اطلعت من باب الفضول القانوني على ديباجة النظام الداخلي لمنتدى المحامية المغربية الذي أنشأته جمعية هيئات المحامين بالمغرب فوجدته ينص على أنه :
"بناء على التوصيات الصادرة عن المؤتمر 27 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب المنعقد بأكادير،
وبناء على التوصية الصادرة عن مناظرة آسفي بتاريخ 16 يوليوز 2012 حول إصلاح منظومة العدالة،
وبناء على القانون الأساسي للجمعية ولا سيما المادة 4 منه،
وبناء على برنامج مكتب الجمعية لسنوات 2012، 2013، 2014،
وبناء على مقتضيات المادة 19 من دستور 2011،
وبمبادرة من جمعية هيئات المحامين بالمغرب، تقرر إنشاء منتدى المحامية المغربية يعتني بشؤون المرأة المحامية خصوصا وشؤون المرأة عموما يضم جميع المحاميات المؤسسات له والمحامين الذين سينضمون له لاحقا."
وتنص المادة 2 من النظام الداخلي بأن المنتدى "يعتبر مؤسسة من مؤسسات جمعية هيئات المحامين بالمغرب ويعمل تحت إشرافها".
ورجعت للتوصية رقم 11 للمؤتمر رقم 27 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب المنعقد بمدينة أكادير أيام 26، 27 و28 مايو 2011 المتعلقة بمقاربة النوع فوجدتها تنص على أن المؤتمر "يوصي بتعزيز دور المرأة المحامية في الحياة المهنية وتشجيع ثقافة النوع لضمان تمثيلية مشرفة للمرأة المحامية في الأجهزة المهنية وذلك بتعديل قانون المهنة وخاصة المادة 88 ليعطى الحق للمرأة المحامية في التمثيلية داخل المجالس بحصة معينة".
كما رجعت لتوصية مناظرة أسفي ليوم 16 يوليوز 2012 والتي توصي ب"إعادة النظر في تشكيل مجالس الهيئات بما يراعي مقاربة النوع." وهي تسير في نفس اتجاه توصية مؤتمر 27 لجمعية هيئات المحامين. كما اطلعت على الفصل 19 من دستور 2011 حول مكافحة كل أشكال التمييز بين الرجل والمرأة وهو أمر غير وارد تماما بمهنة المحاماة بالمغرب على عكس ما هو موجود بالمملكة العربية السعودية مثلا.
وغيرة مني على المرأة المحامية المغربية وليطمأن قلبي رجعت للقانون الأساسي للجمعية فوجدت بأن المادة الأولى منه تنص على أن جمعية هيئات المحامين بالمغرب "تأسست وفق مقتضيات ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات ولأمد غير محدد وتظم هيئات المحامين بالمغرب المنضمة حاليا أو التي ستنضم بعد المصادقة على هذا القانون".
فالجمعية إذن جمعية لهيئات المحامين التي لا جنس لها ويتم الانخراط فيها بناء على طلب كتابي موجه إلى رئيس الجمعية يتقدم به نقيب الهيئة المرشحة، أي ممثل الشخص المعنوي، مرفق بالوثائق المشار إليها بالمادة 5 ليعرض الطلب على مكتب الجمعية للبث فيه.
وباعتبار أن النظام الداخلي "لمنتدى المرأة المحامية " ينص على أن المنتدى يعتبر "مؤسسة من مؤسسات" جمعية هيئات المحامين بالمغرب فأنني رجعت للقانون الأساسي للجمعية ولا سيما المادة 9 فوجدت بأن أجهزة الجمعية هي إما تقريرية كالمكتب والمجلس والمؤتمر وإما استشارية كندوة الرؤساء وندوة النقباء ولم أجد أثرا لمنتدى المرأة المحامية.
كما رجعت لمكونات مكتب الجمعية بالمادة 10 فوجدت بأنه يتكون من أعضاء منتخبين ومن النقباء الممارسين للهيئات الأعضاء ومن الرئيس السابق للجمعية. وفي إطار البحث أطلعت على المادة 11 من القانون الأساسي لمعرفة أعضاء مكتب الجمعية الذين يتم انتخابهم فوجت الرئيس ونائبان له وكاتب ونائب له ويجب أن يكونوا من النقباء السابقين وأمين المال ونائبه والمكلف بالشؤون الاجتماعية ونائبه والمكلف بالشؤون الثقافية ونائبه والمكلف بالشؤون التمرين ونائبه.
وبما أن طبعة القانون الأساسي للجمعية التي أتوفر عليها ترجع لسنة 2007 فإن الشك خامرني بكون الجمعية قد تكون قد أقدمت على تعديل لهذا القانون وأنني لست على علم بالأمر. فرجعت لموقع جمعية هيئات المحامين بالمغرب للتأكد من ذلك[1] فوجدت بأن الأجهزة التقريرية والاستشارية لم يطلها أي تعديل إلى غاية شهر فبراير 2017 ولا وجود لجهاز يدعى "منتدى المحامية المغربية".
ثم بالرجوع إلى توصية مؤتمر أكادير وتوصية ندوة أسفي فإنهما لا تتعلقان بخلق جهاز جديد داخل جمعية هيئات المحامين بالمغرب يدعى "منتدى المحامية المغربية". ثم ولو فرضنا جدلا بأن التوصية جاءت على هذا الشكل فهل تكفي توصية من مؤتمر الجمعية أو ندوة ليقوم مكتب الجمعية بخلق أجهزة أو "مؤسسات " كما ورد بالنظام الداخلي للمنتدى دون الرجوع إلى قانونها الأساسي والعمل على تعديله ؟. أعتقد بأن الإجابة بالنفي طبعا كما أعتقد بأن ما أقدمت عليه جمعية هيآت المحامين منذ بضع سنين يتنافي مع القانون والمساطر التي تتعلق بالتشريع وأن منتدى المحامية للمغربية لا وجود له من الناحية القانونية إلى غاية كتابة هذه السطور بغض النظر عن تقييم حضور المنتدى من عدمه في المشهد المهني وبغض النظر عن الأموال التي صرفت وتصرف له وما كان لها أن تصرف لأنها صرفت بدون حق.
ثم إن التوصية تتعلق بتعديل المادة 88 من القانون المنظم للمهنة لفرض نسبة معينة من النساء داخل مجالس الهيئات وليس بخلق جهاز داخل جسم مهني بسبب الجنس وهو ما لا يشرف المرأة بصفة عامة والمرأة المحامية بصفة خاصة. كما أن التوصية جاءت لجبر بعض الخواطر النسائية التي لم تفلح في الفوز بمقاعد بمجالس المحامين. وما كان للتوصية في الواقع أن تصدر عن مؤتمر محامين لان الأمر لا يتعلق بانتخابات جماعية أو تشريعية حيث يتميز جزء كبير من الكتلة الناخبة بالأمية أو بالجهل أحيانا وتسد جميع الطرق في وجه النساء حيث ارتأت الدولة إقرار اللائحة الوطنية للنساء لكي يلجن للبرلمان من النوافذ بدل الأبواب على عكس المحامين الذين يشكلون طبقة تعد هي نخبة النخب ومنها انبثقت جميع الجمعيات التي تدافع عن حقوق المرأة وباعتبار أن أخر المحامين، ذكرا أم أنثى، يتوفر على الأقل على إجازة في الحقوق.
ومن جهة أخرى، فإن المرأة المحامية كانت دائما ضد التجنيس المهني إلى درجة أن المرأة في فرنسا كانت ترفض أن يقال لها المحامية بل المحامي وكانت تكتب ذلك إلى عهد قريب في لوحة مكتبها وأوراقه. وقد سبق لي أن نشرت دراسة حول "المرأة المحامي"[2] توضح ذلك مع العلم بأن الأستاذة جيزيل حاليمي (Giselle Halimi ) هي التي فرضت تسمية المحامية ( avocate ) بدل المحامي بالنسبة للمرأة باعتبار أن حتى المنجد بفرنسا لم يكن يشر إلى ذلك من قبل.[3]
فالولوج إلى مهنة المحاماة يتطلب نفس المواصفات ونفس الشروط بالنسبة للجنسين كما أن المهنة تمارس أيضا دون تميز بينهما من الناحية القانونية. ولا يدري الباحث ما الفائدة في خلق أجسام داخل الجسم الواحد ولو تم ذلك بطريقة قانونية. فبعد أن أصبحنا نعاين زرع الفئوية المرتبطة بالسن منذ بضع عقود ها نحن نتجه لإضعاف الجسم المهني بالشخصنة بسبب الجنس ليس "للتعظيم" ولكن "للتقزيم" باعتبار أن النظام الداخلي لمنتدى المحامية المغربية ينص على أن المنتدى "يعتبر مؤسسة من مؤسسات جمعية هيئات المحامين بالمغرب ويعمل تحت إشرافها".
فهل المحامية المغربية بحاجة إلى جمعية أنشأت في إطار ظهير 15 نونبر 1958 لكي تخلق لها "منتدى" وتجعله تحت إشرافها. والى متى ستبقى المرأة تحت الإشراف ؟ تحت إشراف الأب، والأخ والعم والجار وغيرهم ؟. أما حان الوقت لكي تعلن المرأة عن استقلالها المهني على الأقل ؟. فالنصوص التي سمحت بخلق جمعية هيئات المحامين هي نفس النصوص التي تسمح للمحامية في خلق أي جمعية مهنية شريطة أن لا تكون مبنية على الجنس إن هي أرادت ذلك. بل إن عدد المحاميات المغربيات يسمح لهن بتبوء الصدارة في المجالس المهنية لو اتحدن فيما بينهن ولأصبح الذكور أقلية.
إلا أن ما يحز في النفس هو انسياق بعض المحاميات تحت التحجير في منتدى نسائي لا أدري ما هي قيمته المضافة مهنيا. وأول ما كان يجب على المحاميات المغربيات القيام به هو رفضهن لهذا الأمر الذي يقزم موقعهن وعدم الإقدام على تأسيس لا منتدى ولا أية جمعية مهنية مستقبلا ولو مستقلة بسبب الجنس لان من شأن ذلك زرع التفرقة بين المحامين والمحاميات بسبب النوع وهو ما يخالف مبادئ الأمم المتحدة في هذا المجال ولا سيما المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. بل إن جل الدول المتقدمة سنت العديد من القوانين الصارمة لتجريم الشخصنة على مستوى العمل أو السلوك الاجتماعي. فلا تجيز القوانين أي شكل من أشكال التمييز بسبب اللون أو العرق أو المذهب أو الانتماء السياسي أو الجنس أو العمر.. الخ.
ولوضع النقاط على الحروف أكثر فإن من حق أي كان العمل على تأسيس الجمعيات بناء على أهداف معينة، مماثلة أو مختلفة، وأن المحظور هو تأسيسها بناء على المعتقد أو الجنس أو اللون مثلا. ولا أحد ينكر بأن المهنة بحاجة اليوم أكثر من الأمس إلى جمعيات متعددة للدفاع عنها وعلى مبادئها. إلا أن الجمعيات كالأحزاب لا يجوز تأسيسها على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي وبصفة عامة على أي أساس من التميز أو المخالفة لحقوق الإنسان طبقا للفصل 7 من دستور 2011.
فبدل الاهتمام بمهنة المحاماة وبمشاكلها الحقيقية أصبح هاجسنا لأسباب انتخابية محضة وبعدما ركزنا خطأ على السن لعقود[4] هو التركيز على النوع مع التذكير بأن بإمكان النساء تشكيل أغلبية مريحة في المجالس وليس الاقتصار على بعض المقاعد "الممنوحة بالكوطا" والتي لن نرضها للمحامية المغربية التي يجب عليها أن تبقى مرفوعة الرأس أينما حلت وارتحلت والدخول من الأبواب لا من النوافذ.
ثم لنتساءل بصراحة : هل المغرب يخرق المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ويميز بين الرجل والمرأة بخصوص قوانينه المتعلقة بالمحاماة ؟.. ثم هل القانون المنظم لمهنة المحاماة بالمغرب قانون خاص بالذكور أم أنه يخص الجنسين ؟ وهل تجد المرأة نفسها ممنوعة من ولوج المهنة بسبب جنسها ؟ أو أن شروط ولوجها تختلف عن شروط ولوج الرجل ؟. وهل تجد المرأة نفسها في وضعية أدنى من وضعية الذكر عند الممارسة ؟ وهل يمنع المشرع المرأة من أن تكون عضوة في مجلس من مجالس هيئات المحامين بالمغرب بل وحتى نقيبة للمحامين ؟.[5] أعتقد بأن الأجوبة ستكون كلها بالنفي طبعا كما أعتقد بأن من يلعب على ورقة التجنيس كيفما كانت نواياه يسيء إلى المرأة المحامية والى مهنة المحاماة أكثر مما يخدمهما.
ومن جهة أخرى وبالرجوع إلى النظام الداخلي للمنتدى فإننا نجده ينص على أنه "بمبادرة من جمعية هيئات المحامين بالمغرب تقرر إنشاء منتدى المحامية المغربية يعنى بشؤون المرأة المحامية خصوصا وشؤون المرأة عموما يضم جميع المحاميات المؤسسات له و الذين سيلتحقون به لاحقا." وحتى لو تجاوزنا الجوانب المهنية وسلمنا بها وهو أمر جد دقيق ربما لم تحسب عواقبه سلفا فإن إقحام شؤون المرأة عموما يثير البعض من الأسئلة. فهل سيزيغ المنتدى عن الشأن المهني ليتدارس مشاكل تربية الأبناء ومشاكل الأزواج مثلا.
والى جانب أللخبطة في التشريع وفي الأهداف فإن الباحث ودون الدخول في التفاصيل يجد بأن هنالك لخبطة في إدارة المنتدى الذي يتولى إدارته، حسب المادة 4 من "النظام الداخلي" للمنتدى، مجلس إداري يتكون من عضوات مجالس الهيئات وعضوة من خارج المجلس يتم انتدابها من خارجه وعضوتين بالنسبة للمجالس التي لا تتوفر على عضوات بمجالسها والمنسقة العامة السابقة والمقررة العامة السابقة وثلاث أعضاء من مكتب الجمعية باختياره. ونجد بأن المجلس الإداري يختار ( من الاختيار وهي طريقة لا توضح هل الأمر يتم بالتوافق أم بالانتخاب أم بطريقة أخرى وما هي آليات وشروط الاقتراع إن كان الأمر يحسم بالانتخاب...) طبقا للمادة 5 منسقة عامة ونائبتها ومقررة عامة ونائبتها. ومن مهام المنسقة العامة "إدارة المنتدى وتنفيذ البرامج المقررة من طرف المجلس الإداري للمنتدى".
فالمنسقة العامة مكلفة إذن بتنفيذ البرامج التي قررها المجلس الإداري للمنتدى ولا أدري لماذا أضاف أصحاب النظام الداخلي في الفقرة الثالثة من المادة الخامسة بأن المنسقة تشرف على "العمل بتنسيق مع رئيس الجمعية هيئات المحامين بالمغرب على تنفيذ البرنامج السنوي للمنتدى وتحقيق أهدافه" ؟. والسؤال يطرح نفسه لان النظام لم يشر إلى رئيس الجمعية من بين أعضاء إدارة المنتدى لنجد بأن الرئيسة ملزمة لتحقيق الأهداف من التنسيق معه وهو ما يبرز الحجر وعدم استقلال لا الرئيسة ولا المنتدى هنا أيضا.
ولن أختم بدون أن أبوح بسر إلى جانب ما خلصت إليه بإيجاز هو أنني ولأول مرة في أبحاثي القانونية التي امتدت على مر 45 سنة ( ولجت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سنة 1972) أعاين وجود نظام داخلي في غياب قانون أساسي مع العلم بأن جمعية هيئات المحامين بالمغرب لها قانونها الأساسي ونظامها الداخلي ولا هذا ولا ذاك يشيرون إلى هذا المنتدى الشبح التي تصرف عليه أموالا نجهل حجمها من مالية الهيئات أي من جيوب جميع المحامين المغاربة ذكورا وإناثا إن لم تكن تصرف من مالية بعض الهيئات المستضيفة مما لا يغير من مضمون هذه الدراسة التي تمت دفاعا عن المحامية المغربية وليس ضدها.
وكما كتبت يوم فاتح مارس من سنة 2005 أن "بإمكاني الجزم على أن المحامية المغربية تشرف المرأة المغربية وتشرف المرأة العربية وتشرف المرأة بصفة عامة أينما كانت. فتحية للمحامية المغربية وتحية للمرأة المغربية وتحية للمرأة أينما حلت أو ارتحلت" [6] لأضيف اليوم بأن المحامية المغربية لن ترضى بتقزيمها بواسطة "الكوطا" للوصول إلى المراكز المهنية كما أنها لم تطلب في يوم من الأيام – حسب علمي - أن يكون مكانها في مجرد منتدى تحت الإشراف.
"بناء على التوصيات الصادرة عن المؤتمر 27 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب المنعقد بأكادير،
وبناء على التوصية الصادرة عن مناظرة آسفي بتاريخ 16 يوليوز 2012 حول إصلاح منظومة العدالة،
وبناء على القانون الأساسي للجمعية ولا سيما المادة 4 منه،
وبناء على برنامج مكتب الجمعية لسنوات 2012، 2013، 2014،
وبناء على مقتضيات المادة 19 من دستور 2011،
وبمبادرة من جمعية هيئات المحامين بالمغرب، تقرر إنشاء منتدى المحامية المغربية يعتني بشؤون المرأة المحامية خصوصا وشؤون المرأة عموما يضم جميع المحاميات المؤسسات له والمحامين الذين سينضمون له لاحقا."
وتنص المادة 2 من النظام الداخلي بأن المنتدى "يعتبر مؤسسة من مؤسسات جمعية هيئات المحامين بالمغرب ويعمل تحت إشرافها".
ورجعت للتوصية رقم 11 للمؤتمر رقم 27 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب المنعقد بمدينة أكادير أيام 26، 27 و28 مايو 2011 المتعلقة بمقاربة النوع فوجدتها تنص على أن المؤتمر "يوصي بتعزيز دور المرأة المحامية في الحياة المهنية وتشجيع ثقافة النوع لضمان تمثيلية مشرفة للمرأة المحامية في الأجهزة المهنية وذلك بتعديل قانون المهنة وخاصة المادة 88 ليعطى الحق للمرأة المحامية في التمثيلية داخل المجالس بحصة معينة".
كما رجعت لتوصية مناظرة أسفي ليوم 16 يوليوز 2012 والتي توصي ب"إعادة النظر في تشكيل مجالس الهيئات بما يراعي مقاربة النوع." وهي تسير في نفس اتجاه توصية مؤتمر 27 لجمعية هيئات المحامين. كما اطلعت على الفصل 19 من دستور 2011 حول مكافحة كل أشكال التمييز بين الرجل والمرأة وهو أمر غير وارد تماما بمهنة المحاماة بالمغرب على عكس ما هو موجود بالمملكة العربية السعودية مثلا.
وغيرة مني على المرأة المحامية المغربية وليطمأن قلبي رجعت للقانون الأساسي للجمعية فوجدت بأن المادة الأولى منه تنص على أن جمعية هيئات المحامين بالمغرب "تأسست وفق مقتضيات ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات ولأمد غير محدد وتظم هيئات المحامين بالمغرب المنضمة حاليا أو التي ستنضم بعد المصادقة على هذا القانون".
فالجمعية إذن جمعية لهيئات المحامين التي لا جنس لها ويتم الانخراط فيها بناء على طلب كتابي موجه إلى رئيس الجمعية يتقدم به نقيب الهيئة المرشحة، أي ممثل الشخص المعنوي، مرفق بالوثائق المشار إليها بالمادة 5 ليعرض الطلب على مكتب الجمعية للبث فيه.
وباعتبار أن النظام الداخلي "لمنتدى المرأة المحامية " ينص على أن المنتدى يعتبر "مؤسسة من مؤسسات" جمعية هيئات المحامين بالمغرب فأنني رجعت للقانون الأساسي للجمعية ولا سيما المادة 9 فوجدت بأن أجهزة الجمعية هي إما تقريرية كالمكتب والمجلس والمؤتمر وإما استشارية كندوة الرؤساء وندوة النقباء ولم أجد أثرا لمنتدى المرأة المحامية.
كما رجعت لمكونات مكتب الجمعية بالمادة 10 فوجدت بأنه يتكون من أعضاء منتخبين ومن النقباء الممارسين للهيئات الأعضاء ومن الرئيس السابق للجمعية. وفي إطار البحث أطلعت على المادة 11 من القانون الأساسي لمعرفة أعضاء مكتب الجمعية الذين يتم انتخابهم فوجت الرئيس ونائبان له وكاتب ونائب له ويجب أن يكونوا من النقباء السابقين وأمين المال ونائبه والمكلف بالشؤون الاجتماعية ونائبه والمكلف بالشؤون الثقافية ونائبه والمكلف بالشؤون التمرين ونائبه.
وبما أن طبعة القانون الأساسي للجمعية التي أتوفر عليها ترجع لسنة 2007 فإن الشك خامرني بكون الجمعية قد تكون قد أقدمت على تعديل لهذا القانون وأنني لست على علم بالأمر. فرجعت لموقع جمعية هيئات المحامين بالمغرب للتأكد من ذلك[1] فوجدت بأن الأجهزة التقريرية والاستشارية لم يطلها أي تعديل إلى غاية شهر فبراير 2017 ولا وجود لجهاز يدعى "منتدى المحامية المغربية".
