المملكة المغربية
وزارة العدل والحريات
المحكمة الإدارية بالرباط
أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط
بالمحكمة الإدارية بالرباط
قسم القضاء الشامل
حكم رقم : 3063
بتاريخ : 23 ذو القعدة 1434 ه
الموافق ل: 30 سبتمبر 2013 م
ملف رقم : 196/7105/2013
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من السادة :
خالد خلوقي ..................................... رئيسا
فاطمة الغازي...................................... مقررة
رحال صابر........................................ عضوا
بحضور السيد محمد ناصح..............................مفوضا ملكيا
وبمساعدة السيد سعيد الرامي........... .................كاتب الضبط
بين المدعي : //// عنوانه :
نائبه : الأستاذ يونس قربي ، المحامي بهيئة الرباط .
..........................................من جهة
وبين المدعى عليهم :
– الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة بمكاتبه برئاسة الحكومة بالرباط.
– وزارة الإقتصاد والمالية في شخص وزيرها بمكاتبه بالرباط.
– وزارة الداخلية في شخص وزيرها بمكاتبه بالرباط .
– ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير في شخص السيد الوالي بمقر الولاية بالرباط.
- الوزارة المنتدبة لدى السيد رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية في شخص الوزير المنتدب بمكاتبه بالرباط .
– الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة الإقتصاد والمالية بالرباط.
...................................من جهة أخرى
بناء على المقال الإفتتاحي للدعوى، المسجل بكتابة الضبط بهذه المحكمة والمؤدى عنه الرسوم القضائية بتاريخ 22 يوليوز 2013 يعرض فيه المدعي بواسطة نائبه أنه حاصل على دبلوم ماستر ، وبتاريخ 8 أبريل 2011 صدر مرسوم بالجريدة الرسمية عدد 5933 يحدد بصفة استثنائية وانتقالية كيفيات التوظيف في بعض الأطر والدرجات، ويأذن من خلاله للإدارات العمومية والجماعات المحلية أن توظف مباشرة بناء على الشهادات، وخلافا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، المترشحين الحاصلين على الشهادات العليا المطلوبة في الأطر والدرجات ذات الترتيب الإستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11 ، وأنه مسجل بلوائح التوظيف التي تظم حاملي الشهادات العليا المعطلة (مجموعة الوفاء للأطر العليا ) غير أنه فوجئ بإقصاء مجموعته من التوظيف المباشر الذي تعهدت به الحكومة، وأن الإدارة لم تحترم مبدأ استمرارية المرفق العام، كما أن رئيس الحكومة رفض تنفيذ ما التزم به نظيره السابق الذي قام بالتوقيع على محضر 20 يوليوز 2011 إلى جانب وزير تحديث القطاعات العامة الذي تعهد من خلاله بإدماج حاملي الشهادات في أسلاك الوظيفة العمومية، ونظرا لكون هذا المحضر الموقع من طرف كل الأطراف المعنية قد تم بتاريخ 20 يوليوز 2011 وأن مجموعة الوفاء تعد من بين المجموعات الموقعة عليه، واسمه مدرج بلائحة المعطلين المؤشر عليها من طرف الوزير الأول ووالي جهة الرباط سلا زمور زعير، والوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة، وأنه لا مجال للإحتجاج بالقانون رقم 05.50 ونسخ أحكامه للقوانين السابقة على اعتبار أن هذا الأخير المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وقبل دخول المرسوم التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بالمباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011 والذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يناير 2012، ولكون المحضر كان قانونيا، واللائحة المؤشر عليها توجد بها كل أسماء المجموعات الموقعة على المحضر المذكور ، وأمام رفض الإدارة القيام بالتوظيف المتعهد به، وعدم برمجة المناصب المالية المخصصة لهذه العملية بالقانون المالي لسنة 2012 ، لأجل ذلك ، يلتمس قبول الطلب شكلا والحكم موضوعا على الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة باتخاذ كل الإجراءات القانونية الخاصة بتسوية وضعيته الإدارية والمالية وإدماجه في أسلاك الوظيفة العمومية، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وفق المرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8 أبريل 2011 وتنفيذا لمحضر 20 يوليوز 2011 وجعل الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل والصائر على عاتق المدعى عليهم، وأرفق المقال بصور طبق الأصل لشهادة جامعية، ومحضر 20 يوليوز ولائحة المعطلين لمجموعة الوفاء .
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الوكيل القضائية للمملكة بصفته هذه ونيابة عن رئيس الحكومة ووزير الإقتصاد والمالية ووزير الداخلية والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ووالي جهة الرباط سلا زمور زعير عامل عمالة الرباط، المؤشر عليها بتاريخ 19 سبتمبر 2013 والتي التمس فيها أساسا عدم قبول الدعوى لكونها أدرجت في غير المسلك المقرر لها قانونا، لكون مطالب المدعي لا تسمح بالقول بأنها تندرج في إطار دعاوى الوضعية الفردية التي تخاطب الموظفين والعاملين في مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، ولعدم جواز توجيه أوامر للإدارة ولانعدام صفة المدعي في رفع دعواه الحالية، حيث ورد في المحضر المؤرخ في 20 يوليوز 2011 أنه
: "
سيتم في نفس الإطار إدماج أطر المجموعات المتبقية التي قدمت لوائحها وتم حصرها والتأشير عليها من طرف المصالح الوزارية المكلفة بتدبير هذا الملف . يشرع في عملية الأجرأة بعد تحيين اللوائح بتنسيق بين اللجنة المشرفة على عملية تدبير الملف وممثلي المجموعات وذلك ابتداء من فاتح نونبر 2011 بتقديمها للمصالح الحكومية قصد برمجة المناصب المالية الخاصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 " مما يدل على أن اللائحة المدلى بها من طرف المدعي غير محينة وغير مؤشر عليها، ولم يتم حصرها من طرف الإدارة ، مما تبقى معه صفة المدعي غير ثابتة ما دام أن الصفة يجب أن تستمد من حق شخصي معترف به ومركز قانوني فردي ناشئ ومستكمل لشروطه، واحتياطيا من حيث الموضوع التصريح برفض الطلب على اعتبار أن المقتضيات التنظيمية التي يرتكز عليها المدعي طالها النسخ وحلت محلها مقتضيات تشريعية وتنظيمية واجبة التطبيق ، وهي المقتضات المنصوص عليها في الفصل 22 من قانون الوظيفة العمومية التي نسخت المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 08/04/2011 ابتداء من تاريخ 19 ماي 2011 ، ولكون طلب المدعي يمس بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المقرر دستوريا، فضلا على أن الفصل 6 من الدستور اعتبر أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين متساوون أمامه، وأن المحضر المحتج به من لدن المدعي لا يسعف في القول بقيام التزام بتوظيفه طالما أن المحضر غير موقع من طرف رئيس الحكومة، ويتعارض ومقتضيات الفصل 22 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي لا يسمح بالتوظيف المباشر في الأسلاك العمومية، وإنما يوجب اجتياز المباراة.
وبناء على باقي الأوراق الأخرى المضمنة بالملف.
وبناء على إدراج ملف النازلة بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 23/09/2013.
وبعد المناداة على الأطراف ومن ينوب عنهم، وحضور ممثل الوكالة القضائية للمملكة ونائب المدعي الذي سلمت له نسخة من المذكرة الملفى بها في الملف والمدلى بها من طرف الجهة المدعى عليها، فالتمس تأكيد الطلب، وقررت المحكمة اعتبار القضية جاهزة، وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد مستنتجاته الكتابية، فتقرر وضع القضية في المداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده.
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل: حيث دفعت الوكالة القضائية للمملكة بعدم قبول الدعوى للإعتبارات التالية:
أولا: حول الدفع بعدم قبول الدعوى لكونها أدرجت في غير المسلك المقرر لها قانونا:
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بكون مطالب المدعي لا تسمح بالقول بأنها تندرج في إطار دعاوى الوضعية الفردية التي تخاطب الموظفين والعاملين في مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، بمعنى هل عدم صدور قرار إداري بالتوظيف مانع من قبول دعوى التسوية ؟ وما هي الدعوى التي تستوعبها مثل هذه النوازل ؟ .
وحيث إن الإجابة عن هذين السؤالين، تستدعي مماثلة نازلة الحال بوضعيات سبق أن تناولها القضاء الإداري من خلال دعاوى القضاء الشامل، كحالات نجاح المترشح للمباراة أو قبوله في مسطرة الإنتقاء وتعنث الإدارة في عدم إصدار قرار بتعيينه .
