MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




القانون المقارن: فترة الريبة طبقاً لمدونة التجارة الموريتانية

     

سيدي محمد عبد الله حَدْ
إطار بوزارة التجارة والصناعة والسياحة
باحث في سلك دكتوراه قانون خاص
جامعة محمد الخامس ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ السويسي



القانون المقارن: فترة الريبة طبقاً لمدونة التجارة الموريتانية
 
تُطَبق مسطرة معالجة صعوبات المؤسسات [1] على كل مؤسسة وقعت في استحالة مواجهة ديونها الواجبة الأداء بؤصولها المتوفرة ، بما في ذلك الديون التي نشأت عن التزامات أمضيت في إطار التسوية عن طريق التراضي ، فهكذا حدد المشرع التجاري الموريتاني الطبيعة القانونية لمسطرة المعالجة القضائية ، على أن هذه الطبيعة القانونية تنطوي على مفهوم أو شرط مبدئي جوهري وهو حالة التوقف الفعلي عن الدفع .

ويلاحظ على سبيل المفارقة أن المشرع التجاري الموريتاني لم يتعرض مباشرة لتعريف آلية التوقف عن الدفع [2]، مع كونه رتب عليه آثار في غاية الأهمية ، ومن بين هذه الآثار نجد فترة الريبة إذ ليس من الجديد أن أي مدين عندما يوجد في ورطة مالية أو اقتصادية يقوم غالبا بالبعض من التصرفات الرامية إلى ترتيب حالة إعساره أو محباة البعض من دائنيه  وذلك إخلالا بالقاعدة الأساسية القاضية بالمساواة بين الدائنين [3] ، وبما أن الأمر يتعلق بظرفية بالغة الدقة بالنسبة للمدين المعرض خلالها لشتى التعاملات المضرة بحقوق الدائنين وسلامة التعامل ، فقد عرفت منذ القديم [4] هذه الظرفية من الزمن ـ بما تكتنفه من تصرفات هشة ـ  بفترة الريبة ، وتلك الفترة هي أخطر الفترات  على جماعة الدائنين و أشدها إضرارا بهم ،[5]  ففي هذه الفترة يغلب على المفلس الشعور بالاضطراب في أعماله ، و أنه لا مهرب من شهر إفلاسه ، فيلجأ إلى مختلف الطرق لإخفاء سوء حالته عن سائر الدائنين، و يستغل فرصة هذا الإخفاء ليقوم بتصرفاته بعيدا عن أي رقابة و إشراف ، وقد نظم المشرع الموريتاني فترة الريبة في مدونة التجارة [6] من المادة 1408 إلى المادة 1415 .

ويمكن التعرف على ماهية هذه الآلية القانونية بتحديد مجالها ( المطلب الأول ) ونظام البطلان المترتب عليها ( المطلب الثاني )

المطلب الأول : مجال فترة الريبة

يتحدد هذا المجال بواسطة تميز فترة الريبة عن البعض من الآليات القريبة منها (الفقرة الأولى) وبيان مدة الزمن التي تسري خلالها (الفقرة
الثانية

الفقرة الأولى : تمييز فترة الريبة عن الآليات القريبة منها 

إن فترة الريبة بصفتها أداة لنقض التصرفات الصادرة عن المدين ـ الواقع بالفعل تحت قبضة الإجراءات الجماعية ـ لحمله على التعاطي من وفاء ديون مؤسسته وانقاذها بحسب الإمكان ، تتقاطع في البعض من مقاصدها مع آليات قانونية أخرى معروفة من هذا القبيل تتمثل في الدعوى البوليصية والدعوى بعدم الاحتجاج .

