تمهيد للموضوع:
عرف المشرع المغربي مهنة المحاماة، بانها مهنة حرة مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، والمحامون، بهذا الاعتبار جزء من اسرة القضاء، كما أورد الفصل الأول من قانون المحاماة التونسي المؤرخ في 15/03/1958، بالذكر ان المحامي، مساعد للقضاء يمثل الأشخاص والذوات المعنوية لدى مختلف المحاكم للدفاع عنهم وتأييدهم والاشارة عليهم، ثم عدل المشرع المذكور عن تعريفه هذا في القانون الحالي المنظم للمهنة، والمؤرخ في07/09/1989، حيث اكتفى بتعريف مهنة المحاماة بكونها، مهنة حرة ومستقلة غايتها المساعدة على إقامة العدل، اما القانون المصري فقد اكتفى بتعداد مختلف الشروط الواجب توفرها في المحامي دون وضع تعريف لهذا الاخير.
وبالرجوع الى الفقه، نجد ان الفقيه احمد أبو الوفاء، عرف المحامون بكونهم طائفة من رجال القانون الغير الموظفين، يقومون بمساعدة المتقاضين بإبداء النصح اليهم ومباشرة إجراءات الخصومة عنهم، كما وصف الفقيه فولتير المحاماة بكونها " اسمى مهنة في الوجود" .
وتعرض القانونالمغربي رقم 28.08، المعدل للقانون المنظم للمهنة لشروط الانخراط فيها، وكيفية ممارستها، بالإضافة الى المهام الموكولة للمحامي، وعلاقته بجهاز القضاء من جهة وموكليه من جهة ثانية...انتهاء بتخصيص مواد للعقوبات التي تفرض على المحامي نتيجة اخلاله بالتزاماته، وكذا المقتضيات المترتبة عن حالة انقطاعه عن العمل او توقفه عن ذلك...
وحري بالذكر، ان من بين الأمور الأولية التي يجب استحضارها، وقبل شروع المحامي في أداء مهمته، هي اداؤه للقسم، بان يمارس مهام الدفاع والاستشارة بشرف وكرامة وضمير ونزاهة، واستقلال وإنسانية، مع عدم الحياد عن الاحترام الواجب للمؤسسات القضائية.
ولمهنة المحاماة جذور تاريخية عميقة، سواء في الحضارات المصرية القديمة وكذا الاغريقية، واليهودية، واعترفت بها الكنيسة الفرنسية منذ حوالي 8 قرون بعد الميلاد، كما ذكرت في أوامر الملك "شرلمان" العالية لسنة802، الذي وجد في عهده خطباء يدافعون بالنيابة عن المتقاضين امام المحاكم، وبدا تنظيم المحاماة في فرنسا في عهد الملك" لويس التاسع"، الذي اعترف بالمحامين واشترط عليهم الا يتقدموا الى القضاء الا بقضايا سليمة وان يلزموا الصدق في التعبير والا يتهجموا على الخصوم، كما عرفت هذه المهنة في ظل الحضارات الإسلامية، ففي ظل النظام المصري مثلا كانت تعرف بنظام الوكالة بالخصومة، وزهي الام الخصب للمحاماة الشرعية ، وفي سوريا يرجع تاريخ المحاماة الى اول يوم من دخول المسلمين ارضبلاد الشام، حيث أنشأوا المحاكم الشرعية.
وفي المغرب، فقد بزغ نظام المحاماة منذ 07 شتنبر1925، المنظم لمهنة الوكلاء العدليين المستمد ة أساسا من الشريعة الإسلامية، والغي العمل بهذا النظام بمقتضى ظهير18 مايو1959، المنظم لمهنة المحاماة، مع حفظ الحقوق المكتسبة وحصر دور أصحابها في الترافع امام الهيئات القضائية الشرعية......
ومهما يكن من امر، فان الحديث عن مسؤولية المحامي والتزاماته، لا ينبغي ان يتم بمعزل، عن ماهية التعريف لموضوع ممارسة مهنة المحاماة، التي هي في نهاية المطاف:
هذا ولوضع الموضوع في اطاره الصحيح لابد من ربطه بالمفاهيم القانونية المتصلة به ومن ذلكم مفهوم ودلالة " الالتزام" من الناحية القانونية، ومن ثمة، سيتم تقسيم هذا البحث الى محورين الأول سيتم التطرق فيه باختصار الى تحديد مفهوم الالتزام واركانه وانواعه، على ان نتولى في مبحث ثان تحديد التزامات المحامي اتجاه موكليه في الدفاع عنهم امام القضاء والذي سوف يتضح انه مرة ينطبق عليه مفهوم الالتزام ببذل عناية، ومرة أخرى هو التزام بتحقيق نتيجة.
وحتى لا يظل الموضوع منحصرا في جانبه النظري، فقد تم تدعيمه باجتهادات قضائية، للتوضيح والتفسير أكثر.
المبحث الأول: تعريف الالتزام واركانه وانواعه والتمييز بين مصطلحي" بذل العناية" و " تحقيق النتيجة"
الفرع الأول: تحديد مفهوم الالتزام واركانه وانواعه
الفقرة الأولى: مفهوم الالتزام:
يعرف الالتزامعموما، بانه رابطة قانونية بين شخصين، أحدهما دائن والأخر مدين، بمقتضاها يكون للدائن الحق بان يطالب المدين، اما بالأداء او القيام بعمل او الامتناع عن عمل.
