MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تقرير حول ندوة علمية في موضوع: الشباب و الوعي البيئي..نحو إستراتيجية مندمجة.

     


أحمد الخراز- طالب باحث في ماستر النظام الجمركي، و مهتم بالقضايا المجتمعية




   بمناسبة اليوم العالمي للبيئة و الذي يصادف الخامس من شهر يونيه من كل سنة، نظم نادي شباب المجلس العلمي المحلي لعمالة طنجة-أصيلة، لقاء علميا إشعاعيا بمناسبة انطلاق فعاليات أنشطته، في موضوع: "الشباب و الوعي البيئي..نحو إستراتيجية مندمجة" . و ذلك يوم الجمعة السادس من يونيه بقاعة ابن بطوطة بقصر البلدية بمدينة طنجة، و قد عرف اللقاء حضور ثلة من الخبراء و الباحثين و الاكاديمين من رجال الفقه و القانون و القضاء إلى جانب فعاليات مجتمعية تنشط في النسيج الجمعوي المهتم بقضايا الشأن البيئي.

   و قد ترأس جلسات هذا اللقاء العلمي المتميز الدكتور عبد الخالق أحمدون، عضو المجلس العلمي المحلي  ونائب عميد كلية الحقوق بطنجة، و بعد ترحيبه بالحضور، شدّد على أهمية هذا اللقاء نظرا لمقاربته موضوعا من الأهمية بمكان، و هو موضوع البيئة في علاقته بالشباب، ثم تحدث عن أهمية تغيير العقليات و تقويم السلوكيات الخاطئة و تنقية الذهنيات الملوثة، إن فعلا أردنا حماية البيئة و المجال، فلابد من التربية البيئية لبناء الإنسان البيئي، فالتلوث المادي هو نتيجة مباشرة للتلوث الروحي و السلوكي للإنسان.

   استهلت أشغال اللقاء بكلمة افتتاحية للدكتور محمد كنون الحسني، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة طنجة-أصيلة، رحب فيها بالحضور الكريم، و أشاد بدور نادي شباب المجلس العلمي المحلي لعمالة طنجة أصيلة، حيث اعتبر أن هذا اللقاء يأتي في إطار مشروع أحدثه المجلس العلمي وفق مقاربة تشاركية منفتحة على كل التجارب و الخبرات لعقد شراكات مع الجمعيات المهتمة بالتوعية البيئية، و يتعلق الأمر بالمرصد الجهوي للبيئة ونادي التربية البيئية، و نوّه بسياسة المغرب في هذا الشأن رغم ضخامة التحديات التي يواجهها إسوة بكل دول العالم الأخرى، و خلص إلى التأكيد على أن التغلب على المشاكل البيئية يجب أن يتم عن طريق الإنسان وذلك من خلال التربية السلوكية و التوعية البيئية.

   بعد ذلك أعطيت الكلمة للدكتورة وداد العيدوني، عضوة المجلس العلمي المحلي لعمالة طنجة-أصيلة، و منسقة نادي الشباب بذات المجلس، و التي رحّبت بدورها بالضيوف الكرام، ثم استعرضت أهمية اللقاء الذي يأتي تتويجا لتجربة مشروع النادي باعتباره مشروعا فتيّا، انطلق بمبادرة اجتهادية، يعتمد آلية منهجية لتفعيل مختلف الأنشطة التي يبرمجها المجلس العلمي المحلي، ثم انطلقت في كلمتها إلى التعريف بالنادي و أدواره الطليعية في المساهمة في التربية المدنية السليمة للشباب من منطلق الثوابت الدينية و الوطنية، عبر إذكاء روح التعاون و التواصل و التسامح بين الشباب و مختلف الشرائح العمرية الأخرى، متوسّلا في ذلك مجموعة من الآليات التي تتراوح بين التنسيق و عقد الشراكات مع الهيئات المهتمة بذات الشأن، و إصدار النشرات الدورية و حضور الأيام الدراسية و الدورات التكوينية المتخصصة في مختلف المواضيع ذات الراهنية للشباب و المجتمع بصفة عامة.