أولا : في ما يتعلق بالدعوى البوليصية

لا شك في التقارب الحاصل سلفا بين دعوى البطلان المرتبطة بفترة الريبة والدعوى الأقدم والأعم في مجال المطالبة بالإبطال على أساس الغش المعروفة اصطلاحا ـ في أصول القانون ـ بالدعوى البوليصية [7] بينما لا توجد إشارة بشأنها على نحو صريح في التشريع الموريتاني [8] .
فالهدف من دعوى البطلان في كلتا الحالتين إنما يتمثل في الزجر عن الاحتيال والتدليس والحيلولة دون إلحاق الضرر بحقوق الدائنين ، وهكذا ـ إشارة إلى التماهي ، خصوصا في المغزى ما بين الدعوتين ، وإلى شمولية الدعوى البوليصية بالنسبة لدعوى البطلان في فترة الريبة ـ توصف هذه الأخيرة أحيانا من قبل الفقهاء بكونها دعوى بوليصية معززة أو مشددة .
ومع ذلك يوجد فرق أساسي ما بين هاتين الدعوتين بدليل أنه يقع اللجوء إلى الدعوى البوليصية كعقاب عند التثبت من الغش ضد المدين ، بينما تستند دعوى البطلان لفترة الريبة على حالة التوقف عن الدفع وحظر التصرف المترتب عليها ، حيث لا يقتصر الأمر على معاقبة الأعمال المشوبة بالغش بل يرمي فضلا عن ذلك إلى إلغاء التصرفات تحدث اختلالا خطيرا بالنسبة للمساواة بين الدائنين والتي قد تعرِض مهمة إصلاح وضع المؤسسة للخطر في موضوع الإجراءات الجماعية .
وهكذا فإن دعوى البطلان المرتكزة على حالة التوقف عن الدفع لها نظامها الخاص سيما أنها أيضا تسمح بالطعن في تصرفات لا تدخل عادة ضمن المجال الأصلي للدعوى البوليصية ، مثل الوفاءات وعمليات القسمة ، كما أن البطلان المؤسس عليها يكون في بعض الحالات إلزاميا بمعنى أنه على المحكمة التصريح به دون الحاجة [9] إلى ثبوت الغش في جانب المدين .
ولعل من أبرز أوج التقارب ـ أو التمايز ـ بين دعوى البطلان المرتبطة بفترة الريبة والدعوى البوليصية أن فقه القضاء المقارن يميل إلى إتاحة المزاوجة بينهما أمام المحكمة المختصة [10] ، وهو اجتهاد بالغ الجدوائية من الناحية العملية ، خاصة أن الدعوى التقليدية بالبطلان ، بالرجوع إلى الغش ، تفسح المجال من حيث المبدأ إلى التصدي للأعمال المشتبه فيها ، بصفة مطلقة ، أي مهما كان تاريخها بالنسبة للتوقف عن الدفع بما يوفر البعض من الموازنة لما عليه التشريع حاليا من تقليد لفترة الريبة ، غير أن الجزاء الأرجح فقهيا في هذه الحالة ليس من قبيل بطلان تصرف المدين وإنما عدم الاحتجاج به على دائنيه [11]

ثانيا : بخصوص الدعوى بعدم الاحتجاج

تكون التصرفات القانونية التي يقوم بها المدين ابتداء من اليوم الذي يتقاعس فيه عن الدفع مشبوهة بريبة غش بالنسبة لدائنيه وهذا هو السبب في أن الفترة الزمنية الممتدة من تاريخ توقفه عن الدفع إلى تاريخ الحكم القاضي بفتح المسطرة حياله تسمى " فترة الريبة " وقد عرف نظام الإجراءات الجماعية قديما نوعا من التشدد في هذا الصدد ، حيث كان يرجع بتاريخ الإفلاس إلى تاريخ التوقف عن الدفع وهو ما يعني بطلان جميع التصرفات الحاصلة بعد هذا التاريخ ، مع ما ينطوي عليه هذا الموقف من نتائج خطيرة على حقوق الأغيار من ذوي النوايا الحسنة المتعاملين مع المدين وهم على غير علم بكونه في حالة توقف عن الدفع ، وقد جرى تصحيح هذه الوضعية بالتخلي ـ لمرحلة ما ـ عن اللجوء إلى بطلان تصرفات المدين في فترة الريبة [12]، والاكتفاء بعدم الاحتجاج بها ضد " كتلة الدائنين " ، بصفته الإجراء الأنسب لموازنة المصالح خلال هذه الفترة .
إلا أن إعادة ترتيب الأولويات في إطار التوجهات الاقتصادية الحديثة لمادة صعوبات المؤسسات وعلى رأسها التركيز على إجراءات الإنقاذ ، إضافة إلى هجران ما كان يسمى " بكتلة الدائنين " قد سارت بالوضعية التشريعية هنا إلى الوراء ـ كما ينعكس الآن في التشريع الموريتاني ـ ، وذلك بالعدول عن التصدي للتعاملات في فترة الريبة بواسطة الدفع بعدم الاحتجاج ، والعودة بها مجددا لكنف الآليات القائمة على البطلان .

الفقرة الثانية : تحديد فترة الريبة

تنص المادة 1408 من مدونة التجارة على أن فترة الريبة تبدأ من تاريخ التوقف عن الدفع ولغاية الحكم بفتح المسطرة ، وتضيف المادة 1409 من نفس المدونة أنه يبين بواسطة نفس الحكم تاريخ التوقف عن الدفع ، على أن لا يتجاوز هذا التاريخ في جميع الأحوال ثمانية عشر شهرا قبل التوقف عن الدفع ، ابتداء من تاريخ صدور الحكم ، مع أنه يمكن للمحكمة ذات الاختصاص تأجيل تاريخ التوقف عن الدفع مرة أو عدة مرات وذلك بطلب ، لتغيير هذا التاريخ ، ويرفع هذا الطلب إلى المحكمة من طرف أمين التفلسة قبل انتهاء أجل الخمسة عشر يوما التالية للحكم الذي يحدد المخطط المشار إليه في المادة 1303 من مدونة التجارة [13] وعلى من أن المشرع لا يعترف بالحرف للمحكمة سوى بإمكانية تأجيل تاريخ التوقف عن الدفع ، فإن لها الحرية كذلك في تعجيله (أي تأخيره) إلى وقت ما في الفترة اللاحقة على الحكم القاضي بفتح المسطرة ، إلا أن حريتها أي المحكمة في جميع الحالات ليست مطلقة ، حيث أنه لا يمكن تأجيل تاريخ التوقف عن الدفع أكثر من ثمانية عشر شهرا من تاريخ الحكم بفتح المسطرة ، علما بأنه من الممكن تمديد هذه الفترة إلى أربعة عشر شهرا بالنسبة لبعض العقود ، عملا بالمادتين 1408 و 1410 من مدونة التجارة .
كما أنه لا بد أن يعرض طلب بتأجيل تاريخ التوقف عن الدفع أو تغييره في أجل الخمسة عشر يوما الموالية لصدور الحكم المتضمن المخطط بشأن إعداد الحل .

المطلب الثاني : نظام دعوى البطلان

تمارس دعوى البطلان المنجرة عن فترة الريبة من طرف أمين التفلسة كما أنها ترمي إلى إعادة جمع أصول المؤسسة ، بدون أي تلميح من طرف المشرع ـ بهذا الخصوص ـ إلى ما كان يعرف " بكتلة الدائنين " ، ويبدون الأمر مختلفا نوعا ما عندما يتعلق الأمر بدعوى التعويض الموجهة ضد الأغيار من أجل إصلاح الأضرار الحاصلة منهم ، على معنى المادة 1415 من مدونة التجارة [14] .
ويوجد صنفان من البطلان صممهما المشرع بحسب درجة الاشتباه التي يتلبس بها التصرف ، ففي البعض من الحالات – يفترض أنها هي الأخطر – تكون المحكمة ملزمة بنقض التصرف ، وذلك لمجرد أنه أنجز خلال فترة الريبة ، وهذا هو البطلان التلقائي أو اللزومي (الفقرة الأولى) وفي حالات أخرى يكون البطلان اختياريا أو جوازيا ، حيث يعترف القانون للمحكمة بسلطة تقديرية (الفقرة الثانية) .
الفقرة الأولى : البطلان التلقائي أو الوجوبي
هذا الصنف من البطلان يصرح به من طرف المحكمة على سبيل الوجوب ، كما أنه يمكن لأمين التفلسة أن يطالب به دون أن يكون عليه أن يثبت غش المدين أو سوء نية الدائن ، ولا أن التصرف قد ألحق ضررا بالمؤسسة .
ويقتصر مجال هذا النوع من البطلان بمقتضى النصوص في القانون الموريتاني على التعاملات في الأشياء العقارية أو المنقولة التي يجريها فيها المدين بصفة مجانية ، أي من غير عوض له ، ابتداء من التصريح ضده بالتوقف عن الدفع كما هو وارد في المادة 1410 من مدونة التجارة ، التي تنص على أنه " يعتبر باطلا كل عقد بدون مقابل قام به المدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع. يمكن كذلك للحكمة أن تبطل العقود بدون مقابل المبرمة في الأشهر الستة السابقة لتاريخ التوقف عن الدفع " يلاحظ من خلال هذا النص أن المحكمة ملزمة بإبطال التصرفات التي يتحمل فيها المدين التزامات من جانبه فقط (الهبة - التبرع) ولعل المشرع جعل إبطال هذه التصرفات ضمن البطلان الوجوبي لأنها تؤثر بشكل سلبي على أموال المقاولة ، ولذلك فالمشرع أعطى الحق لأمين التفلسة [15] في ممارسة دعوى البطلان قصد إعادة جمع أصول المؤسسة ، ولا بد من الإشارة إلى أننا عندما نتحدث عن البطلان الوجوبي فذلك يعني إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل العقد (إرجاع الحال على ما كان عليه قبل العقد) [16]

