إن مشاركة الدائنين في المساطر الجماعية، يمكن النظر إليها من زاويتين؛ زاوية المبادرات الذاتية، وزاوية المقاربة التشاركية في إنجاح هذه المساطر بصفة عامة، لذلك فإن اشراك الدائن أو بالأحرى إعطائه حرية المبادرة في تحريك المساطر الجماعية، يعد اعترافا لهذا الأخير بدوره الأساسي والحاسم في انجاح المسطرة، ذلك أن هذه الأخيرة مهما أبدع في سنها من الناحية النظرية، تبقى قاصرة عن تحقيق أهدافها في الواقع وهي حماية المقاولة وإنقاذها من مخاطر الأمراض الاقتصادية والمحافظة على مناصب الشغل وتصفية الخصوم الذي يبقى تحصيل حاصل، وأن تحقيق هذه الأخيرة يفرض المشاركة الجدية للدائنين فيها.
من هذا المنطلق، فإن إشراك الدائنين في المساطر الجماعية بصفة عامة، لا يجب أن يقتصر على مستوى الاستشارة وأخد الرأي فقط، وإنما ينبغي إشراكهم المادي في جميع مراحلها، وذلك منذ بدايتها انطلاقا من المبادرة في طلب فتح المسطرة -والذي يجب أن يشمل حتى الوقاية والإنقاذ- وكذا اشراكهم في إعداد الحل الملائم لها، وأخيرا تنفيذ المخطط المعتمد عن وعي ومسؤولية.
فطبيعي إذن، أن المبادرات الايجابية التي ينبغي أن تمنح للدائنين يجب أن تكون في مراحل متقدمة عن وصول المقاولة إلى درجة الاختلال الميؤوس من إصلاحه، ويتعلق الأمر إذن بمساطر غير التوقف عن الدفع[1]، ذلك أن الدائن إلى جانب رئيس المقاولة، يكون أقرب من أي متدخل أخر إلى حياة المقاولة، وبتالي فإن تحركاته قد تكون في الوقت المناسب لحصول الخلل[2]، فيظل التساؤل المطروح حول مدى مراعاة المشرع لهذه المعطيات عند سنه لمقتضيات المساطر الجماعية ؟
فبلا شك أن المشرع المغربي، اعتمد على غرار باقي التشريعات المقارنة[3] منطق التدرج في المساطر[4]، وذلك بحسب الوضعية المالية والاقتصادية للمقاولة، حيث تهدف إما لوقاية هذه الأخيرة من الأمراض الاقتصادية وذلك باتخاذ الاجراءات اللازمة عند دق ناقوس الخطر، أي قتل الجرثومة قبل تسللها إلى الجسم الاقتصادي وانتشارها[5]، تم ثانيا إنقاذ المقاولة من هذه الأمراض التي من المؤكد أن تصيبها في وقت قريب إذا لم تعمل هذه الأخيرة على طلب مد يد المساعدة في الوقت المناسب، ثم علاجها ثالثا وذلك بالتداوي من هذه الأمراض بعدما تكون قد عصفت بالمقاولة، عن طريق القضاء التجاري الذي أصبح يلعب دور الممرض والطبيب للمشروعات الاقتصادية، وعند فشل هذه المساطر تصفيتها وإعلان وفاتها من السجل الحالة التجارية .
غير أنه بالتمعن في حصيلة هده المساطر الجماعية، بعد ما مرت أكثر من عشرين سنة من التطبيق، نجد أن أغلب المقاولات التي فتحت هذه المساطر في مواجهتها تنتهي بتصفيتها القضائية[6]، وأصبحت مسطرة التسوية القضائية شبيهة بنظام التصفية القضائية القديم[7]، حيث لا يستفيد منها إلا التاجر حسن النية، لكن هذه المرة ليس سيئ الحظ وإنما العكس[8]، فيبقى التساؤل مطروحا حول كنه هاته المفارقة بين نصوص قانونية عالية من حيت الدقة والإبداع الفكري وبين واقع تكثر فيه التصفيات القضائية؟
ليس من الصعب إيجاد جواب للسؤال أعلاه، بل يمكن القول منذ البداية بدون تردد، أن الخلل والمشكل الرئيسي يكمن في عدم تفعيل وجماد المساطر الوقائية، إذ أن الكثير من المقاولات لا تلجأ إلى المحاكم لطلبهم فتح المساطر القضائية إلا بعدما تصل المقاولة إلى وضعية مالية مختلة بشكل لا رجعة فيه، هذا من جهة أولى.
كما أنه ومن جهة ثانية، افتقاد المشرع لرؤية المقاربة التشاركية لهذه المساطر الوقائية، وذلك بإقصائه لطرف له دور حاسم ليس فقط على مستوى الوقاية وإنما على مستوى المعالجة أيضا، ألا وهو الدائن باعتباره من بين الأطراف الفاعلة في هذه المساطر. فغياب المشاركة والتحاور بين المقاولة والدائن في هذه المرحلة بالذات، لن يجدي بنفع عند افتتاح مساطر المعالجة، حيث يتحول الدائن من دوره كشريك يطالب بالمصلحة العامة خلال مرحلة الوقاية إلى دائن يطالب بحق له على المقاولة.
ومن هذا المساطر التي ينبغي تبدأ وتنهي بمشاركة الدائنين مسطرة الإنقاذ، والتي تعتبر من أهم المستجدات التي جاء بها القانون الجديد، فهي مسطرة معالجة ووقاية في آن واحد؛ وما يجعلها تقترب من مساطر الوقاية هي كون المقاولة غير متوقفة عن الدفع، لكن لها صعوبات مؤكدة، من الممكن أن تؤدي بها إلى التوقف عن الدفع في وقت قريب، كما أنها مسطرة غير إجبارية، أي تبقى خاضعة لإرادة المقاولة، وعند قبول فتحها تلزم الدائنين كأنها مسطرة معالجة.
غير أنه ولمن المؤسف، أفضت رغبة المشرع في إنقاذ المقاولة ومواصلة استمرارية استغلالها، إلى المساس بحقوق هؤلاء الدائنين، فرغبته القوية في مساعدة المقاولة على التخلص من مشاكلها والاسهام من جديد في الاقتصاد الوطني، وتوفير إطار قانوني لجلب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، جعلته يرجح مصلحة المقاولة على باقي المصالح الأخرى، متناسيا بذلك أن دائني المقاولة بدورهم قد يكونوا مدينين لأشخاص آخرين، وهو ما من شأنه أن يؤثر على الدورة الاقتصادية، وقد فطن المشرع الفرنسي لهذا الأمر وسارع بذلك لتعديل قانون 26 يوليو 2005 بمقتضى القانون رقم 776-2008 الذي سعى من خلاله إلى إعادة التوازن بين مصلحة المقاولة ومصلحة الدائنين، وذلك عبر ما يسمى بتحديث الضمانات[9]. فأية مكانة إذن للدائنين في هذه المسطرة المستحدثة وهل من حظوظ لنجاح هذه الأخيرة في ظل غياب شبه تام لمركز الدائنين فيها؟
كمحاولة للإجابة عن هذه التساؤلات ارتأينا معالجة هذا الموضوع من خلال مطلبين؛ خصصنا المطلب الأول للحديث عن تغييب دور الدائن في تفعيل هذه المسطرة، في حين تطرقنا في المطلب الثاني إلى تغييب هؤلاء في وضع مضامينه وإبداء آرائهم حوله.
وبناء على ما سبق، يمكن لنا أن نبين مدى الاختلاف الحاصل بين كل من مساطر المعالجة الخالصة -أي التسوية والتصفية القضائية- ومسطرة الإنقاذ، فعلى خلاف هذه الأخيرة التي يقتصر الحق في تقديم طلب افتتاحها على رئيس المقاولة وحده، فإن الملاحظ في هذا الشأن أن مهمة تحريك مساطر المعالجة الخالصة تبقى متاحة لأكثر من طرف، ذلك أنه بالإضافة الى الالتزام الملقى على عاتق رئيس المقاولة بموجب المادة 576 من مدونة التجارة والذي يتعين بمقتضاه على المدين أن يصرح بتوقفه عن الدفع داخل أجل الثلاثين يوما التي تلي هذا التوقف، فانه يمكن أيضا فتح هذه المسطار بمقال افتتاحي للدعوى لأحد الدائنين المتوقف عن دفع ديونهم كيفما كانت طبيعة دينه (المادة 578 من م. ت)، كما أجاز المشرع أيضا للمحكمة أن تضع يدها على المسطرة، اما تلقائيا او بطلب من النيابة العامة او بإحالة من رئيس المحكمة في إطار الصلاحيات التي تخولها له مسطرة الوقاية الخارجية.
وتأسيسا على ذلك فإن التساؤل الذي قد يطرح بهذا الصدد يدور حول دواعي وأسباب تضييق المشرع لنطاق الاشخاص الممكن لهم تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ، وبعبارة أدق هل كان المشرع على صواب باستبعاده لدائني المقاولة التي تعاني من صعوبات قد تشل قدرتها على الوفاء في المستقبل القريب، من طائفة الأشخاص الذين يجوز لهم تحريك هذه الإجراءات؟
في اعتقادنا، إن تضييق المشرع من لائحة الاشخاص الذين يحق لهم طلب فتح مسطرة الإنقاذ، راجع بالأساس إلى النص الأصلي المأخوذة منه هذه المادة، والمتمثلة أساسا في المادة 1-621 R من القانون الفرنسي، غير أنه إذا كان تضييق هذا الأخير لطائفة الأشخاص المخول لهم حق طلب فتح المسطرة، له ما يبرره كما سنرى في الفقرة الموالية، لا سيما وأن مشروع مخطط الإنقاذ يتم إعداده بمشاركة الطرفين، فإن حصر حق تقديم طلب فتح المسطرة في رئيس المقاولة بالنسبة للتشريع المغربي أمر لا نوافقه.
ذلك أن ترك أمر المبادرة بتقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ رهين بإرادة المدين من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع المالي للمقاولة إذا لم يبادر هذا الأخير في الوقت المناسب إلى تقديم الطلب، نتيجة إهماله أو بفعل تهوينه من حجم الصعوبات التي تهدد المقاولة، لذلك فإن السماح للدائنين بتقديم طلب من هذا القبيل من شأنه أن يسمح بتفادي الانعكاسات السلبية التي قد تنجم عن عدم تقديم المدين للطلب أو التأخر بهذا التقديم.
حدد المشرع من خلال التعديل الأخير طرق الطعن الممكن ممارستها ضد الأحكام الصادرة في مسطرة الإنقاذ وكذا الأشخاص الذين يحق لهم ذلك على سبيل الحصر، عكس النص القديم الذي كان يسمح بممارسة طرق الطعن في الاحكام الصادرة في مسطرة التسوية أو التصفية القضائية بصفة عامة، ودون تحديده للائحة الأشخاص المخول لهم ذلك[12].
من هذه الزاوية، حدد المشرع في المادة 762 من م .ت المقررات الصادرة في مسطرة الإنقاذ التي تقبل الطعن بالاستئناف، وكذا حالات استعمال الدائن لهذا الحق على سبيل الحصر، بحيث يقفل باب الاجتهاد والتوسع في تفسير النص. وعليه، جاء في المادة 762 أعلاه أنه: "تحدد المقررات القابلة للطعن بالاستئناف والجهة المخول لها الطعن فيما يلي:
1- المقررات الصادرة بشأن فتح مسطرة الإنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية، من طرف المدين والدائن، إذا كان هذا الأخير هو من تقدم بطلب فتح المسطرة، ومن طرف النيابة العامة؛
2-...؛
3- المقررات الصادرة بشأن تحويل مسطرة الإنقاذ إلى مسطرة تسوية قضائية أو تصفية قضائية، من طرف المدين والسنديك ومن طرف النيابة العامة؛
4-...؛
5- المقررات الصادرة بشأن حصر مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية، من طرف المدين والسنديك وكذا جمعية الدائنين ومن طرف النيابة العامة؛
6-...؛
7- المقررات الصادرة بشأن تغيير أهداف ووسائل مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية، من طرف المدين والسنديك وجمعية الدائنين ومن طرف النيابة العامة؛
8- المقررات الصادرة بشأن فسخ مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية أو التفويت، من طرف المدين والدائن، إذا كان هذا الأخير هو من تقدم بطلب الفسخ، وكذا جمعية الدائنين ومن طرف النيابة العامة؛
..."
هكذا، وإن كانت هذه المادة تبدو في ظاهرها واضحة ولا تحتاج إلى تفسير بخصوص مدى أحقية الدائن في ممارسة الطعن بالاستئناف في المقررات الصادرة في مسطرة الإنقاذ، فإنه بالمقابل ينبغي إبداء بعض الملاحظات حولها:
ــ فأول ملاحظة يمكن إبداؤها بخصوص هذا الموضوع؛ هو أن المشرع ربط حق الدائن في ممارسة الطعن بالاستئناف في المقررات الصادرة في مسطرة الإنقاذ، بمدى مبادرة هذا الأخير في تحريكها، وهي قاعدة تقليدية قديمة تقضي بأن الطعن بالاستئناف لا يقبل إلا من الشخص الذي كان طرفا في الحكم الابتدائي، وهذه القاعدة إن كانت تصلح في المعاملات المدنية بصفة عامة، فإنها لا تصلح في مساطر صعوبات المقاولة لتعلق هذه الأخيرة بالنظام العام الاقتصادي.
ــ أما الملاحظة الثانية؛ تكمن في كون أن المشرع لم يخول للدائن ممارسة الطعن بالاستئناف إلا مرة واحدة؛ تهم فسخ مخطط الإنقاذ إذا كان طلب الفسخ مقدم من قبله، أما بالنسبة للطعن في الحكم الفاتح للمسطرة، فإن المشرع ربطه بالشخص الذي طلب فتح المسطرة، والدائن كما مر معنا ممنوع عليه من مباشرة هذا الإجراء.
ــ أما الملاحظة الثالثة والأخيرة؛ تتجلى في مفارقة غريبة هذه المرة، فإذا كان المشرع خول للدائن حق التقدم بطلب فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في وجه مدينه المتوقف عن الدفع ومن ثم حق الطعن في الحكم، على اعتبار أن المبادرة جاءت من قبله هذه المرة، انتزع منه هذا الحق الأخير، وذلك في الحالة التي يتم فيها تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية أو تصفية قضائية بناء على طلبه[13]، ذلك أن المشرع لم يضع في حسبانه إلا فرضية واحدة؛ هي أن مسطرة الإنقاذ لا تفتح إلا في وجه المقاولة غير المتوقفة عن الدفع، لكن ماذا لو تقدم الدائن بطلب تحويل هذه المسطرة إلى تصفية أو تسوية قضائية أثناء سريانها، أليس من المعقول أن يمنح للدائن حق ممارسة الطعن في هذه الحالة مادامت المبادرة جاءت من قبله ؟
وما تنبغي الاشارة إليه أيضا بخصوص الطعن بالاستئناف، أن المشرع يتحدث عن جمعية الدائنين، والحال أن هذه الأخيرة لا تتشكل إلا في الأحكام القاضية بالتسوية القضائية مع توفر شروطها، وهو ما من شأنه أن يخلق لبسا في أذهان قراء هذه المادة كما سقط في ذلك أحد الباحثين[14].
أما بالنسبة للطعن بالتعرض، فالملاحظ أن المشرع لم يقم بتنظيمه في القانون الجديد بعدما كان يسمح بجوازه في النص القديم[15]، ومع ذلك فإنه ليس هناك ما يمنع الدائن من ممارسة الطعن بالتعرض في القرار الاستئنافي الصادر في طلب الفسخ إذا كان غيابيا، وذلك طبقا للقواعد المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.
وبخصوص الطعن بالنقض، فالملاحظ أن هذا الطريق من طرق الطعن غير العادية، فكما هو الشأن بالنسبة للتعرض لا يمنح للدائن في مسطرة الإنقاذ إلا في حالة واحدة؛ ويتعلق الأمر بطلب فسخ مخطط الإنقاذ مع استئنافه، على اعتبار أن هذا الطعن لا تجوز ممارسته إلا ممن كان طرفا في الحكم المطعون فيه ومس بمصالحه[16].
بقي لنا تعرض الغير الخارج عن الخصومة وإعادة النظر، فإذا هذا الأخير ممنوع من ممارسته في جميع المقررات الصادرة في مساطر صعوبات المقاولة[17]، فإن تعرض الغير الخارج عن الخصومة، الذي كان ربما سيبقى المسلك الوحيد للدائنين للطعن في المقررات الصادرة في مسطرة الإنقاذ، استعمل المشرع تقنية الإقصاء بخصوصه، حيث لم يخول الطعن به إلا ضد المقررات الصادرة بشأن التسوية والتصفية القضائية وسقوط الأهلية التجارية[18]، مستبعدا بذلك مسطرة الإنقاذ.
وختاما يمكن القول أن القصور الذي لحق طرق الطعن المخولة للدائنين في مسطرة الإنقاذ، جاء نتيجة ارتباك وانعدام رؤيا المشرع بخصوص هذا الموضوع، ذلك أنه سوى بين هذه المسطرة ومسطرة التسوية القضائية عند الحكم بحصر مخطط الاستمرارية، وهو أمر غير مقبول باعتبار أنه إذا كان مخول في المخطط الثاني الطعن فيه من طرف جمعية الدائنين، فإن هذه الأخيرة لا تتشكل في المخطط الأول، وهو ما كان ينبغي عليه أن يخول على الأقل ممارسة هذه الطعون من طرف المراقبين، مادام أمر تعيينهم يشمل حتى مسطرة الإنقاذ.
وإذا كان تبرير المشرع لهذا المنع، يجد سنده ربما في خاصية السرعة التي ينبغي أن تطبع هذه المسطرة، أو كما ذهب إلى ذلك فقيهنا الأستاذ عبد الرحيم شميعة، "إلى تحاشي أي اضطراب ناتج عن الطعون التعسفية، لما من شأنه التأثير غير السليم على السير العادي للمساطر"[19]، فإنه بالمقابل حرمان الدائن من ممارسة طرق الطعن شأنه في ذلك شأن المدين يعد تعسفا في حقه، خاصة إذا ما أخدنا بيعن الاعتبار أن الأحكام الصادرة في مسطرة الإنقاذ مشمولة بالنفاذ المعجل[20]، وخاسر الدعوى يتحمل الصائر..[21].
يحدد مشروع مخطط الإنقاذ جميع الالتزامات الضرورية لإنقاذ المقاولة وطريقة الحفاظ على نشاطها وعلى تمويله، بالإضافة إلى كيفيات تصفية الخصوم، والضمانات الممنوحة قصد تنفيذ مشروع المخطط المذكور".
من هذه المادة يظهر أن المشرع جعل أمر إعداد مشروع مخطط الإنقاذ، بيد رئيس المقاولة وحده دون مساعدة أحد، والذي ينبغي أن يحدد فيه جميع العناصر الضرورية التي من شأنها تنوير قناعة المحكمة وإعطائها صورة صحيحة عن وضعية المقاولة، كالالتزامات الضرورية من أجل إنقاذ المقاولة والوسائل التي من شأنها أن تحافظ على استمرارية النشاط، وكذا تصفية الخصوم وضمانات تنفيذ المخطط[22].
والمشرع المغربي بسلوكه هذا النهج، يكون قد اختلف في ذلك مع نظيره الفرنسي بخصوص كيفية إعداد المخطط، إذ تعتبر مسطرة الإنقاذ حسب هذا الأخير إمكانية معطاة لرئيس المقاولة للدخول في مفاوضات مع الدائنين من أجل وضع مخطط تنظيم الديون، وبذلك يكون دور المحكمة محدود خلال إعمال هذه المسطرة، كما لو أننا أمام مساطر الوقاية، حيث أن الدور الرئيسي لتطوير واعتماد مخطط الإنقاذ يرجع لجماعة الدائنين[23].
لهذا الغرض، حت المشرع الفرنسي على تكوين لجنتين للدائنين عند افتتاح هذه المسطرة، لجنة مؤسسات الائتمان ولجنة الموردين، حيث يفتح باب الحوار والمناقشة بين هذه اللجان والمدين الفاتح للمسطرة حول مشروع مخطط الإنقاذ[24]، ذلك أن إشراك الدائنين في هذه المسطرة، سيكون لهم دور مهم في جميع مراحلها، لكونهم الوسيلة الأساسية لإنجاح مخطط الإنقاذ وتنفيذه.
وبذلك يكون المشرع الفرنسي قد منح الدائنين سلطة وتأثيرا حاسما على نتيجة المخطط في مسطرة الإنقاذ[25]، عكس المشرع المغربي الذي لم يعر لهم أي اهتمام باستثناء الاستشارة الفردية أو الجماعية حول التخفيضات والزيادة في الأجل لا غير.
ومن المستحسن لو أو أن المشرع المغربي سار على نهج نظيره الفرنسي، وترك أمر إعداد المخطط أثناء فترة الملاحظة بين المقاولة التي تعاني من صعوبات من شأنها أن تؤدي بها في وقت قريب إلى التوقف عن الدفع وبين الدائنين الذين يتوقف مآل المقاولة في هذه الحالة بين أيديهم، وذلك عن طريق خلق لجان للتوريد بالسلع والخدمات وكذا لجان تمويل المقاولة خلال هذه المرحلة، في إطار مقاربة تشاركية تراعي جميع المصالح المرتبطة بالمقاولة.
هكذا، يترتب على صدور حكم فتح المسطرة منع الدائنين الناشئة ديونهم قبل صدوره، من القيام بأي إجراء أو دعوى قضائية ترمي إلى الحكم على المقاولة بأداء مبلغ مالي أو فسخ العقد لعدم أداء مبلغ مالي، كما يوقف الحكم ويمنع كل إجراء تنفيذي يقيمه هؤلاء الدائنون سواء على منقولات المقاولة أو عقاراتها[27].
ومنعا لاستنزاف الأموال التي تحتاجها المقاولة، وتفاديا لتضاعف ديونها بتزايد الفوائد، يوقف حكم فتح المسطرة سريان الفوائد القانونية والاتفاقية وكذا فوائد التأخير وكل زيادة الدين الأصلي[28] الناشئ قبل صدور الحكم المذكور، أما الديون الناشئة بعده فلا يسري عليها هذا الوقف، فبدون هذا الاستثناء أو الإعفاء لن تتقدم أية مؤسسة بنكية أو مالية أو أحد الأشخاص لتمويل مقاولة تعاني من صعوبات، ومحكوم عليها بمسطرة من مساطر المعالجة القضائية عن طريق قروض دون فوائد، فالاقتصاد لا يعرف معنى الصدقة[29].
ومن أجل تجنب التوقف عن الدفع يتم القيام باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمحاولة ضبط خصوم المقاولة وتحسين أصولها[30]، كاستمرار العقود الجارية ومنع الأداءات الفردية ومن تقييد الرهون والامتيازات[31] والحصول على إذن من القاضي المنتدب لتقديم هذه الرهون[32].
أما رئيس المقاولة فيبقى حرا في إدارة مقاولته[33]، إذ لا يمكن للحكم القاضي بفتح المسطرة أن يسلب التسيير من رئيس المقاولة، بحيث يبقى هذا الأخير في جميع الأحوال هو المختص بذلك[34]، خلافا لمسطرة التسوية القضائية التي يمكن للحكم القاضي بفتها أن يبقي رئيس المقاولة مكلفا تحت مراقبة السنديك أو يكلف هذا الأخير بمساعدة رئيس المقاولة في جميع الأعمال التي تخص التسيير أو في بعضها، كما يمكن أن يكلف لوحده بالتسيير الكلي أو الجزئي للمقاولة[35]، وخلافا أيضا لمسطرة التصفية القضائية التي يترتب عنها غل يد المدين من التصرف في أمواله وإدارتها لفائدة السنديك.
ختاما يمكن القول أن هذه الحصانة، وإن كانت تخدم المقاولة وتجنبها خطر التوقف عن الدفع، وذلك لاعتماد المشرع على تقنية الوقاية والعلاج المبكر لإنقاذ المقاولة قبل توقفها عن أداء ديونها، فإنه بالمقابل يمكن أن يترتب عن هذه الحصانة آثار وخيمة أكثر من قيمتها، تتمثل في توقف دائني هذه المقاولة عن دفع ديونهم المقابلة من جراء حرمانهم من مطالبة المقاولة بديونهم الحالة.
خــــاتمة:
في نهاية هذه المقالة المتواضعة، لا يبقى لنا سوى التأكيد على أن الدائن يعتبر عن حق، العمود الفقري والقلب النابض لمساطر صعوبات المقاولة في شموليتها، ذلك أنه لا يمكن الحديث عن وقاية المقاولة ومعالجتها دون الحضور القوي للدائنين فيها، كما يعتبر من جهة أخرى من أكبر ضحايا نظام مساطر صعوبات المقاولة، فرغبة المشرع في الحفاظ على استمرارية نشاط المقاولة وتأمين استغلالها، جعلته لا يتردد في التضحية بحقوق الدائنين ومصالحهم لفائدتها من منطلق المصلحة العامة، وما لترتيب الدائنين في آخر الأهداف المرجوة من هذه المساطر إلا خير ذليل على ذلك.
وفي انتظار تعديل تشريعي مقبل، فإنه ينبغي قبل كل شيء إعادة النظر في هذا التنظيم المحتشم لوضعية الدائنين في مسطرة الإنقاذ وذلك من خلال السماح لهم بتحريك هذه المسطرة وممارسة كل طرق الطعن المخولة للمدين فيها، هذا إلى جانب المشاركة في إعداد مخطط الإنقاذ مع رئيس المقاولة تحت إشراف القضاء التجاري، والعدول عن تقنية الاستشارة الفردية أو الجماعية فيما يخص هذه المسطرة الإرادية والانفتاح على مؤسسة جمعية الدائنين، على اعتبار أن نجاح المخطط في آخر المطاف، هو مرهون بالدرجة الأولى على قبول الدائنين، فبدون ضمانات قوية وخلق نوع من الحوار الفعال منذ بداية المسطرة، سيكون محكوم عليها بالفشل لا محالة.
انتهى بعون الله وحمده
من هذا المنطلق، فإن إشراك الدائنين في المساطر الجماعية بصفة عامة، لا يجب أن يقتصر على مستوى الاستشارة وأخد الرأي فقط، وإنما ينبغي إشراكهم المادي في جميع مراحلها، وذلك منذ بدايتها انطلاقا من المبادرة في طلب فتح المسطرة -والذي يجب أن يشمل حتى الوقاية والإنقاذ- وكذا اشراكهم في إعداد الحل الملائم لها، وأخيرا تنفيذ المخطط المعتمد عن وعي ومسؤولية.
فطبيعي إذن، أن المبادرات الايجابية التي ينبغي أن تمنح للدائنين يجب أن تكون في مراحل متقدمة عن وصول المقاولة إلى درجة الاختلال الميؤوس من إصلاحه، ويتعلق الأمر إذن بمساطر غير التوقف عن الدفع[1]، ذلك أن الدائن إلى جانب رئيس المقاولة، يكون أقرب من أي متدخل أخر إلى حياة المقاولة، وبتالي فإن تحركاته قد تكون في الوقت المناسب لحصول الخلل[2]، فيظل التساؤل المطروح حول مدى مراعاة المشرع لهذه المعطيات عند سنه لمقتضيات المساطر الجماعية ؟
فبلا شك أن المشرع المغربي، اعتمد على غرار باقي التشريعات المقارنة[3] منطق التدرج في المساطر[4]، وذلك بحسب الوضعية المالية والاقتصادية للمقاولة، حيث تهدف إما لوقاية هذه الأخيرة من الأمراض الاقتصادية وذلك باتخاذ الاجراءات اللازمة عند دق ناقوس الخطر، أي قتل الجرثومة قبل تسللها إلى الجسم الاقتصادي وانتشارها[5]، تم ثانيا إنقاذ المقاولة من هذه الأمراض التي من المؤكد أن تصيبها في وقت قريب إذا لم تعمل هذه الأخيرة على طلب مد يد المساعدة في الوقت المناسب، ثم علاجها ثالثا وذلك بالتداوي من هذه الأمراض بعدما تكون قد عصفت بالمقاولة، عن طريق القضاء التجاري الذي أصبح يلعب دور الممرض والطبيب للمشروعات الاقتصادية، وعند فشل هذه المساطر تصفيتها وإعلان وفاتها من السجل الحالة التجارية .
غير أنه بالتمعن في حصيلة هده المساطر الجماعية، بعد ما مرت أكثر من عشرين سنة من التطبيق، نجد أن أغلب المقاولات التي فتحت هذه المساطر في مواجهتها تنتهي بتصفيتها القضائية[6]، وأصبحت مسطرة التسوية القضائية شبيهة بنظام التصفية القضائية القديم[7]، حيث لا يستفيد منها إلا التاجر حسن النية، لكن هذه المرة ليس سيئ الحظ وإنما العكس[8]، فيبقى التساؤل مطروحا حول كنه هاته المفارقة بين نصوص قانونية عالية من حيت الدقة والإبداع الفكري وبين واقع تكثر فيه التصفيات القضائية؟
ليس من الصعب إيجاد جواب للسؤال أعلاه، بل يمكن القول منذ البداية بدون تردد، أن الخلل والمشكل الرئيسي يكمن في عدم تفعيل وجماد المساطر الوقائية، إذ أن الكثير من المقاولات لا تلجأ إلى المحاكم لطلبهم فتح المساطر القضائية إلا بعدما تصل المقاولة إلى وضعية مالية مختلة بشكل لا رجعة فيه، هذا من جهة أولى.
كما أنه ومن جهة ثانية، افتقاد المشرع لرؤية المقاربة التشاركية لهذه المساطر الوقائية، وذلك بإقصائه لطرف له دور حاسم ليس فقط على مستوى الوقاية وإنما على مستوى المعالجة أيضا، ألا وهو الدائن باعتباره من بين الأطراف الفاعلة في هذه المساطر. فغياب المشاركة والتحاور بين المقاولة والدائن في هذه المرحلة بالذات، لن يجدي بنفع عند افتتاح مساطر المعالجة، حيث يتحول الدائن من دوره كشريك يطالب بالمصلحة العامة خلال مرحلة الوقاية إلى دائن يطالب بحق له على المقاولة.
ومن هذا المساطر التي ينبغي تبدأ وتنهي بمشاركة الدائنين مسطرة الإنقاذ، والتي تعتبر من أهم المستجدات التي جاء بها القانون الجديد، فهي مسطرة معالجة ووقاية في آن واحد؛ وما يجعلها تقترب من مساطر الوقاية هي كون المقاولة غير متوقفة عن الدفع، لكن لها صعوبات مؤكدة، من الممكن أن تؤدي بها إلى التوقف عن الدفع في وقت قريب، كما أنها مسطرة غير إجبارية، أي تبقى خاضعة لإرادة المقاولة، وعند قبول فتحها تلزم الدائنين كأنها مسطرة معالجة.
غير أنه ولمن المؤسف، أفضت رغبة المشرع في إنقاذ المقاولة ومواصلة استمرارية استغلالها، إلى المساس بحقوق هؤلاء الدائنين، فرغبته القوية في مساعدة المقاولة على التخلص من مشاكلها والاسهام من جديد في الاقتصاد الوطني، وتوفير إطار قانوني لجلب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، جعلته يرجح مصلحة المقاولة على باقي المصالح الأخرى، متناسيا بذلك أن دائني المقاولة بدورهم قد يكونوا مدينين لأشخاص آخرين، وهو ما من شأنه أن يؤثر على الدورة الاقتصادية، وقد فطن المشرع الفرنسي لهذا الأمر وسارع بذلك لتعديل قانون 26 يوليو 2005 بمقتضى القانون رقم 776-2008 الذي سعى من خلاله إلى إعادة التوازن بين مصلحة المقاولة ومصلحة الدائنين، وذلك عبر ما يسمى بتحديث الضمانات[9]. فأية مكانة إذن للدائنين في هذه المسطرة المستحدثة وهل من حظوظ لنجاح هذه الأخيرة في ظل غياب شبه تام لمركز الدائنين فيها؟
كمحاولة للإجابة عن هذه التساؤلات ارتأينا معالجة هذا الموضوع من خلال مطلبين؛ خصصنا المطلب الأول للحديث عن تغييب دور الدائن في تفعيل هذه المسطرة، في حين تطرقنا في المطلب الثاني إلى تغييب هؤلاء في وضع مضامينه وإبداء آرائهم حوله.
المطلب الأول: الدور المغيب للدائن أثناء فتح المسطرة
على خلاف ما هو معمول به بالنسبة لمساطر المعالجة الخالصة، التي تتميز بتعدد الجهات التي يجوز لها التماس وضع المدين في حالة التوقف عن الدفع، فإن أمر تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ يبقى من حق رئيس المقاولة وحده دون أن يشاركه في ذلك أطراف أخرى (الفقرة الأولى)، على اعتبار أن هذه المسطرة وإن كانت تتم تحت إشراف قضاء الموضوع، مثلها في ذلك مثل مساطر المعالجة فإن الطابع الارادي لهذه المسطرة يطغى على هذا الإجراء، وهو ما كان له بالغ الأثر على ممارسة طرق الطعن خاصة بالنسبة للدائنين الذين يعتبرون شركاء مع المقاولة في تجاوز أزماتها (الفقرة الثانية).الفقرة الأولى: استئثار المدين بتقديم الطلب
تنص الفقرة الثانية من المادة 561 من م .ت على أنه: "يودع رئيس المقاولة طلبه لدى كتابة الضبط بالمحكمة المختصة، ويبين نوعية الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة، ويرفقه بالوثائق المنصوص عليها في المادة 577". ويستفاد من هذا المقتضى أن المشرع يخول لرئيس المقاولة الحق في تحريك مسطرة الانقاذ، فهذا الاخير هو الذي يجوز له وحده في ظل القانون المغربي، متى واجهت مقاولته صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها ومن شأنها أن تؤدي بها في وقت قريب إلى التوقف عن الدفع، أن يعرض الأمر على المحكمة قصد فتح مسطرة الإنقاذ، وفي هذا الصدد ذهبت محكمة "ميتز" الفرنسية في حكم لها بتاريخ 17/04/2007 جاء فيه: "لا يقبل طلب فتح مسطرة الإنقاذ المقدم من طرف الدائن"[10].وبناء على ما سبق، يمكن لنا أن نبين مدى الاختلاف الحاصل بين كل من مساطر المعالجة الخالصة -أي التسوية والتصفية القضائية- ومسطرة الإنقاذ، فعلى خلاف هذه الأخيرة التي يقتصر الحق في تقديم طلب افتتاحها على رئيس المقاولة وحده، فإن الملاحظ في هذا الشأن أن مهمة تحريك مساطر المعالجة الخالصة تبقى متاحة لأكثر من طرف، ذلك أنه بالإضافة الى الالتزام الملقى على عاتق رئيس المقاولة بموجب المادة 576 من مدونة التجارة والذي يتعين بمقتضاه على المدين أن يصرح بتوقفه عن الدفع داخل أجل الثلاثين يوما التي تلي هذا التوقف، فانه يمكن أيضا فتح هذه المسطار بمقال افتتاحي للدعوى لأحد الدائنين المتوقف عن دفع ديونهم كيفما كانت طبيعة دينه (المادة 578 من م. ت)، كما أجاز المشرع أيضا للمحكمة أن تضع يدها على المسطرة، اما تلقائيا او بطلب من النيابة العامة او بإحالة من رئيس المحكمة في إطار الصلاحيات التي تخولها له مسطرة الوقاية الخارجية.
وتأسيسا على ذلك فإن التساؤل الذي قد يطرح بهذا الصدد يدور حول دواعي وأسباب تضييق المشرع لنطاق الاشخاص الممكن لهم تقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ، وبعبارة أدق هل كان المشرع على صواب باستبعاده لدائني المقاولة التي تعاني من صعوبات قد تشل قدرتها على الوفاء في المستقبل القريب، من طائفة الأشخاص الذين يجوز لهم تحريك هذه الإجراءات؟
في اعتقادنا، إن تضييق المشرع من لائحة الاشخاص الذين يحق لهم طلب فتح مسطرة الإنقاذ، راجع بالأساس إلى النص الأصلي المأخوذة منه هذه المادة، والمتمثلة أساسا في المادة 1-621 R من القانون الفرنسي، غير أنه إذا كان تضييق هذا الأخير لطائفة الأشخاص المخول لهم حق طلب فتح المسطرة، له ما يبرره كما سنرى في الفقرة الموالية، لا سيما وأن مشروع مخطط الإنقاذ يتم إعداده بمشاركة الطرفين، فإن حصر حق تقديم طلب فتح المسطرة في رئيس المقاولة بالنسبة للتشريع المغربي أمر لا نوافقه.
ذلك أن ترك أمر المبادرة بتقديم طلب فتح مسطرة الإنقاذ رهين بإرادة المدين من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع المالي للمقاولة إذا لم يبادر هذا الأخير في الوقت المناسب إلى تقديم الطلب، نتيجة إهماله أو بفعل تهوينه من حجم الصعوبات التي تهدد المقاولة، لذلك فإن السماح للدائنين بتقديم طلب من هذا القبيل من شأنه أن يسمح بتفادي الانعكاسات السلبية التي قد تنجم عن عدم تقديم المدين للطلب أو التأخر بهذا التقديم.
الفقرة الثانية: محدودية طرق الطعن المخولة للدائن
لقد تميزت مدونة التجارة الجديدة بكثير من مظاهر التجديد في مادة طرق الطعن التي كانت تنقص القانون القديم الملغى، وأحدثت تغييرات جوهرية هامة فيما يخص موضوع طرق الطعن[11]، لكن السؤال المطروح هو ما نصيب الدائن من طرق الطعن هاته خاصة في مسطرة الإنقاذ ؟حدد المشرع من خلال التعديل الأخير طرق الطعن الممكن ممارستها ضد الأحكام الصادرة في مسطرة الإنقاذ وكذا الأشخاص الذين يحق لهم ذلك على سبيل الحصر، عكس النص القديم الذي كان يسمح بممارسة طرق الطعن في الاحكام الصادرة في مسطرة التسوية أو التصفية القضائية بصفة عامة، ودون تحديده للائحة الأشخاص المخول لهم ذلك[12].
من هذه الزاوية، حدد المشرع في المادة 762 من م .ت المقررات الصادرة في مسطرة الإنقاذ التي تقبل الطعن بالاستئناف، وكذا حالات استعمال الدائن لهذا الحق على سبيل الحصر، بحيث يقفل باب الاجتهاد والتوسع في تفسير النص. وعليه، جاء في المادة 762 أعلاه أنه: "تحدد المقررات القابلة للطعن بالاستئناف والجهة المخول لها الطعن فيما يلي:
1- المقررات الصادرة بشأن فتح مسطرة الإنقاذ أو التسوية أو التصفية القضائية، من طرف المدين والدائن، إذا كان هذا الأخير هو من تقدم بطلب فتح المسطرة، ومن طرف النيابة العامة؛
2-...؛
3- المقررات الصادرة بشأن تحويل مسطرة الإنقاذ إلى مسطرة تسوية قضائية أو تصفية قضائية، من طرف المدين والسنديك ومن طرف النيابة العامة؛
4-...؛
5- المقررات الصادرة بشأن حصر مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية، من طرف المدين والسنديك وكذا جمعية الدائنين ومن طرف النيابة العامة؛
6-...؛
7- المقررات الصادرة بشأن تغيير أهداف ووسائل مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية، من طرف المدين والسنديك وجمعية الدائنين ومن طرف النيابة العامة؛
8- المقررات الصادرة بشأن فسخ مخطط الإنقاذ أو الاستمرارية أو التفويت، من طرف المدين والدائن، إذا كان هذا الأخير هو من تقدم بطلب الفسخ، وكذا جمعية الدائنين ومن طرف النيابة العامة؛
..."
هكذا، وإن كانت هذه المادة تبدو في ظاهرها واضحة ولا تحتاج إلى تفسير بخصوص مدى أحقية الدائن في ممارسة الطعن بالاستئناف في المقررات الصادرة في مسطرة الإنقاذ، فإنه بالمقابل ينبغي إبداء بعض الملاحظات حولها:
ــ فأول ملاحظة يمكن إبداؤها بخصوص هذا الموضوع؛ هو أن المشرع ربط حق الدائن في ممارسة الطعن بالاستئناف في المقررات الصادرة في مسطرة الإنقاذ، بمدى مبادرة هذا الأخير في تحريكها، وهي قاعدة تقليدية قديمة تقضي بأن الطعن بالاستئناف لا يقبل إلا من الشخص الذي كان طرفا في الحكم الابتدائي، وهذه القاعدة إن كانت تصلح في المعاملات المدنية بصفة عامة، فإنها لا تصلح في مساطر صعوبات المقاولة لتعلق هذه الأخيرة بالنظام العام الاقتصادي.
ــ أما الملاحظة الثانية؛ تكمن في كون أن المشرع لم يخول للدائن ممارسة الطعن بالاستئناف إلا مرة واحدة؛ تهم فسخ مخطط الإنقاذ إذا كان طلب الفسخ مقدم من قبله، أما بالنسبة للطعن في الحكم الفاتح للمسطرة، فإن المشرع ربطه بالشخص الذي طلب فتح المسطرة، والدائن كما مر معنا ممنوع عليه من مباشرة هذا الإجراء.
ــ أما الملاحظة الثالثة والأخيرة؛ تتجلى في مفارقة غريبة هذه المرة، فإذا كان المشرع خول للدائن حق التقدم بطلب فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية في وجه مدينه المتوقف عن الدفع ومن ثم حق الطعن في الحكم، على اعتبار أن المبادرة جاءت من قبله هذه المرة، انتزع منه هذا الحق الأخير، وذلك في الحالة التي يتم فيها تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية أو تصفية قضائية بناء على طلبه[13]، ذلك أن المشرع لم يضع في حسبانه إلا فرضية واحدة؛ هي أن مسطرة الإنقاذ لا تفتح إلا في وجه المقاولة غير المتوقفة عن الدفع، لكن ماذا لو تقدم الدائن بطلب تحويل هذه المسطرة إلى تصفية أو تسوية قضائية أثناء سريانها، أليس من المعقول أن يمنح للدائن حق ممارسة الطعن في هذه الحالة مادامت المبادرة جاءت من قبله ؟
وما تنبغي الاشارة إليه أيضا بخصوص الطعن بالاستئناف، أن المشرع يتحدث عن جمعية الدائنين، والحال أن هذه الأخيرة لا تتشكل إلا في الأحكام القاضية بالتسوية القضائية مع توفر شروطها، وهو ما من شأنه أن يخلق لبسا في أذهان قراء هذه المادة كما سقط في ذلك أحد الباحثين[14].
أما بالنسبة للطعن بالتعرض، فالملاحظ أن المشرع لم يقم بتنظيمه في القانون الجديد بعدما كان يسمح بجوازه في النص القديم[15]، ومع ذلك فإنه ليس هناك ما يمنع الدائن من ممارسة الطعن بالتعرض في القرار الاستئنافي الصادر في طلب الفسخ إذا كان غيابيا، وذلك طبقا للقواعد المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.
وبخصوص الطعن بالنقض، فالملاحظ أن هذا الطريق من طرق الطعن غير العادية، فكما هو الشأن بالنسبة للتعرض لا يمنح للدائن في مسطرة الإنقاذ إلا في حالة واحدة؛ ويتعلق الأمر بطلب فسخ مخطط الإنقاذ مع استئنافه، على اعتبار أن هذا الطعن لا تجوز ممارسته إلا ممن كان طرفا في الحكم المطعون فيه ومس بمصالحه[16].
بقي لنا تعرض الغير الخارج عن الخصومة وإعادة النظر، فإذا هذا الأخير ممنوع من ممارسته في جميع المقررات الصادرة في مساطر صعوبات المقاولة[17]، فإن تعرض الغير الخارج عن الخصومة، الذي كان ربما سيبقى المسلك الوحيد للدائنين للطعن في المقررات الصادرة في مسطرة الإنقاذ، استعمل المشرع تقنية الإقصاء بخصوصه، حيث لم يخول الطعن به إلا ضد المقررات الصادرة بشأن التسوية والتصفية القضائية وسقوط الأهلية التجارية[18]، مستبعدا بذلك مسطرة الإنقاذ.
وختاما يمكن القول أن القصور الذي لحق طرق الطعن المخولة للدائنين في مسطرة الإنقاذ، جاء نتيجة ارتباك وانعدام رؤيا المشرع بخصوص هذا الموضوع، ذلك أنه سوى بين هذه المسطرة ومسطرة التسوية القضائية عند الحكم بحصر مخطط الاستمرارية، وهو أمر غير مقبول باعتبار أنه إذا كان مخول في المخطط الثاني الطعن فيه من طرف جمعية الدائنين، فإن هذه الأخيرة لا تتشكل في المخطط الأول، وهو ما كان ينبغي عليه أن يخول على الأقل ممارسة هذه الطعون من طرف المراقبين، مادام أمر تعيينهم يشمل حتى مسطرة الإنقاذ.
وإذا كان تبرير المشرع لهذا المنع، يجد سنده ربما في خاصية السرعة التي ينبغي أن تطبع هذه المسطرة، أو كما ذهب إلى ذلك فقيهنا الأستاذ عبد الرحيم شميعة، "إلى تحاشي أي اضطراب ناتج عن الطعون التعسفية، لما من شأنه التأثير غير السليم على السير العادي للمساطر"[19]، فإنه بالمقابل حرمان الدائن من ممارسة طرق الطعن شأنه في ذلك شأن المدين يعد تعسفا في حقه، خاصة إذا ما أخدنا بيعن الاعتبار أن الأحكام الصادرة في مسطرة الإنقاذ مشمولة بالنفاذ المعجل[20]، وخاسر الدعوى يتحمل الصائر..[21].
المطلب الثاني: غياب عدالة تفاوضية في تبني المسطرة
سلك المشرع المغربي في تنظيمه لمسطرة الإنقاذ مسلكا مغايرا عن الذي معمول به في مسطرة التسوية القضائية، فبالإضافة إلى تضييق لائحة الأشخاص الذين يحق لهم تقديم طلب فتح هذه المسطرة في رئيس المقاولة وحده، لكون هذه المسطرة إرادية في آخر المطاف، جعل مشروع مخطط الإنقاذ يتم إعداده مسبقا من قبل هذا الأخير حتى يتم قبول طلبه، وهو عكس مشروع مخطط الاستمرارية أو التفويت الذي يقوم بإعداده مبدئيا السنديك، على أن دور هذا الأخير في مسطرة الإنقاذ يقتصر فقط في محاولة الوقوف حول الوضعية الحقيقية للمقاولة، ومن تم اقتراحه على المحكمة إما قبوله أو تعديله أو رفضه، الأمر الذي من شأنه أن شكل مساسا بحقوق الدائنين، خاصة وأن المقاولة في هذه الحالة تكون غير متوقفة عن الدفع (الفقرة الأولى)، ولم يقف المشرع عند هذا الحد، وإنما جعل المقاولة بمجرد ما يتم قبول الطلب، تتمتع بحصانة قضائية من أي إجراء أو دعوى يقيمها الدائنون على ممتلكاتها (الفقرة الثانية).الفقرة الأولى: عدم إشراك الدائنين في وضع مخطط الإنقاذ
نصت المادة 562 من م .ت على أنه: "يجب على رئيس المقاولة، تحت طائلة عدم القبول، أن يرفق طلبه بمشروع مخطط الإنقاذ.يحدد مشروع مخطط الإنقاذ جميع الالتزامات الضرورية لإنقاذ المقاولة وطريقة الحفاظ على نشاطها وعلى تمويله، بالإضافة إلى كيفيات تصفية الخصوم، والضمانات الممنوحة قصد تنفيذ مشروع المخطط المذكور".
من هذه المادة يظهر أن المشرع جعل أمر إعداد مشروع مخطط الإنقاذ، بيد رئيس المقاولة وحده دون مساعدة أحد، والذي ينبغي أن يحدد فيه جميع العناصر الضرورية التي من شأنها تنوير قناعة المحكمة وإعطائها صورة صحيحة عن وضعية المقاولة، كالالتزامات الضرورية من أجل إنقاذ المقاولة والوسائل التي من شأنها أن تحافظ على استمرارية النشاط، وكذا تصفية الخصوم وضمانات تنفيذ المخطط[22].
والمشرع المغربي بسلوكه هذا النهج، يكون قد اختلف في ذلك مع نظيره الفرنسي بخصوص كيفية إعداد المخطط، إذ تعتبر مسطرة الإنقاذ حسب هذا الأخير إمكانية معطاة لرئيس المقاولة للدخول في مفاوضات مع الدائنين من أجل وضع مخطط تنظيم الديون، وبذلك يكون دور المحكمة محدود خلال إعمال هذه المسطرة، كما لو أننا أمام مساطر الوقاية، حيث أن الدور الرئيسي لتطوير واعتماد مخطط الإنقاذ يرجع لجماعة الدائنين[23].
لهذا الغرض، حت المشرع الفرنسي على تكوين لجنتين للدائنين عند افتتاح هذه المسطرة، لجنة مؤسسات الائتمان ولجنة الموردين، حيث يفتح باب الحوار والمناقشة بين هذه اللجان والمدين الفاتح للمسطرة حول مشروع مخطط الإنقاذ[24]، ذلك أن إشراك الدائنين في هذه المسطرة، سيكون لهم دور مهم في جميع مراحلها، لكونهم الوسيلة الأساسية لإنجاح مخطط الإنقاذ وتنفيذه.
وبذلك يكون المشرع الفرنسي قد منح الدائنين سلطة وتأثيرا حاسما على نتيجة المخطط في مسطرة الإنقاذ[25]، عكس المشرع المغربي الذي لم يعر لهم أي اهتمام باستثناء الاستشارة الفردية أو الجماعية حول التخفيضات والزيادة في الأجل لا غير.
ومن المستحسن لو أو أن المشرع المغربي سار على نهج نظيره الفرنسي، وترك أمر إعداد المخطط أثناء فترة الملاحظة بين المقاولة التي تعاني من صعوبات من شأنها أن تؤدي بها في وقت قريب إلى التوقف عن الدفع وبين الدائنين الذين يتوقف مآل المقاولة في هذه الحالة بين أيديهم، وذلك عن طريق خلق لجان للتوريد بالسلع والخدمات وكذا لجان تمويل المقاولة خلال هذه المرحلة، في إطار مقاربة تشاركية تراعي جميع المصالح المرتبطة بالمقاولة.
الفقرة الثانية: استفادة المقاولة من الحصانة القضائية
حفاظا على كيان المقاولة وحمايتها من خطر التوقف عن الدفع، رتب المشرع على صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ مجموعة من الآثار، والتي تعتبر من جهة مساسا بحق الدائنية[26]، ومن جهة ثانية تحصين المقاولة من كل إجراء تعسفي قد يشل استمرارية استغلالها.هكذا، يترتب على صدور حكم فتح المسطرة منع الدائنين الناشئة ديونهم قبل صدوره، من القيام بأي إجراء أو دعوى قضائية ترمي إلى الحكم على المقاولة بأداء مبلغ مالي أو فسخ العقد لعدم أداء مبلغ مالي، كما يوقف الحكم ويمنع كل إجراء تنفيذي يقيمه هؤلاء الدائنون سواء على منقولات المقاولة أو عقاراتها[27].
ومنعا لاستنزاف الأموال التي تحتاجها المقاولة، وتفاديا لتضاعف ديونها بتزايد الفوائد، يوقف حكم فتح المسطرة سريان الفوائد القانونية والاتفاقية وكذا فوائد التأخير وكل زيادة الدين الأصلي[28] الناشئ قبل صدور الحكم المذكور، أما الديون الناشئة بعده فلا يسري عليها هذا الوقف، فبدون هذا الاستثناء أو الإعفاء لن تتقدم أية مؤسسة بنكية أو مالية أو أحد الأشخاص لتمويل مقاولة تعاني من صعوبات، ومحكوم عليها بمسطرة من مساطر المعالجة القضائية عن طريق قروض دون فوائد، فالاقتصاد لا يعرف معنى الصدقة[29].
ومن أجل تجنب التوقف عن الدفع يتم القيام باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمحاولة ضبط خصوم المقاولة وتحسين أصولها[30]، كاستمرار العقود الجارية ومنع الأداءات الفردية ومن تقييد الرهون والامتيازات[31] والحصول على إذن من القاضي المنتدب لتقديم هذه الرهون[32].
أما رئيس المقاولة فيبقى حرا في إدارة مقاولته[33]، إذ لا يمكن للحكم القاضي بفتح المسطرة أن يسلب التسيير من رئيس المقاولة، بحيث يبقى هذا الأخير في جميع الأحوال هو المختص بذلك[34]، خلافا لمسطرة التسوية القضائية التي يمكن للحكم القاضي بفتها أن يبقي رئيس المقاولة مكلفا تحت مراقبة السنديك أو يكلف هذا الأخير بمساعدة رئيس المقاولة في جميع الأعمال التي تخص التسيير أو في بعضها، كما يمكن أن يكلف لوحده بالتسيير الكلي أو الجزئي للمقاولة[35]، وخلافا أيضا لمسطرة التصفية القضائية التي يترتب عنها غل يد المدين من التصرف في أمواله وإدارتها لفائدة السنديك.
ختاما يمكن القول أن هذه الحصانة، وإن كانت تخدم المقاولة وتجنبها خطر التوقف عن الدفع، وذلك لاعتماد المشرع على تقنية الوقاية والعلاج المبكر لإنقاذ المقاولة قبل توقفها عن أداء ديونها، فإنه بالمقابل يمكن أن يترتب عن هذه الحصانة آثار وخيمة أكثر من قيمتها، تتمثل في توقف دائني هذه المقاولة عن دفع ديونهم المقابلة من جراء حرمانهم من مطالبة المقاولة بديونهم الحالة.
خــــاتمة:
في نهاية هذه المقالة المتواضعة، لا يبقى لنا سوى التأكيد على أن الدائن يعتبر عن حق، العمود الفقري والقلب النابض لمساطر صعوبات المقاولة في شموليتها، ذلك أنه لا يمكن الحديث عن وقاية المقاولة ومعالجتها دون الحضور القوي للدائنين فيها، كما يعتبر من جهة أخرى من أكبر ضحايا نظام مساطر صعوبات المقاولة، فرغبة المشرع في الحفاظ على استمرارية نشاط المقاولة وتأمين استغلالها، جعلته لا يتردد في التضحية بحقوق الدائنين ومصالحهم لفائدتها من منطلق المصلحة العامة، وما لترتيب الدائنين في آخر الأهداف المرجوة من هذه المساطر إلا خير ذليل على ذلك.
وفي انتظار تعديل تشريعي مقبل، فإنه ينبغي قبل كل شيء إعادة النظر في هذا التنظيم المحتشم لوضعية الدائنين في مسطرة الإنقاذ وذلك من خلال السماح لهم بتحريك هذه المسطرة وممارسة كل طرق الطعن المخولة للمدين فيها، هذا إلى جانب المشاركة في إعداد مخطط الإنقاذ مع رئيس المقاولة تحت إشراف القضاء التجاري، والعدول عن تقنية الاستشارة الفردية أو الجماعية فيما يخص هذه المسطرة الإرادية والانفتاح على مؤسسة جمعية الدائنين، على اعتبار أن نجاح المخطط في آخر المطاف، هو مرهون بالدرجة الأولى على قبول الدائنين، فبدون ضمانات قوية وخلق نوع من الحوار الفعال منذ بداية المسطرة، سيكون محكوم عليها بالفشل لا محالة.
انتهى بعون الله وحمده
[1]- أما التوقف عن الدفع فهوا من باب تحصيل حاصل، لأنه يكون في هذه الحالة يطالب بمديونيته بالدرجة الأولي.
[2]- خاصة عندما يتهاون رئيس المقاولة أو يستهين بحجم الصعوبات التي تعترض مقاولته، لذلك فإنه من باب أولى فتح الباب أمام الدائن باعتباره متعامل مع المقاولة، ومن ثم على دراية بنوعية الصعوبات التي تواجه المقاولة.
[3]- خاصة فرنسا باعتبارها المصدر التاريخي لقانوننا، وباقي التشريعات الأوروبية و العربية وإن اختلفت هذه التشريعات في الوسائل والطرق فان الغاية واحدة.
[4]- للإشارة عدم إلزامية تراتبية هذه المساطر.
[5]- أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة، ومساطر معالجتها، الجزء الأول، الطبعة الثانية، مطبعة المعرف الجديدة الرباط، 2000، ص 153.
[6]- على اعتبار ان الاحصائيات تؤكد ان اكثر من 90 % من المقاولات تنتهي بالتصفية القضائية ، المذكرة التقديمية للقانون رقم 73.17، ص 2.
[7]- القانون القديم الملغى لسنة 1913.
[8]- قصدنا بذلك أنه فتحت في مواجهته مسطرة التسوية وليس التصفية القضائية، على اعتبار ان هذه الاخيرة في ظل القانون الملغى كانت لا تفتح الا في وجه التاجر حسن النية سيء الحظ.
[9]- لبنى بوهمتاين، مسطرة الإنقاذ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، جامعة محد الخامس-الرباط، السنة الجامعية 2014-2015، ص 39.
[10]- أورده علال فالي، التعليق علي قانون مساطر صعوبات المقاولة علي ضوء 20 سنة من القضاء التجاري، الطبعة الأولي، مطبعة المعارف الجديدة-الرباط، 2018، ص 30.
[11] - أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات...، الجزء الثاني، م س، ص 247.
[12]- المادتين 729 و 730 من قانون 1996.
[13]- ذلك أن حكم فتح مسطرة الإنقاذ وإن كان يمنع من مباشرة بعض الدعاوى والاجراءات أثناء فترة الملاحظة، فإنه لا يمنع من تقديم الدائن لطلب فتح مسطرة التسوية او التصفية القضائية إذا ثبت توقف المقاولة عن الدفع، لأن الطلب في هذه الحالة لا يرمي إلى استخلاص مبالغ مالية من المقاولة، بقدر ما هو إجراء مستقل يمكنه اللجوء إليه مادام التوقف عن الدفع قائما، وذلك لتعلق هذا الإجراء بالنظام العام.
[14]- منال منصور، النظام القانوني لمسطرة الإنقاذ على ضوء مستجدات القانون رقم 73.17، مقال منشور بمجلة المهن القانونية والقضائية، العدد الثاني، م س، ص 36.
[15]- تنص المادة 729 من الكتاب الخامس الملغى على أنه: "يتم التعرض وتعرض الغير الخارج عن الخصومة ضد المقررات الصادرة بشأن التسوية والتصفية القضائية...بتصريح لدى كتابة ضبط المحكمة داخل أجل عشرة أيام من تاريخ النطق بالمقرر القضائي أو نشره في الجريدة الرسمية إذا كان من اللازم إجراء هذا النشر".
[16]- قرار محكمة النقض عدد 4941، المؤرخ في 13/11/2012، في الملف المدني عدد 1876/1/1/2011،(غير منشور)، أورده أحمد حموش، تأثير وصف الحكم على ممارسة طرق الطعن، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 139، 2013، ص 57.
[17]- الفقرة الثانية من المادة 766 من م ت.
[18]- المادة 763 من م .ت
[19]- عبد الرحيم شميعة، شرح احكام نظام مساطر صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17، دذط، مطبعة مكتبة سجلماسة، السنة 2018، ص 186.
[20]- المادة 761 من م .ت.
[21]- الفقرة الأولى من المادة 124 من ق .م .م.
[22]- Mattieu Banal, les effets de la nouvelle loi de sauvegarde des entreprises sur le comportement crédit des banques, mémoire majeure finance, HEC paris, mai 2006, p 18.
[23]- CAVIGLIOLI Christian et LAUTRETTE Laurence, Le sort des contrats de travail dans la loi de sauvegarde des entreprises, petites affiches N° 35 (Numéro spécial), édition quotidienne des journaux judiciaires associes Francs, 17 février 2006, p 23
[24]- NAHID LYAZAMI, La prévention des difficultés des entreprises : étude comparative entre le droit français et le droit marocain, Thèse pour le doctorat en droit privé, Université de Toulon Français, 2013, P 171 .
[25] -NAHID LYAZAMI, La prévention des difficultés des entreprises : étude comparative entre le droit français et le droit marocain, op cit, P 172.
[26]- وهي نفس الآثار التي تترتب عن صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية.
[27]- المادة 686 من مدونة التجارة.
[28]- المادة 692 من مدونة التجارة.
[29]- أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات...، الجزء الثالث، م س، ص 243.
[30]- منال منصور، م س، ص 34.
[31]- المادة 689 من مدونة التجارة.
[32]- المادة 594 من مدونة التجارة.
[33]-NAHID LYAZAMI, La prévention des difficultés des entreprises : étude comparative entre le droit français et le droit marocain, op cit, P 160.
[34]-المادة 566 من مدونة التجارة.
[35]- المادة 592 من مدونة التجارة.