وهذا المفهوم العام للالتزام، انما وضع للتوفيق بين مذهبين في الموضوع، الأول مذهب شخصي يعود أصله للعهد الروماني، الذي سار في اتجاه اعتبار الالتزام رابطة قانونية بين شخصين والثاني مذهب مادي ينظر فيه الى قيمة الالتزام من الناحية المادية او المالية.
وفي هذا الإطار، يشترط ان يكون محل الالتزام ممكنا، غير مستحيلا، وفي هذا الصدد نصت المادة 59 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي" يبطل الالتزام الذي يكون محله شيئا او عملا مستحيلا، اما بحسب طبيعته او بحكم القانون"، وهو نفس المقتضى الذي أوردته المادة132 من القانون المدني المصري صراحة، عندما اكدت انه إذا كان محل الالتزام مستحيلا في حد ذاته، كان العقد باطلا وهو مفترض يتفق مع المبدأ العام الذي يقرر انه لا تكليف بمستحيل، والاستحالة المذكورة تحول دون ميلاد الالتزام أصلا.
وعموما، فانه عند الحديث عن مفهوم الالتزام، لابد من استحضار التالي:
يتكون الالتزام من ثلاثة اركان، وهي:
الفقرة الثالثة:أنواع الالتزامات والفرق بين الالتزام ببذل العناية وتحقيق النتيجة
بالنظر الى أنواع الالتزامات، نجد انها تنقسم الى ما يلي:
المبحث الثاني: التزام المحامي اتجاه موكله ما بين " بذل العناية" و " تحقيق النتيجة"
مما لا شك فيه، ان مهمة المحامي، في وقتنا الراهن قد تطورت وتغيرت بل عظمت، بحكم تنوع وتعدد وتشعب القضايا، واختلافها نتيجة كثرة المعاملات العقارية والاسرية، والتجارية والاقتصادية.... وتعقد الإجراءات امام المحاكم،فأضحى المحامي مطالبا بالإلمام بمختلف العلوم القانونية والتجارية والجبائية وحتى الاقتصادية والقانون الدولي خاصة مع بروز العولمة وانتشار المبادلات والصفقات الدولية، مع ما يستتبع ذلك من معاملات وتعاقدات الكترونية أيضا...
وبالإضافة لما ذكر، فان مهمة المحامي لم تعد مقتصرة ومحصورة على العمل القضائي، فهو بالإضافة الى هذا العمل داخل رحاب وردهات المحاكم، أصبح يقوم بمهام أخرى لا تقل عن الدفاع أهمية، ومن ذلكم تقديم النصح والاستشارة القانونية، المفاوضات، تحرير العقود .... وغير ذلك من المهام الأخرى.
ولتطور مهمة المحامي وتنوع اختصاصاته المهنية، انعكاس في علاقاته مع زبنائهوموكليه بحكم الرابطة القانونية التي تجمع بينهما وهي رابطة تتميز بخاصيتين أساسيتين: الأولى ان هذه العلاقة هي علاقة ثقة أولا وقبل كل شيء، والثانية تتجسد في الدفاع عن مصالح الموكل امام القضاء وصيان حقوقه قدر الإمكان، فالمحامي يصبح ان صح التعبير" مستودع الثقة" للموكل، فهو الساهر على كتمان سره المهني والحفاظ على وثائقه وحججه بل انه يصبح تبعا لذلك وكيل امره.
فاذا كان من حق المحامي الحصول على اتعابه من موكله، فان هذا الحق مقيد بضرورة بذل الجهد للدفاع عن مصالح موكله بل ضمان النتيجة فيما يتعلق بإجراءاتمسطرية معينة امام القضاء.
الفقرة الأولى: مناط العلاقة الرابطة بين المحامي وموكله:
يثار التساؤل بين طبيعة التزام ومسؤولية المحامي اتجاه موكله، لان تحديد ذلك تترتب عنه نتائج مهمة فيما يتعلق باخلالاحد الطرفين بالالتزام الملقى على عاتقه.
ويرى جل الفقه، انها مسؤولية تعاقدية، نظرا لوجود عقد بين المحامي وموكله او "حريفه"، وهو عقد توكيل خصامmandat ad litem ، ويخضع هذا العقد للقواعد العامة المتعلقة بالوكالة في القانون، وهذا الاتجاه هو السائد في فرنسا ومصر وكذا القانون الإنجليزي والامريكي
غير ان اتجاها اخر، يرى ان مسؤولية المحامي تقصيرية او شبه تقصيرية، مبررين ان العقد الرابط بين الطرفين- أي المحامي والموكل- يكتسي صبغة النظام العام، لان الالتزامات الناجمة عن هذا العقد ليست نابعة فقط عن توافق ارادتين، بل انها مستمدة أيضا من القوانين الجاري بها العمل- العقد والقانون- ،
وابرز اتجاه ثالت، ان مسؤولية المحامي في الواقع مسؤولية مزدوجة، تكون تارة عقدية وتارة أخرى تقصيرية، فالجانب التقصيري للمحامي يقوم على أساس عدم احترام هذا الأخير لواجب قانوني يتمثل في بذل العناية الكافية والمتماشية مع القانون واخلاقيات المهنة، والجانب العقدي هو الاخلال بالتزام العقد الرابط بين المحامي و موكله.
ومهما يكن من امر، فان التزام المحامي اتجاه موكله، هو التزام بتوكيل، فالمحامي بصفته وكيل خصام، مسؤول إزاء موكله عن كل اخلال بالواجبات المفروضة عليه، بصرف النظر عن تكييف ذلكم الالتزام فالاثار المترتبة عن اخلال المحامي بواجباته يمكن ان تسري عليها احكام المسؤولية العقدية، كما يمكن ان تنطوي في اطار المسؤولية التقصيرية، ولعل الاجتهاد القضائي المغربي سار في الاتجاهين معا حسب الحالات وحسب الاثار المترتبة عن الاخلال بكل التزام على حدة.
الفقرة الثانية: التزام المحامي بتحقيق نتيجة اثناء الدفاع عن مصالح موكله
اذا كان التزام المحامي بصورة عامة ينظر اليه من جانب الالتزام ببذل عناية الرجل المتبصر،فان عدم بذل العناية المذكورة قد يترتب عنه في بعض الحالات ضياع حقوق موكله استنادا لعدم اتباع إجراءات معينة ، كان بإمكان المحامي سلوكها كما ان امر تحقيقها غير مرتبط بجهة أخرى، ومن ثمة يمكن القول ان التزام المحامي اتجاه موكله في بعض الحالات هو التزام بتحقيق نتيجة، أي تحقيق هدف معين، لا يمكن ان يعذر بجهله له، والا تتم مؤاخذته استنادا للتقصير في الدفاع، ومن ذلكم كافة الإجراءات المسطرية المتبعة في تقديم الدعوى، وسيرها امام القضاء، ومن ذلكم، نذكر:
" يمارس المحامي مهامه بمجموع تراب المملكة، مع مراعاة الاستثناء المنصوص عليه في المادة الثالثة والعشرين أعلاه، من غير الإدلاء بوكالة.
تشمل هذه المهام:
1_ الترافع نيابة عن الأطراف، ومؤازرتهم، والدفاع عنهم، وتمثيلهم أمام محاكم المملكة، والمؤسسات القضائية والتأديبية، لإدارات الدولة والجماعات والمؤسسات العمومية، والهيئات المهنية، وممارسة جميع أنواع الطعون في مواجهة كل ما يصدر عن هذه الجهات في أي دعوى، أو مسطرة، من أوامر أو أحكام أو قرارات، مع مراعاة المقتضيات الخاصة بالترافع أمام محكمة النقض
................................................................................................."
كما نصت المادة58 من نفس القانون، على التالي:
" للمحامي أن يسلك الطريقة التي يراها ناجعة طبقا لأصول المهنة في الدفاع عن موكله.
لا يسأل عما يرد في مرافعاته الشفوية أو في مذكراته مما يستلزم حق الدفاع.
. ............................................................................................"
هذا وقد، كان لقضاء محكمة النقض ومحاكم الموضوع، نصيب في ابراز كون ما سلف ذكره، هو التزام من المحامي بتحقيق نتيجة، ونستشهد في هذا المقام بالقراراتالتالية:
الفقرة الثالثة:التزام المحامي ببذل العناية
ان التزام المحامي ببذل العناية، يكمن بالدفاع عن مصالح موكله امام القضاء وبذل كل قصارى جهوده بإعداد الدفوعات وفق الشكل المطلوب، وتقديم الطعون داخل الآجال القانونية، وأداء الرسوم القضائية عن الدعاوى ومقالات الطعون التي تستوجب ذلك......الى غير ذلك من الإجراءات، وفي مثل هذه الحالات يكون المحامي قد أدى الدور الموكول له في الدفاع، وتبقى النتيجة بيد القضاء الذي يعتبر الطرف الذي يفصل في النزاع بناء على مختلف معطياته.
فمن الممكن، ان يبذل المحامي كافة جهده في الدفاع عن موكله، وفق ما سيق، الا ان خصمه لديه مؤيدات وحجج اقوى في القضية، ففي مثل هذه الحالات لا يمكن معاتبة المحامي او القول أساسا بقيام مسؤوليته، لان الطرف الاخر مرجح لكسب النزاع بناء على معطيات الملف ووثائقه والقرائن الأخرى ....
وبالتالي، فان كل ما هو مطلوب من المحامي، وكما تم التطرق اليه انفا، هو بذل عناية الرجل المتبصر، المطلع على الملف، ووثائقه والملم بالقوانين المطبقة على النزاع، والحريص على القيام باي اجراء شكلي في ابانه، ليس الا.
خاتمة:
مهما قيل عن موضوع المحاماة بصورة عامة، فليس بالإمكان استيفاءه وايلاءه ،كل ما يستحقه من أهمية وكذا الإحاطة بكل ما يرتبط به، الا ان الأهم هو التأكيد على ان مهنة المحاماة مهنة شريفة مساعدة للجهاز القضائي، وتساهم بجانب هذا الأخير في تحقيق الامن القانوني والعدالة.
وهذا الجانب من البحث الذي تم تناوله، تم التركيز بالأساس على مدى تحديد طبيعة التزام المحامي اتجاه موكله اثناء الدفاع عنه امام القضاء، والذي يمكن القول عنه في جانب منه انه التزام ببذل عناية الرجل المتبصر، خاصة في الشق المتعلق بإجراءات التقاضي ويمكن ان يوصف في بعض الحالات أي في حالة الاخلال بهذا الالتزام بتفويت الفرصة وهي حرمان الموكل من فرصة كان من المحتمل ان تعود عليه بالكسب او النفع، اما من زاوية ضمان نتيجة الحكم فهي في حق المحامي مجرد التزام ببذل عناية للوصول الى المبتغى، لان المحامي في هذا الاطار عليه ان يبذل قصارى جهده في الدفاع ومؤازرة موكله امام القضاء، وهذا الأخير هو المؤهل للفصل في النزاع في نهاية المطاف بناء على معطيات النازلة و وثائقها وكل ما يحيط بها من الناحيتين الواقعية والقانونية.
وبالرغم مما تم تناوله أعلاه، فهذا البحث مجرد ثمرة متواضعة، حاولت من خلالها ملامسة الموضوع في بعض جوانبه، الذي يبقى موضوعا قابلا للبحث فيه واغنائه من زوايا أخرى.
تم بعون الله مع قوته
المراجع المعتمدة:
عرف المشرع المغربي مهنة المحاماة، بانها مهنة حرة مستقلة، تساعد القضاء، وتساهم في تحقيق العدالة، والمحامون، بهذا الاعتبار جزء من اسرة القضاء، كما أورد الفصل الأول من قانون المحاماة التونسي المؤرخ في 15/03/1958، بالذكر ان المحامي، مساعد للقضاء يمثل الأشخاص والذوات المعنوية لدى مختلف المحاكم للدفاع عنهم وتأييدهم والاشارة عليهم، ثم عدل المشرع المذكور عن تعريفه هذا في القانون الحالي المنظم للمهنة، والمؤرخ في07/09/1989، حيث اكتفى بتعريف مهنة المحاماة بكونها، مهنة حرة ومستقلة غايتها المساعدة على إقامة العدل، اما القانون المصري فقد اكتفى بتعداد مختلف الشروط الواجب توفرها في المحامي دون وضع تعريف لهذا الاخير.
وبالرجوع الى الفقه، نجد ان الفقيه احمد أبو الوفاء، عرف المحامون بكونهم طائفة من رجال القانون الغير الموظفين، يقومون بمساعدة المتقاضين بإبداء النصح اليهم ومباشرة إجراءات الخصومة عنهم، كما وصف الفقيه فولتير المحاماة بكونها " اسمى مهنة في الوجود" .
وتعرض القانونالمغربي رقم 28.08، المعدل للقانون المنظم للمهنة لشروط الانخراط فيها، وكيفية ممارستها، بالإضافة الى المهام الموكولة للمحامي، وعلاقته بجهاز القضاء من جهة وموكليه من جهة ثانية...انتهاء بتخصيص مواد للعقوبات التي تفرض على المحامي نتيجة اخلاله بالتزاماته، وكذا المقتضيات المترتبة عن حالة انقطاعه عن العمل او توقفه عن ذلك...
وحري بالذكر، ان من بين الأمور الأولية التي يجب استحضارها، وقبل شروع المحامي في أداء مهمته، هي اداؤه للقسم، بان يمارس مهام الدفاع والاستشارة بشرف وكرامة وضمير ونزاهة، واستقلال وإنسانية، مع عدم الحياد عن الاحترام الواجب للمؤسسات القضائية.
ولمهنة المحاماة جذور تاريخية عميقة، سواء في الحضارات المصرية القديمة وكذا الاغريقية، واليهودية، واعترفت بها الكنيسة الفرنسية منذ حوالي 8 قرون بعد الميلاد، كما ذكرت في أوامر الملك "شرلمان" العالية لسنة802، الذي وجد في عهده خطباء يدافعون بالنيابة عن المتقاضين امام المحاكم، وبدا تنظيم المحاماة في فرنسا في عهد الملك" لويس التاسع"، الذي اعترف بالمحامين واشترط عليهم الا يتقدموا الى القضاء الا بقضايا سليمة وان يلزموا الصدق في التعبير والا يتهجموا على الخصوم، كما عرفت هذه المهنة في ظل الحضارات الإسلامية، ففي ظل النظام المصري مثلا كانت تعرف بنظام الوكالة بالخصومة، وزهي الام الخصب للمحاماة الشرعية ، وفي سوريا يرجع تاريخ المحاماة الى اول يوم من دخول المسلمين ارضبلاد الشام، حيث أنشأوا المحاكم الشرعية.
وفي المغرب، فقد بزغ نظام المحاماة منذ 07 شتنبر1925، المنظم لمهنة الوكلاء العدليين المستمد ة أساسا من الشريعة الإسلامية، والغي العمل بهذا النظام بمقتضى ظهير18 مايو1959، المنظم لمهنة المحاماة، مع حفظ الحقوق المكتسبة وحصر دور أصحابها في الترافع امام الهيئات القضائية الشرعية......
ومهما يكن من امر، فان الحديث عن مسؤولية المحامي والتزاماته، لا ينبغي ان يتم بمعزل، عن ماهية التعريف لموضوع ممارسة مهنة المحاماة، التي هي في نهاية المطاف:
- مهنة حرة مستقلة
- مهنة مساعدة للقضاء
- مهنة مساهمة في تحقيق العدالة
- مهنة من اسرة القضاء.
هذا ولوضع الموضوع في اطاره الصحيح لابد من ربطه بالمفاهيم القانونية المتصلة به ومن ذلكم مفهوم ودلالة " الالتزام" من الناحية القانونية، ومن ثمة، سيتم تقسيم هذا البحث الى محورين الأول سيتم التطرق فيه باختصار الى تحديد مفهوم الالتزام واركانه وانواعه، على ان نتولى في مبحث ثان تحديد التزامات المحامي اتجاه موكليه في الدفاع عنهم امام القضاء والذي سوف يتضح انه مرة ينطبق عليه مفهوم الالتزام ببذل عناية، ومرة أخرى هو التزام بتحقيق نتيجة.
