MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



خطاب العرش .. خطاب الحزم

     




يعتبر الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس، اليوم السبت بمناسبة الذكرى السابعة عشر لعيد العرش، خطاب تميز بصراحة كبيرة، خطاب قوي يتضمن تصور واضح لا لبس فيه للوضع على المستوى الداخلي، والاستراتيجية التي يستعملها المغرب على المستوة الدولي. أيضا فاللغة المعتمدة في الخطاب هي لغة مباشرة بسيطة وواضحة، فيها جوانب موجهة إلى النخب السياسية، خطاب فيه نوع من العتاب للطبقة السياسية، على اعتبار أنها لم ترقى لما هو متوقع ومأمول. فالقراءة المعمقة لهذا الخطاب، هو أنه لم يخرج عن السياق المعتاد للخطب الملكية، تفاعل المؤسسة الملكية مع القضايا الراهنة التي تعرفها البلاد، ومكمل للخطاب الملكي الأخير من جهة ثانية.

الخطاب الملكي تطرق للعديد من النقاط الأساسية التي يمكن إجمالها في كون أن الملك أكد على أنه طوال 17 سنة الماضية قاد فيها إصلاحات سياسية واقتصادية غيرت وجه المغرب، وأن المرحلة الجديدة التي يضرب المغرب موعدا معها هي الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ودعا الملك إلى تفادي إدخال أو استعمال شخص الملك في أي دعاية أو منافسة انتخابية، وقال بأن الكلمة في الانتخابات هي للمواطن بوصفه مصدر السلطة التي يفوضها للمنتخبين، وذكر بالتجاوزات والاختلالات التي تعرفها مرحلة ما قبل الانتخابات، كما ذكر بالمفهوم الجديد للسلطة الذي يرتكز على المسائلة ومحاربة الفساد، وقال بأن الفساد ليس قدرا محتوما على المغرب وأن محاربته لا يجب أن تكون موضوعا للمزايدات، بل يجب التعامل معه وفقا للقانون وباحترام المؤسسات وباستلهام القيم المغربية النبيلة القائمة على النزاهة والشفافية، كما ذكر بأسس التنمية التي تشمل التكامل والتوازن وقال بأنه نروم تحولا اقتصاديا حقيقيا تشمل ثمراته كل المواطنين.

 كما جدد الملك الدعوة إلى الالتحاق بركب الدول الصاعدة، بالإضافة إلى تطرقه لمسألة الأمن ومقاربة المغرب الاستباقية في مكافحة الإرهاب، ودعا الحكومة إلى توفير الموارد الضرورية لكي تقوم الإدارة الأمنية بواجبها بشكل أكثر راحة، كما دعا الملك إلى تخليق الإدارة الأمنية، وتنبيهه للمؤامرات الخارجية التي تحاك للمغرب، ودعوته إلى تحسين عمل القنصليات من أجل تجويد عملها وخدماتها المقدمة للمغاربة المقيمين بالخارج، أما فيما يتعلق بقضية الصحراء البعض أراد هذا العام عاما للحسم فجعله المغرب عاما للحزم حسب تعبير عاهل البلاد.

أما فيما يخص الدبلوماسية حسب خطاب الملك، فهي دبلوماسية القول والفعل، والتي تتجلى في مصداقية العلاقات الدولية، كما جدد الملك القول بأن المغرب ليس محمية لأحد، انفتاحه لا يمس بتحالفاته الإستراتيجية، وهو ما تمثله التحالفات المبرمة مع دول الخليج، ومقاربة المغرب فيما يخص علاقات التعاون جنوب-جنوب، كما أشار إلى عودة المغرب إلى أسرته الإفريقية، والتي لا تعني بأي شكل من الأشكال الاعتراف بالكيان الوهمي، وضرورة العمل على الدفاع عن القضية المغربية من داخل الاتحاد الافريقي، بالإضافة إلى الإشارة إلى الشراكات الدولية التي أقامها المغرب مع كل من فرنسا وروسيا والصين ومحاربة الإرهاب على المستوى الدولي.
 
  1. الاستحقاقات المقبلة في خطاب العرش:
جاء على لسان الملك بأنه:" نحن على أبوا ب مرحلة جديد ة ستنطلق مع الانتخابات التشريعية المقبلة. وبصفتي الساهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، فإنني لا أشارك في أي انتخاب، ولا أنتمي لأي حزب. فأنا ملك لجميع المغاربة مرشحين، وناخبين، وكذلك الذين لا يصوتون .كما أنني ملك لكل الهيآت السياسية دون تمييز أو استثناء. وكما قلت في خطاب سابق، فالحزب الوحيد الذي أعتز بالانتماء إليه هو المغرب. ومن تم، فشخص الملك، يحظى بمكانة خاصة في نظامنا السياسي. وعلى جميع الفاعلين مرشحين وأحزابا تفادي استخدامه في أي صراعات انتخابية أو حزبية. إننا أمام مناسبة فاصلة لإعادة الأمور إلى نصابها: من مرحلة كانت فيها الأحزاب تجعل من الانتخاب آلية للوصول لممارسة السلطة، إلى مرحلة تكون فيها الكلمة للمواطن، الذي عليه أن يتحمل مسؤوليته، في اختيار ومحاسبة المنتخبين. فالمواطن هو الأهم في العملية الانتخابية وليس الأحزاب والمرشحين. وهو مصدر السلطة التي يفوضها لهم. وله أيضا سلطة محاسبتهم أو تغييرهم، بناء على ما قدموه خلال مدة انتدابهم". لذلك، يتبين من خلال قول الملك بأنه يوجه رسائل متعددة المعنى للعديد من الفاعلين، الرسالة الأولى تخص الفاعل السياسي الحزبي والنخب السياسية بصفة خاصة، والتي يجب أن تتوفر فيها العديد من الشروط لكونها ستلعب مستقبلا دورا محوريا وأساسيا في عملية التشريع، هذه الشروط تتمثل بشكل رئيسي في الكفاءة العلمية والقدرة على التواصل والحديث بلغات مختلفة، وأيضا القدرة على امتلاك أدوات لتقييم السياسات العمومية، فالأحزاب السياسية اليوم، تمتلك جميع المقومات والموارد من أجل الاطلاع بدورها في تكوين وتأهيل الكوادر والنخب الحزبية القادرة على لعب دورها بشكل إيجابي وجاد، الشيء الذي لا نجده على أرض الواقع، فالأحزاب تتصارع فقط من أجل استقطاب النخب والأعيان وفي الصراعات السياسية الهدامة. الرسالة الثانية تخص المواطنات والمواطنين، فدورهم يكمن بشكل أساسي في المحاسبة والمراقبة والمسائلة، كما يجب عليهم أن يحتكموا لضمائرهم في اختيار المرشحين لإنتاج أفضل النخب القادرة على إيصال اهتماماتهم وانتظاراتهم وهمومهم في قبة البرلمان.
 
  1. المفهوم الجديد للسلطة وعلاقته بمحاربة الفساد:
جاء في خطاب عيد العرش على أنه:" والمفهوم الجديد للسلطة يعني المساءلة والمحاسبة، التي تتم عبر آليات الضبط والمراقبة، وتطبيق القانون. وبالنسبة للمنتخبين فإن ذلك يتم أيضا، عن طريق الانتخاب، وكسب ثقة المواطنين. كما أن مفهومنا للسلطة يقوم على محاربة الفساد بكل أشكاله: في الانتخابات والإدارة والقضاء، وغيرها. وعدم القيام بالواجب، هو نوع من أنواع الفساد. والفساد ليس قدرا محتوما. ولم يكن يوما من طبع المغاربة. غير أنه تم تمييع استعمال مفهوم الفساد، حتى أصبح وكأنه شيء عادي في المجتمع. والواقع أنه لا يوجد أي أحد معصوم منه، سوى الأنبياء والرسل والملائكة.

وهنا يجب التأكيد أن محاربة الفساد لا ينبغي أن تكون موضوع مزايدات. ولا أحد يستطيع ذلك بمفرده، سواء كان شخصا، أو حزبا، أو منظمة جمعوية. بل أكثر من ذلك، ليس من حق أي أحد تغيير الفساد أو المنكر بيده، خارج إطار القانون. فمحاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع: الدولة بمؤسساتها، من خلال تفعيل الآليات القانونية لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، وتجريم كل مظاهرها، والضرب بقوة على أيدي المفسدين. والمجتمع بكل مكوناته، من خلال رفضها، وفضح ممارسيها، والتربية على الابتعاد عنها، مع استحضار مبادئ ديننا الحنيف، والقيم المغربية الأصيلة، القائمة على العفة والنزاهة والكرامة". من خلال ما تم ذكره، يجب التذكير بأن المغرب يتوفر على هيئة دستورية منصوص عليها بمقتضى الفصل  36 و167 من الدستور هي "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها"، حيث تتولى هذه الهيئة مهام المبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد، وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال، والمساهمة في تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وثقافة المرفق العام، وقيم المواطنة المسؤولة، وقد حدد القانون رقم 113.12 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مهام هذه الهيئة وكيفيات تأليفها وتنظيمها وقواعد سيرها وحالات التنافي. وقد عدد اختصاص هذه الهيئة في تلقي التبليغات والشكايات والمعلومات المتعلقة بحالات الفساد ودراستها، والتأكد من حقيقة الأفعال والوقائع التي تتضمنها وفق المسطرة المنصوص عليها في الباب الرابع من هذا القانون، وإحالتها عند الاقتضاء، إلى الجهات المختصة؛ والقيام بعمليات البحث والتحري عن حالات الفساد التي تصل إلى علم الهيئة، وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون. بالإضافة إلى المجلس الأعلى للحسابات الذي يصدر تقارير ذات طبيعة مالية تبين الممارسات والاختلالات التي تعرفها المالية العمومية بالمغرب، سواء على صعيد قطاعات حكومية أو مؤسسات عمومية، أو على مستوى الجماعات الترابية التي تخضع لمراقبة المجالس الجهوية للحسابات.

 لابد من التذكير أيضا في هذا الباب، بأن هناك مؤشر لإدراك الرشوة الذي يبين مستوى الفساد المدركة في الحكومة والسياسيين. وهو مؤشر مركب ناتج عن دراسات استقصائية تستخدم المعلومات المتعلقة بالفساد التي جمعها الخبراء والدراسات الاستقصائية التي أجريت من قبل مختلف المؤسسات المستقلة المعترف بها دوليا، والذي صنف المغرب في مراتب متدنية لا تشرف المملكة، والتي تؤثر بشكل سلبي على المسار الديمقراطي الذي تعرفه البلاد وعلى المسلسل التنموي بشكل خاص. فالفساد ومحاربته مرتبط بشكل وطيد بالمفهوم الجديد للسلطة المبني أساسا رعاية وحماية المصالح العمومية ومتابعة حسن سير الشؤون المحلية عن قرب، والسهر على الأمن والاستقرار، وتشجيع المحافظة على السلم الاجتماعي، هذه المبادئ الناظمة للمفهوم الجديد للسلطة تعتبر محكا حقيقيا للجميع من أجل الوصول إلى أقصى درجات التفعيل، فليست السلطة مرتبطة فقط بالعامل أو الوالي أو القائد أو غيره من ممثلي الإدارة الترابية، فالسلطة تشمل أيضا جميع العاملين بالمؤسسات العمومية والحكومية، لذلك على الجميع أن يساهم في بلورة وتفعيل هذه المبادئ الناظمة للمفهوم الجديد للسلطة من أجل الحد من ظاهرة الفساد التي انتشرت بشكل أصبحت معه عادة يومية شبه عادية في مرافقنا العمومية. هذا بالإضافة إلى التفعيل الحقيقي لمؤسسات دستور 2011، فلا يكفي التنصيص عليها وإصدار قوانينها، ولكن يجب متابعتها وبسطها على أرض الواقع حتى تلعب دورها في الحد من الخروقات الناجمة عن الفساد.
 
  1. التنمية الاقتصادية في خطاب العرش:
فيما يخص الجانب الاقتصادي من الخطاب، فقد أكد الملك محمد السادس عل أنه:" إننا نؤمن بأن التقدم السياسي، مهما بلغ من تطور، فإنه سيظل ناقص الجدوى، ما لم تتم مواكبته بالنهوض بالتنمية. وتقوم التنمية في منظورنا، على التكامل والتوازن، بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. كما أن رفع التحديات التنموية المتعددة والمتداخلة، يتطلب من جميع المغاربة، فرديا وجماعيا، الانخراط في المعركة الاقتصادية الحاسمة، التي يعيشها العالم. فالتقدم الذي نطمح إليه ببلادنا، لا يقتصر فقط على مجرد مؤشرات، غالبا ما تتجاهل مسار كل بلد وخصوصياته؛ وإنما نريده أن يشكل تحولا اقتصاديا واجتماعيا حقيقيا، تشمل ثماره جميع المواطنين. وإذا كان من حقنا أن نعتز بما حققناه من مكاسب تنموية، فإن على جميع الفاعلين، في القطاعين العام والخاص، مضاعفة الجهود، من أجل الارتقاء بالمغرب إلى مرتبة جديدة من التقدم، بين الدول الصاعدة، والتي سبق لنا أن حددنا مقوماتها. وهو ما يقتضي العمل الجاد للرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني، والتقييم الموضوعي للسياسات العمومية، والتحيين المستمر للاستراتيجيات القطاعية والاجتماعية. ورغم الإكراهات المرتبطة أحيانا بالسياق الدولي، وأحيانا أخرى بالاقتصاد الوطني، فإن المغرب، والحمد لله، في تقدم مستمر، دون نفط ولا غاز، وإنما بسواعد وعمل أبنائه. وخير دليل على ذلك، تزايد عدد الشركات الدولية، ك “بوجو” مثلا، والشركات الصينية التي ستقوم بإنجاز المشروع الاستراتيجي للمنطقة الصناعية بطنجة، على مساحة تتراوح بين 1000 و2000 هكتار، وكذا الشركات الروسية وغيرها، التي قررت الاستثمار في المغرب، وتصرف الملايين على مشاريعها". هذه الإشارة الملكية حول الوضع الاقتصادي الذي توجد به المملكة الآن، هو ثمرة تطور إيجابي تعرفه البلاد منذ تولي الملك محمد السادس العرش إلى مرحلة ما بعد دستور 2011، والذي عرفت خلاله المملكة تطورا اقتصاديا يتزايد بشكل تدريجي رغم ما تعرفه الساحة الدولية والعربية من مشاكل واضطرابات، لكن هذا لا يمنع من القول بأنه يجب العمل على تقويم السياسات العمومية الاقتصادية، فبالرغم من النجاحات الاقتصادية، هناك إخفاقات وجب التأكيد عليها من قبيل الحكامة الاقتصادية، إضافة إلى المشاكل المرتبطة بالاستثمار بالعديد من القطاعات.
 
  1. الدبلوماسية في خطاب العرش
الشق الدبلوماسي في هذا الخطاب يجد سنده من خلال ما خص به الملك بالذكر:" إن السياسة الخارجية لبلادنا، تعتمد دبلوماسية القول والفعل، سواء تعلق الأمر بالدفاع عن مغربية الصحراء، أو في ما يخص تنويع الشراكات، أو الانخراط في القضايا والإشكالات الدولية الراهنة. فإذا كان البعض قد حاول أن يجعل من 2016 "سنة الحسم"، فإن المغرب قد نجح في جعلها "سنة الحزم"، في صيانة وحدتنا الترابية. فمن منطلق إيماننا بعدالة قضيتنا، تصدينا بكل حزم، للتصريحات المغلوطة، والتصرفات اللامسؤولة، التي شابت تدبير ملف الصحراء المغربية، واتخذنا الإجراءات الضرورية، التي تقتضيها الظرفية، لوضع حد لهذه الانزلاقات الخطيرة. وسنواصل الدفاع عن حقوقنا، وسنتخذ التدابير اللازمة لمواجهة أي انزلاقات لاحقة. ولن نرضخ لأي ضغط، أو محاولة ابتزاز، في قضية مقدسة لدى جميع المغاربة". ويمكن القول في هذا الخصوص بأن القضية الوطنية عرفت هذه السنة تحولين أساسيين في تصور المغرب لتدبير الملف الأول للمغاربة وهو ملف الصحراء المغربية، المسألة الأولى أن المغرب لا ولن يتساهل مع أي جهة كانت تعارض أو تنقض (خصوم الوحدة الترابية) الطرح المغربي لقضية الصحراء بدبلوماسية هجومية (مثال موقف المغرب من تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون)، فالمشروع التنموي الذي أطلقته المملكة والذي يوجه بالأساس نحو الأقاليم الجنوبية جعل أعداء وخصوم الوحدة الترابية مسعورين حسب تعبير عاهل البلاد، هذا بالإضافة إلى مسألة رجوع المغرب إلى الحظيرة الإفريقية من أجل الدفاع عن مصالح المملكة من الداخل.
فالمخطط التنموي للأقاليم الجنوبية، الذي جاء بعد تدقيق وتشخيص وقراءة ودراسة دقيقة، سيجعل من الأقاليم الجنوبية دعامة أساسية للاقتصاد الوطني، حيث سيمكن جهات وأقاليم الصحراء من ضمان تنمية شاملة على كافة المستويات، وضمان بنية تحتية أساسية ملائمة، وسيجعل من التراب الصحراوي ذو تنافسية، وذو جاذبية، ستمكن من ربط المغرب بعمقه الإفريقي، فتنمية الأقاليم الجنوبية تعد حلقة أساسية ورئيسية في جذب الطاقات البشرية، وتكريس نوع من التكريم للمواطنات والمواطنين أبناء المنطقة، وتكريس أيضا لمنطق الصحراء في مغربها، والمغرب في صحرائه، وبأن المغرب يعمل بشكل فعلي على إدماج وربط الأقاليم الصحراوية بأخواتها في باقي أنحاء المغرب، كتكريس لقول الملك بأن الدبلوماسية المغربية هي دبلوماسية قول وفعل.
 
  1. الأمن في خطاب العرش:
الجانب الأمني في الخطاب الملكي حظي بأهمية بالغة، حيث عبر الملك على أنه:" وبنفس الإرادة والعزم، نعمل على ضمان أمن المغاربة وسلامتهم، وعلى صيانة استقرار البلاد، والحفاظ على النظام العام. شعبي العزيز،  إن صيانة الأمن مسؤولية كبيرة، لا حد لها، لا في الزمان، ولا في المكان. وهي أمانة عظمى في أعناقنا جميعا.  وأود هنا، أن أعبر لمختلف المصالح الأمنية، عن تقديرنا للجهود الدؤوبة، والتضحيات الجسيمة، التي يقدمونها في القيام بواجبهم الوطني. كما أشيد بالفعالية، التي تميز عملها، في استباق وإفشال المحاولات الإرهابية، التي تحاول يائسة ترويع المواطنين، والمس بالأمن والنظام العام. وإننا نقدر الظروف الصعبة، التي يعمل فيها نساء ورجال الأمن، بسبب قلة الإمكانات. فهم يعملون ليلا ونهارا، ويعيشون ضغوطا كبيرة، ويعرضون أنفسهم للخطر، أثناء القيام بمهامهم. لذا، ندعو الحكومة لتمكين الإدارة الأمنية، من الموارد البشرية والمادية اللازمة لأداء مهامها، على الوجه المطلوب. كما يتعين مواصلة تخليق الإدارة الأمنية، وتطهيرها من كل ما من شأنه أن يسيء لسمعتها، وللجهود الكبيرة، التي يبذلها أفرادها، في خدمة المواطنين.

إن مصداقية العمليات الأمنية، تقتضي الحزم والصرامة في التعامل مع المجرمين، ومع دعاة التطرف والإرهاب، وذلك في إطار الالتزام بالقانون، واحترام الحقوق والحريات، تحت مراقبة القضاء". التجربة المغربية في المجال الأمني تعتبر ناجحة في مجال مكافحة واستباق العمليات الإرهابية، فالمقاربة الأمنية التي تنهجها المملكة في المجال الأمني يلزمها أدوات وآليات تمكنها من لعب دورها بشكل كامل، وهو الأمر الذي ذكره عاهل البلاد، بكون أنه لابد من إمداد المؤسسات الأمنية بالموارد البشرية والمادية اللازمة، إلى جانب قوله بضرورة التكريس الفعلي لمبادئ الحكامة الأمنية، التي تنبني على تطهير وتخليق الإدارة الأمنية من كافة الشوائب والاختلالات التي يمكن أن تؤثر على عملها، في اتجاه التكريس لمؤسسة أمنية ناجعة قادرة على ردع كل من تسول له نفسه المس بأمن المواطنات والمواطنين وحوزة البلاد، إلى جانب العمل على إمداد المؤسسة الأمنية بالعنصر البشري الكافي وخلق مناصب شغل لفائدتها لأن العدد الآن غير كافي لمواجهة التحديات المستقبلية. كما لا يجب إغفال في هذا الخصوص مؤسسة دستورية بالغة الأهمية، وهي المجلس الأعلى للأمن المنصوص عليه بموجب الفصل 54 من دستور 2011، الذي  يعتبر قيمة مضافة تعزز مسار بناء السياسات الأمنية، والذي يعتبر هيئة للتشاور بشأن استراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وتدبير حالات الأزمات، والسهر أيضا على مأسسة ضوابط الحكامة الأمنية الجيدة. ولحد الساعة، لم يخرج لحيز الوجود النظام الداخلي للمجلس الأعلى للأمن، ففي ظل التطورات الأمنية المتسارعة التي يعرفها عالم اليوم، أصبح من الضروري الإسراع، قبل أي وقت مضى، إلى إحداث المجلس الأعلى للأمن، وإخراج نظامه الداخلي، كي يضطلع بالمهام الدستورية الموكولة إليه، بما يفضي إلى تعزيز آليات دعم الأمن المغرب والمغاربة.

 



السبت 30 يوليوز 2016
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter