مقدمة
يعد المجال البيئي من أهم المجالات التي حظيت بإهتمام دولي ووطني ومن المعول عليها لتحقيق التنمية و الإستثمار و إستمرار العيش السليم فوق البسيطة لكل الكائنات منها الإنسان و الحيوان و النبات، فالبيئة مجال حيوي ترتبط به فاعلية ونجاعة باقي المجالات في مقدمتها المجال الصناعي و الإقتصادي، حيث تشكل مصدرللراحة و السعادة النفسية و المعنوية و الطاقة الإيجابية، فهي تختلف في مدلولها حسب نوع النشاط الذي تنصب عليه فهناك البيئة الصناعية و البيئة الإجتماعية و البيئة الإقتصادية إلى غير ذلك، ولها علاقة وطيدة بالإنسان لكونه يقضي أغلب وقته في البيئة سواء في فترات الراحة أو النزهة أو حتى العمل، فهو يتأثر بها ويؤثر فيها، لذلك أضحت البيئة مسألة ضرورية وجب الحفاظ عليها و إستغلالها بشكل معقلن، فكلما كانت على صورة أفضل وسليمة فإن الإنسان و الكائنات الأخرى ستستفيد منها.غير أنه مع مرور الوقت وتطور المجتمع و الحياة بصفة عامة وظهور الحروب و الأزمات و الظواهر الطبيعية المؤثرة على البيئة وتزايد حدتها بشكل ملفت ومقلق يستدعي تحمل المسؤولية و توجيه التفكير و الإهتمام لهذا المجال الحيوي سواء كان وقوع هذه الظواهر بسبب الإنسان بسوء تصرفاته أو كان مصدرها طبيعي، حيث لوحظ مع مرور الزمن أن المجال البيئي يتراجع ويتدهور لطغيان المصالح السياسية و الإقتصادية و إهمال البيئة، الأمر الذي نتج عنه حدوث مجموعة من الظواهر المؤثرة على البيئة و على نمط العيش بصفة عامة منها ظاهرة إرتفاع درجة الحرارة أو الإحترار الحراري أو مايعرف أيضا بالإحتباس الحراري الذي يمكن تعريفه بأنه ظاهرة طبيعية تقع عندما ترتفع درجة الحرارة بسبب إزدياد الغازات في الجو أبرزها غاز ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان نتيجة الأنشطة الصناعية و التصرفات البشرية اللامعقلنة و التطورات الإقتصادية و الإجتماعية و العلمية أساسا.
وقد ظهرت هذه الظاهرة وتطورت مع مرور الزمن وتزداد حدتها مع تدهور المجال البيئي بمجموعة من الأسباب، فهي ارتبطت بتطور المجتمع و الصناعة و العلم و تراجع القيم و الوعي البيئي ، لذلك عرف المجال البيئي عموما إنعقاد مجموعة من الإتفاقيات و المعاهدات و البروتوكولات بشأن البيئة.
أما أهمية موضوع " آثار الإحتباس الحراري على المجال البيئي بالمغرب " فتكمن في كون ظاهرة الإحتباس الحراري حظيت بإهتمام دولي ووطني من طرف الأفراد و المنظمات، ولكون أيضا أن الإنسان يعد فاعل أساسي في حدوث هذه الظاهرة بإعتباره الكائن الأكثر نشاطا على الأرض، كما أن من بين أسباب تحقيق التقدم و الإزدهار البيئي وتنمية باقي المجالات متوقف على التصدى لهاته الظاهرة.
وعليه، فإشكالية الموضوع تتمثل في :
ماهي آثار الإحتباس الحراري على المجال البيئي بالمغرب ؟
لمحاولة الإجابة على الإشكالية المطروحة و الإحاطة ما أمكن بالموضوع الذي حظي ولازال باهتمام دولي ووطني ومؤسساتي، سأعتمد على منهجين: منهج تحليلي سأحاول من خلاله تحليل المعطيات و البيانات المعتمد عليها لإبراز كيفية حدوث ظاهرة و أسبابها و تأثيرها، ومنهج وصفي سأصف من خلاله ظاهرة الإحتباس الحراري كظاهرة بيئية توثر على الوسط البيئي و على الكائنات المرتبطة به وعلى باقي المجالات.