وحتى لا يظل الموضوع منحصرا في جانبه النظري، فقد تم تدعيمه باجتهادات قضائية، للتوضيح والتفسير أكثر.
المبحث الأول: تعريف الالتزام واركانه وانواعه والتمييز بين مصطلحي" بذل العناية" و " تحقيق النتيجة"
الفرع الأول: تحديد مفهوم الالتزام واركانه وانواعه
الفقرة الأولى: مفهوم الالتزام:
يعرف الالتزامعموما، بانه رابطة قانونية بين شخصين، أحدهما دائن والأخر مدين، بمقتضاها يكون للدائن الحق بان يطالب المدين، اما بالأداء او القيام بعمل او الامتناع عن عمل.
وهذا المفهوم العام للالتزام، انما وضع للتوفيق بين مذهبين في الموضوع، الأول مذهب شخصي يعود أصله للعهد الروماني، الذي سار في اتجاه اعتبار الالتزام رابطة قانونية بين شخصين والثاني مذهب مادي ينظر فيه الى قيمة الالتزام من الناحية المادية او المالية.
وفي هذا الإطار، يشترط ان يكون محل الالتزام ممكنا، غير مستحيلا، وفي هذا الصدد نصت المادة 59 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي" يبطل الالتزام الذي يكون محله شيئا او عملا مستحيلا، اما بحسب طبيعته او بحكم القانون"، وهو نفس المقتضى الذي أوردته المادة132 من القانون المدني المصري صراحة، عندما اكدت انه إذا كان محل الالتزام مستحيلا في حد ذاته، كان العقد باطلا وهو مفترض يتفق مع المبدأ العام الذي يقرر انه لا تكليف بمستحيل، والاستحالة المذكورة تحول دون ميلاد الالتزام أصلا.
وعموما، فانه عند الحديث عن مفهوم الالتزام، لابد من استحضار التالي:
- انه رابطة قانونية.
- انه رابطة ذات طبيعة مالية.
- انه رابطة بين اشخاص.
يتكون الالتزام من ثلاثة اركان، وهي:
- طرفا الالتزام: فالالتزام كما سلف القول، يقوم بين شخصين، وينشئ بينهما رابطة قانونية، وهذه الأخيرة هي التي تميز الحق العيني عن الحق الشخصي، ومن اثار ذلك ان صاحب الحق الشخصي او الدائن بالحق الشخصي، لا يستطيع الحصول على حقه دون تدخل المدين، في حين ان صاحب الحق العيني له سلطة مباشرة على الشيء، ويحصل على حقه دون وساطة أحد.
- موضوع او محل الالتزام:فمحل الالتزام هو الامر المتعلق به، وهو اما إعطاء شيء، او القيام بعمل، او الامتناع عن عمل، ويجب ان يكون هذا المحل ذا قيمة مالية وله فائدة اقتصادية تؤثر على الذمة المالية لطرفي الالتزام، وبالتالي فاذا كان هذا المحل غير ذي قيمة مالية، حينئذ نكون امام واجب قانوني وليس التزام قانوني
- الجزاء:ان تنفيذ محل الالتزام، يترتب عنه جزاء، فالدائن لديه الوسيلة القانونية لإجبار المدين على القيام بالعمل المطلوب في حالة عزوفه عن التنفيذ، وتتمثل هذه الوسيلة في الدعوى، فللدائن حق الالتجاء الى القضاء للمطالبة بتنفيذ ما هو مستحق له من قبل المدين، وعنصر المسؤولية هنا مرتبط أساسا بالالتزام.
الفقرة الثالثة:أنواع الالتزامات والفرق بين الالتزام ببذل العناية وتحقيق النتيجة
بالنظر الى أنواع الالتزامات، نجد انها تنقسم الى ما يلي:
- الالتزام الارادي والغير الارادي: فالأول هو الناشئ عن إرادة واعية نتيجة القيام بتصرف قانوني، وهو يكون ناتجا اما عن العقد او الإرادة المنفردة، بينما الثاني (الالتزام الغير الارادي)، فهو الالتزام الذي ليس للإرادة أي دخل في نشوئه، ويشمل الالتزام الناشئ عن فعل ضار اقترفه أحد الأشخاص في حق غيره، والالتزام الناشئ عن الاثراء بلا سبب.
- الالتزام المدني والالتزام الطبيعي: فالالتزام المدني يتشكل من عنصرين، عنصر المسؤولية وبمقتضاه يكون للدائن اجبار المدين على تنفيذ التزامه، وعنصر المديونية وهو انشغال ذمة المدين بالحق، بينما الالتزام الطبيعي، فهو لا تتوفر فيه عناصر المسؤولية.
- الالتزام الإيجابي والسلبي: فالالتزام الإيجابي يتضمن فعلا إيجابيا كنقل حق عيني، او القيام بعمل كالتزام المقاول ببناء منزل، في حين ان الالتزام السلبي فيتثمل في امتناع المعني بالقيام بعمل ومثاله التزام بائع في محل تجاري بالامتناع عن المنافسة الغير المشروعة.
- الالتزام الفوري والالتزام المستمر:الأول هو ما يمكن تنفيذه على الفور دفعة واحدة، كالتزام البائع بتسليم المبيع، اما الثاني فهو الذي يستغرق تنفيذه مدة معينة، كالتزام المورد في عقد التوريد.
