باســــم جــلالة المــلك
وطبقا للقانون
بتاريخ 7/2/2012
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
عبد الله فكار..........................................رئيسا ومقررا
ذ محمد الحمزاوي ................................... عضوا
حنان حمداوي ...................................عضوا
بحضور السيد محمد النوري ...................مفوضا ملكيا
وبمساعدة السيد عبد الحكيم الأحرش ....................كاتب الضبط
الوقائع
بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريــــخ 2/3/2009 ، المؤداة عنه الرسوم القضائية ، يعرض فيه المدعي بواسطة نائبه أنه توصل بأربعة إشعارات لأداء الضريبة على القيمة المضافة برسم سنة 1997 ، وبإشعار لأداء الضريبة العامة على الدخل عن سنة 1997/1998 ، بادر على إثره إلى رفع تظلم إلى إدارة الضرائب ، وبعد الاجتماع الذي تم بين أطر هذه الأخيرة ومحاسبه السيد الرياحي في 23 و 25 شتنبر 2002 ، تم الاتفاق على تحديد مبلغ الدين الضريبي في 100.000,00 درهم ، إلا أن المدير العام للضرائب رفض التوقيع على ذلك الاتفاق دون سبب مشروع ، مما اضطره إلى اللجوء إلى القضاء حيث استصدر حكما نهائيا ببطلان مسطرة الفرض الضريبي . إلا أن الإدارة كانت قد تابعت إجراءات التحصيل وقامت بحجز أملاكه والتعرض على حساباته بين يدي الأبناك مما أدى إلى شل نشاطه المتمثل في الإنعاش والمضاربة العقاريين ، وهي الإجراءات التي لم تكن مؤسسة على سند قانوني بدليل حكم القضاء ، وأيضا تقرير المراجعة التي قامت بها الإدارة نفسها وأسفرت على كونه دائنا للإدارة وليس مدينا ، وأن مسؤولية الإدارة استنادا إلى مقتضيات الفصلين 78 و 79 من قانون الالتزامات والعقود ثابتة . لذا فهو يلتمس الحكم بمسؤولية إدارة الضرائب والخزينة العامة للمملكة عن الأضرار الجسيمة التي لحقت به من جراء إجراءات الاستخلاص التعسفية التي سلكتها ضده ، والحكم له بتعويض مسبق قدره 2.000.000,00 درهم، والحكم بإجراء خبرة لتحديد كل الأضرار اللاحقة به وتقييمها ، مع حفظ حقه في تقديم مطالبه النهائية بعد إنجازها .
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف القباضة المتخصصة بالرباط المؤشر عليها بتاريخ 25/3/2009 ، الرامية أساسا إلى إخراجها من الدعوى لتعلقها
بمديرية الضرائب التي لم يتلق منها القابض أي قرار بإلغاء إجراءات التحصيل ، واحتياطيا الحكم برفض الطلب لعدم تكوين الضمانة طبقا لمقتضيات المادة 117 من مدونة تحصيل الديون العمومية .
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف مديرية الضرائب بتاريـــخ 3/4/2009 ، لاحظت فيها بأن المدعي مارس جميع الضمانات المخولة له قانونا على غرار باقي الملزمين الذين يودون المنازعة في الوعاء أو التحصيل ، والتي انتهت بصدور قرار المجلس الأعلى عدد 773 بتاريخ 12/9/2007 ، القاضي بإلغاء الحكم المستأنف الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بإلغاء مسطرة الفرض الضريبي ، والحكم من جديد بعدم قبول الطلب . وبخصوص الادعاء بقيام إدارة الضرائب بالحجز على ممتلكاته ، أفادت بأن إجراءات التحصيل تعود لاختصاص الخازن العام للمملكة ، وأن القابض المكلف بالتحصيل كان ملزما بمباشرة تلك الإجراءات باعتباره غير ملزم بانتظار نتيجة الطعن ، وأن المدعي لم يستصدر حكما بإيقاف تنفيذ الأمر بالتحصيل حائزا لقوة الشيء المقضي به ، كما عجز عن إثبات خطأ مديرية الضرائب حتى تقوم مسؤوليتها عن الأضرار التي لحقت به ، باعتبارها قامت بكل ما في وسعها لحثه على إيداع إقراره قبل لجوئها إلى
الفرض التلقائي للضريبة، إلى جانب عدم إثباته للأضرار المادية والمعنوية المدعى لحقوقها به . وبالنسبة للاتفاق المحتج به ، أكدت بأنه لا وجود لأي اتفاق مع المدعي، وإلا فما عليه إلا تقديمه للمحكمة ، ملتمسة لأجله الحكم برفض الطلب .
وبناء على المذكرة المدلى بها من طرف القباضة المؤشر عليها بتاريـــــــــخ 6/4/2009 ، أدلت من خلالها بنسخة من مستخرج الجداول في اسم المدعي .
وبناء على مذكرة الوثائق المقدمة من طرف المدعي بواسطة نائبه بتاريـــخ 13/4/2009 ، أرفقها بمجموعة من الوثائق المعززة للطلب .
وبناء على المذكرة التأكيدية المدلى بها من طرف المدعي بواسطة نائبه بتاريخ 18/5/2009 ، الرامية إلى تأكيد مقاله الافتتاحي استنادا إلى تقرير المراجعة والقرار الصادر عن المجلس الأعلى في الملف عدد 567/4/2/2007 بتاريخ 11/2/2009 .
وبناء على الحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 15/7/2009 تحت عدد 1431 ، القاضي بإجراء بحث .
وبناء على ما راج بجلسة البحث المنعقدة بمكتب السيد القاضي المقرر بتاريخ 29/9/2009.
وبناء على مذكرة المستنتجات بعد البحث المدلى بها من طرف المدعي بواسطة نائبه بتاريخ 29/10/2009 ، أكد فيها على أن الضرائب التي فرضت عليه لم تكن مستحقة كما انتهى إلى ذلك تقرير المراجعة الذي أنجزته الإدارة نفسها وأكدت نتائجه اللجنة الوطنية ، وبالتالي كان على الإدارة إيقاف إجراءات الاستخلاص التي تباشرها الخزينة بناء على أوامرها ، كما أنه وجه لها كتابا ينبهها فيه إلى الأضرار اللاحقة به دون أن تستجيب له ، وهي الأضرار المتمثلة في شل نشاطه واضطراره لبيع أملاك أبنائه وزوجته بأثمان غير مناسبة ، وعدم تمكنه من تحويل شـــــــــــركة " فراش بكري " التي اقتناها ، كما أن حجز حسابه لدى البنك حال دون تحقيقه لمشروع ضخم بسلا الجديدة بعد إنجازه لكل الدراسات المتعلقة به ، والحكم بإجراء خبرة لتحديد كل تلك الأضرار ومقدار التعويض عنها ، مع حفظ حقه في تقديم مطالبه النهائية على ضوء الخبرة .
وبناء على المستنتجات عقب البحث المقدمة من طرف الإدارة بتاريـــــــــــخ 8/12/2009 ، لاحظت فيها بأن المدعي لم يدل بأي وثيقة تؤكد ادعاءاته بشأن تجميد حسابه البنكي وامتناع المؤسسات البنكية عن تمكينه من القروض ، وأن الإنذار الموجه إليها لم يتم إلا بتاريخ 9/2/2009 ، كما لم يثبت إجراءات التحصيل الجديدة التي بوشرت في مواجهته بعد 6/4/2009 تاريخ تبليغ الحكم القضائي النهائي القاضي بإلغاء الضرائب موضوع النزاع إلى الإدارة ، كما أن ادعاءه بخصوص بيع ممتلكات أبنائه مجانب للصواب لأن نشاطه التجاري تارة يستغله بصفته الشخصية وتارة عن طريق أبنائه القاصرين ، ملتمسة الحكم برفض الطلب .
وبناء على المذكرتين التوضيحية والإصلاحية ، والتفصيلية المدلى بهما من طرف المدعي بواسطة نائبه بتاريخ 17/4/2010 و 17/5/2010 ، أفاد فيهما بخصوص الطلب الإصلاحي باعتبار مسؤولية مديرية الضرائب قائمة على الخطأ المتمثل في فرض الضريبة تلقائيا بالمخالفة للقواعد المنظمة لها . وبالنسبة للأضرار اللاحقة به فقد حددها أولا في عدم تمكنه من مزاولة أنشطته في الإنعاش العــــــقاري
ومقاولات البناء بسبب الحجوزات التي مارستها الخزينة ، مما حرمه من فرص الاستثمار وفي أرباح مشروعة مقدرا التعويض عن ذلك في مبلغ 20.000.000,00 درهم . وتتمثل تلك الأضرار ثانيا في حرمانه من استعمال عجز معترف به من طرف الإدارة بالنسبة لسنة 1998 حددته في مبلغ 19.643.033,35 درهم ، ويبقى من حقه الحكم باسترجاع ذلك المبلغ . وتتمثل ثالثا في حرمانه من الحصول على قروض بنكية لأن استمرار الحجز يجعل أي مؤسسة بنكية ملزمة بتحويل الأموال الموجودة بالحساب المحجوز إلى القابض ، محددا التعويض عن ذلك في مبلغ 20.000.000,00 درهم . وتتمثل رابعا في المبالغ التي تكلفها من قبيل أتعاب المحامي الذي تولى الدفاع عنه في الدعاوى التي باشرها القابض في مواجهته هو وأبنائه القاصرين ، ينضاف إلى ذلك أتعاب الدفاع عن التقاضي بشأن إلغاء الضريبة موضوع النزاع ، والتقاضي بشأن تفويتات أجراها ولم تكتمل بسبب الحجوزات المستمرة على حساباته ، محددا الخسارات الناتجة عن أداء أتعاب الدفاع في مختلف تلك المساطر في مبلغ 15.000.000,00 درهم . وتتمثل خامسا في حرمانه من إتمام أضخم عملية استثمار في حياته ، المتمثلة في إقامة عمارات وتجمعات سكنية بمدينة سلا الجديدة ، كانت ستدر عليه حسب الدراسات المنجزة أرباحا تقدر ب 40 مليار درهم ، محددا التعويض عن هذا الضرر في مبلغ 20.000.000,00 درهم ، ملتمسا لأجله الحكم بمسؤولية مديرية الضرائب عن جميع الأضرار المذكورة ، والحكم عليها بأدائها لفائدته تعويضا قدره 100.000.000,00 درهم ، واحتياطيا إجراء خبرة حسابية لتحديد قيمة التعويض المستحق مع حفظ حقه في تقديم مستنتجاته النهائية إن اقتضى الحال .
وبناء على باقي الأوراق الأخرى المدرجة بملف المحكمة .
وبناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 23/6/2010 والقاضي بإجراء خبرة .
وبناء على تقرير الخبرة المضاف للملف والمنجز من طرف الخبير المحلف السيد إدريس فلكي .
وبناء على تقرير الخبرة التكميلي المضاف للملف والمنجز من طرف نفس الخبير .
وبناء على المستنتجات بعد الخبرة المدلى بها من الطرفين .
وبناء على إدراج القضية بعدة جلسات كانت آخرها يوم 17/01/2012 حضر خلالها الطرفان ، فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة وأعطت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد تقريره الكتابي ، فتم حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده .
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل : حيث قدم الطلب مستوفيا لجميع الشروط الشكلية المتطلبة قانونا مما يتعين معه الاستجابة إليه .
في الموضوع : حيث يروم الطلب الاصلي منه والختامي استصدار حكم بمسؤولية إدارة الضرائب والخزينة العامة
للمملكة عن الأضرار التي لحقت المدعي جراء إجراءات الاستخلاص التعسفية التي سلكت ضده بخصوص الضريبة على القيمة المضافة برسم سنة 1997 والضريبة العامة على الدخل برسم سنة 1997/1998 مع الحكم له بتعويض قدره 453.911.677,83 درهما.
أولا : فيما يتعلق بالمسؤولية : حيث تنص المادة 8 من القانون رقم 41/90 المحدثة بموجبه محاكم إدارية على أن هذه الأخيرة تختص بالبت في طلبات التعويض عن الأضرار الناتجة عن أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام ، كما أن الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود ينص على أن "الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها .
وحيث إن قيام المسؤولية الموجبة للتعويض على ضوء الفصلين المذكورين أعلاه يظل رهينا بتوافر ثلاث عناصر : الخطأ والضرر ثم العلاقة السببية بينهما .
أ- بخصوص الخطأ : حيث أسس المدعي طلبه على الخطأ المزدوج لكل من مديرية الضرائب من خلال فرض ضرائب غير مشروعة، و خطأ الخزينة العامة المتمثل في مباشرة إجراءات تحصيل تلك الضرائب.
وحيث دفعت إدارة الضرائب بعدم ارتكابها لأي خطأ موجب للمسؤولية على اعتبار أنها قامت باحترام مسطرة الفرض التلقائي وذلك بتوجيه الرسالة الأولى والثانية توصل بهما المدعي ولم يجب عليهما داخل الآجال المحددة قانونا ، مما يجعل الضريبة المتنازع بشأنها مفروضة بشكل قانوني .
وحيث دفعت الخزينة العامة للمملكة من جانبها بعدم ارتكابها لأي خطأ يرتب مسؤوليتها على اعتبار أنها باشرت إجراءات التحصيل من إشعارات للغير الحائز على حسابات المدعي ورهون جبرية على عقاراته وذلك تنفيذا للأمر بالتحصيل الذي توصلت به من طرف إدارة الضرائب .
وحيث استقر عمل القضاء الإداري على اشتراط ثبوت الخطأ الجسيم لقيام مسؤولية المصالح الضريبية لاعتبارات مستمدة من طبيعة المهام المسندة إليها والتي تكتنف مختلف عمليات تنفيذها صعوبات استثنائية تبرر ارتكابها لخطأ جسيم كأساس لقيام مسؤوليتها حسبما أكد عليه عمل الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قضية الوكيل القضائي للمملكة ضد إدريس عكدي من خلال قرارها عدد 434 الصادر بتاريخ 3/7/2003 في الملف الإداري رقم 341/4/2/2003 الذي ورد فيه "أن خطأ المرفق العام ثابت ويتمثل ذلك في فرض الضريبة مرتين على نفس السبب رغم الأداء " ، كما أن قضاء هذه المحكمة سار على اعتبار الخطأ المتمثل في التماطل في تنفيذ الأحكام الصادرة في المادة الضريبية يشكل خطأ جسيما بما يكفي للتصريح بقيام مسؤولية المصالح الضريبية وذلك على غرار القضاء الإداري المقارن الذي أكد هو
الآخر مبدأ مسؤولية المرفق الضريبي على أساس الخطأ الجسيم كما يصادف في قضية BOURGEOIS من خلال قرار مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ في 27/7/1990 ملف عدد 44/676 وتتلخص وقائعه في تقديم المعني بالأمر لتصريح بتقاضيه لأجر محدد ، غير أن المصالح الضريبية نتيجة لخطأ مادي احتسبت الضريبة على أساس تقاضيه لأجر آخر يفوق الأجر المصرح به ، وكان هذا الملزم قد اختار نظام الاقتطاع الشهري ، فقامت الإدارة بإخباره بمبلغ الضريبة والمبالغ التي لا زال يتعين تحصيلها ثم حاولت اقتطاع باقي الضريبة في آخر السنة دون جدوى لانعدام الرصيد الكافي في الحساب ثم قررت استحقاق الاقتطاعات العشر للسنة المقبلة بالارتكاز على الضريبة المفروضة خطأ وأجرت اقتطاعا أولا في شهر يناير من تلك السنة مما دفع الملزم إلى تقديم مطالبة في الموضوع وبعد حصوله على إسقاط واسترداد المبالغ الغير المستحقة طالب بتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب الإجراءات العديدة التي قام بها ، فقضى مجلس الدولة : " بأن الأخطاء المرتكبة في التناوب والمعالجة المعلوماتية للتصريحات وفي التنفيذ الآلي للاقتطاعات الشهرية تكفي لإقامة مسؤولية الدولة بمجرد أن يتعلق الأمر بأخطاء مرتكبة أثناء تنفيذ عمليات تتعلق بفرض وتحصيل الضريبة بدون أن تتضمن صعوبات استثنائية تتمثل في تقدير وضعية الملزم .
وحيث إنه بالرجوع إلى نازلة الحال وبعد اطلاع المحكمة على أوراق الملف ومستنداته اتضح لها من جهة أن إدارة الضرائب بعد فرضها للضرائب تلقائيا على المدعي وتظلم هذا الأخير قامت بإجراء مراجعة ضريبية وتحقيق كلفت به أحد المفتشين المحققين التابعين لإدارتها والذي خلص في تقريره المؤرخ في 20/3/2003 والمضاف للملف إلى كون المدعي قد حقق في إطار نتائج غير نهائية عجزا برسم سنة 1997 بمبلغ 21.268.033,35 درهم وبرسم سنة 1998 عجزا بمبلغ 19.643.033,38 درهم وهو التقرير الذي أيدته اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 24/7/2006 في الملف رقم 730/6 ، كما تبنته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرارها عدد 116 بتاريخ 11/02/2009 الصادر في الملف رقم 567/4/2/2007 الذي أكد من خلال حيثياته أن موقف الإدارة الضريبية يتنافى مع الفرض التلقائي للضرائب موضوع النزاع باستثناء ما تعلق منها بالحد الأدنى للاشتراك والذي حدده المفتش المحقق نفسه في مبلغ 98.842,50 درهم وهو ما ينسجم ومقتضيات المادة 144 من المدونة العامة للضرائب ، وليس في المبالغ التي تضمنتها الأوامر بالتحصيل المفروضة في إطار الفرض التلقائي ، وبالتالي فإن إصرار إدارة الضرائب المدعى عليها على موقفها الضريبي من خلال تمسكها بالأوامر بالتحصيل وما تضمنته من المبالغ الأولى دون الأخذ بعين الاعتبار النتائج التي توصل إليها المفتش المحقق المكلف من طرفها بصفته موظفا تابعا لها يشكل في حد ذاته خطأ جسيما وتعسفا في حق المدعي سيما وأن تقرير المفتش المحقق تم تأييده من طرف اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة بتاريخ 24/07/2006 في الملف عدد 730/06 ، وبالتالـــي فإنها أهدرت الغاية من إجراء تحقيق ما دامت لم تحترمه ولم تتقيد بمضمونه ولم تلجأ بالتالي إلى فرضه على الملزم .
وحيث إنه من جهة ثانية، فإن استصدار المدعي لقرار قضائي نهائي عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) حائز لقوة الشيء المقضي به قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر عن هاته المحكمة والقاضي ببطلان مسطرة الفرض التلقائي للضريبة مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك والمتعلق بنفس الضرائب موضوع النازلة وتبليغ القرار المذكور لإدارة الضرائب بشكل قانوني بتاريخ 06/4/2009 حسب الثابت من شهادة التبليغ المضافة للملف المؤرخة في 05/10/2009 ، كان يحتم عليها احتراما لقدسية الأحكام القضائية النهائية التراجع عن موقفها امتثالا لما أقرته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرارها المومأ إليه أعلاه وذلك باعتماد ما خلص إليه المفتش المحقق واستبعاد المبالغ التي تضمنتها الأوامر بالتحصيل التي أضحت بقوة القانون غير مشروعة وبالتالي فإن ما استتبعها من إجراءات التحصيل يكون والعدم سواء استنادا لقاعدة "ما بني على باطل فهو باطل"، و عليه كان يتعين على إدارة الضرائب إصدار أوامر تحصيل جديدة تتضمن الحد الأدنى للاشتراك وإبلاغ الخزينة العامة للمملكة بذلك حتى تقوم هذه الأخيرة بالتراجع عن إجراءات التحصيل التي سبق أن باشرتها في مواجهة المدعي، إلا أنها تمسكت بموقفها السابق وبما تضمنه الفرض التلقائي من مبالغ، مصرة على الاستمرار في الخطأ الجسيم وفي ذلك مساس بمبدأ قدسية الأحكام على اعتبار أنه لا قيام لدولة الحق والقانون إلا بإعلاء مبدأ خضوع الدولة للقانون وسيادة المشروعية، ولا قيمة لهذا المبدأ ما لم يقترن بمبدأ تقديس واحترام أحكام القضاء والتسليم بمضمونها .
وحيث إنه من جهة ثالثة فإن الثابت من خلال أوراق الملف ومستنداته أن القابض قد باشر إجراءات التحصيل تنفيذا للأوامر الصادرة عن مديرية الضرائب وذلك بواسطة مسطرة الإشعار للغير الحائز في مواجهة المدعي وهو ما أكده المدير العام للضرائب من خلال مذكرته المضافة للملف والمؤشر عليها بكتابة ضبط هاته المحكمة بتاريخ 22/6/2011 إذ جاء في صفحتها الثالثة(الفقرة 3) "أن الضريبة التي صدرت في مواجهة المدعي ظلت ومنذ صدورها ضريبة على ورق إذ أنه لم تتخذ أية إجراءات جبرية في مواجهته باستثناء مسطرة الإشعار للغير الحائز التي لم تفض إلى أية نتيجة ولم تمكن القابض من تحصيل أي مبلغ بسبب عدم وجود رصيد في حسابات المدعي "، وهو ما أكده كذلك الخازن الإقليمي بالرباط من خلال كتابه المسلم للخبير المعين في الملف والمضاف لتقرير الخبرة المنجزة في الملف وكذا من خلال مذكرته المؤشر عليها بكتابة ضبط هاته المحكمة بتاريخ 27/5/2011 ، واللذان يشهد فيهما أنه قد باشر مسطرة الإشعار للغير الحائز على حسابات المدعي لدى كل من الشركة العامة المغربية للأبناك والبنك المغربي للتجارة والصناعة ومصرف المغرب، كما قام بإجراء رهون جبرية على عقارات المدعي ذات الرسوم العقارية عدد 123423/03 و 108134/03 و 123466/03 وذلك تنفيذا للأوامر بالتحصيل الصادرة بخصوص نفس الضرائب التي تم التحقيق بشأنها من طرف إدارة الضرائب والتي ألغيت قضائيا و هو ما يشكل إقرارا قضائيا انسجاما مع مقتضيات الفصلين 405 و 410 من قانون الالتزامات و العقود .
وحيث إن مسطرة الإشعار للغير الحائز التي تباشرها القباضة لا تتوقف آثارها عند عدم وجود مؤونة بالحساب المحجوز وإنما يظل الحساب مقيدا ومحجوزا إلى غاية استكمال المبلغ المحجوز، وعليه فإن هاته المسطرة ذات آثار مستمرة في الواقع ولا تزول إلا بتحقيق الهدف منها أو برفعها من طرف مصدرها أو بحكم قضائي، مما يعني أن الحسابات البنكية التي مورست عليها مسطرة الإشعار للغير الحائز تظل مقيدة ولا يجوز بالتالي لصاحبها أن يستفيد منها أو يستعملها إلا بزوال الدين موضوع مسطرة الإشعار للغير الحائز ، وبالتالي فإن الخازن العام للمملكة على الرغم من كونه باشر إجراءات التحصيل بناء على أوامر بالتحصيل صادرة بشكل غير قانوني ، فإنه يظل مع ذلك غير مرتكب لأي خطأ موجب للمسؤولية ما دام قد باشر إجراءات التحصيل وفق ما يلزمه به القانون سيما المادة 101 القانون رقم 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، و تكون إدارة الضرائب هي المسؤولة عن خطئها الجسيم المفصل أعلاه وما ترتب عنه من أضرار
ب- بخصوص الضرر: حيث تمسك المدعي بكون الخطأ المرتكب من طرف إدارة الضرائب والمتمثل في سلوكها لمسطرة الفرض التلقائي بشكل مخالف للقانون ومباشرتها لإجراءات التحصيل بواسطة مسطرة الإشعار للغير الحائز والرهن الجبري على عقاراته تسبب له في غل يده عن التصرف في حساباته البنكية والاستفادة من القروض التي يحتاجها لتمويل مشاريعه العقارية مما حرمه من الاستثمار وبالتالي فوت عليه فرص الربح ، فضلا عن الأضرار المعنوية والنفسية المترتبة عن هذا الحجز.
وحيث إن ضوابط تحديد الضرر الموجب للتعويض نظمها المشرع من خلال الفصلين 79 و98 من قانون الالتزامات والعقود وذلك في إطار عنصرين وهما ما لحق المتضرر من خسارة وما فاته من كسب وفي كليهما يشترط أن يكون الضرر نتيجة مباشرة للفعل المرتكب الذي يجسد عنصر الخطأ في دعوى المسؤولية ، وأن يكون محقق الوقوع وإن كان ذلك مستقبلا ، لا أن يكون ضررا احتماليا ، وهو ما تواتر عليه الاجتهاد القضائي من كون الضرر المستحق للتعويض هو ذاته الضرر الناتج مباشرة عن خطأ الإدارة والمحقق في الواقع أي الضرر الحال حسب ما استقر عليه أيضا القضاء الإداري المقارن من خلال قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ 27/7/1990 ملف عدد 44676 قضية BOURGEOIS ، وقرار محكمة الاستئناف الإدارية بنانسي الصادر بتاريخ 03/9/1994 في الملف رقم 900425NC91 .
وحيث انه لاجدال بين الطرفين على تحقق توقف المدعي عن مزاولة نشاطه المهني بصفة نهائية منذ سنة 1999 الذي تزامن مع إخضاعه لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة التي كانت موضوع تنفيذ منذ تاريخ 31/12/2001 كما أكد عليه قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 116 وتاريخ 11/2/2009 رغم صيرورتها ملغاة بمقتضى هذا السند القضائي النهائي، مما يشكل بوضوح ضررا جليا بالمركز القانوني للمدعي حتى مع تسجيله لعجز برسم السنة السابقة للفرض المذكور حسبما تمسكت به الإدارة الجبائية طالما ان الضوابط الضريبية المعمول بها
تحفظ لمن وجد في مثل هذا المركز القانوني الحق في إمكانية خصم العجز من أرباح السنوات المحاسبية الموالية لغاية السنة الرابعة التي تلي السنة المحاسبية التي حصل فيها العجز عملا بمقتضيات المادة 112 من المدونة العامة للضرائب المحال عليها بمقتضى المادة 144 من نفس المدونة وهو ما تعذر تحققه بسبب التوجيب الضريبي غير المشروع الذي طال المدعي وحال دون استفادته من العجز القابل للترحيل برسم السنوات الثلاث اللاحقة.
ج- بخصوص العلاقة السببية : حيث إنه وفقا للشريعة العامة للمسؤولية الموجبة للتعويض فإن هذا الأخير لا يكون مستحقا إلا إذا ثبت وجود ضرر محقق مرده الخطأ المقترف من طرف الإدارة.
وحيث إنه بالرجوع إلى نازلة الحال يتضح جليا أن الضرر اللاحق بالمدعي والمتمثل في توقفه عن مزاولة نشاطه كان نتيجة مباشرة للخطأ المرتكب من طرف الإدارة على اعتبار أن التوقف كان خلال سنة 1999 وهي السنة الموالية لمباشرة إجراءات التحصيل في مواجهته ، فضلا عن الضرر المعنوي الذي يعتبر نتيجة مباشرة للإجراءات التعسفية الممارسة في مواجهته مما يجعل العلاقة السببية بين الخطأ الجسيم الغير مقترن بصعوبات استثنائية تحول دون تقدير الوضعية الجبائية للمدعي بشكل سليم والضرر قائمة في النازلة .
فيما يتعلق بالتعويض : حيث إنه لتحديد الأضرار اللاحقة بالمدعي قضت المحكمة تمهيديا بإجراء خبرة أسندت مهمة القيام بها للخبير المحلف السيد إدريس فلكي الذي خلص في تقريره إلى تحديد التعويض المستحق للمدعي في مبلغ 453.911.677,83 درهما يتضمن ما فاته من ربح جراء حرمانه من الاستثمار في مشروع سلا الجديدة والمحدد في مبلغ 433.668.846,58 درهما وكذا مبلغ 599.797,90 درهما الذي يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة ومبلغ 19.643.033,35 درهما الذي يتعلق بالضريبة على الدخل.
وحيث ان الثابت من اوراق الملف أن المدعي توقف عن مباشرة نشاطه في مجال الاستثمار العقاري منذ سنة 1999 الموالية لتاريخ فرض الضريبة أعلاه المقترن بتحريك اجراءات التحصيل الجبري لهذه الضريبة مما يجعله محقا في الحصول على التعويض عن الضرر اللاحق به من جراء هذه الفرض الضريبي والمثمتل في تفويت فرصة الاستفادة من العجز القابل للترحيل برسم الضريبة على الدخل وقدره 19.643.033,35 درهم طيلة السنوات المحاسبية الى غاية السنة الرابعة التي تلت السنة المحاسبية التي حصل فيها العجز عملا بمقتضيات المادة 112 من المدونة العامة للضرائب المحال عليها بمقتضى المادة 144 من نفس المدونة فضلا عن حرمانه من استرداد مبلغ 599.797,90 درهم المسجل كعجز لفائدته بخصوص الضريبة على القيمة المضافة كما اكده المفتش المحقق في تقريره المؤرخ في 20/3/2003 .
إضافة الى تعويض مادي من جراء التوقف النهائي عن العمل بسبب الخطأ الجسيم للإدارة المدعى عليها وعدم الاستفادة من المبالغ المستحقة منذ سنة 1999 لغاية تاريخ تقديم الطلب علاوة على الضرر المعنوي المجمع فقه القضاء الإداري على استحقاق الطرف المتضرر له والمتمثل في النازلة في المساس بسمعة المدعي
في السوق العقارية كما اكد عليه القضاء المقارن لقرار محكمة الاستئناف بنانسي المؤرخ في 03/9/1994 ملف عدد 91 ن س 425 وبالتالي فان المحكمة بمراعاة منها لهذه العناصر ومراكز الاطراف تحدد التعويض في اطار سلطتها التقديرية المخولة في هذا المجال في مبلغ اجمالي قدره 50.242.831,25 درهما جبرا لجميع الاضرار اللاحقة بالمدعي، وذلك بعد مصادقتها جزئيا على تقرير الخبير المنتدب السيد ادريس فلكي لاحترامه لجميع المعطيات الشكلية وابرازه لمعطيات ضريبية موضوعية دون باقي المعطيات المتعلقة بمشروع سلا الجديدة مادام ان الخبير المذكور قد اعتمد بمناسبتها على وثيقة هي عبارة عن رسالة جوابية لاترقى الى درجة الوعد بالبيع حتى يجوز ترتيب اثارها القانونية في مجال تقدير التعويض.
وحيث انه لا داعي لإشفاع الحكم بالنفاذ المعجل لعدم قيام حالة قانونية تستدعي ذلك
وحيث ان طلب الفوائد القانونية غير مبرر من الناحية القانونية وحليف الرفض.
وحيث يتحمل خاسر الدعوى صائرها.
المنطوق
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90.41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية، وقانون المسطرة المدنية والمدونة العامة للضرائب ومدونة تحصيل الديون العمومية و قانون الالتزامات و العقود .
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا حضوريا :
في الشكل : بقبول الطلب .
في الموضوع : بأداء المديرية العامة للضرائب في شخص ممثلها القانوني لفائدة المدعي تعويضا إجماليا قدره 50.242.831,25 درهما خمسون مليون ومائتان واثنان وأربعون ألف وثمانمائة وواحد وثلاثون درهما وخمسة وعشرون سنتيما وتحميلها المصاريف .
وطبقا للقانون
بتاريخ 7/2/2012
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
عبد الله فكار..........................................رئيسا ومقررا
ذ محمد الحمزاوي ................................... عضوا
حنان حمداوي ...................................عضوا
بحضور السيد محمد النوري ...................مفوضا ملكيا
وبمساعدة السيد عبد الحكيم الأحرش ....................كاتب الضبط
الوقائع
بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المسجل بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريــــخ 2/3/2009 ، المؤداة عنه الرسوم القضائية ، يعرض فيه المدعي بواسطة نائبه أنه توصل بأربعة إشعارات لأداء الضريبة على القيمة المضافة برسم سنة 1997 ، وبإشعار لأداء الضريبة العامة على الدخل عن سنة 1997/1998 ، بادر على إثره إلى رفع تظلم إلى إدارة الضرائب ، وبعد الاجتماع الذي تم بين أطر هذه الأخيرة ومحاسبه السيد الرياحي في 23 و 25 شتنبر 2002 ، تم الاتفاق على تحديد مبلغ الدين الضريبي في 100.000,00 درهم ، إلا أن المدير العام للضرائب رفض التوقيع على ذلك الاتفاق دون سبب مشروع ، مما اضطره إلى اللجوء إلى القضاء حيث استصدر حكما نهائيا ببطلان مسطرة الفرض الضريبي . إلا أن الإدارة كانت قد تابعت إجراءات التحصيل وقامت بحجز أملاكه والتعرض على حساباته بين يدي الأبناك مما أدى إلى شل نشاطه المتمثل في الإنعاش والمضاربة العقاريين ، وهي الإجراءات التي لم تكن مؤسسة على سند قانوني بدليل حكم القضاء ، وأيضا تقرير المراجعة التي قامت بها الإدارة نفسها وأسفرت على كونه دائنا للإدارة وليس مدينا ، وأن مسؤولية الإدارة استنادا إلى مقتضيات الفصلين 78 و 79 من قانون الالتزامات والعقود ثابتة . لذا فهو يلتمس الحكم بمسؤولية إدارة الضرائب والخزينة العامة للمملكة عن الأضرار الجسيمة التي لحقت به من جراء إجراءات الاستخلاص التعسفية التي سلكتها ضده ، والحكم له بتعويض مسبق قدره 2.000.000,00 درهم، والحكم بإجراء خبرة لتحديد كل الأضرار اللاحقة به وتقييمها ، مع حفظ حقه في تقديم مطالبه النهائية بعد إنجازها .
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف القباضة المتخصصة بالرباط المؤشر عليها بتاريخ 25/3/2009 ، الرامية أساسا إلى إخراجها من الدعوى لتعلقها
بمديرية الضرائب التي لم يتلق منها القابض أي قرار بإلغاء إجراءات التحصيل ، واحتياطيا الحكم برفض الطلب لعدم تكوين الضمانة طبقا لمقتضيات المادة 117 من مدونة تحصيل الديون العمومية .
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف مديرية الضرائب بتاريـــخ 3/4/2009 ، لاحظت فيها بأن المدعي مارس جميع الضمانات المخولة له قانونا على غرار باقي الملزمين الذين يودون المنازعة في الوعاء أو التحصيل ، والتي انتهت بصدور قرار المجلس الأعلى عدد 773 بتاريخ 12/9/2007 ، القاضي بإلغاء الحكم المستأنف الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بإلغاء مسطرة الفرض الضريبي ، والحكم من جديد بعدم قبول الطلب . وبخصوص الادعاء بقيام إدارة الضرائب بالحجز على ممتلكاته ، أفادت بأن إجراءات التحصيل تعود لاختصاص الخازن العام للمملكة ، وأن القابض المكلف بالتحصيل كان ملزما بمباشرة تلك الإجراءات باعتباره غير ملزم بانتظار نتيجة الطعن ، وأن المدعي لم يستصدر حكما بإيقاف تنفيذ الأمر بالتحصيل حائزا لقوة الشيء المقضي به ، كما عجز عن إثبات خطأ مديرية الضرائب حتى تقوم مسؤوليتها عن الأضرار التي لحقت به ، باعتبارها قامت بكل ما في وسعها لحثه على إيداع إقراره قبل لجوئها إلى
الفرض التلقائي للضريبة، إلى جانب عدم إثباته للأضرار المادية والمعنوية المدعى لحقوقها به . وبالنسبة للاتفاق المحتج به ، أكدت بأنه لا وجود لأي اتفاق مع المدعي، وإلا فما عليه إلا تقديمه للمحكمة ، ملتمسة لأجله الحكم برفض الطلب .
وبناء على المذكرة المدلى بها من طرف القباضة المؤشر عليها بتاريـــــــــخ 6/4/2009 ، أدلت من خلالها بنسخة من مستخرج الجداول في اسم المدعي .
وبناء على مذكرة الوثائق المقدمة من طرف المدعي بواسطة نائبه بتاريـــخ 13/4/2009 ، أرفقها بمجموعة من الوثائق المعززة للطلب .
وبناء على المذكرة التأكيدية المدلى بها من طرف المدعي بواسطة نائبه بتاريخ 18/5/2009 ، الرامية إلى تأكيد مقاله الافتتاحي استنادا إلى تقرير المراجعة والقرار الصادر عن المجلس الأعلى في الملف عدد 567/4/2/2007 بتاريخ 11/2/2009 .
وبناء على الحكم التمهيدي الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 15/7/2009 تحت عدد 1431 ، القاضي بإجراء بحث .
وبناء على ما راج بجلسة البحث المنعقدة بمكتب السيد القاضي المقرر بتاريخ 29/9/2009.
وبناء على مذكرة المستنتجات بعد البحث المدلى بها من طرف المدعي بواسطة نائبه بتاريخ 29/10/2009 ، أكد فيها على أن الضرائب التي فرضت عليه لم تكن مستحقة كما انتهى إلى ذلك تقرير المراجعة الذي أنجزته الإدارة نفسها وأكدت نتائجه اللجنة الوطنية ، وبالتالي كان على الإدارة إيقاف إجراءات الاستخلاص التي تباشرها الخزينة بناء على أوامرها ، كما أنه وجه لها كتابا ينبهها فيه إلى الأضرار اللاحقة به دون أن تستجيب له ، وهي الأضرار المتمثلة في شل نشاطه واضطراره لبيع أملاك أبنائه وزوجته بأثمان غير مناسبة ، وعدم تمكنه من تحويل شـــــــــــركة " فراش بكري " التي اقتناها ، كما أن حجز حسابه لدى البنك حال دون تحقيقه لمشروع ضخم بسلا الجديدة بعد إنجازه لكل الدراسات المتعلقة به ، والحكم بإجراء خبرة لتحديد كل تلك الأضرار ومقدار التعويض عنها ، مع حفظ حقه في تقديم مطالبه النهائية على ضوء الخبرة .
وبناء على المستنتجات عقب البحث المقدمة من طرف الإدارة بتاريـــــــــــخ 8/12/2009 ، لاحظت فيها بأن المدعي لم يدل بأي وثيقة تؤكد ادعاءاته بشأن تجميد حسابه البنكي وامتناع المؤسسات البنكية عن تمكينه من القروض ، وأن الإنذار الموجه إليها لم يتم إلا بتاريخ 9/2/2009 ، كما لم يثبت إجراءات التحصيل الجديدة التي بوشرت في مواجهته بعد 6/4/2009 تاريخ تبليغ الحكم القضائي النهائي القاضي بإلغاء الضرائب موضوع النزاع إلى الإدارة ، كما أن ادعاءه بخصوص بيع ممتلكات أبنائه مجانب للصواب لأن نشاطه التجاري تارة يستغله بصفته الشخصية وتارة عن طريق أبنائه القاصرين ، ملتمسة الحكم برفض الطلب .