وعليه، سأتناول هذا الموضوع وفق تصميم ثنائي على الشكل التالي :
المطلب الأول : أسباب وفوائد الإحتباس الحراري
المطلب الثاني : آثار ظاهرة الإحتباس الحراري على المجال البيئي وسبل معالجتها
المطلب الأول : أسباب وفوائد الإحتباس الحراري
من المجمع عليه أن ظاهرة الإحتباس الحراري من الظواهر التي تؤثر على الوسط البيئي وعلى المجتمع ككل حيث يتأثر منها النشاط الفلاحي و الزراعي وغيرها من الأنشطة، هاته الظاهرة التي يتسبب في حدوثها مجموعة من الأسباب الطبيعية منها و غير الطبيعية ( الفقرة الأولى )، لكن مع ذلك فلهذه الظاهرة بعض الفوائد ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : أسباب الاحتباس الحراري
أنظر صورة مرفقة في النسخة المخصصة للتحميل
مما لاشك فيه أن الإحاطة بالأسباب المؤدية إلى حدوث ظاهرة الإحترار الحراري يقتضي معرفة الوسط البيئي ومختلف التفاعلات التي تقع في الكون و البحث عن مصدرها،
أنظر بيان مرفق في النسخة المخصصة للتحميل
فأسباب الإحتباس الحراري إما أنها أسباب طبيعية لا دخل للإنسان فيها كالفيضانات و ارتفاع درجة الحرارة و الغازات التي تفرزها بعض الحيوانات و حرائق الغابات التي لايتسبب فيها الإنسان و البراكين، إضافة إلى الملوثات العضوية و الأعاصير إلى غير ذلك، أو أنها أسباب غير طبيعية يكون للإنسان دور فيها سواء في المجال الصناعي أو الإقتصادي ومنها التلوث والإستعمال المفرط للوقود الأحفوري ( النفط، الغاز، البترول...) وحرقه وقطع الأشجار و الدخان الصادر عن المصانع، التهور في استغلال المجال الغابوي الذي يؤدي مثلا إلى حرق الغابات و التوسع العمراني على حساب المجال الأخضر الذي يحمي الوسط البيئي من ارتفاع درجة الحرارة، وأيضا ضعف طبقة الأوزون.
أنظر صورة مرفقة في النسخة المخصصة للتحميل
كما أن هناك أسباب أخرى كارتفاع نسبة الغازات في الجو أبرزها غاز ثاني أوكسيد الكربون، كما هو مبين من خلال الرسم البياني أدناه والذي يبين مقياس الجو في منطقة مونا لوا في هاواي مابين سنة 1960 إلى سنة 2010.
أنظر بيان مرفقة في النسخة المخصصة للتحميل
وفي هذا الإطار وبناء على الأسباب أعلاه نتساءل كيف يحدث الإحتباس الحراري ؟
جوابا على هذا التساؤل سنستعين بالصورة المبينة أدناه :
أنظر صورة مرفقة في النسخة المخصصة للتحميل
يتضح من هذه الصورة أن الإحتباس الحراري يحدث بمجموعة من الأسباب تتمثل في :
صدور إشعاعات شمسية بدرجة تصل إلى 343 وات في متر مربع، هذه الأشعة تصل إلى
الأرض بدرجة 240 وات في متر مربع بعد مرورها بالغلاف الجوي و السحب، كما يحدث بصدور إشعاعات تحت حمراء يعكسها الغلاف الجوي و السحب مرسلة إلى الفضاء بدرجة تصل 103 وات في متر مربع، ويسببه أيضا وجود سحب وغازات سامة تخزن وتعكس أشعة تحت حمراء، إضافة إلى إشعاعات تحت حمراء المرسلة إلى الفضاء بدرجة تصل إلى 240 وات في متر مربع و إشعاعات تعكس من السحب نحو الأرض.
رغم كل ماذكر فإن للإحتباس الحراري بعض الفوائد وهو ماسيتم الحديث في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية : فوائد الإحتباس الحراري
للإحتباس الحراري بعض الفوائد و المزايا تتمثل في أنه يقلل برودة الجو، ويساعد على العيش الدافئ في بعض الدول التي تعرف برودة شديدةطوال السنة خاصة في بعض الدول الأوروبية كالسويد، كما أن بعض الحيوانات تحتاج إلى الحرارة، إضافة أنه يساعد على ذوبان الجليد التي تعرفها بعض الدول الأمر الذي يسهل على السكان الوصول إلى المدن وممارسة أنشطتهم التجارية، ويساهم أيضا في تزايد الإقبال على المناطق الساحلية و الجبلية و بالتالي نمو الإستثمار و ازدهار المجال السياحي، كما يمكن الإعتماد عليه في تجميع عدد كبير من الطاقة الشمسية.
المطلب الثاني : آثار ظاهرة الإحتباس الحراري وسبل معالجتها
إن حدوث ظاهرة الإحتباس الحراري يؤثر على مختلف الأنشطة خاصة المرتبطة منها بالبيئة ( الفقرة الأولى )، فآثاره الوخيمة و أضراره السلبية دفعت إلى التفكير وبذل الجهود خاصة الدولية منها من أجل التصدي لهاته الظاهرة ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : آثار الإحتباس الحراري على البيئة بالمغرب
إن ظاهرة الإحتباس الحراري لها تداعيات و آثار تختلف بإختلاف الوسط البيئي الذي يعيش فيه الفرد فتكون المناطق التي تعرف درجة الحرارة مرتفعة هي الأكثر تأثرا في حالة حدوث الظاهرة، أما المناطق الباردة فيكون تأثرها أقل بسبب برودة الجو فيها و الذي يجعلها لاتضرر بالشكل الذي تضرر به المناطق الأخرى، فالإحتباس الحراري يؤثر سلبا سواء على البيئة، حيث يتجلى هذا التأثير في إضعاف طبقة الأوزون وتعرضها للثقوب وكثرة الحرائق التي تتعرض لها الغابات و ارتفاع درجة الحرارة في أغلب المناطق، كما يسبب تغير المناخ وتلوث الهواء، إضافة إلى الجفاف وضعف منسوب المياه سواء في السدود و الأنهار و البحيرات أو انخفاض على مستوى سطح البحر ثم ذوبان الجليد ويؤثر على النباتات ويؤدي إلى تراجع مستوى التربة، كما يؤثر الإحتباس الحراري على الإنسان ويتمثل ذلك في كثرة الوفيات خاصة في فصل الصيف بسبب ارتفاع درجة الحرارة كما حصل السنة الماضية في بعض الدول الأوروبية ، تعرض الإنسان للأمراض وخاصة مشاكل التنفس، إقبال على المناطق الساحلية بأعداد كبيرة مما يتسبب في حدوث الإزدحام ومشاكل النقل، أيضا تزايد الهجرة من القرية إلى المدينة وارتفاع أسعار أجهزة التبريد التي لها هي أخرى تأثير على صحته، كما يؤثر الإحترار الحراري على نفسية الأفراد. أما تأثير الظاهرة على الحيوانات فيكمن في إنقراض بعض الحيوانات التي لاتتحمل درجة الحرارة المرتفعة، ويتسبب في هجرة بعضها.
كما تسبب ظاهرة الإحتباس الحراري مشاكل أخرى كضعف الإنتاج الزراعي و الفلاحي، مما يؤثر على الحيوانات خاصة المواشي ويؤدي إلى غلاء الأسعار ومن ثم يتأثر الإنسان ماديا و إجتماعيا وبالتالي تراجع فرص الإستثمار، فضلا عن إختلال توازن الكون وتراجع إمكانية العيش على كوكب الأرض لبعض الكائنات.
لذلك وجب إيجاد حلول كفيلة للحد من آثار هذه الظاهرة أو على الأقل التخفيف من حدتها.
الفقرة الثانية : سبل التصدي لظاهرة الإحتباس الحراري
إن تحقيق هذا الأمر يقتضي التعاون بين الأفراد و المنظمات دوليا ووطنيا والتحسيس بأهمية البيئة في الحياة الخاصة و العامة وبخطورة هذه الظاهرة وترسيخ الوعي البيئي ووضع قوانين صارمة تتضمن جزاءات رادعة لكل مساس بالبيئة، إطلاق مبادرات لغرس أكبر عدد ممكن من الأشجار و النباتات لكونها تساعد على حماية البيئة، والعمل على تخزين المياه تجنبا في حالة الجفاف للخصاص المائي، التقليل من إستعمال المواد العضوية وتجنب قطع الأشجار. إضافة إلى تفعيل دور المجتمع المدني وتخصيص أيام دراسية و جامعية وخطب دينية لتوعية بأهمية المجال البيئي لكون الشريعة الإسلامية و السنة النبوية الشريفة تحثنا على المحافظة على البيئة ومواردها، ومن الحلول كذلك عقد ندوات ومزيد من الإتفاقيات وتفعيل وسائل الإعلام المرئية و المسموعة لدورها في هذا المجال وإعتماد مقاربة تشاركية بين جميع الفاعلين، إيجاد سبل حديثة لتدبير النفايات و مخلفات المصانع خاصة بالنسبة للدول التي تفتقر للوسائل الحديثة، تفعيل المراقبة في المجال البيئي للحد من مسببات الظاهرة كالتلوث، أيضا يجب أن تلتزم جميع الدول بالإعلانات الدولية، كما يجب العمل على تحديث النصوص القانونية البيئية لكي تواكب الظواهر الطارئة و المحتملة .
يتعين كذلك منع المشاريع التي تضر بالبيئة و تقنين مجال التكنولوجيا، وإستخدام الطاقة البديلة و خاصة الكهرباء والطاقة الريحية عوض الوقود الأحفوري وتمويل الدول الفقيرة من طرف المنظمات و المؤسسات الدولية.
خاتمة
ختاما، يمكن القول أن لموضوع " آثار الإحتباس الحراري على المجال البيئي بالمغرب " أهمية تنبع من كونه أولا مرتبط بمجال حيوي يحظى بإهتمام الأفراد و المنظمات وعقدت بشأنه إتفاقيات وتم إصدار مجموعة من الإعلانات تتعلق به ألا وهو المجال البيئي الذي أضحى يعرف حالة من التدهور و التراجع في المساحات الخضراء و في مكونات البيئة الأخرى بسبب الظواهر و الأزمات التي عرفها سواء الطبيعية منها أو غير الطبيعية، وأبرزها ظاهرة الإحتباس الحراري التي أثرت على المجال البيئي دوليا و في المغرب، كما أن هذه الظاهرة حظيت بصدى من طرف مختلف الفاعلين نظرا لحدتها الذي تزداد كلما زادت الأسباب المؤدية لها.
ومن خلال دراستي للموضوع استنتجت مايلي :
أن الإحتباس الحراري أثر على المجال البيئي وباقي المجالات الأخرى.
أن أسباب الإحتباس الحراري منها ماهو طبيعي و آخر غير طبيعي.
أنه على الرغم من أن الإحتباس الحراري له بعض الفوائد إلا أن آثاره السلبية كثيرة.
أن التصدي لهذه الظاهرة مرتبط بالتدبير المعقلن للموارد البيئية.
وبناء على كل ماذكر أقدم بعض الإقتراحات :
بما أن هذه الظاهرة تهم الجميع فإنه يقتضي التعاون و التكافل بين جميع الأفراد و الفاعلين.
يجب أن يتم التصدي لهذه الظاهرة عبر تقوية المجال البيئي وخاصة الغابوي منه كغرس الأشجار و محاربة التلوث.
التوفر على رؤية مستقبيلة الغاية منها العيش في بيئة سليمة و إحتياط لما قد يقع.
يعد المجال البيئي من أهم المجالات التي حظيت بإهتمام دولي ووطني ومن المعول عليها لتحقيق التنمية و الإستثمار و إستمرار العيش السليم فوق البسيطة لكل الكائنات منها الإنسان و الحيوان و النبات، فالبيئة مجال حيوي ترتبط به فاعلية ونجاعة باقي المجالات في مقدمتها المجال الصناعي و الإقتصادي، حيث تشكل مصدرللراحة و السعادة النفسية و المعنوية و الطاقة الإيجابية، فهي تختلف في مدلولها حسب نوع النشاط الذي تنصب عليه فهناك البيئة الصناعية و البيئة الإجتماعية و البيئة الإقتصادية إلى غير ذلك، ولها علاقة وطيدة بالإنسان لكونه يقضي أغلب وقته في البيئة سواء في فترات الراحة أو النزهة أو حتى العمل، فهو يتأثر بها ويؤثر فيها، لذلك أضحت البيئة مسألة ضرورية وجب الحفاظ عليها و إستغلالها بشكل معقلن، فكلما كانت على صورة أفضل وسليمة فإن الإنسان و الكائنات الأخرى ستستفيد منها.غير أنه مع مرور الوقت وتطور المجتمع و الحياة بصفة عامة وظهور الحروب و الأزمات و الظواهر الطبيعية المؤثرة على البيئة وتزايد حدتها بشكل ملفت ومقلق يستدعي تحمل المسؤولية و توجيه التفكير و الإهتمام لهذا المجال الحيوي سواء كان وقوع هذه الظواهر بسبب الإنسان بسوء تصرفاته أو كان مصدرها طبيعي، حيث لوحظ مع مرور الزمن أن المجال البيئي يتراجع ويتدهور لطغيان المصالح السياسية و الإقتصادية و إهمال البيئة، الأمر الذي نتج عنه حدوث مجموعة من الظواهر المؤثرة على البيئة و على نمط العيش بصفة عامة منها ظاهرة إرتفاع درجة الحرارة أو الإحترار الحراري أو مايعرف أيضا بالإحتباس الحراري الذي يمكن تعريفه بأنه ظاهرة طبيعية تقع عندما ترتفع درجة الحرارة بسبب إزدياد الغازات في الجو أبرزها غاز ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان نتيجة الأنشطة الصناعية و التصرفات البشرية اللامعقلنة و التطورات الإقتصادية و الإجتماعية و العلمية أساسا.
وقد ظهرت هذه الظاهرة وتطورت مع مرور الزمن وتزداد حدتها مع تدهور المجال البيئي بمجموعة من الأسباب، فهي ارتبطت بتطور المجتمع و الصناعة و العلم و تراجع القيم و الوعي البيئي ، لذلك عرف المجال البيئي عموما إنعقاد مجموعة من الإتفاقيات و المعاهدات و البروتوكولات بشأن البيئة.
أما أهمية موضوع " آثار الإحتباس الحراري على المجال البيئي بالمغرب " فتكمن في كون ظاهرة الإحتباس الحراري حظيت بإهتمام دولي ووطني من طرف الأفراد و المنظمات، ولكون أيضا أن الإنسان يعد فاعل أساسي في حدوث هذه الظاهرة بإعتباره الكائن الأكثر نشاطا على الأرض، كما أن من بين أسباب تحقيق التقدم و الإزدهار البيئي وتنمية باقي المجالات متوقف على التصدى لهاته الظاهرة.
وعليه، فإشكالية الموضوع تتمثل في :
ماهي آثار الإحتباس الحراري على المجال البيئي بالمغرب ؟
لمحاولة الإجابة على الإشكالية المطروحة و الإحاطة ما أمكن بالموضوع الذي حظي ولازال باهتمام دولي ووطني ومؤسساتي، سأعتمد على منهجين: منهج تحليلي سأحاول من خلاله تحليل المعطيات و البيانات المعتمد عليها لإبراز كيفية حدوث ظاهرة و أسبابها و تأثيرها، ومنهج وصفي سأصف من خلاله ظاهرة الإحتباس الحراري كظاهرة بيئية توثر على الوسط البيئي و على الكائنات المرتبطة به وعلى باقي المجالات.
وعليه، سأتناول هذا الموضوع وفق تصميم ثنائي على الشكل التالي :
المطلب الأول : أسباب وفوائد الإحتباس الحراري
المطلب الثاني : آثار ظاهرة الإحتباس الحراري على المجال البيئي وسبل معالجتها
المطلب الأول : أسباب وفوائد الإحتباس الحراري
من المجمع عليه أن ظاهرة الإحتباس الحراري من الظواهر التي تؤثر على الوسط البيئي وعلى المجتمع ككل حيث يتأثر منها النشاط الفلاحي و الزراعي وغيرها من الأنشطة، هاته الظاهرة التي يتسبب في حدوثها مجموعة من الأسباب الطبيعية منها و غير الطبيعية ( الفقرة الأولى )، لكن مع ذلك فلهذه الظاهرة بعض الفوائد ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : أسباب الاحتباس الحراري
أنظر صورة مرفقة في النسخة المخصصة للتحميل
مما لاشك فيه أن الإحاطة بالأسباب المؤدية إلى حدوث ظاهرة الإحترار الحراري يقتضي معرفة الوسط البيئي ومختلف التفاعلات التي تقع في الكون و البحث عن مصدرها،
أنظر بيان مرفق في النسخة المخصصة للتحميل
فأسباب الإحتباس الحراري إما أنها أسباب طبيعية لا دخل للإنسان فيها كالفيضانات و ارتفاع درجة الحرارة و الغازات التي تفرزها بعض الحيوانات و حرائق الغابات التي لايتسبب فيها الإنسان و البراكين، إضافة إلى الملوثات العضوية و الأعاصير إلى غير ذلك، أو أنها أسباب غير طبيعية يكون للإنسان دور فيها سواء في المجال الصناعي أو الإقتصادي ومنها التلوث والإستعمال المفرط للوقود الأحفوري ( النفط، الغاز، البترول...) وحرقه وقطع الأشجار و الدخان الصادر عن المصانع، التهور في استغلال المجال الغابوي الذي يؤدي مثلا إلى حرق الغابات و التوسع العمراني على حساب المجال الأخضر الذي يحمي الوسط البيئي من ارتفاع درجة الحرارة، وأيضا ضعف طبقة الأوزون.
أنظر صورة مرفقة في النسخة المخصصة للتحميل
كما أن هناك أسباب أخرى كارتفاع نسبة الغازات في الجو أبرزها غاز ثاني أوكسيد الكربون، كما هو مبين من خلال الرسم البياني أدناه والذي يبين مقياس الجو في منطقة مونا لوا في هاواي مابين سنة 1960 إلى سنة 2010.
أنظر بيان مرفقة في النسخة المخصصة للتحميل
وفي هذا الإطار وبناء على الأسباب أعلاه نتساءل كيف يحدث الإحتباس الحراري ؟
جوابا على هذا التساؤل سنستعين بالصورة المبينة أدناه :
أنظر صورة مرفقة في النسخة المخصصة للتحميل
يتضح من هذه الصورة أن الإحتباس الحراري يحدث بمجموعة من الأسباب تتمثل في :
صدور إشعاعات شمسية بدرجة تصل إلى 343 وات في متر مربع، هذه الأشعة تصل إلى
الأرض بدرجة 240 وات في متر مربع بعد مرورها بالغلاف الجوي و السحب، كما يحدث بصدور إشعاعات تحت حمراء يعكسها الغلاف الجوي و السحب مرسلة إلى الفضاء بدرجة تصل 103 وات في متر مربع، ويسببه أيضا وجود سحب وغازات سامة تخزن وتعكس أشعة تحت حمراء، إضافة إلى إشعاعات تحت حمراء المرسلة إلى الفضاء بدرجة تصل إلى 240 وات في متر مربع و إشعاعات تعكس من السحب نحو الأرض.
رغم كل ماذكر فإن للإحتباس الحراري بعض الفوائد وهو ماسيتم الحديث في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية : فوائد الإحتباس الحراري
للإحتباس الحراري بعض الفوائد و المزايا تتمثل في أنه يقلل برودة الجو، ويساعد على العيش الدافئ في بعض الدول التي تعرف برودة شديدةطوال السنة خاصة في بعض الدول الأوروبية كالسويد، كما أن بعض الحيوانات تحتاج إلى الحرارة، إضافة أنه يساعد على ذوبان الجليد التي تعرفها بعض الدول الأمر الذي يسهل على السكان الوصول إلى المدن وممارسة أنشطتهم التجارية، ويساهم أيضا في تزايد الإقبال على المناطق الساحلية و الجبلية و بالتالي نمو الإستثمار و ازدهار المجال السياحي، كما يمكن الإعتماد عليه في تجميع عدد كبير من الطاقة الشمسية.
المطلب الثاني : آثار ظاهرة الإحتباس الحراري وسبل معالجتها
إن حدوث ظاهرة الإحتباس الحراري يؤثر على مختلف الأنشطة خاصة المرتبطة منها بالبيئة ( الفقرة الأولى )، فآثاره الوخيمة و أضراره السلبية دفعت إلى التفكير وبذل الجهود خاصة الدولية منها من أجل التصدي لهاته الظاهرة ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : آثار الإحتباس الحراري على البيئة بالمغرب
إن ظاهرة الإحتباس الحراري لها تداعيات و آثار تختلف بإختلاف الوسط البيئي الذي يعيش فيه الفرد فتكون المناطق التي تعرف درجة الحرارة مرتفعة هي الأكثر تأثرا في حالة حدوث الظاهرة، أما المناطق الباردة فيكون تأثرها أقل بسبب برودة الجو فيها و الذي يجعلها لاتضرر بالشكل الذي تضرر به المناطق الأخرى، فالإحتباس الحراري يؤثر سلبا سواء على البيئة، حيث يتجلى هذا التأثير في إضعاف طبقة الأوزون وتعرضها للثقوب وكثرة الحرائق التي تتعرض لها الغابات و ارتفاع درجة الحرارة في أغلب المناطق، كما يسبب تغير المناخ وتلوث الهواء، إضافة إلى الجفاف وضعف منسوب المياه سواء في السدود و الأنهار و البحيرات أو انخفاض على مستوى سطح البحر ثم ذوبان الجليد ويؤثر على النباتات ويؤدي إلى تراجع مستوى التربة، كما يؤثر الإحتباس الحراري على الإنسان ويتمثل ذلك في كثرة الوفيات خاصة في فصل الصيف بسبب ارتفاع درجة الحرارة كما حصل السنة الماضية في بعض الدول الأوروبية ، تعرض الإنسان للأمراض وخاصة مشاكل التنفس، إقبال على المناطق الساحلية بأعداد كبيرة مما يتسبب في حدوث الإزدحام ومشاكل النقل، أيضا تزايد الهجرة من القرية إلى المدينة وارتفاع أسعار أجهزة التبريد التي لها هي أخرى تأثير على صحته، كما يؤثر الإحترار الحراري على نفسية الأفراد. أما تأثير الظاهرة على الحيوانات فيكمن في إنقراض بعض الحيوانات التي لاتتحمل درجة الحرارة المرتفعة، ويتسبب في هجرة بعضها.
كما تسبب ظاهرة الإحتباس الحراري مشاكل أخرى كضعف الإنتاج الزراعي و الفلاحي، مما يؤثر على الحيوانات خاصة المواشي ويؤدي إلى غلاء الأسعار ومن ثم يتأثر الإنسان ماديا و إجتماعيا وبالتالي تراجع فرص الإستثمار، فضلا عن إختلال توازن الكون وتراجع إمكانية العيش على كوكب الأرض لبعض الكائنات.
لذلك وجب إيجاد حلول كفيلة للحد من آثار هذه الظاهرة أو على الأقل التخفيف من حدتها.
الفقرة الثانية : سبل التصدي لظاهرة الإحتباس الحراري
إن تحقيق هذا الأمر يقتضي التعاون بين الأفراد و المنظمات دوليا ووطنيا والتحسيس بأهمية البيئة في الحياة الخاصة و العامة وبخطورة هذه الظاهرة وترسيخ الوعي البيئي ووضع قوانين صارمة تتضمن جزاءات رادعة لكل مساس بالبيئة، إطلاق مبادرات لغرس أكبر عدد ممكن من الأشجار و النباتات لكونها تساعد على حماية البيئة، والعمل على تخزين المياه تجنبا في حالة الجفاف للخصاص المائي، التقليل من إستعمال المواد العضوية وتجنب قطع الأشجار. إضافة إلى تفعيل دور المجتمع المدني وتخصيص أيام دراسية و جامعية وخطب دينية لتوعية بأهمية المجال البيئي لكون الشريعة الإسلامية و السنة النبوية الشريفة تحثنا على المحافظة على البيئة ومواردها، ومن الحلول كذلك عقد ندوات ومزيد من الإتفاقيات وتفعيل وسائل الإعلام المرئية و المسموعة لدورها في هذا المجال وإعتماد مقاربة تشاركية بين جميع الفاعلين، إيجاد سبل حديثة لتدبير النفايات و مخلفات المصانع خاصة بالنسبة للدول التي تفتقر للوسائل الحديثة، تفعيل المراقبة في المجال البيئي للحد من مسببات الظاهرة كالتلوث، أيضا يجب أن تلتزم جميع الدول بالإعلانات الدولية، كما يجب العمل على تحديث النصوص القانونية البيئية لكي تواكب الظواهر الطارئة و المحتملة .
يتعين كذلك منع المشاريع التي تضر بالبيئة و تقنين مجال التكنولوجيا، وإستخدام الطاقة البديلة و خاصة الكهرباء والطاقة الريحية عوض الوقود الأحفوري وتمويل الدول الفقيرة من طرف المنظمات و المؤسسات الدولية.
خاتمة
ختاما، يمكن القول أن لموضوع " آثار الإحتباس الحراري على المجال البيئي بالمغرب " أهمية تنبع من كونه أولا مرتبط بمجال حيوي يحظى بإهتمام الأفراد و المنظمات وعقدت بشأنه إتفاقيات وتم إصدار مجموعة من الإعلانات تتعلق به ألا وهو المجال البيئي الذي أضحى يعرف حالة من التدهور و التراجع في المساحات الخضراء و في مكونات البيئة الأخرى بسبب الظواهر و الأزمات التي عرفها سواء الطبيعية منها أو غير الطبيعية، وأبرزها ظاهرة الإحتباس الحراري التي أثرت على المجال البيئي دوليا و في المغرب، كما أن هذه الظاهرة حظيت بصدى من طرف مختلف الفاعلين نظرا لحدتها الذي تزداد كلما زادت الأسباب المؤدية لها.
ومن خلال دراستي للموضوع استنتجت مايلي :
أن الإحتباس الحراري أثر على المجال البيئي وباقي المجالات الأخرى.
أن أسباب الإحتباس الحراري منها ماهو طبيعي و آخر غير طبيعي.
أنه على الرغم من أن الإحتباس الحراري له بعض الفوائد إلا أن آثاره السلبية كثيرة.
أن التصدي لهذه الظاهرة مرتبط بالتدبير المعقلن للموارد البيئية.
وبناء على كل ماذكر أقدم بعض الإقتراحات :
بما أن هذه الظاهرة تهم الجميع فإنه يقتضي التعاون و التكافل بين جميع الأفراد و الفاعلين.
يجب أن يتم التصدي لهذه الظاهرة عبر تقوية المجال البيئي وخاصة الغابوي منه كغرس الأشجار و محاربة التلوث.
التوفر على رؤية مستقبيلة الغاية منها العيش في بيئة سليمة و إحتياط لما قد يقع.