ناقش الأستاذ سمير أيت أرجدال المستشار بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء وعضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب و رئيس المركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية يوم السبت 07 يونيه 2014 بكلية الحقوق بمراكش أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون المدني تحت عنوان :الدفع بعدم الاختصاص وفق القوانين الإجرائية المدنية في التشريع المغربي _دراسة مقارنة
و كانت لجنة المناقشة متكونة من الدكتور المختار بن أحمد عطار رئيسا و بعضوية كل من الدكتور عبد الحليم النوري و الدكتور محمد بونبات و الدكتور منير ثابت و الدكتور محمد كرم و الدكتور محمد مومن. و بعد المداولة انتهت اللجنة المذكورة إلى منح المرشح لدرجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا مع التوصية بالنشر و بتهنئة خاصة من اللجنة.
و في سياق التعريف بالموضوع أكد المرشح بأن الدفع بعدم الاختصاص في ظل تركيز جميع الاختصاصات على المحكمة الابتدائية ذات الولاية العامة ,لم تكن له سوى وظيفة ثانوية.غير أنه مع إنشاء المحاكم والأقسام المتخصصة,فإنه أضحى يتبوأ موقعا مركزيا لا باعتباره فقط ضمانة إجرائية وقائية لحماية ضوابط الاختصاص القضائي .وإنما كذلك بصفته محددا أساسيا لقواعد الإثبات الواجبة التطبيق أمام المحكمة المختصة ,و دفعا من أشد الدفوع ارتباطا بسيادة الدولة و ذلك من منطلق الطابع الإقليمي للقانون الواجب التطبيق في المنازعات ذات العنصر الأجنبي .
و أفاد أنه إذا كانت للموضوع راهنيته و أهميته ,فإن تعدد المرجعيات التشريعية التي تناولته أثرت بشكل كبير في نظامه القانوني ,و هو ما كان له تأثير مباشر على تضارب عمل المحاكم من خلال الارتباك الذي طبع التطبيقات القضائية في العديد من النقط الخلافية.و من تمة كانت الإشكالية الجوهرية التي اشتغلت عليها في هذا البحث تنحصر في بيان تجليات العدالة الإجرائية كهدف من الأهداف السامية للعلوم القانونية من خلال تطبيقات الدفع بعدم الاختصاص؟
و استجلاء للإشكالية الجوهرية تمت معالجة الموضوع من خلال بابين :
الباب الأول :الدفع بعدم الاختصاص : نطاقه و ضوابطه
الباب الثاني : شروط قبول الدفع بعدم الاختصاص و أسس تقديره و الفصل فيه
و قد انتهى المرشح من خلال أطروحته بخلاصة مركزية تتمثل بالأساس في كون تعدد المرجعيات التشريعية و غياب تنظيمات قانونية متجانسة لأحكام الدفع بعدم الاختصاص ساهم بشكل كبير في تدني مؤشر العدالة الإجرائية .و هو ما يقتضي على سبيل السرعة اتخاذ تدابير تشريعية بديلة و ضمانات قضائية ذات فعالية .
أولا: على مستوى البدائل التشريعية:
1_ تبسيط القوانين المسطرية و ضمان فعاليتها الإجرائية بشكل يحقق الغاية من اعتمادها .
2_إعادة النظر في مقتضيات الفصل 16 من ق م م بشكل يميز قواعد الاختصاص المحلي عن قواعد الاختصاص النوعي و يسمح للمحاكم بمختلف أنواعها و درجاتها بإثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي في أية مرحلة من مراحل التقاضي و ذلك تماشيا مع أحكام المادة 13 من قانون إحداث المحاكم الإدارية .
3_إعادة صياغة الفصل 18 من ق م م بشكل يستقيم و مقتضيات الفصل 15 من ظهير التنظيم القضائي و أحكام قانون إحداث المحاكم الإدارية و التجارية.
4_ التنصيص صراحة على كون قواعد الاختصاص النوعي لمختلف المحاكم من صميم النظام العام.
5_توحيد النظام القضائي المعتمد_القضاء الفردي أو الجماعي_ أمام المحاكم العادية درءا للخلافات و الصعوبات المرتبطة بتكييف بعض الدعاوي وما يثيره ذلك من ارتباكات على مستوى العمل القضائي.
6_التنصيص الصريح على أحكام الاختصاص الدولي و ما يتعلق به تحسبا للإشكالات العملية التي تثار بشأن المنازعات ذات العنصر الأجنبي.
7_ تقييد السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في حالة الفصل في الدفع بعدم الاختصاص بعد ضمه إلى الجوهر و ذلك بالتنصيص على وجوب إنذار الأطراف بالإدلاء بدفوعاتهم الموضوعية صيانة لحقوق دفاعهم و حماية لمراكزهم القانونية.
8_ اشتراط صيرورة الحكم الفاصل في مسألة الاختصاص نهائيا لمواصلة البت في القضية.
9_وضع حد لازدواجية الجهة المختصة للطعن في الأحكام الصادرة عن المحاكم الابتدائية و ذلك بإلغاء غرف الاستينافات المدنية.
10_ تحديد و توحيد الجهة المختصة للبت في الطعن في المقررات الصادرة في مسألة لاختصاص درءا لتنازع الاختصاص في هذا المجال, وما قد يترتب عليه من مغالاة و تعسف في استعمال الحق الإجرائي.
11_إن إسناد الاختصاص لمحكمة النقض للبت في الأحكام الفاصلة في مسألة الاختصاص النوعي وفقا لأحكام المادة 13 من قانون إحداث المحاكم الإدارية لم يعد له مبرر قانوني و مسوغ منطقي خاصة مع إنشاء محاكم الاستئناف الإدارية .
12_ التأكيد على نهائية القرارات الاستئنافية الباتة في مسألة الاختصاص و التنصيص على عدم قابليتها لأي طريق من طرق الطعن العادية و غير العادية.
13_التنصيص على الصلاحية التلقائية للمحكمة في تحديد الجهة القضائية المختصة نوعيا أو مكانيا دون اشترط بيان المحكمة المختصة.
14_ تذليل الصعوبات المرتبطة بأجل البت في الدفع بعدم الاختصاص من خلال الموازنة بين المبادئ القانونية الضامنة لحقوق الدفاع و حق المواطنين في الحصول على مقررات قضائية داخل آجال معقولة و مضبوطة ضمانا لعدالة سريعة و و لخدمة قضائية ذات جودة عالية.
15_ التنصيص الصريح على الإحالة الوجوبية في حالات الحكم بعدم الاختصاص سواء كان محليا أو نوعيا,و ذلك بهدف الاقتصاد في الإجراءات و النفقات و سرعة البت في القضايا و الملفات.
16_إلزام المحكمة المحال إليها الملف للبت في موضوع الدعوى احتراما للفاعلية الذاتية للحكم القاضي في مسالة الاختصاص.و ذلك ضمانا لحسن سير العدالة و درءا للعراقيل الإجرائية.
17_إحداث محكمة التنازع كهيئة قضائية مستقلة يعهد إليها وحدها دون غيرها البت في حالة التنازع الإيجابي أو السلبي.
18_تكريس مبدأ ازدواجية القضاء بشكل فعلي و حقيقي يعطي للقضاء الإداري استقلاليته و فعاليته لحماية الحقوق الحريات في مواجهة الإدارة و هو ما يقتضي لزوما تعزيز مكانة المحاكم الإدارية دون التفكير مطلقا في استبدالها بغرف إدارية أمام المحاكم الابتدائية و إنشاء مجلس الدولة في سبيل تعزيز اليات المعالجة التشريعية و دعامات الحكامة القضائية تنزيلا لمقتضيات الفصل 114 من الدستور المغربي .
ثانيا:على مستوى الضمانات القضائية:
إن غياب رؤية تشريعية منسجمة للنظام القانوني للدفع بعدم الاختصاص أثر بشكل سلبي في اختلاف التفسير و التأويل على مستوى محكمة النقض و محاكم الموضوع .مما يتعين معه وعلى سبيل الاستعجال:
1_تحسيس محكمة النقض بالإعراض عن تصريف النوازل بإيجاد التخريج أو الحل المطابق لكل نازلة على حدة , و تقوية دورها التقويمي الموكول لها بحكم طبيعتها الوظيفية في الإشراف و التوجيه ,و تأصيل الضوابط و توحيد التأويل بالقدر الذي يضمن للمتقاضين حقوقهم ,و يساهم في استقرار معاملاتهم و حماية مراكزهم القانونية .
2_تفعيل مسطرة اجتماع غرف محكمة النقض لتثبيت المبادئ القانونية ذات الصلة بالقضايا الخلافية,و العمل على إنجاز تقارير سنوية تتضمن المبادئ القضائية المرجعية في جميع المنازعات و منها المرتبطة بالاختصاص.
3_تفعيل الدور التشاركي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في إعداد تقارير مفصلة حول الصعوبات القانونية و الواقعية التي تواجه العمل القضائي في تعامله مع بعض النصوص التشريعية و ذلك إعمالا للفصل 113 من الدستور.
4_خلق قنوات للرصد و التتبع لخلق تواصل قانوني و قضائي بين محكمة النقض ومحاكم الموضوع في سبيل تعزيز التكامل و الانسجام في المسائل الخلافية.
5_ تعزيز مكانة التكوين و التكوين المستمر للقضاة لصقل مواهبهم العلمية و المعرفية وتقوية مؤهلاتهم المهنية و القانونية كمدخل من مداخل إصلاح منظومة العدالة.
6_تفعيل الدور التأطيري للمسؤولين القضائيين وذلك بالسهر على خلق مجالات معرفية موازية للمجالات المهنية الصرفة, بهدف خلق تقاطعات و تكاملات في المبادئ والتصورات بين مختلف مكونات العدالة عموما و قضاة المحكمة على وجه الخصوص.