الفقرة الثانية : البطلان الاختياري أو الجوازي

يمكن للمحكمة أن تستجيب للطلب المقدم إليها في هذا البطلان أو أن ترفضه ، كما أن هذا البطلان له شروطه ومجاله (أولا) الذي لا يتحدد بالرجوع إلى طبعة التصرف المطعون فيه ، كما هو الحال بالنسبة للبطلان اللزومي ، وإنما انطلاقا من البعض من المعايير الأخرى
الأكثر مرونة (ثانيا)

أولا : الشروط أو المجال

تتمثل شروط البطلان الاختياري في أنه :
1 ـ يجب أن يكون العمل الملتمس إبطاله قد أنجز في فترة الريبة أو خلال ستة أشهر السابقة عليها ، كما نصت على ذلك المادة 1410 فقرة 2 من مدونة التجارة .
2 ـ لا بد من أن يكون الغير على علم عند تعامله مع المدين بتوقف هذا الأخير عن الدفع ، أي أن يكون قد تعامل معه من غير حسن نية ، لا بالمعنى المعروف في القواعد العامة أو في الدعوى البوليصية ، بل يكفي مجرد حصول العلم للغير أو من ينوب عنه بحالة التوقف عن الدفع بغض النظر عن الغش أو سوء النية من طرفه .
3 ـ يجب أن يكون العمل قد ألحق ضرارا بالدائنين وبالمؤسسة وذلك مراعاة للقاعدة العامة : لا دعوى بدون مصلحة .

ثانيا : المعايير

فأما معايير أو أنواع التصرفات المستهدفة بالبطلان الاختياري فإنها تستنتج بالجمع بين ما هو وارد ضمن المادتين 1410 و 1411 من مدونة التجارة ، حيث ورد :
بالفقرة الثانية من المادة 1410 أنه " يمكن كذلك للحكمة أن تبطل العقود بدون مقابل المبرمة في الأشهر الستة السابقة لتاريخ التوقف عن الدفع " .
وبالمادة 1411 أنه "   يمكن للمحكمة أن تبطل كل عقد بمقابل أو كل أداء أو كل تأسيس لضمان أو كفالة إذا قام به المدين بعد تاريخ التوقف عن الدفع " .
فالبطلان الاختياري أو الجوازي ينطبق في الواقع على جميع التصرفات ، لكنه يتركز من حيث الأساس على الحالات الأربع الوارد ذكرها بالنص على النحو التالي :


1 ـ عقود التبرع ، وقد أراد المشرع - سعيا وراء إدراجها في فترة الريبة – تمديد هذه الأخيرة إلى غاية سنتين قبل صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة .
2 ـ عقود بعوض ، ومنها عمليات تفويت الملكية كالبيع وتقديد حصص الاشتراك .
3 ـ الأداءات ، والتي تجري منها بالطرق العادية على وجه
التحديد مثل الوفاء نقدا أو بواسطة التحويل .
4 ـ تقديم الضمانات ، حيث كانت عينية أو شخصية من طرف المدين أو نيابة عنه .
ويوجد استثناء وحيد بالنسبة للمجال شبه اللامحدود لهذا الصنف من البطلان ، يتعلق أحدهما بما يعرف بالتأمينات والآخر بحالة خاصة من الأداءات .
فبالنسبة للحالة الأولى تنص المادة 1412 من مدونة التجارة على أنه " غير أنه، واستثناء من أحكام المادة السابقة، لا يمكن إبطال الكفالات أو الضمانات مهما كانت طبيعتها والمؤسسة قبل أو بتزامن مع نشوء الدين المضمون " .
أما الحالة الثانية فقد وردت صلب المادة 1413 من نفس المدونة والتي تشير في فقرتها الأولى إلى أنه " لا تمس أحكام المادة 1411 بصحة أداء كمبيالة أو سند لأمر أو شيك أو دين تم تفويته طبقا للمقتضيات بالتخلي عن الديون المهنية ".
ويستند هذا الاستثناء – كسابقه – إلى أولوية تأمين الثقة والائتمان في المعاملات التجارية ، سيما بشأن تداول الأوراق التجارية ، فيمكن إذن لحامل إحدى هذه الأوراق أن يتقدم بها للوفاء وأن يتسلم مبلغها المحدد من طرف المسحوب عليه أو المكتتب ، حتى لو كان هذا الحامل سيئ النية أي أنه على بينة من التوقف عن الدفع .
ويبدو أن خطورة هذا الجانب حتى فيما يتعلق بسلامة التعامل بالأوراق التجارية لم يكن غائبا عن ذهن المشرع الذي صحح الوضعية في اتجاه آخر ، حيث خول لأمين التفلسة أن يرفع دعوى لاستردار المبلغ المدفوع ضد صاحب الكمبيالة ، أو في حالة سحب لحساب الغير ضد الآمر بالسحب وكذا ضد المستفيد من الشيك والمظهر الأول للسند للأمر ، والمستفيد من الدين المتنازل عنه ، إذا ثبت أن هؤلاء الساحبين كانوا على علم بالتوقف عن الدفع وقت اكتساب الورقة التجارية أو تحويل الدين ، وذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة 1413 من مدونة التجارة .
ويمارس أمين التفلسة دعاوي البطلان حسب المادة 1414 من مدونة التجارة قصد إعادة أصول المؤسسة ، وتمارس الدعوى حسب المادة 1290 من مدونة التجارة [17] أمام المحكمة الموجودة في مكان مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة ، وتكون المحكمة المختصة التي تنظر في صعوبات المقاولة مختصة بالنظر في جميع الدعاوي المتصلة بها .
وصفوة القول أن المشرع الموريتاني لم ينظم نصوصا كافية تحكم فكرة التوقف عن الدفع رغم أهميته في تحديد نطاق فترة الريبة التي تتميز بأن تصرفات المدين داخل حيزها الزماني تتأرجح بين البطلان الوجوبي والبطلان الجوازي ذلك شريطة أن لا يكون المدين قد وفىً مسبقا التزامه اتجاه الطرف الآخر الذي لم يوفي التزامه اتجاه المدين ، وذلك قبل الحكم بالتوقف عن الدفع أو في العقود التبادلية المبرمة من قبل المدين قبل فترة التوقف عن الدفع وخارج نطاق فترة الريبة ، رغم أنها سارية التنفيذ .


الهوامش
[1]  ـ تنص المادة 1268 من مدونة التجارة الموريتانية على " تعني المؤسسة في مفهوم هذا القانون كل شخص طبيعي ممارس لنشاط تجاري أو صناعي أو حرفي وكذلك كل شخص اعتباري من القانون الخاص ذي نشاط اقتصادي ".
[2]  ـ تعددت تعريفات التوقف عن الدفع بين آراء فقهاء القانون ، وإن كان مجملها يتمحور حول وجود المدين في حالة مالية يستحيل معها قيامه بوفاء جميع التزاماته المالية .
[3] ـ تنص المادة 1169 من ق ل ع م على أن << أموال المدين ضمان عام لدائنيه ، ويوزع ثمنها عليهم بنسبة دين كل واحد منهم ، ما لم توجد بينهم أسباب قانونية للأولوية >>
[4]  ـ ظهرت فترة الريبة في  القرن التاسع عشر و هذا بفضل سبق الفقهاء الإيطاليين لها، فقد ميز هؤلاء بين التاجر المفلس الذي توقف تماما عن الدفع، و بين التاجر الذي هو على حافة الإفلاس، غير أنهم لم يكونوا متفقين على تحديد التاريخ الذي يفصل بين حالة التاجر المفلس و الحالة التي يعتبر فيها على وشك الإفلاس، فقد كان البعض من هؤلاء يحدد هذا التاريخ بعشرة أيام والبعض الآخر بخمسة عشرة يوما .
[5]  ـ الفقي محمد السيد ، القانون التجاري { الأوراق التجارية ، الإفلاس ، العقود التجارية ، عمليات البنوك } ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003 ،ص 339 .
[6]  ـ مدونة التجارة الموريتانية الصادرة بموجب القانون رقم 2000-05 صادر بتاريخ 18 يناير 2000
 [7]  ـ الدعوى البوليصية: نسبة إلى الامبراطور بولص أحد قضاة الرومان الذي كان أول من ابتدعها
[8]  ـ على عكس المشرع المصري الذي نص عليها في الفصل الثالث من الباب الثاني من الكتاب الأول من القانون المدني تحت عنوان ’’ ما يكفل حقوق الدائنين من وسائل تنفيذ ووسائل ضمان ’’ المواد 234 - 264  مدني مصري
[9]  ـ وجيه جميل خاطر ، نظرية فترة الريبة في الإفلاس ، دار الثقافة للنشر ، بيروت ، الطبعة الثالثة 1992 ، ص 54
[10]  ـ مصطفى كمال طه ، القانون التجاري (الأوراق التجارية ، العقود التجارية ، عمليات البنوك ، الإفلاس) ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 1999 ، ص 606
[11]  ـ محمد كاظم محمد ، صعوبات المؤسسات ، مجلة القادسية للقانون والعلوم السياسية ، العددان 1 و 2 ، 2010 ، ص 388
[12]  ـ علي جمال الدين عوض ، الافلاس في قانون التجارة الجديد ، دار النهضة العربية ، الطبعة الثانية ، دون سنة الطباعة ، ص 360
[13]  ـ المادة 1303 تنص على أنه "يجب على أمين التفليسة أن يبين في تقرير يعده، الميزانية المالية الاقتصادية والاجتماعية للمؤسسة وذلك بمشاركة رئيسها وبالمساعدة المحتملة لخبير أو عدة خبراء. وعلى ضوء هذه الميزانية، يقترح أمين المؤسسة إما مخططا للتسوية يضمن استمرارية المؤسسة أو التنازل عنها إلى أحد الأغيار أو التصفية القضائية.يجب أن تعرض هذه الاقتراحات على القاضي المنتدب داخل أجل أقصاه أربعة أشهر تلي صدور حكم فتح المسطرة، ويمكن أن يجدد مرة واحدة من طلب أمين التفليسة "
[14]  ـ المادة 1415 : تمكن على أساس دعوى من أمين التفليسة بصفته ممثلا لمصلحة الدائنين إدانة الأغيار دائنين أم لا الذين اسهموا رسميا في تأخير التوقف عن الدفع أو في إنقاص أموال المدين أو زيادة عجزه للتعويض عن الضرر الحاصل جراء ذلك لكتلة الدائنين
[15]  ـ المادة 1413 تنص على أنه " ,,,,,, غير أنه يمكن لأمين التفليسة أن يرفع دعوى لاسترداد المدفوع ضد ساحب الكمبيالة أو في حالة سحب لحساب الغير، ضد الآمر بالسحب وكذا ضد المستفيد من الشيك والمظهر الأول لسند الأمر والمستفيد من الدين المتنازل إذا ثبت أن هؤلاء الساحبين كانوا على علم بالتوقف عن الدفع، وقت اكتساب الورقة التجارية أو تحويل الدين "
[16]  ـ فتيحة المشماسي ، محاضرات في صعوبات المقاولة ، https://rabitasouissi.blogspot.com/2015/01/s5_6.html
[17]  ـ تنص المادة 1290 على أنه " يكون الاختصاص للمحكمة الموجودة في مكان مؤسسة التاجر الرئيسية أو مقر الشركة أو الشخص الاعتباري المعني.
تكون المحكمة التي تفتح مسطرة المعالجة أمامها، مختصة كذلك للنظر في جميع الدعاوى المتصلة بها.
تدخل في إطار اختصاص المحكمة بصفة خاصة، الدعاوى المتعلقة بتسيير المسطرة أو التي يقتضي حلها تطبيق مقتضيات هذا الباب"



الاثنين 11 مارس 2019
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter