نعتقد ان ما يتعين التأكيد عليه قبل كل شيء، هو أن انتخابات المجلس الاعلى للسلطة القضائية لا تعني القاضيات والقضاة وحدهم او هذه الجمعية المهنية او تلك، وذلك لسبب بسيط وهو ان الامر يتعلق بمؤسسة دستورية لها مهام لصيقة باكبر قضايا المجتمع وأعقدها وهي العدالة واستقلال القضاء بما يمثلانه في التاريخ وفي الوجدان وفي المصير كأليتين لضمان الأمن المجتمعي والتصدي لما يهدده من مخاطر الجريمة ومن شطط واستبداد سلطة السياسة والمال واستغلال النفوذ، و أن كن يعتقد ان الانتخابات المقبلة للمجلس الاعلى امر داخلي يعني القضاة وحدهم و لا شان للراي العام ولا لمكوناته السياسية والمهنية والفكرية والثقافية به ، هو خاطئ او مغفل او ذي نظرة قصيرة وربما لا يليق به ان يكون صمن تشكيلة المجلس القبلة.
لقد كانت التجارب التي مرت منها انتخابات المجلس الاعلى للقضاء في النظام الدستوري السابق، تجارب في غالبية مراحلها مؤلمة بالنظر لما تركته من ضعف داخل الجسم القصائي و أنتجته من معسكرات في الساحة القضائية تزعمها " باشوات " شتتوا الهيبة المعنوية للمجلس وزرعوا فئوية مهنية وصولية، وطائفية انتهازية احتكرت المواقع وفرضت اجواء الخوف والشعور بالانهزام لدى الراي العام القضائي، وبالطبع لدى المتتبعين القانونيين والمهنين ممن يعنيهم إلقضاء والعدالة بالمغرب، وخلقوا بانتخابات شكلية وبألوان السلطة جرجا في إرادة المجتمع وشقيقا وعداء معه أدى إلى تجريد العديد منهم من الثقة والمصداقية جسدها بعمق تقرير هيئة الانصاف والمصالحة وتوصياتها ، وبالنظر كذلك للتداعيات السياسية والمؤسساتية لتلك التجربة وهذا هو الأهم و التي تكررت صورها عبر السنين والتي تجلت في عجز المجلس الاعلى للقضاء تحمل المسؤولية في القيام بمهامه الحقيقية الكبرى وبالخصوص فك ارتباطه النهائي مع هيمنة السياسي على القضائي وفي احتواء معسكر السلطة التنفيذية و قوى الشر المالي والاقتصادي لكل محاولة يرجى منها تحقيق الاستقلال الحقيقي للقضاء وبناء سلطته ومشروعيته المؤسساتية ، فلم تكن الانتخابات في جل مراحلها سوى صورة لانتخابات معروفة في تاريخ المغرب السياسي في الجماعات والبرلمان لا تعكس إرادة الناخبين ولا تعرف الشفافية ولا تحترم إرادة الناخبين وهو ما كان يضع انتخابات المجلس الاعلى للقضاء في رتبة لا تختلف عن الانتخابات العامة من حيث قيمتها وسمعتها.
