كلمة الباحث لتقديم موضوع الأطروحة أثناء المناقشة
بسم الله الرحمن الرحيم،
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدي الرئيس، السادة أعضاء لجنة المناقشة، حضرات السيدات والسادة، أيها الحضور الكريم، اسمحوا لي بداية أن أتقدم بخالص شكري وعظيم امتناني إلى أستاذي الفاضل الدكتور إدريس الفاخوري على تفضله بالإشراف على إنجاز هذه الأطروحة، وعلى نصائحه وتوجيهاته التي زودوني بها طيلة إنجاز هذه الأطروحة ، كما أوحيي فيه تعامله الإنساني وتضامنه معي في مختلف الظروف التي مررت منها والمصاحبة لإنجاز الأطروحة.
فلكم مني أستاذي الفاضل أجمل كلمة تفي بشكركم.
كما أتقدم بشكري الجزيل إلى أستاذي الفاضل الدكتور محمد كرم، الذي تكبد عناء السفر من مدينة مراكش إلى مدينة وجدة.
وقبل برحابة صدر أن يكون عضوا في اللجنة العلمية المناقشة لهذه الأطروحة، متحملا عناء قراءتها وتقييمها رغم انشغالاته.
الشكر أيضا لأستاذاي الفاضلين الدكتور جمال الطاهري والدكتور سعيد الروبيو اللذين قبلا المشاركة في مناقشة هذه الأطروحة رغم انشغالاتهم العديدة. فلكم مني أساتذتي الأفاضل جميعا أجمل تحية وأعظم امتنان وجزيل شكر.
الشكر كذلك إلى جميع أساتذتي بوحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار على ما بذلوه من جهد لحسن تكويننا ، فجزاهم الله عنا خير الجزاء ووفقهم لكل ما يصبون إليه.
أما بعد ، فموضوع أطروحتي هو المنازعات المثارة بصدد مسطرة الحجز التنفيذي العقاري، وقد اخترته موضوعا لهذه الأطروحة لكون إجراءات الحجز التنفيذي العقاري تعتبر الجوهر المحرك لكافة الضمانات، والعنصر الفاعل في توفير شروط إعمال الأولويات المقررة قانونا بين الدائنين، فهي الوسيلة الإجرائية لترجمة الضمان العام أو الخاص إلى حصيلة مالية توزع على الدائنين وتبعا لذلك يحتل الحجز التنفيذي العقاري نفس أهمية الضمانات العقارية ويؤثر نفس تأثيرها.
فنظام الحجز التنفيذي العقاري يلعب أدوارا مهمة سواء بالنسبة للدائن في تحقيق سرعة استخلاص الدين في وقت معقول ، وبمصاريف مناسبة أو بالنسبة للمدين في تمكينه من بيع عقاره بأعلى ثمن ممكن، وبالتالي سداد أكبر نسبة من الديون أو الاستفادة من الحصيلة المتبقاة، أو حتى بالنسبة للغير من خلال توفير آليات إجرائية مهمة لإعلام الأغيار بوضعية العقار تجاه إجراءات التنفيذ، سواء كانوا دائنين أو مالكين على الشيوع للعقار المحجوز أو حتى مالكين أصليين للعقار، عوض المدين المحجوز عليه, فمسطرة الحجز التنفيذي العقاري قد تتخللها بعض العوارض التي تؤثر في سلامتها، وهذه العوارض تختلف من حيث ماهيتها ونوعها والأطراف الذين يحق لهم إثارتها والجهة المختصة للبت فيها.
فالمشرع المغربي رغبة منه في تحقيق توازن إجرائي عادل بني المصالح المختلفة لأطراف التنفيذ، وكذا للأغيار أقر العديد من الوسائل الإجرائية لفائدتهم للاعتراض على الحجز أو التنفيذ ، والطعن فيه بحسب المصلحة المطلوب حمايتها، ومن ذلك نظام الصعوبة في التنفيذ، وادعاء الغير لملكية العقارات المحجوزة، وتقديم دعوى بطلان إجراءات الحجز العقاري هذه لوسائل تشكل جزءا من الإدعاءات والدعاوى والطلبات المترتبة عن مسطرة الحجز، والمؤثرة في سيره أو في تحديد نطاقه أو في استمرار آثاره تبعا للإجراءات المقررة قانونا، وبعد تحقق الجهة المختصة من توفر شروط العارض المثارة من عدمه.
وقد أقر المشرع المغربي مسطرتين لمعالجة العوارض المثارة بشأن مسطرة الحجز التنفيذي العقاري، أولهما ترمي إلى الحماية الوقتية للمراكز القانونية المهددة من إجراء الاستمرار في التنفيذ أو وقفه مما اقتضى تدخلا استعجاليا لتوفير هذه الحماية، بل قد يتدخل القانون نفسه في حالات خاصة لمعالجة بعض الإجراءات التي لا تفي المعالجة الاستعجالية ذاتها في مواجهتها كإقرار الوقف بقوة القانون لإجراءات التنفيذ نتيجة تقديم دعوى استحقاق العقار المحجوز أو دعوى بطلان إجراءات الحجز، فهذه المسطرة تقوم على تقدير جدية العارض وجدارة المصلحة المرتبطة بها بالحماية القانونية لذلك توصف هذه المسطرة بكونها مسطرة وقتية ويمثل نظام صعوبة التنفيذ أهم آلية لإعمالها.
وثانيهما ترتبط بالحسم قطعيا في الموضوع المؤسس عليه العارض ويرجع عادة لمحكمة الموضوع في إطار القواعد العامة للبت في الدعاوى كالبت في دعوى الاستحقاق الفرعية أو دعوى بطلان الإجراءات.
هذه العوارض التي تتخلل مسطرة الحجز التنفيذي العقاري والتي تثار قبل إجراء السمسرة، تناولتها في الباب الأول من هذه الأطروحة، مقسما إياه إلى فصلين، الأول تناولت فيه بالعرض والتحليل دعوى الصعوبة الوقتية كمنازعة في مسطرة الحجز التنفيذي العقاري بحيث تعرضت لماهية هذه الصعوبة من قبيل تعريفها وبيان شروطها وإبراز عناصرها المتمثلة في موضوعها وسببها وأشخاصها، بعد ذلك تناولت بالدرس والتحليل النظام الإجرائي للبت في هذه الدعوى وذلك نوعيا ومكانيا ثم بعد ذلك استعرضت كيفية رفع هذه المنازعة وإجراءات البت والحكم فيها، والثاني أي الفصل الثاني خصصته للمنازعات الموضوعية المتخللة لمسطرة الحجز التنفيذي حيث تناولت أولا دعوى الاستحقاق الفرعية للعقار مبرزا أحكامها العامة من قبيل تعريفها وبيان شروطها و أطرافها وموضوعها وما دامت دعوى الاستحقاق الفرعية تعتبر إشكالا موضوعيا في التنفيذ فهي تنشئ خصومة قضائية جعلتني أتناول إجراءات رفعها والمحكمة المختصة للبت فيها وقواعد البت فيها وميعاد رفعها وعبء الإثبات فيها مستعرضا في الأخير آثار هذه الدعوى على إجراءات الحجز التنفيذي القانونية منها والاقتصادية، وتناولت بعد ذلك في المبحث الثاني من هذا الفصل دعوى بطلان إجراءات الحجز العقاري عبر استعراض مفهومها وإبراز أسبابها ومسطرتها وآثارها وأشخاصها وقواعد البت فيها وطرق الطعن في الحكم الصادر عنها.
لأتناول في الباب الثاني عوارض مسطرة الحجز التنفيذي العقاري المثارة بعد إجراء السمسرة إذ تعتبر مرحلة إعداد العقار قصد بيعه بالمزاد العلني من أهم المراحل التي تمر منها مسطرة الحجز التنفيذي العقاري كونها تمثل الهدف المتوخى من إيقاع الحجز ، فعملية الحجز تشكل آلية يستعملها الدائن الحاجز لوضع عقار المنفذ عليه بين يدي القضاء قصد التمهيد لبيعه جبرا عن طريق المزاد العلني، غير أن حجز العقار حجزا تنفيذيا لا يكفي للإعلان عن البيع بالمزاد العلني، بل لا بد من القيام بعدة إجراءات تكون ضرورية لإعداد العقار للبيع، في طليعتها ضبط وثائق ملكية العقار ووضعيته القانونية والواقعية وتحديد الثمن الأساسي لبيعه بواسطة خبرة، ووضعيته القانونية والواقعية وتحديد الثمن الأساسي لبيعه بواسطة خبرة ، ووضع دفتر التحملات الذي يحدد شروط البيع وإشهار هذا البيع في الأماكن وبالوسائل المنصوص عليها قانونا، ويجب تبليغ واستدعاء الأطراف المعنية لحضور جلسة المزاد العلني، وبعد استيفاء جميع هذه المراحل، يشرع عون التنفيذ في عملية السمسرة والمزايدة، بحيث ترسو المزايدة على الذي يقدم أعلى عرض، فإذا اعتبر رئيس المحكمة باعتباره المشرف على عملية البيع أن الثمن كاف لبيع العقار، يأذن لعون التنفيذ بتحرير محضر إرساء المزاد الذي يعتبر سندا لتملك الراسي عليه المزاد للعقار وإلا فإنه يأمر بإعادة البيع متى اتضح له أن العروض المقدمة غير كافية ولا تناسب القيمة الحقيقية للعقار المحجوز.
ونظرا للآثار القانونية المترتبة على إجراء السمسرة والتي يترتب على خرق قواعدها الشكلية أو الموضوعية مساس بمصالح أحد طرفي التنفيذ أو كليهما فقد سمح المشرع لكل من تضررت مصلحته من جراء هذا الخرق أن يتقدم بطلب يرمي إلى إبطال السمسرة وتصحيح الإجراء المعيب، فإذا اتضح للمحكمة جدية الطلب قضت بإبطال السمسرة وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل إجرائها هذا الأمر قد يكون صعبا في بعض الحالات التي يستند فيها طلب إبطال السمسرة على إلغاء السند التنفيذي كما منح المشرع أيضا لباقي الدائنين التدخل في الحجز مع الحاجز الأول على وجه التعرض كتعويض لهم عن قاعدة منع تعدد الحجوز على المحل الواحد، للمطالبة باقتسام حصيلة التنفيذ فيما بينهم كل حسب نسبته، كما منح للحاجز الأول إمكانية اللجوء إلى قاضي المستعجلات للمطالبة برفع التعرض المقدم من قبل الدائنين الآخرين، فإذا اعتبر قاضي المستعجلات أن مبررات وضع التعرض غير قائمة أو إذا لم يقدم أي طلب من هذا القبيل افتتحت مسطرة التوزيع بالمحاصة، وهي مسطرة تهدف إلى توزيع حصيلة التنفيذ وفقا لمرتبة كل دائن استنادا إلى معيار الأفضلية، وبصفة نسبية اعتبارا لنسبة كل دين.
هذا ما تناولته في هذا الباب عبر تقسيمه إلى فصل أول خاص بمسطرة البيع بالمزاد العلني للعقار المحجوز، من خلال إبراز إجراء إعداد العقار المحجوز للبيع سواء تعلق الأمر بتحديد الثمن الافتتاحي لانطلاق المزايدة، ووضع دفتر التحملات، أو تعلق الأمر بإشهار البيع وتبليغ الأطراف بتاريخ المزايدة، كما تناولت في هذا الفصل أيضا مسطرة البيع بالمزاد العلني والآثار المترتبة عن هذا البيع
وتطرقت بعد ذلك لدراسة عوارض مسطرة الحجز التنفيذي المثارة بعد إجراء السمسرة و المتمثلة في دعوى بطلان السمسرة ، و الاعتراض على الحجز ، و كذا مسطرة التوزيع بالمحاصة لحصيلة التنفيذ حيث تناولت مسطرة التوزيع الودي وكذا مسطرة التوزيع القضائي.
لأختم أطروحتي التي اعتمدت فيها المنهج التحليلي والاستقرائي للنصوص القانونية المؤطرة لهذا الموضوع ومقارنتها بنظيرتها في القوانين المقارنة خاصة القانون المصري محاولا الاعتماد على أغلب المراجع ذات الصلة بالموضوع من كتب ورسائل جامعية وأطروحات ومقالات، موظفا عدة أحكام قضائية غير منشورة ذات صلة بالموضوع، باقتراحات علها تغني النقاش وتفتح باب البحث من جديد في هذا الموضوع.
أساتذتي الأفاضل هذا ما تناولته باختصار في أطروحتي، وشكرا لكم مرة أخرى.