجراة بتاريخ 16/09/2015 مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك، ورفض طلب النفاذ المعجل.
بهذا صدر الحكم في اليوم و الشهر والسنة أعلاه …………………………….........
الرئيـس المقـرر كاتبة الضبط
بالمحكمة الإدارية بالرباط
بـاسم جلالـة الـمـلك وطبقا للقانون
بتـاريخ 29 شتنبر 2015
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
مصطفى سيمو…....…..….....................رئيسا
فتح الله الحـمداني ….........…...........……مقررا
عبد الحق أخو الزين....................................عضوا
بحضور رشدي حرمان…...…..............مفوضا ملكيا
وبمساعدة السيـدة مليكة حاجي................كاتبة للضبط
الحكم الآتي نصه:
بين الطاعنين:
- محمـد أحنين، عنوانه: دوار تمالوث جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان.
- علي يخلف، عنوانه : شارع موسى بن نصير زنقة العين رقم 22 تطوان .
- محمـد كرون، عنوانه : دوار افرطن جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان.
- عبد الفاضل صمدون، عنوانه : دوار اسفالو جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان .
- يونس قاشي، عنوانه : شارع الأمانة زنقة 8 رقم 5 كدية السبع تطوان .
- حميد اوراد، عنوانه : شارع الأمانة زنقة 15 رقم 74 كدية السبع تطوان .
- عائشة حيحاي، عنوانها : دوار تمالوث جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان .
- فطمة كرون، عنوانها : دوار افرطن جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان
- نجاة امطيل ، عنوانها : دوار احماذة جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان .
- رشيد احرادة ، عنوانه : دوار احريق جماعة الزيتون تطوان .
نائبهم : الأستاذ محمـد قنيش المحامي بهيئة تطوان .
..........................................من جهة
وبين المطلوبين في الطعن:
- عبد السلام بودكو، عنوانه : شارع محمد داوود زنقة الخرطوم رقم 107 تطوان .
نائبه : الأستاذ محمـد فضالي المحامي بهيئة تطوان والأستاذ سعيد جابويريك المحامي بهيئة القنيطرة.
- الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط .
- وزارة الداخلية في شخص الوزير بمكاتبه بالرباط .
- ولاية تطوان في شخص الوالي بمقر ولاية تطوان الحي الإداري بتطوان .
- دائرة تطوان في شخص رئيس الدائرة بدائرة تطوان بن قريش تطوان .
- قيادة بني حسان في شخص قائد قيادة بني حسان تطوان .
..........................................من جهة أخرى
الـوقـائـع
بناء على عريضة الطعن المقدمة من طرف الطاعنين بواسطة نائبهم والمودعة بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 22/09/2015 والتي عرضوا فيها أنهم يطعنون في جلسة انتخاب عبد السلام بودكو رئيسا لمجلس جماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان تطوان ونوابه، ذلك أنهم يعتبرون أعضاء في المجلس الجماعي بعد انتخابهم ممثلين لدوائرهم بتاريخ 4/9/2015 إلا أنه ومنذ ذلك التاريخ وهم يتعرضون لتهديدات وضغوطات قصد منعهم من ممارسة حقهم في الترشح والتصويت واختيار رئيس مجلس جماعتهم بكل حرية، وبتاريخ 16/9/2015 حضر الطاعنون إلى مقر الجماعة قصد المشاركة في انتخاب رئيس وأعضاء مكتب المجلس ليجدوا أن كل التهديدات قد أصبحت حقيقية ، إذ أنه بالرجوع إلى محضر جلسة انتخاب رئيس ونواب رئيس جماعة أولاد منصور المطعون فيها يتبين أن ما وقع قبل وأثناء الجلسة من تجمهر لمناصري أعضاء حزب العدالة والتنمية واحتجازهم للأعضاء المنتمين إلى حزب الأصالة والمعاصرة التسعة بمن فيهم الطاعن الأول السيد محمد أحنين يشكل دليلا قاطعا على الخرق السافر لكل الإجراءات القانونية المتطلبة لإجراء الانتخابات، بالإضافة إلى خرق المادة 17 من القانون التنظيمي رقم 113.14 التي تنص على أنه يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب المجلس عددا من المرشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس، لكون لائحة نواب الرئيس التي تم التصويت عليها جاءت مخالفة لما تطلبه المشرع المغربي في المادة المذكورة والدستور المغربي ولمبدأ مشاركة العنصر النسوي في تدبير شؤون الجماعة، لأجل ذلك التمسوا الحكم بإلغاء انتخاب رئيس ومكتب المجلس الجماعي لجماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان دائرة تطوان ولاية تطوان التي جرت بتاريخ 16/9/2015 مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وشمول الحكم بالنفاذ المعجل واحتياطيا إجراء بحث، وأدلى بنسخة أصلية من محضر جلسة الانتخابات ونسخة أصلية من محضر معاينة وإثبات حال ونسخة من شكاية ونسخ من تصريحات.
