MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




مناقشة رسالة ماستر في القانون العام تحت عنوان: التنظيم الجهوي بالمغرب (1971-2012): دراسة تحليلية للمقاربة والنصوص القانونية والوظيفة الترابية"

     

مناقشة رسالة الماستر في القانون العام والعلوم السياسية تخصص علوم إدارية ومالية
تحت عنوان :"التنظيم الجهوي بالمغرب (1971-2012): دراسة تحليلية للمقاربة والنصوص القانونية والوظيفة الترابية"

إعداد محمد البايبي

إشراف الأستاذ عبد الرحيم المنار السليمي،

وعضوية الأساتذة الكرام:

د أحمد بوجداد
دمحمد إبراهيمي،
د جواد النوحي

بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية- أكدال-. الرباط

يوم 26- 12-2013.






تقرير حول الرسالة

   تعود الجهة بقوة إلى الواجهة، ليس تحت تأثير الترف الفكري والثقافي المجرد. لكن، أساسا تحت تأثير الضرورة السياسية والسوسيو- إقتصادية والإدارية[1].

   من هنا، فإن الحديث عن نمط جهوي جديد، يتجاوز سلبيات النمط الجهوي التقليدي بشقيه الإقتصادي مع الظهير رقم 77-71-1 الصادر بتاريخ 16 يونيو1971، الذي أسس للجهات ذات النمط الإقتصادي. ثم الجهات ذات النمط السياسي – الإداري مع الظهير رقم 96-47 الصادر بتاريخ 2 أبريل1997 أصبح حديث العام والخاص.

   فجهة ظهير 1971، رغم أنه كان لبنة أولى في البناء القانوني والمؤسساتي إداريا وماليا في الجهة واللامركزية الجهوية بالمغرب بإنشائها لسبع جهات إقتصادية وجهاز وطني وآخر جهوي. وهو ما أكدته المذكرة التحليلية الصادرة في يونيو 1970 عن المجموعة المكلفة بالدراسات الجهوية التي اعتبرت أن هذه الأخيرة: "وسيلة جغرافية وبشرية تحفز الجهات على النمو لتصبح بمثابة إطار للعمل الإقتصادي، هدفها التوازن الوطني"
[2].

   لكن لا التقطيع الترابي، ولا الأجهزة الإدارية والمالية مكنت  الجهات من تجاوز حالة اللاتوازن الجهوي التي تجلت في مظهرين أساسيين: الأول: الجاذبية السكانية للجهة الوسطى والجهة الشمالية الغربية (48% من مجموع سكان 1990). والجاذبية الإستثمارية التي لم تبرح محور الشريط الساحلي. الممتد من الدار البيضاء إلى القنيطرة، (ف58% من حجم الرخص الإستثمارية ثلثها للدار البيضاء فقط سنة 1958)
[3].

   هذه الإختلالات التي كان من أسبابها الجوهرية ايلاء الأهمية للبعد الإقليمي عوض الإهتمام بالبعد الجهوي  ككل، وهو ما يفسر التقسيمات المتوالية للأقاليم والعمالات الناتجة عن تضاعف عدد السكان من 15 مليون نسمة سنة 1971 إلى أكثر من 28 مليون حاليا فأزيد فضلا عن قصور القانون المنظم في كثير من جوانبه الشكلية والجوهرية.
 
 
   أما ظهير 2 أبريل 1997، فلم يصل ذلك النضج إلا بعد تمهيدات سياسية:


  • محطة 24 أكتوبر1984، التي عرفت خطابا سياسيا تاريخيا للملك الراحل الحسن الثاني في اجتماعه بالمجلس الجهوي للمنطقة الوسطى الشمالية بفاس الذي فكر فيه الملك بوضع:"مشروع قانون خاص بمجالس الجهات المغربية"، تكون لها سلطتها التشريعية، وسلطتها التنفيذية الخاصة بها، وتكون لها هيئة الموظفين..."أمام أنظار البرلمان[4]،
  • تمهيدات دستورية من خلال دستور1992 الذي جعل من الجهة جماعة محلية إلى جانب الجماعات الأخرى بعد أن كانت"نكرة من النكرات"، في دساتير 70، 71، 72. ويدعم الفصل 58 من دستور 1996 تمثيلية سكان الجهة في المجال السياسي بواسطة التمثيلية وذلك في إطار مجلس المستشارين.
 
   أما عن الإطار القانوني والمؤسساتي لجهة 1997، فقد جاء أكثر تقدما بما عرفه من تمكين للجهة من جهاز تشريعي(المجلس الجهوي)، يضم أعضاء مقررين، وآخرين استشاريين(أعضاء برلمانيي الجهة، ورؤساء مجالس العمالات والأقاليم وممثلي الجماعات المحلية، وممثلي الغرف المهنية)، وجهاز تنفيذي(مؤسسة العامل في المواد 101 و102 من الدستور) تعتبره المسؤول عن تنفيذ مقررات مجالس الجهات) إضافة إلى الإختصاصات الممنوحة له بمقتضى القانون المتعلق بالجهات وهي:

  • انجاز أعمال البيع وإبرام الصفقات،
  • إعداد الحساب الإداري وتنفيذ الميزانية،
  • اتخاذ القرارات المحددة للضرائب والرسوم الجهوية(م.55)،
  • تمثيل الجهة أمام القضاء(م.66)،
 
أما اختصاصات رئيس المجلس الجهوي فهي:

  • استدعاء المجلس الجهوي لعقد دورة عادية أو استثنائية،
  • إعداد جدول الأعمال مع أعضاء المكتب،
  • استدعاء بعض الموظفين بحضور جلسات المجلس،
  • توظيف المكلفين بمهمة وبالدراسات،
  • رئاسة المجلس الجهوي وتمثيله داخل المؤسسات الجهوية،
  • حفظ وإدارة الممتلكات الجهوية،
  • تعيين كاتب المجلس ومقرر المجلس،
  • تعيين رؤساء اللجن الدائمة،
  • تعيين الكاتب العام للجهة بعد مصادقة العامل.
 
   أما الجانب الإختصاصي للجهة، فاختصاصات مباشرة ذات مصدر قانوني(الباب II في الفصول من 6 إلى 9)، أصلية ومفوضة، وتقديم مقترحات بالإضافة إلى أن هذه الوسيلة. أصبحت الجهة تتوفر على موارد جبائية ذاتية وأخرى تحول إليها من الدولة، التي تمارس عليها وصاية إدارية، عبر ممثليها المركزيين وفي الجهات. لكن الجديد فيها هو أنها أصبحت قضائية.

   في جانب التقسيم المجالي، أصبحت الجهات 16 جهة، تحكمت في صنعها معايير متقدمة عما جاء في تقطيع الجهات السبع(معيار تاريخي، بيئي، طبيعي، البعد الاستراتيجي، الإندماج الوطني، الإقتصادي، الإستقطاب الحضري، التكامل الوظيفي).  كل هذه المعايير اتسمت في نظر منتقدي التقسيم بالعمومية، والإبقاء على الإقليم كقاعدة للتقسيم والتقطيع، وغياب معيار التخصص القطاعي بين الجهات فضلا عن الكمية بدل النوعية في التقطيع الترابي أو المجالي.
   كل هذا خلق اختلالات على مستوى مؤشرات التنمية السوسيو-اقتصادية، استدعى من الفاعل المركزي، طرح رؤية تتجاوز عوائق التنمية التي تحكمت فيها مركزية القرار وغياب أجهزة ديمقراطية فاعلة وشفافة لتستدعي الإكراهات الداخلية المتمثلة في تجاوز اشكالات الوضع في الصحراء، وكذا ضعف مؤشرات الديمقراطية بالمجالس المنتخبة، لعب فيه الإطار القانوني دورا والنخب الحزبية والإعتبارات السياسية جانبا من ذلك.

أما الإكراهات الخارجية، فلا تقل أهمية إذ مؤشرات الإنخراط في العولمة الزاحفة، وكذا الإختيار الجهوي الترابي للجارة أوروبا بفعل علاقات التأثير والتأثر فرضت على المغرب نهجا ترابيا جديدا، وضعت اللجنة الاستشارية للجهوية من خلال تقريرها وتقارير أخرى
[5] رؤية وتصورا لنموذج نمط جهوي وظيفي اقترح 12 جهة متجانسة، وظيفية ومؤسساتية، يجمع بينها عاملا القرب والولوجية – متناسبة الحجم متوازنة الإمكانيات، فعالة. وذلك بعد تشخيص حالة الوهن التنموي الذي يشل "مفاصل" جهات الوطن، مقدمة اقتراحات وتوصيات تهم الجانب القانوني كما المؤسساتي التنظيمي البشري والمالي، ليأتي دستور 2011، بسقف أعلى مما جاءت به اللجنة، بالنظر للمؤشرات السياسية التي جاءت فيها- ويسطر 12 فصلا كاملا يهم الجهة بالأساس والجماعات الترابية الأخرى، ستكون محور مدونة قوانين تنظيمية ينتظر أن تستكمل حلقاتها في الأشهر المقبلة، بعد أن صدر منها قانون يهم انتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية(رقم 11-57) وقانون عادي - هو القانون رقم 12-131 - يضع مبادئ تحديد الدوائر الترابية للجماعات الترابية بما فيها الجهات، ثم إن التقرير قد ركز على جانب التوازن الاختصاصي بين المركز والجهات، وحتى الجماعات الترابية الأخرى تطبيقا لمبدأ التفريع، ومبادئ التدبير الحر والديمقراطي للشؤون الجهوية، ومبادئ أخرى للتسيير المحلي تكون شبكة مفاهيمية لدستور محلي، إن صح التعبير،.

   لكن يبقى الجانب الأهم بناء علاقات بين أطراف متعددة على الصعيد الجهوي في إطار شراكات تعاون وتعاضد، بتناسق وتوزيع أدوار في إحترام لقواعد الحكامة التي خصص لها الدستور جانبا مهما كمقترب جامع وشامل وفق معايير ومؤشرات مضبوطة  كل ذلك خدمة للوظيفة الترابية للجهة الجديدة  المعلن عنها تقريرا ودستورا ألا وهي التنمية الجهوية  الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والمندمجة. 

الهوامش

[1] - Saadia Ben Hachem Elharrouni : « construction régionale au Maroc : dynamiques et enjeux « , REMALD, série thème actuels , N°60, 1er édition 2008, P.21.
[2] - صالح المستف :"التطور الإداري في أفق الجهوية بالمغرب"، بنشرة للطباعة والنشر، 1989، ص.21.
[3] - انظر التقرير السنوي لمديرية الإحصاء سنة 1958.
[4] - خطاب الملك الحسن الثاني في اجتماع المجلس الجهوي للمنطقة الشمالية، في فاس يوم الأربعاء 28 محرم 1405- 24 أكتوبر 1984(المصدر انبعاث الأمة،ج.29، الصفحات 406 إلى 413).
[5] -  تقرير الخمسينية،
- تقرير مغرب الجهات،
- التصريح الحكومي ل2012.




الثلاثاء 25 مارس 2014
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter