عرفت حقوق المعارضة البرلمانية تقييدا من طرف المشرع الدستوري على مدار التجربة الدستورية التي عرفها المغرب طيلة ما يقارب النصف قرن، ابتدءا من دستور 1962، حتى دستور 1996 ،وفي ظل دستور 2011 تم الارتقاء بحقوق المعارضة البرلمانية ودسترتها وهذا يدل على وجود ارادة حقيقية في تعزيز وتفعيل وظائفها في النسق الدستوري،ومنحها المكانة الدستورية التي تستحقها.فالمعارضة تشكل الأقلية البرلمانية التي تمثل قطاعا من المجتمع وعليه يجب ان يتم الاستماع إليها وأن تحترم آرائها وهمومها ومصالحها.
وتعتبر دسترة حقوق المعارضة خطوة ايجابية نحو تكريس معطى مأسسة المعارضة البرلمانية،وتمكينها من وسائل العمل البرلماني ،وتعزيز التوازن على مستوى اللعبة البرلمانية بجعلها مؤسسة فعلية للحد من طغيان الأغلبية على الاقلية .
ينص الفصل 10 من دستور 2011 على مايلي:
"يضمن الدستور للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا، من شأنها تمكينها من النهوض بمهامها، على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية.
ويضمن الدستور، بصفة خاصة، للمعارضة الحقوق التالية:
- حرية الرأي والتعبير والاجتماع;
- حيز زمني في وسائل الإعلام الرسمية يتناسب مع تمثيليتها;
- الاستفادة من التمويل العمومي، وفق مقتضيات القانون;
- المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، لاسيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان;
- المشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، لاسيما عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، واللجان النيابية لتقصي الحقائق;
- المساهمة في اقتراح وانتخاب الأعضاء المترشحين لعضوية المحكمة الدستورية;
- تمثيلية ملائمة في الأنشطة الداخلية لمجلسي البرلمان;
- رئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب;
- التوفر على وسائل ملائمة للنهوض بمهامها المؤسسية;
- المساهمة الفاعلة في الدبلوماسية البرلمانية، للدفاع عن القضايا العادلة للوطن ومصالحه الحيوية.
- المساهمة في تأطير وتمثيل المواطنات والمواطنين، من خلال الأحزاب المكونة لها، طبقا لأحكام الفصل 7 من هذا الدستور;
- الحق في ممارسة السلطة عن طريق التناوب الديمقراطي، محليا وجهويا ووطنيا، في نطاق أحكام الدستور;
يجب على فرق المعارضة المساهمة في العمل البرلماني بكيفية فعالة وبناءة.
تحدد كيفيات ممارسة فرق المعارضة لهذه الحقوق، حسب الحالة، بموجب قوانين تنظيمية أو قوانين أو بمقتضى النظام الداخلي لكل مجلس من مجلسي البرلمان. "
من خلال تحليل هذا الفصل يتضح لنا تعزيز القدرة التشريعية للمعارضة(اولا)،وتفعيل دورها الرقابي(ثانيا)،والمشاركة في عمل اللجان(ثالثا)،والحق في ممارسة الدبلوماسية البرلمانية(رابعا)،والحق في احالة القوانين على المحكمة الدستورية(خامسا).
اولا: حق المشاركة في العملية التشريعية.
ان اشراك المعارضة البرلمانية في المسطرة التشريعية،تقتضيه ديمقراطية العملية التشريعية،من خلال منحها الحق في المبادرة التشريعية في اقتراح القوانين ومناقشتها داخل اللجان المختصة وأثناء انعقاد الجلسات العامة وحق التقدم بالتعديلات والمناقشة والتصويت.
فالمشرع الدستوري نص بصريح العبارة على:"حق المعارضة في المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع لاسيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول اعمال مجلسي البرلمان."
والتنصيص أيضا من خلال الفصل 60 الفقرة الثانية على أن"المعارضة مكون أساسي في المجلس، وتشارك في وظيفتي التشريع والمراقبة..."،ولعل في اعتماد هذه الصيغة التوكيدية لدور المعارضة البرلمانية في مجال التشريع يعطي لهذه المقتضيات طالع النفاذ أكثر،ومن خلال مضامينها يستخلص مجال التشريع ليس حكرا على الحكومة أو على أعضاء الاغلبية،وإنما مجال تتقاسمه مختلف الفواعل البرلمانية(حكومة،أغلبية،معارضة).
يتمثل دور أحزاب المعارضة في البرلمان في العمل على مناقشة جدية وموضوعية التشريعات والقوانين التي تقدمها الحكومة،وفي تحدي التشريعات والقوانين التي تقدمها الحكومة عند تعارضها وتناقضها مع المصلحة العامة للشعب أو لأنها تأخذ في الاعتبار مصلحة الحزب الحاكم خاصة.ومن شأن المعارضة في هذه الحالة أن تقدم مقترحات بديلة وتدافع عنها من خلال الطرق المختلفة من أجل معالجة القضايا المتداولة في هذا الاطار،كما يمكن للمعارضة أن تقدم تعديلات تجاه التشريعات والقوانين التي تقدمها الحكومة بغرض إيجاد قاعدة مشتركة وحلول جيدة،يقبل بها الطرفين ومتقاربة من موقف المعارضة.
ثانيا: تفعيل الدور الرقابي للمعارضة البرلمانية.
وذلك من خلال توفير الآليات الرقابية والتي تتمثل في توجيه الأسئلة للحكومة وتقديم ملتمس للرقابة و تشكيل اللجان النيابية لتقصي الحقائق، ، وطلب عقد الدورات الاستثنائية والاعتراف للمعارضة ببعض الحقوق الخاصة بمراقبة العمل الحكومي.
• الاسئلة:
تعتير الاسئلة هي أكثر الوسائل التي نص عليها المشرع الدستوري استعمالا في مراقبة البرلماني للحكومة من حيث سهولة مسطرة تفعيلها ومن حيث محدودية تأثيراتها السياسية،إذ لا يصل الامر الى مستوى إثارة المسؤولية السياسية كما هو الشأن بالنسبة لملتمس الرقابة.
تهدف الاسئلة عادة إلى الحصول على المعلومات بحيث يتعرف عضوالمجلس الى ما كان يجهله وما غمض عليه من أعمال الحكومة ونشاطاتها،وان يتحقق من واقعة لم يكن متأكدا منها،وكذلك التأثير على قرارات السلطة التنفيذية وإبقاء سيف الرقابة مسلطا على هذه الاخيرة.
إن مجال الرقابة البرلمانية بواسطة الاسئلة هو المجال الانسب للمعارضة لابراز قدراتها ومدى جديتها في تتبع ومراقبة العمل الحكومي بحكم مرونة إجراءاتها وتوظيفاتها خصوصا وأن الفصل 100 من الدستور ينص :"تخصص بالأسبقية جلسة كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة،وتدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال عليها،تقدم الاجوبة على الاسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة وتخصص لهذه الاسئلة جلسة واحدة كل شهر وتقدم الاجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الاسئلة على رئيس الحكومة".
• ملتمس الرقابة.
من الناحية القانونية ،يشكل ملتمس الرقابة المقدم من طرف المعارضة أحد الأسلحة التي تؤدي إلى استقالة جماعية للحكومة . إلا أن هذا السلاح يبقى عديم الفعالية من الناحية العملية..
إن اتجاه المشرع الدستوري الى خفض نصاب قبول ملتمس الرقابة من توقيعه من طرف ربع الأعضاء في الفصل 76 من دستور 1996، إلى الخمس في الفصل 105 من دستور 2011 .سيمكن المعارضة البرلمانية من استعمال هذا الحق وممارسة دورها الرقابي،حتى وإن كانت مسألة الحصول على الاغلبية البرلمانية لإسقاط الحكومة صعبة التحقيق عمليا بفعل عامل الاغلبية،فإيداع ملتمس الرقابة يضم في طياته نوعا من التصرف والموقف المهم،حتى وإن لم تتم المصادقة عليه من طرف الاغلبية المطلقة للأعضاء،لأنه عمل رسمي تعبر المعارضة من خلاله عن رفضها للسياسة الحكومية في مجملها،إنه عمل يعني الكثير بالنسبة لتصرف المعارضة داخل البرلمان.
وفي اطار ممارسة المعارضة البرلمانية لحقوقها الرقابية في مجلس المستشارين فان الدستور بموجب الفص 106 من دستور2011، يمكن ان تلجأ الى تقديم ملتمس المساءلة يوقعه خمس الاعضاء يتلوه نقاش لا يعقبه تصويت،وتحديد خمس الاعضاء هو حد ذاته تعبير عن منح المعارضة الضغط على الحكومة والمساهمة في ضبط عملها بما يتوافق مع تطلعات وطموحات المواطنين.
• لجان تقصي الحقائق.
يعد تشكيل اللجان النيابية لتقصي الحقائق آلية من آليات مراقبة المعارضة للعمل الحكومي، والهدف من إحداث مثل هذه اللجان هو تجميع المعلومات المتعلقة بوقائع محددة، تثار مواضيعها بحدة خلال الجلسات العامة للبرلمان.وينتهي عمل هذه اللجان بصياغة تقارير تتضمن خلاصتها وتقدم أمام البرلمان.
وبخلاف الدساتير السابقة، فإن الدستور الحالي سمح في فصله 67 بتقديم طلب تشكيل هذه اللجان من طرف ثلث أعضاء أحد المجلسين، شرط أن لا يتم تشكيلها في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية.وهذا الشرط يحد من تشكيل مثل هذه اللجان لاسيما وأن الوقائع التي تشكل من أجلها مثل هذه اللجان تكون موضوع متابعات قضائية.
ينص الفصل67 من دستور 2011 على:"...تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين لجان نيابية لتقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة،...".وهذا فيه دلالةعلى إمكانية تقديم المعارضة البرلمانية لتشكيل لجان تقصي الحقائق باشتراط الثلث على خلاف دستور 1996،الذي كان يشترط توفر الاغلبية،وهذا الامر سيفعل من دور المعارضة في الرقابة والضغط على الحكومة في اتجاه خدمة المصلحة العامة للدولة.
ثالثا: المشاركة في عمل اللجان البرلمانية.
تعتبر اللجان الدائمة بمثابة برلمانات مصغرة وعلى قدر أهمية العمل داخل اللجان البرلمانية فانه يتم الحرص على اشراك المعارضة في أعمال اللجان ويتم هذا الاشراك في الديمقراطيات المتقدمة عادة عبر إعطاء المعارضة نسبة من المناصب الرئيسية في اللجان مثل رؤساء، مقرري اللجان توازي نسبة المقاعد النيابية التي تحتلها في المجلس، وينطبق هذا بصورة خاصة على اللجان الدائمة التي تضطلع بمراقبة الموازنة،كذلك يمكن اشراك المعارضة في تشكيل اللجان المشتركة التي تفرضها ظروف طارئة واستثنائية.
ولا شك في حرص الدستور على ضمان تخصيص رئاسة لجنة أو لجنتين من طرف المعارضة،خصوصا التنصيص بصريح العبارة على رئاسة المعارضة للجنة التشريع فيه تأكيد من جهة لما لهذه اللجنة من أهمية في العمل البرلماني،وبالتالي رئاستها من طرف المعارضة البرلمانية في حد ذاته تعبير على إعطاء المعارضة مكانة متقدمة في مجال التشريع وذلك لكون أن كل الجوانب المتعلقة بالعمل التشريعي يتم انجازها داخل اللجان،ومن جهة أخرى فسح رئاسة اللجان للمعارضة من شأنه أن ينأى بعملها عن هيمنة توجهات الاغلبية،مما قد يساهم في إحداث نوع من التوازنات ،وعلى الرغم من ذلك يبقى دور رئيس اللجنة حيادي يمارس مهام التنسيق بين اللجنة والحكومة فالدور الذي تضطلع به رئاسة اللجنة يتعين على الرئيس أن يبني علاقة طيبة مع كافة أعضاء اللجنة وأ، يدخل في مفاوضات من وراء الستار مع مختلف الاحزاب الممثلة في اللجنة لضمان تقدم العملية التشريعية إلى الامام،وضرورة دراسة مشاريع القوانين المقترحة في الوقت المناسب.
فرئيس اللجنة يتعين عليه أن يضمن تمثيلا متساويا بين آراء وأفكار كافة أعضاء اللجنة،ويعطي الوقت الكافي لأعضاء اللجنة للتعبير عن آرائهم واهتماماتهم ثم يراجع النقاط الاساسية التي ينبغي أن يتركز النقاش حولها.
رابعا: الحق في ممارسة الدبلوماسية البرلمانية.
ولعل في حرص الدستور على مساهمة المعارضة البرلمانية في العمل الدبلوماسي البرلماني فيه فضائل ومحاسن يمكن تجسيدها وفق ما يلي:
- ضمان مشاركة ملائمة لتمثيلية المعارضة في البعثات البرلمانية ومجموعات الصداقة البرلمانية والتنظيمات الدولية والجهوية والإقليمية بما يتلاءم مع حجمها وقوتها بعيدا عن الحسابات الضيقة للأغلبية البرلمانية(12).
- إن إشراك المعارضة البرلمانية يستجيب لمعطى قائم ينبني على قاعدة استثمار العلاقات التي تملكها أحزاب المعارضة على المستوى الخارجي،وهي قادرة أن تكون قاعدة اسنادية وداعمة لمختلف القضايا الوطنية في سبيل كسب المزيد من التأييد الدولي.
ضرورة تأهيل وإدماج أعضاء المعارضة البرلمانية في بلورة إستراتيجية محكمة للدبلوماسية البرلمانية للدفاع عن قضايا الوحدة الوطنية.
- تمكين المعارضة من تقنيات العمل الدبلوماسي الحديثة من خلال الاستفادة من الدورات التكوينية خصوصا في مجالات الحوار والنقاش والتفاوض وأساليب الاقناع بما يكفل تعزيز قدراتها الدبلوماسية وصقلها.
خامسا: حق احالة القوانين على المحكمة الدستورية.
إن الهدف من إحالة القوانين على المحكمة الدستورية هو الحيلولة دون صدور أي نص قانوني مخالف للدستور. ولتمكين المعارضة البرلمانية من اللجوء إلى هذه الآلية، تم تخفيض طلب إحالة هذه القوانين على المحكمة الدستورية من ربع الأعضاء في المادة 81 من دستور 1996، إلى خمس أعضاء مجلس النواب، أو أربعين عضوا من مجلس المستشارين طبقا للمادة 132 من دستور 2011 التي تنص:"يمكن للملك وكذا رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين وخمس أعضاء مجلس النواب وأربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين أن يحيلوا القوانين أو الاتفاقيات الدولية قبل إصدار الامر بتنفيذها أو قبل المصادقة عليها إلى المحكمة الدستورية لتبث في مطابقتها للدستور".حيث جاءت بصيغة متقدمة ،كما تضمنت إحالة حتى الاتفاقيات الدولية على المحكمة الدستورية وهو اختصاص لم يكن في ظل دستور 1996،وهي مسألة جد مهمة .
الا انه على الرغم من أن الدستور الجديد خفف من عبء النصاب القانوني لاحالة القوانين على المحكمة الدستورية بالنسبة لاعضاء مجلس النواب فان اشتراط أربعين عضوا من مجلس المستشارين يعد تعجيزيا نوعا ما خصوصا وأن مجلس المستشارين يتشكل فقط من 90 عضوا على الاقل و120 عضو على الاكثر،مما يحول عمليا من بلوغ هذا النصاب .
سادسا: الاعتراف الدستوري للمعارضة البرلمانية بحقوق خاصة بتعزيز قدراتها المؤسساتية وتفعيلها.
لا يمكن الحديث عن الاداء الفعال للمعارضة البرلمانية دون توفير الارضية الدستورية للتأهيل الفعال على جميع المستويات البشرية،المالية،اللوجيستيكية والإعلامية للرقي بمستوى تدبير الشأن العام،فالمعارضة البرلمانية بحاجة الى ضمانات لحرية الرأي والتعبير وإمدادها بوسائل العمل والاستفادة من مصادر التمويل العمومي وتوفير الفضاء الاعلامي على اساس تكافؤ الفرص وأن تساهم في تأطير المواطنين والمواطنات.
• حرية الرأي و التعبير .
تضمنت مختلف الدساتير الديمقراطية المعاصرة عدة ضمانات تحفظ للسلطة التشريعية استقلاليتها حتى لا يقع أعضاؤها تحت طائلة التهديد أو التخويف أو الانتقام،سواء من قبل الحكومة أو غيرها،مما يجعل العضو البرلماني حرا في اتخاذ مواقفه والإدلاء بآرائه أثناء ممارسته لعمله البرلماني في سبيل تحقيق المصلحة العامة.
فالوظيفة التمثيلية تقتضي تمكين المعارضة البرلمانية من عقد اجتماعات تنسيقية وإحداث بيئة تواصلية إيجابية لكل مكوناتها،في تبادل الآراء وتوحيد الافكار والتصورات،مما يمنحها إمكانات ممارسة الضغط والتأثير على الحكومة وتوجيه سياستها بما يخدم مصالح المواطنين،وهذا ما حرص المشرع الدستوري على تضمينه في الفصل 10 من دستور 2011 .
• توفير وسائل العمل للمعارضة.
تمكين أعضاء المعارضة من وسائل العمل على مستوى الدائرة الانتخابية (مكتب الدائرة،الكوادر البشرية،الموارد المالية لتغطية التنقلات....) من أجل التواصل مع الناخبين والوقوف المباشر على مشاكلهم واحتياجاتهم والعمل على إسداء الخدمات الممكنة للمواطنين.
حق الاستفادة من الدورات التكوينية التي تساعد في اكتساب الخبرة والكفاءة في فن الصياغة التشريعية والتقنيات الحديثة في العمل البرلماني،والاستفادة من التجارب النظيرة في هذا المجال،وهذا الامر سيساهم الى حد كبير في تعزيز القدرات التشريعية والرقابية لأعضاء المعارضة،ويمنحهم الدافعية أكثر نحو العمل .
• الاستفادة من التمويل العمومي.
يلازم الاحزاب السياسية التي تحتاج للأموال حتى تستطيع القيام بأنشطتها بفعالية خطر انعدام التساوي من حيث تمويلها لان المال عنصر ضروري لحيويتها وفعاليتها ،ويترتب على ضعف المصادر المالية لبعض الاحزاب ضعف قدراتها التنافسية ويعد التمويل العمومي للأحزاب السياسية،احدى الآليات التي لجأ اليها عدد كبير من الانظمة الديمقراطية للتدخل في عملية تمويل الاحزاب السياسية،ويسعى تمويل الاحزاب السياسية من المال العمومي الى مايلي:
مواجهة انعدام التساوي في قدرات الاحزاب المتنافسة على جمع مبالغ متساوية من المال أو القضاء على احتمال تضارب المصالح التي تنتج عن اعتماد الاحزاب على المصادر الخاصة للحصول على تمويلها ثانيا،وذلك من خلال توفير تلك الانظمة الديمقراطية للأحزاب فرص متساوية للاشتراك في النقاش العام،وتوفير المصادر المالية التي تمكنها من تقديم نفسها للجمهور.
يشكل ضمان أحقية المعارضة البرلمانية في الاستفادة من التمويل العمومي من صميم الممارسة الديمقراطية،وهذا ما أكده الفصل 10 من الدستور الذي نص على "حق المعارضة" في الاستفادة من التمويل العمومي وفق مقتضيات القانون.
• تمكين المعارضة من وسائل الاعلام العمومي.
إن الفصل 10 من دستور 2011 يدعو من خلال مضمونه ومنطوقه إلى ضرورة إحداث قطيعة مع مختلف الممارسات السلبية التي شابت ممارسات الاعلام العمومي في تعاملها مع الاحزاب السياسية ،ويحمل في ثناياه قواعد لإنصاف المعارضة وإقرار مبدأ تكافؤ الفرص في الاستفادة من الاعلام العمومي ومن أجل التفعيل يجب اتخاذ اجراءات قانونية وعملية لأجرأة هذا المقتضى وتطبيقه.
وهذا في محمله سيؤدي بشكل ايجابي الى تفعيل دور المعارضة البرلمانية ويمكنها في التواصل مع المواطنين والتعريف ببرامجها السياسية والانتخابية.
• المساهمة في تأطير وتمثيل المواطنين والمواطنات.
يعتبر التأطير الحزبي من بين المهام الجوهرية التي تقوم بها الاحزاب السياسية حيث تعمل على توعية أعضائها وتكييفهم حسب مبادئها ،والمساهمة في تنظيم وتوجيه الاستشارة الشعبية عند الاقتراع وذلك باختيارها للمترشحين وتأطيرهم في المجالس المنتخبة في شكل فرق برلمانية وتوجيههم وفق برنامجها أثناء مساهمتهم في الحكم ويستفيد أعضاؤها من تجربتها وفي خلاياها يتلقون تربية سياسية تؤهلهم للمساهمة في تسيير شؤون الدولة.
إن الاحزاب السياسية المغربية أصبحت مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى تطوير قدراتها الذاتية في مجال التأطير الحزبي،لان بروز نخبة حزبية مؤطرة موضوعيا وإيديولوجيا وبصورة محكمة سيساهم بلا شك في بروز برلمانيين مسؤولين تتوافر فيهم مختلف شروط النزاهة والفعالية والإخلاص في عملهم البرلماني.
يشكل التنصيص الدستوري على حقوق المعارضة البرلمانية،خطوة جد متقدمة بالنسبة للمشرع الدستوري المغربي من خلال تفريد فصول خاصة في الدستور لهذه الحقوق وتعدادها،وهي كلها تصب في اتجاه تعزيز موقعها في نسق العمل البرلماني،ومنحها مساحات للتحرك والفعل والعطاء والأداء الجيد.
إلا انه تبقى مسألة التفعيل والاجراة لهذه الحقوق ضرورية وحتمية ،بفعل توافر الارادة في ذلك من طرف الاطراف الفاعلة المشكلة للمعارضة،وهذا الامر يؤدي الى نتائج ايجابية تتجلى في التأسيس لمعارضة مؤسساتية فاعلة،ونشوء تقاليد وأعراف تؤسس لثقافة برلمانية معارضاتية تقطع مع جل الممارسات السابقة.