"ظـلـم ظـلـم ظـلـم" كانت هاته أولى العبارات التي صدرت عن موكلتي حين أخبرتها بمنطوق القرار الصادر عن محكمة الاستيناف بالرباط (ملفين مضمومين عدد 1635/1501/2015 و412/1501/2016 قرار عدد 1043 بتاريخ 21/7/2016)، الذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة الابتدائية بنفس المدينة (ملف عدد 775/1501/2015 حكم عدد 1849 بتاريخ 30/10/2015)، فيما قضى به من رفض الطلب الذي تقدمت به بخصوص التعويضات الناتجة عن الفصل التعسفي.
حَاولتُ ما أمكن تهدئتها، وان أشرح لها أن الهيئة القضائية، المعروض عليها النزاع، لم تقتنع بوجهة نظرنا، وسايرت وجهة نظر المشغل، وأنه لازال أمامها الحق في سلوك وسيلة من وسائل الطعن غير العادية، وهو الطعن بالنقض في هذا القرار إن لم تقتنع بما جاء فيه.
كان جوابها قويا، حينما أمطرتني بوابل من الأسئلة: كيف يمكن للمشغل أن يقوم بإنقاص أجري دون موافقتي؟ هل له الحق في ذلك؟ كيف للقضاء أن يستخلص موافقتي الضمنية بالرغم من كوني لم أعرف بحقيقة الإنقاص، لأن مشغلي لم يمَكنِ من ورقة الأداء وفق ما يقتضيه القانون، والتي تعتبر الوسيلة الوحيدة لإثبات المعرفة بالإنقاص، واكتفى فقط بالقول أن أداء الأجر عن طريق التحويل البنكي كاف للقول بالعلم، وأن اشتغالي لأكثر من ثلاثة أشهر هو دليل على موافقتي.
كيف للمحكمة أن تعتبر أن ورقة الأداء المدلى بها، من طرفي، بخصوص الشهور السابقة للإنقاص، دليل على معرفتي وتفترض العلم الظني للأجير، مادام أن الأداء يتم عن طريق تحويل بنكي، ولم تنتبه، بتاتا، إلى كون المشغل كان يسلم بانتظام ورقة الأداء للأجراء، وأنه بعد الإنقاص، لم يمكنهم منها، دون أن يجيب عن هاته النقطة طوال مراحل عرض النزاع على المحكمة، وهو ما يفيد إخفائه واقعة الإنقاص، وعدم إخبار الأجيرة بها.
أضافت، ألا يعتبر عدم توقيعي على ملحق العقد المسلم إلي، من طرف المشغل، رفضا صريحا من قبلي، خاصة وأنه أقر بأن من وافقوا أرجعوا ملحق العقد موقعا، بل الأكثر من ذلك ألى يعتبر المشغل، الذي صدر منه الإيجاب، حينما مكنني من ملحق عقد للمصادقة على التوقيع عليه لدى الجهات المختصة، قد حدد وسيلة التعبير عن إرادتي بالقبول، المتمثلة في التوقيع عليه، وبالتالي لا يمكن تصور أن يأتي القبول في غير صورة التوقيع على ملحق العقد (الفصل 402 قانون الالتزامات والعقود)، خاصة وأن عقد العمل الأصلي الرابط بيننا هو عقد كتابي، وهو ما يفيد على أنه اختار الكتابة كوسيلة للتعبير عن القبول، وأنه حينما قررنا إبرام العقد الأصلي عن طريق الكتابة، فقد قطعنا مع الرضائية، واخترنا الشكلية في التعاقد والإثبات.
استرسلت في الحديث، بتأثر بالغ، أليست مدونة الشغل التي اعتبرت أن توصل الأجير بأجره ناقصا، وتوقيعه على ورقة الأداء بدون تحفظ ولا احتجاج، لا يحرمانه من المطالبة ببقية أجره، ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتباره تنازلا من الأجير عن حقه في الأجر، حتى ولو أتبع الأجير توقيعه عبارة قرئ وصودق عليه، هذا مع العلم أنني لم أتوصل بها.(المادة 370 من مدونة الشغل).
اتشح وجهها بحزن طفيف، لتعود وتتساءل، بعدما كفكفت دموعا حارقة انزلقت من محجريها، بصوت خافِتٍ هاته المرة، هل الأحكام القضائية تبنى على اليقين أم على الظن؟ وهل المشرع حينما سمى ورقة الأداء بوثيقة إثبات ( الفقرة الأولى من المادة 370 من مدونة الشغل)، أليس هذا كاف للقول بأنها الوسيلة الوحيدة لإثبات حقيقة الأجر والعلم به؟ وأن التحويل البنكي لا يمكن أن يكون دليلا قاطعا على العلم، خاصة وأن أجرة شهر يناير من سنة 2015 لم يتم تحويلها لحسابي الخاص إلا بتاريخ 24 فبراير من نفس السنة، هي وباقي أجرة شهر دجنبر التي كنا لم نتوصل بها بعد، وهو ما يستعصي معه معرفة حقيقة الإنقاص، وهو ما تم توضيحه من خلال جدول بياني حول التأخير في أداء الأجر بشكل ناقص طوال السنة السابقة للنزاع، وتحويل الباقي فيما بعد، ألا يعتبر ذلك تدليسا من المشغل لإيقاع الأجير في الغلط (الفصلين 52و53 من قانون الالتزامات والعقود)، كل هذا لم يحرك في القضاء ولا ذرة شك في ادعاءات المشغل، بل أنه لم يفكر في إجراء بحث للوقوف على حقيقة الأمر؟ أم أن كلام المشغل مسلم به، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟
لماذا افترضت المحكمة قبولي ضمنيا ؟ ولماذا لم تفترض أن هناك نقاش مع المشغل بخصوص الإنقاص؟ خاصة وما يكتسيه الأجر من طبيعة معيشية بالنسبة للأجير.
بل أكثر من ذلك، ألم ينص القانون على أن الاتفاقات وغيرها من الأفعال القانونية التي يكون من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تعدل أو تنهي الالتزامات والحقوق، والتي يتجاوز قيمتها مبلغا معينا، لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود، ويلزم أن تحرر بها حجة رسمية أو عرفية. (الفصل 443 من قانون الالتزامات والعقود).
ألم تستشهد في مقالاتك ومذكراتك بمجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة النقض التي اعتبرت أن الانقاص من الأجر دون موافقة الأجير يعتبر فصلا تعسفيا، حتى على فرض مغادرته للعمل تلقائيا، أم أن محكمة النقض قراراتها تبقى حبيسة منشوراتها فقط.
لجوئي للقضاء، لماذا لم يعتبر، من طرف المحكمة، منازعة جدية في التصرف الانفرادي للمشغل، مع العلم أن الحكم الابتدائي أشار في تعليله إلى أني لم أدل بما يفيد منازعتي في التخفيض سواء من خلال مكاتبتي للمشغل أو السلطات الإدارية أو القضائية، كي يتسنى للمحكمة ترتيب الآثار القانونية عليه، وبالتالي فرضت الكتابة على الأجير وتم الأخذ بالظن لفائدة المشغل الذي يعتبر الطرف القوي في العقد، فإن لم تعتبر الدعوى القضائية منازعة جدية في الإنقاص؟ لا أدري بأي منازعة يمكن الأخذ بها؟ ومنذ متى كان اللجوء إلى السلطات الإدارية مقدم على اللجوء إلى القضاء في مادة نزاعات الشغل.
لماذا، أيضا، لم تعتبر المحكمة استمراري في العمل، يوم تقديم الدعوى، بمثابة فرصة منحت للمشغل للتراجع عن قراره الذي اتخذ بإرادة منفردة، علما أن الأمر هو فصل مقنع من طرف المشغل، وليس هناك قرارا صريحا بالفصل، وإنما هو تعديل لأهم عنصر في عقد العمل بإرادة منفردة من طرف المشغل، ودون موافقة الأجير.
انتهت من أسئلتها، عم صمت رهيب بمكتبي، أخذت الأجيرة نفسا عميقا، معالم وجهها اختلط فيها اليأس والغضب وانعدام الثقة، غصة في حلقها، لم تبك، كما توقعت، لكنها كادت تفعل، بــــــــــل صــــــــرخـــــــــــــت "حسبي الله ونعم الوكيل".
حَاولتُ ما أمكن تهدئتها، وان أشرح لها أن الهيئة القضائية، المعروض عليها النزاع، لم تقتنع بوجهة نظرنا، وسايرت وجهة نظر المشغل، وأنه لازال أمامها الحق في سلوك وسيلة من وسائل الطعن غير العادية، وهو الطعن بالنقض في هذا القرار إن لم تقتنع بما جاء فيه.
كان جوابها قويا، حينما أمطرتني بوابل من الأسئلة: كيف يمكن للمشغل أن يقوم بإنقاص أجري دون موافقتي؟ هل له الحق في ذلك؟ كيف للقضاء أن يستخلص موافقتي الضمنية بالرغم من كوني لم أعرف بحقيقة الإنقاص، لأن مشغلي لم يمَكنِ من ورقة الأداء وفق ما يقتضيه القانون، والتي تعتبر الوسيلة الوحيدة لإثبات المعرفة بالإنقاص، واكتفى فقط بالقول أن أداء الأجر عن طريق التحويل البنكي كاف للقول بالعلم، وأن اشتغالي لأكثر من ثلاثة أشهر هو دليل على موافقتي.
كيف للمحكمة أن تعتبر أن ورقة الأداء المدلى بها، من طرفي، بخصوص الشهور السابقة للإنقاص، دليل على معرفتي وتفترض العلم الظني للأجير، مادام أن الأداء يتم عن طريق تحويل بنكي، ولم تنتبه، بتاتا، إلى كون المشغل كان يسلم بانتظام ورقة الأداء للأجراء، وأنه بعد الإنقاص، لم يمكنهم منها، دون أن يجيب عن هاته النقطة طوال مراحل عرض النزاع على المحكمة، وهو ما يفيد إخفائه واقعة الإنقاص، وعدم إخبار الأجيرة بها.
أضافت، ألا يعتبر عدم توقيعي على ملحق العقد المسلم إلي، من طرف المشغل، رفضا صريحا من قبلي، خاصة وأنه أقر بأن من وافقوا أرجعوا ملحق العقد موقعا، بل الأكثر من ذلك ألى يعتبر المشغل، الذي صدر منه الإيجاب، حينما مكنني من ملحق عقد للمصادقة على التوقيع عليه لدى الجهات المختصة، قد حدد وسيلة التعبير عن إرادتي بالقبول، المتمثلة في التوقيع عليه، وبالتالي لا يمكن تصور أن يأتي القبول في غير صورة التوقيع على ملحق العقد (الفصل 402 قانون الالتزامات والعقود)، خاصة وأن عقد العمل الأصلي الرابط بيننا هو عقد كتابي، وهو ما يفيد على أنه اختار الكتابة كوسيلة للتعبير عن القبول، وأنه حينما قررنا إبرام العقد الأصلي عن طريق الكتابة، فقد قطعنا مع الرضائية، واخترنا الشكلية في التعاقد والإثبات.
استرسلت في الحديث، بتأثر بالغ، أليست مدونة الشغل التي اعتبرت أن توصل الأجير بأجره ناقصا، وتوقيعه على ورقة الأداء بدون تحفظ ولا احتجاج، لا يحرمانه من المطالبة ببقية أجره، ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتباره تنازلا من الأجير عن حقه في الأجر، حتى ولو أتبع الأجير توقيعه عبارة قرئ وصودق عليه، هذا مع العلم أنني لم أتوصل بها.(المادة 370 من مدونة الشغل).
اتشح وجهها بحزن طفيف، لتعود وتتساءل، بعدما كفكفت دموعا حارقة انزلقت من محجريها، بصوت خافِتٍ هاته المرة، هل الأحكام القضائية تبنى على اليقين أم على الظن؟ وهل المشرع حينما سمى ورقة الأداء بوثيقة إثبات ( الفقرة الأولى من المادة 370 من مدونة الشغل)، أليس هذا كاف للقول بأنها الوسيلة الوحيدة لإثبات حقيقة الأجر والعلم به؟ وأن التحويل البنكي لا يمكن أن يكون دليلا قاطعا على العلم، خاصة وأن أجرة شهر يناير من سنة 2015 لم يتم تحويلها لحسابي الخاص إلا بتاريخ 24 فبراير من نفس السنة، هي وباقي أجرة شهر دجنبر التي كنا لم نتوصل بها بعد، وهو ما يستعصي معه معرفة حقيقة الإنقاص، وهو ما تم توضيحه من خلال جدول بياني حول التأخير في أداء الأجر بشكل ناقص طوال السنة السابقة للنزاع، وتحويل الباقي فيما بعد، ألا يعتبر ذلك تدليسا من المشغل لإيقاع الأجير في الغلط (الفصلين 52و53 من قانون الالتزامات والعقود)، كل هذا لم يحرك في القضاء ولا ذرة شك في ادعاءات المشغل، بل أنه لم يفكر في إجراء بحث للوقوف على حقيقة الأمر؟ أم أن كلام المشغل مسلم به، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟
لماذا افترضت المحكمة قبولي ضمنيا ؟ ولماذا لم تفترض أن هناك نقاش مع المشغل بخصوص الإنقاص؟ خاصة وما يكتسيه الأجر من طبيعة معيشية بالنسبة للأجير.
بل أكثر من ذلك، ألم ينص القانون على أن الاتفاقات وغيرها من الأفعال القانونية التي يكون من شأنها أن تنشئ أو تنقل أو تعدل أو تنهي الالتزامات والحقوق، والتي يتجاوز قيمتها مبلغا معينا، لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود، ويلزم أن تحرر بها حجة رسمية أو عرفية. (الفصل 443 من قانون الالتزامات والعقود).
ألم تستشهد في مقالاتك ومذكراتك بمجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة النقض التي اعتبرت أن الانقاص من الأجر دون موافقة الأجير يعتبر فصلا تعسفيا، حتى على فرض مغادرته للعمل تلقائيا، أم أن محكمة النقض قراراتها تبقى حبيسة منشوراتها فقط.
لجوئي للقضاء، لماذا لم يعتبر، من طرف المحكمة، منازعة جدية في التصرف الانفرادي للمشغل، مع العلم أن الحكم الابتدائي أشار في تعليله إلى أني لم أدل بما يفيد منازعتي في التخفيض سواء من خلال مكاتبتي للمشغل أو السلطات الإدارية أو القضائية، كي يتسنى للمحكمة ترتيب الآثار القانونية عليه، وبالتالي فرضت الكتابة على الأجير وتم الأخذ بالظن لفائدة المشغل الذي يعتبر الطرف القوي في العقد، فإن لم تعتبر الدعوى القضائية منازعة جدية في الإنقاص؟ لا أدري بأي منازعة يمكن الأخذ بها؟ ومنذ متى كان اللجوء إلى السلطات الإدارية مقدم على اللجوء إلى القضاء في مادة نزاعات الشغل.
لماذا، أيضا، لم تعتبر المحكمة استمراري في العمل، يوم تقديم الدعوى، بمثابة فرصة منحت للمشغل للتراجع عن قراره الذي اتخذ بإرادة منفردة، علما أن الأمر هو فصل مقنع من طرف المشغل، وليس هناك قرارا صريحا بالفصل، وإنما هو تعديل لأهم عنصر في عقد العمل بإرادة منفردة من طرف المشغل، ودون موافقة الأجير.
انتهت من أسئلتها، عم صمت رهيب بمكتبي، أخذت الأجيرة نفسا عميقا، معالم وجهها اختلط فيها اليأس والغضب وانعدام الثقة، غصة في حلقها، لم تبك، كما توقعت، لكنها كادت تفعل، بــــــــــل صــــــــرخـــــــــــــت "حسبي الله ونعم الوكيل".