   ثم تطرقت لأهمية الموضوع البيئي الذي بات يشكل هاجسا إنسانيا و كونيا، و نبهت إلى ضرورة الحفاظ على المجال المشترك، و الإسراع نحو وضع إستراتيجية بيئية مندمجة يكون الشباب قطب رحاها، من منطلق تربية الوعي البيئي لديهم، و تقويم سلوكهم وفق تعاليم الإسلام السمحة.

   و بعد إشادته بدور المجلس العلمي المحلي في احتضان الشباب، افتتح جلسة المداخلات العلمية، الدكتور عبد اللطيف البغيل، الأستاذ بكلية الحقوق بطنجة، بعرض أكاديمي غني بعنوان: البيئة في المنظور الديني، استعرض فيه جملة من المفاهيم التراثية لموضوع البيئة، و التي يزخر بها الموروث الإسلامي، قرآنا و حديثا، فحوالي مائتي آية حول البيئة، حتى تخال أن القرآن الكريم كتاب بيئة. و قد وفّق الأستاذ المحاضر إلى حد بعيد في سبر أغوار النص القرآني و استكناه درره، محاولا وضع تأصيل ديني لمفهوم البيئة، من منطلق سورة النحل، التي ركّز على أولى آياتها الأربعة عشر، نظرا لصعوبة الإحاطة بكل آيات البيئة، و نظرا لاعتبارها-سورة النحل- جامعة لكل العناصر البيئية المكوّنة للحياة، و قد جمعها في ثلاث محددات رئيسية: خلق السماوات و الأرض ثم خلق الإنسان و أخيرا خلق الأنعام. و دعا إلى ضرورة الحفاظ على هذا الثالوث القرآني كما أسماه. كما أشار إلى أن القرآن الكريم كان سبّاقا إلى بلورة موضوع بيئي آخر أكثر أهمية، و هو البيئة الروحية و الفكرية، لذلك كان مفهوم البيئة في الإسلام مفهوما شاملا.

   و خلص إلى أن مسؤولية الإنسان في الحفاظ على البيئة تتحدد من منطلقات ثلاث: أولا الاستخلاف، مع الإشارة إلى أنه استخلاف مراقب مصداقا لقوله تعالى: قَال عَسَى رَبُّكُم أَنْ يُهلِكَ عَدُوكُم وَيَسْتَخْلِفَكُم في الأَرض فَيَنْظُرَ كَيْف تعْمَلُونَ، ثانيا: التسخير، و أخيرا، عمارة الأرض.

   و في آخر مداخلته تحدث عن التأصيل الشرعي للبيئة من منطلق الفقه الإسلامي، و حددها في ثلاثة مداخل، يمكن تأملها انطلاقا من اجتهادات الفقه الإسلامي وفق المبادئ التالية: مبدأ الطهارة، مبدأ المعاملات و يدخل في اعتباره إعمار الأرض، و استصلاحها و ضرورة غرسها و زرعها، انطلاقا من النص الشرعي الذي يحث على ضرورة غرس الأرض. أما المبدأ/ المدخل الثالث و الأخير، فهو النهي عن الفساد. و فيه نصوص كثيرة كالنهي عن الأكل الفاسد و النجس و غيرها من النصوص الناهية الأخرى..

   من جانبه استعرض الدكتور عبد السلام بنحدو، الأستاذ بكلية الحقوق بطنجة، في مداخلته المعنونة بالبيئة البحرية و دورها في التنمية، جانبا من السياق التاريخي لتطور مفهوم البيئة البحرية الذي تبلور منذ بدابة الأربعينات من القرن الماضي،أمام توسع العالم و ظهور الثورة التكنولوجية و انتعاش الصناعة بشكل غير مسبوق ما أدى إلى مضاعفة حجم التلوث البيئي، خاصة بعد اكتشاف الثروة النفطية، و دخول العالم مرحلة الحرب الباردة و ما رافقها من سباق الدول نحو التسلح و إجراء التجارب النووية السرية في أعالي البحار، فكان لزاما على الدول أن تتنبه لحجم الخطورة المحدقة بالوجود الإنساني جراء هذه التصرفات اللامسؤولة، فاهتدى المجتمع الدولي إلى إيجاد آلية الاتفاقيات الدولية في مجال البيئة من أجل تدارك الوضع و الوقاية من التلوث البحري، نظرا لأهمية البحر باعتباره يشكل معظم كرتنا الأرضية، حيث تبلغ نسبته إلى الحجم الإجمالي للكرة الأرضية حوالي 71 في المائة. ولذلك يعد تلوث مياه البحار والمحيطات، في المحصلة الأخيرة، تلوثا لكامل الكرة الأرضية. كما لفت الانتباه إلى أن أغلب القوانين انتقلت من البحر إلى العالم الترابي على اعتبار أن الإنسان خاض غمار التجارة البحرية و الملاحة و الشحن و النقل البحري منذ آلاف السنين.ثم تطرق الدكتور عبد السلام بنحدو في معرض مداخلته لأهم الأوفاق الدولية في مجال حماية البيئة البحرية، كاتفاقية لندن 1954 والخاصة بمنع تلوث البحار بالنفط، و اتفاقية 1969 بشأن التدخل في أعالي البحار في حالات الكوارث الناجمة عن التلوث وقد عالجت ﻫﺫه الاتفاقية القواعد المنظمة للإجراءات الضرورية لحماية الشواطئ في حالات وقوع أضرار ناشئة عن كوارث نفطية في أعالي البحار، هذه الاتفاقية الأخيرة التي جاءت بعد حادثة ناقلة النفط ''توري كانيون'' التي وقعت عام 1967، و تعتبر أول حادثة لفتت أنظار العالم إلى ضرورة الاهتمام بحماية البيئة البحرية من الملوثات النفطية و الزيتية، و في سنة 1971 جاءت اتفاقية إحداث صندوق للمقاصة من أجل تعويض المتضرر من التلوث البيئي البحري، في حال عجز الملوّث عن سداد التعويض و إصلاح الضرر الناجم عن كارثة كبرى يكون سببا فيها، ثم جاءت اتفاقية أوسلو 1972 بشأن منع التلوث البحري من خلال إلقاء النفايات من الطائرات والسفن، ليأتي بعدها الإعلان العالمي للبيئة في ستوكهولم سنة 1972 والذي يعتبر بمثابة اللبنة الأولى في صرح القانون الدولي للبيئة. كما أكد على ضرورة إيلاء المشرع المغربي للأهمية القصوى للمجال البيئي البحري، اقتداء بما سارت عليه أغلب التشريعات الأخرى منذ عقود، و استغرب كيف أن للمغرب واجهتين بحريتين و مع ذلك لازال مشروع مدونة القانون البحري يراوح مكانه. و ضرب مثلا عن هذا التخلف التشريعي في المغرب، بكارثة تسرب النفط التي ضربت السواحل المغربية بداية التسعينات، لكن أمام الفراغ التشريعي في هذا المجال وقف القضاء المغربي عاجزا عن التدخل الحازم و الناجع في هذه النازلة، حتى أنه عجز عن تقدير التعويض اللازم لجبر الأضرار الناجمة عن هذه الكارثة. بل أكثر من هذا لم يستفد المغرب من تعويضات صندوق المقاصة المحدث من أجل هذه الغاية، بسبب عدم التزام المغرب بدفع مساهماته في هذا الصندوق.

