MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




حكم المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بإلغاء القرار الصادر عن والي ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير الذي منعت بمقتضاه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من عقد ندوة علمية

     



المملكة المغربية
المحكمة الإدارية بالرباط
أصل الحكم المحفوظ بكتابة
الضبط بالمحكمة الإدارية بالرباط

قسم القضاء الشامل
حكم رقم : 5793
بتاريخ : 21/11/2014
ملف رقم : 949/7112/2014



     

باســــم جــلالة المــلك وطبقا للقانون

           
 

بتاريخ 21 نونبر 2014

                 أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط وهي متكونة من:

            مصطفى سيمو................................. رئيسا   

           صالح لمزوغي..................................مقررا

                 عبد الحق أخو الزين...........................عضوا       

                     بحضور  المفوض الملكي معاذ العبودي..............مفوضا ملكيا
        وبمساعدة السيدة مليكة حاجي...........................كاتبة  الضبط

 


الحكم الآتي نصه :
 

بين المدعية: الجمعية المغربية لحقوق الانسان في شخص رئيس وأعضاء مكتبها المركزي

مقرها :  زنقة أكنسوس العمارة 6  رقم 1 الرباط.

ينوب عنها:  الأستاذ النقيب عبد الرحمن بن عمرو من هيئة المحامين بالرباط.

من جهة

وبين المدعى عليهم: - ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير في شخص الوالي عامل عمالة الرباط               بمكاتبه بولاية الرباط، ينوب عنه: الأستاذ العربي الغرمول المحامي بهيئة الرباط.

  • الدولة في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه بالرباط.

  • بحضور الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بالرباط.
     

                                                   من جهة أخرى

الوقائع
 

بناء على المقال الافتتاحي الذي تقدمت به المدعية بواسطة نائبها بـتاريـخ 10 أكتوبر 2014، عرضت فيه أنها وجهت بتاريخ 07 يوليوز 2014 طلبا إلى مدير المكتبة الوطنية للمملكة بالرباط قصد تمكينها من استعمال قاعة الندوات بها يوم 20 أو 27 شتنبر 2014 في نشاط حقوقي، وتمت الموافقة على الطلب وإبرام عقد بين الطرفين بتاريخ 23 شتنبر 2014 موضوعه استعمال القاعة يوم 27 من نفس الشهر لعقد ندوة حول الإعلام والديمقراطية، غير أنها توصلت من مصالح الولاية بقرار منع الندوة، وهو القرار المطعون فيه لمخالفته الفقرة السادسة من الفصل 3 من ظهير التجمعات العمومية، ذلك أن موضوع  الندوة هو ثقافي يدخل في نطاق أهداف الجمعية الرامية إلى الدفاع عن حقوق الإنسان ولا يحتاج إلى أي تصريح سابق، وأن قرار المنع تسبب لها  في أضرار مادية ومعنوية طبقا للفصلين 78 و79 من قانون الالتزامات و العقود؛ لأجله تلتمس في الشق المتعلق بالإلغاء، الحكم بإلغاء قرار منع الجمعية من عقد ندوتها المذكورة الصادر عن ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير بتاريخ 25 شتنبر2014 تحت رقم 542  وترتيب النتائج القانونية على ذلك، وبخصوص الشق المتعلق بالتعويض الحكم على ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير في شخص الوالي والدولة في شخص رئيس الحكومة تضامنا بينهما بأن يؤديا للمدعية تعويضا عن الأضرار المادية والمعنوية الناتجة عن المنع وقدرها 200000 درهم وتعويضا عن فقد واجب استعمال القاعة  قدره 2400 درهم مع النفاذ المعجل والصائر. وأرفقت المقال بصورة من طلب استعمال قاعة المحاضرات بالمكتبة الوطنية وعقد الموافقة وقرار المنع.

وبناء على مذكرة جواب الوكيل القضائي للمملكة بتاريخ 14 نونبر2014، بصفته هذه ونيابة عن المدعى عليهما رئيس الحكومة و والي ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير عامل عمالة الرباط، الرامية إلى الحكم برفض الطلب لمشروعية المقرر الإداري المطعون فيه ولعدم جدية الوسائل المعتمدة في مقال الطعن، لكون الطاعنة لم تنضبط لما يقرره الفصل 3 من الظهير الشريف بشأن التجمعات العمومية كما تم تعديله وتتميمه الذي يجعل عقد الاجتماعات العمومية خاضعا لنظام التصريح المسبق من خلال مراجعة السلطة الإدارية المحلية لمكان الاجتماع وتقديم تصريح لديها في ارتباط بمستلزمات الحفاظ على النظام العام، وأن الفقرة المحتج بها من الفصل الثالث من القانون المذكور، لا تخاطب الاجتماع العمومي الذي كانت المدعية مقبلة على تنظيمه باعتباره نشاطا له طابع حقوقي وفق ما تقر به في مقالها، وبالتالي فإن هذا النشاط لا يندرج ضمن الأصناف الواردة في الفقرة الأخيرة من الفصل المشار إليه أعلاه، وفق الثابت أيضا من عنوان موضوع الندوة وهو" الإعلام والديمقراطية"، كما أن هذا النشاط كان من المقرر عقده بتنسيق مع "جمعية الحرية الآن" وهي جمعية غير موجودة وغير مؤسسة بشكل قانوني كما سبق للمحكمة أن قضت به في نزاع سابق، مما يكون معه نشاط الجمعية محكوما بإلزامية تقديم التصريح المسبق، إضافة إلى أن الاستثناء من التصريح يتعلق فقط بالاجتماعات التي تعقد بمقرات الجمعيات وليس خارجها وفق التفسير الذي يتماشى وغاية المشرع، لكون الحضور خارج مقرات الجمعية يكون مفتوحا للعموم، مما يقتضي تدبيره والمحافظة على النظام العام، فضلا عن كون موضوع الاجتماع يخرج عن أهداف الجمعية، أما بخصوص طلب التعويض فيفتقر للأساس القانوني ما دامت الإدارة لم ترتكب أي خطأ يوجب مساءلتها بالنظر لمشروعية قرار المنع ولعدم إثبات وجه الضرر، علما أن التعويض عن الضرر المعنوي له صبغة رمزية فقط، مما يتعين معه رفض طلب التعويض. وأرفق المذكرة بصورة من الإعلان عن الندوة وتقرير لأنشطة الجمعية والقانون الأساسي لها.
 

وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من نائب ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير بتاريخ 14 نونبر2014 الرامية ّإلى تأكيد ما ورد بمذكرة الوكيل القضائي للمملكة.
 

وبناء على مذكرة تعقيب نائب المدعية الرامية إلى رد الدفوع المثارة والحكم وفق الطلب.

وبناء على الأوراق الأخرى المدرجة بالملف.
 

وبناء على إدراج القضية بعدة جلسات آخرها بتاريخ اليوم، التي حضرها ممثلا دفاع كل من المدعية و المدعى عليها وممثل الوكيل القضائي للمملكة، فتم اعتبار القضية جاهزة وأعطيت الكلمة للمفوض الملكي الذي أكد تقريره الرامي إلى إلغاء القرار المطعون فيه والحكم بتعويض مناسب،  بعده تقرر حجزها للمداولة قصد النطق بالحكم لآخر الجلسة.
 
 

           وبعد المداولة طبقا للقانون

 

في الشكل:
 

حيث قدمت الدعوى من جهة ذات صفة و أهلية ومصلحة، ومستوفية لباقي الشروط الشكلية المتطلبة قانونا، لذا يتعين قبولها.
 

في الموضوع:
 

حيث يهدف الطلب إلى الحكم بإلغاء قرار والي ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير بتاريخ 25/9/2014 تحت رقم 542 القاضي بمنع المدعية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من عقد ندوتها بالمكتبة الوطنية المقررة لتاريخ 27/9/2014، وترتيب النتائج القانونية على ذلك، مع الحكم على الولاية في شخص الوالي والدولة في شخص رئيس الحكومة تضامنا بينهما بأن يؤديا للمدعية المذكورة تعويضا عن الأضرار المادية والمعنوية الناتجة عن المنع وقدرها 200000 درهم وتعويضا عن فقد واجب استعمال قاعة المكتبة الوطنية وقدره 2400 درهم مع النفاذ المعجل والصائر.
 

وحيث أسست الدعوى على عدم مشروعية قرار المنع ومخالفته لمقتضيات الفقرة السادسة من الفصل الثالث من القانون المنظم للتجمعات العمومية، وقيام مسؤولية الجهة المدعى عليها عن الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت بالمدعية بسبب قرار المنع.
 

وحيث دفعت الإدارة المدعى عليها بمشروعية قرار المنع المطعون فيه، لكون الطاعنة لم تنضبط لما يقرره الفصل 3 من الظهير الشريف بشأن التجمعات العمومية كما تم تعديله وتتميمه، الذي يجعل عقد الاجتماعات العمومية خاضعا لنظام التصريح المسبق، المتمثل في مراجعة السلطة الإدارية المحلية لمكان الاجتماع وتقديم تصريح لديها، في ارتباط بمستلزمات الحفاظ على النظام العام، ولكون الفقرة المحتج بها من الفصل الثالث من القانون المذكور، لا تخاطب الاجتماع العمومي الذي كانت المدعية مقبلة على تنظيمه باعتباره نشاطا له طابع حقوقي وفق ما تقر به في مقالها، وبالتالي فإن هذا النشاط لا يندرج ضمن الأصناف الواردة في الفقرة الأخيرة من الفصل المشار إليه أعلاه، وفق الثابت أيضا من عنوان موضوع الندوة وهو" الإعلام والديمقراطية"، و أن هذا النشاط كان من المقرر عقده بتنسيق مع "جمعية الحرية الآن" وهي جمعية غير موجودة وغير مؤسسة بشكل قانوني كما سبق للمحكمة أن قضت به في نزاع سابق، مما يكون معه نشاط الجمعية محكوما بإلزامية تقديم التصريح المسبق، وأن الاستثناء من التصريح يتعلق فقط بالاجتماعات التي تعقد بمقرات الجمعيات وليس خارجها وفق التفسير الذي يتماشى وغاية المشرع، لكون الحضور خارج مقرات الجمعية يكون مفتوحا للعموم، مما يقتضي تدبيره والمحافظة على النظام العام، فضلا عن كون موضوع الاجتماع يخرج عن أهداف الجمعية، وأن طلب التعويض تبعا لذلك غير مؤسس لمشروعية القرار ولعدم إثبات الضرر.
 

وحيث إنه من خلال دراسة كافة معطيات القضية يتبين أن النقطة النزاعية مثار المناقشة في هذه النازلة تنحصر في تحديد مدى إلزامية التصريح المسبق بالاجتماع العمومي المقرر في إطار الندوة التي أعلنت الجمعية المدعية عن تنظيمها في مجال حقوق الإنسان و تحديدا في موضوع الإعلام و الديمقراطية . وبتعبير أكثر تدقيقا، فإن الفصل في الدعوى الحالية يتطلب الإجابة عن التساؤلات التالية: هل يتعين اعتبار أن فعاليات هذه التظاهرة تندرج ضمن الأنشطة ذات الغايات الثقافية بمفهوم الفقرة السادسة من المادة الثالثة من ظهير التجمعات العمومية التي تعتبرها معفاة من ضرورة التصريح المسبق بها لدى السلطة المحلية ؟ أم أن موضوع هذه الندوة يخرج بطبيعته عن المفهوم المشار إليه  بمعنى أن النشاط الحقوقي و كما يفهم من مذكرة الوكيل القضائي لا يمكن تصنيفه ضمن النشاطات ذات البعد الثقافي؟  و هل أن موضوع  هذه الندوة يخرج فعلا عن أهداف الجمعية المدعية المسطرة ضمن قانونها الأساسي؟ ثم هل تضمن الحكم المحتج به من طرف الوكيل القضائي بالفعل ما مفاده أن جمعية الحرية الآن غير موجودة وغير مؤسسة بشكل قانوني هذا على فرض أنها كانت ستشارك المدعية في تنظيم الندوة المذكورة؟ و أخيرا هل يستقيم القول بأن الاستثناء من التصريح يتعلق فقط بالاجتماعات التي تعقد بمقرات الجمعيات وليس خارجها وفق التفسير الذي اعتبره الوكيل القضائي متماشيا وغاية المشرع؟
 

وحيث إنه للجواب عن هذه التساؤلات، تجدر الإشارة بداية إلى مقتضيات المواثيق الكونية        والمرجعيات الدستورية والقانونية المنظمة لحرية التجمع والاجتماع، انطلاقا من المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي خولت لكل شخص حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية، و  المادة 21 من العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية،  التي تفرض رفع القيود على ممارسة حق التجمع السلمي إلا ما يوجبه القانون في مجتمع ديمقراطي للمحافظة على النظام العام، وهي المفاهيم التي كرستها جميع الدساتير المغربية المتعاقبة آخرها دستور 29 يوليوز 2011  في بابه المتعلق بالحقوق والحريات الأساسية  حيث نص في مادته 29 على أن:" حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي  وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات".
 

وحيث إن التنظيم القانوني للتجمعات العمومية مؤطر بمقتضيات ظهير 377-58-1 الصادر في 15 نونبر 1958 بشأن التجمعات العمومية كما تم تعديله وتتميمه، الذي  نص على ما يلي:

الفصل 1: إن الاجتماعات العمومية حرة. و يعتبر اجتماعا عموميا كل جمع مؤقت مدبر مباح للعموم و تدرس خلاله مسائل مدرجة في جدول أعمال محددة من قبل.
 

     الفصل 2: يمكن عقد الاجتماعات العمومية دون الحصول على إذن سابق بشرط أن تراعى في ذلك المقتضيات الآتية:
 

     الفصل 3: يكون كل اجتماع عمومي مسبوقا بتصريح يبين فيه اليوم والساعة والمكان الذي ينعقد فيه الاجتماع ويوضح في التصريح موضوع الاجتماع، ويوقع عليه .....
 

وتعفى من سابق التصريح المنصوص عليه في المقطع الأول من هذا الفصل الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات والهيئات المؤسسة بصفة قانونية التي تهدف بصفة خاصة إلى غاية ثقافية أو فنية أو رياضية، وكذا الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات أو المؤسسات الإسعافية الخيرية".
 

و حيث إن موضوع الندوة في نازلة الحال و هو الإعلام والديمقراطية، باعتباره يدخل ضمن المفهوم الواسع لحقوق الإنسان الذي يشمل الحقوق المدنية و السياسية و الاقتصادية  والاجتماعية  والثقافية، يبقى و خلافا للتفسير الذي نحته الإدارة، مندرجا بطبيعته و بالبداهة ضمن الأنشطة الثقافية، شأنه في ذلك شأن أي نشاط حقوقي، و القول بخلاف ذلك يعني تجريد مجال حقوق الإنسان من ارتباطاته الطبيعية و الوثيقة بالمعرفة والتربية و التكوين، و بالتوعية و التحسيس، فحقوق الإنسان تشكل في حد ذاتها ثقافة و معرفة يتعين العمل بكل الوسائل المتاحة قانونا على ترسيخها في الضمير الجماعي و في السلوك اليومي لكل فرد من أفراد المجتمع لأجل الرقي به، و تتحمل مؤسسات التربية و التكوين وهيئات المجتمع المدني في هذا الباب مسؤولية أساسية ، و هو ما أكدته الرسالة الملكية السامية بمناسبة الذكرى الواحدة والخمسين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث جاء فيها: "إن إشاعة ثقافة حقوق الانسان تفترض إشاعة نور العلم، إن دور المدرسة يظل مركزيا في غرس قيم حقوق الانسان لدى الناشئة حتى تضحى حقوق الانسان جبلة وطبعا ولذلك فإن من أولى الأولويات التي تشغل بالنا هي محاربة الأمية لأن القضاء على الجهل هو انتصار للمعرفة ولحقوق الانسان. ونهيب بمجتمعنا المدني الانغمار في قضايا مجتمعنا والعمل على الرقي بمختلف شرائح شعبنا، ومما يثلج الصدر روح المسؤولية التي أبان عنها والدينامية التي أظهرها".
 

و حيث إنه من جهة ثانية ، فموضوع الندوة يرتبط بصميم أهداف الجمعية المدعية باعتبارها حسب قانونها الأساسي تهدف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان بمفهومها الواسع، ومن مهامها التعريف بحقوق الإنسان وإشاعتها والتربية عليها، لذا فإن لها الحق في تنظيم هذا النشاط حيثما شاءت شريطة عدم المساس بالأمن العام، والذي لا دليل على تهديده أو المساس به في حال تنظيم الندوة داخل المكتبة الوطنية.
 

وحيث إنه من جهة ثالثة، بخصوص الدفع بإشراك جمعية سبق لهذه المحكمة أن قضت بكونها غير موجودة و غير مؤسسة قانونا، فإنه بالرجوع إلى هذا الحكم و هو الصادر بتاريخ 22 يوليوز2014 تحت عدد 4409، يجدر التوضيح بخصوصه أن بناءاته لم تشر إطلاقا إلى اعتبار عدم وجود جمعية الحرية الآن ككيان قانوني أو أنها غير مؤسسة قانونا، و ذلك طالما أن مقتضيات الفصل 2 من قانون تأسيس الجمعيات الذي أبرزته المحكمة ضمن تعليلها يجعل تأسيس الجمعيات قائما بمجرد اتفاق مؤسسيها على ذلك و مستمرا إلى أن يتقرر حلها قضائيا، و أن ما انتهت إليه المحكمة في هذا الحكم كان مقتصرا فقط على الجانب الشكلي للدعوى دون مناقشة موضوعها، حيث اعتبرت حينها أن عدم استكمال الجمعية لشكلية التصريح بالتأسيس يجعلها مفتقدة لأهلية التقاضي طبقا للفصل السادس من نفس القانون و ليس لوجودها القانوني، في حرص من المحكمة على تلافي الانسياق وراء الخلط الشائع في هذا المجال بين الصفة و الأهلية ، و بين التأسيس         والتصريح بالتأسيس، و هو ما يعني أن عدم توفر الجمعية المذكورة على الأهلية، و إن كان يمنعها في هذه المرحلة من التقاضي باسمها في استقلال عن الأعضاء المؤسسين لها  و يمنعها أيضا من إبرام التصرفات القانونية، إلا أنه لم يكن ليحول من حيث المبدأ دون إمكانية اشتراكها في تنظيم النشاط الثقافي موضوع النازلة الحالية طالما أنها أسست بصفة قانونية، هذا فضلا عن كون الجهة المدعى عليها لم تثبت صحة الواقعة موضوع هذا الدفع  مما ظل معه هذا الأخير مفتقرا للإثبات.
 

و حيث إنه من جهة رابعة، فلا أساس لما دفع به الوكيل القضائي للمملكة من كون الاستثناء من التصريح الوارد في الفقرة السادسة من الفصل الثالث من قانون التجمعات العمومية يتعلق فقط بالاجتماعات التي تعقد بمقرات الجمعيات وليس خارجها، و ذلك طالما أن الفصل الأول من هذا القانون و كما أشار إلى ذلك دفاع المدعية عن صواب في معرض تعقيبه، نص بصراحة و وضوح على أنه" يعتبر اجتماعا عموميا كل جمع مؤقت مدبر مباح للعموم"، كما أن مقتضيات الاستثناء المذكور، الذي تم إقراره بمقتضى تتميم لاحق على صدور النص الأصلي، لم تتضمن ما يفيد أن تطبيقها ينحصر في الاجتماعات التي تنعقد داخل مقار الجمعيات.
 

وحيث إنه تأسيسا على ما سبق ، فإن قرار منع تنظيم ندوة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المؤسس على خرق الفصل الثالث من ظهير 15 نونبر1958 بشأن التجمعات العمومية، يكون مشوبا بعيب مخالفة القانون الموجب لإلغائه لهذه العلة.
 

وحيث إنه تبعا لثبوت عدم مشروعية قرار الإدارة بمنع تنظيم الندوة التي أعلنت عنها الجمعية المدعية، فإن النظر في تحقق المسؤولية  الإدارية واستحقاق التعويض، يقتضي التأكد من قيام أركانها طبقا لمقتضيات الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود.
 

وحيث إن اتخاذ قرار المنع و تفعيله استنادا إلى تفسير خاطئ للنص القانوني المنظم للتجمعات العمومية ، يجعل ركن الخطأ ثابتا في حق الجهة المدعى عليها، ويحملها مسؤولية التعويض عن الضرر اللاحق بالمدعية.
 

وحيث إن الضرر الذي يستتبع المسؤولية والتعويض هو الأذى الذي يصيب الشخص من جراء المساس بحق من حقوقه أو بمصلحة مشروعة له، يستوي في ذلك أن يكون الضرر ماديا أو معنويا بحسب نوعية الحق الذي أصابه الضرر أو الأذى ، و شرط أن يكون ضررا ثابتا ومحققا، شخصيا ومباشرا، ومس مصلحة قانونية مادية أو أدبية طبقا لمقتضيات الفصلين 77 و 78 من قانون الالتزامات والعقود.
 

وحيث إن الأضرار المادية التي ادعت الجمعية أنها لحقتها بسبب قرار المنع، بقيت بدون إثبات، كما أن ادعاء تعرضها لخسارة جراء أداء واجب التعاقد لكراء القاعة التي كان من المقرر تخصيصها للاجتماع ، يعوزه الدليل القانوني كذلك لأن مبلغ الوجيبة الكرائية  وإن أشير إليه في عقد الكراء المدلى به، إلا أن المدعية لم تعزز مقالها بالوصل المثبت لأدائها الفعلي لذلك المبلغ، وفق ما تنص عليه بنود العقد، الشيء الذي يتعين معه رفض طلب التعويض عن هذه الأضرار.
 

وحيث إنه فيما يخص طلب التعويض عن الضرر المعنوي، فإن الثابت من وقائع النازلة أن قرار المنع شكل اعتداء على حق ثابت هو حق التجمع والاجتماع، مما أحدث ضررا أدبيا أصاب الجمعية ككيان معنوي يمارس الحقوق ويتحمل الواجبات في إطار قانوني منظم و يستفيد بهذه الصفة من الحماية القانونية، مما يستدعي إعادة الاعتبار للجهة المتضررة بالنظر لما أحدثه منع ندوتها بدون وجه حق من مساس بصورتها كجمعية من صميم مهامها الدفاع عن حقوق الإنسان وإشاعة هذه الثقافة والتربية عليها، وتعويضها عما لحقها تعويضا كاملا لا رمزيا كمقابل لجبر هذا الضرر المعنوي ، و أنه استنادا إلى وقائع وظروف النازلة، و إعمالا من المحكمة لسلطتها التقديرية في هذا الباب، ارتأت تحديد التعويض في مبلغ مائة ألف درهم، تؤديه الدولة في شخص رئيس الحكومة انسجاما مع مقتضيات الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية.
 

وحيث إن طلب النفاذ المعجل ليس له ما يبرره.
 

وحيث يتعين تحميل الطرفين مصاريف الدعوى بحسب النسبة المستجاب لها.

 المنطوق
 

وتطبيقا  للقانون رقم 41-90 المحدث للمحاكم الإدارية و لا سيما المادة 20 منه، ولقانون التجمعات العمومية.
 

لهذه الأسباب
 

    حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا:
 

في الشكل: بقبول الطلب.
 

في الموضوع: بإلغاء القرار الصادر عن والي ولاية جهة الرباط سلا زمور زعير تحت عدد 542 المؤرخ في 25/9/2014 القاضي بمنع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من عقد الندوة التي كانت مقررة بالمكتبة الوطنية بتاريخ 27/9/2014؛ وبأداء الدولة في شخص رئيس الحكومة لفائدة المدعية  تعويضا عن الضرر المعنوي قدره مائة ألف درهم (100.000,00 درهم)، ورفض باقي الطلب، وتحميل الطرفين المصاريف بحسب النسبة.
 

         بهذا صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه .............................

الرئيس                                        المقرر                                    كاتب الضبط




الاثنين 8 ديسمبر 2014
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"