MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




تقييد الحق في التعدد في مدونة الأسرة، دراسة مقارنة في النصوص القانونية والإجتهاد القضائي

     

ذة. ايمان البراق
قاضية بالمحكمة الابتدائية بالقصر الكبير، عضوة في جمعية نادي قضاة المغرب
حاصلة على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص
وحدة البحث والتكوين في قانون الأسرة المغربي والمقارن
كلية الحقوق جامعة عبد المالك السعدي بطنجة


ملاحظة: نشر هذا المقال في العدد المزدوج 5/4 من مجلة العلوم القانونية لسنة 2017 الخاص بمدونة الأسرة بين القانون والممارسة على ضوء أهم الإجتهادات القضائية



رفقته نسخة للتحميل

لا يختلف جل الباحثين والعلماء على أن الأسرة هي عماد تماسك المجتمع وأداة تمتين لحمته وسداه، ولذلك وردت توجيهات متعددة للمحافظة عليها ومراقبة الله فيها وفيما ينشأ عنها من علاقات قرابة ورحم قال تعالى في كتابه الكريم : ]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[،[1] وما ذلك إلا لأنه لا صلاح للمجتمع إلا بصلاح الأسرة.
هذا التنظيم والتأطير سجل أيضا حتى على مستوى القوانين الوضعية التي اهتمت هي الأخرى بهذه المؤسسة، والمغرب باعتباره دولة إسلامية فقد استقى الأحكام المنظمة للأحوال الشخصية[2] من التشريع الإسلامي وخاصة المذهب المالكي.
غير أن التحولات العميقة التي شهدها المغرب أثرت على الأسرة المغربية، لا من حيث بنيتها أو أدوار أفرادها أو العلاقات داخلها.
هذا التحول جعل الواقع المعيش متقدما على القوانين والأنظمة، وأصبحت الهوة عميقة بين ما هو مقنن من العلاقات داخل الأسرة، وبين ما هو معاش على أرض الواقع. هذه المعطيات استلزمت بالضرورة تدخل المشرع من أجل سن تشريعات أكثر مواكبة لتطور المجتمع والأسرة . فقد عمل المشرع على استحداث مجموعة من المقتضيات الجديدة التي تعنى بتنظيم العلاقة الزوجية ومعالجة المشاكل التي قد تطرأ أثناء سريانها، وذلك باعتبار أن العلاقة بين الرجل والمرأة ليست فقط علاقة تحكمها النصوص القانونية ولكنها علاقة إنسانية تقوم على أرض الواقع تنمو وتتفاعل وتتطور مع هذا الواقع. و من جملة ما استحدث في هذا الإطار ما جاءت به مدونة الأسرة فيما يخص موضوع التعدد، فقد تم تقييد الحق فيه بضوابط شرعية وقانونية صارمة  لتفادي التعسف في استعماله، وتم إخضاعه لإذن المحكمة مع تطبيق عدة إجراءات مسطرية جعلت ممارسته شبه مستحيلة.[3]
فالأصل أن الزواج ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام غايته  الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة برعاية الزوجين، ويتأتى للذكر بمقتضى هذا العقد أن يجمع في عصمته أربع زوجات مصداقا لقوله  تعالى : ]فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة...[.[4]
غير أن تعدد الزوجات[5]، وإن كان في طبيعته لا يخرج عن دائرة الحقوق المكتسبة شرعا، فقد استخدم في غير ما أعد له، فأسيئ استغلاله وتم التعسف في تفسيره والأخذ بمقاصده الشرعية.
وما من شك أن التعسف في التعدد، أضر كثيرا بالحقوق المكتسبة للمرأة وكذا أبنائها، فساهم إلى حد كبير في بروز مظاهر التفكك الأسري.[6]
وتكاد تجمع التشريعات العربية على إقرار هذا الحق للرجل،[7] غير أنها اختلفت في العمل به[8] بين اتجاه ذهب إلى إباحة التعدد دون قيود غير عدم الزيادة على العدد المقرر شرعا،[9] واتجاه ذهب إلى المنع المطلق له،[10] أما الاتجاه الثالث وهو اتجاه وسط أباحه لكن قيده بمجموعة من الشروط للحد من إساءة استعماله، وهو الاتجاه الذي تبناه المشرع المغربي من خلال نص المدونة الجديدة، فقيد من خلال المواد 40 إلى 46 منها، إمكانية التعدد بمجموعة من الضوابط الشرعية والقيود القانونية الصارمة ، في محاولة إلى تأكيد المقاربة الحقيقية لهذا الحق في ظل الشريعة الإسلامية[11] والمتمثلة في حظر التعدد كأصل وإباحته كاستثناء غير أنه بالرغم من أهمية هذه الضوابط ووجاهتها إلا أن التطبيق العملي أبان عن صعوبة التنزيل السليم لها على أرض الواقع ,سيما أمام التحايل الذي يقع من الأفراد الراغبين في التعدد, كما أن هناك مجموعة من الإكراهات الواقعية والقانونية التي أبان عنها التطبيق و التي تقلل من فعاليتها ,وتحول دون تحقيق طموح المشرع من سنها.
وللوقوف على جديد مدونة الأسرة في هذا المجال وكذا الصعوبات التي تعترضها بعد مرور أزيد من عشر سنوات على سنها و تفعيلها. سنتناول في (المطلب الأول)  تقييد أحقية التعدد بضوابط شرعية وقانونية صارمة لتفادي التعسف في استعماله ، بينما سنعرج في المطلب الثاني على : الصعوبات القانونية والواقعية التي تعترض المجهود التشريعي في مجال التعدد (المطلب الثاني).
 
المطلب الأول : تقييد أحقية التعدد بضوابط شرعية وقانونية صارمة لتفادي التعسف في استعماله
أولت مدونة الأسرة لموضوع تعدد الزوجات أهمية خاصة من خلال تخصيص ست مواد منظمة لأحكامه، ويرجع السبب في ذلك لأهمية الموضوع وكذا ما ثار حوله من نقاشات ومطالب،[12] وبالتأمل في المواد السالفة الذكر نجد أن المشرع المغربي جمع بين قاعدتين أولاها حظر التعدد كأصل (الفقرة الأولى)، وبين إباحته كاستثناء (الفقرة الثانية).
 
الفقرة الأولى : منع  التعدد كأصل
نصت المادة 40 من مدونة الأسرة على أنه "يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات، كما يمنع في حالة وجود شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها".
فمن خلال المادة المذكورة أعلاه يتبين أن أول ما استهل به المشرع أحكام التعدد هو المنع، وهي إشارة واضحة على رغبته في تكريس هذا الأصل الذي تتفرع عنه باقي الأحكام.
كما نصت المادة 41 على أنه "لا تأذن المحكمة بالتعدد :
1- إذا لم يثبت لها المبرر الموضوعي الاستثنائي.
إذا لم تكن لطالبه الموارد الكافية لإعالة الأسرتين، وضمان جميع الحقوق من حق نفقة وإسكان ومساواة في جميع أوجه الحياة".
وبتتبع المواد المنظمة للتعدد في مدونة الأسرة نجد أن المشرع عمل على التضييق من دائرته إلى أقصى الحدود، وأحاطه بضمانات هامة من شأنها حماية المرأة من الظلم والجور الذي قد يلحقها من رعونة بعض الأزواج الذين لا يردعهم رادع ولا يؤنبهم ضمير.[13]
وهو خلاف ما كان عليه الأمر قبل تعديل شتنبر 1993 حيث كان التعدد مفتوحا على إطلاقه من الناحية القانونية أمام الرجل[14] بحيث لم يكن المشرع في ظل مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1958 يحدد مسطرة معينة بخصوص هذا الموضوع،[15] وعليه كان بإمكان الراغب في التعدد أن يتوجه مباشرة لدى العدلين ويبرم عقد زواجه الجديد ولم يكن الأمر يتوقف على إصدار إذن بذلك من أية جهة، كما لم يكن الزوج في حاجة إلى إشعار زوجته الأولى التي قد يتم كل شيء في غيابها مع ما قد يشكله ذلك من ضرر للمرأة وحيف في حقها.[16] وخلال سنة 1993 عدلت المادة 30 بالصيغة التالية :
"يجب إشعار الزوجة الأولى برغبة الزوج في التزوج عليها، والثانية بأنه متزوج بغيرها.
للزوجة أن تشترط على زوجها ألا يتزوج عليها، وإذا تزوج فأمرها بيدها.
للمتزوج عليها إذا لم تكن اشترطت الخيار أن ترفع أمرها للقاضي لينظر في الضرر الحاصل لها.
في جميع الحالات إذا خيف عدم العدل بين الزوجات لا يأذن القاضي بالتعدد".
وفي النص الجديد، فإن أهم ما يثير الانتباه فيه هو أن الزوج الذي يقدم على التعدد، عليه بداية أن يعلم بذلك زوجته الأولى، وأن يعلم من يروم الزواج منها بأنه متزوج من غيرها، كما أن التعدد لا يتم إلا بعد حصول الزوج على إذن قضائي يسمح له بذلك.[17]
وبالرجوع إلى المادتين 40 و41 من  مدونة الأسرة يتبين أن إمكانية تزوج الرجل بأكثر من زوجة واحدة لم يبق متروكا لرغبة الزوج، بل ربطه المشرع بإذن القاضي حسب النص السابق وإذن المحكمة حسب النص الحالي ,كما أنه محاط بمجموعة من القيود[18] ويمنع في الحالات التالية :
  1. إذا اشترطت الزوجة على زوجها في عقد الزواج أو في اتفاق لاحق عدم التزوج عليها.
  2. إذا توفرت قرائن يخاف معها عدم العدل بين الزوجات.
  3. إذا لم يثبت الزوج الأسباب والمبررات الموضوعية التي ألجأته إلى طلب الإذن بالتعدد.
  4. إذا لم يثبت الراغب في التعدد توفره على الموارد المالية الكافية للوفاء بالتكاليف المالية العادية لإعالة أسرتين في النفقة والسكنى، والقدرة على المساواة بينهما في جميع أوجه الحياة.

وانطلاقا من المعطيات أعلاه يمكن أن نستنتج أن المشرع قد انتهى للرأي الذي يرى بأن الأصل هو الاقتصار على زوجة واحدة. تحقيقا لقوله تعالى : ]فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة...[،[19] وأن التعدد غير مسموح به قضاءا إلا إذا كانت هناك دعوى حقيقية واستثنائية تفرضه،
والعجز عن إثبات حالة الضرورة في التعدد يجعل المحكمة لا تمنح الإذن به، بالإضافة إلى عدم منح الإذن في حالة عدم توفر الكفاية المالية للإنفاق على أكثر من أسرة واحدة، وإذا كانت هناك قرائن دالة على أن الراغب لن يقيم العدل بين زوجاته، كما أن الشرط الصريح  المضمن في عقد الزواج أو في أي اتفاق آخر يجعل القاضي أمام عقد يتعين احترامه وعدم مخالفة بنوده وفقا للقواعد العامة،[20] والشروط في مدونة الأسرة كلها ملزمة.[21]
وإن كان ما سارت عليه مدونة الأسرة هو اتجاه محبذ لدى جل الفقه فإن البعض[22] من يرى بأن المشرع المغربي كان بإمكانه اتخاذ خطوة جريئة بمنع تعدد الزوجات بكيفية نهائية، انطلاقا من الواقع الحالي الذي يحول دون التعدد، ودون تعارض مع الآية الكريمة الواردة في الكتاب العزيز عن طريق جعل تعدد الزوجات أمرا جائزا في حالات استثنائية تفرضها الضرورة القصوى، لأنه لا فائدة من إشعار الزوجة برغبة الزوج في الزواج عليها إذا لم تستطع منعه.
غير أننا إذا كنا نؤيد موقف المدونة فيما ذهبت إليه فإننا لا نتفق مع أصحاب هذا الرأي في الداعي لمنع التعدد، إذ أنه لاشك أن الإسلام حين شرع التعدد كان لحكمة سامية ومصلحة وضرورات اجتماعية وشخصية، إلا أن نظام وحدة الزوجة هو الأفضل وهو الغالب وهو الأصل شرعا، وهو الأقرب إلى الفطرة والأحصن للأسرة، وأما تعدد الزوجات فهو أمر نادر واستثنائي وخلاف الأصل لا يلجأ إليه إلا عند الحاجة الملحة،[23]وهو الاتجاه الذي سارت عليه مدونة الأسرة.
الفقرة الثانية : حالة الاستثناء (الإذن بالتعدد)
نصت المادة 42 من مدونة الأسرة على أنه "في حالة عدم وجود شرط الامتناع عن التعدد، يقدم الراغب فيه طلب الإذن بذلك إلى المحكمة، ويجب أن يتضمن الطلب بيان الأسباب الموضوعية الاستثنائية المبررة له، وأن يكون مرفقا بإقرار عن وضعيته المادية".
ويمكن القول بناء على النص أعلاه بأن الراغب في التعدد يشترط لسماع طلبه ودراسته توفر الشروط أعلاه، بحيث سنت هذه المادة الإجراءات الشكلية الواجب احترامها من طرف الراغب فيه، الذي لم تشترط عليه زوجته عدم الزواج عليها.
وبالتأمل في باقي المواد المنظمة لمسطرة التعدد يمكن أن نبدي مجموعة من الملاحظات بشأن مستجدات مدونة الأسرة بهذا الخصوص مقارنة مع مدونة الأحوال الشخصية الملغاة.
فقد تقلص مجال إعمال السلطة التقديرية من طرف المحكمة التي أصبحت مختصة في الموضوع، إذ أنها مقيدة بضرورة التأكد من توفر الشروط الشرعية والقانونية المطلوبة.[24]
كما أضافت مدونة الأسرة مجموعة من الإجراءات في إطار مسطرة التعدد لم تكن قائمة في ظل قانون الأحوال الشخصية السابق، فصونا لكرامة الزوجة المراد التزوج عليها ضمنت مدونة الأسرة حقوق هذه الأخيرة من خلال المقتضيات التالية :
  • استدعاء الزوجة المراد التزوج عليها للحضور من أجل معرفة رغبة زوجها في التزوج عليها،[25] ولمناقشة طلب التعدد المقدم من طرفه أثناء النظر فيه بغرفة المشورة.[26] فإن توصلت شخصيا ولم تحضر، أو امتنعت من تسلم الاستدعاء فعلى المحكمة استدعاءها مرة ثانية عن طريق عون كتابة الضبط مع إنذارها بأنها إذا لم تحضر في الجلسة المحدد تاريخها في الإنذار فسيبت في الطلب في غيبتها.
  • كما يعاد استدعاء الزوجة عن طريق النيابة العامة إذا رجعت إفادة العون المكلف بالتبليغ أنه يتعذر توصلها .
والجدير بالذكر أن المدونة نصت على التوصل الشخصي بالاستدعاء وهو ما يبرز الحرص على توصل الزوجة المراد التزوج عليها باستعمال جميع طرق الاستدعاء القانونية، وتدخل النيابة العامة لهذه الغاية. كما يمكن البث في الطلب في غيبة الزوجة المراد التزوج عليها إذا أفادت النيابة العامة تعذر الحصول على موطن أو محل إقامة يمكن استدعاؤها فيه.
  • إخضاع الزوج للعقوبة المنصوص عليها في الفصل 361[27] من القانون الجنائي إذا ثبت أن عدم توصل الزوجة يرجع إلى إدلائه بسوء نية بعنوان غير صحيح لزوجته، أو إلى تحريف في اسمها.
  • إجراء المناقشات في غرفة المشورة بحضور الطرفين، إذ يتم الاستماع إليهما لمحاولة التوفيق وإصلاح ذات البين، واستقصاء الوقائع وتقديم البيانات المطلوبة.
  • ضرورة تعليل المحكمة لمقررها القاضي بالاستجابة لطلب التعدد.
  • ضرورة تقييده بشروط لفائدة المتزوج عليها وأبنائها من طالب التعدد.
  • إقرار مسطرة جديدة لم تكن قائمة حسب مدونة الأحوال الشخصية وذلك في الحالة التي يتمسك فيها الزوج بطلب استصدار إذن بالتعدد، فتنازع فيه الزوجة من غير أن تطالب بالتطليق، فالمحكمة في هذه الحالة لا تأذن بالتعدد، وإنما تطبق بصفة تلقائية مسطرة الشقاق.[28]
ضرورة إيداع الزوج الذي أصرت زوجته المراد التزوج عليها على التطليق  المبلغ المحدد من طرف المحكمة ضمانا لأداء مستحقات الزوجة و أولادهما الملزم بالإنفاق عليهم ، لحقوق المطلقة داخل أجل سبعة أيام،[29] تحت طائلة اعتبار عدم الأداء بمثابة تراجع عن طلب التعدد.[30]
كما أضافت المادة 46 من مدونة الأسرة إجراءا حمائيا خاصا بالمرأة المراد التزوج بها، وذلك بوجوب إشعارها من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج بأن الراغب بالاقتران بها متزوج بغيرها، مع وجوب تضمين هذا الإشعار ورضاها في محضر رسمي، خلافا لما كان عليه الأمر في الفصل 30[31] من مدونة الأحوال الشخصية الذي كان خاليا من التنصيص على الجهة المكلفة بهذا الإشعار (قاضي التوثيق، أو العدول، أو كتابة الضبط لقسم التوثيق).[32]
 
المطلب  الثاني : الصعوبات القانونية والواقعية التي تعترض المجهود التشريعي في مجال التعدد
لاشك في أن مدونة الأسرة تضمنت مجموعة من المستجدات التي لم يتضمنها قانون الأحوال الشخصية، سواء على مستوى الاختصاص والمسطرة أو على مستوى الجوهر، كما تم توفير مجموعة من الضمانات سواء للزوجة المراد التزوج عليها أو للمراد التزوج بها وذلك بإقرار مسطرة أكثر حرصا ونضجا وروية، غير أن ذلك لم يحل دون بروز مجموعة من الإكراهات سواء على مستوى النصوص (الفقرة الأولى)، وعلى مستوى التطبيق العملي (الفقرة الثانية).
 
الفقرة الأولى : الثغرات التي تشوب الأحكام المنظمة للتعدد
إذا كانت مدونة الأسرة قد أتت بمجموعة من المستجدات التي تعتبر من قبيل الإيجابيات التي كرست مجموعة من الحقوق لفائدة الزوجة والأسرة، فإنها لم تخل من بعض الثغرات والشوائب التي تبقى نقطا سلبية في هذا المجهود التشريعي.
ومن بين النقط التي علقت بشأنها ثغرات بمدونة الأسرة ما يلي :
  • يلاحظ أن المدونة، وهي تنظم أحكام التعدد، أولت الاهتمام بأطرافه الثلاثة، أي الزوج الراغب في التعدد، والزوجة المراد التزوج عليها، والمرأة المراد التزوج بها، وكان حريا بالمشرع أن يأخذ أيضا بعين الاعتبار مدى توفر نفس الشروط والقيود والضمانات بالنسبة للمطلقة طلاقا رجعيا ورغب مطلقها أثناء عدتها الزواج بغيرها، وأيضا بالنسبة للزوج الذي يرغب في مراجعة مطلقته من طلاق بائن في وقت تزوج فيه خلال فترة الطلاق بامرأة أخرى، وذلك بمراعاة ما قد يلحق الزوجتين من ضرر في تنفيذ رغبة الزوج المذكورة.[33]
  • ومن أهم القواعد التي حاولت أن تكرسها مدونة الأسرة هو كون الطلاق تصرف استثنائي يجب أن يمارس في أضيق الحدود بحيث بلور المشرع هذه القاعدة بكيفية جد واضحة من خلال مقتضيات المادة 70[34] من مدونة الأسرة وهي قاعدة ترسم هدف اختطه المشرع لنفسه. وخاطب به قضاة الأسرة، وهو لم يقصر هذا الاستثناء على الطلاق وحده، وإنما مدده إلى حالات التطليق بكل أنواعه.
والقاعدة التي أعلنها المشرع المغربي من خلال المادة 70 أعلاه، لا تحقق هدفا اجتماعيا وقانونيا فحسب، وإنما هي تنسجم انسجاما كليا مع الأحكام العامة للفقه الإسلامي المتشوف للمودة والرحمة بين الزوجين.[35]
غير أن الأحكام السالفة الذكر والتي جعلها المشرع هدفا رئيسيا من أهداف مدونة الأسرة لا تنسجم مع ما استحدثه المشرع في إطار مسطرة التعدد.
خاصة في الحالة التي ترفض فيها المرأة الموافقة لزوجها بالزواج، ولا تطلب الطلاق، وتتمسك بزوجها، والزوج يتمسك هو الآخر بطلبه.[36]
ففي هذه الحالة وإن لم تطلب الزوجة التطليق تطبق المحكمة تلقائيا مسطرة الشقاق،[37] مما يطرح تساؤلا مشروعا هو هل المحكمة ملزمة بتطبيق هذا النص رغم أنف الطرفين ؟ وكذا عن مدى انسجام أحكام هذا النص مع الهدف المسطر في المادة السابقة الذكر، ذلك أنه إذا كان اللجوء إلى الطلاق أو التطليق لا يمكن الإستجابة إليه إلا استثناء وفي حدود الأخذ بأخف الضررين، فبماذا نفسر سماح المشرع للمحكمة في سابقة غير معهودة باللجوء تلقائيا لمسطرة الشقاق دون طلب من الزوجة أو حتى الزوج.
إذ أن الأطراف يتقدمون أمام, المحكمة من أجل التعدد فإذا بهم يفاجئون بسلوكهم مسطرة الشقاق دون طلب ذلك، وهو ما يتنافى مع قواعد التقاضي وخاصة القاعدة المنصوص عليها في المادة الثالثة[38] من المسطرة المدنية التي تمنع المحكمة من أن تحكم بأكثر مما طلب وهو ما يشكل مسا مزدوجا لحق المرأة ,أما الأول فيكون لحظة إعلان الزوج بنيته في الزواج بامرأة أخرى، وأما الثاني فيكون لحظة معاقبة الزوجة الأولى بالطلاق بعد رفضها الإذن له.
وبذلك يكون المشرع قد حاد عن الهدف الذي سطره، إذ كان من المفروض أن يضع وسائل قانونية لتحقيقه , غير أن ما لوحظ أنه قد أدار ظهره لذلك الهدف عندما وضع وسائل تسيير في الاتجاه المعاكس.[39]و ما يمكن تسجيله في هذا الخصوص أن العمل القضائي, و حسنا فعل ,يكاد يجمع على عدم تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة 45 من المدونة ,إذ لم تسجل جل محاكم المملكة أي تفعيل للفقرة أعلاه انسجاما مع باقي أحكام القانون و خاصة الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية و الذي يغل يد القضاء و يجعل المحكمة ملزمة بالتقيد بطلبات الأطراف.
- تقضي المادة 44 من مدونة الأسرة بأن للمحكمة، وهي مجتمعة في غرفة المشورة، أن تأذن بالتعدد بمقرر معلل غير قابل لأي طعن متى ثبت لها مبرره الموضوعي الاستثنائي، وتوفرت شروطه الشرعية, غير أنه كان يجدر في إطار الضمانات والرقابة والقيود التي فرضت على الزوج لتقييد هذا الحق، وعدم توسيع نطاقه، ومجاراة للتوجه العام الرامي إلى الحفاظ على أواصر الأسرة، عدم إضفاء الصبغة النهائية على مقرر الإذن بالتعدد، وجعله خاضعا للطعن أمام محكمة الدرجة الثانية حتى تتأكد أيضا من مدى توفر الشروط الشرعية والقانونية الموجبة للتعدد، وذلك اقتداء بما نص عليه مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية حيث نص في مادته 31 في الفقرة (ج) على أن الإذن القاضي بالتعدد لا ينفذ إلا بعد صيرورته نهائيا.[40]
- تنص المادة 41 من مدونة الأسرة على أنه :
"لا تأذن المحكمة بالتعدد :
....
إذا لم تكن لطالبه الموارد الكافية لإعالة أسرتين، وضمان جميع الحقوق من نفقة وإسكان ومساواة في جميع أوجه الحياة".
فذكر عبارة –لإعادة أسرتين- في المادة السالفة الذكر يثير نوعا من اللبس حول مصطلح الأسرتين، لأن المشكل يطرح إذا كان الرجل متزوج مسبقا من زوجتين فأراد الزواج بثالثة وبالتالي تكوين ثلاث أسر وهي مسألة ممكنة التحقق واقعيا، فهل تعني هذه العبارة أن هذا الزواج ممنوع ؟ وأن التعدد يعني فقط الزواج بامرأتين لا ثالثة ولا رابعة.[41]
خصوصا وأن المشرع تحدث في المادة 39[42] من مدونة الأسرة عن القدر المسموح به شرعا.
لذلك كان حريا به أن ينظم هذه المسألة ويضمن حق الزوجة المراد التزوج عليها كلما تزوج زوجها بزوجة أخرى، وهو حق يجب أن يضمن صراحة للزوجة على غرار ما فعل المشرع المصري[43] وقد أحسن صنعا، باعتبار أن التعدد قد لا يقتصر على الزوجة  الثانية، بل يمكن أن يمتد إلى الثالثة أو الرابعة، وهكذا فقد تقبل الزوجة الأولى الزوجة الثانية فلا تنازع زوجها في التعدد، ولكنها قد ترفض طلب الزواج بالثالثة.[44]
 
الفقرة الثانية : إشكالية إثبات شروط التعدد واختلاف القضاء في ذلك
بالرغم من أن تعدد الزوجات لم يعد من المشاكل الاجتماعية الخطرة، ويرجع ذلك إلى التقلص التلقائي الذي يلاحقه جيلا بعد جيل،[45] فالمدونة طوقته بمجموعة من القيود، وربطت الإذن به بمبررات موضوعية واستثنائية يثبتها الزوج طالب التعدد و يتأكد من توفرها قاضي الأسرة.
ومن المفيد التذكير هنا بالخلط الذي استحكم في أدهان الناس حول شرط موافقة الزوجة الأولى، فجل الناس يعتقدون بأن الإذن بالتعدد يتوقف على موافقة الزوجة الأولى، ومن هذا المنطلق فإن كثيرا من الزوجات يمتنعن في حالات كثيرة جدا عن الحضور والدفاع عن مصالحهن ومصالح أبنائهن,[46] وهو ما يدفع الرجال أيضا لبلوغ الحصول على رضى الزوجة بسلوكيات غير مقبولة كتهديدها بالطلاق مثلا : لذلك فإن موافقة الزوجة الأولى ينبغي ألا تكون حاسمة في الإذن بالزواج أو رفضه.[47]
غير أنه بالرغم من ذلك فهناك العديد من الأحكام القضائية التي جعلت من أمر موافقة الزوجة على التعدد أمرا جوهريا في القبول أو الرفض للطلب حيث جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بطنجة "...كما أن المدعي لم يثبت أن زوجته الأولى التي قضت معه عقودا من الزمن وأنجب منها ثمانية أولاد أصغرهم في الثالثة والعشرين من عمره قد وافقت على زواجه من غيرها",[48] وفي حكم آخر لنفس المحكمة "وحيث إن الزوجة أكدت ذلك أمام المحكمة مصرحة أنها توافق لزوجها على التعدد وأنها لا تريد منه شيئا مما يكون معه المبرر متوافر في نازلة الحال" كما جاء في حكم مماثل للمحكمة الإبتدائية بالقصر الكبير"و حيث وافقت الزوجة على التعدد عليها و أكدت موافقتها كذلك أمام المحكمة بدون أية شروط .
و حيث أدلى الزوج بإشهاد صادر عنه و المصحح الإمضاء بتاريخ 25/05/2014 يشهد باستعداده للإنفاق على الزوجتين معا و إسكانهما حسب الشرع و القانون ........لذلك يكون الطلب مبررا و يتعين الإستجابة له"  .[49]
فمن خلال الأحكام أعلاه يتضح أنه بالرغم من كون المشرع لم يشترط موافقة الزوجة الأولى أو مراعاتها في إبرام الزواج الثاني، بل إن ما يجب أن يعتبر هو رفضها الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في قرار القاضي، فإن الممارسة العملية رسخت هذا الشرط ولعل تبني الكثير من المحاكم للموقف الذي يعتبر الموافقة الصادرة من الزوجة المراد التعدد عليها كفيل وحده في الإذن بالتعدد على النحو المذكور أعلاه ,هو ما كرس هذا المفهوم في الأذهان, إذ أنه من خلال الحكم الأول وبمفهوم المخالفة فإن الزوج لو استطاع إثبات موافقة الزوجة لاستجابت له المحكمة وهو أمر غير محبذ سيما أن المشرع أراد أن يجعل أمر الإذن بالتعدد للقضاء ولسلطته التقديرية في التعامل مع كل نازلة على حدة على ضوء ما يثبت له من مبرر، لا أن يترك ذلك لإرادة الأزواج سواء الزوج أو حتى الزوجة حتى لا يساء استعماله من طرف هذا الأخير ولا يتعسف فيه من طرف الزوجة أو تنتزع منها الموافقة تحت الضغط أو الإكراه.
إن المشرع حين اشترط صراحة وجود مبرر موضوعي واستثنائي لطلب الارتباط بامرأة ثانية وبأن لا تأذن المحكمة به إلا بعد التأكد من تحقق العدل ومن قدرة الزوج على معاملة الزوجتين وأبنائهما بإنصاف وبالتسوية المطلقة، مانحا بذلك سلطة تقديرية كبيرة للقاضي، أراد أن يجعل التعدد داخل دائرة ضيقة تفرضه الضرورة ويطلبه الواقع.
وإذا كنا نسجل بارتياح كبير تعامل القضاء مع هذه الشروط بموضوعية ورزانة في العديد من الأحكام نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر موقف المحكمة الابتدائية بالقصر الكبير التي لم تعتبر رغبة الزوج في الفساد وتعاطيه له مبررا استثنائيا وموضوعيا يوجب الإذن بالتعدد حيث جاء في حيثيات الحكم.[50]
"وحيث أوضح الطالب أمام المحكمة لتبرير رغبته في التعدد أن زوجته لا تلبي حاجته الجنسية وأنه نتيجة لذلك يتجه للفساد وأن ذلك يتطلب منه إنفاق الكثير من المال...
وحيث إنه بالرجوع إلى وثائق الملف وخاصة ما راج أمام المحكمة بجلسة البحث يتبين أن ما ادعاه المدعي من كون المراد التزوج عليها غير قادرة على معاشرته وفق رغبته وهو أمر لم يستطع إثباته وظل مجرد ادعاء يفتقد إلى الدليل المادي... كما أن ما ادعاه من كونه يتعاطى الفساد لا يمكن أن ينهض مبررا موضوعيا واستثنائيا لطلب التعدد".
وكذا موقف المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء التي لم تعتبر كبر سن الزوجة مبررا للتعدد[51] وجاء في حكم صادر عن هذه المحكمة :
"وحيث إن المحكمة استمعت للزوج الذي أكد الطلب مضيفا أن سبب طلب التعدد هو كبر سن الزوجة الأولى وصرحت الزوجة أنها توافق بشرط عدم خروجها من البيت وعدم إسكان الزوجة الثانية معها والإنفاق عليها وعلى أبنائها.
وحيث إن المبرر الموضوعي والاستثنائي لم يوجد بالملف ما يبرره، ذلك أن سبب كبر سن الزوجة لا ينهض سببا يبرر التعدد".
فمن خلال هذا الحكم الأخير نلاحظ أن المحكمة رغم موافقة الزوجة على التعدد عليها فإن المحكمة لم تستجب لطلب التعدد لانتفاء المبرر الموضوعي، كما أن عدم اعتبار المبرر المذكور أعلاه فيه إحقاق للمرأة التي تفنى شبابها في خدمة الزوج وأبنائه وعندما تصل إلى مرحلة متقدمة من العمر يكون جزاؤها هو التزوج عليها بزوجة أخرى أكثر شبابا وصبى، خصوصا إذا كانت هذه الزوجة لا زالت قادرة على القيام بالأعباء الزوجية.
غير أنه إذا كان هذا الاتجاه من عمل المحاكم، كما سبقت الإشارة إليه، قد استطاع أن يستلهم إرادة المشرع في تطبيق أحكام التعدد سواء من حيث الرفض المعلل أو القبول المنطقي،[52] فإن هناك اتجاه آخر سار في منحى معاكس وتعامل مع الشرط المبرر الموضوعي الاستثنائي بمرونة زائدة أخرجت النص عن الوجهة التي رسمت له من طرف المشرع ففي حكم للمحكمة الابتدائية بالعرائش ذهبت المحكمة إلى ما يلي :
"وحيث ثبت للمحكمة من خلال الوثائق المدلى بها من طرف الطالب أن دخله كاف لإعالة أسرتين. كما أن السبب المبرر للتعدد المصرح به من طرفه والمتمثل في عدم قدرة الزوجة على تحمل الأعباء المنزلية يبقى مبررا موضوعيا للتعدد..."
كما جاء في حكم المحكمة الإبتدائية بالقصر الكبير :
"حيث إن الثابت من وثائق الملف و مستنداته و خاصة ما راج بجلسة البحث أن الطرف المدعي يتوفر على شروط التعدد, ذلك أن ظروف عمله تسمح له في التعدد ,ذلك أن بعده عن زوجته الأولى وعدم تواجدها إلى جانبه كي ترعى مصالحه اليومية يقوم سببا استثنائيا وموضوعيا يسمح له بالتعدد كما أنه يملك دخلا لإعالة أسرتين من جهة، و من جهة ثانية فإنه لم يصدر من جانب الزوج أي تفريط في حقوقه اتجاه زوجته الأولى وأبنائه مما يتيعن الحكم و الإذن له بالتعدد ".[53]
وما يمكن ملاحظته على الحكم الأول, هو أنه اعتبر عدم قدرة الزوجة على احتمال الأعباء المنزلية مبررا للتعدد وهو ما يدفعنا للتساؤل هل كان المشرع حكيما عندما ترك هذه السلطة الواسعة في تقدير المبرر الموضوعي لقناعة القاضي الشخصية؟
 الشيء الذي يستدعي إعطاء تعريف عادل ودقيق لما يقصده المشرع من مفهوم "المبرر الموضوعي الاستثنائي المقبول لمنح الاذن بالتعدد".[54]
هذه المرونة سجلت أيضا على مستوى محاكم الدرجة الثانية، في الوقت الذي ذهبت فيه المحكمة الابتدائية بطنجة[55] إلى رفض اعتبار الارتباط العاطفي مبررا موضوعيا واستثنائية. نجد أن محكمة الاستئناف ذهبت إلى عكس ذلك حيث جاء في قرارها : "حيث أنه وعلى عكس ما جاء في الحكم الابتدائي فإن الشروط المنصوص عليها في الفصلين 41 و42 من مدونة الأسرة متوفرة في النازلة ذلك أن المستأنف أثبت القدرة على الإنفاق على أسرتين وأن زوجته الأولى موافقة على زواجه من زوجة ثانية، وأن  من شأن ارتباطه العاطفي الخوف من السقوط في الزنا وهي أسباب كافية لتحقق الشروط المنصوص عليها في المادتين 41 و42 من مدونة الأسرة".[56]
و الجدير بالذكر أنه بالإضافة لإختلاف عمل المحاكم بشأن التعامل مع الشروط الموضوعية المفروضة على منح الإذن بالتعدد, فإنه يلاحظ عدم تفعيل مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 44 من القانون أعلاه والتي تربط الإذن بالتعدد بضرورة تقييده بشروط لفائدة الزوجة والأبناء, كما يتم غض الطرف عن توفر القدرة المالية للزوج كلما تبت لها توفر المبرر الموضوعي والإستثنائي للتعدد.
و من جهة أخرى فقد سجل هذا الإختلاف حتى على مستوى مراقبة المحكمة للتوصل القانوني للزوجة , إذ يلاحظ أن هناك من المحاكم من تقتصر على الإستدعاء الأولي للزوجة عن طريق الأعوان القضائيين ,و لا تعمد إلى إعادة إنذارها بضرورة الحضور بعد التوصل الشخصي, كما لا تعمد إلى استدعائها عن طريق النيابة العامة إعمالا لمقتضيات المادة 43 من مدونة الأسرة ,كما يكتفى بالتصريح المجرد للزوج في حالة تخلف الزوجة عن جلسة البحث بخصوص المبرر الاستثنائي و الموضوعي دون تكليفه بتعزيز ذلك الإدعاء بما يثبته [57].
وجملة القول فبالرغم من كون التعدد كما سلف الذكر لا يشكل ظاهرة في المغرب وهذا ما يظهر من خلال الإحصائيات المسجلة في أقسام قضاء الأسرة بعد عشر سنوات من صدور مدونة الأسرة ، حيث تظهر هذه الاحصائيات أن رسوم الزواج المتعلقة بالتعدد، تعرف نوعا من الاستقرار مند سنة 2004  ذلك أن نسبة هذا النوع من الزواج من مجموع عقود الزواج المبرمة لم يتعد في أقصى حالاته 0.34%، وهي النسبة التي تم تسجيلها سنتي 2005 و2011، بينما سجلت سنة 2012 أدنى نسبة حيث بلغت 0.26% من مجموع رسوم الزواج المبرمة، ونفس الأمر بالنسبة لسنة 2013 حيث سجلت فيها نفس النسبة في مجموع رسوم الزواج بعدد لم يتجاوز 787 رسما.
من جهة أخرى يلاحظ أن طلبات الاذن بالتعدد خلال الخمس سنوات الأخيرة تسجل ارتفاعا ملحوظا في نسبة رفضها من طرف المحاكم ، إذ أن مجموع ملفات التعدد الرائجة سنة 2008 بلغ 4567 ملفا، استجيب لـ 1360 منها، وتم انجاز العقود لـ 836 منها، أي بنسبة 0.27% من مجموع رسوم الزواج، وبلغ عدد القضايا الرائجة في هذا الصدد سنة 2009 ما مجموعه 5732 طلبا للتعدد، استجيب لـ 1538 طلبا، وتم انجاز العقود لـ 991 حالة منها، أي بنسبة 0.31% من مجموع رسوم الزواج، وسنة 2010 بلغت الطلبات المقدمة 5562 تم قبول 1636 منها، وانجاز 991 عقد زواج، أي بنسبة 0.32% من مجموع رسوم الزواج. وسنة 2011 بلغت الطلبات 5621 تم قبول 1890 منها، وانجاز 1104 عقد زواج بهذا الصدد، بنسبة 0.34% من مجموع رسوم الزواج، وخلال سنة 2012 بلغ عدد الطلبات الرائجة 5753 تم قبول 1571 منها، وأنجز على اثرها 806 رسم زواج بنسبة 0.26% من مجموع رسوم الزواج خلال نفس السنة، بينما سجلت سنة 2013 أكبر عدد من الطلبات خلال العشر سنوات إذ بلغ عدد الملفات الرائجة 5816 ملفا، استجيب لـ 1830 طلبا منها، وتم انجاز رسوم زواج لـ 787 منها، أي بنسبة لا تتجاوز 0.26% من مجموع رسوم الزواج المسجلة خلال السنة المذكورة. ويمكن توضيح كل ما سبق من خلال الجدولين التاليين :
  1. وضعية رسوم زواج التعدد ونسبتها من مجموع رسوم الزواج 2004-2013
السنوات 2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013
رسوم زواج التعدد 904 841 811 875 836 986 991 1104 806 787
نسبة التعدد من مجموع رسوم الزواج --- 0.34% 0.30% 0.29% 0.27% 0.31% 0.32% 0.34% 0.26% 0.26%
 
  1. وضعية ملفات زواج التعدد بين القبول والرفض 2004-2013
السنوات 2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013
عدد الملفات الرائجة --- --- 4675 4797 4567 5732 5562 5621 5753 5811
عدد الطلبات المقبولة --- --- 1450 1427 1360 1538 1636 1890 1571 1822
عدد الطلبات المرفوضة --- --- 1889 1999 1878 2273 2133 1976 2205 2105
 

ويظهر من خلال النسب الواردة في الجدولين أعلاه أن عدد طلبات الإذن بالتعدد -وفق الأرقام الوطنية-هي قليلة كما أن عدد الطلبات المقبولة منها تبقى أقل بكثير من الطلبات المرفوضة.
لكن لا بد من الاشارة إلى وجود تفاوت على مستوى التعامل القضائي مع قضايا تعدد الزوجات بحسب أقسام قضاء الأسرة إذ أن بعض الإحصائيات الخاصة ببعض الأقسام تبين أن نسبة موافقة القضاء على طلبات التعدد تتراوح ما بين 75% و80% (مثلا من بين 71 طلب متعلق بالتعدد قدم أمام محكمة الرباط برسم سنة 2006، تمت الاستجابة لـ 60 طلب).[58]
كما أن هناك من المحاكم من تكتفي بالتأكد من قدرة الزوج المادية وكفاية دخله لرعاية بيتين، وهو معيار ذاتي يكتفي فيه بتقديرات القاضي وسلطته التقديرية، كما يعتمد سن الزوجة الأولى كمعيار أساسي.
في حين أن القانون يشترط صراحة وجود مبرر موضوعي واستثنائي لطلب الارتباط بامرأة ثانية، ويقضي بألا تأذن المحكمة به إلا بعد التأكد من تحقق العدل ومن قدرة الزوج على معاملة الزوجتين وأبنائهما بإنصاف.
غير أنه من المفيد التذكير هنا بأن هناك العديد من العقبات الواقعية التي تحول دون تحقيق العدل الذي تنشده المدونة في موضوع التعدد من قبيل :
  1. انعدام الإمكانيات المساعدة على التأكد من المزاعم المقدمة من طرف الزوج من أجل تبرير رغبته في الزواج مرة ثانية، مما يدفع بالمحكمة إلى الاكتفاء بالعامل المادي كمعيار وحيد لتقدير سعة الزوج المالية وقدرته على تحمل واجباته اتجاه زوجتيه، مع  العلم أن هذا العامل يأتي في الدرجة الثانية.
  2. غياب الإمكانيات المساعدة على التحقق من مصداقية المستندات المدلى بها، التي يمكن أن تكون مجرد تحايل لإقناع المحكمة بالحاجة الملحة والظروف الاستثنائية المبررة للتعدد. هذا، والحقيقة أن العراقيل هنا تعود لأسباب تتجاوز اختصاصات المحاكم والتغلب عليها يقتضي تدخل قطاعات حكومية أخرى، ويكفي ذكر مشكل عدم تعميم نظام الحالة المدنية وكذلك بطاقات الهوية الوطنية.
  3. سلوك الأفراد مسطرة ثبوت الزوجية لتحقيق التعدد بدل طلب الإذن به مباشرة وهو الذي يظهر من خلال مجموعة من النزاعات التي عرضت على القضاء ففي حكم لابتدائية طنجة جاء فيه :
"حيث إن طلب المدعي يهدف إلى الإذن له بثبوت الزوجية بينه وبين السيدة (ح) في إطار التعدد باعتباره متزوجا بالسيدة (ف).
وحيث إن المدعي لم يدل بأية حجة... تبرر عدم إبرام عقد الزواج... كما لم يثبت للمحكمة أي مبرر موضوعي استثنائي يخوله الزواج بامرأة ثانية... وأنه والحالة هذه يبقى الطلب مخالفا للمواد 4 و 40 و41 من مدونة الأسرة وينبغي رفضه".[59]
فمن خلال هذا الحكم يظهر بأن المحكمة تعامل الأطراف بنقيض القصد، غير أن الأمر يدق حينما نكون أمام علاقة نتج عنها أطفال، ففي هذه الحالة فإن القاضي يجد نفسه بين احتمالين, هما الحكم بصحة تعدد الزوجات لوجود أطفال، وبطلانه لخرق القانون، غير أننا نرى أنه في هذه الحالة يمكن للقاضي التمييز في نفس القرار بين آثار هذه الزيجة على الأطفال وآثارها على الزوجين، بمعنى أنه يمكن رفض الاعتراف بشرعية الزواج دون أن يترتب على ذلك عدم الاعتراف بشرعية نسب الأطفال الناتجين عن هذه العلاقة، فيكون الزواج باطل والنسب صحيحا، وذلك حتى لا تتخذ هذه المسطرة مطية للتحايل على القانون ومن تم تفرغ القواعد المنظمة لأحكام التعدد من محتواها.
فما من شك أن إصلاح المقتضيات المتعلقة بالتعدد يطمح إلى ضمان حقوق كافة أفراد الأسرة، وجعل مهمة النهوض بها من اختصاص الأب والأم على حد سواء، وذلك وفقا لأهداف نبيلة تسعى إلى ضمان استقرارها.
ومما لاشك فيه أيضا أن التقنين والتشريع يظل من أهم الآليات والوسائل لإقرار القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية في التعامل بين الأفراد، فتنظيم العلاقات الأسرية عن طريق قانوني يتبنى فلسفة إنسانية تحقق العدل والإنصاف واحترام كرامة الإنسان رجلا كان أو امرأة أو طفلا, من شأنه أن يساهم في خلق الاستقرار وتماسك الأسرة وتضامن أفرادها وتثبيت قيم المودة والوئام والتكافل الاجتماعي وزرع الطمأنينة والأمان بين أطراف هذه العلاقة.
لذلك كانت الحاجة ملحة لتدخل تشريعي جديد يراعي مكامن الخلل و يتصدي لها للارتقاء بالتطبيق إلى مقاصد التشريع خاصة أنه مرت مدة كافية لتقييم العمل بمدونة الأسرة, يعالج النقط التي تم التطرق لها أعلاه. كما لابد من التنبيه أن القوانين مهما كانت سامية وجيدة ورفيعة، فإن التطبيق السلبي لها يسيء إليها ويعطل مفعولها ويسلبها كل جودتها وسموها ورفعتها.
 

الهوامش
------------------
[1]
-سورة النساء، الآية : 1.
[2]- اصطلاح الأحوال الشخصية غير معروف في الفقه الإسلامي، وقد اقتبسته القوانين العربية الحديثة من التشريعات الغربية.
- أنظر حول هذا الموضوع محمد الكشبور : "الوسيط في قانون الأحوال الشخصية"، مطبعة النجاح الجديدة، 1999، ص: 29.
[3]- المواد من 40 إلى 47 من مدونة الأسرة.
[4] - سورة النساء، الآية : 3.
[5] - التعدد ظاهرة قديمة قدم الإنسانية فقد ظهرت لدى الشعوب البدائية ونجد في القبائل الجنوبية السودانية خاصة قبيلة "الأزاندي" أنه ليس هناك قيد قانوني يحول دون أن يتزوج الرجل أي عدد من النساء شريطة ألا يتعدى زوجتين أو ثلاث على أكثر تقدير، ومع ذلك فالرؤساء في بعض القبائل يقومون بالزواج بعدد لا يكاد يحصى قد يبلغ المائة أو المائتين.
كما عرفته جل الحضارات القديمة فقد كان تعدد الزوجات مسموحا به "فرمسيس الثاني" كانت له زوجتان، أما في الحضارة الصينية فكان للسيد أن يتزوج تسع نساء، وكان عدد الزوجات المسموح به يرتفع أو ينخفض حسب الوضعية الاجتماعية للرجل وهو نفس الأمر الذي كان سائدا في الحضارة الرومانية.
حول هذا الموضوع راجع كل من :
  • عبد الهادي عباس : "المرأة والأسرة في حضارة الشعوب وأنظمتها"، الجزء الأول، دار طلاس، الطبعة الأولى 1987، ص : 157.
  • دليفرون : "قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين والوثنيين"، ترجمة هنري رياض وكرم سفيق، الطبعة الأولى 1411/هـ-1991م، ص : 113.
  • أحمد غنيم : "موانع الزواج بين الشرائع السماوية الثلاث والقوانين الوضعية"، الجزء الثاني،  مطبعة الاستقلال الكبرى، دار النهضة العربية، مصر، ص : 110.
[6] يوسف بنباصر : "مدونة الأسرة : المسار والتطلعات"، سلسلة بنباصر للدراسات القانونية والأبحاث القضائية، العدد الثامن، دار القلم الرباط ، ص : 18.
[7] ومن التشريعات التي أقرت هذا الحق للرجل المشرع الليبي فحسب المادة 13 من القانون رقم 10 لسنة 1984 "يجوز للرجل أن يتزوج بزوجة أخرى بإذن تصدره المحكمة المختصة بعد التأكد من ظروفه الاجتماعية، وقدرته المادية والصحية".
كما تنص المادة الثامنة من قانون الأسرة الجزائري رقم 05-09 المؤرخ في 04 ماي 2005 على أنه : "يسمح بالزواج بأكثر من زوجة واحدة في حدود الشريعة الإسلامية متى وجد المبرر الشرعي وتوفرت شروط ونية العدل".
[8] أنظر حول هذا الموضوع :
سعاد ابراهيم صالح : "ثلاثة اتجاهات حول إباحة أو تحريم التعدد"، مقال منشور بمجلة منار السلام، العدد التاسع لسنة 19 بتاريخ فبراير 1994.
[9] وهذا الاتجاه نجده في المملكة العربية السعودية والكويت وبعض الدول العربية الأخرى.
[10] هذا الاتجاه نجده في تونس حيث جاء في الفقرة الأولى من الفصل 18 : "تعدد الزوجات ممنوع كما ذهبت الفقرة الثانية من نفس الفصل إلى تجريم التزوج بأكثر من واحدة وجعله جريمة تستوجب عقابا بالسجن مدة عام وبخطية قدرها 240 فرنك أو بإحدى العقوبتين فقط".
[11] وتجدر الإشارة إلى أن باقي الشرائع الأخرى عرفت أيضا نظام التعدد، "بحيث عدد الأنبياء زوجاتهم قبل التوراة، فقد  تزوج ابراهيم من امرأتين من العرب إحداهما "قطورة" بنت يقظان والأخرى "حجور بنت أرميل"، كما عدد يعقوب وموسى وداود وسليمان، ولا حجر على تعدد الزوجات في الثورات أو في الإنجيل، بل هو مباح مأثور عن الأنبياء أنفسهم، من عهد إبراهيم الخليل عليه السلام إلى عهد الميلاد".
- أحمد عبد الوهاب : "تعدد نساء الأنبياء"، دار التوفيق النموذجية القاهرة، الطبعة الأولى 1403هـ-1989م، ص : 115.
- وأيضا أبي جعفر محمد بن جرير : "تاريخ الأمم والملوك"، الجزء الأول، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة 1399هـ-1979م، ص : 311.
- عبد الله ناصح علوان : "تعدد الزوجات في الإسلام"، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، الطبعة الرابعة 1409هـ-1988م، ص : 15.
[12] ونقصد هنا مطالب الحركات النسائية والتي اختلفت بخصوص هذا الموضوع بين المطالبة بمنعه والمطالبة بتقييده بجملة من الشروط والضمانات فالجمعية المغربية لحقوق النساء طالبت بإلغاء التعدد، مبررة ذلك بما يلي : "إن معطيات الواقع الاجتماعي، قد سجلت تقلص ظاهرة تعدد الزوجات في المغرب، حسب إحصائيات 1982 الرسمية، وبما أن العدل كشرط لتعدد الزوجات يستحيل تحقيقه على مستوى الواقع، وبما أن انعكاس تعدد الزوجات يعد سلبيا على توازن الأسرة المغربية خاصة بالنسبة للأطفال، فإن هذا يفترض منع التعدد". وقد سارت في هذا الاتجاه اللجنة الوطنية للمرأة الحركية، وفي اتجاه معاكس ذهبت منظمة الاتحاد الوطني النسوي التي لا تعارض مبدأ تعدد الزوجات ولكن طالبت بتقييده بشروط وضمانات كما يلي :
  1. يعرض على القاضي وجوبا طلب الزوج التزوج على زوجته الأولى.
  2. لا تتم إجازة التعدد من طرف القاضي إلا إذا خبرت الزوجة الأولى المراد الزواج منها ورضيت كل منهما بالأمر وأثبت ذلك قانونا.
  3. لا يأذن القاضي بالتعدد إذا تأكد له بعد التحري عن الزوج، وعن حالته المادية عدم إمكان قيامه بالإنفاق على أكثر من بيت زوجته وتحقيق العدل المؤكد عليه شرعا".
بخصوص هذا الموضوع راجع :
-عبد الكبير العلوي المدغري : "المرأة بين أحكام الفقه والدعوة إلى التغيير"، الطبعة الأولى، 1999، مطبعة فضالة، المحمدية ، ص : 178 و179.
[13] عبد الخالق أحمدون : "الزواج والطلاق في مدونة الأسرة"، دراسة مقارنة مع أحكام الفقه الإسلامي وقوانين دول المغرب العربي والاتفاقيات الدولية، الطبعة الأولى 2006، مطبعة طوب بريس الرباط ، ص : 180.
[14] خالد برجاوي : "إشكالية الأصالة والمعاصرة في تقنين الأحوال الشخصية بالمغرب"، الطبعة الأولى، دار القلم، ، ص : 136.
[15] كان الفصل 30 من مدونة الأحوال الشخصية لسنتي 1957-1958 ينص على أنه "إذا خيف عدم العدل بين الزوجات لم يجز التعدد.
للمتزوج عليها إذا لم تكن اشترطت الخيار، أن ترفع أمرها للقاضي لينظر في الضرر الحاصل لها، ولا يعقد على الثانية إلا بعد إطلاعها على أن مريد الزواج منها متزوج بغيرها".
هذا وقد كان مشروع وزارة العدل لمدونة الأحوال الشخصية يقضي في المادة الثلاثين منه بما يلي :
"للقاضي أن لا يأذن للمتزوج أن يتزوج على امرأة إذا لم تدع الضرورة لذلك، أو لم يؤمن من الظلم في الإنفاق والإسكان وحسن المعاشرة والقيام بالواجبات الزوجية".
وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذه المادة لما كانت إباحة تعدد الزوجات مشروطا فيه شرعا عدم الخوف من الجور بنص الآية : ]فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة[، وجرت العادة بتحكيم الأهواء خلافا للنص، فصار من الضروري أن يكلف القاضي بمراقبة تنفيذ التعاليم الإسلامية حتى لا يساء استعمال حق التعدد، غير أن اللجنة المكلفة بصياغة النص النهائي للمدونة عدلت المادة 30 كما سلف أعلاه، أحمد الخمليشي : "التعليق على قانون الأحوال الشخصية"، الجزء الأول، مرجع سابق، ص : 114-115.
[16] محمد الشتوي : "الإجراءات الإدارية والقضائية لتوثيق الزواج"، الطبعة الأولى، 2004، مطبعة الوراقة الوطنية، مراكش ، ص : 194-195.
[17] محمد الكشبور : "الوسيط في قانون الأحوال الشخصية"، الطبعة الخامسة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1421/2000، ص : 162 و163.
[18] بنسالم أوديجا : "دور قاضي التوثيق في التعدد في ضوء أحكام مدونة الأسرة-الضمانات-الرقابة-القيود"، مجلة القضاء والقانون، العدد 154، سنة 2007، ص : 39.
[19] سورة النساء، الآية 3.
[20] ادرس الفاخوري : "قانون الأسرة المغربي"، الجزء الأول، أحكام الزواج، الطبعة الأولى، 2005، مطبعة دار الجسور ، ص : 144 و145.
[21] تنص المادة 47 من مدونة الأسرة "الشروط كلها ملزمة، إلا ما خالف منها أحكام العقد ومقاصده وما خالف القواعد الآمرة للقانون فيبقى باطلا والعقد صحيحا".
[22] أحمد زوكاغي : "الزواج حسب الصيغة الحالية لمدونة الأحوال الشخصية"، طبعة سنة 2002، مطبعة دار القلم، الرباط ، ص : 66.
[23] وهبة الزحيلي : "الفقه الإسلامي وأدلته"، الجزء التاسع، دار الفكر دمشق، الطبعة الثامنة، لسنة 1425هـ-2005م، ص : 6670.
[24] بنسالم أوديجا : مرجع سابق، ص : 40.
[25] إدريس الفاخوري : "قانون الأسرة المغربي"، مرجع سابق، ص : 146.
[26] تنص المادة 43 من مدونة الأسرة على أنه : "تستدعي المحكمة الزوجة  المراد التزوج عليها للحضور، فإذا توصلت شخصيا ولم تحضر أو امتنعت من تسلم الاستدعاء، توجه إليها المحكمة عن طريق عون كتابة الضبط إنذارا تشعرها فيه بأنها إذا لم تحضر في الجلسة المحدد تاريخها في الإنذار فسيبث في طلب الزوج في غيابها.
كما يمكن البث في الطلب في غيبة الزوجة المراد التزوج عليها إذا أفادت النيابة العامة تعذر الحصول على موطن أو محل إقامة يمكن استدعاؤها فيه.                                                        
إذا كان سبب عدم توصل الزوجة بالاستدعاء ناتجا عن تقديم الزوج بسوء نية بعنوان غير صحيح أو تحريف في اسم الزوجة، تطبق على الزوج العقوبة المنصوص عليها في الفصل 361 من القانون الجنائي بطلب من الزوجة المتضررة".
[27] ينص الفصل 361 من ق.ج على ما يلي : "من توصل، بغير حق، إلى تسلم إحدى الوثائق المشار إليها في الفصل السابق، أو حاول ذلك، إما عن طريق الإدلاء ببيانات غير صحيحة... يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 200 إلى 300 درهم".
[28] أنظر المواد من 94 إلى 97 من مدونة الأسرة.
[29] تنص الفقرة الرابعة من المادة 45 على أنه : "يعتبر عدم إيداع المبلغ المذكور داخل الأجل المحدد تراجعا عن طلب الإذن بالتعدد".
[30] بنسالم أوديجا : مرجع سابق، ص : 41.
[31] تنص الفقرة الأولى من الفصل 30 من مدونة الأحوال الشخصية كما تم تعديله بقانون 10/09/1993 "يجب إشعار الزوجة الأولى برغبة الزوج في التزوج عليها والثانية بأنه متزوج بغيرها".
وفي هذا الإطار ذهبت محكمة الاستئناف بالقنيطرة في قرارها عدد 359 الصادر بتاريخ 29/01/1990 إلى أن "الإعلام شرط جوهري لصحة انعقاد الزواج بالزوجة الثانية... عدم إعلام الزوجة الثانية يعد تدليسا من شأنه أن يعدم رضى التعاقد معها".
قرار أورده خالد بنيس في كتابه : "قاموس مدونة الأحوال الشخصية"، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية 1995، ص : 24.
[32] محمد الشافعي : "الأسرة في ضوء مدونة الأحوال الشخصية"، سلسلة البحوث القانونية، العدد 1، 2000، ص : 89.
[33] بنسالم أوديجا : مرجع سابق، ص : 48.
[34] تنص المادة 70 من مدونة الأسرة على أنه : "لا يمكن اللجوء إلى حل ميثاق الزوجية بالطلاق أو التطليق إلا استثناء وفي حدود الأخذ بأخف الضررين لما في ذلك من تفكيك الأسرة والإضرار بالأطفال".
[35] محمد الكشبور : "ملاحظات بشأن أحكام التطليق في مدونة الأسرة"، مجلة المناهج العدد المزدوج 9-10/2006، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص : 8.
[36] عبد الله سهيل : "تعدد الزوجات بين قانون الأحوال الشخصية ومدونة الأسرة-مدونة الأسرة بين النص والممارسة"، العدد 25، ص : 43.
[37] تنص الفقرة الأخيرة من المادة 45 من م.أ على أنه : "فإذا تمسك الزوج بطلب الإذن بالتعدد، ولم توافق الزوجة المراد التزوج عليها، ولم تطلب التطليق طبقت المحكمة تلقائيا مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد 94 إلى 97 وبعده".
[38] تنص المادة الثالثة من قانون المسطرة المدنية على أنه : "يتعين على القاضي أن يبث في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات ويبث دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة". 
[39] محمد الكشبور : "ملاحظات بشأن أحكام التطليق في مدونة الأسرة"، مرجع سابق، ص : 8.
[40] بنسالم أوديجا : مرجع سابق، ص : 49.
[41] فخري رياض : "تعدد الزوجات بين الدين والقانون"، مقال منشور ضمن سلسلة الندوات والأيام الدراسية العدد 25، ص : 34.
[42] تنص المادة 39 من مدونة الأسرة على : "موانع الزواج المؤقتة هي :                                        
1- ....                                                                                                                  
2- الزيادة في الزوجات على العدد المسموح به شرعا".
[43] وتجدر الإشارة إلى أن هناك صياغة أسلم وأوفى في تحقيق هذا  المعنى وهي التي جاءت في المادة 31 من مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية الفقرة "ب"، "أن تكون للزوج كفاية مالية لإعالة أكثر من زوجة".
[44] بنسالم أوديجا : مرجع سابق، ص : 49.
[45] أحمد الخمليشي : "مصادر القانون المنظم لوضعية المرأة بالمغرب، ملامح نسائية-مقاربات"، مطبعة فضالة، المحمدية 1987، ص : 10.
[46] عراقيل عملية أمام التطبيق الملائم للمدونة، تقرير سنتين من تطبيق مدونة الأسرة،  ص : 13.
[47] غير أن جواب السيد وزير العدل عن سؤال مدى أثر موافقة الزوجة على التعدد يوحي بغير ذلك فقد جاء في معرض جوابه "بالنسبة للسؤال الثاني فيجب النظر إلى موضوع  التعدد من جانب المرأة كذلك، لأن هناك نساء قد يسمحن لأزواجهن بالتعدد، فإذا عبرت الزوجة الأولى عن موافقتها على التعدد، ورأى القاضي مصلحة الأسرة في التعدد، فلماذا لا يتم الإذن به".
 - حول هذا الموضوع أنظر المقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة من خلال أجوبة السيد وزير العدل، منشورات وزارة العدل 2004، ص : 86.
[48] حكم المحكمة الابتدائية بطنجة رقم 328 الصادر في الملف رقم 1259/07 بتاريخ 31/01/08 (غير منشور).
[49] حكم المحكمة الابتدائية بطنجة رقم 422 الصادر في الملف رقم 733/07 بتاريخ 12/06/2007 (غير منشور).
[50] حكم المحكمة الابتدائية بالقصر الكبير رقم 152 في الملف رقم 321/08/7 بتاريخ 21/07/08 (غير منشور).
[51] حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء رقم 172 في الملف عدد 89/06 بتاريخ 18/07/06 (غير منشور).
[52] ونذكر في هذا الاتجاه حكم المحكمة الابتدائية بمكناس رقم 1310 في الملف رقم 691/06/5ج بتاريخ 18/04/2006، جاء فيه "وحيث أوضحت الزوجة المراد التزوج عليها بأنها وافقت لزوجها بالتعدد لكونها تعاني من مشكل جنسي... ومن جهة ثانية أوضح طالب الإذن بالتعدد بغرفة المشورة بأنه تقني في التبريد والتكيف الهوائي ودخله يتراوح ما بين (7000.00) و(8000.00) درهم.
وحيث إنه واستنادا لتصريحات الطرفين... فقد ثبت لها المبرر الموضوعي الاستثنائي... مما يتعين والحالة هذه الاستجابة للطلب".
حكم منشور بمجلة قضاء الأسرة، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، العدد الثالث دجنبر 2006، مطبعة فضالة الرباط، ص : 80-81.
[53] حكم المحكمة الابتدائية بالعرائش، رقم 394 بتاريخ 27/12/2004 في الملف عدد 56/04 منشور بمجلة قضاء الأسرة، العدد الأول يوليوز 2005، ص : 108و كذا حكم المحكمة الإبتدائية بالقصر الكبير عدد 583 في الملف عدد 439/14/2 بتاريخ 13/08/2014 (غير منشور).و تجدر الإشارة أن =دخل الزوج المتحدث عنه في الملف المذكور المصرح به من الزوج هو 8000 درهم و له 6 أبناء من الزوجة الأولى مما يدعونا للتساؤل عن مدى تحقق شرط القدرة على إعالة أسرتين .  
[54] وتجدر الإشارة إلى أن هناك بعض التشريعات التي حصرت هذا المبرر الموضوعي وحددته في حالات معينة ومنها المشرع اليمني حيث ينص في المادة 11 من قانون الأحوال الشخصية على أنه : "لا يجوز الزواج من ثانية إلا بإذن كتابي من المحكمة الجزئية المختصة وليس للمحكمة أن تمنح الإذن إلا إذا ثبت لديها أحد الأمور التالية :
  • عقم الزوجة بتقرير طبي شريطة أن لا يكون الزوج قد عرف به قبل الزواج.
  • مرض الزوجة مرضا مزمنا أو معديا بتقرير طبي شريطة أن لا يكون قابلا للشفا".
[55] جاء في الحكم : "وحيث أنه بالرجوع إلى وثائق الملف وخاصة ما راج أمام المحكمة بجلسة البحث والصلح يتبين أن ما ادعاه المدعي من كون المراد التزوج بها، شريكة في العمل، فضلا على كونه مرتبط بها عاطفيا لا يمكن أن ينهض مبررا موضوعيا واستثنائيا لطلب التعدد"، حكم المحكمة الابتدائية بطنجة رقم 3 صادر في الملف عدد 2378/07 بتاريخ 26/02/2008 (غير منشور).
[56] قرار محكمة الاستئناف بطنجة في الملف 315/08 صدر بتاريخ 19/06/2008 (غير منشور).
ونفس الملاحظة يمكن أن تسجل بالنسبة لعدد من الأحكام والقرارات المستأنفة بمقتضاها نذكر على سبيل المثال لا الحصر : حكم المحكمة الابتدائية بالعرائش الصادر في الملف رقم 11/07/23 بتاريخ 04/10/2007 (غير منشور).
وكذا قرار محكمة الاستئناف بطنجة رقم 427 في الملف عدد 775/2007 صادر بتاريخ 24/04/2008 (غير منشور).
[57]  وعلى سبيل المثال حكم عدد 576 صادر في الملف عدد 577/13/2 بتاريخ 10/10/2013 عن المحكمة الإبتدائية بالقصر الكبير وكذا الحكم عدد 439/14/2 تحت عدد 583 بتاريخ 13/08/2014 عن نفس المحكمة (غير منشور).إحصائيات وردت في النشرة الإحصائية لأقسام قضاء الأسرة، مرجع سابق.
[58] إحصائيات وردت في تقرير تحت عنوان : عراقيل عملية أمام التطبيق الملائم للمدونة، مرجع سابق، ص : 12.
[59] حكم المحكمة الابتدائية بطنجة رقم 328 في الملف رقم 1259/07 بتاريخ 31/01/08 (غير منشور).
وحول نفس الموضوع جاء في حكم المحكمة الابتدائية بوجدة رقم 5738 في الملف عدد 2106/07 بتاريخ 13/12/2007 (غير منشور)، "بناء على المقال الافتتاحي المقدم... يعرضان فيه أنهما يتعاشران معاشرة الأزواج منذ سنة 2004 وأن المدعية حامل وأن المدعي متزوج بالسيدة (ز) طالب سماع دعوى الزوجية في إطار التعدد... وأنه تزوج بالسيدة (ز) دون توثيق عقد الزواج بسبب عدم موافقة الزوجة الحاضرة".
وتجدر الإشارة أن المحكمة هنا لم تستجب لطلب ثبوت الزوجية رغم كون الطالبة حامل.



السبت 20 غشت 2022
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter