1
-صورة الدعوى.
قــدم البنك المذكور "البنك الشعبي بالرباط" لشركة "صومازور" الموجود مقرها الإجتماعي بالقنيطرة تسهيلات و قروض,فأبرم معها على سبيل ضمان الوفاء بالدين تجاهه عقد رهن من الدرجة الثانية انصب على سلع مملوكة للشركة المدينة.
لكن الشركة توقفت عن أداء الأقساط المستحقة و الثابتة في ذمتها ما دفع البنك إلى التقدم إلى المحكمة التجارية لافتتاح دعوى في مواجهة الشركة المدينة مطالبا باسترجاع دينه موضوع الرهن.
و في طلبه هذا استند إلى الفصل386 من مدونة التجارة الذي يجيز للمقرض في حالة توقف المدين عن أداء الدين موضوع الرهن أن يقدم مقالا إلى قاضي المستعجلات داخل أجل 10 أيام من حلول أجل أداء القسط, بموجبه يحصل على أمر ببيع السلع المرهونة بالمزاد العلني وفق الشكليات و الإجراءات المنصوص عليها في الفصل المذكور.
لكن المحكمة التجارية قضت برفض طلب المدعية,فلم تسمح له بتحقيق الرهن و الحصول على مبلغ الدين لتخلف شروط سيأتي ذكرها.
استأنف البنك المدعي الحكم الابتدائي,قائلا بمجانبته للصواب,و كان سنده أن المشرع لم يرتب أي جزاء على تخلف قيد الرهن بالسجل المخصص لهذه اتقييدات بكتابة ضبط المحكمة التجارية,وكذلك هو الحال بالنسبة لرهن الأصل التجاري و رهن معدات و أدوات التجهيز,معتبرا هذا القيد مجرد مسطرة إشهارية لعقد الرهن و ضامنة للاستحقاق بالأولوية عن باقي الدائنين في استخلاص الدين.
الشيئ الذي أقنع محكمة الاستئناف التجارية و دفعها إلى الاعتداد بهذا الاستئناف و قبول الطلب أي الأمر ببيع السلع المرهونة بالمزاد العلني من طرف كتابة الضبط بواسطة رئيس كتابة الضبط بالمحكمة التجارية بالرباط ،مع تحديد ثاريخ البيع و إنذار المدين مع إعلام العموم بالوسائل المقررة قانونا في المادة 386
المذكورة.
لكن الطعن في هذا القرار من طرف المتضرر منه و هو شركة صوماروز المستأنف عليها نقل ولاية النظر في النزاع إلى محكمة النقض التي أصدرت قرارا بنقض القرار الاستئنافي و إحالة القضية على محكمة الاستئناف للنظر فيه من جديد بهيئة مكونة من قضاة آخرين.
و هنا تقدم كل من الخصمين بملتمساته و آراءه:
فالبنك,في شخص موكله "ع.غ"قد عارض بعد النقض و الإحالة ما انتهت إليه محكمة النقض في قرارها ,إذ قال أنها مخطأة في تصورها لشروط صحة تحقيق الرهن المنصب على السلع المستمدة من م،تحينما اشترطت على وجه الوجوب وجود عقد رهن مكتوب بالإضافة إلى قيد الرهن بسجل مخصص لذلك بكتابة ضبط المحكمة التجارية,و هذا حسب رأيه متناقض مع مدلول المادة 386 من مدونة التجارة التي تنص على إمكانية بيع المنتجات أو السلع المرهونة بالمزاد العلني بطلب موجه إلى قاضي المستعجلات بمجرد رفض المدين للوفاء بدينه تجاه الدائن المرتهن عن طريق التماس ذلك من قاضي المستعجلات.
كذلك دعم رأيه و مطلبه بحالات مماثلة في التشريع المغربي،و بالضبط المادة 114 من مدونة التجارة التي تسمح بتحقيق الرهن المنصب على الأصل التجاري بلا اشتراط لأي إجراء غير مرور 8أيام على ثاريخ توجيه الإنذار للمدين الراهن دون استجابة من هذا الأخير،كذلك هو الحال في رهن أدوات و معدات التجهيز.
أما شركة صوماروز,فقد تمسك موكلها,بأن الرهن في هذه النازلة منصب على سلع دون نقل لحيازتها,و المشرع هنا ينص صراحة على ضرورة كتابة عقد الرهن,عملا بالمادة 379 من المدونة المذكورة,كما شدد على دور قيد عقد الرهن و أهميته كمنشئ للأولوية في استخلاص الدين عن باقي الدائنين و كشرط صحة في تحقيق الرهن المنصب على السلع و المنتجات كما جاء بالمادة 381,و لم يغفل الإشارة إلى الجزاء المرصود لعدم تجديد القيد في أجل 15 شهرا من قيده و هو التشطيب التلقائي على عقد الرهن،,لينتهي في قوله بأنه-و الحالة هذه و التي تكون فيها العلاقة التعاقدية بين طرفي الخصومة لا تنم على تقييد عقد الرهن و بالتبعية عدم تجديده-,لا يمكن الحياد عن المطلب الأساس و هو إلغاء الحكم الإستئنافي و الحكم من جديد برفض طلب البنك كطرف مستأنف.
و بعد المـــداولة أصدرت محكمة الإستئناف قرارها في القضية و كان هو رفض طلب البنك المستأنف,وذلك لعدم تقييد عقد الرهن بالسجل المخصص لهذه العملية بكتابة ضبط المحكمة التجارية,وذلك يوم 2013/04/13
فظاهر تنصيص المدونة على أهمية القيام بالإجرائين المذكورين (الكتابة و القيد),ليصح تحقيق الرهن و يضمن المستفيد منه امتبازه منه،وعليه سنحلل بعض من جوانب هذا العمل القضائي على النحو الآتي.
2
-التحليل
أمامنا نازلة تعرف تعارضا بين اقعتين قانونيتين:
الأولى:وهي طلب تحقيق الرهن المنصب على المواد و المثجات دون اشتراط لأي قيد في ذلك,غير حلول أجل الإستحقاق ورفض الراهن أداء دينه,وهو طلب استند المتمسك به إلى المادة 386 المذكور.
والثانية:وهي حكم القضاء برفض هدا الطلب,لوجوب القيام بالإجراءات اللازمة لصحته,و إذ ذاك يصح بيع السلع المرهونة قصد حصول المدين على مبلغ الدين المقدم للشركة ,والمحكمة في ما ذهبت إليه مؤازرة بالمواد 379 الموجبة للكتابة,381 التي اشترطت القيد بسجلات كتابة الضبط....,و383 المرتبة لجزاء التشطيب التلقائي على الرهن المقيد عند عدم التجديد.
شروط تحقيق الرهن المنصب على المواد و المنتجات في التشرع المغربي.
بالعودة إلى نصوص مدونة التجارة المنضمة لعقد رهن المواد و المنتجات من المواد378 إلى392
نجد أن الفصل 379 يلزم المتعاقدين بإثبات الرهن بعقد رسمي أو عرفي و ذلك وفق البيانات الواردة بالمادة،و هو إجراء متوافر في النازلة المدروسة ,كما نجد تنصيصا على ضرورة قيد الرهن بسجل خاص بكتابة الضبط الموجودة بدائرة نفوذها السلع المرهونة و ذلك حسب المادة 381،و قد أغفل البنك القيام بهذا الإجراء،هناك أيضا جزاء التشطيب على القيد من السجل المقيد به إن لم يجدد قبل عام و ثلاثة أشهر من قيده و ذلك حسب المادة384
إذن يتبين لنا أنه ثمة اجراءان قانونيان بخصوص تحقيق الرهن,يجب على العاقدين أن يلتزما بهما خلال إبرامهما لهذا العقد،أو كضمان عيني تبعي.
فعلى أساس المقتضيات التشريعية المذكورة انبنى الحكم الابتدائي الذي قضى برفض طلب البنك,والذي تأيَد كذلك بالقرار الاستئنافي الصادر بعد الإحالة من طرف محكمة النقض...بناء على الطعن بالنقض,فإتيان هذه الإجراءات يحدد إمكانية تحقيق الرهن من عدمها
و أما ما اتخذه البنك في ادعاءه أول الأمر أمام المحكمة التجارية,و تمسك به أمام محكمة الاستئناف,و هو خلو تحقيق الرهن كتدبير من أي ضوابط قانونية باستثناء حلول أجل الدين و امتناع الراهن عن أداء الدين و سنده في ذلك المادة 386 بالطبع.، التي تمنح للدائن الحق في المطالبة قضائيا ببيع السلع المرهونة قصد استرداد مبلغ ا لدين
عن طريق مقال موجه لقاضي المستعجلات كما سبق البيان داخل 10 أيام من امتناعه عن الوفاء ليصدر القاضي أمره في اجل 15 يوما من ثاريخ إيداع المقال.
و الحق أن هذا الحق لا يتناقض مع المواد المذكورة (379,382,و383)،لأنه-أي الحق في تحقيق الرهن-لايثبت إلا عند القيام بالإجرائين المذكورن أكثر من مرة في دراستنا لملابسات الخصومة ،أي ابرام عقد الرهن في شكل مكتوب،ثم قيده بالسجل المخصص لهذه التقييدات بكتابة ضبط الحكمة التجارية،فإن غاب هذان الشرطان،وخصوصا القيد فلا حديث عن بيع للسلع المرهونة بالمزاد العلني,لكونهما شرطا صحة في هذا الإجراء.
الآثار المترتبة عن توافر شروط تحقيق الرهن بهذا العقد,أو تخلفها.
إذا ما ثم قيد الرهن المبرم في شكل مكتوب سواء كان رسميا أو عرفيا بسجل ممسوك من طرف كتابة ضبط المحكمة التجارية فإن ذلك القيد يمكن الدائن المرتهن من ضمان استحقاقه للمطالبة القضائية بتحقيق الرهن كلما قوبل برفض المدين الراهن لأداء قسط أو مبلغ الدين كما ينشئ حقه في استيفاء حقه بالأولوية عن باقي الدائنين.
أما لو تخلف القيام بأحد الإجرائين فإن الحق في استرجاع الدين من ثمن بيع السلع بالمزاد يسقط,كأن يكون قد أبرم عقدا بالرهن و لم يقيده بالسجل,كما هو الحال بالنازلة المدروسة.
فبعض النظر عن صحة التصرف,فإن المشرع قد اشترط إتيان شكليات معينة و محددة و هي الكتابة,كذلك القيد فلو ثم الإخلال بها لا اعتداد بصحة التصرف أو العقد.
فهذه حالات يسقط فيها الحق في المطالبة بتحقيق الرهن من القضاء لما للمقتضيات القانونية المنضمة لهذا العقد من إلزامية على طرفيه..
3-الــتعــلــيــق.
لا شك أن القضاء هو السلطة المخول لها تطبيق القانون و السعي إلى تحقيق العدالة بين المتنازعين التي يكون تطبيق النص القاوني مرجعا فيها،دون نكران لأثر و درو السلطة التقديرية للسادة القضاة في الفصل في النزاعات,بما لا يعارض النص,و يثري الجانب الإجتهادي في القضاء الوطني.
فخلو الحق في تحقيق الرهن في النازلة مضوع الدراسة من أي قيد غير امتناع المدين عن الوفاء،و من أي جزاء لم يكن كفيلا بإبعاد المحكمةعن القاعدة العامة التي تحكم تحقيق الرهن المنصب على السلع,فكتابة العقد إلزامية لدواعي استقرار المعاملات و لا ينبغي للمحكمة أن تحيد عنها و تتساهل بخصوصها,و القيد كذلك لا يقل أهمية عنه,لأنه يفيد عدم وجود أي رهن سابق مقيد على هذه السلع أو المنثجات,من أجل خلق ضمانة حقيقية لمال الدائن المرتهن,وبالتالي فإن المحكمة تكون مع ما سبق توضيحه على امتداد قفرات الدراسة على صواب في نضرنا المتواضع لذلك نذهب إلى تدعيم قرار محكمة الإستئناف,و نأكد صحة الأساس القانوني الذي انبنلى عليه,على الرغم من الصعوبة التي قد تعتري أي قاض ناضر في مثل هذا النوع من النزاعات,فقد يغيب النص الصريح المحدد لأثر غياب إجراء ما....لكن إعمال العقروح القانون عند القاضي و التوسع الشمولي في القواعد المنضمة للنازلة قد يحيل على الكثير المستنثج من وراء طيات النصوص و هو ما نقف عليه في القرار موضوع البحث و التعليق،و هو أمر مطلوب في كل قضاة الحكم لتحقيق العدالة في أبهى صورها,و التبصر للحكم الأصح,فالقواعد القانونية ليست شاملة لكل نواحي و أشكال الوضعيات و العلاقات القانونية,و بالتالي فلا غنى عن المرونة في التعامل مع النص و بالتبعية مع الوقائع محل البث من طرف القاضي.