بينما كنا في نقاش قانوني أسبوعي مع بعض الزملاء من رجال القانون ، سألني أحدهم على استحياء هل وقع تعديل ما في القواعد العامة التي درسناها في كلية الحقوق أيام مجدها ، فقلت له المرجو المزيد من التوضيح ، فأضاف ألم يدرس لنا أستاذنا المرحوم مأمون الكزبري النظرية العامة للالتزامات وبالضبط مسؤولية المعلمين عن الضرر الحاصل من التلاميذ خلال الوقت الذين يوجدون فيه تحت رقابتهم ، فقلت بلى ، و تلوت عليه مقتضيات الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود ، حيث صدر في هذا الشأن ظهير 4 مايو 1942 المعدل لظهير 12 غشت 1913 بشأن قانون الالتزامات والعقود.
وقد ورد في فقراته أن مسؤولية هؤلاء قائمة متى ارتكبوا أخطاء أو قصروا أو اهملوا في الرقابة ونتج عن ذلك الفعل ضرر للغير .
غير أنه استطرد متسائلا ، لماذا طلبت الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية من الأولياء هذه السنة بالضبط، التوقيع على التزام مع تصحيح امضائهم بأن أبناءهم القصر لن يغشوا في امتحانات البكالوريا ، كما ألزموا التلاميذ القصر بذلك كذلك ؟
في الحقيقة ، لم أستطع منحه إجابة لا قانونية ولا حتى منطقية ، على اعتبار أن المحاور ، لم يكن ينتظر مني جوابا يقنعه على اعتبار أنه من المتخصصين في المجال ، ولكن فقط من أجل فتح النقاش، الذي سيظل مفتوحا إلى على المستقبل، إلى أن فاجأتنا الحكومة بإعداد مشروع قانون رقم 02.13 يتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية .
ويبدو أن هذا المشروع من اعداد وزير لم يعد يشرف على هذا القطاع بدليل أنه يحمل رمز سنة 2013. ولم يحال هذا المشروع قانون على مجلس النواب إلا بتاريخ 29 مايو 2015 ـ ومنه على لجنة التعليم والثقافة والاتصال يوم 2 يونيو 2015 ، لكي يصادق عليه المجلس بالإجماع في الجلسة العامة ليوم 7 يونيو 2016، وقد صادف 2 يونيو يوم الخميس بينما 7 يونيو الثلاثاء ، مما يفيد أن النقاش باللجنة المذكورة إلى حين الإحالة على الجلسة العامة لم يستغرق أكثر من 24 ساعة مع إدخال الغاية ، إذا ما اعتبرنا أن يومي الجمعة والاثنين هما فقط يومي عمل القانونية . كما أن يوم الثلاثاء مخصص لمراقبة عمل الحكومة .
وهذا في نظري فتح مبين للحكومة وأغلبيتها بمجلس النواب ، سواء من خلال الرقم القياسي لمناقشة القوانين ، وكذا حصولها على الإجماع في تمرير مشروعها القديم الجديد.
غير أن هذا في نظرنا ما يجب أن ينسينا كمختصينبأننا أمام نص قانوني خاص عنوانه زجر بعض التصرفات الشائنة لأطفالنا رجال ونساء المستقبل . لاسيما أن الحكومة انطلقت من واقع مفترض لتهيئنص قانوني يطبق على ضحايا التربية الدينية والوطنية وليسمجرميها، وتسقط فشلها في تدبير القطاع على أضعف حلقة في المنظومة التربوية ككل وهي التلاميذ .
وهذا ما يستشف من مشروع القانون المذكور والمسمى " زجر الغش في الامتحانات المدرسية " .إذ هذا العنوان من المفترض أنه لايهم الغش في الكليات والمعاهد العليا وكذا والمباريات وغيرها من المساطر المعمول بها في انتقاء المتفوقين من المرشحين والممتحنين .
وقد تضمن هذا المشروع قانون تسع مواد. حيث عرف الغش بأنه ممارسة المرشح لأي شكل من اشكال التحايل والخداع في الامتحانات المدرسية والمتوجة بالحصول على إحدى الشهادات أو الديبلومات الوطنية.
وأضافت هذه المادة إلى أنهيعتبر غشا كذلكتبادل المعلومات بين المرشحين وحيازة أو استعمال الوسائل الالكترونية كيفما كان شكلها أو نوعها سواء مشغلة أو غير مشغلة.
ولنا أن نتساءل كيف يمكن الحكم على النوايا، وذلك باعتبار حيازة الهاتف النقال سواء اكان غبيا أو ذكيا بمثابةفعل جرمي، حتى لو كانت هذه الآلة غير مشغلة، بل وغير صالحةللاستعمال.
كما خول هذا المشروع للإدارة حق معاقبة التلميذ متى قام بالغش أو حاول ذلك سواء أثناء فترة الامتحان أو بعد ذلك، عندما يكتشف المصحح أن هناك غشا.
ويبدو أن واضع هذا المشروع، لم يكن على علم بأن تصرفات الإدارة في هذه الحالة مقيدة، وتعمل تحت مراقبة السلطة القضائية ولا سيما القضاء الإداري، التي لها وحدها الصلاحية للتأكد من الفعل المنسوب للتلميذ، تحت طائلة الإلغاء.ولنا في توأم وجدة مثل.
والملاحظ كذلك أن هذا المشروع يقر ازدواجية العقوبة، العقوبة التأديبية التي قد تصل إلى الإقصاء من دورات الامتحان لمدة سنتين متتاليتين،ثم العقوبة الجنائية.
وهكذا، فإنه طبقا للمادة السابعة تتراوح العقوبة بين شهر وسنتين، وغرامة مالية بين 2000 و20.000 درهم.
ولنا أن نتساءل، هل اطلع واضع هذا المشروع قانون على المقتضيات العامة الواردة في القانون والمسطرة الجنائيتين؟ وهل استحضر أن المخاطب بهذا المشروع قانون هم التلاميذ الذين في غالبهم قصر.
وهل اطلعوا على مقتضيات الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود الذي نص على أنه لا يكون الشخص مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب، لكن يكون مسؤولا أيضا عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته.الأب فالأم بعد موته، يسألان عن الضرر الذي يحدثه أبناؤهما القاصرون الساكنون معهما.
نعتقد ذلك، ومع ذلك تم إقرار هذا المشروع قانون لأغراض سياسية أكثر منها تربوية، على اعتبار أنه كيف الفعل المقترف من طرف التلميذ بأنه جنحة ضبطية. لكن تناسى بأن الفاعل حدث.
والحدث في مفهوم القانون الجنائي هو كل شخص لم يبلغ 12 سنة كاملة ويعتبر غير مسؤول جنائيا لانعدام تمييزه. وهذا حال تلاميذ الشهادة الابتدائية.
أما الحدث الذي أتم 12 سنة ولم يبلغ 18 سنة يعتبر مسؤولا مسؤولية جنائية ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه، وهذا حال جل تلاميذ البكالوريا
والحاصل إذن، أن المشروع قانون أغفل هذه الخاصية، خاصية التمييز. وبداهة أن غير المميز في الشريعة الإسلامية او القانون الوضعي لا تكليف عليه.
ثم إن المشرع الجنائيخص القاضي بإمكانية استعمال الظروف القضائية المخففة في الجنح الضبطية بما في ذلك في حالة العود ، إذا ثبت لديه توفر الظروف المخففة ، وكانت العقوبة المقررة هي الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين فقط أن ينزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر في القانون دون أن ينقص الحبس عن 6 أيام وغرامة عن 12 درهما . وهذا حال المجرمين العتال ، فما بالك ببراعم المستقبل. ولنا أن نتساءل هل من حق القاضي اعمال هذا المقتضى ؟
والأكثر من ذلك فإن قانون المسطرة الجنائية يحدد سن الرشد الجنائي ببلوغ 18 سنة كاملة ، ويعتبر الحدث إلى غاية سن 12 سنة غير مسؤول جنائيا لانعدام تمييزه ، وتكون مسؤوليته ناقصة إلى حين بلوغ سن الرشد الجنائي بسبب عدم اكتمال تمييزه .