وبناءً على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف نائب المطعون ضده عبد السلام بودكو بتاريخ 29/09/2015 عرض فيها أن العملية الانتخابية كانت نزيهة وحرة ومرت في ظروف اتسمت بتعبير كل عضو عن توجهه بحرية، ذلك أن السيدة عائشة حيحاي صوتت بكل حرية على الطاعن محمـد أحنين دون أن يطالها مكروه وأن ممثل السلطة المحلية كان حاضرا ولم يسجل أي ملاحظة، وأن التجمهر الذي كان خارج قاعة جلسة الانتخاب لا يمكن أن يفسر على أنه ضغط على الطاعنين، وبخصوص وسيلة الطعن المتخذة من خرق المادة 17 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات عرض أن المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم احترامها، لأجل ذلك التمس رفض الطلب.
و بناء على إدراج القضية بجلسة 29/09/2015 حضر بها كل من الأستاذ قنيش عن الطاعن والأستاذ جابوريك عن المطعون ضده والتمس رفض الطعن لعدم جديته لكون تأسيس الطعن على المادة 17 من القانون التنظيمي للجماعات غير سليم، وأعطيت الكلمة للأستاذ قنيش فأوضح ما جاء بمقال الطعن مؤكدا أن الانتخابات المطعون فيها لم تتوفر فيها مقومات الانتخابات ذلك أن الطاعنين هم 10 أعضاء من أصل 15 التي يتكون منها المجلس والمطلوبين في الطعن 5 أعضاء فقط فكيف يعقل أن يفوز 5 أعضاء من أصل 15 عضوا، مؤكدا أن الطاعنين تعرضوا لتهديدات ملتمسا إلغاء الانتخابات واحتياطيا إجراء بحث، فتقرر اعتبار القضية جاهزة واقترح المفوض الملكي إلغاء نتيجة الاقتراع، فتم وضع القضية في المداولة لآخر الجلسة.
وبعد الـمداولة طبقا للقانون
فـي الشكـل:
حيث قدم الطعن مستوفيا للشروط الشكلية المتطلبة قانونا مما يتعين معه التصريح بقبوله.
فـي الـموضوع:
حيث يهدف الطعن إلى الحكم بإلغاء نتيجة عملية انتخاب رئيس ومكتب المجلس الجماعي لجماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان دائرة تطوان ولاية تطوان المجراة بتاريخ 16/09/2015 مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك وشمول الحكم بالنفاذ المعجل.
وحيث أسس الطاعن طعنه على وسيلتين تتمثل الأولى في التأثير على حرية الاقتراع لعدم سلامة الظروف التي مرت فيها العملية الانتخابية والثانية في عدم تضمن لائحة نواب الرئيس الفائزة لمرشحات في حدود نسبة الثلث على الأقل خرقا لمقتضيات المادة 17 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات.
• حول وسيلة الطعن الـمستمدة من عدم سلامة الظروف التي مرت فيها العملية الانتخابية
حيث يتبين من وثائق الملف وخاصة من محضر اجتماع المجلس الجماعي المذكور المنعقد من أجل انتخاب رئيس ومكتب المجلس أن الطاعنين ولحظة وصولهم إلى مقر الجماعة من أجل المشاركة في الاقتراع المشار إليه تعرضوا للمنع من الدخول إليه من طرف عدد كبير من الساكنة الذين احتجوا وعارضوا ترشح الطاعن محمد احنين إلى رئاسة المجلس المذكور، والثابت حسب محضر المعاينة المنجز من طرف المفوض القضائي السيد مصطفى مريزق والمدلى به في الملف أن التجمع السكاني المشار إليه قام بمحاصرة السيارتين اللتين أوصلتا الطاعنين وعمد عدد من المحتجين إلى ضرب زجاج إحدى السيارتين بالأيادي ومنعهم من مغادرتها مع صعود أحد الأشخاص فوق سطح السيارة وقيامه بركل السطح بقدمه وترديد شتائم في حق الطاعنين وتهديدات بالقتل، وأنهم شرعوا في دفع السيارة بأيديهم وحاولوا تحريكها من مكانها وجعلوها تترنح مصرحين للقائد أنهم لن يسمحوا للسيارة بالتحرك أو مغادرة الطاعن الأول لها مع قيامهم بوضع حجارة بالطريق المؤدي إلى الجماعة للحيلولة دون مغادرة سيارتي الطاعنين وسيارات الدرك والقوات المساعدة وسيارة القائد، وبعد ذلك تم السماح للطاعنين بالدخول لمقر الجماعة تحت حراسة أمنية مشددة وهم يتعرضون للتعنيف اللفظي والجسدي بالضرب والركل والسب بألفاظ نابية وأن حالة الذعر كانت بادية عليهم حسب ما ضمن بمحضر العملية الانتخابية، واستمر هذا الوضع داخل قاعة الاجتماع من خلال حضور بعض المواطنين لعملية الاقتراع وقيام بعضهم بالتهجم على الطاعنين محمد أحنين ويونس قاشي، فيما كان آخرون متجمهرين حول نوافذ قاعة الاجتماع وهم يصرخون ويوجهون السب والشتم لبعض المنتخبين، كما ثبت من خلال نفس محضر المعاينة أن بعض أعضاء المجلس المنتمين لحزب المطعون ضده في النازلة قد شاركوا بدورهم في التأثير على سلامة ظروف عملية الانتخاب من خلال مساندة عضوة المجلس الجماعي فطيمة الدراز للسكان المحتجين بعد أن اقتربت منهم وسلمتهم لافتة ثم اعتصمت معهم لبعض الوقت وهي تحييهم وتطلب منهم الصمود وتقوم بتوزيع مياه الشرب على النساء المعتصمات، فيما قام عضو المجلس محمـد بلحاج المنتمي لنفس حزب المطعون ضده بسب وتهديد الطاعن رشيد حرادة داخل القاعة بالسماح للمحتجين بالاعتداء عليه، وقيامه بالتصريح أمام المواطنين أن عملية انتخاب الرئيس لن تتم مع حشده للسكان من أجل ذلك وصعوده لسيارة الطاعنين، ودعوة عضو المجلس عبد العليم بودكو الطاعنين الذين ينتمون لحزب الأصالة والمعاصرة لعدم التصويت على الطاعن المنتمي لنفس الحزب والتصويت في مقابل ذلك على المطعون ضده المنتمي لحزب العدالة والتنمية.
وحيث إن الانتخابات حتى يؤخذ بنتائجها ينبغي أن تمر في ظروف تسمح بالتحقق التام لحرية الاختيار لدى الناخبين دون وجود ما يؤثر على إرادتهم من ضغط أو تهديد أو تدليس، ذلك أن مبادئ الديمقراطية باعتبار أساسها الدستوري المستمد من التنصيص على الاختيار الديمقراطي كثابت من ثوابت الأمة، تقتضي الاحتكام إلى القانون في تدبير التداول على مواقع القرار بالمجالس المنتخبة، وتتنافى مع اعتماد أساليب الضغط والترهيب من أجل التأثير في عملية الانتخاب، الشيء الذي يجعل مشاركة بعض المطعون ضدهم في أعمال الضغط والترهيب التي مارسها عديد من المواطنين المتجمهرين ضد الطاعنين خارج وداخل قاعة الاقتراع والتنسيق معهم ومساندتهم من أجل مواصلة التجمهر عملا مخالفا للأدبيات السياسية التي تقتضي انضباط التنافس الانتخابي لمقتضيات القانون وعدم القيام بأي سلوك من شأنه التأثير غير المشروع في حرية الاقتراع، كما أن تحقيق التداول على مراكز القرار الجماعي المحلي بما يلبي حاجيات المواطنين ينبغي أن يتم بدوره في إطار القانون باعتماد نتائج الاقتراع بعد انتخابات حرة وليس من خلال اتباع أساليب تخل بقواعد الديمقراطية، لكل ذلك فقد تأكد للمحكمة أن انتخاب رئيس ومكتب المجلس الجماعي محل الطعن قد تم في ظروف غير سليمة كفيلة بالتأثير في حرية الاختيار، خاصة أن عدد أعضاء المجلس الجماعي المذكور الذين تقدموا بطعنهم الحالي يشكلون الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس الجماعي، إذ يصل عددهم إلى عشرة أعضاء ينتمي تسعة منهم لنفس الحزب من أصل خمسة عشر عضو بالمجلس، بينما ينتمي باقي الأعضاء إلى أحزاب أخرى من بينها الحزب المنافس الذي فاز وكيل لائحته بمنصب الرئيس أي أن الأغلبية صوتت لفائدة ممثل الأقلية في هذه النازلة، وهو ما يشكل قرينة على تأثير الظروف الأمنية غير الملائمة التي مرت فيها العملية الانتخابية على حرية الاختيار لدى الطاعنين، سيما وأن الثابت من محضر العملية الانتخابية أن الطاعن الأول بدوره لم يصوت على نفسه باعتباره مرشحا لرئاسة المكتب ولم ينل إلا صوتا واحدا، مما يجعل نتائج انتخاب رئيس مكتب المجلس الجماعي ونوابه وكاتب المجلس ونائبه واقعة تحت طائلة البطلان.
• حول وسيلة الطعن الـمستمدة من خرق الـمادة 17 من القانون التنظيمي رقم 113.14 الـمتعلق بالجماعات.
حيث استند الطاعن في وسيلة طعنه على عدم تضمن لائحة نواب الرئيس التي فازت في الاقتراع لعدد من النساء يساوي ثلث نواب الرئيس على الأقل.
وحيث تنص الفقرة السادسة من المادة 17 من القانون التنظيمي رقم 113.14 على أنه "يتعين العمل على أن تتضمن لائحة ترشيحات نواب الرئيس عددا من المترشحات لا يقل عن ثلث نواب الرئيس".
وحيث يستفاد من هذا المقتضى القانوني أن المشرع نص بصيغة الوجوب المتمثلة في عبارة "يتعين" على ضرورة مراعاة التمثيلية النسائية في تشكيلة المكتب المسير للجماعة بنسبة الثلث على الأقل، وهو مقتضى يبقى واجب التفعيل على اعتبار أنه يدخل في إطار التدابير القانونية التي تفرضها المادة الثالثة من الاتفاقية الدولية المصادق عليها من طرف المغرب المتعلقة بمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة، من خلال عمل الدولة على التنزيل التشريعي المتدرج للمبدأ الدستوري المنصوص عليه في الفصل 19 من الدستور الذي يلزمها بالسعي نحو تحقيق المناصفة بين النساء والرجال، وهي غاية يتطلب تحقيقها ضمان مشاركة أوسع للمرأة في الحياة العامة عن طريق سن مجموعة من الإجراءات التي تستند إلى مبدأ التمييز الإيجابي لصالح المرأة بفرض حضورها في المجالس المنتخبة استنادا إلى مبدأ "الكوطا"، وذلك من أجل النهوض في مرحلة أولى بوضعها داخل المجتمع بما يساهم في تحقيق الشروط المجتمعية والسياسية التي تجعل المرأة قادرة على الوصول في مرحلة ثانية إلى مواقع المشاركة في الحياة السياسية بدون الحاجة إلى إجراءات التمييز الإيجابي المشار إليها، بمعنى أن هاته الأخيرة تبقى مجرد إجراءات مؤقتة ينقضي العمل بها عندما تتحقق المساواة الفعلية بين الرجل والمرأة في شتى المجالات بحكم الواقع وليس بالاستناد إلى مثل هاته التدابير.
وحيث يلاحظ على نص المادة أعلاه أنها جاءت بعبارة "يتعين العمل على" وهي صيغة تختلف عن الصيغة التي وردت بشأن الإلزام بتخصيص عدد من المقاعد النسائية في كل جماعة خلال انتخابات أعضاء المجالس الجماعية بمقتضى المادة 128 مكرر من القانون التنظيمي 59.11، مما مفاده أن تنزيل مبدأ التمثيلية النسائية على مستوى لوائح ترشيح نواب رئيس المجلس الجماعي يبقى مقيدا بعدم تحقق ما يجعل ضمان هذه التمثيلية متعذرا، وهو ما يعني أن الإلزام الوارد بالمقتضى القانوني المذكور لا ينصب على ضرورة مراعاة التمثيلية النسائية في لوائح الترشيح بشكل مطلق في جميع الأحوال، بل يتعلق فقط بضرورة مراعاة هاته التمثيلية كلما كان ذلك ممكنا.
وحيث لئن كانت صيغة المادة المذكورة قد فتحت المجال لعدم تطبيق مقتضياتها على إطلاقها في حال تعذر ذلك، فإن تفسير هاته المقتضيات في ضوء السياق الدستوري المتجلي في الفصل 19 من الدستور الرامي إلى السير في اتجاه توسيع مجال مشاركة المرأة في أفق ضمان المناصفة يوجب فهم حالة تعذر حضور المرأة في لوائح الترشيح على أنها حالة استثنائية لا يُتوسع في تطبيقها، الأمر الذي لا يستقيم معه تقدير هذا الظرف الاستثنائي من خلال معيار شخصي مرتبط مثلا برفض عضوات المجلس الجماعي الترشح ضمن لوائح نواب الرئيس استنادا إلى رغبتهن المجردة في عدم الترشح بدون تبريرها بمعطى موضوعي مقبول، لأن ضمان مشاركة المرأة في مكتب الجماعة ليس حقا شخصيا للمرأة المنتخبة فحسب، وإنما هو حق لكل المجتمع الذي يفترض أن يكون هذا المقتضى القانوني قد جاء معبرا عن تطور المشترك الثقافي بين أفراده وبلوغه المدى الذي ساد معه الاقتناع بضرورة الدفع بالمرأة نحو مراكز القرار، بما يساهم في تحقيق مبدأ المساواة بينها وبين الرجل باعتبار تنزيل هذا المبدأ من مداخل التنمية والتطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تعم آثاره المجتمع كافة وليس المرأة المنتخبة وحدها. كما أن استحضار مبدأ انسجام النصوص القانونية وتكاملها يؤدي إلى تعزيز هذا الفهم، ذلك أن القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس الترابية جاء قاطعا في إلزامه بتخصيص عدد من المقاعد النسائية بما يضمن حضور المرأة بشكل مسبق في المجالس الجماعية، لذلك لا يبقى للنساء اللواتي اخترن الترشح لعضوية هاته المجالس المجال بعد ذلك للرفض المستند إلى مجرد الرغبة الشخصية في عدم الترشح في لوائح نواب الرئيس، لأن مثل هذا الرفض يعاكس أهداف المشرع ويفرغ جميع المقتضيات القانونية ذات الصلة من مضمونها، ولأن فوز المترشحات في الانتخابات المتعلقة بأعضاء مجلس الجماعة بعد قبولهن المشاركة فيها يستتبع ضرورة التزامهن بما يترتب عن هذه العضوية من واجبات يقتضيها المنصب الانتخابي الذي سعين إلى الترشح له، و يقتضي انضباطهن لما يفرضه القانون من ضرورة مشاركة النساء بنسبة الثلث كحد أدنى في لوائح الترشيح لنواب الرئيس تحقيقا لأهداف المشرع ولحق المجتمع في ضمان الحضور الفعال للمرأة في تسيير المجلس الجماعي. غير أن تحقق حالة التعذر لسبب موضوعي خارج عن الرغبة المجردة للمنتخبات يجعل لوائح الترشيحات المقدمة بدون التوفر على نسبة الثلث من النساء صحيحة، كما في الحالة التي يكون فيها الحزب أو التحالف الحزبي الذي قدم اللائحة غير متوفر على عدد كاف من المنتخبات في المجلس الجماعي لهن نفس الانتماء لهذا الحزب أو لأحزاب التحالف.
