يثار، منحين لآخر، النقاش حول تسجيل القضاة المعزولين بجداول هيآت المحامين بالمغرب، ويترتب عن ذلك ردود فعل مختلفة ومتباينة ؛ من قابلٍ له ورافض.
ولعل مما أُسِّس عليه الموقف الرافض، هو أن عزل القاضي غير مشمول بمفهوم “قدماء القضاة” المنصوص عليه في الفقرتين الأول والثانية من المادة 18 من قانون مهنة المحاماة، حيث لا ذكر إلا للقضاة المستقيلين والمحالين على التقاعد. فما مدى صوابية هذا الأساس من الناحية القانونية ؟
تنص المادة 5 من ذات القانون، على مجموعة من الشروط الواجب توافرها في المرشح للمهنة، من بينها: أن يكون حاصلا على شهادة الإجازة في العلوم القانونية، أو شهادة من كلية للحقوق معترف بمعادلتها لها.
ويرتفع هذا الشرط قانونا، مع شرط إلزامية خضوع المرشح إلى التمرين (المادة 11 وما يليها)، كلما تعلق الأمر ببعض الفئات طبقا للمادة 18 المذكورة، ومنها:
1- قدماء القضاة الذين قضوا ثماني سنوات على الأقل في ممارسة القضاء، بعد حصولهم على الإجازة في الحقوق، وقبول استقالتهم، أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي ؛
2 – قدماء القضاة من الدرجة الثانية أو من درجة تفوقها، بعد قبول استقالتهم، أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي.
فمن خلال قراءة ظاهر هاتين الفقرتين، يتبادر للوهلة الأولى أن المشرع لم يُعف من الحصول على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة ومن التمرين، سوى القضاة المستقيلين والمحالين على التقاعد، شريطة أن يكونوا قد قضوا، كحد أدنى، ثمان سنوات في ممارسة القضاء ؛ مما يفهم منه عدم شمولهما للقضاة المعزولين بسبب ارتكابه أفعالا غير تلك الماسة بالشرف والمروءة وحسن السلوك.
غير أنه، ونتيجة لعدم النص صراحة على قدماء القضاة بعد عزلهم، ومراعاة لضرورة الاجتهاد قصد إيجاد حل لما يستشكل من نوازل وقضايا، فلا مندوحة لإعمال النظر في المقتضيات المشار إليها دون الاهتداء بالقواعد الاستدلالية العقلية، التي تستنطق الأدلة النقلية لاستخلاص ما تستبطنه من أحكام فرعية، وذلك وفق النقط التالية:
– إن مناط حكم إعفاء “قدماء القضاة” مما ذكر، هو ما راكمُوه من تجربة قضائية افترض المشرع معها أنهم أضحوا مؤهلين لممارسة مهنة المحاماة. وهذا ما يتبدى من اشتراطه، تنبيها وإماءً، لمدة ثمان سنوات في ممارسة القضاء كحد أدنى، فهي بذلك، تعد قرينة قانونية على تمرسهم في مجال المعرفة القانونية، وتمكنهم من موضوعها منها ومساطرها، إن على مستوى النظر أو التطبيق.
– وغني عن البيان، أن تلك التجربة القضائية، لا تتأثر بما إذا كان هذا القاضي مستقيلا، أو محالا على التقاعد، أو معزولا ؛ إذ لا مجال للتمييز والتفرقة بين تلك الحالات، إن زيادة أو نقصانا، طالما أنها من جنس واحد، وهو مغادرة القضاء بالجملة، شريطة التوفر على شرط الثمان سنوات المفترضة قانونا لقيام عنصر التجربة في حقه.
– ولما كان الأمر هكذا، فيتعين إلحاق الفرع المسكوت عنه، وهم قدماء القضاة المعزولين، بالأصل المنطوق به، وهم قدماء القضاة المستقيلين والمحالين على التقاعد، طالما أنهما مجتمعين على علة واحدة، وهي “التجربة القضائية” المومإ إليها آنفا.