- الالتزام بوسيلة والالتزام بنتيجة:هذا النوع من الالتزامات، هو المؤطر لموضوع بحثنا بخصوص التزام المحامي اتجاه موكله اثناء الدفاع عنه امام القضاء، فالالتزام بوسيلة او ببذل عناية، هو بذل اقصى المستطاع للوصول الى الهدف او النتيجة دونما ضمان لهذه الأخيرة، كالتزام المحامي في بعض الحالات التي سنوردها بعده، والتزام الطبيب قبل المريض، بينما الالتزام بتحقيق النتيجة، فهنا ذمة المدين لا تبرا الا بتحقيق النتيجة او الهدف المنشود، كالتزام مقاول ببناء دار معينة....
المبحث الثاني: التزام المحامي اتجاه موكله ما بين " بذل العناية" و " تحقيق النتيجة"
مما لا شك فيه، ان مهمة المحامي، في وقتنا الراهن قد تطورت وتغيرت بل عظمت، بحكم تنوع وتعدد وتشعب القضايا، واختلافها نتيجة كثرة المعاملات العقارية والاسرية، والتجارية والاقتصادية.... وتعقد الإجراءات امام المحاكم،فأضحى المحامي مطالبا بالإلمام بمختلف العلوم القانونية والتجارية والجبائية وحتى الاقتصادية والقانون الدولي خاصة مع بروز العولمة وانتشار المبادلات والصفقات الدولية، مع ما يستتبع ذلك من معاملات وتعاقدات الكترونية أيضا...
وبالإضافة لما ذكر، فان مهمة المحامي لم تعد مقتصرة ومحصورة على العمل القضائي، فهو بالإضافة الى هذا العمل داخل رحاب وردهات المحاكم، أصبح يقوم بمهام أخرى لا تقل عن الدفاع أهمية، ومن ذلكم تقديم النصح والاستشارة القانونية، المفاوضات، تحرير العقود .... وغير ذلك من المهام الأخرى.
ولتطور مهمة المحامي وتنوع اختصاصاته المهنية، انعكاس في علاقاته مع زبنائهوموكليه بحكم الرابطة القانونية التي تجمع بينهما وهي رابطة تتميز بخاصيتين أساسيتين: الأولى ان هذه العلاقة هي علاقة ثقة أولا وقبل كل شيء، والثانية تتجسد في الدفاع عن مصالح الموكل امام القضاء وصيان حقوقه قدر الإمكان، فالمحامي يصبح ان صح التعبير" مستودع الثقة" للموكل، فهو الساهر على كتمان سره المهني والحفاظ على وثائقه وحججه بل انه يصبح تبعا لذلك وكيل امره.
فاذا كان من حق المحامي الحصول على اتعابه من موكله، فان هذا الحق مقيد بضرورة بذل الجهد للدفاع عن مصالح موكله بل ضمان النتيجة فيما يتعلق بإجراءاتمسطرية معينة امام القضاء.
الفقرة الأولى: مناط العلاقة الرابطة بين المحامي وموكله:
يثار التساؤل بين طبيعة التزام ومسؤولية المحامي اتجاه موكله، لان تحديد ذلك تترتب عنه نتائج مهمة فيما يتعلق باخلالاحد الطرفين بالالتزام الملقى على عاتقه.
ويرى جل الفقه، انها مسؤولية تعاقدية، نظرا لوجود عقد بين المحامي وموكله او "حريفه"، وهو عقد توكيل خصامmandat ad litem ، ويخضع هذا العقد للقواعد العامة المتعلقة بالوكالة في القانون، وهذا الاتجاه هو السائد في فرنسا ومصر وكذا القانون الإنجليزي والامريكي
غير ان اتجاها اخر، يرى ان مسؤولية المحامي تقصيرية او شبه تقصيرية، مبررين ان العقد الرابط بين الطرفين- أي المحامي والموكل- يكتسي صبغة النظام العام، لان الالتزامات الناجمة عن هذا العقد ليست نابعة فقط عن توافق ارادتين، بل انها مستمدة أيضا من القوانين الجاري بها العمل- العقد والقانون- ،
وابرز اتجاه ثالت، ان مسؤولية المحامي في الواقع مسؤولية مزدوجة، تكون تارة عقدية وتارة أخرى تقصيرية، فالجانب التقصيري للمحامي يقوم على أساس عدم احترام هذا الأخير لواجب قانوني يتمثل في بذل العناية الكافية والمتماشية مع القانون واخلاقيات المهنة، والجانب العقدي هو الاخلال بالتزام العقد الرابط بين المحامي و موكله.
ومهما يكن من امر، فان التزام المحامي اتجاه موكله، هو التزام بتوكيل، فالمحامي بصفته وكيل خصام، مسؤول إزاء موكله عن كل اخلال بالواجبات المفروضة عليه، بصرف النظر عن تكييف ذلكم الالتزام فالاثار المترتبة عن اخلال المحامي بواجباته يمكن ان تسري عليها احكام المسؤولية العقدية، كما يمكن ان تنطوي في اطار المسؤولية التقصيرية، ولعل الاجتهاد القضائي المغربي سار في الاتجاهين معا حسب الحالات وحسب الاثار المترتبة عن الاخلال بكل التزام على حدة.
الفقرة الثانية: التزام المحامي بتحقيق نتيجة اثناء الدفاع عن مصالح موكله
اذا كان التزام المحامي بصورة عامة ينظر اليه من جانب الالتزام ببذل عناية الرجل المتبصر،فان عدم بذل العناية المذكورة قد يترتب عنه في بعض الحالات ضياع حقوق موكله استنادا لعدم اتباع إجراءات معينة ، كان بإمكان المحامي سلوكها كما ان امر تحقيقها غير مرتبط بجهة أخرى، ومن ثمة يمكن القول ان التزام المحامي اتجاه موكله في بعض الحالات هو التزام بتحقيق نتيجة، أي تحقيق هدف معين، لا يمكن ان يعذر بجهله له، والا تتم مؤاخذته استنادا للتقصير في الدفاع، ومن ذلكم كافة الإجراءات المسطرية المتبعة في تقديم الدعوى، وسيرها امام القضاء، ومن ذلكم، نذكر:
- تقديم الدعوى وفق الشروط المتطلبة قانونا وأداء-ما لم تكن معفية من الأداء-
- التكييف القانوني الصحيح للدعوى، اذ ان الموكل يكفي بسرد وقائع دعواه للمحامي، وهذا الأخير هو المؤهل لتكييف تلكم الوقائع، تكييفا صحيحا وربطها بالنصوص القانونية الواجبة التطبيق.
- الحضور للجلسات واحترام المواعيد
- الرد على المذكرات، وتقديم أوجه الدفاع وفق المطلوب
- تقديم الطعون داخل الآجال.........................الخ
" يمارس المحامي مهامه بمجموع تراب المملكة، مع مراعاة الاستثناء المنصوص عليه في المادة الثالثة والعشرين أعلاه، من غير الإدلاء بوكالة.
تشمل هذه المهام:
1_ الترافع نيابة عن الأطراف، ومؤازرتهم، والدفاع عنهم، وتمثيلهم أمام محاكم المملكة، والمؤسسات القضائية والتأديبية، لإدارات الدولة والجماعات والمؤسسات العمومية، والهيئات المهنية، وممارسة جميع أنواع الطعون في مواجهة كل ما يصدر عن هذه الجهات في أي دعوى، أو مسطرة، من أوامر أو أحكام أو قرارات، مع مراعاة المقتضيات الخاصة بالترافع أمام محكمة النقض
................................................................................................."
كما نصت المادة58 من نفس القانون، على التالي:
" للمحامي أن يسلك الطريقة التي يراها ناجعة طبقا لأصول المهنة في الدفاع عن موكله.
لا يسأل عما يرد في مرافعاته الشفوية أو في مذكراته مما يستلزم حق الدفاع.
. ............................................................................................"
هذا وقد، كان لقضاء محكمة النقض ومحاكم الموضوع، نصيب في ابراز كون ما سلف ذكره، هو التزام من المحامي بتحقيق نتيجة، ونستشهد في هذا المقام بالقراراتالتالية:
- قرار محكمة النقض عدد87 بتاريخ 04/01/2006، في الملف عدد2877/1/3/2004، الذي جاء فيه:" ان عمل المحامي مشروط، بان يكون ما يجريه من إجراءات التقاضي نيابة عن موكله مطابقا لأصول القانون المقررة، فاذا اهمل اتباع هذه الأصول، او خالفها بعدم بذل عناية الرجل المتبصر حي الضمير، واثر ذلك في المركز القانوني لموكله، وفوت عليه الفرصة التي وان كانت امرا محتملا، فان تفويتها عن المضرور امر محقق، فانه يكون مسؤولا عن الضرر المادي والمعنوي الذي احدثه لا بفعله فقط ولكن بخطئه، وذلك عندما يثبت ان هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر عملا بالفصول 78،903،904 من قانون الالتزامات والعقود".
- قرار محكمة النقض عدد 2567 بتاريخ 02/07/2008، في الملف عدد 1389/1/3/2005، الذي أورد التالي:" – مهنة المحاماة-عدم تقديم المحامي للاستئناف داخل الاجل يرتب مسؤوليته، ولو كان حق موكله احتماليا-نعم-»
- قرار محكمة الاستئناف بالقنيطرة بتاريخ 20/11/2003، في الملف عدد 13/1124/133، الذي جاء فيه:" إذا كان التزام المحامي، هو التزام بالوسيلة وليس التزاما بالنتيجة، فانه ملزم-مقابل ذلك-بسلوك الطريقة الناجعة في الدفاع عن موكله، طبقا للمادة 58 من قانون المهنة، وهذه النجاعة تقتضي ان يبادر المحامي بسلوك المساطر القانونية في ابانها حفاظا على مصالح موكله.
- قرار محكمة الاستئناف بمراكش عدد683 بتاريخ 04/04/2012، في الملف 4295/1124/2010، ورد فيه:" تقديم المقال الاستئنافي في مواجهة شركة التامين، دون المسؤول المدني، والحكم تبعا لذلك بعدم قبوله شكلا، تشكل مخالفة عدم قيام المحامي بواجباته القانونية إزاء موكله المنصوص عليها في المادة30 من قانون المحاماة".
- قرار محكمة الاستئناف بمراكش عدد 1217 بتاريخ 11/06/2008، في الملف عدد 364/12/08، الذي ورد به: " ان عدم تضمين المحامي عريضة النقض بالأسماء الشخصية والعائلية يوجب عدم سماع الحكم، بعدم قبول الطعن بالنقض
- قرار محكمة الاستئناف بمراكش عدد 206 بتاريخ 28/01/2009، في الملف عدد 7117/12/08، الذي وبمفهوم المخالفة يؤكد ان قيام المحامي بتتبع اطوار القضية هو اجراء كاف للقول بقيامه بواجبه المهني، اذ جاء في هذا القرار:" حضور المحامي الجلسات والادلاء بالمذكرات كاف لقيام واجب تتبع القضية الى نهايتها".
- قرار محكمة النقض عدد 597 بتاريخ 04/07/2007، في الملف عدد 3137/4/1/2006، الذي أكد أيضا – ودائما في إطار مفهوم المخالفة-انحلال مسؤولية المحامي اذا وضع موكله حدا للنيابة عنه، وقد جاء في ذلكم القرار: " يكون المحامي في حل من الالتزام في الاستمرار في الدعوى الى نهايتها، ان وضع الموكل حدا للنيابة وتمت مطالبة الوكيل بالوثائق المتعلقة بالقضية".
الفقرة الثالثة:التزام المحامي ببذل العناية
ان التزام المحامي ببذل العناية، يكمن بالدفاع عن مصالح موكله امام القضاء وبذل كل قصارى جهوده بإعداد الدفوعات وفق الشكل المطلوب، وتقديم الطعون داخل الآجال القانونية، وأداء الرسوم القضائية عن الدعاوى ومقالات الطعون التي تستوجب ذلك......الى غير ذلك من الإجراءات، وفي مثل هذه الحالات يكون المحامي قد أدى الدور الموكول له في الدفاع، وتبقى النتيجة بيد القضاء الذي يعتبر الطرف الذي يفصل في النزاع بناء على مختلف معطياته.
فمن الممكن، ان يبذل المحامي كافة جهده في الدفاع عن موكله، وفق ما سيق، الا ان خصمه لديه مؤيدات وحجج اقوى في القضية، ففي مثل هذه الحالات لا يمكن معاتبة المحامي او القول أساسا بقيام مسؤوليته، لان الطرف الاخر مرجح لكسب النزاع بناء على معطيات الملف ووثائقه والقرائن الأخرى ....
وبالتالي، فان كل ما هو مطلوب من المحامي، وكما تم التطرق اليه انفا، هو بذل عناية الرجل المتبصر، المطلع على الملف، ووثائقه والملم بالقوانين المطبقة على النزاع، والحريص على القيام باي اجراء شكلي في ابانه، ليس الا.
خاتمة:
مهما قيل عن موضوع المحاماة بصورة عامة، فليس بالإمكان استيفاءه وايلاءه ،كل ما يستحقه من أهمية وكذا الإحاطة بكل ما يرتبط به، الا ان الأهم هو التأكيد على ان مهنة المحاماة مهنة شريفة مساعدة للجهاز القضائي، وتساهم بجانب هذا الأخير في تحقيق الامن القانوني والعدالة.
وهذا الجانب من البحث الذي تم تناوله، تم التركيز بالأساس على مدى تحديد طبيعة التزام المحامي اتجاه موكله اثناء الدفاع عنه امام القضاء، والذي يمكن القول عنه في جانب منه انه التزام ببذل عناية الرجل المتبصر، خاصة في الشق المتعلق بإجراءات التقاضي ويمكن ان يوصف في بعض الحالات أي في حالة الاخلال بهذا الالتزام بتفويت الفرصة وهي حرمان الموكل من فرصة كان من المحتمل ان تعود عليه بالكسب او النفع، اما من زاوية ضمان نتيجة الحكم فهي في حق المحامي مجرد التزام ببذل عناية للوصول الى المبتغى، لان المحامي في هذا الاطار عليه ان يبذل قصارى جهده في الدفاع ومؤازرة موكله امام القضاء، وهذا الأخير هو المؤهل للفصل في النزاع في نهاية المطاف بناء على معطيات النازلة و وثائقها وكل ما يحيط بها من الناحيتين الواقعية والقانونية.
وبالرغم مما تم تناوله أعلاه، فهذا البحث مجرد ثمرة متواضعة، حاولت من خلالها ملامسة الموضوع في بعض جوانبه، الذي يبقى موضوعا قابلا للبحث فيه واغنائه من زوايا أخرى.
تم بعون الله مع قوته
المراجع المعتمدة:
- مقال تحت عنوان" مهنة المحاماة بالمغرب"، الموقع الالكتروني: www.presstetouan.com.
- كتاب الالتزامات في القانون المدني على الوجه المبسط، ذ/ عمر سالم محمد.
- المسؤولية المدنية للمحامي على الخطا المهني، رسالة ماجستير، اعداد اشرف جهاد وحيد الأحمد، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط- سنة2011،2012.
- مسؤولية المحامي بين بذل عناية وتحقيق نتيجة، للدكتور عبد الله الاحمدي، مقال ماخود من الموقع الالكتروني: www.omanlegal.net
- مسؤولية المحامي بين بذل عناية وتحقيق نتيجة، مقال منشور بالموقع الالكتروني: www.chawkitobib.net
- المسؤولية الأدبية والتأديبية للمحامي، مقال من اعداد الطلبة: عبد العاطي عتدي، الحساين اوجيل، حميد السريدي، منشور بالموقع الالكتروني: droitducontentieux.
- القانون المنظم لمهنة المحاماة.
- قانون الالتزامات والعقود المغربي.
- اجتهادات قضائية، الموقع الالكترونيwww. Jurispridence.maroc