   و أوصى الدكتور بنحدو بضرورة أخذ المشرع المغربي بقاعدة المضمون الاقتصادي للقاعدة القانونية، من أجل تسهيل مأمورية القضاة، في تقدير حجم التعويضات في حال وقوع كوارث مشابهة. ثم تحدث عن الصعوبات التقنية التي تواجه الدول الفقيرة و النامية، في مراقبة السفن التي تطرح نفاياتها في مياهها الإقليمية. و عجز هذه الدول عن ملاحقتها و إثبات هذا النوع من التجاوزات في حقها.
   و ختم مداخلته بالحديث عن إكراهات التشريع الوطني التي تعيق لحاقه بنظيره الدولي في هذا المجال الحيوي، فبعد انتظار طويل و استقطاب حوالي 450 شخصية من أجل إعداد مدونة بحرية، تعثر المشروع في مراحله الأخيرة بسبب كثرة المتدخلين، نظرا لانعدام التوافق بين أكثر من 12 قطاعا وزاريا متدخلا في هذا الشأن، و تساءل عن جدوى الحلول التجزيئية في مقاربة موضوع حساس يحظى  بكثير من الأهمية و الراهنية. و أوصى بضرورة توفر الإرادة السياسية للمسؤولين من أجل التوافق و إخراج المدونة البحرية (780 مادة حول البحر) إلى حيز الأجرأة و التفعيل، باعتبارها تمثل المدخل القانوني و التشريعي السليم و الصحيح لمقاربة الشأن البحري في عموميته.

   و في مداخلة الأستاذ عبد الرحمان فضة، القاضي بمحكمة الاستئناف بطنجة، و التي خصصها للحديث عن الضوابط التشريعية و الزجرية لحماية البيئة، أشار إلى كون انشغال الجميع بالشأن البيئي، إذ لم يعد حكرا فقط على رجال العلوم البحتة ، بل أصبح شأنا عاما يشغل رجال القانون و الاجتماع و النفس و الدين. خاصة بعد كارثة تشرنوبيل التي أيقظت العالم و نبهت الإنسانية إلى كونية الشأن البيئي. ثم عدّد مظاهر التلوث البيئي و حمّل الإنسان مسؤولية البحث عن حل للمعضلة البيئية، أمام تفاقم الأضرار البيئية التي يسببها الإنسان، و هنا كان لزاما على القانون الجنائي أن يتدخل لزجر العدوان الإنساني على البيئة و المجال. لكنه توقف عند مجموعة من الصعوبات التي تعيق المعالجة القانونية للموضوع، أهمها صعوبة تحديد المصطلحات، فالبيئة مفهوم فضفاض يصعب حصره، و كذلك مصطلح التلوث الذي يتطور مع تطور الحضارة الإنسانية. ثم هناك إشكال الإسناد المادي للجرائم البيئية نظرا لاشتراك العديد من المتدخلين في جريمة واحدة، كجريمة تلويث الهواء مثلا، إذ من الصعب تحديد المسؤول عن التلوث ليتم ترتيب المسؤولية الجنائية عليه. و تحدث عن كون الإشكال الحقيقي يأتي من صعوبة التعامل مع الشخص المعنوي عكس الشخص الطبيعي. ثم استفاض السيد المحاضر في الحديث عن أركان الجريمة البيئية و معضلة تحقق النتيجة الإجرامية بسبب أنها قد تتحقق في مكان و زمان آخرين مفارقين لمكان و زمان وقوع الجرم بفعل التأثيرات الخارجية و الظروف المحيطة بالواقعة. ثم تحدث عن صعوبة إثبات الركن المعنوي في بعض الجرائم البيئية. و وقف عند ضعف الإمكانات المادية و اللوجيستية في مكافحة الجريمة البيئية. لكنه دعا إلى ضرورة افتخار الإنسانية لما حققته في هذا المجال من تراكمات قانونية و تشريعية تخص القانون الجنائي البيئي. و أشاد بما يتوفر عليه المغرب من ترسانة قانونية و مدنية و إدارية و جنائية من شأنها أن تحقق غطاء تشريعيا متكاملا لتحقيق معادلة الضبط و الزجر. و في آخر مداخلته قام بتعداد مجموعة من القوانين التي أحدثها المغرب في هذا الشأن، كقانون 10.95 المتعلق بالماء، و قانون 07.22 المتعلق بالمناطق المحمية، و قانون 09.13 بشأن الطاقات المتجددة، و قانون 28.00 الخاص بمراقبة النفايات و التخلص منها.. وغيرها من القوانين الأخرى. أما من الناحية المسطرية فقد أشار إلى مجهودات المديرية العامة للأمن الوطني، بإحداثها مؤخرا لمصلحة مركزية وفرقا جهوية للبيئة تتحدد مهمتها في رصد ومعاينة المخالفات البيئية.

   و قد
تحدث الأستاذ أحمد الطلحي، ممثلا لمرصد حماية البيئة و المآثر التاريخية بطنجة، عن تجربة المجتمع المدني في حماية البيئة،مستعرضا لما راكمه المرصد في هذا المجال رغم حداثة وجوده، مبرزا الدور النضالي الذي لعبه المجتمع المدني في خلق وعي بيئي مجتمعي، من أجل تربية بيئية سليمة تعنى بثقافة المحافظة على المجال البيئي و حمايته من أخطار التلوث. و وقف عند خصوصية المرصد باعتباره يضم خليطا من الهيآت المختلفة المشارب و المتعددة التكوين، إلا أن ما ظل يجمع بينها دائما هو الهاجس البيئي. و أشاد بدور المجتمع المدني في خوضه معركة بيئية مريرة للحفاظ على غابة السلوقية بطنجة، في إطار تنسيقية بيئية قبل أن تتبلور فكرة إحداث مرصد لحماية البيئة و المآثر التاريخية بطنجة. ثم انتقل لتثمين شراكة المرصد الهادفة مع كلية الحقوق بطنجة، مبديا رغبته في توقيع شراكات أخرى مثمرة مع المؤسسات الأكاديمية و الدينية و العلمية من أجل النهوض بالواقع البيئي المحلي. و اقترح في هذا الخصوص إمكانية التعاون مع المجلس العلمي المحلي لعمالة طنجة-أصيلة، من أجل تكوين القيمين الدينين في مجال البيئة نظرا لأدوارهم المجتمعية في تقويم السلوك الجماعي و تربية الحس الأخلاقي للمجتمع. و اقترح إنشاء مساجد إيكولوجية و مدارس عتيقة متصالحة مع البيئة، و تخصيص جوائز سنوية لتحفيز دور العبادة على الاهتمام أكثر بالجانب البيئي. كما اقترح عقد شراكة مع نادي شباب المجلس العلمي المحلي من اجل العمل البيئي المشترك خدمة لإستراتيجية الشباب و الوعي البيئي.

   و جاءت مداخلة الأستاذ أحمد مرون الوهابي، الباحث في سلك الدكتوراه، تحت عنوان: الشباب و حماية البيئة، الفضاء الغابوي نموذجا. تطرق فيها لأهمية البيئة في حماية الوجود الإنساني، كما اعتبر أن الحق في العيش في بيئة سليمة هو حق حديث من حقوق الإنسان، تم التنصيص عليه دستوريا، و بعد تأكيده على وجود إرادة سياسية واضحة و قوية لدى الدولة المغربية في مجال حماية البيئة، تتجلى في توقيع المغرب على العديد من الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، لكنه ألمح إلى ضرورة إدخال تعديلات و إصلاحات على التشريع الوطني تتماشى و التزامات المغرب الدولية في هذا المجال. و هنا تساءل حول مدى التزام المغرب بملاءمة تشريعاته الوطنية مع الاتفاقيات البيئية الدولية، خاصة بعد التنصيص الدستوري على سمو الاتفاقات الدولية على التشريع الوطني؟ ثم انتقل للحديث عن نجاعة البعد الحمائي و الوقائي لحماية الغابة، خاصة أمام صمت المشرع المغربي أمام تحديد المقصود بالحماية الغابوية. ثم تساءل عن موقع الشباب من هذه الحماية، خاصة و أن الشباب في خضم هذه الحماية نظرا لارتباطه الجذري بمجاله البيئي. و ختم مداخلته بحثّ الشباب المغربي على المساهمة في الضبط الإداري و المشاركة الفعالة في الملتقيات و الندوات البيئية،من أجل تنمية حسّه البيئي.