ثم بالرجوع إلى توصية مؤتمر أكادير وتوصية ندوة أسفي فإنهما لا تتعلقان بخلق جهاز جديد داخل جمعية هيئات المحامين بالمغرب يدعى "منتدى المحامية المغربية". ثم ولو فرضنا جدلا بأن التوصية جاءت على هذا الشكل فهل تكفي توصية من مؤتمر الجمعية أو ندوة ليقوم مكتب الجمعية بخلق أجهزة أو "مؤسسات " كما ورد بالنظام الداخلي للمنتدى دون الرجوع إلى قانونها الأساسي والعمل على تعديله ؟. أعتقد بأن الإجابة بالنفي طبعا كما أعتقد بأن ما أقدمت عليه جمعية هيآت المحامين منذ بضع سنين يتنافي مع القانون والمساطر التي تتعلق بالتشريع وأن منتدى المحامية للمغربية لا وجود له من الناحية القانونية إلى غاية كتابة هذه السطور بغض النظر عن تقييم حضور المنتدى من عدمه في المشهد المهني وبغض النظر عن الأموال التي صرفت وتصرف له وما كان لها أن تصرف لأنها صرفت بدون حق.
ثم إن التوصية تتعلق بتعديل المادة 88 من القانون المنظم للمهنة لفرض نسبة معينة من النساء داخل مجالس الهيئات وليس بخلق جهاز داخل جسم مهني بسبب الجنس وهو ما لا يشرف المرأة بصفة عامة والمرأة المحامية بصفة خاصة. كما أن التوصية جاءت لجبر بعض الخواطر النسائية التي لم تفلح في الفوز بمقاعد بمجالس المحامين. وما كان للتوصية في الواقع أن تصدر عن مؤتمر محامين لان الأمر لا يتعلق بانتخابات جماعية أو تشريعية حيث يتميز جزء كبير من الكتلة الناخبة بالأمية أو بالجهل أحيانا وتسد جميع الطرق في وجه النساء حيث ارتأت الدولة إقرار اللائحة الوطنية للنساء لكي يلجن للبرلمان من النوافذ بدل الأبواب على عكس المحامين الذين يشكلون طبقة تعد هي نخبة النخب ومنها انبثقت جميع الجمعيات التي تدافع عن حقوق المرأة وباعتبار أن أخر المحامين، ذكرا أم أنثى، يتوفر على الأقل على إجازة في الحقوق.
ومن جهة أخرى، فإن المرأة المحامية كانت دائما ضد التجنيس المهني إلى درجة أن المرأة في فرنسا كانت ترفض أن يقال لها المحامية بل المحامي وكانت تكتب ذلك إلى عهد قريب في لوحة مكتبها وأوراقه. وقد سبق لي أن نشرت دراسة حول "المرأة المحامي"[2] توضح ذلك مع العلم بأن الأستاذة جيزيل حاليمي (Giselle Halimi ) هي التي فرضت تسمية المحامية ( avocate ) بدل المحامي بالنسبة للمرأة باعتبار أن حتى المنجد بفرنسا لم يكن يشر إلى ذلك من قبل.[3]
فالولوج إلى مهنة المحاماة يتطلب نفس المواصفات ونفس الشروط بالنسبة للجنسين كما أن المهنة تمارس أيضا دون تميز بينهما من الناحية القانونية. ولا يدري الباحث ما الفائدة في خلق أجسام داخل الجسم الواحد ولو تم ذلك بطريقة قانونية. فبعد أن أصبحنا نعاين زرع الفئوية المرتبطة بالسن منذ بضع عقود ها نحن نتجه لإضعاف الجسم المهني بالشخصنة بسبب الجنس ليس "للتعظيم" ولكن "للتقزيم" باعتبار أن النظام الداخلي لمنتدى المحامية المغربية ينص على أن المنتدى "يعتبر مؤسسة من مؤسسات جمعية هيئات المحامين بالمغرب ويعمل تحت إشرافها".
فهل المحامية المغربية بحاجة إلى جمعية أنشأت في إطار ظهير 15 نونبر 1958 لكي تخلق لها "منتدى" وتجعله تحت إشرافها. والى متى ستبقى المرأة تحت الإشراف ؟ تحت إشراف الأب، والأخ والعم والجار وغيرهم ؟. أما حان الوقت لكي تعلن المرأة عن استقلالها المهني على الأقل ؟. فالنصوص التي سمحت بخلق جمعية هيئات المحامين هي نفس النصوص التي تسمح للمحامية في خلق أي جمعية مهنية شريطة أن لا تكون مبنية على الجنس إن هي أرادت ذلك. بل إن عدد المحاميات المغربيات يسمح لهن بتبوء الصدارة في المجالس المهنية لو اتحدن فيما بينهن ولأصبح الذكور أقلية.
إلا أن ما يحز في النفس هو انسياق بعض المحاميات تحت التحجير في منتدى نسائي لا أدري ما هي قيمته المضافة مهنيا. وأول ما كان يجب على المحاميات المغربيات القيام به هو رفضهن لهذا الأمر الذي يقزم موقعهن وعدم الإقدام على تأسيس لا منتدى ولا أية جمعية مهنية مستقبلا ولو مستقلة بسبب الجنس لان من شأن ذلك زرع التفرقة بين المحامين والمحاميات بسبب النوع وهو ما يخالف مبادئ الأمم المتحدة في هذا المجال ولا سيما المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. بل إن جل الدول المتقدمة سنت العديد من القوانين الصارمة لتجريم الشخصنة على مستوى العمل أو السلوك الاجتماعي. فلا تجيز القوانين أي شكل من أشكال التمييز بسبب اللون أو العرق أو المذهب أو الانتماء السياسي أو الجنس أو العمر.. الخ.
ولوضع النقاط على الحروف أكثر فإن من حق أي كان العمل على تأسيس الجمعيات بناء على أهداف معينة، مماثلة أو مختلفة، وأن المحظور هو تأسيسها بناء على المعتقد أو الجنس أو اللون مثلا. ولا أحد ينكر بأن المهنة بحاجة اليوم أكثر من الأمس إلى جمعيات متعددة للدفاع عنها وعلى مبادئها. إلا أن الجمعيات كالأحزاب لا يجوز تأسيسها على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي وبصفة عامة على أي أساس من التميز أو المخالفة لحقوق الإنسان طبقا للفصل 7 من دستور 2011.
فبدل الاهتمام بمهنة المحاماة وبمشاكلها الحقيقية أصبح هاجسنا لأسباب انتخابية محضة وبعدما ركزنا خطأ على السن لعقود[4] هو التركيز على النوع مع التذكير بأن بإمكان النساء تشكيل أغلبية مريحة في المجالس وليس الاقتصار على بعض المقاعد "الممنوحة بالكوطا" والتي لن نرضها للمحامية المغربية التي يجب عليها أن تبقى مرفوعة الرأس أينما حلت وارتحلت والدخول من الأبواب لا من النوافذ.
ثم لنتساءل بصراحة : هل المغرب يخرق المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ويميز بين الرجل والمرأة بخصوص قوانينه المتعلقة بالمحاماة ؟.. ثم هل القانون المنظم لمهنة المحاماة بالمغرب قانون خاص بالذكور أم أنه يخص الجنسين ؟ وهل تجد المرأة نفسها ممنوعة من ولوج المهنة بسبب جنسها ؟ أو أن شروط ولوجها تختلف عن شروط ولوج الرجل ؟. وهل تجد المرأة نفسها في وضعية أدنى من وضعية الذكر عند الممارسة ؟ وهل يمنع المشرع المرأة من أن تكون عضوة في مجلس من مجالس هيئات المحامين بالمغرب بل وحتى نقيبة للمحامين ؟.[5] أعتقد بأن الأجوبة ستكون كلها بالنفي طبعا كما أعتقد بأن من يلعب على ورقة التجنيس كيفما كانت نواياه يسيء إلى المرأة المحامية والى مهنة المحاماة أكثر مما يخدمهما.
ومن جهة أخرى وبالرجوع إلى النظام الداخلي للمنتدى فإننا نجده ينص على أنه "بمبادرة من جمعية هيئات المحامين بالمغرب تقرر إنشاء منتدى المحامية المغربية يعنى بشؤون المرأة المحامية خصوصا وشؤون المرأة عموما يضم جميع المحاميات المؤسسات له و الذين سيلتحقون به لاحقا." وحتى لو تجاوزنا الجوانب المهنية وسلمنا بها وهو أمر جد دقيق ربما لم تحسب عواقبه سلفا فإن إقحام شؤون المرأة عموما يثير البعض من الأسئلة. فهل سيزيغ المنتدى عن الشأن المهني ليتدارس مشاكل تربية الأبناء ومشاكل الأزواج مثلا.
والى جانب أللخبطة في التشريع وفي الأهداف فإن الباحث ودون الدخول في التفاصيل يجد بأن هنالك لخبطة في إدارة المنتدى الذي يتولى إدارته، حسب المادة 4 من "النظام الداخلي" للمنتدى، مجلس إداري يتكون من عضوات مجالس الهيئات وعضوة من خارج المجلس يتم انتدابها من خارجه وعضوتين بالنسبة للمجالس التي لا تتوفر على عضوات بمجالسها والمنسقة العامة السابقة والمقررة العامة السابقة وثلاث أعضاء من مكتب الجمعية باختياره. ونجد بأن المجلس الإداري يختار ( من الاختيار وهي طريقة لا توضح هل الأمر يتم بالتوافق أم بالانتخاب أم بطريقة أخرى وما هي آليات وشروط الاقتراع إن كان الأمر يحسم بالانتخاب...) طبقا للمادة 5 منسقة عامة ونائبتها ومقررة عامة ونائبتها. ومن مهام المنسقة العامة "إدارة المنتدى وتنفيذ البرامج المقررة من طرف المجلس الإداري للمنتدى".
فالمنسقة العامة مكلفة إذن بتنفيذ البرامج التي قررها المجلس الإداري للمنتدى ولا أدري لماذا أضاف أصحاب النظام الداخلي في الفقرة الثالثة من المادة الخامسة بأن المنسقة تشرف على "العمل بتنسيق مع رئيس الجمعية هيئات المحامين بالمغرب على تنفيذ البرنامج السنوي للمنتدى وتحقيق أهدافه" ؟. والسؤال يطرح نفسه لان النظام لم يشر إلى رئيس الجمعية من بين أعضاء إدارة المنتدى لنجد بأن الرئيسة ملزمة لتحقيق الأهداف من التنسيق معه وهو ما يبرز الحجر وعدم استقلال لا الرئيسة ولا المنتدى هنا أيضا.
ولن أختم بدون أن أبوح بسر إلى جانب ما خلصت إليه بإيجاز هو أنني ولأول مرة في أبحاثي القانونية التي امتدت على مر 45 سنة ( ولجت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سنة 1972) أعاين وجود نظام داخلي في غياب قانون أساسي مع العلم بأن جمعية هيئات المحامين بالمغرب لها قانونها الأساسي ونظامها الداخلي ولا هذا ولا ذاك يشيرون إلى هذا المنتدى الشبح التي تصرف عليه أموالا نجهل حجمها من مالية الهيئات أي من جيوب جميع المحامين المغاربة ذكورا وإناثا إن لم تكن تصرف من مالية بعض الهيئات المستضيفة مما لا يغير من مضمون هذه الدراسة التي تمت دفاعا عن المحامية المغربية وليس ضدها.
وكما كتبت يوم فاتح مارس من سنة 2005 أن "بإمكاني الجزم على أن المحامية المغربية تشرف المرأة المغربية وتشرف المرأة العربية وتشرف المرأة بصفة عامة أينما كانت. فتحية للمحامية المغربية وتحية للمرأة المغربية وتحية للمرأة أينما حلت أو ارتحلت" [6] لأضيف اليوم بأن المحامية المغربية لن ترضى بتقزيمها بواسطة "الكوطا" للوصول إلى المراكز المهنية كما أنها لم تطلب في يوم من الأيام – حسب علمي - أن يكون مكانها في مجرد منتدى تحت الإشراف.
الهوامش
أطلعت عليه يوم 19 فبراير 2017 على الساعة العاشرة صباحا http://www.abam.ma/page10.html [1]
http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=182468&r=0 خالد خالص، "المرأة المحامي"، نشرت بعد التحيين يوم 27 غشت 2009 [2]
محامية فرنسية من أصول تونسية دو الديانية اليهودية مسجلة بهيئة المحامين بباريز كتبت كتابا تحت عنوان "Une avocate irrespectueuse ", Editions PLON, 2003 et édition 2006 page 13.[3]
[4]كانت جمعيات المحامين الشباب في الأصل للمتمرنين دون غيرهم باعتبار أنهم غير مسجلين في جداول الهيئات ولاحق لهم في ولوج الجمعيات العامة العادية أو الانتخابية للهيئات وبغية أن يكون لهم إطارا ثقافيا يتكتلون وينشطون فيه. إلا أن الأمر أخد منحى آخر منذ عقود إذ أصبح المسجلون في الجداول منخرطين في هذه الجمعيات وأصبح التمييز يرتكز على السن وتسري على هذه الجمعيات نفس الملاحظات التي تخص التمييز المرتكز على الجنس.
تقلدت المرأة منصب نقيبة لهيئة المحامين بأكادير في بداية الستينات. [5]
جريدة العلم عدد 20010، ليوم 9 مارس 2005، الصفحة 6.[6]