ولا يمكن ان يودع بمؤسسة سجنية الحدث الذي لم يبلغ 12 سنة كاملة ولو بصفة مؤقتة ومهما كان نوع الجريمة.
كما أنه لا يمكن أن يودع في هذه المؤسسة ولو بصفة مؤقتة كذلك الحدث الذي يتراوح عمره بين 12 و 18 سنة إلا استثناء ولمصلحة الحدث على أن يودع في مكان معزول عن أماكن الرشداء.
يبدو أن واضع المشروع قانون المذكور، كان يهدف إلى تحقيق السبق في هذا الموضوع، ولكن على حساب المبادئ العامة لحقوق الطفل. والأطفال كما يعلم أكبادنا تمشي على أرض . لذا فإن مكانهم الطبيعي هو المدرسة والكليات والمعاهد العليا وليس السجون.
صحيح ،أننا جميعا ضد كل غش مهما كان سواء في الامتحانات أو الانتخابات أو التعيين في المناصب العليا أو الحساسة أو الاستراتيجية ، كما أننا ضد الغش في المباريات الرياضية ، وفي الصفقات العمومية ، وفي كل مناحي الحياة . ولكن ما يجب إغفال أن محاربةالغش في الامتحانات يبتدئ بإقرار تربية منزلية والثقافية سليمتين وتربية دينية حقيقية وغرس حب الوطن وغيرها ، ثم إن الغش في الامتحانات لا يستقيم مع وجود مستوى متدني في التعليم ، ولا سيما أمام الثراء الفاحش الذي أصبح يجنيه البعض على حساب التلاميذ بفرض ساعاتإضافية لا فرق بين التعليم العمومي والخصوصي ، بمعرفة الجهاز المشرف على التربية الوطنية دون ان يتدخل لتجريم هذا الفعل .
ألم يكن من الأجدى بواضع قانون الغش في الامتحانات أن يتصدى للعصابة المنظمة التي تسترزق من الغش في تسريب الامتحانات ، وقد أقرت السلطات العمومية بضبط حالات الغش من خارج المرافق التربوية، واحالت بعضهم على المحاكم ليأخذ القانون مجراه .
إن القانون مرآة المجتمع، وهو يعمل على تنظيمه ، والمشرع لم يكن يعبث عندما حدد السن القانوني للأهلية المدنية والجنائية ، وجل تصرفات القاصر إما باطلة أو قابلة للإبطالأو منعدمة حسب الأحوال، فما بال إذن هؤلاء يبتكرون قوانين أقل ما يقال عنها انها مخالفة لحقوق الطفل . وكان الأجدى بالمسؤولين عن التربية الوطنية أن يجعلوا في كل مركز من مراكز الامتحانات لجنة لمعاينة حسن سير الامتحانات ،وذلك بفتح المجال للمراقبين المتطوعين من المجتمع المدني وأولياء التلاميذ ليساهموا في الحراسة وتتبع السير العادي للامتحانات فأهمية الامتحانات ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالبكالوريا لا تقل عن الاستحقاقات الانتخابية ، لأنها تصطفي رجال الغد في السياسة وفي غيرها، وهذا ما يلزم أن تكون ذات مصداقية لأنها امتحان حول المواطنة أولا ، وتحدد مسار الممتحن ثانيا .
وفي اعتقادنا فإنه آن الأوان لمعالجة ملفات الفساد معالجة شمولية وليس انتقائية وسياسوية ، فالفساد كما قد يكون قانونيا قد يكون اقتصاديا وكذا سياسيا ، بدليل حجم الانتخابات الملغاة من طرف المجلس الدستوري بسبب الغش، وكذا كمية الأحكام القضائية التي تقضي بها المحاكم العادية والمجلس الأعلى للحسابات ، وكذا حجم الحجوزات التي تقوم بها السلطات العمومية أحيانا بالنسبة للمواد الفاسدة والمهربة، والابداعات المقرصنة والسرقات الأدبية وغيرها ./.
وقد ورد في فقراته أن مسؤولية هؤلاء قائمة متى ارتكبوا أخطاء أو قصروا أو اهملوا في الرقابة ونتج عن ذلك الفعل ضرر للغير .
غير أنه استطرد متسائلا ، لماذا طلبت الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية من الأولياء هذه السنة بالضبط، التوقيع على التزام مع تصحيح امضائهم بأن أبناءهم القصر لن يغشوا في امتحانات البكالوريا ، كما ألزموا التلاميذ القصر بذلك كذلك ؟
في الحقيقة ، لم أستطع منحه إجابة لا قانونية ولا حتى منطقية ، على اعتبار أن المحاور ، لم يكن ينتظر مني جوابا يقنعه على اعتبار أنه من المتخصصين في المجال ، ولكن فقط من أجل فتح النقاش، الذي سيظل مفتوحا إلى على المستقبل، إلى أن فاجأتنا الحكومة بإعداد مشروع قانون رقم 02.13 يتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية .
ويبدو أن هذا المشروع من اعداد وزير لم يعد يشرف على هذا القطاع بدليل أنه يحمل رمز سنة 2013. ولم يحال هذا المشروع قانون على مجلس النواب إلا بتاريخ 29 مايو 2015 ـ ومنه على لجنة التعليم والثقافة والاتصال يوم 2 يونيو 2015 ، لكي يصادق عليه المجلس بالإجماع في الجلسة العامة ليوم 7 يونيو 2016، وقد صادف 2 يونيو يوم الخميس بينما 7 يونيو الثلاثاء ، مما يفيد أن النقاش باللجنة المذكورة إلى حين الإحالة على الجلسة العامة لم يستغرق أكثر من 24 ساعة مع إدخال الغاية ، إذا ما اعتبرنا أن يومي الجمعة والاثنين هما فقط يومي عمل القانونية . كما أن يوم الثلاثاء مخصص لمراقبة عمل الحكومة .
وهذا في نظري فتح مبين للحكومة وأغلبيتها بمجلس النواب ، سواء من خلال الرقم القياسي لمناقشة القوانين ، وكذا حصولها على الإجماع في تمرير مشروعها القديم الجديد.
غير أن هذا في نظرنا ما يجب أن ينسينا كمختصينبأننا أمام نص قانوني خاص عنوانه زجر بعض التصرفات الشائنة لأطفالنا رجال ونساء المستقبل . لاسيما أن الحكومة انطلقت من واقع مفترض لتهيئنص قانوني يطبق على ضحايا التربية الدينية والوطنية وليسمجرميها، وتسقط فشلها في تدبير القطاع على أضعف حلقة في المنظومة التربوية ككل وهي التلاميذ .
وهذا ما يستشف من مشروع القانون المذكور والمسمى " زجر الغش في الامتحانات المدرسية " .إذ هذا العنوان من المفترض أنه لايهم الغش في الكليات والمعاهد العليا وكذا والمباريات وغيرها من المساطر المعمول بها في انتقاء المتفوقين من المرشحين والممتحنين .
وقد تضمن هذا المشروع قانون تسع مواد. حيث عرف الغش بأنه ممارسة المرشح لأي شكل من اشكال التحايل والخداع في الامتحانات المدرسية والمتوجة بالحصول على إحدى الشهادات أو الديبلومات الوطنية.
وأضافت هذه المادة إلى أنهيعتبر غشا كذلكتبادل المعلومات بين المرشحين وحيازة أو استعمال الوسائل الالكترونية كيفما كان شكلها أو نوعها سواء مشغلة أو غير مشغلة.
ولنا أن نتساءل كيف يمكن الحكم على النوايا، وذلك باعتبار حيازة الهاتف النقال سواء اكان غبيا أو ذكيا بمثابةفعل جرمي، حتى لو كانت هذه الآلة غير مشغلة، بل وغير صالحةللاستعمال.
كما خول هذا المشروع للإدارة حق معاقبة التلميذ متى قام بالغش أو حاول ذلك سواء أثناء فترة الامتحان أو بعد ذلك، عندما يكتشف المصحح أن هناك غشا.
ويبدو أن واضع هذا المشروع، لم يكن على علم بأن تصرفات الإدارة في هذه الحالة مقيدة، وتعمل تحت مراقبة السلطة القضائية ولا سيما القضاء الإداري، التي لها وحدها الصلاحية للتأكد من الفعل المنسوب للتلميذ، تحت طائلة الإلغاء.ولنا في توأم وجدة مثل.
والملاحظ كذلك أن هذا المشروع يقر ازدواجية العقوبة، العقوبة التأديبية التي قد تصل إلى الإقصاء من دورات الامتحان لمدة سنتين متتاليتين،ثم العقوبة الجنائية.
وهكذا، فإنه طبقا للمادة السابعة تتراوح العقوبة بين شهر وسنتين، وغرامة مالية بين 2000 و20.000 درهم.
ولنا أن نتساءل، هل اطلع واضع هذا المشروع قانون على المقتضيات العامة الواردة في القانون والمسطرة الجنائيتين؟ وهل استحضر أن المخاطب بهذا المشروع قانون هم التلاميذ الذين في غالبهم قصر.
وهل اطلعوا على مقتضيات الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود الذي نص على أنه لا يكون الشخص مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب، لكن يكون مسؤولا أيضا عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته.الأب فالأم بعد موته، يسألان عن الضرر الذي يحدثه أبناؤهما القاصرون الساكنون معهما.
نعتقد ذلك، ومع ذلك تم إقرار هذا المشروع قانون لأغراض سياسية أكثر منها تربوية، على اعتبار أنه كيف الفعل المقترف من طرف التلميذ بأنه جنحة ضبطية. لكن تناسى بأن الفاعل حدث.
والحدث في مفهوم القانون الجنائي هو كل شخص لم يبلغ 12 سنة كاملة ويعتبر غير مسؤول جنائيا لانعدام تمييزه. وهذا حال تلاميذ الشهادة الابتدائية.
أما الحدث الذي أتم 12 سنة ولم يبلغ 18 سنة يعتبر مسؤولا مسؤولية جنائية ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه، وهذا حال جل تلاميذ البكالوريا
والحاصل إذن، أن المشروع قانون أغفل هذه الخاصية، خاصية التمييز. وبداهة أن غير المميز في الشريعة الإسلامية او القانون الوضعي لا تكليف عليه.
ثم إن المشرع الجنائيخص القاضي بإمكانية استعمال الظروف القضائية المخففة في الجنح الضبطية بما في ذلك في حالة العود ، إذا ثبت لديه توفر الظروف المخففة ، وكانت العقوبة المقررة هي الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين فقط أن ينزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر في القانون دون أن ينقص الحبس عن 6 أيام وغرامة عن 12 درهما . وهذا حال المجرمين العتال ، فما بالك ببراعم المستقبل. ولنا أن نتساءل هل من حق القاضي اعمال هذا المقتضى ؟
والأكثر من ذلك فإن قانون المسطرة الجنائية يحدد سن الرشد الجنائي ببلوغ 18 سنة كاملة ، ويعتبر الحدث إلى غاية سن 12 سنة غير مسؤول جنائيا لانعدام تمييزه ، وتكون مسؤوليته ناقصة إلى حين بلوغ سن الرشد الجنائي بسبب عدم اكتمال تمييزه .
ولا يمكن ان يودع بمؤسسة سجنية الحدث الذي لم يبلغ 12 سنة كاملة ولو بصفة مؤقتة ومهما كان نوع الجريمة.
كما أنه لا يمكن أن يودع في هذه المؤسسة ولو بصفة مؤقتة كذلك الحدث الذي يتراوح عمره بين 12 و 18 سنة إلا استثناء ولمصلحة الحدث على أن يودع في مكان معزول عن أماكن الرشداء.
يبدو أن واضع المشروع قانون المذكور، كان يهدف إلى تحقيق السبق في هذا الموضوع، ولكن على حساب المبادئ العامة لحقوق الطفل. والأطفال كما يعلم أكبادنا تمشي على أرض . لذا فإن مكانهم الطبيعي هو المدرسة والكليات والمعاهد العليا وليس السجون.
صحيح ،أننا جميعا ضد كل غش مهما كان سواء في الامتحانات أو الانتخابات أو التعيين في المناصب العليا أو الحساسة أو الاستراتيجية ، كما أننا ضد الغش في المباريات الرياضية ، وفي الصفقات العمومية ، وفي كل مناحي الحياة . ولكن ما يجب إغفال أن محاربةالغش في الامتحانات يبتدئ بإقرار تربية منزلية والثقافية سليمتين وتربية دينية حقيقية وغرس حب الوطن وغيرها ، ثم إن الغش في الامتحانات لا يستقيم مع وجود مستوى متدني في التعليم ، ولا سيما أمام الثراء الفاحش الذي أصبح يجنيه البعض على حساب التلاميذ بفرض ساعاتإضافية لا فرق بين التعليم العمومي والخصوصي ، بمعرفة الجهاز المشرف على التربية الوطنية دون ان يتدخل لتجريم هذا الفعل .
ألم يكن من الأجدى بواضع قانون الغش في الامتحانات أن يتصدى للعصابة المنظمة التي تسترزق من الغش في تسريب الامتحانات ، وقد أقرت السلطات العمومية بضبط حالات الغش من خارج المرافق التربوية، واحالت بعضهم على المحاكم ليأخذ القانون مجراه .
إن القانون مرآة المجتمع، وهو يعمل على تنظيمه ، والمشرع لم يكن يعبث عندما حدد السن القانوني للأهلية المدنية والجنائية ، وجل تصرفات القاصر إما باطلة أو قابلة للإبطالأو منعدمة حسب الأحوال، فما بال إذن هؤلاء يبتكرون قوانين أقل ما يقال عنها انها مخالفة لحقوق الطفل . وكان الأجدى بالمسؤولين عن التربية الوطنية أن يجعلوا في كل مركز من مراكز الامتحانات لجنة لمعاينة حسن سير الامتحانات ،وذلك بفتح المجال للمراقبين المتطوعين من المجتمع المدني وأولياء التلاميذ ليساهموا في الحراسة وتتبع السير العادي للامتحانات فأهمية الامتحانات ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالبكالوريا لا تقل عن الاستحقاقات الانتخابية ، لأنها تصطفي رجال الغد في السياسة وفي غيرها، وهذا ما يلزم أن تكون ذات مصداقية لأنها امتحان حول المواطنة أولا ، وتحدد مسار الممتحن ثانيا .
وفي اعتقادنا فإنه آن الأوان لمعالجة ملفات الفساد معالجة شمولية وليس انتقائية وسياسوية ، فالفساد كما قد يكون قانونيا قد يكون اقتصاديا وكذا سياسيا ، بدليل حجم الانتخابات الملغاة من طرف المجلس الدستوري بسبب الغش، وكذا كمية الأحكام القضائية التي تقضي بها المحاكم العادية والمجلس الأعلى للحسابات ، وكذا حجم الحجوزات التي تقوم بها السلطات العمومية أحيانا بالنسبة للمواد الفاسدة والمهربة، والابداعات المقرصنة والسرقات الأدبية وغيرها ./.