   و في مداخلة الأستاذ عبد الواحد الخمال، الباحث في سلك الدكتوراه، و التي خصصها للحديث عن أبعاد و رهانات التربية البيئية، شدد على ضرورة تكريس الوعي البيئي و تنمية الحس المجالي لأفراد المجتمع، لقصور المنظومة القانونية و التشريعية وحدها عن ضمان الحماية اللازمة للبيئة، إذا لم تستند إلى وعي بيئي ملتزم بالمحافظة على البيئة و الفضاء. و هنا تساءل الاستاذ الخمال، لماذا لم تتحسن أحوال البيئة رغم وجود ترسانة قانونية ضخمة؟  و أجاب بكون الإنسان ربما يخشى القانون الزجري لكن الخوف وحده ليس كافيا لحماية البيئة، بل من الضروري خلق وعي بيئي و تربية ذات قيم بيئية.

   ثم تحدث عن ثلاثة أبعاد تشكل الإطار المفاهيمي للحماية البيئية، و هي القانون، و الدراسات العلمية و أخيرا التربية البيئية. و أشار إلى أن هذه الأخيرة ليست وليدة اليوم، بل هي نتاج العديد من المؤتمرات العالمية التي أصّلت للمفهوم التربية البيئية، كمؤتمر ستوكهولم و مؤتمر بلغراد ثم مؤتمر تبليسي و ريودي جانيرو الذي تحدث عن مصطلح التنمية المستدامة، و مؤخرا مؤتمر جوهانسبورغ الذي أدمج العنصر البيئي في التنمية، أو التنمية الذكية. و في الأخير ذكّر برسالة الملك إلى المؤتمرين بمناسبة افتتاح المؤتمر العالمي السابع للتربية البيئية المنعقد في مدينة مراكش.

   أما الأستاذة مونية الموساوي، منسقة برنامج المدارس الإيكولوجية و التربية البيئية، فقد قدمت عرضا تقنيا عن تجربة المدارس الإيكولوجية، البنك الشعبي نموذجا. استعرضت فيه نجاح تجربة البرنامج مع  التعريف بمساراته و أهدافه في زرع القيم البيئية لدى الناشئة، و تكريس الوعي الايكولوجي لدى المستهدفين من البرنامج. ثم تحدثت عن كل المراحل التي يعتمدها البرنامج لتحقيق أهدافه، بدءاً بمرحلة التتبع ثم التشخيص البيئي،  فبلورة خطة العمل ثم مرحلة المراقبة و انتهاءً بمرحلة التقييم.

   و قبل الختام تم تقديم مجموعة من المقترحات و التوصيات القيمة، التي أسفر عنها هذا اللقاء العلمي المبارك، و التي تلاها مقرر الجلسة الأستاذ عبد السلام امفرج، و هي على الشكل التالي:

-ضرورة تقوية الإطار المؤسساتي للبيئة مركزيا و جهويا، و تطوير شراكات فعالة مع المجتمع المدني.
-تدعيم الإطار القانوني لحماية البيئة و توحيده وفق رؤية شمولية جامعة، بعيدا عن التشتت و التجزيء.
-العمل على ملء الفراغات القانونية و التشريعية و تدارك العجز الحاصل في المنظومة القانونية البيئية.
- إعادة صياغة و تحيين الإستراتيجية الوطنية للبيئة.
-تعميم الإدماج النظري و التطبيقي للبيئة في مناهج التربية و التعليم.
-ربط الوعي بالمسؤولية و المسؤولية بالمحاسبة في الشأن البيئي.
-ضرورة التسريع بإرساء حكامة بيئية رشيدة.
-العمل التشاركي من أجل بلورة إستراتيجية مندمجة من أجل النهوض بالفعل البيئي باعتباره من أهم الأوراش الإستراتيجية في مغرب المستقبل.
 




الاثنين 9 يونيو 2014
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter