لا أحد يمكنه إنكار ما للإشهار الكاذب أو المضلل من أضرار وخيمة على مستوى الحرية التعاقدية، خاصة عندما يكون هو الدافع إلى التعاقد، والمؤثر الرئيسي على إرادة المستهلك، بطرق غير مشروعة ومضللة، لكن الملاحظ هو أن المشرع لم يضع أي تعريف للإشهار الكاذب أو المظلل ل من خلال القانون 31.08.
فبالرجوع إلى المواد المنظمة للإشهار خاصة المادتين 21 و 23 من قانون 31.08، نجد أن المادة 21 بمثابة أحكام عامة، تؤكد على ضرورة الصدق الكافي والبيان الشافي في كل إشهار خاص بخدمة أو منتج وذلك بتجنب كل ادعاء من شأنه أن يوقع متلقي الرسالة الإشهارية في الغلط، كما منعت المادة 23 استعمال البريد الإلكتروني الخاص بالمستهلك المقترض سواء أكان القرض استهلاكيا أو عقاريا دون إخباره، وقيدت ذلك بضرورة الحصول على موافقته المسبقة الحرة والصريحة.
ويعرف البعض الإشهار الكاذب بكونه: "الإشهار الذي ينشر معلومات خاطئة ويؤدي إلى تغليط المستهلك سواء باستعمال الكذب أو غيره من الوسائل التي ذكرها المشرع في المادة 21، وهي الإدعاءات أو البيانات أو العروض غير الحقيقية"
فيما يعرفه البعض الآخر بأنه: " بأنه الإعلان الذي يكون من شأنه خداع المستهلك أو يمكن أن يؤدي إلى ذلك"
ونعرف من جانبنا الإشهار الكاذب بكونه :" الإشهار الذي يتضمن بيانات أو ادعاءات بإمكانها أن تؤدي إلى إظهار منتوج أو خدمة على عكس حقيقتها، سواء بحسن نية أو بدون ذلك، من أجل إيهام المستهلك ودفعه إلى التعاقد"
ويمكن القول أن القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك أولى أهمية خاصة لتقنين الإشهار الخاص بالقروض سواء العقارية أو الاستهلاكية بصفة مستقلة عن باقي المواد التي تعالج الإشهار بصفة عامة، فقد أشارت المادة 76 أن أي إشهار يتعلق بالقروض الاستهلاكية يجب أن يكون نزيها وإخباريا، وأن يتضمن مجموعة من البيانات بما فيها التكلفة الإجمالية للقرض والسعر الفعلي الإجمالي، كما أشارت نفس المادة المذكورة بضرورة أن يشير كل إشهار مكتوب بالطابع الثابت أو القابل للمراجعة للسعر الفعلي الإجمالي، ومجموع المبالغ المسددة عن أي استحقاق، وأن تكون هذه المعلومات "مكتوبة بحروف لا يقل حجمها عن الحجم المستعمل للإشارة إلى كل معلومة أخرى تتعلق بمييزات التمويل و مدرجة في صلب النص الإشهاري" .
هذه المادة التي تقابلها المادة 115، هذه الأخيرة نصت على أن الإشهار المخصص للقرض العقاري يجب أن يؤدي وظيفته الإخبارية وأن يتحلى بالنزاهة، وأن يكون أداة لإعلام المستهلك لا الاحتيال عليه.
هذا وقد أوجبت الفقرة الأولى من نفس المادة ضرورة تحديد هوية المقرض وعنوانه، أو مقره الاجتماعي بصورة واضحة، و مفهومة بالنسبة إلى المقترض، كما نصت أيضا الفقرة الثالثة من نفس المادة على ضرورة تحديد مدة العملية المقترحة وكذا التكلفة الإجمالية للقرض وسعره الفعلي الإجمالي وهي معلومات إجبارية لابد من توافرها في الرسالة الإشهارية.
ويواجه المخالفون لأحكام هذه المادة عقوبات مالية تتراوح ما بين 30.000 درهم كغرامة دنيا و200.000 درهم كقيمة قصوى ، فيما يعاقب على كل إشهار غير مطابق لمقتضيات المادة 76 السالفة الذكر بغرامة من 6.000 إلى 20.000 درهم
كما أجاز نفس القانون للمحكمة أن تأمر بتعليق حكمها أو نشره على نفقة المحكوم عليه بالكيفية التي تقررها.
وبالإضافة إلى ذلك كإضفاء نوع من الحماية للزبون المستهلك للخدمات البنكية نجد بالمقابل أن قانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري ، أقر في الفقرة الثالثة من المادة الثانية منه على أنه: "يعتبر إشهارا ممنوعا، الإشهار الذي يتضمن مزاعم وبيانات أو تقديمات مغلوطة أو من شأنها أن توقع المستهلكين في الخطأ"، وبناء عليه فكل مؤسسة مقرضة تقدم من خلال نشراتها أو إشهاراتها مزاعم وإدعاءات يمكنها أن توقع المتلقي في الخطأ، والعبرة هنا بالمتلقي العادي وليس الفطن، تدخل في إطار الإشهار الممنوع الذي أوكل المشرع مهمة إيقاف بثه أو إذاعته للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وهو التوجه الذي أقرته المادة 67 من نفس القانون التي نصت على أنه "يمنع كل إشهار سمعي بصري كاذب أو مضلل يحتوي على إدعاءات أو بيانات أو تقديمات مغلوطة أو من شأنها أن توقع الغير في الخطأ ". غير أن ما يثير الانتباه هنا هو حصر المشرع للهيآت التي يمكن أن يتلقى منها المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري الشكايات والمتمثلة في:
-الهيآت السياسية أو النقايبة
-الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة".
الأمر الذي يضيع معه حق ضحية الإشهار الكاذب أو المضلل، السبب الذي دفع أحد الباحثين إلى القول بكون هذا الحصر يتعارض مع ديباجة قانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري الذي ينص على ضرورة احترام حقوق الإنسان وصيانة كرامته وكذا تكريس قيم التعددية، ونعتقد أن فتح المجال لكل متضرر للتظلم لدى هيئة إدارية متخصصة جزء لا يتجزأ من احترام كرامة الإنسان وحريته وصورة حية من صور التعددية..
وفي اعتقادنا أن المقتضيات الواردة في قانون حماية المستهلك رقم 31.08 تظل رادعة للحد من الإشهار الكاذب، لكن أدائها لدورها يظل رهينا بالتطبيق السليم لهذه المقتضيات من طرف القضاء كما أن المادة 67 من القانون 77.03 تعد رادعة بشكل كبير خصوصا إذا علمنا أن مؤسسات الإئتمان تصرف أموالا طائلة من أجل إشهار خدماتها، فايقاف أي اشهار يشكل ضررا كبيرا بالنسبة لها، وأملنا في التطبيق السليم لمقتضيات هذا القانون حتى تتوفر للمستهلك الحماية اللازمة من شر إشهار لابد منه.
غير أنه ورغم ذلك، فإن الإشهار كفن للتأثير والإقناع، لا يمكن تصوره دون الكذب، بل يبقى الكذب مقبولا إلى حد ما ، ما لم يلحق أي ضرر بالمستهلك، ولا يؤدي إلى تغليطه، ولو افترضنا أن المستهلك وقع ضحية مهني محترف فإننا نتساءل عن آليات حماية المستهلك في مرحلة إبرام العقد وما بعدها؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
- أحمد بوصوف: لضوابط القانونية للإعلانات التجارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، وحدة قانون الأعمال والمقاولات، جامعة محمد الخامس السويسي, كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، يوليوز 2010، ص 54
يوسف بشار، حماية المستهلك من الإشهار الخادع – دراسة في ضوء القواعد العامة والقانون 31.08 -، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والإقتصادية، المحمدية، السنة الجامعية 2010/2011، ص: 25.
محمد صداق، محمد صداق، حماية مستهلك الخدمات البنكية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سطات، السنة الجامعية 2010/2011، ص:16.
راجع المادة 76 من قانون 31.08
راجع المادة 115 من قانون 31.08
المادة 189 من قانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
المادة 187 من قانون رقم 31.08
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-04-257 الصادر في 7 يناير 2005
- المادة الرابعة من الظهير الشريف رقم 1.02.212 المؤرخ في 31 غشت 2002 القاضي بإحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.
- أحمد بوصوف: الضوابط القانونية للإعلانات التجارية، مرجع سابق، ص 75
يوسف بشار، حماية المستهلك من الإشهار الخادع – دراسة في ضوء القواعد العامة والقانون 31.08، مرجع سابق، ص: 25.
فبالرجوع إلى المواد المنظمة للإشهار خاصة المادتين 21 و 23 من قانون 31.08، نجد أن المادة 21 بمثابة أحكام عامة، تؤكد على ضرورة الصدق الكافي والبيان الشافي في كل إشهار خاص بخدمة أو منتج وذلك بتجنب كل ادعاء من شأنه أن يوقع متلقي الرسالة الإشهارية في الغلط، كما منعت المادة 23 استعمال البريد الإلكتروني الخاص بالمستهلك المقترض سواء أكان القرض استهلاكيا أو عقاريا دون إخباره، وقيدت ذلك بضرورة الحصول على موافقته المسبقة الحرة والصريحة.
ويعرف البعض الإشهار الكاذب بكونه: "الإشهار الذي ينشر معلومات خاطئة ويؤدي إلى تغليط المستهلك سواء باستعمال الكذب أو غيره من الوسائل التي ذكرها المشرع في المادة 21، وهي الإدعاءات أو البيانات أو العروض غير الحقيقية"
فيما يعرفه البعض الآخر بأنه: " بأنه الإعلان الذي يكون من شأنه خداع المستهلك أو يمكن أن يؤدي إلى ذلك"
ونعرف من جانبنا الإشهار الكاذب بكونه :" الإشهار الذي يتضمن بيانات أو ادعاءات بإمكانها أن تؤدي إلى إظهار منتوج أو خدمة على عكس حقيقتها، سواء بحسن نية أو بدون ذلك، من أجل إيهام المستهلك ودفعه إلى التعاقد"
ويمكن القول أن القانون 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك أولى أهمية خاصة لتقنين الإشهار الخاص بالقروض سواء العقارية أو الاستهلاكية بصفة مستقلة عن باقي المواد التي تعالج الإشهار بصفة عامة، فقد أشارت المادة 76 أن أي إشهار يتعلق بالقروض الاستهلاكية يجب أن يكون نزيها وإخباريا، وأن يتضمن مجموعة من البيانات بما فيها التكلفة الإجمالية للقرض والسعر الفعلي الإجمالي، كما أشارت نفس المادة المذكورة بضرورة أن يشير كل إشهار مكتوب بالطابع الثابت أو القابل للمراجعة للسعر الفعلي الإجمالي، ومجموع المبالغ المسددة عن أي استحقاق، وأن تكون هذه المعلومات "مكتوبة بحروف لا يقل حجمها عن الحجم المستعمل للإشارة إلى كل معلومة أخرى تتعلق بمييزات التمويل و مدرجة في صلب النص الإشهاري" .
هذه المادة التي تقابلها المادة 115، هذه الأخيرة نصت على أن الإشهار المخصص للقرض العقاري يجب أن يؤدي وظيفته الإخبارية وأن يتحلى بالنزاهة، وأن يكون أداة لإعلام المستهلك لا الاحتيال عليه.
هذا وقد أوجبت الفقرة الأولى من نفس المادة ضرورة تحديد هوية المقرض وعنوانه، أو مقره الاجتماعي بصورة واضحة، و مفهومة بالنسبة إلى المقترض، كما نصت أيضا الفقرة الثالثة من نفس المادة على ضرورة تحديد مدة العملية المقترحة وكذا التكلفة الإجمالية للقرض وسعره الفعلي الإجمالي وهي معلومات إجبارية لابد من توافرها في الرسالة الإشهارية.
ويواجه المخالفون لأحكام هذه المادة عقوبات مالية تتراوح ما بين 30.000 درهم كغرامة دنيا و200.000 درهم كقيمة قصوى ، فيما يعاقب على كل إشهار غير مطابق لمقتضيات المادة 76 السالفة الذكر بغرامة من 6.000 إلى 20.000 درهم
كما أجاز نفس القانون للمحكمة أن تأمر بتعليق حكمها أو نشره على نفقة المحكوم عليه بالكيفية التي تقررها.
وبالإضافة إلى ذلك كإضفاء نوع من الحماية للزبون المستهلك للخدمات البنكية نجد بالمقابل أن قانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري ، أقر في الفقرة الثالثة من المادة الثانية منه على أنه: "يعتبر إشهارا ممنوعا، الإشهار الذي يتضمن مزاعم وبيانات أو تقديمات مغلوطة أو من شأنها أن توقع المستهلكين في الخطأ"، وبناء عليه فكل مؤسسة مقرضة تقدم من خلال نشراتها أو إشهاراتها مزاعم وإدعاءات يمكنها أن توقع المتلقي في الخطأ، والعبرة هنا بالمتلقي العادي وليس الفطن، تدخل في إطار الإشهار الممنوع الذي أوكل المشرع مهمة إيقاف بثه أو إذاعته للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وهو التوجه الذي أقرته المادة 67 من نفس القانون التي نصت على أنه "يمنع كل إشهار سمعي بصري كاذب أو مضلل يحتوي على إدعاءات أو بيانات أو تقديمات مغلوطة أو من شأنها أن توقع الغير في الخطأ ". غير أن ما يثير الانتباه هنا هو حصر المشرع للهيآت التي يمكن أن يتلقى منها المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري الشكايات والمتمثلة في:
-الهيآت السياسية أو النقايبة
-الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة".
الأمر الذي يضيع معه حق ضحية الإشهار الكاذب أو المضلل، السبب الذي دفع أحد الباحثين إلى القول بكون هذا الحصر يتعارض مع ديباجة قانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري الذي ينص على ضرورة احترام حقوق الإنسان وصيانة كرامته وكذا تكريس قيم التعددية، ونعتقد أن فتح المجال لكل متضرر للتظلم لدى هيئة إدارية متخصصة جزء لا يتجزأ من احترام كرامة الإنسان وحريته وصورة حية من صور التعددية..
وفي اعتقادنا أن المقتضيات الواردة في قانون حماية المستهلك رقم 31.08 تظل رادعة للحد من الإشهار الكاذب، لكن أدائها لدورها يظل رهينا بالتطبيق السليم لهذه المقتضيات من طرف القضاء كما أن المادة 67 من القانون 77.03 تعد رادعة بشكل كبير خصوصا إذا علمنا أن مؤسسات الإئتمان تصرف أموالا طائلة من أجل إشهار خدماتها، فايقاف أي اشهار يشكل ضررا كبيرا بالنسبة لها، وأملنا في التطبيق السليم لمقتضيات هذا القانون حتى تتوفر للمستهلك الحماية اللازمة من شر إشهار لابد منه.
غير أنه ورغم ذلك، فإن الإشهار كفن للتأثير والإقناع، لا يمكن تصوره دون الكذب، بل يبقى الكذب مقبولا إلى حد ما ، ما لم يلحق أي ضرر بالمستهلك، ولا يؤدي إلى تغليطه، ولو افترضنا أن المستهلك وقع ضحية مهني محترف فإننا نتساءل عن آليات حماية المستهلك في مرحلة إبرام العقد وما بعدها؟
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
- أحمد بوصوف: لضوابط القانونية للإعلانات التجارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، وحدة قانون الأعمال والمقاولات، جامعة محمد الخامس السويسي, كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، يوليوز 2010، ص 54
يوسف بشار، حماية المستهلك من الإشهار الخادع – دراسة في ضوء القواعد العامة والقانون 31.08 -، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والإقتصادية، المحمدية، السنة الجامعية 2010/2011، ص: 25.
محمد صداق، محمد صداق، حماية مستهلك الخدمات البنكية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سطات، السنة الجامعية 2010/2011، ص:16.
راجع المادة 76 من قانون 31.08
راجع المادة 115 من قانون 31.08
المادة 189 من قانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
المادة 187 من قانون رقم 31.08
الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-04-257 الصادر في 7 يناير 2005
- المادة الرابعة من الظهير الشريف رقم 1.02.212 المؤرخ في 31 غشت 2002 القاضي بإحداث الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري.
- أحمد بوصوف: الضوابط القانونية للإعلانات التجارية، مرجع سابق، ص 75
يوسف بشار، حماية المستهلك من الإشهار الخادع – دراسة في ضوء القواعد العامة والقانون 31.08، مرجع سابق، ص: 25.