الدكتور إدريس الفاخوري
أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق، جامعة محمد الأول وجدة
لعل من أهم مميزات دستور 2011 توسيع اختصاصات البرلمان المغربي في المجال التشريعي وهي الوظيفة الأساسية المنوطة بهذا الجهاز، وقبل التطرق لمظاهر هذا التوسع سواء في سن التشريع العادي (الفقرة الثانية ) أو في التصديق على المعاهدات ( الفقرة الثالثة ) أو في وضع القوانين التنظيمية ( الفقرة الرابعة ) أو مراجعة الدستور (الفقرة الخامسة ) نشير بداية الى مراتب التشريع أو ما يسمى بتدرج التشريع ( الفقرة الأولى )
الفقرة الأولى : تــــــــدرج التشريــــع
يذهب الفقه عادة إلى القول بأن التشريع يتميز بظاهرة تدرجه إلى ثلاث درجات بعضها فوق بعض، فالدستور هو التشريع الأساسي في الدولة وهو أقوى درجات التشريع وأهمها وأعلاها في المرتبة ، ويليه في الدرجة التشريع العادي الصادر أصلا عن السلطة التشريعية أو سلطات أخرى يعطي لها الدستور صلاحية إصداره ، ثم يليه في الدرجة الأدنى التشريع الفرعي الصادر عن السلطة التنفيذية .
والتدرج يؤدي إلى وجوب تقييد القاعدة القانونية الدنيا بالقاعدة الأعلى درجة، فالتشريع الفرعي يجب أن لا يخالف التشريع العادي ولا الدستور، والتشريع العادي يجب أن لا يخالف الدستور، وهذا ما يدعو إلى إقامة رقابة على صحة التشريع للتأكد من مطابقة الأدنى للأعلى سواء من حيث الشكل أو من حيث الموضوع. فمن الناحية الشكلية يجب أن تتوفر في القاعدة القانونية الدنيا جميع الشروط وكافة الإجراءات الشكلية المنصوص عليها في القاعدة العليا كضرورة صدور القاعدة طبقا لإجراءات معينة أو صدورها عن سلطة خاصة... أما من حيث الموضوع فانه لا يمكن للقاعدة الدنيا أن تتضمن مقتضيات تعدل أو تخالف مقتضيات القاعدة الأعلى .
وإذا كانت اغلب مؤلفات المدخل لدراسة القانون تصنف قواعد التشريع بحسب أهميتها وقوتها بحيث تجعل في القمة القواعد الدستورية ثم التشريع العادي الذي يطلق عليه أيضا لفظ القانون بالمعنى الضيق ثم التشريع الفرعي ، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى تصنيف آخر لهذا التدرج التشريعي وتجعله على الشكل التالي:
1 - إعلان حقوق الإنسان: وهي مبادئ عامة للقانون ، وهي حقوق لصيقة بالإنسان كالحق في الحياة والحرية والتعليم ... واغلب الدول الحديثة تنص على هذه الحقوق في ديباجة دساتيرها وتعطي لها الأولوية نظرا لأهمية هذه الحقوق ، وقد نص الدستور المغربي لسنة 1992 في ديباجته على أن المملكة المغربية تؤكد تمسكها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا) ، وهذا ما أكده أيضا دستور 13 شتنبر 1996 الأمر الذي جعل مسألة حقوق الإنسان في المغرب تقطع مرحلة هامة ، كما أن ديباجة الدستور لسنة 1996 تلزمنا كما يرى البعض: ((الاعتداد بما يسمى بالجيل الثالث )) وان حقوق الإنسان أصبحت تفرض نفسها على الصعيد الدولي وهي ترتكز أساسا على فكرة التضامن والحق في التواصل والتراث المشترك للإنسانية.
وتم التنصيص أيضا على هذه المقتضيات في دستور 2011 إذ ورد في التصدير :" وإدراكا منها لضرورة تقوية الدور الذي تضطلع به على الصعيد الدولي ، فإن المملكة المغربية العضو العامل النشيط في المنظمات الدولية تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات ، وتؤكد تشبثها بحقوق الانسان كما هي متعارف عليها عالميا ..."
2 - الدستــــــور: وهو مجموعة القواعد الأساسية التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها وتوزيع السلطات والهيئات وعلاقاتها ببعضها ، وتبين الحريات العامة ...الخ ( تراجع مؤلفات القانون الدستوري )
3 - المعاهدات الدولية : وهي اتفاقية توقع عليها الدولة بكامل سيادتها مع دولة أخرى أو مجموعة من الدول أو هيئة أو مؤسسة دولية، وقد قام نقاش حاد بين رجال الفقه والقضاء حول أسبقية المعاهدة على القانون أو العكس عند التعارض ، وهكذا نجد في فرنسا مثلا أسبقية المعاهدات الدولية المصادق عليها من طرف البرلمان على القوانين العادية الصادرة عن هذا الأخير بمقتضى المواد 53 إلى 55 من الدستور. ولم يوجد نص صريح في كل الدساتير المغربية حول أسبقية المعاهدة الدولية على التشريع العادي أو العكس وأوضح الفصل 31 من الدستور المغربي لسنة 1996المبدأ العام القاضي بإسناد صلاحية التوقيع والمصادقة على المعاهدات إلى الملك، ونص أيضا على أن المعاهدات التي تلزم مالية الدولة لا يمكن المصادقة عليها إلا بعد موافقة عليها بقانون.
ولأول مرة يتم التنصيص صراحة في دستور 2011 على سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية وهكذا ورد في التصدرير على " جعل الاتفاقيات الدولية ، كما صادق عليها المغرب ، وفي نطاق أحكام الدستور ، وقوانين المملكة ، وهويتها الوطنية الراسخة ، تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية ، والعمل على ملائمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة " . وهكذا تسمو المواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب على التشريعات الوطنية .
الفقرة الثانية : مجال التشريعي العادي في دستور 2011
التشريع العادي أو القانون بالمعنى الضيق هو مجموعة من القواعد القانونية المكتوبة التي تنظم مختلف شؤون الحياة في المجتمع ويقوم الدستور بتعيين السلطة المختصة بسن هذا التشريع .
والأصل أن السلطة التشريعية هي المختصة بسن التشريع العادي ومع ذلك نجد في بعض الحالات تحل السلطة التنفيذية محل السلطة التشريعية في إصدار هذه التشريعات .
والمبدأ العام المكرس في الدساتير المغربية الخمسة هو أن القانون تضعه السلطة التشريعية، فالفصل 44 من دستور 1992 ينص صراحة على أنه: ((يصدر القانون عن مجلس النواب بالتصويت )) وهذا ما أكده أيضا دستور 13 شتنبر 1996 في الفصل 45 .
وينص الفصل 70 من دستور 2011 على أنه : " يمارس البرلمان السلطة التشريعية "
قبل صدور دستور 1962 كان المغرب يعيش في ظل نظام دمج السلط فباستثناء السلطة القضائية كانت جميع السلط في يد رئيس الدولة إذ كان يمارس السلطتين معا التنفيذية والتشريعية وكان للعلماء دور هام إذ كانوا يشرعون مباشرة في الميادين الخاضعة تقليديا للشريعة الإسلامية وكانوا يستفتون لزوما بالنسبة للميادين الأخرى الخاضعة للظهير السلطاني، وفي عهد الحماية أسندت السلطة التشريعية للسلطان فكان يتخذ في شكل ظهير كل التدابير العامة والفردية، التنظيمية والتشريعية وحتى (( بعد الاستقلال كان نظام الحكم في المغرب نظاما مطلقا وكان الملك باعتباره صاحب السيادة يجمع بين يديه السلطتين التشريعية والتنفيذية ولم يكن بمقدور المحاكم مراقبتها عن طريق مراقبة شرعية الظهائر))
ولما صدر الدستور الأول في 14 دجنبر 1962 تم لأول مرة في المغرب الفصل دستوريا بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وكانتا بيد الملك - وذلك بإسناد الأولى إلى البرلمان وأسندت السلطة التنظيمية إلى الحكومة وبالتالي تم الفصل بين القانون واللائحة " La loi et le réglement " .
كما أن الدساتير المغربية المتعاقبة لسنوات 1970 و 1972 وكذلك دستور 1992 ودستور 1996 قد ميزت بين مصدرين هامين وأساسيين للقاعدة القانونية وهما: القانون واللائحة. وإذا كانت القاعدة العامة في الدساتير المغربية الخمسة أن القانون يصدر عن البرلمان كما يقضي بذلك صريح الفصل 44 من دستور 1992 والذي أصبح الفصل 45 في دستور 1996 وأصبح الفصل 70 في دستور 2011 فإن هذه القاعدة ليست مطلقة وإنما تعرف بعض الاستثناءات إذ قد يصدر القانون عن الحكومة كما يمكن أن يصدر عن الملك في حالات خاصة.
إن نطاق التشريع العادي لا يتناول جميع مظاهر الحياة في المجتمع المغربي، بل إن الدستور المغربي وزع هذا التنظيم بين التشريع العادي الذي يسنه البرلمان وبين النصوص التنظيمية الصادرة عن الحكومة باعتبارها سلطة تشريعية فرعية لذلك يسمى ما ينضوي تحت لواء التشريع العادي بالقانون بينما يسمى ما يدخل في إطار التشريع الفرعي بالسلطة التنظيمية أو اللائحة .
إن مراجعة دستور13 شتنبر 1996 جاءت بإحداث مجلس المستشارين وإعطاءه صلاحيات مهمة بجانب مجلس النواب، ومن ثم تغير هيكلة البرلمان المغربي بتبني نظام المجلسين عن طريق إحياء مجلس المستشارين الذي عرفه المغرب في دستور 1962 . وقد أكد الفصل 60 من دستور 2011 على أن البرلمان المغربي يتكون من مجلسين ، مجلس النواب ومجلس المستشارين .
و أصبح التشريع حقا مشتركا بين غرفتي البرلمان سواء من حيث اقتراح قوانين جديدة أو من حيث تعديل اقتراح قانون تقدمت به الغرفة الأخرى أو مشروع قانون ، وفي الغالب فإن المشاريع والمقترحات ستعرض أولا على مجلس النواب ثم بعد ذلك تحال على مجلس المستشارين وذلك أسوة بالتجربة الفرنسيــة الحاليــة، والتجربـــة
المغربية طبقا لدستور 1962 وتجارب عدة دول برلمانيـــة) .
وقد نص الفصل 78 من دستور 2011 على أنه تودع مشاريع القوانين بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب ، غير أن مشاريع القوانين المتعلقة على وجه الخصوص بالجماعات الترابية وبالتنمية الجهوية ، وبالقضايا الاجتماعية تودع بالأسبقية لدى مكتب المستشارين .
ويخص الدستور المغربي على وجه التحديد المواد الراجعة للقانون ويتعلق الأمر هنا باختصاص استثنائي ،أما الاختصاص التنظيمي فانه اختصا ص عام، ففي دستور 1970 يلاحظ اتساع مجال اللائحة على حساب القانون ، وأعاد دستور 1972 تنظيم مجالي القانون واللائحة حيث تم توسيع المجال التشريعي على حساب المجال التنظيمي، وتم تقليص السلطة التنظيمية للملك لفائدة السلطة التنظيمية للوزير الأول ولكن الاختصاص التشريعي بقي اختصاصا استثنائيا بالمقارنة مع اختصاصات السلطة التنظيمية للحكومة، فالفصل 46 من دستور 1972 ينص على أن المسائل التي لا يشملها اختصاص القانون يختص بها المجال التنظيمي، ونفس المبدأ كرسه أيضا دستور 1992 ونص عليها أيضا الفصل 47 من دستور 1996، .
وأعاد الفصل 72 من دستور 2011 نفس المقتضيات بالنص على أنه : " يختص المجال التنظيمي بالمواد التي لا يشملها اختصاص القانون " .
ولا يجوز للبرلمان أن يتجاوز حدود اختصاصه فيما يصدره من قوانين وإذا قدم إليه اقتراح قانون يخرج عن دائرة اختصاصه فانه يجوز للحكومة أن تدفع بعدم قبول هذا الاقتراح وفي حالة الخلاف بين الحكومة والبرلمان يتدخل المجلس الدستوري لحسم النزاع في ظرف ثمانية أيام بطلب من مجلس النواب أو من الحكومة طبقا للفصل 52 من دستور 1992 والفصل 53 من دستور 1996 .
ونص الفصل 79 من الدستور لسنة 2011 على أنه : " للحكومة أن تدفع بعدم قبول كل مقترح أو تعديل لا يدخل في مجال القانون .
كل خلاف في هذا الشأن تبت فيه المحكمة الدستورية في أجل ثمانية أيام بطلب من أحد رئيسي المجلسين أو من رئيس الحكومة " .
وبالرغم من كون اختصاص البرلمان في المجال التشريعي اختصاص استثنائي ولكن المواد الراجعة للقانون مواد أساسية وهامة لأنها تتعلق أساسا بحقوق وحريات الأفراد وتهتم بالمصالح الحيوية للبلاد، وقد حدد الفصل 46 من دستور 1996 مجموعة من المسائل التي تدخل في اختصاص البرلمان، كما يختص البرلمان بالإضافة إلى ذلك بأمور أخرى اسندها إليه الدستور صراحة منها : التصديق على المعاهدات وإصدار القوانين التنظيمية وإمكانية مراجعة الدستور وهذه المقتضيات ورد عليها النص في دستور 1992 وقد أضاف دستور 1996 اختصاصات جديدة للبرلمان في المجال التشريعي .
وتم توسيع مجال القانون في ظل دستور 2011 ليرتفع عدد مواده ولاسيما ما تعلق بالضمانات في مجال الحقوق والحريات والعفو العام والتقطيع الانتخابي ومجالات الحياة المدنية والاقتصادية والاجتماعية
إن توسيع سلطات البرلمان في المجال التشريعي يعد من أبرز المستجدات التي أتى بها دستور 2011 حيث يمارس البرلمان السلطة التشريعية بشكل واسع ويصوت على القوانين ويراقب عمل الحكومة ويقيم السياسات الحكومية ، كما تم لأول مرة ضبط مجال التشريع بدقة من خلال توسيع صلاحيات البرلمان والانتقال من 20 اختصاص الى 40 اختصاص لسن قوانين ذات أهمية وشاملة لمختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية و...الخ .
وكان الفصل 46 من دستور 1996 ينص على انه : (( يختص القانون بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور بالتشريع في الميادين الآتيــــة :
- الحقوق الفردية والجماعية المنصوص عليها في الباب الأول من
هذا الدستور
- تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها والمسطرة الجنائية والمسطرة
المدنية وإحداث أصناف جديدة من المحاكم .
- النظام الأساسي للقضاة
- النظام الأساسي للوظيفة العمومية
- الضمانات الأساسية للوظيفة العمومية
- الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين
- النظام الانتخابي لمجالس الجماعات المحلية
- نظام الالتزامات المدنية والتجارية
- إحداث المؤسسات العمومية
- تأميم المنشآت ونقلها من القطاع العام إلى القطاع الخاص .
للبرلمان صلاحية للتصويت على قوانين تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية )).
أما الفصل 71 من دستور 2011 فإنه يضيف عدة مقتضيات ذات أهمية بالغة بالنص على ما يلي :
(( يختص القانون بالإضافة الى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور ، بالتشريع في الميادين التالية :
- الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في التصدير ، وهي فصول أخرى من هذا الدستور
- نظام الأسرة والحالة المدنية
- مبادئ وقواعد المنظومة الصحية
- نظام الوسائط السمعية البصرية والصحافة بمختلف أشكالها
- العفو العام
- الجنسية ووضعية الأجانب
- تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها
- التنظيم القضائي وإحداث أصناف جديدة من المحاكم
- المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية
- نظام السجون
- النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية
- الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين
- نظام مصالح وقوات حفظ الأمن
- نظام الجماعات الترابية ومبادئ تحديد دوائرها الترابية
- النظان الانتخابي للجماعات الترابية ومبادئ تقطيع الدوائر الانتخابية
- النظام الضريبي ووعاء الضرائب ، ومقدارها وطرق تحصيلها
- النظام القانوني لإصدار العملة ونظام البنك المركزي
- نظام الجمارك
- نظام الإلتزامات المدنية والتجارية ، وقانون الشركات والتعاونيات
- الحقوق العينية وأنظمة الملكية العقارية العمومية والخاصة والجماعية
- نظام النقل
- علاقات الشغل ، والضمان الإجتماعي ، وحوادث الشغل ، والأمراض المهنية
- نظام الأبناك وشركات التأمين والتعاضديات
- نظام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
- التعمير وإعداد التراب
- القواعد المعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة
- نظام المياه والغابات والصيد
- تحديد التوجهات والتنظيم العام لميادين التعليم والبحث العلمي والتكوين المهني
- إحداث المؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام
- تاميم المنشآت ونظام الخوصصة
الفقرة الثالثة : التصديق على المعاهدات
وورد في الفقرة الثانية من الفصل 55 من دستور 2011 على أنه : يوقع الملك على المعاهدات ويصادق عليها ، غير أنه لا يصادق على معاهدات السلم أو الإتحاد ، أو التي تهم رسم الحدود ، ومعاهدات التجارة ، أو تلك التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة أو يستلزم تطبيقها إتخاذ تدابير تشريعية ، أو بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين ، العامة أو الخاصة إلا بعد الموافقة عليها بقانون.
الفقرة الرابعة : القوانين التنظــيميـــة
وتختلف القوانين التنظيمية عن غيرها من القوانين الصادرة عن البرلمان من حيث مسطرة وضعها ومن حيث أهميتها ، فمن حيث الأهمية تعتبر أعلى درجة من القانون نظرا لتعلقها بتنظيم المؤسسات الدستورية ومن هنا تعتبر هذه القوانين امتدادا وتكميلا لنصوص الدستور تكتسب أحيانا الاستقلال في تشريع بعض القواعد التي لها الصفة الدستورية في الأصل ولم يتناولها الدستور ولكنه أحال في شأنها على هذه القوانين التنظيمية.
ولكن ارتباط القوانين التنظيمية بالدستور لا يعني أبدا أنها في درجة واحدة أو من نفس طبيعته وأيضا فان مسطرة وضع هذه القوانين تختلف عن مسطرة وضع الدستور ، وقد حدد الفصل 58 من دستور 1996 مسطرة وشروط سن القوانين التنظيمية وتغييرها وهي :
أ- إن المجلس الذي يعرض عليه أولا مشروع أو اقتراح قانون تنظيمي لا يمكن أن يتداول فيه أو يصوت عليه إلا بعد مرور 10 أيام على تاريخ إيداعه لديه.
ب- يجب أن يتم إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين باتفاق بين مجلسي البرلمان على نص موحد .
ج - لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية إلا بعد أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور .
وقد نصت الفقرة الثانية من الفصل 132 من الدستور الجديد على أنه تحال إلى المحكمة الدستورية القوانين التنظيمية قبل اصدار الأمر بتنفيذها والأنظمة الداخلية لكل من مجلس النواب ومجلس المستشارين قبل الشروع في تطبيقها لتبت في مطابقتها للدستور .
هذا ويحيل دستور 1996 على تسع قوانين تنظيمية ، أما دستور 2011 فقد وسع من دائرة القوانين التنظيمية لتصل الى 26 قانون تنظيمي مع التنصيص على وضع آجال ملزمة لإصدار هذه القوانين التنظيمية الأمر الذي لم تعرفه كل الدساتير السابقة بدليل الفصل 14 المتعلق بالحق في الاضراب والذي يحيل على قانون تنظيمي سيصدر مستقبلا ولم يصدر هذا النص مطلقا .
الفقرة الخامسة: مراجعة الدستـــور
أما الدستور الجديد فقد تضمن تقريبا نفس المقتضيات بالنص في الفصل 172 على أنه للملك ولرئيس الحكومة ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين ، حق اتخاذ المبادرة قصد مراجعة الدستور .
للملك أن يعرض مباشرة على الاستفتاء المشروع الذي أتخذ المبادرة بشأنه ، ويضيف الفصل 173 بأنه لاتصح الموافقة على مقترح مراجعة الدستور الذي يتقدم به عضو أو أكثر من أعضاء أحد مجلسي البرلمان إلا بتصويتى أغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم .
يعرض المقترح الذي يتقدم به رئيس الحكومة على المجلس الوزاري بعد التداول بشأنه في مجلس الحكومة ....الخ.
وهكذا وسع دستور 2011 من مجال القانون على حساب المجال التنظيمي .