وحيث إن نازلة الحال تتلخص وقائعها في صدور قرار تنظيمي بإدماج حاملي الشهادات في صيغة "مرسوم" وامتناع الإدارة عن تفعيله رغم توقيعها على محضر تنفيذي للمرسوم المذكور، مما يطرح آلية ترتيب الآثار القانونية على هذا الإمتناع التي لا يمكن أن تتحقق أهدافها إلا من خلال مسطرة التسوية، سيما وأن دعوى الإلغاء قاصرة على ترتيب الآثار المطلوبة، فضلا على أنه لا يحق للإدارة التراجع عن مثل هذه القرارات التي رتبت حقوقا مكتسبة لفائدة المعنيين بالأمر .
وحيث تواثر العمل القضائي على أن التمييز بين دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الشامل فيما يخص الوضعية الفردية للموظفين والعاملين في مرافق الدولة، يكون استنادا إلى مصدر الحق موضوع هاته المنازعة، وأن خصوصية دعوى القضاء الشامل تتمثل في تأسيس الطعن بمناسبتها على حقوق شخصية تتصل بمركز المدعي المتولد من القانون مباشرة، ويتدخل القاضي بمناسبته ليحدد في حكمه نطاق ومدى الحقوق والإلتزامات التي ترتبط بالنزاع في مواجهة طرفي الخصومة .
وحيث إنه في نازلة الحال، فإن مصدر الحق المطالب به هو المرسوم رقم 2.11.100 المؤرخ في 8 أبريل 2011 الذي يحدد بصفة استثنائية وانتقالية كيفيات التوظيف في بعض الأطر والدرجات، إذ سمح هذا النص التنظيمي بإمكانية التوظيف المباشر بناء على الشهادات في الأطر والدرجات ذات الترتيب الإستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11، مما يجعل المسلك القانوني الصحيح للدعوى هو القضاء الشامل الذي جاءت الدعوى في إطاره .
وحيث إن الدفع بكون المرسوم رقم 2.11.100 المؤرخ في 8 أبريل 2011 لا يعطي المدعي أي مركز باعتباره نصا تنظيميا عاما لا ينشئ مراكز قانونية فردية وحقوقا مكتسبة في ظل غياب قرار فردي يهم المدعي صادرا تطبيقا وإعمالا له، يبقى دفعا لا يستقيم وإلزام المدعي بأمور تبقى خالصة للإدارة التي لم تبادر بتنفيذ ما التزمت به، ولا يد للمدعي في ذلك، لكون إصدار قرار فردي يدخل في صميم عمل الإدارة التي لم تنفذ ما التزمت به في الفقرة الأخيرة من المحضر الصادر عن الوزارة الأولى المؤرخ في 20 يوليوز 2011 .
وحيث إنه انطلاقا مما ذكر، يكون الدفع الذي أثاره الوكيل القضائي للمملكة في هذا المجال لا يستند على أساس ، مما يعني أن الإطار القانوني الذي يحكم الدعوى يدخل في إطار دعوى القضاء الشامل ، وتبعا لمقتضيات الفصل 8 من قانون 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية للأسباب التي تم توضيحها أعلاه .
ثانيا: حول الدفع بعدم جواز توجيه أوامر للإدارة:
حيث استقر العمل القضائي على أن القاضي الإداري وهو يناقش نزاعات الوضعية الفردية فإنه يراقب مدى احترام الإدارة للمشروعية، ومدى تقيدها بالقوانين والأنظمة المعمول بها تجاه موظفيها ومستخدمي المرافق العامة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، ولا يوجه أوامر للإدارة ولا يحل محلها ولا يعتبر نفسه رئيسا تسلسليا لها، وإنما يفحص العناصر المفروضة عليه للتأكد مما إذا كانت التسوية المطلوبة مشروعة ولها ما يبررها، تاركا للإدارة نفسها أمر تنفيذ الآثار القانونية الواجب ترتيبها على الحكم الذي سيصدره في النازلة والذي يعاين من خلاله توفر أو عدم توفر شروط التسوية المطلوبة.- قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 734 الصادر بتاريخ 10/07/1997 في الملفين رقم 569/95 ورقم 570/95 .
وحيث إنه في نازلة الحال وطالما أن مصدر الحق المتنازع بشأنه يجد سنده في القانون أي المرسوم المؤرخ في 8 أبريل 2011 وأن الدعوى المتعلقة بالوضعية الفردية تندرج ضمن ولاية القضاء الشامل، كما تم تحليلها أعلاه، ولما يقدمه هذا الأخير من حماية قضائية، رهين باضطلاع القاضي الإداري بدوره الخلاق في هاته الخصومة المتميزة بقيامها بين أطراف غير متكافئة المراكز القانونية، بل قضاؤها بإصلاح المراكز الذاتية التي نشأت حيادا على القانون، وإن اقتضى الحال توجيه الأوامر إلى الإدارة، تحقيقا للأمن القانوني والقضائي، خلافا لتلك النظرية التي تمنع مثل هذا التدخل ، والحال أن الحكم على الإدارة بهاته المبادئ قد فقدت بريقها حتى في بلد نشأتها بفرنسا، فضلا على ما استقر عليه قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض على اعتبار دعوى تسوية الوضعية الفردية ضمن دعاوى الإلزام ، إذ جاء في قرارها الصادر بتاريخ 27 يونيو 2013 في الملف رقم 229/12/2013 : " أن طلب الحكم على الإدارة يندرج ضمن قضاء الإلزام، المعتبر من دعاوى القضاء الشامل الهادفة إلى إلزام الإدارة قضاء بتطبيق القانون على مركز المعني الذاتي وإقرار حقوقه المدنية المعترف بها، وقول القانون في شأن وضعيته والتي تقتضي حكما يكشفها ويقرها، لأن تكييف المنازعة الإدارية وفقا للمعيار القضائي والفقهي الحديث يجد أساسه في تطبيق قواعد القانون العام، بحيث لا يكون المدعي ملزما بسلوك دعوى الإلغاء طبقا لقاعدة الخيار أو الجمع التي استقر عليها قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، ولا يمكن أن يعتبر ذلك حلولا محل الإدارة... احتراما لقواعد فصل السلط، وتمسكا بقواعد المشروعية التي تقتضي إعلاء منطق احترام القانون من قبل الحاكمين قبل المحكومين، لأن حضر توجيه الأوامر للإدارة مجاله قضاء الإلغاء وليس القضاء الشامل، تبعا لقاعدة عدم جواز ترك تنفيذ الإلتزامات على محض إرادة المدين المستمدة من قواعد العدل والإنصاف التي تفترض الخضوع للقانون والإلتزام به بأمر من السلطة القضائية الحامية الطبيعية للحقوق والحريات " .
وحيث إنه انطلاقا مما تم بسطه أعلاه، يكون الدفع الذي أثاره الوكيل القضائي للمملكة بهذا الخصوص لا يرتكز على أساس .
ثالثا: حول الدفع بانعدام صفة المدعي في رفع دعواه الحالية:
حيث دفعت الجهة المدعى عليها أن صفة المدعي غير ثابتة، طالما أن اللائحة المدلى بها من طرف المدعي غير محينة وغير مؤشر عليها ولم يتم حصرها من طرف الإدارة، طبقا لما ورد في المحضر المؤرخ في 20 يوليوز 2011 من أنه : "سيتم في نفس الإطار إدماج أطر المجموعات المتبقية التي قدمت لوائحها وتم حصرها والتأشير عليها من طرف المصالح الوزارية المكلفة بتدبير هذا الملف . يشرع في عملية الأجرأة بعد تحيين اللوائح بتنسيق بين اللجنة المشرفة على عملية تدبير الملف وممثلي المجموعات، وذلك ابتداء من فاتح نونبر 2011 بتقديمها للمصالح الحكومية، قصد برمجة المناصب المالية الخاصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 " .
وحيث إن الصفة باعتبارها ولاية مباشرة الدعوى، وهي التي يتحلى بها طالب الحق في إجراءات الخصومة، يستمدها المدعي من كونه صاحب الحق، أو خلفا له، أو نائبه القانوني.
وحيث إن إثباتها يكون بالنسبة لطالب الحق هو إدلائه بالحجج المثبتة لحقه أو بجواب المدعى عليه بالإقرار الذي يعفي المدعي من إقامة الحجج والبينة .
