باســــم جــلالة المــلك وطبقا للقانون
بتاريخ الإثنين 2 رمضان المعظم 1435 الموافق لـ 30 يونيو 2013
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
محمد الهيني..........................................رئيسا ومقررا
رشدي حرمان...............................................عضوا
عبد الرحمان تزكيني .................................. عضوا
بحضورالسيدة جميلة مكريم ..........................مفوضا ملكيا
بمساعدة السيدة أمينة العكراط .........................كاتبة الضبط
الحكم الآتي نصه:
الوقائع
بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 8/04/2014، المعفى من أداء الرسوم القضائية بقوة القانون، تعرض فيه الطاعنة بواسطة نائبها، أن الإدارة سبق أن أعلنت عن مباراة الدخول إلى مسلك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي برسم الموسم الدراسي 2012-2013 وأضافت أنها اجتازت هذه المباراة تخصص الاجتماعيات بنجاح إذ رتبت في الرتبة الأولى بلائحة الانتظار وأنه بعد بداية الدراسة بهذه المسالك، تبين لها بعد التحريات أن بعض الناجحين الرسميين بنفس التخصص لم يلتحقوا متخلين بذلك عن المناصب التي ترشحوا إليها. وأضافت أنها انتظرت تفعيل نتائج لائحة الانتظار، كما هو منصوص عليه في المرسوم المنظم للمباراة المذكورة آنفا، إلا أن الإدارة لم تبادر لاتخاذ أي قرار في الموضوع رغم مراسلتها وتظلمها من قرار إقصائها من الاستفادة من المنصب المذكور ،إلا أنها لم تتلقى أي جواب يذكر من قبل الإدارة رغم مرور أكثر من 60ستين يوما على مراسلتها ،وبعد البحث والتقصي تبين لها التحاق بعض الناجحين الذين وردت أسمائهم في لائحة الانتظار برتب تلي رتبتها بناء على استصدار حكم من المحكمة الإدارية بالرباط عدد 75-5-2013 بتاريخ 23-5-2013 حكم عدد 1904 قضى منطوقه بتسوية وضعيتهم الإدارية والمالية بالتحاقهم بمراكز التربية والتكوين ،وهو حكم نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به ، وأن قرارها هذا يعتبر مخالفة قانونية وتحديدا للقرار الوزاري رقم 12/2200 ما ألحق بها ضررا بالغا نتيجة حرمانها من حقها في ولوج المنصب المتبارى بشأنه، وأن سبب رفض الإدارة غير مبرر قانونا لحرمانها من ولوج المنصب المتبارى بشأنه لثبوت استحقاقها له، لأجل ذلك تلتمس الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك، بمنحها منصب أستاذة متمرنة بالتعليم الثانوي التأهيلي تخصص اجتماعيات من تاريخ استحقاقها له مع النفاذ المعجل و إبقاء الصائر على المدعى عليها،وعضدت الطلب بمذكرة إدلائية بوثائق.
وبناء على إدراج القضية بجلسة 10-6-2014 حضر خلالها نائب المدعي وتخلفت الإدارة المدعى عليها رغم التوصل ،فتقرر خلالها اعتبار القضية جاهزة وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد تقريره، فقررت المحكمة وضع القضية في المداولة ، قصد النطق بالحكم الآتي بعده.
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل :
حيث قدم الطلب وفق الشروط الشكلية المتطلبة قانونا، فهو لذلك مقبول
من هذه الناحية.
في الموضوع :
حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه و الحكم بتسوية الوضعية الإدارية للطاعنة في منصب أستاذة متمرنة بالتعليم الثانوي التأهيلي تخصص الاجتماعيات مع ما يترتب عن ذلك قانونا وشمول الحكم بالنفاذ المعجل.
أولا:حول طلب الإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة:
حيث أسست المدعية الطلب على واقعة حرمانها من حق الولوج إلى مسلك تأهيل أساتذة التعليم التأهيلي برسم المرسوم الدراسي 2012-2013 لكونها اجتازت المباراة المذكورة وصنفت في المرتبة الأولى ضمن لائحة الانتظار حسب الاستحقاق الثابت من ملحق اللائحة النهائية للناجحين في الاختبارات والشفوية وذلك بعد انسحاب بعض المرشحين الناجحين في المباراة .
وحيث إن الثابت من وثائق الملف ترتيب المدعية ضمن الرتبة الأولى في لائحة الانتظار ،وعدم استدعائها من طرف الإدارة لتعويض الناجحين المنسحبين
وحيث حدد قرار وزير التربية الوطنية رقم 12-2012 الصادر بتاريخ 21-5-2012 كيفية تنظيم مبارة الدخول إلى مسالك تأهيل أساتذة التعليم الثانوي ونصت المادة السابعة منه على حصر لائحة الانتظار في حدود 20% من عدد المناصب المتبارى بشأنها.
وحيث تبعا للمرسوم المنظم لمباريات التوظيف في المناصب العمومية والضمانات المقررة للمتبارين تكون لائحة الانتظار والأشخاص المرتبين فيها حسب الاستحقاق ضمن الناجحين بمجرد تخلي أحد المرشحين الناجحين في المبارة ضمن اللائحة النهائية ،ولا يحتاج تعويضه إلى أي إجراء أو شرط باعتباره حقا مقررا بقوة القانون ،مع وجوب احترام ترتيب لائحة الاستحقاق تطبيقا لمبدأ المساواة
وحيث إن الإعلان عن أي مبارة يكون مسبوقا بتوفير المناصب المالية اللازمة خلال سنة مالية تحت طائلة ضياع المنصب.
وحيث إن تأخر الإدارة في استدعاء المدعية لتعويض الناجحين المنسحبين من المنصب تتحمله مسؤوليته القانونية،ولا يمكن أن ينهض مبررا لحرمانها من الحق في تقلد الوظائف العمومية طبقا للفصل31 من الدستور،طالما أنه يمكنها إجراء تكوين سريع لفائدتها،لأن حقها حق أكيد وثابت قانونا وليس مجرد حق محتمل، يتوقف تنزيله على أرض الواقع مباشرة الإدارة لإجراءات تفعيله إداريا وماليا"في نفس الاتجاه حكم من المحكمة الإدارية بالرباط ملف عدد 75-5-2013 بتاريخ 23-5-2013 حكم عدد 1904 " ،مما يكون معه المقرر المطعون فيه مشوب بالتجاوز في استعمال السلطة لعيب مخالفة القانون وواجب الإلغاء
ثانيا:حول طلب الوضعية الفردية والمالية
وحيث إن مدلول الوضعية الفردية كما استقر على ذلك قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض جاء على إطلاقه دون تقييد أو حصر ،وأنه يشمل جميع الحالات والأوضاع التي تعتري الموظف وهو يعمل في خدمة الإدارة سواء فيها يتعلق بتسميته في وظيفة معينة أو ترقيته أو تأديبه أو حصوله على أجوره ومستحقاته إلى غير ذلك من الدعاوى التي يمكن أن يقيمها ضد الإدارة من أجل تسوية هاته الوضعية مما ينعكس إيجابا أو سلبا على وضعيته الإدارية أو المادية حسب الأحوال.
وحيث إن طلب تسوية الوضعية يدخل ضمنه مختلف الأوضاع القانونية المؤثرة على تسمية الموظف في الوظيفة من قبيل خطأ الإدارة في عدم التعيين أو الولوج رغم استيفاء الشروط النظامية أو تجاوز المسطرة القانونية في ذلك قبولا أو رفضا بدون وجه حق،والقول بخلاف ذلك،بكون المشرع يخاطب الموظف المعين فيه إهدار للحماية القضائية ،وتحصينا لقرار غير مشروع ،وفيه أيضا تجاوز للقانون الأساسي للوظيفة العمومية الذي نظم وضعيات الموظفين إلى جانب وضعيات الولوج للوظيفة،رغم أن الموظف لم يكتسب في هذه الأحوال بعد صفة الموظف، لذلك فإن مدلول الموظف ينصرف إلى الموظف بحسب الطبيعة أو المآل.
حيث استقر اتجاه هذه المحكمة المؤيد فقها على اعتبار دعوى تسوية الوضعية الفردية ضمن دعاوى الإلزام ، إذ جاء في حكمها الصادر عن ذات الغرفة بتاريخ 27 يونيو 2013 في الملف رقم 229/12/2013 : " إن طلب الحكم على الإدارة يندرج ضمن قضاء الإلزام، المعتبر من دعاوى القضاء الشامل الهادفة إلى إلزام الإدارة قضاء بتطبيق القانون على مركز المعني الذاتي وإقرار حقوقه المدنية المعترف بها، وقول القانون في شأن وضعيته والتي تقتضي حكما يكشفها ويقرها، لأن تكييف المنازعة الإدارية وفقا للمعيار القضائي والفقهي الحديث يجد أساسه في تطبيق قواعد القانون العام، بحيث لا يكون المدعي ملزما بسلوك دعوى الإلغاء طبقا لقاعدة الخيار أو الجمع التي استقر عليها قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، ولا يمكن أن يعتبر ذلك حلولا محل الإدارة... احتراما لقواعد فصل السلط، وتمسكا بقواعد المشروعية التي تقتضي إعلاء منطق احترام القانون من قبل الحاكمين قبل المحكومين، لأن حضر توجيه الأوامر للإدارة مجاله قضاء الإلغاء وليس القضاء الشامل، تبعا لقاعدة عدم جواز ترك تنفيذ الإلتزامات على محض إرادة المدين المستمدة من قواعد العدل والإنصاف التي تفترض الخضوع للقانون والإلتزام به بأمر من السلطة القضائية الحامية الطبيعية للحقوق والحريات " .
وحيث أكدت محكمة النقض على جواز أمر الإدارة وإجبارها على تتنفيذ التزامها الإداري ،بحيث اعتبرت في قرارها عدد 185 صادر بتاريخ 8-3-2012 في الملف عدد 561-4-1-2011 أن " الإخلال بهذا الالتزام الإداري يمكن المدعي من سلوك الدعوى الرامية إلى تنفيذ الالتزام".
وحيث استقر العمل القضائي على أن القاضي الإداري وهو يناقش نزاعات الوضعية الفردية فإنه يراقب مدى احترام الإدارة للمشروعية، ومدى تقيدها بالقوانين والأنظمة المعمول بها تجاه موظفيها ومستخدمي المرافق العامة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، ولا يوجه أوامر للإدارة ولا يحل محلها ولا يعتبر نفسه رئيسا تسلسليا لها، وإنما يفحص العناصر المفروضة عليه للتأكد مما إذا كانت التسوية المطلوبة مشروعة ولها ما يبررها، تاركا للإدارة نفسها أمر تنفيذ الآثار القانونية الواجب ترتيبها على الحكم الذي سيصدره في النازلة والذي يعاين من خلاله توفر أو عدم توفر شروط التسوية المطلوبة.- قرار محكمة النقض عدد 734 الصادر بتاريخ 10/07/1997 في الملفين رقم 569/95 ورقم 570/95 .
وحيث استقر قضاء محكمة النقض على جواز الجمع بين دعوى قضاء الإلغاء والقضاء الشامل.
وحيث إن أغلب الدساتير الحديثة للدول تنص على كفالة الحق الدستوري في الشغل وتقلد الوظائف العمومية هذه الحقوق والحريات وبالتدخل الايجابي لكفالتها وتنميتها ،ومنها -المعتبر جزءا أصيلا من الكرامة الإنسانية،وتفعيلا لمبادئ المواطنة الحقة -الذي نصت عليه المواثيق الدولية (البند الأول من المادة 21 ، المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،المادة 25 (ج )من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 6 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإعلانات المنظمة الدولية للشغل،ومقررات المنظمة العربية للشغل.
وحيث إن رفض الإدارة وعدم انضباطها لمقتضيات القانون الناص على تعويض الناجحين المنسحبين من المبارة من اللائحة الاحتياطية رغم تصدر المدعية لها، ووجود المناصب المالية المخصصة للعملية يعد مخالفة للقواعد الدستورية الوطنية والدولية المتصلة بالحق في الشغل وتقلد الوظائف العمومية يحتم الحكم بعد التصريح بإلغاء القرار الضمني المطعون فيه إلزامها باتخاذ إجراءات تسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعية وذلك بإدماجها في سلك الوظيفة العمومية، مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية.
حيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها.
وحيث إن طلب النفاذ المعجل غير مبرر مما يتعين معه رفضه.
المنطوق
وتطبيقا للفصول 110 و 117و 118 من الدستور وتطبيقا لمقتضيات القانون 41-90 المحدث للمحاكم الإدارية.،ومقتضيات قانون المسطرة المدنية البند الأول من المادة 21 ، المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،المادة 25 (ج )من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 6 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،وإعلانات المنظمة الدولية للشغل،ومقررات المنظمة العربية للشغل.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا، ابتدائيا وحضوريا :
في الشكل :
بقبول الطلب.
في الموضوع :
بإلغاء القرار المطعون فيه وتسوية الوضعية الإدارية والمالية
للمدعية ،مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية مع الصائر ورفض باقي
الطلب.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه....................................
الرئيس المقرر كاتب الضبط