أثار انتباهي بمناسبة دراسة مؤلف الدكتورة حياة البجدايني تحت عنوان " وضعية أراضي الجموع " بين المتطلبات القانونية ورهانات التنمية الصفحة 58 من الجزء الثاني، مصطلح محدث " إقرار الصديق " وهو بالمناسبة يقصد به الوسيط القانوني في مجال تفويت الأراضي السلالية.
وتساءلت كباحث مختص في مجال "العقود والأنظمة العقارية بالمغرب" هل ورد هذا المصطلح في نص من النصوص القانونية المنظمة لهذه الأنظمة
العقارية ، مع علمي المسبق بعدم وجوده؟
صحيح أن هذا المصطلح قد يعتمده بعض الممارسين في مجال تدبير الأراضي السلالية ولاسيما العاملين بمديرية الشؤون القروية التي أوكل لها المرسوم رقم 2.97.176 الصادر في 14 من شعبان 1418 الموافق ل15 ديسمبر 1997 كما وقع تعديله وتتمميه المنظم لاختصاصات وزارة الداخلية في فصله 35 المهام التالية :
- ممارسة الوصاية باسم وزير الداخلية على الجماعات السلالية وفقا لأحكام الظهير الشريف المشار إليه أعلاه بتاريخ 26 من رجب 1337 (27 أبريل 1919) وكذا إدارة ممتلكاتها والمحافظة عليها والدفاع عن مصالحها وإعادة هيكلة الأراضي الجماعية ؛
- المساهمة باتصال مع الوزارات المعنية في تحسين الإنتاج الفلاحي بإصلاح البنيات القروية ؛
- المساهمة في الحد من الفوارق الاجتماعية والجهوية بإنجاز مشاريع ذات طابع اجتماعي اقتصادي ؛
- العمل باتصال مع جميع الوزارات والهيئات العامة وشبه العامة والخاصة على النهوض بالبرامج والأعمال الهادفة إلى تحسين ظروف عيش السكان القرويين وحمايتهم من آفات الطبيعة؛
- جمع وتركيز الإحصائيات والدراسات وجميع الوثائق التي من شأنها المساهمة في إعداد مشاريع لفائدة العالم القروي ؛
- القيام في إطار تعاون موسع بدراسة إجراءات وشروط كل مساهمة محلية أو أجنبية في تمويل المشاريع المذكورة.
وبذلك منح هذا المرسوم الوصاية والولاية على الجماعات السلالية وممتلكاتها لمدير الشؤون القروية بوزارة الداخلية في خرق صريح لمقتضيات للظهير الشريف المؤرخ في 28 يوليو 1956 الذي عدل ظهير 27 ابريل 1919بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها الذي أوكل مهام الوصاية على الجماعات السلالية حصرا بوزير الداخلية. والمعول عليه أن الأراضي الجماعية طبقا للفصل الرابع من ظهير 27 ابريل 1919 لا تقبل التفويت وكذا الحجز ولا الاكتساب بالتقادم ، غير أن الفصل الحادي عشر الموالي أتى باستثناء يتمثل في إمكانية تفويت هذه الأراضي لأشخاص القانون العام وعلى رأسهم الدولة ، ويتم ذلك إما بالتراضي أو بواسطة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ، في حالة عدم رضا الجماعة السلالية المالكة ومجلس الوصاية أو غير متفقين على مبدأ وشروط التفويت فضلا عن الحالة التي تكون ملكية الجماعة السلالية للعقار غير ثابتة أو منازع فيها.
وحسب الإحصائيات الرسمية فإن الدولة قد استفادت من 1622 هكتارا فقط خلال سنة 2012 بقيمة مالية تصل 443 مليون درهم ، بينما عرفت ثمانية الأشهر الأولى من سنة 2015 ارتفاعا مهولا بحيث وصلت المساحة المفوتة لفائدة الملكين العام والخاص للدولة إلى ما يناهز 2130 هكتار .( الباحثة البوجدايني، المرجع أعلاه ص 62).
يستشف من هذا كله، أن الدولة تقتني العقارات الجماعية لأحد السببين ، إما من أجل إقامة تجهيزات عمومية ومشاريع استثمارية منتجة ، وهذا دورها ويأتي ذلك في مجال اختصاص مديرية أملاك الدولة التقليدي باعتبارها المسؤول العقاري الأول عن تدبير الملك الخاص للدولة وتسييره بل وحمايته .
أما السبب الثاني وهو الذي يتطلب النقاش القانوني الهادئ. وهو لعب دور الوسيط القانوني أو بالأحرى "إقرار الصديق" كما يحلو للبعض قوله . وفي هذه الوضعية تقوم الدولة في شخص مديرية أملاك الدولة باقتناء البقعة الأرضية الجماعية من الجماعة السلالية المالكة النائب عنها وزير الداخلية بالثمن المصادق عليه من طرف مجلس الوصاية ثم تفوتها إلى الجهة طالبة الاقتناء والتي في الغالب تكون من أشخاص القانون الخاص كالشركات أو الجمعيات أو بعض "العينة" من الأشخاص الذاتيين.
ومن أجل تأصيل هذه العملية العقارية يتعين الرجوع أساسا إلى الفصل 82 من قانون المحاسبة العمومية الجاري به العمل حاليا بعد إدخال عدة تعديلات عليه منذ 1967 تاريخ صدوره ، بحيث يمنع على الدولة بيع ممتلكاتها العقارية بالتراضي ، وإنما يجب خضوعها لمسطرة البيع بالمزاد العلني أي بالمنافسة لما في ذلك من شفافية وابتعادا عن المحسوبية والزبونية وتنازع المصالح ، غير أن لهذه القاعدة استثناء يتمثل على الخصوص في البيع بالتراضي متى كان المقتني شخصا عاما أو من أجل مشاريع استثمارية حقيقية ومنتجة .
لكن التساؤل ، ما هي الجهة المؤهلة قانونا للقول بأن المشروع المنوي انجازه يعتبر من بين المشاريع الاستثمارية الحقيقية والمنتجة ؟
الفيصل في ذلك بالطبع هو قول المراكز الجهوية للاستثمار التي صدر الظهير الشريف رقم 1.19.18 بتاريخ 13 فبراير 2019 بتنفيذ القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاحها ، والتي من المفروض أن تدرس جميع الطلبات المتعلقة باقتناء أراضي الدولة من أجل انجاز مشاريع استثمارية سواء تلك الواردة على القطاعات التي تدخل في اختصاصها أو غيرها مادامت ستنجز في المجال الترابي للوالي الذي تلقى تفويضا من جل الوزراء في حدود غلاف مالي لا يتجاوز 200 مليون درهم .
طيب هل الفصل الحادي عشر المذكور يسعف مديرية أملاك الدولة بأن تقوم بدور الوسيط القانوني، وبأي تكلفة مالية؟
المتمعن في مقتضيات الفصل أعلاه ، يجد أنه نص على مسطرة واحدة هي الاقتناء بشروط ، وبمعنى آخر لا يحق لسلطة الوصاية ولا الجماعة السلالية أن تفوت ممتلكاتها العقارية للدولة بالتراضي إلا وهي معلقة على شروط فاسخة ، بحيث يكون عقد البيع مرفقا بكناش للتحملات تحدد فيه بكل وضوح الهدف المبتغى من البيع ، حتى إذا تعلق الأمر باستثمار يتعين تحديد طبيعة الاستثمار ونوعه والجهة التي تتكلف به ولو في ديباجة قرار مجلس الوصاية الأذن بالتفويت، كما أنه من المفروض أن هذا القرار يستند إلى خلاصة اجتماع اللجنة الخاصة بدراسة الملف على صعيد المركز الجهوي للاستثمار وموافقة أعضائها وإقرار من والي الجهة. ومن تم فهل يحق لهذه اللجنة أن تفرض على الدولة (الملك الخاص) أي مديرية أملاك الدولة أن تبيع العقار الجماعي المفوت لفائدتها لشخص معين بالذات والاسم ؟أم أنه بعد انتقال العقار إلى ملك الدولة الخاص يطبق عليه ما يطبق على أملاك الدولة
الخاصة من حيث التفويت والاستفادة من مجانية التسجيل والتحفيظ...؟
المعول عليه في هذا الشأن أن يتقدم المستثمر بطلب إلى الدولة (الملك الخاص ) يلتمس منها القيام بدور الوسيط في العملية ، حتى إذا قبلت باشرت الجهة الوصية على الجماعات مسطرة التفويت لفائدة الدولة ، مقابل الثمن المصادق عليه من طرف مجلس الوصاية. وبعد انتقال الملكية لفائدة الدولة (الملك الخاص) يتم البيع لفائدة الطالب الأصلي، لكن بأي ثمن؟
هنا يتم طرح التساؤل هل طبقا لما نص عليه الفصل 82 من قانون المحاسبة العمومية أي لا يتجاوز الثمن 10 في المئة من الغلاف المالي للمشروع الاستثماري أو طبقا للثمن الذي ثمن به الاقتناء ، أو بناء على نسبة متفق عليها كتغطية لمصاريف التدبير أو إقرار الصديق؟ أو على العكس من ذلك تبعا لثمن تحدده اللجنة الإدارية للخبرة وبعد مصادقة مديرية أملاك الدولة عنه نيابة عن وزير الاقتصاد والمالية . وفي هذا الإطار ما هو الأساس القانوني الذي يسمح باستخلاص النسبة المئوية ّإذا تم اعتمادها ؟
حسب المعلومات في علم المحاسبة التي كان لي شرف امتلاكها بالمركز الإداري لوزارة الداخلية نؤكد عدم وجود أي أساس قانوني لهذا الاستخلاص ، وفي المقابل لا يمكن للدولة أن تتدخل بدون مقابل مالي في العمليات العقارية كوسيط لأنه لا يمكن تصور أن تضع الإدارة موظفيها لفائدة القطاع الخاص وهي تقوم بأداء أجورهم ولو خلال المدة الزمنية المخصصة لانجاز عملية الاقتناء والتفويت وأداء الثمن لأن ذلك مخالف لقواعد المحاسبة العمومية وكذا قانون الوظيفة العمومية .
وهذا ما تفطن إليه واضعوا المشروع قانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية عندما نص في المادة 15 منه على أنه "لا يمكن تفويت أملاك الجماعات السلالية إلا في الحالات ووفق الشروط الواردة في هذا القانون ونصوصه التطبيقية، وذلك تحت طائلة بطلان التفويت. يمكن أن تكون عقارات الجماعات السلالية موضوع نزع الملكية من أجل المنفعة العامة طبقا للتشريع الجاري به العمل .
وأكيد أن تطبيق هذا المقتضى معلق على صدور نص تنظيمي قد يفتح إمكانية تفويت الأراضي الجماعية للفاعلين الاقتصاديين الخواص إلى جانب الفاعلين العموميين لإنجاز مشاريع الاستثمار.
إجمالا فإنه لا يحق للأشخاص العامة التي تقتني عقارات جماعية عن طريق ما يسمى "إقرار الصديق" لما في ذلك من تحايل على نص قانوني صريح وواضح المعنى والمبنى ولا يقبل التأويل الذي يمنع تفويت العقارات الجماعية للأفراد ، بل وفي ذلك التفاف على نص الظهير الشريف رقم 1.60.078 بتاريخ 30 يونيو 1960 تفسخ بمقتضاه التفويتات المجراة بشأن الأراضي الجماعية ، حيث نص الفصل الأول منه على أنه " يفسخ بحكم القانون وضمن الشروط المحددة في الفصول الآتية بعده كل تفويت للأراضي الجماعية بوشر عملا بالظهير الشريف المؤرخ في 11 جمادى الثانية 1370 الموافق ل 19 مارس 1951".
ومما ينبغي التذكير به أن الفصل الأول من ظهير19 مارس 1951 في شأن سن ضابط لتدبير شؤون الأملاك المشتركة بين الجماعات وتفويتها نص على أنه " يجوز تفويت الأملاك المشتركة بين الجماعات في الأحوال المنصوص عليها في الفصول الآتية وطبق الشروط المذكورة في نفس الفصول وذلك خلافا لمقتضيات الظهير الشريف الصادر في 26 رجب عام 1337 الموافق 27 أبريل سنة 1919..."
وبناء على ظهير 19 مارس 1951 بإمكان تفويت الأراضي الجماعية الواقعة داخل المناطق الحضرية وكذا الأراضي الفلاحية القابلة للاستثمار والكل عن طريق السمسرة العمومية ودون تمييز بين الطبيعة القانونية للمشتري.
وأمام صرامة المنع من التفويت الذي جاء به ظهير 1960 ومقتضياته قواعد آمرة ومن النظام العام ، تم التفكير في حيلة اسمها " إقرار الصديق"، وهو الدور الذي تلعبه بعض الأشخاص العامة ومنها مديرية أملاك الدولة في غياب نص قانوني يسمح لها بهذه المهمة خاصة إذا كان التدخل بمقابل نقدي يتم خارج قواعد القانون المالي.