وحيث إن الصفة تتضح في نازلة الحال ، من اللائحة المضمن إسم المدعي بها والمؤشر عليها من طرف الإدارة، وأنه بخصوص الدفع بكون اللائحة غير محينة وغير مكتملة الإجراءات الملزمة بالنسبة للحكومة مصدرة المحضر، فإنه لا يمكن الإحتجاج بذلك في مواجهة المدعي لأن ذلك خارج عن اختصاصه ومهامه التي تعتبر في صميمها التزامات حكومية يجب الإمتثال لها ومواصلة تنفيذها بتنسيق مع القطاعات العمومية التي تشرف عليها، ومن شأن التقاعس في عدم تنفيذ تلك الإلتزامات الإضرار بالمدعي الذي أثبت صفته في الدعوى من خلال إدلائه باللائحة المضمن بها اسمه، مما يبقى معه هذا الدفع غير جدير بالإعتبار، وحليف الرفض.
وحيث إنه برد الدفوعات الشكلية المثارة من طرف الوكالة القضائية للمملكة، يكون الطلب قد استوفى شروط قبوله من الناحية الشكلية، طالما أنه قدم من ذي صفة ومصلحة ومؤدى عنه الرسوم القضائية، مما يتعين معه التصريح بقبوله شكلا .
في الموضوع: حيث يهدف الطلب إلى الحكم على الدولة في شخص رئيس الحكومة باتخاذ كل الإجراءات القانونية المتعلقة بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعي، وذلك بتوظيفه المباشر ودون إجراء مباراة في أسلاك الوظيفة العمومية في إطار ميزانية سنة 2012 بناء على الشهادة التي يتوفر عليها تنفيذا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 بتاريخ 08/04/2011 وكذا محضر الإتفاق الموقع في 20/07/ 2011 مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل، وجعل الصائر على عاتق المدعى عليهم .
وحيث دفعت الجهة المدعى عليها ب :
أ-كون المقتضيات التنظيمية التي يرتكز عليها المدعي طالها النسخ وحلت محلها مقتضيات تشريعية وتنظيمية واجبة التطبيق وهي المقتضات المنصوص عليها في الفصل 22 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية التي نسخت المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 08/04/2011 ابتداء من تاريخ 19 ماي 2011 .
ب -كون طلب المدعي يمس بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المقرر دستوريا.
ج- كون المحضر المحتج به من طرف المدعي لا يسعف في القول بقيام التزام بتوظيفه .
أولا: حول نسخ مقتضيات المرسوم المتمسك به من طرف المدعي :
حيث دفعت الجهة المدعى عليها أنه ابتداء من تاريخ 19 ماي 2011 المصادف لنشر التعديلات التي شملت القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية بالجريدة الرسمية وعلى رأسها الفصل 22 منه، فإن المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8 أبريل 2011 الذي كان يتضمن مقتضيات استثنائية بشأن التوظيف يكون قد نسخ وعدل ولم يصبح قابلا للتطبيق لحلول مقتضيات أخرى ذات صبغة تشريعية أعدمت وجوده وأضحت هي واجبة الإعمال ، وبالتالي:
أ- لا مجال للحديث عن التوظيف المباشر في إطار المناصب المالية المستحدثة خلال سنة 2012، والحال أن المشرع قد أصدر نصا تشريعيا وضع حدا لمسلك التوظيف المباشر بناء على الشهادة، وأرسى مسطرة المباراة كآلية للتوظيف.
ب- مبدأ تراتبية القاعدة القانونية يقتضي أن النص التشريعي الصادر عن نواب الأمة يعلو ويسمو على المراسيم وعلى غيرها من القرارات الوزارية، ولا يمكن الركون إلى النص الأدنى لمخالفة النص الأعلى منه درجة .
حيث إن المادة الأولى من المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8 أبريل 2011 تنص على أنه : " بصفة استثنائية وانتقالية إلى غاية 31 ديسمبر 2011، يؤذن للإدارات العمومية والجماعات المحلية أن توظف مباشرة، بناء على الشهادات، وخلافا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، المترشحين الحاصلين على الشهادات العليا المطلوبة، في الأطر والدرجات ذات الترتيب الإستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11 " .
وحيث حددت المادة الثانية تاريخ العمل بهذا المرسوم ابتداء من تاريخ فاتح يناير 2011 وأسندت تنفيذه إلى القطاعات الحكومية التالية: وزارة الداخلية، وزارة الإقتصاد والمالية، والوزارة المكلفة بتحديث القطاعات العامة .
وحيث من خلال استقراء مادتي هذا المرسوم، يلاحظ ما يلي :
وحيث إن صدور القانون رقم 50.05 المغير والمتمم للظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي حمل تعديلات لجملة من فصول هذا القانون ، خاصة الفصل 22 الذي أوجب أن يتم التوظيف في المناصب العمومية عن طريق مسطرة المباراة، لا يعني بأنه ألغى ونسخ مقتضيات المرسوم رقم 2.11.100 الذي صدر قبله والذي أكد صراحة على الصبغة الإستثنائية والإنتقالية لهذا المرسوم رغم مخالفتها للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، فضلا على أن صيغة الفصل 22 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية قبل التعديل كانت تنص على أنه : " يقع التوظيف في كل منصب من المناصب إما عن طريق مباريات تجرى بواسطة الاختبارات أو نظرا للشهادات " أي أن هذه المادة حددت كيفية الولوج إلى الوظيفة العمومية عن طريق التوظيف المباشر بناء على الشهادات ودون إجراء المباراة على أساس الدبلومات و الشواهد المحصل عليها، خاصة الشهادات التي تخول التوظيف في السلم 11 ، فضلا على أن الحكومة، حين التوقيع على المحضر بتاريخ 20 يوليوز 2011 أي بعد صدور القانون 50.05 الذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 19 ماي 2011 كانت على علم تام بمقتضياته، لذلك حافظت على هذا الإستثناء الذي جاء به المرسوم رقم 2.11.100 .
وحيث إنه يقصد اصطلاحا بإلغاء ونسخ القانون ، وقف العمل بالنص القانوني، و تجريده من قوته الملزمة، سواء ترتب عن ذلك إحلال قانون آخر عوضا عن ما تم نسخه، أو كان الإستغناء عنه دون أن يستتبع ذلك سن قانون آخر محله .
كما أن هناك فرق بين إلغاء القانون و إبطاله، إذ أن الإلغاء لا يرد إلا على قاعدة قانونية استوفت شروط صحة وجودها، و صحة أركانها الجوهرية، فيأتي الإلغاء لا ليطعن في صحة وجود القاعدة، و إنما لإنهاء العمل بها، إما لاستبدالها بغيرها و إما لعدم الحاجة إليها، و لذلك لا يؤثر الإلغاء في صحة تطبيق القاعدة الملغاة في الماضي ، كما أن الإلغاء ليس له أثر رجعي ونتيجته تكون على المستقبل فقط دون الماضي، أما بطلان القانون فيتقرر لانعدام وجود القاعدة القانونية، فتكون نتيجته منسحبة على الماضي والمستقبل معا.
وحيث إنه في نازلة الحال، فإذا سلمنا بأن القانون 50.05 قد ألغى ونسخ المرسوم رقم 2.11.100 فإننا لا نجد هذا الإلغاء منصوص عليه في القانون المذكور، إذ لم يتم تضمينه بنص خاص يقضي بإلغاء أحكام المرسوم المخالف له، فضلا على أن المرسوم ذو طابع وقتي كان سيلغى مباشرة بعد حلول الأجل المضمن به الذي هو 31 دجنبر 2011 باعتباره مرسوم مؤقت صدر في ظرف خاص ، ونصت مادته الأولى على العبارة التالية : " بصفة استثنائية وانتقالية إلى غاية 31 ديسمبر 2011" ، كما أنه لا يمكن التسليم بأن هذا الإلغاء كان ضمنيا على اعتبار أن الإلغاء الضمني هو الذي لا يتم بنص صريح، وإنما يستنتج من استحالة الجمع بين قواعد القانونين لتعارضهما، أو عندما يصدر تنظيم جديد متكامل شامل لنفس الموضوع الذي حكمه وعالجه تشريع سابق .
وحيث إن القول بتعارض القانونين دفع مردود، على اعتبار الصيغة الواردة في المادة الأولى من المرسوم رقم 2.11.100 التي أكدت بالإضافة إلى التنصيص على الصبغة الإستثنائية والإنتقالية للمرسوم، ورد بها أيضا عبارة : " وخلافا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل " مما ينفي القول بكون القانونين متعارضين، فضلا على أن القانون 50.05 إنما شمل بالتعديل النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وليس المرسوم الذي صدر بصفة استثنائية وانتقالية ومحدود في الزمان ، كما أن بداية سريان تطبيق القانون 50.05 كانت بعد صدور مرسومه التطبيقي بداية سنة 2012 أي بعد الفترة المحددة في المرسوم والتي انتهت مباشرة قبل بداية العمل بالقانون 50.05 .
وحيث إنه من مسلمات النظرية العامة للتصرفات القانونية، والتي أقرتها محكمة النقض عدم جواز الدفع ببطلان عمل قانوني من طرف من كان طرفا فيه ، حتى لا يستفيد من خطئه إن كان هناك خطأ، لصيرورته دفعا يهم الغير الذي له وحده المصلحة في إثارته .
وحيث إن من شروط تحقق نسخ القاعدة القانونية احترام قاعدة عدم رجعية القوانين المكرسة دستوريا، وذلك بأن لا تطال القوانين اللاحقة القوانين السابقة التي استوفت شروطها القانونية وعرفت طريقها إلى التنفيذ من خلال ما سطر من التزامات في محضر 20 يوليوز 2011 في نازلة الحال، فضلا عن مقتضيات الفصل 6 من الدستور التي أكدت على مبدأ عدم رجعية القوانين، خاصة وأن مرسوم الإدماج تحصن من الطعن، مما يبطل كل مس بآثاره القانونية، احتراما لمبدأ الرجعية الذي يعني أن القاعدة القانونية لا تطبق إلا على الأوضاع الصادرة بعد نفاذها لا قبلها .
ب-بخصوص مبدأ تراتبية القاعدة القانونية :
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بأن النص التشريعي الصادر عن نواب الأمة يعلو ويسمو على المراسيم وعلى غيرها من القرارات الوزارية ولا يمكن الركون إلى النص الأدنى لمخالفة النص الأعلى منه درجة .
وحيث إن كلا من القانون والمرسوم ليسا سوى أدوات قانونية مستعملة في النظام القانوني ، ولكل منهما مفهومه، والحالات التي تستوجب إصداره، والجهة المختصة به ولا مجال للقول بأن القانون باعتباره صادر عن البرلمان ، يكون واجب التطبيق ويلغي المرسوم فقط لكونه صادر عن الحكومة، لأن سن التشريع إذا كان حقا أصيلا للبرلمان الذي تبقى له الصلاحية في إنشاء القاعدة القانونية وفقا للإجراءات وضمن الحالات المحددة في الدستور وبعد المرور من مراحل المناقشة والتصويت والتصديق ، فإن هذا الحق مخول أيضا للحكومة كترخيص يمنح لها من طرف البرلمان لممارسة الوظيفة التشريعية في مجال معين، ولمدة معينة، لتحقيق هدف معين، والمرسوم وسيلة بمقتضاها يتخلى البرلمان ،صاحب السلطة التشريعية، في حدود معينة عن جزء من اختصاصاته للسلطة التنفيذية لتنظم بها بعض المسائل التي لا يتناولها التشريع العادي، وهما معا ينشآن القاعدة القانونية الملزمة، المتسمة بالعمومية والتجريد. لأن مواضيعهما معا تتضمن قواعد قانونية تشكل خطابا ملزما إلى الأشخاص المكلفين بتطبيق مضمونه والوقائع المشمولة بحكمه بما في ذلك الجهات الإدارية ولو كانت هي من أصدرته كما في نازلة الحال .
ثانيا: حول المساس بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص:
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بأن تطبيق مضمون محضر 20 يوليوز سيسقط الحكومة في خرق مبدأ المساواة، لاسيما وأن المحضر وقع في ظل مرسوم التوظيف المباشر المطابق للدستور وخاصة الفصل السادس منه الذي ينص على مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون .
وحيث إن نطاق تطبيق مبدأ المساواة في نازلة الحال ينصرف فقط إلى من توفرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون أي ذوي المراكز المتماثلة، ووفق شروط ومساطر الدفعة الأولى التي سبق أن استفادت من التوظيف المباشر ، لأن المرسوم رقم 2.11.100 لا يخاطب إلا فئة محدودة منهم قد اكتسبت حق التوظيف المباشر بناء على اللوائح المرفقة بمحضر 20 يوليوز 2011 على اعتبار أن المادة 22 التي تم تعديلها بموجب القانون 50.05 لم تكن سارية المفعول وقتئذ، وذلك راجع إلى عدم صدور المرسوم التطبيقي الذي يبين شروط المباراة التي نص عليها إلا بتاريخ 27 دجنبر 2011 ولم يدخل حيز التنفيذ إلا بتاريخ فاتح يناير 2012 .
ثالثا: حول الطبيعة القانونية للمحضر وحجيته القانونية:
حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بكون المحضر المحتج به من لدن المدعي لا يسعف في القول بقيام التزام بتوظيفه طالما أن المحضر غير موقع من طرف رئيس الحكومة ويتعارض ومقتضيات الفصل 22 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية الذي لا يسمح بالتوظيف المباشر في الأسلاك العمومية، وإنما يوجب اجتياز المباراة.
وحيث إن محضر 20 يوليوز من الناحتين الواقعية والقانونية هو اتفاق "توظيف مباشر" وقعته الحكومة المغربية بمؤسساتها (الوزارة الأولى ووزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة الداخلية ) مع مجموعة من التنسيقيات الممثلة لحملة الشواهد العليا قصد إدماجهم بطريقة مباشرة في أسلاك الوظيفة العمومية، فهو بذلك يعد وثيقة إدارية رسمية ولدت التزاما حكوميا بتنفيذ المرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الذي يخول للحكومة اعتماد الإدماج المباشر بدل إجراء المباراة، كما أنه يوثق لما تم الإتفاق عليه ويوضح المراحل والإجراءات التي سيتم اتباعها قصد تفعيل المرسوم المذكور، بما في ذلك شرحه لعملية الأجرأة التي سيتم اعتمادها من خلال نصه على تحيين اللوائح بتنسيق مع اللجنة المشرفة على عملية تدبير الملف وممثلي المجموعات ابتداء من تاريخ فاتح نونبر 2011 وتقديمها للمصالح الحكومية قصد برمجة المناصب المالية الخاصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 .
وحيث إن المحضر حسبما هو ثابت من الوثائق الملفى بها في الملف موقع من طرف القطاعات الحكومية، وداخل السنة المحددة في المرسوم من بداية يناير 2011 إلى نهاية دجنبر من نفس السنة، ويتضمن توضيحا للخطوات والتدابير التي سيتم بها تفعيل مضمون المرسوم، فضلا على أن الإدارة لم تتقدم بالطعن بعدم شرعية المحضر في الجانب المتعلق بإقحام مؤسسة الوزير الأول أو تأشيرته أو توقيع ممثلي الوزارات الموقعة على المحضر، مما يجعله مكتل الأركان القانونية وملزم للحكومة من حيث التنفيذ، طالما أن القاعدة المتحكمة في عمل الحكومات المسيرة للمرافق العمومية وتعاقبها على ذلك، هو الاستمرارية خدمة للمرفق العام، أي احترام جميع الالتزامات الناشئة عن تطبيق القوانين، وهذا المبدأ ما هو إلا وسيلة من الوسائل المشروعة للحفاظ على استقرار المراكز القانونية حماية للحقوق المكتسبة .
وحيث يتعين انطلاقا مما تم بسطه أعلاه، التصريح بالإستجابة للطلب في الشق المتعلق بالتسوية المطلوبة وفق المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8 أبريل 2011 ومحضر 20 يوليوز 2011 .
وحيث إن طلب شمول الحكم بالتنفيذ المعجل ليس له ما يبرره، مما يتعين معه التصريح برفضه .
وحيث يتعين تحميل خاسر الدعوى مصاريفها .
المنطوق
وتطبيقا لمقتضيات الفصول 110 و 117 و 118 من الدستور، والمواد 3 و4 و5 و7 و8 من القانون رقم 90.41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية، والمرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 4 جمادى الأولى 1432 الموافق ل (8 أبريل 2011) يحدد بصفة استثنائية وانتقالية كيفيات التوظيف في بعض الأطر والدرجات، و المرسوم رقم 1.11.10 الصادر في 14 ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 50.05 بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والمرسوم التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بتنظيم المباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011 .
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا حضوريا :
في الشكل : بقبول الطلب .
في الموضوع : باتخاذ الدولة في شخص السيد رئيس الحكومة لإجراءات تسوية الوضعية الإدارية و المالية للطرف المدعي، وفقا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8 أبريل 2011 وتنفيذا لمحضر 20 يوليوز 2011 مع تحميلها المصاريف، ورفض باقي الطلبات.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه .
الرئيس المقررة كاتب الضبط
وزارة العدل والحريات
المحكمة الإدارية بالرباط
أصل الحكم المحفوظ بكتابة الضبط
بالمحكمة الإدارية بالرباط
قسم القضاء الشامل
حكم رقم : 3063
بتاريخ : 23 ذو القعدة 1434 ه
الموافق ل: 30 سبتمبر 2013 م
ملف رقم : 196/7105/2013
باســــم جــلالة المــلك وطبقا للقانون
بتاريخ 25 ذو القعدة 1434 ه الموافق ل 30 سبتمبر 2013 م
خالد خلوقي ..................................... رئيسا
فاطمة الغازي...................................... مقررة
رحال صابر........................................ عضوا
بحضور السيد محمد ناصح..............................مفوضا ملكيا
وبمساعدة السيد سعيد الرامي........... .................كاتب الضبط
الحكم الآتي نصه :
بين المدعي : //// عنوانه :
نائبه : الأستاذ يونس قربي ، المحامي بهيئة الرباط .
..........................................من جهة
وبين المدعى عليهم :
– الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة بمكاتبه برئاسة الحكومة بالرباط.
– وزارة الإقتصاد والمالية في شخص وزيرها بمكاتبه بالرباط.
– وزارة الداخلية في شخص وزيرها بمكاتبه بالرباط .
– ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير في شخص السيد الوالي بمقر الولاية بالرباط.
- الوزارة المنتدبة لدى السيد رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية في شخص الوزير المنتدب بمكاتبه بالرباط .
– الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة الإقتصاد والمالية بالرباط.
...................................من جهة أخرى
الوقائع
بناء على المقال الإفتتاحي للدعوى، المسجل بكتابة الضبط بهذه المحكمة والمؤدى عنه الرسوم القضائية بتاريخ 22 يوليوز 2013 يعرض فيه المدعي بواسطة نائبه أنه حاصل على دبلوم ماستر ، وبتاريخ 8 أبريل 2011 صدر مرسوم بالجريدة الرسمية عدد 5933 يحدد بصفة استثنائية وانتقالية كيفيات التوظيف في بعض الأطر والدرجات، ويأذن من خلاله للإدارات العمومية والجماعات المحلية أن توظف مباشرة بناء على الشهادات، وخلافا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، المترشحين الحاصلين على الشهادات العليا المطلوبة في الأطر والدرجات ذات الترتيب الإستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11 ، وأنه مسجل بلوائح التوظيف التي تظم حاملي الشهادات العليا المعطلة (مجموعة الوفاء للأطر العليا ) غير أنه فوجئ بإقصاء مجموعته من التوظيف المباشر الذي تعهدت به الحكومة، وأن الإدارة لم تحترم مبدأ استمرارية المرفق العام، كما أن رئيس الحكومة رفض تنفيذ ما التزم به نظيره السابق الذي قام بالتوقيع على محضر 20 يوليوز 2011 إلى جانب وزير تحديث القطاعات العامة الذي تعهد من خلاله بإدماج حاملي الشهادات في أسلاك الوظيفة العمومية، ونظرا لكون هذا المحضر الموقع من طرف كل الأطراف المعنية قد تم بتاريخ 20 يوليوز 2011 وأن مجموعة الوفاء تعد من بين المجموعات الموقعة عليه، واسمه مدرج بلائحة المعطلين المؤشر عليها من طرف الوزير الأول ووالي جهة الرباط سلا زمور زعير، والوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة، وأنه لا مجال للإحتجاج بالقانون رقم 05.50 ونسخ أحكامه للقوانين السابقة على اعتبار أن هذا الأخير المتعلق بتغيير وتتميم الظهير الصادر في 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وقبل دخول المرسوم التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بالمباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011 والذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يناير 2012، ولكون المحضر كان قانونيا، واللائحة المؤشر عليها توجد بها كل أسماء المجموعات الموقعة على المحضر المذكور ، وأمام رفض الإدارة القيام بالتوظيف المتعهد به، وعدم برمجة المناصب المالية المخصصة لهذه العملية بالقانون المالي لسنة 2012 ، لأجل ذلك ، يلتمس قبول الطلب شكلا والحكم موضوعا على الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة باتخاذ كل الإجراءات القانونية الخاصة بتسوية وضعيته الإدارية والمالية وإدماجه في أسلاك الوظيفة العمومية، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وفق المرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8 أبريل 2011 وتنفيذا لمحضر 20 يوليوز 2011 وجعل الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل والصائر على عاتق المدعى عليهم، وأرفق المقال بصور طبق الأصل لشهادة جامعية، ومحضر 20 يوليوز ولائحة المعطلين لمجموعة الوفاء .
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الوكيل القضائية للمملكة بصفته هذه ونيابة عن رئيس الحكومة ووزير الإقتصاد والمالية ووزير الداخلية والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ووالي جهة الرباط سلا زمور زعير عامل عمالة الرباط، المؤشر عليها بتاريخ 19 سبتمبر 2013 والتي التمس فيها أساسا عدم قبول الدعوى لكونها أدرجت في غير المسلك المقرر لها قانونا، لكون مطالب المدعي لا تسمح بالقول بأنها تندرج في إطار دعاوى الوضعية الفردية التي تخاطب الموظفين والعاملين في مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، ولعدم جواز توجيه أوامر للإدارة ولانعدام صفة المدعي في رفع دعواه الحالية، حيث ورد في المحضر المؤرخ في 20 يوليوز 2011 أنه
: "
سيتم في نفس الإطار إدماج أطر المجموعات المتبقية التي قدمت لوائحها وتم حصرها والتأشير عليها من طرف المصالح الوزارية المكلفة بتدبير هذا الملف . يشرع في عملية الأجرأة بعد تحيين اللوائح بتنسيق بين اللجنة المشرفة على عملية تدبير الملف وممثلي المجموعات وذلك ابتداء من فاتح نونبر 2011 بتقديمها للمصالح الحكومية قصد برمجة المناصب المالية الخاصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 " مما يدل على أن اللائحة المدلى بها من طرف المدعي غير محينة وغير مؤشر عليها، ولم يتم حصرها من طرف الإدارة ، مما تبقى معه صفة المدعي غير ثابتة ما دام أن الصفة يجب أن تستمد من حق شخصي معترف به ومركز قانوني فردي ناشئ ومستكمل لشروطه، واحتياطيا من حيث الموضوع التصريح برفض الطلب على اعتبار أن المقتضيات التنظيمية التي يرتكز عليها المدعي طالها النسخ وحلت محلها مقتضيات تشريعية وتنظيمية واجبة التطبيق ، وهي المقتضات المنصوص عليها في الفصل 22 من قانون الوظيفة العمومية التي نسخت المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 08/04/2011 ابتداء من تاريخ 19 ماي 2011 ، ولكون طلب المدعي يمس بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المقرر دستوريا، فضلا على أن الفصل 6 من الدستور اعتبر أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين متساوون أمامه، وأن المحضر المحتج به من لدن المدعي لا يسعف في القول بقيام التزام بتوظيفه طالما أن المحضر غير موقع من طرف رئيس الحكومة، ويتعارض ومقتضيات الفصل 22 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي لا يسمح بالتوظيف المباشر في الأسلاك العمومية، وإنما يوجب اجتياز المباراة.
وبناء على باقي الأوراق الأخرى المضمنة بالملف.
وبناء على إدراج ملف النازلة بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 23/09/2013.
وبعد المناداة على الأطراف ومن ينوب عنهم، وحضور ممثل الوكالة القضائية للمملكة ونائب المدعي الذي سلمت له نسخة من المذكرة الملفى بها في الملف والمدلى بها من طرف الجهة المدعى عليها، فالتمس تأكيد الطلب، وقررت المحكمة اعتبار القضية جاهزة، وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي الذي أكد مستنتجاته الكتابية، فتقرر وضع القضية في المداولة قصد النطق بالحكم الآتي بعده.
وبعد المداولة طبقا للقانون
في الشكل: حيث دفعت الوكالة القضائية للمملكة بعدم قبول الدعوى للإعتبارات التالية:
- لكون مطالب المدعي لا تندرج ضمن إطار دعوى الوضعية الفردية.
- عدم جواز توجيه أوامر للإدارة.
- انعدام صفة المدعي.
أولا: حول الدفع بعدم قبول الدعوى لكونها أدرجت في غير المسلك المقرر لها قانونا:
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بكون مطالب المدعي لا تسمح بالقول بأنها تندرج في إطار دعاوى الوضعية الفردية التي تخاطب الموظفين والعاملين في مرافق الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، بمعنى هل عدم صدور قرار إداري بالتوظيف مانع من قبول دعوى التسوية ؟ وما هي الدعوى التي تستوعبها مثل هذه النوازل ؟ .
