قضت المحكمة الإدارية بالرباطفيحكم لها (1) بما يلي:
"......المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي مسؤول بحكم مهامه عن تأمين مرفق تصريف المياه لدرء الخطر عن أراضي المواطنين الفلاحين ومسؤول عما تحدثه من أضرار للغير، وهذه المسؤولية موضوعية مبناها الضرر طبقا لقواعد العدالة والإنصافوالموجبات الإنسانية المبنية على التضامن الوطني الذي تتكفل دول المعمور بموجبه وعلى سبيل الإسعاف والمساعدة وفي حدود الإمكان بصرف تعويضات لكل متضرر كلما وقعت أضرار بيئية خطيرة ، والمغرب بدوره لم يحد عن هذه القاعدة بصرفه مبالغ محددة من الميزانية العامة لفائدة ضحايا الكوارث"صندوق الكوارث" وهو ما يبرر بالقياس وفي إطار المعاملة بالمثل – تعويض المدعي المضرور في هذه النازلة.في نفس الاتجاه يراجع (قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 935 بتاريخ 4/12/2005 ملف إداري عدد 461/4/1/2002) ).
وحيث إنه انطلاقا من المبدأ الدستوري القاضي بلزوم تحمل الدولة والمواطنين بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد"الفصل 40 من الدستورورعيا لما للمحكمة من سلطة تقديرية في تحديد التعويض استنادا إلى الأضرار المادية اللاحقة بالمدعي وتبعا لتقرير الخبرة وإعمالا لتشطير المسؤولية التي تفرضها قواعد التضامن قررت تحديد التعويض المستحق له في القدر الوارد بمنطوق الحكم"
- سرد الوقائع:
وبناء على المذكرة الجوابية المدلاة من طرف نائب المدعى عليهم والذي أكد أنه الأضرار البسيطة التي لحقت بضيعة المدعين بالمقارنة مع بقية الضيعات مردها للفيضانات التي وقعت لثلث السنة لا للبلقعين ( الكلابي ) وأنهما كانا ولا زالا إلى يومنا هذا ولن …ضيعة المدعين من فيضانات مستقبلية لا قدر الله ، لأن دورها ووظيفتها تبقى محصورة في الأحوال العادية لحماية أنابيب التجفيف الموضوعة على قناة الصرف . أن الدعوى لا يسند لها وأن فيضانات 2009-2010 المعروفة لدى الخاص والعام اتلفت ليست ضيعة المدعين ولكن منطقة الغرب بني حسن بكاملها بما فيها الطرق الوطنية والإقليمية والثانوية . وعليه يلتمس الحكم برفض الطلب مع حفظ حقها لإدخال الشركة التي قامت بمشروع وضع قنوات الصرف .
وبناء على المذكرة الجوابية المقدمة من طرف الوكيل القضائي للمملكة والمودعة بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 15-2-2012والتي تلتمس فيها إخراج الوزارات المعنية من الدعوى لكون النزاع يحصر بين المدعين والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي المتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والإداري ،وأن التضامن غير مؤسس لأن الإدارة لم يصدر عنها أي فعل يعتبر مساهمة منها في حدوث الفعل الضار.
وبناء على الحكم التمهيدي عدد 794 الصادر بتاريخ 25-6-2012 والقاضي بإجراء خبرة عهد بها للخبير نجيب السايح.
وبناء على تقرير الخبرة المودع بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 4-8-2013
وبناء على المستنتجات عقب الخبرة المقدمة من طرف نائب المكتب المدعى عليه والمودعة بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 24-12-2013 والذي تلتمس فيها الحكم برفض الدعوى لكون الخبير أشار في ختام تقريره إلى أنه بالفعل عرفت الضيعة أضرار مقدرة في 6.423.000.00 درهم لا يمثل دور المكتب الجهوي في التحكم في صبيب وادي سبو أو في مستوى الماء ،حيت تأتي المياه من مناطق أخرى من خارج سهل الغرب.
وبناء على المستنتجات عقب الخبرة المقدمة من طرف نائب المدعين والمودعة بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 16-1-2014 والذي يلتمسون فيه الحكم أساسا بإجراء خبرة تكميلية واحتياطيا تحميل الطرف المدعى عليه المسؤولية كاملة عن الأضرار التي لحقت بضيعة العارضين و بأدائهم لفائدتهم مبلغ 6.423.000درهم كتعويض عن الخسائر مع النفاذ المعجل ولو في حدود النصف مع الصائر.
وبناء على عرض القضية بجلسة 9-1-2014 تخلف خلالها نائب المدعي رغم التوصل ،وحضر نائب الإدارة المدعى عليها وأكد ما سبق ،فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة،وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد مستنتجاته الكتابية الرامية للاستجابة للطلب فتقرر وضع القضية في المداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده.
- حيثيات الحكم:
حيث دفع المكتب المدعى عليه بانعدام مسؤوليته عن الأضرار غير المتوقعة وفقا لتقرير الخبرة
وحيث خلص تقرير الخبرة إلى ثبوت تعرض الضيعة لفيضانات غير عادية تسببت في أضرار للأشجار والأغراس "اقتلاع أغراس الحوامض في 42.84 هكتار وأغراس الحوامض في حالة ضعيفة في 24.67 هكتار و إتلاف كلي لزراعة القمح في 9.55 هكتار والأشجار المقلوعة 15000في الهكتار ونقص في الغلة لسنتين بالنسبة للأغراس القديمة المتضررة 30000درهم في الهكتار"مقدرة في 6.423.000.00 درهم لا يمثل دور المكتب الجهوي في التحكم في صبيب وادي سبو أو في مستوى الماء ،حيت تأتي المياه من مناطق أخرى من خارج سهل الغرب،فضلا عن أن البقع الفلاحية المتضررة معرضة دوما لخطر الفيضانات كلما فاض الوادي عن فرشته.
وحيث إن للمحكمة سلطة تقديرية في تقدير أعمال الخبراء وتقييم مستنتجاتهم والأخذ بتعليلات ومشاهدات ومعاينات الخبرة دون نتائجها متى لم تتوافق مع صحيح القانون ،لكون تحديد المسؤولية من مهام القاضي لا الخبير لتعلقها بالقانون.
وحيث إن الثابت قانونا تولي مكتب الاستثمار الفلاحي مهام التجهيز والاستثمار في ميدان الفلاحة(الفصل2 من مرسوم رقم 2.65.190 بتاريخ 6 محرم 1385 (7 مايو 1965)بإحداث مكتب الاستثمار الفلاحي)و يضع تبعا لذلك إحصاء لموارد المياه وينفذ الأشغال التي تساعد على تتميمه (الفصل 3)ويؤهل المكتب في نطاق برامج التدخل المصادق عليه من طرف وزير الفلاحة لاتخاذ جميع التدابير الرامية إلى استخدام موارد المياه وتهيئ الأماكن الطبيعية وتحسين أحوال الإنتاج بمؤسسات الاستغلال (الفصل 4) كما يقوم المكتب بالأشغال المتعلقة بخزن المياه أو جمعها وبصرفها ونقلها من مؤسسات الاستغلال الفلاحي أو إليها(الفصل 5).
وحيث إن السياسة الوقائية يجبأن تشكل أساس تدخل الدولة في مجال إنجاز البنية التحتية والتهيئة القروية الفلاحية المائية ولاسيما بناء سدود أو قنوات كبيرة لصرف المياه ،وذلك بهدف الحماية الدائمة للسكان والمراكز والأنشطة الاقتصادية والفلاحية الموجودة في المناطق المهددة من الفيضانات
وحيث إن الأمطار الغزيرة والاستثنائية المسببة للفيضان لا تشكل قوة قاهرة وإنما قرينة على ترتب المسؤولية،لكون وقوعها في فصل الشتاء من الأمور المتوقعة وليست قوة قاهرة أو سبباً أجنبياً للإعفاء من المسؤولية،مما يعطي للقوة القاهرة في حقل القانون والقضاء الإداري مفهوما متميزا وخاصا يتلاءم وطبيعة روابط القانون العام تتحمل آثاره الدولة عن القانون المدني الذي يتحمل آثاره الدائن .
وحيث المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي مسؤول بحكم مهامه عن تأمين مرفق تصريف المياه لدرء الخطر عن أراضي المواطنين الفلاحين ومسؤول عما تحدثه من أضرار للغير، وهذه المسؤولية موضوعية مبناها الضرر طبقا لقواعد العدالة والإنصافوالموجبات الإنسانية المبنية على التضامن الوطني الذي تتكفل دول المعمور بموجبه وعلى سبيل الإسعاف والمساعدة وفي حدود الإمكان بصرف تعويضات لكل متضرر كلما وقعت أضرار بيئية خطيرة ، والمغرب بدوره لم يحد عن هذه القاعدة بصرفه مبالغ محددة من الميزانية العامة لفائدة ضحايا الكوارث"صندوق الكوارث" وهو ما يبرر بالقياس وفي إطار المعاملة بالمثل – تعويض المدعي المضرور في هذه النازلة.في نفس الاتجاه يراجع (قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 935 بتاريخ 4/12/2005 ملف إداري عدد 461/4/1/2002.
وحيث إنه انطلاقا من المبدأ الدستوري القاضي بلزوم تحمل الدولة والمواطنين بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد"الفصل 40 من الدستور" ورعيا لما للمحكمة من سلطة تقديرية في تحديد التعويض استنادا إلى الأضرار المادية اللاحقة بالمدعي وتبعا لتقرير الخبرة وإعمالا لتشطير المسؤولية التي تفرضها قواعد التضامن قررت تحديد التعويض المستحق له في القدر الوارد بمنطوق الحكم.
وحيث إن طلب النفاذ المعجل غير مبرر مما يتعين رفضه
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل صائرها.
- منطوق الحكم:
لهذه الأسباب حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا :
-في الشكل :بقبول الطلب
-وفي الموضوع : بأداء الدولة –وزارة الفلاحة(المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي للغرب) في شخص ممثلها القانوني لفائدة المدعين تعويضا عن الأضرار المترتبة عن الفيضانات وقدره 1.000.0000.00 درهم هكذا مليون درهم مع الصائر ورفض باقي الطلب.
4.التعليق:
يندرج هذا النوع من المسؤولية في إطار مسؤولية الدولة و الجماعات الترابية عن الفيضانات التي ألحقت أضرار بضيعة الفلاحين، نتيجة التقصير في حمايتها من مياه الفيضانات. و باعتبار المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي مسؤولا بحكم مهامه، عن تأمين مرفق تصريف المياه لتجنيب أراضي الفلاحين الخطر و مسؤولا عما تحدثه من أضرار للغير.
ومسؤولية المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي عن الضرر الذي لحق بالمعنيين بالأمر قائمة هنا و لو بدون ارتكاب أي خطأ من جانبه، و تندرج في إطار مسؤولية الدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية بدون خطأ. أو التي يطلق عليها المسؤولية على أساس المساواة أمام الأعباء العامة، متمثلا في مبدأ التضامن الاجتماعي أو التضامن في تحمل التكاليف العمومية، و يكفي لقيامها وجود علاقة سببية بين نشاط الإدارة و الضرر.
فإلى جانب المسؤولية الإدارية التي يمكن أن تبنى على أساس الخطأ، يمكن لهذه الأخيرة ان تقوم بدون توافر ركن الخطأ(2)، إذ يكتفي القاضي الإداري بالبحث عن العلاقة السببية بين نشاط الإدارة و الضرر الحاصل. و يرى الأستاذ محمد لعرج أن أساس هذه المسؤولية يتمثل في مبدأ التضامن الاجتماعي الذي يستوجب أن "تتحمل الجماعة مخاطر نشاط الإدارة إذ أنه مادام هذا النشاط في صالح الجماعة فلا يجوز أن يتحمل الضرر من وقع عليه، و لما كانت الدولة هي الممثلة للجماعة فعليها تعويض هذا الضرر "(3).
إن واجب الإنسانية يستلزم تعويض ضحايا الكوارث الطبيعية و في مقدمتها الفيضانات، و من أجل ذلكتم تأسيس مسؤولية الدولة على مبدأ التضامن كمبدأ دستوري تمتدسترته في الدستور المغربي المعدل لسنة 2011(4).
لقد تم ربط مسؤولية المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي استنادا إلى مبدأ التضامن، وليس على أساس المساواة أمام الأعباء العامة(5)، حيث كان الحكم صائبا في جل التعليلات التي قدمها و في مقدمتها :
- استعرض المرسوم المحدث للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي المهام التي يضطلع بها هذا الأخير و في مقدمتها القيام بالأشغال المتعلقة بخزن المياه أو جمعها و بصرفها و نقلها من مؤسسات الاستغلال الفلاحي أو إليها.
- أساس تدخل الدولة في مجال البنية التحتية يتمثل في أخذ وقاية السكان و المراكز والأنشطة الاقتصادية من خطر الفيضانات بعين الاعتبار دائما.
- لا تشكل الأمطار المسببة للفيضانات قوة قاهرة لوقوعها في فصل الشتاء و اعتبارها من الأمور المتوقعة مما يبعدنا عن نظرية القوة القاهرة في الاجتهاد القضائي الإداري المغربي.
- أساس مسؤولية المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي عن تأمين مرفق تصريف مياه الأمطار قائمة ومبنية على التضامن الوطني المنصوص عليه في الفصل 40 من الدستور المغربي.
إن تقصير المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي في حماية الفلاحين و ممتلكاتهم من خطر الفيضانات كان جليا في هذه النازلة الشيء الذي يستقيم معه الحكم عليه بتعويض المتضررين عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء الفيضانات.لذلك انبرى القاضي الإداري كما هو معروف عليه دائما باجتهاده للتصدي لكل تقصير قد يلحق ضررا بالمواطنين. و في هذا الإطار اعتبرت المحكمة الإدارية لمكناس في حكم لها " أن الاحتجاج بالنية و العزم على القيام بالإصلاحات و الترميم الضروريين و ما يقتضي ذلك من أعمال تحضيرية و دراسات لا ينفي المسؤولية عن الوزارة الوصية الموكول لها قانونا القيام بصيانة و إصلاح المساجد عن الأضرار الناتجة عن انهيارها كلا أو جزءا بسبب قدم و صعف الاعتناء بها، و كذلك الشأن في تهاطل الأمطار على اعتبارها حالة للقوة القاهرة و الحالة أن سقوطها في موسمها و حتى خارجه أمر متوقع لا يمكن اعتباره حالة للقوة القاهرة" .(6)
إن الدفع بوجود القوة القاهرة أو الحادث الفجائي في هذه النازلة غير مؤسس لا واقعا و لا قانونا مادام أنه من شروطهما طبقا للفصل 269 من قانون الالتزامات و العقود أن يكون الحادث ناتجا عن قوة قوة خارجية لا يمكن توقعها و لا دفعها و أن تكون هي السبب المباشر في وقوع الضرر، في حين أنه في نازلة الحال فإن تهاطل الأمطار المدعى بها خلال تلك الفترة هي أمر متوقع بحكم كون الظرف المناخي يتعلق بفصل الشتاء و لم يكن الأمر يتعلق بفيضان مفاجئ.....ذلك
أن هشاشة بنية المسجد قد تمت معاينتها بمدة طويلة قبل الحادث و كان بالإمكان تجنب اثارها بقليل من الاحتياط من المصالح المشرفة على المسجد بالقيام بالمسؤولية المنوطة بها في تدبير و تسيير و رعاية المسجد بإغلاقه أولا و باتخاذ الاجراءات المستعجلة لدعم الصومعة و ترميمها، لا تركها تتهاوى على المصلين و تتسبب في أضرار فادحة في الأرواح".(7)
قليل من الاحتياط من طرف المسؤولين هو ما طالب به القاضي الإداري أثناء النظر في قضية فاجعة انهيار صومعة مسجد "باب بردعين" بالمدينة العتيقة بمكناس، و التي راح ضحيتها 41 قتيلا و80 جريحا. نفس الشيء ينطبق على فاجعة فيضانات واد تمسورت وواد تلمعدرت بإقليم كلميم التي أبانت عن تقصير كبير من السلطات المحلية و باقي الإدارات التي كانت معنية بالنشرة الإنذارية المعلن عنهامن طرف مديرية الأرصاد الجوية. إذ كان أول شيء يجب القيام به هو تجنيد الدرك الملكي و القوات المساعدة و عناصر الجيش لمراقبة القناطر و الأودية. فقد اعتبر القاضي الإداري عدم وضع علامات أو إشارات تدل على قطع الطريق بمثابة خطأ مصلحي موجب للتعويض:" حيث إن عدم قيام الإدارة بوضع علامات أو إشارات تدل على قطع الطريق التي تعتبر من الأملاك العامة طبقا لظهير 1/7/1914 يعتبر خطأمصلحيا من شأنه قيام مسؤولية الدولة تجاه ما يصيب الغير من أضرار نتيجة ذلك، خاصة و أنها كانت تباشر أشغال الإصلاح..."(8)
إن الفيضانات الأخيرة -التي عرت البنية التحتية للمغرب العميق المنسي- أبانت عن برودة أعصاب المسؤولين في التعامل مع هكذا كوارث و تقصير فاضح في اتخاذ الاحتياطات اللازمة خاصة و أن تلك الأمطار القوية كانت منتظرة بعد النشرة الإنذارية المعممة من طرف مديرية الأرصاد الجوية و كانت النتيجة خسارة كبيرة في الأرواح البشرية و هدم للمنازل و عزل لمناطق قروية بأكملها.
ينبغي على عائلات ضحايا الفيضانات الأخيرة التوجه للمحاكم الإدارية، من أجل رفع دعاوى تعويض عن الأضرار التي لحقت بهم من جراء تقصير الأجهزة الإدارية في الرقابة و ضعف تدخلها. ولا ينبغي أن ينظر المسؤولونللتعليمات الساميةلجلالة الملك قصد اتخاذ الإجراءات الفورية لتقديم الدعم والمساعدة للسكان المتضررين والتكفل بلوازم دفن جثامين الضحايا ومآتم عزائهم، بمثابة تعويض لهم. حيث اعتبر القاضي الإداري" أن الهبة الملكية التي واسى بها جلالة الملك الشهداء كعادته في مثل هذه الفاجعة لا تعفي وزارة الأوقاف من مسؤوليتها الكاملة عن الضرر الذي تسببت فيه للغير و لا يليق بها المن عليهم بما جاد به ملك البلاد من ماله الخاص. "(9)
الهوامش
(1)- الحكم منشور بالمجلة الالكترونية marocdroit على الرابط : www.marocdroit.com
(2)- تطبيقا للفصل 79 من قانون الالتزامات و العقود الذي يرتب مسؤولية الدولة و الجماعات المحلية حتى بدون خطأ صادر من جانبها
يطلق على النوع من المسؤولية بالمسؤولية على أساس نظرية المخاطر:
(3)د. محمد لعرج .مسؤولية الدولة و الجماعات الترابية في تطبيقات القضاء الإداري المغربي منشورات مجلةREMALD عدد 99/2013 ص 162
(4)-تم تداول مفهوم التضامن في الدستور المغربي في الديباجة و كذا في الفصول التالية:
- الفصل 31 من الدستور " تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في:
- العلاج والعناية الصحية؛
- الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛
- الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة؛
- ......"
الفصل 40 :" على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد".
- الفصل 93 "الوزراء مسؤولون عن تنفيذ السياسة الحكومية كل في القطاع المكلف به، وفي إطار التضامن الحكومي.
يقوم الوزراء بأداء المهام المسندة إليهم من قبل رئيس الحكومة، ويطلعون مجلس الحكومة على ذلك....."
- الفصل 136 " يرتكز التنظيم الجهوي والترابي على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن؛ ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم، والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة".
-الفصل141 فعمل على تقسيم الموارد العامة بشكل تضامني أيضا؛ "تتوفر الجهات والجماعات الترابية الأخرى على موارد مالية ذاتية وموارد مالية مرصودة من قبل الدولة ، وكل اختصاص تنقله الدولة الى الجهات والجماعات الترابية الأخرى يكون مقترنا بتحويل الموارد المطابقة له ".
وفي الفصل 142 " يحدث لفترة معينة ولفائدة الجهات صندوق للتأهيل الاجتماعي، يهدف إلى سد العجز في مجالات التنمية البشرية، والبنيات التحتية الأساسية والتجهيزات. يحدث أيضا صندوق للتضامن بين الجهات، بهدف التوزيع المتكافئ للموارد، قصد التقليص من التفاوتات بينها".
- 5)للاطلاع على فحوى المسؤولية الإدارية على أساس المساواة أمام الأعباء العامة يراجع حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء عدد 376 بتاريخ 3/7/2002 خليل عبد الإلاه ضد وزير الأشغال العمومية منشور بمجلة REMALD عدد 44/55 سنة 2003 ص 251.
(7)- حكم المحكمة الإدارية لمكناس رقم 6/2012/345 بتاريخ 1/8/2012 منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد 109/110 مارس يونيو 2013 ص 326.
(8)- حكم المحكمة الإدارية لوجدة عدد 4/98 بتاريخ 2/12/1998 مصطفى نزهة ضد وزير التجهيز، منشور بالدليل العملي للاجتهاد القضائي في المادة الإدارية للأستاذ احمد بوعشيق الجزء الأول ص 433 .
(9)- حكم المحكمة الإدارية لمكناس رقم 6/2012/345 بتاريخ 1/8/2012 منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد 109/110 مارس يونيو 2013 ص 323.