– وما يؤكد هذا المنحى، هو أن القاضي المعزول، قد يكون، مثلا، على أبواب السن القانوني الذي يسمح بإحالته على التقاعد بشهور قليلة، مما يتعذر معه، منطقا وعدلا وإنصافا، القبول بالتمييز بينه وبين المستقيلين والمحالين على التقاعد.
– مع تقييد ذلك، ضرورةً، بأن لا يكون سبب العزل ارتكاب أفعال خادشة للشرف والمروءة وحسن السلوك، كما فسرت ذلك الفقرة الثانية من المادة 5 من قانون مهنة المحاماة، قائلة في الشرط الخامس الواجب توافره لدى المرشح لممارسة مهنة المحاماة: “(..) أن لا يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة أو حسن السلوك ولو رد اعتباره”. وهو عين ما تواضع عليه الاجتهاد القضائي في كثير من مناسبة، باعتباره مصدرا تفسيريا لمقتضيات القانون عند غموضها، إذ جاء في حيثيات أحد قرارات محكمة النقض تطبيقا لذلك، ما يلي: “إن الفقرة الخامسة من المادة الخامسة من المادة الخامسة من القانون المنظم لمهنة المحاماة المحتج بها، لم تجعل من الإدانة شرطا كافيا لرفض طلب التسجيل، وإنما ربطت ذلك بارتكاب أفعال منافية للشرف والمروءة وحسن السلوك، وهو ما لا ينطبق على تلك المخالفة، ولا يشكل مبررا لرفض طلب التسجيل (..)” (قرار صادر بتاريخ 09-10-2014، عدد 1054-1، في الملف الإداري عدد 1296-4-1-2014).
وتأسيسا على كل ما سلف، نعتقد أن حكم إعفاء قدماء القضاة المستقيلين والمحالين على التقاعد، هو نفسه ينطبق على قدماء القضاة المعزولين ولو لم ينص على ذلك المشرع صراحة، شريطة أن لا يكون سبب العزل، هو ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة، أو حسن السلوك.
ولعل مما أُسِّس عليه الموقف الرافض، هو أن عزل القاضي غير مشمول بمفهوم “قدماء القضاة” المنصوص عليه في الفقرتين الأول والثانية من المادة 18 من قانون مهنة المحاماة، حيث لا ذكر إلا للقضاة المستقيلين والمحالين على التقاعد. فما مدى صوابية هذا الأساس من الناحية القانونية ؟
تنص المادة 5 من ذات القانون، على مجموعة من الشروط الواجب توافرها في المرشح للمهنة، من بينها: أن يكون حاصلا على شهادة الإجازة في العلوم القانونية، أو شهادة من كلية للحقوق معترف بمعادلتها لها.
ويرتفع هذا الشرط قانونا، مع شرط إلزامية خضوع المرشح إلى التمرين (المادة 11 وما يليها)، كلما تعلق الأمر ببعض الفئات طبقا للمادة 18 المذكورة، ومنها:
1- قدماء القضاة الذين قضوا ثماني سنوات على الأقل في ممارسة القضاء، بعد حصولهم على الإجازة في الحقوق، وقبول استقالتهم، أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي ؛
2 – قدماء القضاة من الدرجة الثانية أو من درجة تفوقها، بعد قبول استقالتهم، أو إحالتهم على التقاعد ما لم يكن ذلك لسبب تأديبي.
فمن خلال قراءة ظاهر هاتين الفقرتين، يتبادر للوهلة الأولى أن المشرع لم يُعف من الحصول على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة ومن التمرين، سوى القضاة المستقيلين والمحالين على التقاعد، شريطة أن يكونوا قد قضوا، كحد أدنى، ثمان سنوات في ممارسة القضاء ؛ مما يفهم منه عدم شمولهما للقضاة المعزولين بسبب ارتكابه أفعالا غير تلك الماسة بالشرف والمروءة وحسن السلوك.
غير أنه، ونتيجة لعدم النص صراحة على قدماء القضاة بعد عزلهم، ومراعاة لضرورة الاجتهاد قصد إيجاد حل لما يستشكل من نوازل وقضايا، فلا مندوحة لإعمال النظر في المقتضيات المشار إليها دون الاهتداء بالقواعد الاستدلالية العقلية، التي تستنطق الأدلة النقلية لاستخلاص ما تستبطنه من أحكام فرعية، وذلك وفق النقط التالية:
– إن مناط حكم إعفاء “قدماء القضاة” مما ذكر، هو ما راكمُوه من تجربة قضائية افترض المشرع معها أنهم أضحوا مؤهلين لممارسة مهنة المحاماة. وهذا ما يتبدى من اشتراطه، تنبيها وإماءً، لمدة ثمان سنوات في ممارسة القضاء كحد أدنى، فهي بذلك، تعد قرينة قانونية على تمرسهم في مجال المعرفة القانونية، وتمكنهم من موضوعها منها ومساطرها، إن على مستوى النظر أو التطبيق.
– وغني عن البيان، أن تلك التجربة القضائية، لا تتأثر بما إذا كان هذا القاضي مستقيلا، أو محالا على التقاعد، أو معزولا ؛ إذ لا مجال للتمييز والتفرقة بين تلك الحالات، إن زيادة أو نقصانا، طالما أنها من جنس واحد، وهو مغادرة القضاء بالجملة، شريطة التوفر على شرط الثمان سنوات المفترضة قانونا لقيام عنصر التجربة في حقه.
– ولما كان الأمر هكذا، فيتعين إلحاق الفرع المسكوت عنه، وهم قدماء القضاة المعزولين، بالأصل المنطوق به، وهم قدماء القضاة المستقيلين والمحالين على التقاعد، طالما أنهما مجتمعين على علة واحدة، وهي “التجربة القضائية” المومإ إليها آنفا.
– وما يؤكد هذا المنحى، هو أن القاضي المعزول، قد يكون، مثلا، على أبواب السن القانوني الذي يسمح بإحالته على التقاعد بشهور قليلة، مما يتعذر معه، منطقا وعدلا وإنصافا، القبول بالتمييز بينه وبين المستقيلين والمحالين على التقاعد.
– مع تقييد ذلك، ضرورةً، بأن لا يكون سبب العزل ارتكاب أفعال خادشة للشرف والمروءة وحسن السلوك، كما فسرت ذلك الفقرة الثانية من المادة 5 من قانون مهنة المحاماة، قائلة في الشرط الخامس الواجب توافره لدى المرشح لممارسة مهنة المحاماة: “(..) أن لا يكون مدانا قضائيا أو تأديبيا بسبب ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة أو حسن السلوك ولو رد اعتباره”. وهو عين ما تواضع عليه الاجتهاد القضائي في كثير من مناسبة، باعتباره مصدرا تفسيريا لمقتضيات القانون عند غموضها، إذ جاء في حيثيات أحد قرارات محكمة النقض تطبيقا لذلك، ما يلي: “إن الفقرة الخامسة من المادة الخامسة من المادة الخامسة من القانون المنظم لمهنة المحاماة المحتج بها، لم تجعل من الإدانة شرطا كافيا لرفض طلب التسجيل، وإنما ربطت ذلك بارتكاب أفعال منافية للشرف والمروءة وحسن السلوك، وهو ما لا ينطبق على تلك المخالفة، ولا يشكل مبررا لرفض طلب التسجيل (..)” (قرار صادر بتاريخ 09-10-2014، عدد 1054-1، في الملف الإداري عدد 1296-4-1-2014).
وتأسيسا على كل ما سلف، نعتقد أن حكم إعفاء قدماء القضاة المستقيلين والمحالين على التقاعد، هو نفسه ينطبق على قدماء القضاة المعزولين ولو لم ينص على ذلك المشرع صراحة، شريطة أن لا يكون سبب العزل، هو ارتكابه أفعالا منافية للشرف والمروءة، أو حسن السلوك.