MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




كلمة وزير العدل خلال ندوة "السلطة القضائية والإعلام

     



كلمة وزير العدل خلال ندوة  "السلطة القضائية والإعلام
" السلطة القضائية والإعلام"

ندوة منظمة من طرف الودادية الحسنية للقضاة

المعهد العالي للقضاء، 19 أبريل 2011

كلمة وزير العدل

بسم الله الرحمان الرحيم


السيد الرئيس الأول للمجلس الأعلى
السيد الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى
السيد رئيس الودادية الحسنية للقضاة
السادة مسؤولو جمعية القضاة والنواب الهولنديين

السادة مديرو النشر ومسؤولي وسائل الإعلام

السادة القضاة والمحامون والأساتذة

السادة الصحافيون



حضرات السيدات والسادة


يسعدني أن أشارككم اليوم، أشغال هذه الندوة الهامة حول موضوع ما فتيء يحظى بالاهتمام، ألا وهو موضوع "السلطة القضائية والإعلام".



وأرحب بضيوفنا القضاة والنواب الهولنديين، وكذا بجميع المشاركين في هذا اللقاء، الذي يبرهن عن النشاط المتواصل للودادية الحسنية للقضاة، وانشغالها الدائم بكل المواضيع الراهنة المرتبطة بالميدان القضائي.

وبالفعل؛ فإن ندوة اليوم حدث متفرد، لأنها ندوة حول فاعلَين أساسييْن، هما القضاء والإعلام، ومنتدى للعاملين في هذين الميدانين الحيويين في أي مجتمع.



وباختيار الودادية الحسنية للقضاة مناقشة هذا الموضوع، فإنها ستساهم في استجلاء نوع العلاقة بين القضاء والإعلام، وكلٌُ منهما سلطةٌ في مجاله، حيث تطرح هذه العلاقة إشكاليات تتزايد باستمرار، نتيجة اتساع مجال حرية التعبير، وتنامي الاهتمام بالشأن القضائي واعتبار عمله شأناً عاماً.



حضرات السيدات والسادة


إن علاقة وسائل الإعلام بالقضاء لها عدة جوانب، بعضها في غاية التعقيد. غير أن الجانب الذي يحظى بالاهتمام أكثر، هو مدى تأثير كل منهما في استقلال الآخر.



فالإعلام بمختلف وسائله إعلام حر، أقر ذلك التشريع المغربي منذ 1958، بدء من قانون الصحافة الذي نص فصله الأول على " أن حرية إصدار الصحف والطباعة والنشر وترويج الكتب مضمونة طبقا لهذا القانون"، ووصولا إلى القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري الذي كرس مبدأ " الاتصال السمعي البصري حر". مما كان له الأثر الأكبر في توسيع الحريات، وترسيخ الديمقراطية، وتعزيز حق المواطن في الإعلام، وتوطيد مقومات فضاء سمعي بصري جد منفتح.



وبالنسبة للقضاء، فقد أقر الدستور مبدأ استقلاليته، وتم تأكيد ذلك على صعيد العديد من المقتضيات القانونية. وتُـوِّج ذلك بالخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله يوم 9 مارس 2011، الذي أعلن فيه، حفظه الله، عن الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، توطيدا لسيادة القانون والمساواة أمامه.



وإن تبني بلادنا لهذه الاختيارات الأساسية، ليندرج في إطار اعتبار حرية الصحافة واستقلال القضاء، ضمانة حقيقية لكل الحريات في المجتمع الديمقراطي المعاصر.



حضرات السيدات والسادة


يترتب عن حرية الصحافة واستقلال القضاء، وجود طرفي هذه العلاقة في أوضاع تستأثر بالكثير من الاهتمام.

ذلك أن حاجة الرأي العام وحقه المشروع في الاطلاع على الأحداث والأخبار القضائية في مرحلة مبكرة ومتابعتها، يدفعان بمختلف وسائل الإعلام إلى سباق مفتوح من أجل تغطية الحدث القضائي وتقريب وقائعه إلى الرأي العام، لاسيما وأن بعض الملاحقات القضائية ترتبط بمواضيع ذات بعد سياسي أو اجتماعي.



لكن حاجة الجمهور والإعلام، لا تتفق دائماً مع فرضية براءة المتهم، التي هي الأصل، ولا تساير أحيانا مبدأ استقلالية القضاء، والحاجة إلى إبعاده من أي تأثير، بما فيه تأثير الرأي العام والتأثير الإعلامي المفرط.



كما أن مقتضيات المحاكمة العادلة واحترام كرامة الإنسان، استوجبت وضع مقتضيات قانونية، بخصوص ضوابط تغطية وقائع المحاكمات، ونشر التحقيقات أو التعاليق أو استطلاعات الرأي بشأن شخص تجري في حقه مسطرة قضائية بصفته متهماً أو ضحية دون موافقة منه، هذا فضلا عن الضوابط المتعلقة باستعمال آلات الاتصال المختلفة بهذا الشأن.



ومن هنا، منشأ إحدى أوجه إشكالية العلاقة بين السلطة القضائية والإعلام.

و لذلك تبدو الحاجة كبيرة إلى تحديد المعايير والقواعد الأدبية التي ينبغي أن ترعى هذه العلاقة ما بين الإعلام والتحقيقات الأولية، سواء من جانب وسائل الإعلام أم من جانب القضاء، بما فيه مصلحة للمواطن.



وتجدر الإشارة، إلى أنه وفي إطار العلاقة مع وسائل الإعلام، تم اتخاذ عدة مبادرات من أهمها: تخصيص جلسات خاصة لقضايا الصحافة، وإيفاد بعثات من القضاة إلى الخارج للاستفادة من التجربة الدولية بخصوص معالجة قضايا الصحافة والإعلام، والاهتمام بالتكوين في ميدان الصحافة على مستوى المعهد العالي للقضاء.



ولا شك في أن هذا اللقاء سيتدارس مختلف أوجه هذه العلاقة بين سلطة القضاء المستقل وسلطة الصحافة الحرة، وبحث سبل تعزيز حق مختلف وسائل الإعلام في الوصول إلى المصادر الحقيقية للخبر القضائي، وسيساهم في التأسيس لقواعد علاقة جديدة بينهما، في خضم التحولات الإيجابية الكبرى التي تعرفها المملكة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.





الثلاثاء 10 ماي 2011
Nabil Bouhmidi

تعليق جديد
Twitter