وحيث إن الثابت من خلال محضر العملية الانتخابية المدلى به في الملف أن عدد نواب الرئيس بجماعة أولاد علي منصور هو أربعة أعضاء وأن لائحة النواب التي تقدم بها رئيس المجلس وفازت بالرتبة الأولى لا تتضمن أي مرشحة بالرغم من أن تطبيق نسبة الثلث على الأقل المفروضة بنص المادة 17 أعلاه يقتضي أن تتضمن هاته اللائحة الفائزة مرشحتين كحد أدنى، مما يجعلها مخالفة للقانون خاصة أن من بين أعضاء المجلس الجماعي يوجد أربع عضوات من النساء وكان بالإمكان تضمين اللائحة مرشحتين أو أكثر في ظل عدم ثبوت تعذر ترشيحهن استنادا إلى مبرر موضوعي مقبول.
وحيث إنه إعمالا لمقتضيات المادة 32 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المحال عليه بنص المادة 31 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات في شأن شروط الطعن في أجهزة مكتب الجماعة، يتضح أن مخالفة عملية الانتخاب للإجراءات المقررة قانونا يوجب الحكم ببطلانها، وأنه بالرجوع للنازلة فإن عدم تضمن لائحة نواب الرئيس الفائزة في الاقتراع للتمثيلية النسائية المقررة في المادة 17 المشار إليه أعلاه يجعلها مخالفة لللإجراءات القانونية المعمول بها في شأن ضوابط لوائح الترشيح، الأمر الذي يكون معه انتخاب نواب رئيس المجلس الجماعي محل الطعن واقعا تحت طائلة البطلان.
وحيث إنه استنادا إلى ثبوت الخروقات التي استندت إليها وسيلتا الطعن، تكون عملية انتخاب رئيس ومكتب المجلس الجماعي لجماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان دائرة تطوان ولاية تطوان المجراة بتاريخ 16/09/2015 باطلة للعلتين المستند إليهما أعلاه، ويتعين الحكم بإلغائها مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
وحيث يتعين رفض طلب النفاذ المعجل لعدم تحقق مبرراته القانونية.
الـمنطـوق
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية والقانون التنظيمي رقم 113.14 الـمتعلق بالجماعات.
لـهـذه الأسـبـاب
حكمت المحكمة الإدارية وهي تقضي علنيا ابتدائيا و حضوريا:
في الشكل: بقبول الطعن.
في الـموضوع: بإلغاء نتائج عملية انتخاب الرئيس ونوابه والكاتب ونائبه بالمجلس الجماعي لجماعة أولاد علي منصور قيادة بني حسان دائرة تطوان ولاية تطوان المجراة بتاريخ 16/09/2015 مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك، ورفض طلب النفاذ المعجل.
بهذا صدر الحكم في اليوم و الشهر والسنة أعلاه …………………………….........
الرئيـس المقـرر كاتبة الضبط