نحن اليوم امام مرحلة نوعية ونظريا جديدة ، تجسدها المتغيرات الدستورية الاستراتيجية وعلى راسها تاسيس السلطة القضائية برئيس منتدب وتشكلة جديدة في مكوناتها تضم أعضاء خارج الجسم القضائي وفي غياب نهائي لوزير العدل كمركز وكاختصاصات - وهي كما يتذكر التاريخ البنية التي تصدى لرفضها عدد من المنتسبين للقضاء- كما يجسد هذه المرحلة تعدد الجمعيات المهنية للقضاة الى جانب الإطار التقليدي اي الودادية الحسنية، ستجري في ظلها هذه المستجدات انتخابات المجلس الاعلى للسلطة القضائية، وغداسيتنتخب القاضيات والقضاة ممثليهم بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية في حلة دستورية جديدة، مما يفرض التساؤل بحق هل لدى الفاعلين القضائيين من نساء ومن رجال القضاء الوعي بما تفرضه المرحلة من إعداد فيما يتعلق بالاختيار واستعداد فيما يتعلق بممارسة المسؤوليات والصلاحيات التي أوكلها الدستور للمجلس وللقائمين على لدالسلطة القضائية ؟
نحن نصفق مبدئيا للانتخابات كاختيار و كمصدر من مصادر الممارسة الديمقراطية وسط الصف القضائي، ونعتبر انه من الضروري مبدئيا ان نثق في قدرات وسلامة خيارات هيئة ناخبة من نوع خاص لا تشبه الناخبين في قطاعات أخرى، لان القضاة هم في الأصل الذين يراقبون سلامة الانتخابات القطاعية والعامة وهم الذين يعلنون سلامتها او زوريتها، فيقبلون الطعن فيها ويلغون ما يشوبها من تزوير ومن تحريف ، وبالتالي عليهم اليوم وهم يباشرون الاختيار بمسؤولية وديمقراطية ان يمارسوا الرقابة الذاتية بموضوعية وتجرد، ضمانا لعدد من القيم التي يجب ان تسود وتتحقق ومنها : اختيار العناصر من نساء ورجال القضاء المتشبعين بالاستقال الذاتي والمؤسساتي ثقافيا وفكريا والذين يعرفون قيمة الاستقلال ودلالاته ويتجنبون توظيفه لمصالحهم ويمتنعون تقديمه لمصالح الآخرين الغير المشروعة ، اختيار المتوفرتين على التجربة والكفاءة والتكوين القضائي الحديث المنفتح على تجارب المدارس القضائية في عدد من الدول الديمقراطية القادرين على بلوغ رهانات حاسمة المتمثّلة في فرض الشفافية القضائية ومحاربة الرشوة ونفوذ المال ورفض التعليمات ووقف الافلات من العقاب، اختيار من له الاستقلال في اتخاذ المواقف القضائية الجريئة بدون حسابات مهنية ضيقة ولا ولاءات شخصية سواء فيما يتعين بتدبير الحياة القضائية من تعيين او إسناد المسؤوليات او تأديب او ترقية او مراقبة الثراء غير المبرر او فعالية العملية القضائية أورفع الحكامة والتدبير الجيد للمحاكم او تبليغ المعلومة للمتقاضين ، اختيار من يشعر بوزن وحجم ومهام مؤسسة المجلس الاعلى للسلطة القضائية التي من المفروض على منهم اعضاء داخلها إعطاء المعنى الديمقراطي والثقافي والمؤسساتي للاستقلال اتجاه السلطات الاخرى المشروعة مثل السلطة التنفيذية والتشريعية او المعنوية مثل سلطة الاعلام بكل تعبيراتها او غير المشروعة مثل سلطة النفوذ والمال والجاه، وأخيرا اختيار وانتخاب القاضيات و القضاة ممن يرفعوا من مكانة المجلس الاعلى للسطة القضائية ليكون آلية دستورية تعمل لضمان حقوق المواطنين الدستورية وحرياتهم وكرامتهم وأمنهم القانوني
إننا نعتبر ان ما ينتظره القضاة والقاصين وما ينتظره المواطنون من المجلس الاعلى للسلطة القضائية يكمن في تحقيق نقلة تاريخية و نوعية في مجال استقلال القضاء وهذه المهمة لابد لها من إرادة ساسية ولابد لها ما طاقات بشرية في المستوى ولابد لها من امكانيات مالية فوق الكافية .
وأخيرا لابد من ان يكون لباقي اعضاء ومكوناتها المجلس الاعلى للسلطة للفضائية من الشخصيات التي سيعينها الملك او التي تتوفر على العضوية المباشرة به والمنتمية للمؤسسات الدستورية الاخرى، القدرة على الإبداع وعلى تصور الحلول الحقيقية لإرث الماضي القضائي الذي حكم عليه الراي العام الوطني والدولي بالفشل ، ولابد ان تضيفوا للمجلس ما ينتظره الذين راهنوا ودافعوا على ادماج المكونات من خارج الجسم القضائي داخل المجلس.
وأخيرا لابد من تعبئة مستمرة لمكونات الحقل المهني و القانوني وللإعلامي ولكل من أعطى قليلا او كثيرا للقضاء والعدالة
حتى تظل اليقظة متوقدة من اجل الإصلاحات البنيوية والمؤسساتية والدستورية للسلطة الوقائية
الرباط في 12 يوليوز 2016
لقد كانت التجارب التي مرت منها انتخابات المجلس الاعلى للقضاء في النظام الدستوري السابق، تجارب في غالبية مراحلها مؤلمة بالنظر لما تركته من ضعف داخل الجسم القصائي و أنتجته من معسكرات في الساحة القضائية تزعمها " باشوات " شتتوا الهيبة المعنوية للمجلس وزرعوا فئوية مهنية وصولية، وطائفية انتهازية احتكرت المواقع وفرضت اجواء الخوف والشعور بالانهزام لدى الراي العام القضائي، وبالطبع لدى المتتبعين القانونيين والمهنين ممن يعنيهم إلقضاء والعدالة بالمغرب، وخلقوا بانتخابات شكلية وبألوان السلطة جرجا في إرادة المجتمع وشقيقا وعداء معه أدى إلى تجريد العديد منهم من الثقة والمصداقية جسدها بعمق تقرير هيئة الانصاف والمصالحة وتوصياتها ، وبالنظر كذلك للتداعيات السياسية والمؤسساتية لتلك التجربة وهذا هو الأهم و التي تكررت صورها عبر السنين والتي تجلت في عجز المجلس الاعلى للقضاء تحمل المسؤولية في القيام بمهامه الحقيقية الكبرى وبالخصوص فك ارتباطه النهائي مع هيمنة السياسي على القضائي وفي احتواء معسكر السلطة التنفيذية و قوى الشر المالي والاقتصادي لكل محاولة يرجى منها تحقيق الاستقلال الحقيقي للقضاء وبناء سلطته ومشروعيته المؤسساتية ، فلم تكن الانتخابات في جل مراحلها سوى صورة لانتخابات معروفة في تاريخ المغرب السياسي في الجماعات والبرلمان لا تعكس إرادة الناخبين ولا تعرف الشفافية ولا تحترم إرادة الناخبين وهو ما كان يضع انتخابات المجلس الاعلى للقضاء في رتبة لا تختلف عن الانتخابات العامة من حيث قيمتها وسمعتها.
نحن اليوم امام مرحلة نوعية ونظريا جديدة ، تجسدها المتغيرات الدستورية الاستراتيجية وعلى راسها تاسيس السلطة القضائية برئيس منتدب وتشكلة جديدة في مكوناتها تضم أعضاء خارج الجسم القضائي وفي غياب نهائي لوزير العدل كمركز وكاختصاصات - وهي كما يتذكر التاريخ البنية التي تصدى لرفضها عدد من المنتسبين للقضاء- كما يجسد هذه المرحلة تعدد الجمعيات المهنية للقضاة الى جانب الإطار التقليدي اي الودادية الحسنية، ستجري في ظلها هذه المستجدات انتخابات المجلس الاعلى للسلطة القضائية، وغداسيتنتخب القاضيات والقضاة ممثليهم بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية في حلة دستورية جديدة، مما يفرض التساؤل بحق هل لدى الفاعلين القضائيين من نساء ومن رجال القضاء الوعي بما تفرضه المرحلة من إعداد فيما يتعلق بالاختيار واستعداد فيما يتعلق بممارسة المسؤوليات والصلاحيات التي أوكلها الدستور للمجلس وللقائمين على لدالسلطة القضائية ؟
نحن نصفق مبدئيا للانتخابات كاختيار و كمصدر من مصادر الممارسة الديمقراطية وسط الصف القضائي، ونعتبر انه من الضروري مبدئيا ان نثق في قدرات وسلامة خيارات هيئة ناخبة من نوع خاص لا تشبه الناخبين في قطاعات أخرى، لان القضاة هم في الأصل الذين يراقبون سلامة الانتخابات القطاعية والعامة وهم الذين يعلنون سلامتها او زوريتها، فيقبلون الطعن فيها ويلغون ما يشوبها من تزوير ومن تحريف ، وبالتالي عليهم اليوم وهم يباشرون الاختيار بمسؤولية وديمقراطية ان يمارسوا الرقابة الذاتية بموضوعية وتجرد، ضمانا لعدد من القيم التي يجب ان تسود وتتحقق ومنها : اختيار العناصر من نساء ورجال القضاء المتشبعين بالاستقال الذاتي والمؤسساتي ثقافيا وفكريا والذين يعرفون قيمة الاستقلال ودلالاته ويتجنبون توظيفه لمصالحهم ويمتنعون تقديمه لمصالح الآخرين الغير المشروعة ، اختيار المتوفرتين على التجربة والكفاءة والتكوين القضائي الحديث المنفتح على تجارب المدارس القضائية في عدد من الدول الديمقراطية القادرين على بلوغ رهانات حاسمة المتمثّلة في فرض الشفافية القضائية ومحاربة الرشوة ونفوذ المال ورفض التعليمات ووقف الافلات من العقاب، اختيار من له الاستقلال في اتخاذ المواقف القضائية الجريئة بدون حسابات مهنية ضيقة ولا ولاءات شخصية سواء فيما يتعين بتدبير الحياة القضائية من تعيين او إسناد المسؤوليات او تأديب او ترقية او مراقبة الثراء غير المبرر او فعالية العملية القضائية أورفع الحكامة والتدبير الجيد للمحاكم او تبليغ المعلومة للمتقاضين ، اختيار من يشعر بوزن وحجم ومهام مؤسسة المجلس الاعلى للسلطة القضائية التي من المفروض على منهم اعضاء داخلها إعطاء المعنى الديمقراطي والثقافي والمؤسساتي للاستقلال اتجاه السلطات الاخرى المشروعة مثل السلطة التنفيذية والتشريعية او المعنوية مثل سلطة الاعلام بكل تعبيراتها او غير المشروعة مثل سلطة النفوذ والمال والجاه، وأخيرا اختيار وانتخاب القاضيات و القضاة ممن يرفعوا من مكانة المجلس الاعلى للسطة القضائية ليكون آلية دستورية تعمل لضمان حقوق المواطنين الدستورية وحرياتهم وكرامتهم وأمنهم القانوني
إننا نعتبر ان ما ينتظره القضاة والقاصين وما ينتظره المواطنون من المجلس الاعلى للسلطة القضائية يكمن في تحقيق نقلة تاريخية و نوعية في مجال استقلال القضاء وهذه المهمة لابد لها من إرادة ساسية ولابد لها ما طاقات بشرية في المستوى ولابد لها من امكانيات مالية فوق الكافية .
وأخيرا لابد من ان يكون لباقي اعضاء ومكوناتها المجلس الاعلى للسلطة للفضائية من الشخصيات التي سيعينها الملك او التي تتوفر على العضوية المباشرة به والمنتمية للمؤسسات الدستورية الاخرى، القدرة على الإبداع وعلى تصور الحلول الحقيقية لإرث الماضي القضائي الذي حكم عليه الراي العام الوطني والدولي بالفشل ، ولابد ان تضيفوا للمجلس ما ينتظره الذين راهنوا ودافعوا على ادماج المكونات من خارج الجسم القضائي داخل المجلس.
وأخيرا لابد من تعبئة مستمرة لمكونات الحقل المهني و القانوني وللإعلامي ولكل من أعطى قليلا او كثيرا للقضاء والعدالة
حتى تظل اليقظة متوقدة من اجل الإصلاحات البنيوية والمؤسساتية والدستورية للسلطة الوقائية
الرباط في 12 يوليوز 2016