وتساءلت كباحث مختص في مجال "العقود والأنظمة العقارية بالمغرب" هل ورد هذا المصطلح في نص من النصوص القانونية المنظمة لهذه الأنظمة
العقارية ، مع علمي المسبق بعدم وجوده؟
صحيح أن هذا المصطلح قد يعتمده بعض الممارسين في مجال تدبير الأراضي السلالية ولاسيما العاملين بمديرية الشؤون القروية التي أوكل لها المرسوم رقم 2.97.176 الصادر في 14 من شعبان 1418 الموافق ل15 ديسمبر 1997 كما وقع تعديله وتتمميه المنظم لاختصاصات وزارة الداخلية في فصله 35 المهام التالية :
- ممارسة الوصاية باسم وزير الداخلية على الجماعات السلالية وفقا لأحكام الظهير الشريف المشار إليه أعلاه بتاريخ 26 من رجب 1337 (27 أبريل 1919) وكذا إدارة ممتلكاتها والمحافظة عليها والدفاع عن مصالحها وإعادة هيكلة الأراضي الجماعية ؛
- المساهمة باتصال مع الوزارات المعنية في تحسين الإنتاج الفلاحي بإصلاح البنيات القروية ؛
- المساهمة في الحد من الفوارق الاجتماعية والجهوية بإنجاز مشاريع ذات طابع اجتماعي اقتصادي ؛
- العمل باتصال مع جميع الوزارات والهيئات العامة وشبه العامة والخاصة على النهوض بالبرامج والأعمال الهادفة إلى تحسين ظروف عيش السكان القرويين وحمايتهم من آفات الطبيعة؛
- جمع وتركيز الإحصائيات والدراسات وجميع الوثائق التي من شأنها المساهمة في إعداد مشاريع لفائدة العالم القروي ؛
- القيام في إطار تعاون موسع بدراسة إجراءات وشروط كل مساهمة محلية أو أجنبية في تمويل المشاريع المذكورة.
وبذلك منح هذا المرسوم الوصاية والولاية على الجماعات السلالية وممتلكاتها لمدير الشؤون القروية بوزارة الداخلية في خرق صريح لمقتضيات للظهير الشريف المؤرخ في 28 يوليو 1956 الذي عدل ظهير 27 ابريل 1919بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها الذي أوكل مهام الوصاية على الجماعات السلالية حصرا بوزير الداخلية. والمعول عليه أن الأراضي الجماعية طبقا للفصل الرابع من ظهير 27 ابريل 1919 لا تقبل التفويت وكذا الحجز ولا الاكتساب بالتقادم ، غير أن الفصل الحادي عشر الموالي أتى باستثناء يتمثل في إمكانية تفويت هذه الأراضي لأشخاص القانون العام وعلى رأسهم الدولة ، ويتم ذلك إما بالتراضي أو بواسطة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة ، في حالة عدم رضا الجماعة السلالية المالكة ومجلس الوصاية أو غير متفقين على مبدأ وشروط التفويت فضلا عن الحالة التي تكون ملكية الجماعة السلالية للعقار غير ثابتة أو منازع فيها.
وحسب الإحصائيات الرسمية فإن الدولة قد استفادت من 1622 هكتارا فقط خلال سنة 2012 بقيمة مالية تصل 443 مليون درهم ، بينما عرفت ثمانية الأشهر الأولى من سنة 2015 ارتفاعا مهولا بحيث وصلت المساحة المفوتة لفائدة الملكين العام والخاص للدولة إلى ما يناهز 2130 هكتار .( الباحثة البوجدايني، المرجع أعلاه ص 62).
يستشف من هذا كله، أن الدولة تقتني العقارات الجماعية لأحد السببين ، إما من أجل إقامة تجهيزات عمومية ومشاريع استثمارية منتجة ، وهذا دورها ويأتي ذلك في مجال اختصاص مديرية أملاك الدولة التقليدي باعتبارها المسؤول العقاري الأول عن تدبير الملك الخاص للدولة وتسييره بل وحمايته .
أما السبب الثاني وهو الذي يتطلب النقاش القانوني الهادئ. وهو لعب دور الوسيط القانوني أو بالأحرى "إقرار الصديق" كما يحلو للبعض قوله . وفي هذه الوضعية تقوم الدولة في شخص مديرية أملاك الدولة باقتناء البقعة الأرضية الجماعية من الجماعة السلالية المالكة النائب عنها وزير الداخلية بالثمن المصادق عليه من طرف مجلس الوصاية ثم تفوتها إلى الجهة طالبة الاقتناء والتي في الغالب تكون من أشخاص القانون الخاص كالشركات أو الجمعيات أو بعض "العينة" من الأشخاص الذاتيين.
ومن أجل تأصيل هذه العملية العقارية يتعين الرجوع أساسا إلى الفصل 82 من قانون المحاسبة العمومية الجاري به العمل حاليا بعد إدخال عدة تعديلات عليه منذ 1967 تاريخ صدوره ، بحيث يمنع على الدولة بيع ممتلكاتها العقارية بالتراضي ، وإنما يجب خضوعها لمسطرة البيع بالمزاد العلني أي بالمنافسة لما في ذلك من شفافية وابتعادا عن المحسوبية والزبونية وتنازع المصالح ، غير أن لهذه القاعدة استثناء يتمثل على الخصوص في البيع بالتراضي متى كان المقتني شخصا عاما أو من أجل مشاريع استثمارية حقيقية ومنتجة .
لكن التساؤل ، ما هي الجهة المؤهلة قانونا للقول بأن المشروع المنوي انجازه يعتبر من بين المشاريع الاستثمارية الحقيقية والمنتجة ؟
الفيصل في ذلك بالطبع هو قول المراكز الجهوية للاستثمار التي صدر الظهير الشريف رقم 1.19.18 بتاريخ 13 فبراير 2019 بتنفيذ القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاحها ، والتي من المفروض أن تدرس جميع الطلبات المتعلقة باقتناء أراضي الدولة من أجل انجاز مشاريع استثمارية سواء تلك الواردة على القطاعات التي تدخل في اختصاصها أو غيرها مادامت ستنجز في المجال الترابي للوالي الذي تلقى تفويضا من جل الوزراء في حدود غلاف مالي لا يتجاوز 200 مليون درهم .
طيب هل الفصل الحادي عشر المذكور يسعف مديرية أملاك الدولة بأن تقوم بدور الوسيط القانوني، وبأي تكلفة مالية؟
المتمعن في مقتضيات الفصل أعلاه ، يجد أنه نص على مسطرة واحدة هي الاقتناء بشروط ، وبمعنى آخر لا يحق لسلطة الوصاية ولا الجماعة السلالية أن تفوت ممتلكاتها العقارية للدولة بالتراضي إلا وهي معلقة على شروط فاسخة ، بحيث يكون عقد البيع مرفقا بكناش للتحملات تحدد فيه بكل وضوح الهدف المبتغى من البيع ، حتى إذا تعلق الأمر باستثمار يتعين تحديد طبيعة الاستثمار ونوعه والجهة التي تتكلف به ولو في ديباجة قرار مجلس الوصاية الأذن بالتفويت، كما أنه من المفروض أن هذا القرار يستند إلى خلاصة اجتماع اللجنة الخاصة بدراسة الملف على صعيد المركز الجهوي للاستثمار وموافقة أعضائها وإقرار من والي الجهة. ومن تم فهل يحق لهذه اللجنة أن تفرض على الدولة (الملك الخاص) أي مديرية أملاك الدولة أن تبيع العقار الجماعي المفوت لفائدتها لشخص معين بالذات والاسم ؟أم أنه بعد انتقال العقار إلى ملك الدولة الخاص يطبق عليه ما يطبق على أملاك الدولة
الخاصة من حيث التفويت والاستفادة من مجانية التسجيل والتحفيظ...؟
المعول عليه في هذا الشأن أن يتقدم المستثمر بطلب إلى الدولة (الملك الخاص ) يلتمس منها القيام بدور الوسيط في العملية ، حتى إذا قبلت باشرت الجهة الوصية على الجماعات مسطرة التفويت لفائدة الدولة ، مقابل الثمن المصادق عليه من طرف مجلس الوصاية. وبعد انتقال الملكية لفائدة الدولة (الملك الخاص) يتم البيع لفائدة الطالب الأصلي، لكن بأي ثمن؟
هنا يتم طرح التساؤل هل طبقا لما نص عليه الفصل 82 من قانون المحاسبة العمومية أي لا يتجاوز الثمن 10 في المئة من الغلاف المالي للمشروع الاستثماري أو طبقا للثمن الذي ثمن به الاقتناء ، أو بناء على نسبة متفق عليها كتغطية لمصاريف التدبير أو إقرار الصديق؟ أو على العكس من ذلك تبعا لثمن تحدده اللجنة الإدارية للخبرة وبعد مصادقة مديرية أملاك الدولة عنه نيابة عن وزير الاقتصاد والمالية . وفي هذا الإطار ما هو الأساس القانوني الذي يسمح باستخلاص النسبة المئوية ّإذا تم اعتمادها ؟
حسب المعلومات في علم المحاسبة التي كان لي شرف امتلاكها بالمركز الإداري لوزارة الداخلية نؤكد عدم وجود أي أساس قانوني لهذا الاستخلاص ، وفي المقابل لا يمكن للدولة أن تتدخل بدون مقابل مالي في العمليات العقارية كوسيط لأنه لا يمكن تصور أن تضع الإدارة موظفيها لفائدة القطاع الخاص وهي تقوم بأداء أجورهم ولو خلال المدة الزمنية المخصصة لانجاز عملية الاقتناء والتفويت وأداء الثمن لأن ذلك مخالف لقواعد المحاسبة العمومية وكذا قانون الوظيفة العمومية .
وهذا ما تفطن إليه واضعوا المشروع قانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية عندما نص في المادة 15 منه على أنه "لا يمكن تفويت أملاك الجماعات السلالية إلا في الحالات ووفق الشروط الواردة في هذا القانون ونصوصه التطبيقية، وذلك تحت طائلة بطلان التفويت. يمكن أن تكون عقارات الجماعات السلالية موضوع نزع الملكية من أجل المنفعة العامة طبقا للتشريع الجاري به العمل .
وأكيد أن تطبيق هذا المقتضى معلق على صدور نص تنظيمي قد يفتح إمكانية تفويت الأراضي الجماعية للفاعلين الاقتصاديين الخواص إلى جانب الفاعلين العموميين لإنجاز مشاريع الاستثمار.
إجمالا فإنه لا يحق للأشخاص العامة التي تقتني عقارات جماعية عن طريق ما يسمى "إقرار الصديق" لما في ذلك من تحايل على نص قانوني صريح وواضح المعنى والمبنى ولا يقبل التأويل الذي يمنع تفويت العقارات الجماعية للأفراد ، بل وفي ذلك التفاف على نص الظهير الشريف رقم 1.60.078 بتاريخ 30 يونيو 1960 تفسخ بمقتضاه التفويتات المجراة بشأن الأراضي الجماعية ، حيث نص الفصل الأول منه على أنه " يفسخ بحكم القانون وضمن الشروط المحددة في الفصول الآتية بعده كل تفويت للأراضي الجماعية بوشر عملا بالظهير الشريف المؤرخ في 11 جمادى الثانية 1370 الموافق ل 19 مارس 1951".
ومما ينبغي التذكير به أن الفصل الأول من ظهير19 مارس 1951 في شأن سن ضابط لتدبير شؤون الأملاك المشتركة بين الجماعات وتفويتها نص على أنه " يجوز تفويت الأملاك المشتركة بين الجماعات في الأحوال المنصوص عليها في الفصول الآتية وطبق الشروط المذكورة في نفس الفصول وذلك خلافا لمقتضيات الظهير الشريف الصادر في 26 رجب عام 1337 الموافق 27 أبريل سنة 1919..."
وبناء على ظهير 19 مارس 1951 بإمكان تفويت الأراضي الجماعية الواقعة داخل المناطق الحضرية وكذا الأراضي الفلاحية القابلة للاستثمار والكل عن طريق السمسرة العمومية ودون تمييز بين الطبيعة القانونية للمشتري.
وأمام صرامة المنع من التفويت الذي جاء به ظهير 1960 ومقتضياته قواعد آمرة ومن النظام العام ، تم التفكير في حيلة اسمها " إقرار الصديق"، وهو الدور الذي تلعبه بعض الأشخاص العامة ومنها مديرية أملاك الدولة في غياب نص قانوني يسمح لها بهذه المهمة خاصة إذا كان التدخل بمقابل نقدي يتم خارج قواعد القانون المالي.