وبناء على المذكرتين التوضيحية والإصلاحية ، والتفصيلية المدلى بهما من طرف المدعي بواسطة نائبه بتاريخ 17/4/2010 و 17/5/2010 ، أفاد فيهما بخصوص الطلب الإصلاحي باعتبار مسؤولية مديرية الضرائب قائمة على الخطأ المتمثل في فرض الضريبة تلقائيا بالمخالفة للقواعد المنظمة لها . وبالنسبة للأضرار اللاحقة به فقد حددها أولا في عدم تمكنه من مزاولة أنشطته في الإنعاش العــــــقاري
ومقاولات البناء بسبب الحجوزات التي مارستها الخزينة ، مما حرمه من فرص الاستثمار وفي أرباح مشروعة مقدرا التعويض عن ذلك في مبلغ 20.000.000,00 درهم . وتتمثل تلك الأضرار ثانيا في حرمانه من استعمال عجز معترف به من طرف الإدارة بالنسبة لسنة 1998 حددته في مبلغ 19.643.033,35 درهم ، ويبقى من حقه الحكم باسترجاع ذلك المبلغ . وتتمثل ثالثا في حرمانه من الحصول على قروض بنكية لأن استمرار الحجز يجعل أي مؤسسة بنكية ملزمة بتحويل الأموال الموجودة بالحساب المحجوز إلى القابض ، محددا التعويض عن ذلك في مبلغ 20.000.000,00 درهم . وتتمثل رابعا في المبالغ التي تكلفها من قبيل أتعاب المحامي الذي تولى الدفاع عنه في الدعاوى التي باشرها القابض في مواجهته هو وأبنائه القاصرين ، ينضاف إلى ذلك أتعاب الدفاع عن التقاضي بشأن إلغاء الضريبة موضوع النزاع ، والتقاضي بشأن تفويتات أجراها ولم تكتمل بسبب الحجوزات المستمرة على حساباته ، محددا الخسارات الناتجة عن أداء أتعاب الدفاع في مختلف تلك المساطر في مبلغ 15.000.000,00 درهم . وتتمثل خامسا في حرمانه من إتمام أضخم عملية استثمار في حياته ، المتمثلة في إقامة عمارات وتجمعات سكنية بمدينة سلا الجديدة ، كانت ستدر عليه حسب الدراسات المنجزة أرباحا تقدر ب 40 مليار درهم ، محددا التعويض عن هذا الضرر في مبلغ 20.000.000,00 درهم ، ملتمسا لأجله الحكم بمسؤولية مديرية الضرائب عن جميع الأضرار المذكورة ، والحكم عليها بأدائها لفائدته تعويضا قدره 100.000.000,00 درهم ، واحتياطيا إجراء خبرة حسابية لتحديد قيمة التعويض المستحق مع حفظ حقه في تقديم مستنتجاته النهائية إن اقتضى الحال .
وبناء على باقي الأوراق الأخرى المدرجة بملف المحكمة .
وبناء على الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 23/6/2010 والقاضي بإجراء خبرة .
وبناء على تقرير الخبرة المضاف للملف والمنجز من طرف الخبير المحلف السيد إدريس فلكي .
وبناء على تقرير الخبرة التكميلي المضاف للملف والمنجز من طرف نفس الخبير .
وبناء على المستنتجات بعد الخبرة المدلى بها من الطرفين .
وبناء على إدراج القضية بعدة جلسات كانت آخرها يوم 17/01/2012 حضر خلالها الطرفان ، فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة وأعطت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد تقريره الكتابي ، فتم حجز الملف للمداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده .
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل : حيث قدم الطلب مستوفيا لجميع الشروط الشكلية المتطلبة قانونا مما يتعين معه الاستجابة إليه .
في الموضوع : حيث يروم الطلب الاصلي منه والختامي استصدار حكم بمسؤولية إدارة الضرائب والخزينة العامة
للمملكة عن الأضرار التي لحقت المدعي جراء إجراءات الاستخلاص التعسفية التي سلكت ضده بخصوص الضريبة على القيمة المضافة برسم سنة 1997 والضريبة العامة على الدخل برسم سنة 1997/1998 مع الحكم له بتعويض قدره 453.911.677,83 درهما.
أولا : فيما يتعلق بالمسؤولية : حيث تنص المادة 8 من القانون رقم 41/90 المحدثة بموجبه محاكم إدارية على أن هذه الأخيرة تختص بالبت في طلبات التعويض عن الأضرار الناتجة عن أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام ، كما أن الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود ينص على أن "الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها .
وحيث إن قيام المسؤولية الموجبة للتعويض على ضوء الفصلين المذكورين أعلاه يظل رهينا بتوافر ثلاث عناصر : الخطأ والضرر ثم العلاقة السببية بينهما .
أ- بخصوص الخطأ : حيث أسس المدعي طلبه على الخطأ المزدوج لكل من مديرية الضرائب من خلال فرض ضرائب غير مشروعة، و خطأ الخزينة العامة المتمثل في مباشرة إجراءات تحصيل تلك الضرائب.
وحيث دفعت إدارة الضرائب بعدم ارتكابها لأي خطأ موجب للمسؤولية على اعتبار أنها قامت باحترام مسطرة الفرض التلقائي وذلك بتوجيه الرسالة الأولى والثانية توصل بهما المدعي ولم يجب عليهما داخل الآجال المحددة قانونا ، مما يجعل الضريبة المتنازع بشأنها مفروضة بشكل قانوني .
وحيث دفعت الخزينة العامة للمملكة من جانبها بعدم ارتكابها لأي خطأ يرتب مسؤوليتها على اعتبار أنها باشرت إجراءات التحصيل من إشعارات للغير الحائز على حسابات المدعي ورهون جبرية على عقاراته وذلك تنفيذا للأمر بالتحصيل الذي توصلت به من طرف إدارة الضرائب .
وحيث استقر عمل القضاء الإداري على اشتراط ثبوت الخطأ الجسيم لقيام مسؤولية المصالح الضريبية لاعتبارات مستمدة من طبيعة المهام المسندة إليها والتي تكتنف مختلف عمليات تنفيذها صعوبات استثنائية تبرر ارتكابها لخطأ جسيم كأساس لقيام مسؤوليتها حسبما أكد عليه عمل الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قضية الوكيل القضائي للمملكة ضد إدريس عكدي من خلال قرارها عدد 434 الصادر بتاريخ 3/7/2003 في الملف الإداري رقم 341/4/2/2003 الذي ورد فيه "أن خطأ المرفق العام ثابت ويتمثل ذلك في فرض الضريبة مرتين على نفس السبب رغم الأداء " ، كما أن قضاء هذه المحكمة سار على اعتبار الخطأ المتمثل في التماطل في تنفيذ الأحكام الصادرة في المادة الضريبية يشكل خطأ جسيما بما يكفي للتصريح بقيام مسؤولية المصالح الضريبية وذلك على غرار القضاء الإداري المقارن الذي أكد هو
الآخر مبدأ مسؤولية المرفق الضريبي على أساس الخطأ الجسيم كما يصادف في قضية BOURGEOIS من خلال قرار مجلس الدولة الفرنسي المؤرخ في 27/7/1990 ملف عدد 44/676 وتتلخص وقائعه في تقديم المعني بالأمر لتصريح بتقاضيه لأجر محدد ، غير أن المصالح الضريبية نتيجة لخطأ مادي احتسبت الضريبة على أساس تقاضيه لأجر آخر يفوق الأجر المصرح به ، وكان هذا الملزم قد اختار نظام الاقتطاع الشهري ، فقامت الإدارة بإخباره بمبلغ الضريبة والمبالغ التي لا زال يتعين تحصيلها ثم حاولت اقتطاع باقي الضريبة في آخر السنة دون جدوى لانعدام الرصيد الكافي في الحساب ثم قررت استحقاق الاقتطاعات العشر للسنة المقبلة بالارتكاز على الضريبة المفروضة خطأ وأجرت اقتطاعا أولا في شهر يناير من تلك السنة مما دفع الملزم إلى تقديم مطالبة في الموضوع وبعد حصوله على إسقاط واسترداد المبالغ الغير المستحقة طالب بتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب الإجراءات العديدة التي قام بها ، فقضى مجلس الدولة : " بأن الأخطاء المرتكبة في التناوب والمعالجة المعلوماتية للتصريحات وفي التنفيذ الآلي للاقتطاعات الشهرية تكفي لإقامة مسؤولية الدولة بمجرد أن يتعلق الأمر بأخطاء مرتكبة أثناء تنفيذ عمليات تتعلق بفرض وتحصيل الضريبة بدون أن تتضمن صعوبات استثنائية تتمثل في تقدير وضعية الملزم .
وحيث إنه بالرجوع إلى نازلة الحال وبعد اطلاع المحكمة على أوراق الملف ومستنداته اتضح لها من جهة أن إدارة الضرائب بعد فرضها للضرائب تلقائيا على المدعي وتظلم هذا الأخير قامت بإجراء مراجعة ضريبية وتحقيق كلفت به أحد المفتشين المحققين التابعين لإدارتها والذي خلص في تقريره المؤرخ في 20/3/2003 والمضاف للملف إلى كون المدعي قد حقق في إطار نتائج غير نهائية عجزا برسم سنة 1997 بمبلغ 21.268.033,35 درهم وبرسم سنة 1998 عجزا بمبلغ 19.643.033,38 درهم وهو التقرير الذي أيدته اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 24/7/2006 في الملف رقم 730/6 ، كما تبنته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرارها عدد 116 بتاريخ 11/02/2009 الصادر في الملف رقم 567/4/2/2007 الذي أكد من خلال حيثياته أن موقف الإدارة الضريبية يتنافى مع الفرض التلقائي للضرائب موضوع النزاع باستثناء ما تعلق منها بالحد الأدنى للاشتراك والذي حدده المفتش المحقق نفسه في مبلغ 98.842,50 درهم وهو ما ينسجم ومقتضيات المادة 144 من المدونة العامة للضرائب ، وليس في المبالغ التي تضمنتها الأوامر بالتحصيل المفروضة في إطار الفرض التلقائي ، وبالتالي فإن إصرار إدارة الضرائب المدعى عليها على موقفها الضريبي من خلال تمسكها بالأوامر بالتحصيل وما تضمنته من المبالغ الأولى دون الأخذ بعين الاعتبار النتائج التي توصل إليها المفتش المحقق المكلف من طرفها بصفته موظفا تابعا لها يشكل في حد ذاته خطأ جسيما وتعسفا في حق المدعي سيما وأن تقرير المفتش المحقق تم تأييده من طرف اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة بتاريخ 24/07/2006 في الملف عدد 730/06 ، وبالتالـــي فإنها أهدرت الغاية من إجراء تحقيق ما دامت لم تحترمه ولم تتقيد بمضمونه ولم تلجأ بالتالي إلى فرضه على الملزم .
وحيث إنه من جهة ثانية، فإن استصدار المدعي لقرار قضائي نهائي عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) حائز لقوة الشيء المقضي به قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر عن هاته المحكمة والقاضي ببطلان مسطرة الفرض التلقائي للضريبة مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك والمتعلق بنفس الضرائب موضوع النازلة وتبليغ القرار المذكور لإدارة الضرائب بشكل قانوني بتاريخ 06/4/2009 حسب الثابت من شهادة التبليغ المضافة للملف المؤرخة في 05/10/2009 ، كان يحتم عليها احتراما لقدسية الأحكام القضائية النهائية التراجع عن موقفها امتثالا لما أقرته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرارها المومأ إليه أعلاه وذلك باعتماد ما خلص إليه المفتش المحقق واستبعاد المبالغ التي تضمنتها الأوامر بالتحصيل التي أضحت بقوة القانون غير مشروعة وبالتالي فإن ما استتبعها من إجراءات التحصيل يكون والعدم سواء استنادا لقاعدة "ما بني على باطل فهو باطل"، و عليه كان يتعين على إدارة الضرائب إصدار أوامر تحصيل جديدة تتضمن الحد الأدنى للاشتراك وإبلاغ الخزينة العامة للمملكة بذلك حتى تقوم هذه الأخيرة بالتراجع عن إجراءات التحصيل التي سبق أن باشرتها في مواجهة المدعي، إلا أنها تمسكت بموقفها السابق وبما تضمنه الفرض التلقائي من مبالغ، مصرة على الاستمرار في الخطأ الجسيم وفي ذلك مساس بمبدأ قدسية الأحكام على اعتبار أنه لا قيام لدولة الحق والقانون إلا بإعلاء مبدأ خضوع الدولة للقانون وسيادة المشروعية، ولا قيمة لهذا المبدأ ما لم يقترن بمبدأ تقديس واحترام أحكام القضاء والتسليم بمضمونها .
وحيث إنه من جهة ثالثة فإن الثابت من خلال أوراق الملف ومستنداته أن القابض قد باشر إجراءات التحصيل تنفيذا للأوامر الصادرة عن مديرية الضرائب وذلك بواسطة مسطرة الإشعار للغير الحائز في مواجهة المدعي وهو ما أكده المدير العام للضرائب من خلال مذكرته المضافة للملف والمؤشر عليها بكتابة ضبط هاته المحكمة بتاريخ 22/6/2011 إذ جاء في صفحتها الثالثة(الفقرة 3) "أن الضريبة التي صدرت في مواجهة المدعي ظلت ومنذ صدورها ضريبة على ورق إذ أنه لم تتخذ أية إجراءات جبرية في مواجهته باستثناء مسطرة الإشعار للغير الحائز التي لم تفض إلى أية نتيجة ولم تمكن القابض من تحصيل أي مبلغ بسبب عدم وجود رصيد في حسابات المدعي "، وهو ما أكده كذلك الخازن الإقليمي بالرباط من خلال كتابه المسلم للخبير المعين في الملف والمضاف لتقرير الخبرة المنجزة في الملف وكذا من خلال مذكرته المؤشر عليها بكتابة ضبط هاته المحكمة بتاريخ 27/5/2011 ، واللذان يشهد فيهما أنه قد باشر مسطرة الإشعار للغير الحائز على حسابات المدعي لدى كل من الشركة العامة المغربية للأبناك والبنك المغربي للتجارة والصناعة ومصرف المغرب، كما قام بإجراء رهون جبرية على عقارات المدعي ذات الرسوم العقارية عدد 123423/03 و 108134/03 و 123466/03 وذلك تنفيذا للأوامر بالتحصيل الصادرة بخصوص نفس الضرائب التي تم التحقيق بشأنها من طرف إدارة الضرائب والتي ألغيت قضائيا و هو ما يشكل إقرارا قضائيا انسجاما مع مقتضيات الفصلين 405 و 410 من قانون الالتزامات و العقود .
وحيث إن مسطرة الإشعار للغير الحائز التي تباشرها القباضة لا تتوقف آثارها عند عدم وجود مؤونة بالحساب المحجوز وإنما يظل الحساب مقيدا ومحجوزا إلى غاية استكمال المبلغ المحجوز، وعليه فإن هاته المسطرة ذات آثار مستمرة في الواقع ولا تزول إلا بتحقيق الهدف منها أو برفعها من طرف مصدرها أو بحكم قضائي، مما يعني أن الحسابات البنكية التي مورست عليها مسطرة الإشعار للغير الحائز تظل مقيدة ولا يجوز بالتالي لصاحبها أن يستفيد منها أو يستعملها إلا بزوال الدين موضوع مسطرة الإشعار للغير الحائز ، وبالتالي فإن الخازن العام للمملكة على الرغم من كونه باشر إجراءات التحصيل بناء على أوامر بالتحصيل صادرة بشكل غير قانوني ، فإنه يظل مع ذلك غير مرتكب لأي خطأ موجب للمسؤولية ما دام قد باشر إجراءات التحصيل وفق ما يلزمه به القانون سيما المادة 101 القانون رقم 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، و تكون إدارة الضرائب هي المسؤولة عن خطئها الجسيم المفصل أعلاه وما ترتب عنه من أضرار
ب- بخصوص الضرر: حيث تمسك المدعي بكون الخطأ المرتكب من طرف إدارة الضرائب والمتمثل في سلوكها لمسطرة الفرض التلقائي بشكل مخالف للقانون ومباشرتها لإجراءات التحصيل بواسطة مسطرة الإشعار للغير الحائز والرهن الجبري على عقاراته تسبب له في غل يده عن التصرف في حساباته البنكية والاستفادة من القروض التي يحتاجها لتمويل مشاريعه العقارية مما حرمه من الاستثمار وبالتالي فوت عليه فرص الربح ، فضلا عن الأضرار المعنوية والنفسية المترتبة عن هذا الحجز.
وحيث إن ضوابط تحديد الضرر الموجب للتعويض نظمها المشرع من خلال الفصلين 79 و98 من قانون الالتزامات والعقود وذلك في إطار عنصرين وهما ما لحق المتضرر من خسارة وما فاته من كسب وفي كليهما يشترط أن يكون الضرر نتيجة مباشرة للفعل المرتكب الذي يجسد عنصر الخطأ في دعوى المسؤولية ، وأن يكون محقق الوقوع وإن كان ذلك مستقبلا ، لا أن يكون ضررا احتماليا ، وهو ما تواتر عليه الاجتهاد القضائي من كون الضرر المستحق للتعويض هو ذاته الضرر الناتج مباشرة عن خطأ الإدارة والمحقق في الواقع أي الضرر الحال حسب ما استقر عليه أيضا القضاء الإداري المقارن من خلال قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ 27/7/1990 ملف عدد 44676 قضية BOURGEOIS ، وقرار محكمة الاستئناف الإدارية بنانسي الصادر بتاريخ 03/9/1994 في الملف رقم 900425NC91 .
وحيث انه لاجدال بين الطرفين على تحقق توقف المدعي عن مزاولة نشاطه المهني بصفة نهائية منذ سنة 1999 الذي تزامن مع إخضاعه لمسطرة الفرض التلقائي للضريبة التي كانت موضوع تنفيذ منذ تاريخ 31/12/2001 كما أكد عليه قرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض عدد 116 وتاريخ 11/2/2009 رغم صيرورتها ملغاة بمقتضى هذا السند القضائي النهائي، مما يشكل بوضوح ضررا جليا بالمركز القانوني للمدعي حتى مع تسجيله لعجز برسم السنة السابقة للفرض المذكور حسبما تمسكت به الإدارة الجبائية طالما ان الضوابط الضريبية المعمول بها
تحفظ لمن وجد في مثل هذا المركز القانوني الحق في إمكانية خصم العجز من أرباح السنوات المحاسبية الموالية لغاية السنة الرابعة التي تلي السنة المحاسبية التي حصل فيها العجز عملا بمقتضيات المادة 112 من المدونة العامة للضرائب المحال عليها بمقتضى المادة 144 من نفس المدونة وهو ما تعذر تحققه بسبب التوجيب الضريبي غير المشروع الذي طال المدعي وحال دون استفادته من العجز القابل للترحيل برسم السنوات الثلاث اللاحقة.
ج- بخصوص العلاقة السببية : حيث إنه وفقا للشريعة العامة للمسؤولية الموجبة للتعويض فإن هذا الأخير لا يكون مستحقا إلا إذا ثبت وجود ضرر محقق مرده الخطأ المقترف من طرف الإدارة.
وحيث إنه بالرجوع إلى نازلة الحال يتضح جليا أن الضرر اللاحق بالمدعي والمتمثل في توقفه عن مزاولة نشاطه كان نتيجة مباشرة للخطأ المرتكب من طرف الإدارة على اعتبار أن التوقف كان خلال سنة 1999 وهي السنة الموالية لمباشرة إجراءات التحصيل في مواجهته ، فضلا عن الضرر المعنوي الذي يعتبر نتيجة مباشرة للإجراءات التعسفية الممارسة في مواجهته مما يجعل العلاقة السببية بين الخطأ الجسيم الغير مقترن بصعوبات استثنائية تحول دون تقدير الوضعية الجبائية للمدعي بشكل سليم والضرر قائمة في النازلة .
فيما يتعلق بالتعويض : حيث إنه لتحديد الأضرار اللاحقة بالمدعي قضت المحكمة تمهيديا بإجراء خبرة أسندت مهمة القيام بها للخبير المحلف السيد إدريس فلكي الذي خلص في تقريره إلى تحديد التعويض المستحق للمدعي في مبلغ 453.911.677,83 درهما يتضمن ما فاته من ربح جراء حرمانه من الاستثمار في مشروع سلا الجديدة والمحدد في مبلغ 433.668.846,58 درهما وكذا مبلغ 599.797,90 درهما الذي يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة ومبلغ 19.643.033,35 درهما الذي يتعلق بالضريبة على الدخل.
وحيث ان الثابت من اوراق الملف أن المدعي توقف عن مباشرة نشاطه في مجال الاستثمار العقاري منذ سنة 1999 الموالية لتاريخ فرض الضريبة أعلاه المقترن بتحريك اجراءات التحصيل الجبري لهذه الضريبة مما يجعله محقا في الحصول على التعويض عن الضرر اللاحق به من جراء هذه الفرض الضريبي والمثمتل في تفويت فرصة الاستفادة من العجز القابل للترحيل برسم الضريبة على الدخل وقدره 19.643.033,35 درهم طيلة السنوات المحاسبية الى غاية السنة الرابعة التي تلت السنة المحاسبية التي حصل فيها العجز عملا بمقتضيات المادة 112 من المدونة العامة للضرائب المحال عليها بمقتضى المادة 144 من نفس المدونة فضلا عن حرمانه من استرداد مبلغ 599.797,90 درهم المسجل كعجز لفائدته بخصوص الضريبة على القيمة المضافة كما اكده المفتش المحقق في تقريره المؤرخ في 20/3/2003 .
إضافة الى تعويض مادي من جراء التوقف النهائي عن العمل بسبب الخطأ الجسيم للإدارة المدعى عليها وعدم الاستفادة من المبالغ المستحقة منذ سنة 1999 لغاية تاريخ تقديم الطلب علاوة على الضرر المعنوي المجمع فقه القضاء الإداري على استحقاق الطرف المتضرر له والمتمثل في النازلة في المساس بسمعة المدعي
في السوق العقارية كما اكد عليه القضاء المقارن لقرار محكمة الاستئناف بنانسي المؤرخ في 03/9/1994 ملف عدد 91 ن س 425 وبالتالي فان المحكمة بمراعاة منها لهذه العناصر ومراكز الاطراف تحدد التعويض في اطار سلطتها التقديرية المخولة في هذا المجال في مبلغ اجمالي قدره 50.242.831,25 درهما جبرا لجميع الاضرار اللاحقة بالمدعي، وذلك بعد مصادقتها جزئيا على تقرير الخبير المنتدب السيد ادريس فلكي لاحترامه لجميع المعطيات الشكلية وابرازه لمعطيات ضريبية موضوعية دون باقي المعطيات المتعلقة بمشروع سلا الجديدة مادام ان الخبير المذكور قد اعتمد بمناسبتها على وثيقة هي عبارة عن رسالة جوابية لاترقى الى درجة الوعد بالبيع حتى يجوز ترتيب اثارها القانونية في مجال تقدير التعويض.
وحيث انه لا داعي لإشفاع الحكم بالنفاذ المعجل لعدم قيام حالة قانونية تستدعي ذلك
وحيث ان طلب الفوائد القانونية غير مبرر من الناحية القانونية وحليف الرفض.
وحيث يتحمل خاسر الدعوى صائرها.
المنطوق
وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 90.41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية، وقانون المسطرة المدنية والمدونة العامة للضرائب ومدونة تحصيل الديون العمومية و قانون الالتزامات و العقود .
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا حضوريا :
في الشكل : بقبول الطلب .
في الموضوع : بأداء المديرية العامة للضرائب في شخص ممثلها القانوني لفائدة المدعي تعويضا إجماليا قدره 50.242.831,25 درهما خمسون مليون ومائتان واثنان وأربعون ألف وثمانمائة وواحد وثلاثون درهما وخمسة وعشرون سنتيما وتحميلها المصاريف .