وحيث إن الإجابة عن هذين السؤالين، تستدعي مماثلة نازلة الحال بوضعيات سبق أن تناولها القضاء الإداري من خلال دعاوى القضاء الشامل، كحالات نجاح المترشح للمباراة أو قبوله في مسطرة الإنتقاء وتعنث الإدارة في عدم إصدار قرار بتعيينه .
وحيث إن نازلة الحال تتلخص وقائعها في صدور قرار تنظيمي بإدماج حاملي الشهادات في صيغة "مرسوم" وامتناع الإدارة عن تفعيله رغم توقيعها على محضر تنفيذي للمرسوم المذكور، مما يطرح آلية ترتيب الآثار القانونية على هذا الإمتناع التي لا يمكن أن تتحقق أهدافها إلا من خلال مسطرة التسوية، سيما وأن دعوى الإلغاء قاصرة على ترتيب الآثار المطلوبة، فضلا على أنه لا يحق للإدارة التراجع عن مثل هذه القرارات التي رتبت حقوقا مكتسبة لفائدة المعنيين بالأمر .
وحيث تواثر العمل القضائي على أن التمييز بين دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الشامل فيما يخص الوضعية الفردية للموظفين والعاملين في مرافق الدولة، يكون استنادا إلى مصدر الحق موضوع هاته المنازعة، وأن خصوصية دعوى القضاء الشامل تتمثل في تأسيس الطعن بمناسبتها على حقوق شخصية تتصل بمركز المدعي المتولد من القانون مباشرة، ويتدخل القاضي بمناسبته ليحدد في حكمه نطاق ومدى الحقوق والإلتزامات التي ترتبط بالنزاع في مواجهة طرفي الخصومة .
وحيث إنه في نازلة الحال، فإن مصدر الحق المطالب به هو المرسوم رقم 2.11.100 المؤرخ في 8 أبريل 2011 الذي يحدد بصفة استثنائية وانتقالية كيفيات التوظيف في بعض الأطر والدرجات، إذ سمح هذا النص التنظيمي بإمكانية التوظيف المباشر بناء على الشهادات في الأطر والدرجات ذات الترتيب الإستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11، مما يجعل المسلك القانوني الصحيح للدعوى هو القضاء الشامل الذي جاءت الدعوى في إطاره .
وحيث إن الدفع بكون المرسوم رقم 2.11.100 المؤرخ في 8 أبريل 2011 لا يعطي المدعي أي مركز باعتباره نصا تنظيميا عاما لا ينشئ مراكز قانونية فردية وحقوقا مكتسبة في ظل غياب قرار فردي يهم المدعي صادرا تطبيقا وإعمالا له، يبقى دفعا لا يستقيم وإلزام المدعي بأمور تبقى خالصة للإدارة التي لم تبادر بتنفيذ ما التزمت به، ولا يد للمدعي في ذلك، لكون إصدار قرار فردي يدخل في صميم عمل الإدارة التي لم تنفذ ما التزمت به في الفقرة الأخيرة من المحضر الصادر عن الوزارة الأولى المؤرخ في 20 يوليوز 2011 .
وحيث إنه انطلاقا مما ذكر، يكون الدفع الذي أثاره الوكيل القضائي للمملكة في هذا المجال لا يستند على أساس ، مما يعني أن الإطار القانوني الذي يحكم الدعوى يدخل في إطار دعوى القضاء الشامل ، وتبعا لمقتضيات الفصل 8 من قانون 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية للأسباب التي تم توضيحها أعلاه .
ثانيا: حول الدفع بعدم جواز توجيه أوامر للإدارة:
حيث استقر العمل القضائي على أن القاضي الإداري وهو يناقش نزاعات الوضعية الفردية فإنه يراقب مدى احترام الإدارة للمشروعية، ومدى تقيدها بالقوانين والأنظمة المعمول بها تجاه موظفيها ومستخدمي المرافق العامة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، ولا يوجه أوامر للإدارة ولا يحل محلها ولا يعتبر نفسه رئيسا تسلسليا لها، وإنما يفحص العناصر المفروضة عليه للتأكد مما إذا كانت التسوية المطلوبة مشروعة ولها ما يبررها، تاركا للإدارة نفسها أمر تنفيذ الآثار القانونية الواجب ترتيبها على الحكم الذي سيصدره في النازلة والذي يعاين من خلاله توفر أو عدم توفر شروط التسوية المطلوبة.- قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 734 الصادر بتاريخ 10/07/1997 في الملفين رقم 569/95 ورقم 570/95 .
وحيث إنه في نازلة الحال وطالما أن مصدر الحق المتنازع بشأنه يجد سنده في القانون أي المرسوم المؤرخ في 8 أبريل 2011 وأن الدعوى المتعلقة بالوضعية الفردية تندرج ضمن ولاية القضاء الشامل، كما تم تحليلها أعلاه، ولما يقدمه هذا الأخير من حماية قضائية، رهين باضطلاع القاضي الإداري بدوره الخلاق في هاته الخصومة المتميزة بقيامها بين أطراف غير متكافئة المراكز القانونية، بل قضاؤها بإصلاح المراكز الذاتية التي نشأت حيادا على القانون، وإن اقتضى الحال توجيه الأوامر إلى الإدارة، تحقيقا للأمن القانوني والقضائي، خلافا لتلك النظرية التي تمنع مثل هذا التدخل ، والحال أن الحكم على الإدارة بهاته المبادئ قد فقدت بريقها حتى في بلد نشأتها بفرنسا، فضلا على ما استقر عليه قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض على اعتبار دعوى تسوية الوضعية الفردية ضمن دعاوى الإلزام ، إذ جاء في قرارها الصادر بتاريخ 27 يونيو 2013 في الملف رقم 229/12/2013 : " أن طلب الحكم على الإدارة يندرج ضمن قضاء الإلزام، المعتبر من دعاوى القضاء الشامل الهادفة إلى إلزام الإدارة قضاء بتطبيق القانون على مركز المعني الذاتي وإقرار حقوقه المدنية المعترف بها، وقول القانون في شأن وضعيته والتي تقتضي حكما يكشفها ويقرها، لأن تكييف المنازعة الإدارية وفقا للمعيار القضائي والفقهي الحديث يجد أساسه في تطبيق قواعد القانون العام، بحيث لا يكون المدعي ملزما بسلوك دعوى الإلغاء طبقا لقاعدة الخيار أو الجمع التي استقر عليها قضاء الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، ولا يمكن أن يعتبر ذلك حلولا محل الإدارة... احتراما لقواعد فصل السلط، وتمسكا بقواعد المشروعية التي تقتضي إعلاء منطق احترام القانون من قبل الحاكمين قبل المحكومين، لأن حضر توجيه الأوامر للإدارة مجاله قضاء الإلغاء وليس القضاء الشامل، تبعا لقاعدة عدم جواز ترك تنفيذ الإلتزامات على محض إرادة المدين المستمدة من قواعد العدل والإنصاف التي تفترض الخضوع للقانون والإلتزام به بأمر من السلطة القضائية الحامية الطبيعية للحقوق والحريات " .
وحيث إنه انطلاقا مما تم بسطه أعلاه، يكون الدفع الذي أثاره الوكيل القضائي للمملكة بهذا الخصوص لا يرتكز على أساس .
ثالثا: حول الدفع بانعدام صفة المدعي في رفع دعواه الحالية:
حيث دفعت الجهة المدعى عليها أن صفة المدعي غير ثابتة، طالما أن اللائحة المدلى بها من طرف المدعي غير محينة وغير مؤشر عليها ولم يتم حصرها من طرف الإدارة، طبقا لما ورد في المحضر المؤرخ في 20 يوليوز 2011 من أنه : "سيتم في نفس الإطار إدماج أطر المجموعات المتبقية التي قدمت لوائحها وتم حصرها والتأشير عليها من طرف المصالح الوزارية المكلفة بتدبير هذا الملف . يشرع في عملية الأجرأة بعد تحيين اللوائح بتنسيق بين اللجنة المشرفة على عملية تدبير الملف وممثلي المجموعات، وذلك ابتداء من فاتح نونبر 2011 بتقديمها للمصالح الحكومية، قصد برمجة المناصب المالية الخاصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 " .
وحيث إن الصفة باعتبارها ولاية مباشرة الدعوى، وهي التي يتحلى بها طالب الحق في إجراءات الخصومة، يستمدها المدعي من كونه صاحب الحق، أو خلفا له، أو نائبه القانوني.
وحيث إن إثباتها يكون بالنسبة لطالب الحق هو إدلائه بالحجج المثبتة لحقه أو بجواب المدعى عليه بالإقرار الذي يعفي المدعي من إقامة الحجج والبينة .
وحيث إن الصفة تتضح في نازلة الحال ، من اللائحة المضمن إسم المدعي بها والمؤشر عليها من طرف الإدارة، وأنه بخصوص الدفع بكون اللائحة غير محينة وغير مكتملة الإجراءات الملزمة بالنسبة للحكومة مصدرة المحضر، فإنه لا يمكن الإحتجاج بذلك في مواجهة المدعي لأن ذلك خارج عن اختصاصه ومهامه التي تعتبر في صميمها التزامات حكومية يجب الإمتثال لها ومواصلة تنفيذها بتنسيق مع القطاعات العمومية التي تشرف عليها، ومن شأن التقاعس في عدم تنفيذ تلك الإلتزامات الإضرار بالمدعي الذي أثبت صفته في الدعوى من خلال إدلائه باللائحة المضمن بها اسمه، مما يبقى معه هذا الدفع غير جدير بالإعتبار، وحليف الرفض.
وحيث إنه برد الدفوعات الشكلية المثارة من طرف الوكالة القضائية للمملكة، يكون الطلب قد استوفى شروط قبوله من الناحية الشكلية، طالما أنه قدم من ذي صفة ومصلحة ومؤدى عنه الرسوم القضائية، مما يتعين معه التصريح بقبوله شكلا .
في الموضوع: حيث يهدف الطلب إلى الحكم على الدولة في شخص رئيس الحكومة باتخاذ كل الإجراءات القانونية المتعلقة بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمدعي، وذلك بتوظيفه المباشر ودون إجراء مباراة في أسلاك الوظيفة العمومية في إطار ميزانية سنة 2012 بناء على الشهادة التي يتوفر عليها تنفيذا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 بتاريخ 08/04/2011 وكذا محضر الإتفاق الموقع في 20/07/ 2011 مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل، وجعل الصائر على عاتق المدعى عليهم .
وحيث دفعت الجهة المدعى عليها ب :
أ-كون المقتضيات التنظيمية التي يرتكز عليها المدعي طالها النسخ وحلت محلها مقتضيات تشريعية وتنظيمية واجبة التطبيق وهي المقتضات المنصوص عليها في الفصل 22 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية التي نسخت المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 08/04/2011 ابتداء من تاريخ 19 ماي 2011 .
ب -كون طلب المدعي يمس بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المقرر دستوريا.
ج- كون المحضر المحتج به من طرف المدعي لا يسعف في القول بقيام التزام بتوظيفه .
أولا: حول نسخ مقتضيات المرسوم المتمسك به من طرف المدعي :
حيث دفعت الجهة المدعى عليها أنه ابتداء من تاريخ 19 ماي 2011 المصادف لنشر التعديلات التي شملت القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية بالجريدة الرسمية وعلى رأسها الفصل 22 منه، فإن المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8 أبريل 2011 الذي كان يتضمن مقتضيات استثنائية بشأن التوظيف يكون قد نسخ وعدل ولم يصبح قابلا للتطبيق لحلول مقتضيات أخرى ذات صبغة تشريعية أعدمت وجوده وأضحت هي واجبة الإعمال ، وبالتالي:
أ- لا مجال للحديث عن التوظيف المباشر في إطار المناصب المالية المستحدثة خلال سنة 2012، والحال أن المشرع قد أصدر نصا تشريعيا وضع حدا لمسلك التوظيف المباشر بناء على الشهادة، وأرسى مسطرة المباراة كآلية للتوظيف.
ب- مبدأ تراتبية القاعدة القانونية يقتضي أن النص التشريعي الصادر عن نواب الأمة يعلو ويسمو على المراسيم وعلى غيرها من القرارات الوزارية، ولا يمكن الركون إلى النص الأدنى لمخالفة النص الأعلى منه درجة .
أ: بخصوص عدم إمكانية تطبيق المرسوم رقم 2.11.100 بعد صدور القانون رقم 50.05:
وحيث حددت المادة الثانية تاريخ العمل بهذا المرسوم ابتداء من تاريخ فاتح يناير 2011 وأسندت تنفيذه إلى القطاعات الحكومية التالية: وزارة الداخلية، وزارة الإقتصاد والمالية، والوزارة المكلفة بتحديث القطاعات العامة .
وحيث من خلال استقراء مادتي هذا المرسوم، يلاحظ ما يلي :
- التأكيد على الصبغة الإستثنائية والإنتقالية لهذا المرسوم رغم مخالفتها للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل .
- الإذن للإدارات العمومية والجماعات المحلية بالتوظيف المباشر بناء على الشهادات العليا المطلوبة، في الأطر والدرجات ذات الترتيب الإستدلالي المطابق لسلم الأجور رقم 11 .
- إسناد تنفيذ مقتضيات المرسوم إلى قطاعات حكومية يحمل محضر 20 يوليوز 2011 توقيعها، مما يؤكد نية الحكومة في مواصلة العمل بهذا المرسوم ولو بعد صدور القانون 50.05 الصادر شهر ما ي 2011 بدليل التوقيع على المحضر شهر يوليوز من نفس السنة أي بعد شهرين من صدور القانون الذي يلغي التوظيف المباشر .
وحيث إنه يقصد اصطلاحا بإلغاء ونسخ القانون ، وقف العمل بالنص القانوني، و تجريده من قوته الملزمة، سواء ترتب عن ذلك إحلال قانون آخر عوضا عن ما تم نسخه، أو كان الإستغناء عنه دون أن يستتبع ذلك سن قانون آخر محله .
كما أن هناك فرق بين إلغاء القانون و إبطاله، إذ أن الإلغاء لا يرد إلا على قاعدة قانونية استوفت شروط صحة وجودها، و صحة أركانها الجوهرية، فيأتي الإلغاء لا ليطعن في صحة وجود القاعدة، و إنما لإنهاء العمل بها، إما لاستبدالها بغيرها و إما لعدم الحاجة إليها، و لذلك لا يؤثر الإلغاء في صحة تطبيق القاعدة الملغاة في الماضي ، كما أن الإلغاء ليس له أثر رجعي ونتيجته تكون على المستقبل فقط دون الماضي، أما بطلان القانون فيتقرر لانعدام وجود القاعدة القانونية، فتكون نتيجته منسحبة على الماضي والمستقبل معا.
وحيث إنه في نازلة الحال، فإذا سلمنا بأن القانون 50.05 قد ألغى ونسخ المرسوم رقم 2.11.100 فإننا لا نجد هذا الإلغاء منصوص عليه في القانون المذكور، إذ لم يتم تضمينه بنص خاص يقضي بإلغاء أحكام المرسوم المخالف له، فضلا على أن المرسوم ذو طابع وقتي كان سيلغى مباشرة بعد حلول الأجل المضمن به الذي هو 31 دجنبر 2011 باعتباره مرسوم مؤقت صدر في ظرف خاص ، ونصت مادته الأولى على العبارة التالية : " بصفة استثنائية وانتقالية إلى غاية 31 ديسمبر 2011" ، كما أنه لا يمكن التسليم بأن هذا الإلغاء كان ضمنيا على اعتبار أن الإلغاء الضمني هو الذي لا يتم بنص صريح، وإنما يستنتج من استحالة الجمع بين قواعد القانونين لتعارضهما، أو عندما يصدر تنظيم جديد متكامل شامل لنفس الموضوع الذي حكمه وعالجه تشريع سابق .
وحيث إن القول بتعارض القانونين دفع مردود، على اعتبار الصيغة الواردة في المادة الأولى من المرسوم رقم 2.11.100 التي أكدت بالإضافة إلى التنصيص على الصبغة الإستثنائية والإنتقالية للمرسوم، ورد بها أيضا عبارة : " وخلافا للمقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل " مما ينفي القول بكون القانونين متعارضين، فضلا على أن القانون 50.05 إنما شمل بالتعديل النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وليس المرسوم الذي صدر بصفة استثنائية وانتقالية ومحدود في الزمان ، كما أن بداية سريان تطبيق القانون 50.05 كانت بعد صدور مرسومه التطبيقي بداية سنة 2012 أي بعد الفترة المحددة في المرسوم والتي انتهت مباشرة قبل بداية العمل بالقانون 50.05 .
وحيث إنه من مسلمات النظرية العامة للتصرفات القانونية، والتي أقرتها محكمة النقض عدم جواز الدفع ببطلان عمل قانوني من طرف من كان طرفا فيه ، حتى لا يستفيد من خطئه إن كان هناك خطأ، لصيرورته دفعا يهم الغير الذي له وحده المصلحة في إثارته .
وحيث إن من شروط تحقق نسخ القاعدة القانونية احترام قاعدة عدم رجعية القوانين المكرسة دستوريا، وذلك بأن لا تطال القوانين اللاحقة القوانين السابقة التي استوفت شروطها القانونية وعرفت طريقها إلى التنفيذ من خلال ما سطر من التزامات في محضر 20 يوليوز 2011 في نازلة الحال، فضلا عن مقتضيات الفصل 6 من الدستور التي أكدت على مبدأ عدم رجعية القوانين، خاصة وأن مرسوم الإدماج تحصن من الطعن، مما يبطل كل مس بآثاره القانونية، احتراما لمبدأ الرجعية الذي يعني أن القاعدة القانونية لا تطبق إلا على الأوضاع الصادرة بعد نفاذها لا قبلها .
ب-بخصوص مبدأ تراتبية القاعدة القانونية :
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بأن النص التشريعي الصادر عن نواب الأمة يعلو ويسمو على المراسيم وعلى غيرها من القرارات الوزارية ولا يمكن الركون إلى النص الأدنى لمخالفة النص الأعلى منه درجة .
وحيث إن كلا من القانون والمرسوم ليسا سوى أدوات قانونية مستعملة في النظام القانوني ، ولكل منهما مفهومه، والحالات التي تستوجب إصداره، والجهة المختصة به ولا مجال للقول بأن القانون باعتباره صادر عن البرلمان ، يكون واجب التطبيق ويلغي المرسوم فقط لكونه صادر عن الحكومة، لأن سن التشريع إذا كان حقا أصيلا للبرلمان الذي تبقى له الصلاحية في إنشاء القاعدة القانونية وفقا للإجراءات وضمن الحالات المحددة في الدستور وبعد المرور من مراحل المناقشة والتصويت والتصديق ، فإن هذا الحق مخول أيضا للحكومة كترخيص يمنح لها من طرف البرلمان لممارسة الوظيفة التشريعية في مجال معين، ولمدة معينة، لتحقيق هدف معين، والمرسوم وسيلة بمقتضاها يتخلى البرلمان ،صاحب السلطة التشريعية، في حدود معينة عن جزء من اختصاصاته للسلطة التنفيذية لتنظم بها بعض المسائل التي لا يتناولها التشريع العادي، وهما معا ينشآن القاعدة القانونية الملزمة، المتسمة بالعمومية والتجريد. لأن مواضيعهما معا تتضمن قواعد قانونية تشكل خطابا ملزما إلى الأشخاص المكلفين بتطبيق مضمونه والوقائع المشمولة بحكمه بما في ذلك الجهات الإدارية ولو كانت هي من أصدرته كما في نازلة الحال .
ثانيا: حول المساس بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص:
حيث دفعت الجهة المدعى عليها بأن تطبيق مضمون محضر 20 يوليوز سيسقط الحكومة في خرق مبدأ المساواة، لاسيما وأن المحضر وقع في ظل مرسوم التوظيف المباشر المطابق للدستور وخاصة الفصل السادس منه الذي ينص على مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون .
وحيث إن نطاق تطبيق مبدأ المساواة في نازلة الحال ينصرف فقط إلى من توفرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون أي ذوي المراكز المتماثلة، ووفق شروط ومساطر الدفعة الأولى التي سبق أن استفادت من التوظيف المباشر ، لأن المرسوم رقم 2.11.100 لا يخاطب إلا فئة محدودة منهم قد اكتسبت حق التوظيف المباشر بناء على اللوائح المرفقة بمحضر 20 يوليوز 2011 على اعتبار أن المادة 22 التي تم تعديلها بموجب القانون 50.05 لم تكن سارية المفعول وقتئذ، وذلك راجع إلى عدم صدور المرسوم التطبيقي الذي يبين شروط المباراة التي نص عليها إلا بتاريخ 27 دجنبر 2011 ولم يدخل حيز التنفيذ إلا بتاريخ فاتح يناير 2012 .
ثالثا: حول الطبيعة القانونية للمحضر وحجيته القانونية:
حيث دفع الوكيل القضائي للمملكة بكون المحضر المحتج به من لدن المدعي لا يسعف في القول بقيام التزام بتوظيفه طالما أن المحضر غير موقع من طرف رئيس الحكومة ويتعارض ومقتضيات الفصل 22 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية الذي لا يسمح بالتوظيف المباشر في الأسلاك العمومية، وإنما يوجب اجتياز المباراة.
وحيث إن محضر 20 يوليوز من الناحتين الواقعية والقانونية هو اتفاق "توظيف مباشر" وقعته الحكومة المغربية بمؤسساتها (الوزارة الأولى ووزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة الداخلية ) مع مجموعة من التنسيقيات الممثلة لحملة الشواهد العليا قصد إدماجهم بطريقة مباشرة في أسلاك الوظيفة العمومية، فهو بذلك يعد وثيقة إدارية رسمية ولدت التزاما حكوميا بتنفيذ المرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الذي يخول للحكومة اعتماد الإدماج المباشر بدل إجراء المباراة، كما أنه يوثق لما تم الإتفاق عليه ويوضح المراحل والإجراءات التي سيتم اتباعها قصد تفعيل المرسوم المذكور، بما في ذلك شرحه لعملية الأجرأة التي سيتم اعتمادها من خلال نصه على تحيين اللوائح بتنسيق مع اللجنة المشرفة على عملية تدبير الملف وممثلي المجموعات ابتداء من تاريخ فاتح نونبر 2011 وتقديمها للمصالح الحكومية قصد برمجة المناصب المالية الخاصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 .
وحيث إن المحضر حسبما هو ثابت من الوثائق الملفى بها في الملف موقع من طرف القطاعات الحكومية، وداخل السنة المحددة في المرسوم من بداية يناير 2011 إلى نهاية دجنبر من نفس السنة، ويتضمن توضيحا للخطوات والتدابير التي سيتم بها تفعيل مضمون المرسوم، فضلا على أن الإدارة لم تتقدم بالطعن بعدم شرعية المحضر في الجانب المتعلق بإقحام مؤسسة الوزير الأول أو تأشيرته أو توقيع ممثلي الوزارات الموقعة على المحضر، مما يجعله مكتل الأركان القانونية وملزم للحكومة من حيث التنفيذ، طالما أن القاعدة المتحكمة في عمل الحكومات المسيرة للمرافق العمومية وتعاقبها على ذلك، هو الاستمرارية خدمة للمرفق العام، أي احترام جميع الالتزامات الناشئة عن تطبيق القوانين، وهذا المبدأ ما هو إلا وسيلة من الوسائل المشروعة للحفاظ على استقرار المراكز القانونية حماية للحقوق المكتسبة .
وحيث يتعين انطلاقا مما تم بسطه أعلاه، التصريح بالإستجابة للطلب في الشق المتعلق بالتسوية المطلوبة وفق المرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8 أبريل 2011 ومحضر 20 يوليوز 2011 .
وحيث إن طلب شمول الحكم بالتنفيذ المعجل ليس له ما يبرره، مما يتعين معه التصريح برفضه .
وحيث يتعين تحميل خاسر الدعوى مصاريفها .
المنطوق
وتطبيقا لمقتضيات الفصول 110 و 117 و 118 من الدستور، والمواد 3 و4 و5 و7 و8 من القانون رقم 90.41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية، والمرسوم رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 4 جمادى الأولى 1432 الموافق ل (8 أبريل 2011) يحدد بصفة استثنائية وانتقالية كيفيات التوظيف في بعض الأطر والدرجات، و المرسوم رقم 1.11.10 الصادر في 14 ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 50.05 بتغيير وتتميم الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والمرسوم التطبيقي رقم 2.11.621 المتعلق بتنظيم المباريات الصادر بتاريخ 27 دجنبر 2011 .
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا حضوريا :
في الشكل : بقبول الطلب .
في الموضوع : باتخاذ الدولة في شخص السيد رئيس الحكومة لإجراءات تسوية الوضعية الإدارية و المالية للطرف المدعي، وفقا للمرسوم الوزاري رقم 2.11.100 الصادر بتاريخ 8 أبريل 2011 وتنفيذا لمحضر 20 يوليوز 2011 مع تحميلها المصاريف، ورفض باقي الطلبات.
بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه .
الرئيس المقررة كاتب الضبط