يعد صندوق التكافل العائلي مشروع أسري متميز يهدف إلى تحقيق مجموعة من المرتكزات الأساسية على رأسها تحقيق الإستقرار الأسري، خصوصا في الجانب المتعلق بالمرأة و الاطفال نظرا لما يواجهانه أثناء انحلال العلاقة الزوجية من تحديات تتعلق بالنفقة، علما ان نسبة الاحكام المتعلقة بالنفقة تلاقي صعوبات في التنفيد وهي في ازدياد مضطرد, مما ينتج معه الكثير من المعانات الحقيقية التي تتعرض له هاته المكونات من الاسرة, الا انه و من اجل تجاوز هده المعضلة, لجئ المشرع المغربي إلى إحداث صندوق التكافل العائلي لتجاوز هذا المشكل .بيد ان السياق العام الاحداث هدا الصندوق وكدا الاطار التنظيمي شابه الكثير من الاخلالات, سنتولى من خلال هده الدراسة الوقوف عليها ودلك بالانكباب على القانون 10_41 المحدد لشروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي وتحليله وفق تحديد الفئات المستفيدة من مخصصات الصندوق في( الفقرة الاولى ) ثم تحديد الشروط المخولة للاستفادة من هدا الصندوق(فقرة ثانية)
الفقرة الأولى: تحديد الفئات المستفيدة من مخصصات الصندوق
صادق البرلمان على مشروع قانون 10-41 والمتعلق بتحديد شروط الاستفادة من صندوق التكافل العائلي، ويتضمن هذا القانون 14 مادة خصت لتحديد الفئات المستفيدة من الصندوق وإجراءات الاستفادة منه وكيفية استرجاع المخصصات المالية .
ورغم الظروف الاستثنائية التي تمت فيها مناقشة مشروع القانون، والذي سجل رقما قياسيا في سرعة مناقشته، بسبب تأخر الحكومة في تقديمه للبرلمان في الأجل المناسبة مع أن الحكومة كان لها الوقت الكافي لتقديمه في الآجال المطلوبة .
إلا أن ذلك يعد مكسبا كبيرا وهاما للمرأة المغربية، وهذا ما عبرت عنه العديد من الهيئات والجمعيات النسائية
الفاعلة في القطاع، كما أنه يكرس سياسة الإصلاح الذي دعت إليها مدونة الأسرة المغربية. كما أن هذا القانون يعد نقلة نوعية على مستوى فلسفة المشرع في مجال الأسرة، والتي يطمح من خلاله إلى تعزيز مكانتها وتقوية روابط مؤسسة الأسرة لطابعها الإنساني الصرف، ولما يحيطها من تهديدات خصوصا في مرحلة التصدع في العلاقة الزوجية وأخص بالذكر فئة الأطفال والمطلقات.
لكون أن الحكم المحدد للنفقة وما يصطدم به من صعوبات في التنفيذ، يفتح الباب على مصراعيه أمام المطلقة وأبنائها، لتذوق طعم التيه والضياع والتشرد ويفرغ مؤسسة الأسرة ذات الحرمة والصون من محتواها، ويبقى حائلا يحول دون الوصول إلى الهدف المنشود التي تسعى من أجله المدونة.
وأمام التصاعد المضطرد لأعداد الأحكام المتعلقة بالنفقة وصعوبة تنفيذها، طرحت أفكار وتساؤلات سرعان ما تحولت إلى مطالب حقيقية تتوخى إيجاد حلول لهذه المشاكل التي أضحت تهدد العديد من الأطفال والمطلقات وتزحزحهم عن خط الاستقرار الذي كانوا يعيشون تحت ظله.
وفي نفس السياق، وتفاعلا مع هذا الموضوع ،تجندت الحكومة المغربية بعد تلقيها الضوء من صاحب الجلالة بإحداث صندوق للتكافل العائلي، والذي يندرج في إطار سياسة أسرية مندمجة ومتكاملة تهدف إلى إعادة الاعتبار لمؤسسة الأسرة ،وتقوي تماسكها وقوتها وتشجع على ترسيخ ثقافة أسرية بناءة وهادفة، بمختلف الوسائل والوسائط،ودالك نظرا لما لاقته مدونة الأسرة والتي انبثقت عن فلسفة قائمة على مقاربة الأسرة، من صعوبات وإكراهات في التطبيق، الشيء الذي أثر بشكل كبير على مكون الأسرة ككل، وولدت اختلالات كبيرة همت جوانب مهمة في هذه المؤسسة .
ويرى المتتبعون أن إحداث هذا الصندوق، سيساهم بشكل كبير في القضاء على بعض المشاكل البارزة خصوصا ما يتعلق بالنفقة، إضافة إلى أنه سيجعل الدولة تتحمل مسؤوليتها في ضمان حق تسديد النفقة لمستحقيها خاصة أنه من خلال المعاينة اليومية لما يدور بالمحاكم خلال تفحص لبعض أقسام قضاء الأسرة، نلاحظ أن جل هذه القضايا تنتهي بدعوى النفقة.
والتي تطرح إشكالات متعددة، خاصة في حال عدم وفاء الزوج بها، وما ينجم عن ذلك من مشاكل اجتماعية متعددة تؤثر بشكل كبير على المطلقة وأبنائها وتعرض الأسرة للتشرد في حالات معينة .
ويعتبر هذا الصندوق كآلية تتوخى المساهمة في إرساء قيم التضامن والتماسك العائلي والاجتماعي، الذي من خلاله يمكن الرقي بمؤسسة الأسرة والحفاظ على نوع من الاستقرار، حتى يجنبها الفوضى والوقوع في براثن الحاجة والسؤال.
فمن خلال قانون 10-41 والذي يعتبر الإطار القانوني لهذا الصندوق والذي حدد نوعية الفئة المؤهلة للاستفادة من مخصصاته المالية، تنص المادة الثانية على أن الاستفادة تقتضي ضوابط تتحدد في:
-تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة.
-تعذر تنفيذ المقرر القضائي بعسر المحكوم عليه.
-تعذر تنفيذ المقرر القضائي لغياب أو عدم العثور على المحكوم عليه.
-ثبوت عوز الأم.
وكل هذه الضوابط إذ توفر إحداها تستحق الاستفادة من مخصصات هذا الصندوق لفائدة:
-الأم المعوزة المطلقة.
-مستحقوا النفقة من الأطفال بعد انحلال ميثاق الزوجية.
فمن خلال معاني هذه المادة، يتبين أن المشرع المغربي حصر الفئات المستفيدة من هذا الصندوق وجعل لها حيزا ضيقا وتمييزا غير مبررا بين المرأة المطلقة المعوزة والمرأة الغير مطلقة المعوزة، لكن أمسك زوجها بالإنفاق عنها، فطالت مسطرة التقاضي (التبليغ والتنفيذ) فكيف ستدبر أمرها؟
فمن غير المنطقي حرمان هذه الفئة من مخصصات الصندوق، هذا إذا ما نسينا أنه يمكن أن يكون هناك أطفال متمدرسون يحتاجون إلى الرعاية والإنفاق، وهذه الحالة هي نفسها اتجه إليها المشرع التونسي .
"إذ حدد الاستفادة لفائدة المطلقات الصادرة لفائدتهن أحكام باته متعلقة بالنفقة وبجراية الطلاق، ولا يشمل النسوة اللواتي لا تزال قضاياهن في الطلاق منشورة لدى المحاكم" .كذلك تنص المادة الرابعة من القانون البحريني، على أن الاستفادة من مخصصات صندوق النفقة تتطلب التوفر على الحكم الصادر بالنفقة وما يفيد الإعلان به.
فهذا التوجه الذي صار عليه المشرع المغربي لا ينسجم وفلسفة إحداث هذا الصندوق الذي انبرى كآلية تهدف إلى خلق نوع من التكافل، وسيبعده عن الدائرة التي يعمل بها إذ ما حيلة هذه الزوجة والأبناء في حالة إطالة مسطرة التقاضي؟ .
فلابد أن يتدخل المشرع وينص صراحة من خلال القانون، على أحقية استفادة الزوجة خلال هذه الفترة على أن تتعهد برد تلك المبالغ أو اقتطاعها بمجرد ما يتم تنفيذ المقرر القضائي على الزوج، سواء انتهت الدعوى بالصلح أم بالطلاق .
وفي نفس السياق، تنص هذه المادة على أن فئة المستفيدات تقتصر على الأم المعوزة المطلقة والأطفال مستحقوا النفقة بعد انحلال الرابطة الزوجية، فمن خلال ملاحظة بسيطة للقوانين المقارنة خصوصا القانون البحريني الذي فتح هذه الاستفادة في وجه الآباء أي الوالدين، وكذا الزوجة سواء كانت مطلقة أو غير مطلقة، وهو نفس الاتجاه الذي سلكه المشرع المصري، إذ حصر هذه الفئة في المطلقة والزوجة والأولاد والأقارب، في حين أن المشرع التونسي توافق مع ما سار عليه المشرع المغربي في تصنيف مجال الاستفادة واقتصارها على المطلقة والأطفال.
فمن خلال ذلك كان من الأجدر على المشرع المغربي أن لا يقف عند هذا الحد ويتماشى مع الأهداف النبيلة التي يقوم عليها القانون، والتي تكرس وتؤسس لمبادئ التكافل والتآزر وينمي إحدى أهم القيم النبيلة المبنية على التضامن الأسري، والذي يستمد كنهه من أعراف المجتمع المغربي الإسلامي العربي.
وهي نفسها الأسئلة التي تقاطرت على قبة البرلمان من طرف العديد من النواب، حول جدوى هذا القانون إذ كان سيجسد هذا الإقصاء ويضرب عرض الحائط كل التصورات التي كانت تعلق عليه، خصوصا إذا ما عدنا إلى مدونة الأسرة المغربية وتحديدا المادة 230 التي ألزمت بالإنفاق على الوالدين.
كما أن هذا التحديد والإقصاء، حرك العديد من الأطياف خصوصا تلك المهتمة بالجانب الحقوقي والفعاليات النسائية، لكون هذا التقييد ضرب صميم الآمال التي كانت تعلق على هذا القانون، هذا دون أن ننسى بعض الفقه ، الذي كان يتوخى إيجاد حل شامل لهذا المشكل بإدراج الوالدين والزوجة الغير المطلقة.
فكان الإشكال الكبير يتجلى في لماذا لم يشمل القانون هذه الفئة، وهل هناك إستراتيجية شاملة لحل هذا المشكل؟.
غير أن إجابة وزير العدل الأستاذ محمد الناصري أثناء تقديمه للرسالة مشروع القانون أمام مجلس المستشارين "فانطلاقا من حرصنا على تلافي فشل الصندوق تبنى المشرع المغربي في البداية منهج التدرج وذلك بحصر الفئات التي توجد في حاجة ماسة للمساعدة إذ بذلك ستضمن للصندوق قاعدة صلبة ستمكنه فيما بعد من استيعاب فئات أخرى يمكنها الاستفادة من خدماته" . وهي نفسها الإجابة التي أجابت بها وزيرة الشؤون الاجتماعية التونسية عن فحوى ومغزى هذا التحديد الذي خصه المشرع التونسي، في أن توسيع مجال تدخل الصندوق ليشمل كل الفئات التي سبق ذكرها من شأنه أن يثقل كاهل الصندوق ماديا، ويتطلب توفير موارد مالية إضافية هامة .
كما أنه بتأمل المادة الثانية من قانون 10-41 فقد رهن المشرع المغربي هذه الاستفادة بمجموعة من الضوابط من ضمنها العوز.
الذي أضحى شرطا جوهريا حتى يتم تحقيق الاستفادة من مخصصات الصندوق، لكن الأشكال يكمن في الوسيلة التي سيتم إعمالها لتحديد هذا العوز؟
ثم هل من السهل إثبات العوز، علما أن الواقع يوميء بكثير من الإيضاح أن إثبات العوز يبقى أمرا صعبا، مما سيبعد هذا القانون عن إطاره الذي جاء من أجله وهو تحقيق التكافل، كما أنه سيفتح مجالا آخر من التملص والخداع من أجل الظفر بالاستفادة من مخصصات الصندوق بطرق احتيالية تقوم بالحصول على وثائق مزورة .
فزيادة على الوثائق المتطلبة لتحديد هذه الحالة، والمتجلية في شهادة الاحتياج وفي شهادة الإعفاء من الضرائب مسلمة من مصالح وزارة المالية، لابد من أن تسند مهمة الرقابة والضبط لهيئات تابعة لوزارة الداخلية وأعوان السلطة لكون هذه الأخيرة، أدرى وأحق بهذه المهمة حتى يتسنى تحقيق الحماية المالية للصندوق، من خلال التجربة والخبرة التي يتوفران عليها.
هذا من الجانب المغربي، في حين أن المشرع البحريني ولا المصري لم يقرن هذه الاستفادة بهذا الشرط، وإنما وضعها مفتوحة لكل من يتوفر على الشروط الوارد ذكرها في نص القانون بإسناد المشرع المصري الذي نص على أن "على بنك ناصر الاجتماعي أداء النفقات والأجور وما في حكمها مما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الولدين وذلك وفقا للقواعد" والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات إذ علق القانون المصري الاستفادة على صدور قرار عن وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات.
فبالرجوع إلى القانون التونسي، وخصوصا الإطار القانوني لصندوق النفقة وجراية الطلاق، نجده يشمل نوعا آخر من الاستفادة وهي الجراية العمرية الذين يتمتعن بخدمات الصندوق، أي النساء إلى نهاية أمد عدتهن، وهي ثلاثة أشهر بعد حكم الطلاق الذي استوفى كافة طرق الطعن فيه، ويتمتعن بخدماته مادام الموجب القانوني قائما إذا كن من المحكوم لهن بجراية عمرية تعويضا عن الضرر المادي للطلاق، فالنساء لا يتمتعن بخدمات الصندوق بوصفهن زوجات وإنما يوصفهن مطلقات معتدات لهن حق نفقة العدة .
في حين أن الإطار القانوني للقانون المغربي لم يشمل هذه الفئة بالاستفادة، (أي المعتدات) وإنما خصها في النفقة فقط، فكان بالأحرى على المشرع المغربي أن لا يقف عند هذا الحد ويواصل في منح الاستفادة حتى للمعتدات، لأن في ذلك صيانة لهذه الشريحة وحفظا لكرامتها وتجسيد لمضامين وأهداف مدونة الأسرة المغربية القائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة وقواعد العدالة والإنصاف المنبثقة من القواعد الكونية، بيد أن إشكال من نوع آخر قد يثار، ويتجلى في الزيجات المختلطة، فبالنسبة للمرأة الفرنسية المتزوجة من مغربي على الأراضي المغربية، هل يحق لها تقديم طلب استفادة من خدمات الصندوق أم أن القانون يقتصر على المغربيات فقط؟
فبالرجوع إلى الواقع نجد أن نسبة الزواج المختلط عرفت ارتفاعا في السنوات الأخيرة، مما يوحي أن مشكلة الطلاق بدورها ستكون حاضرة، الشيء الذي سيتمخض عنه صدور أحكام بالنفقة ففي هذه الحالة ما هو الحل؟.
فإذا تأملنا القانون المغربي، لا نجده ينص على هذا التحديد وإنما تركه مفتوحا على غير الاتجاه الذي سلكه المشرع البحريني، والذي حصر مجال الاستفادة للبحرينيين فقط، لكن بالرجوع إلى التجربة التونسية والتي تعتبر رائدة في هذا المجال والتي وضعت حلا لهذه المعضلة حيث رجحت معيار المصلحة العامة، باعتبار ان مؤسسة الأسرة هي المستهدفة بهذه الحماية، وليس جنسية الأطراف، وبالتالي من حق الأم الأجنبية الاستفادة من مخصصات الصندوق، وهو نفس الاتجاه الذي يجب أن يسير عليه المشرع المغربي حتى يجسد المقاصد النبيلة التي انبعث من أجلها هذا الصندوق.
كما أن إشكال آخر والذي يتجلى في الأحكام المتعلقة بالنفقة، والصادرة عن المحاكم الأجنبية، والمتعلقة بالزوجات المغاربة، فهل يحق لهذه الزوجة تقديم طلب الاستفادة من مخصصات الصندوق؟.
إلا أن الإجابة على هذا السؤال، ستكون على نفس الإجابة التي أعطاها المشرع التونسي غير انه في الحالات التي يكون فيها حكم النفقة يحمل مبالغ كبيرة الشيء، الذي لا ينبغي أن يحصل حتى لا يتأثر الصندوق بشكل سلبي.
كذلك نفس الشيء بالنسبة للأطفال اللذين يتواجدون بالمغرب وهم من أم مغربية وأب أجنبي تقدموا بطلب الحصول على المخصص المالي من الصندوق، فهنا لابد من إعمال معيار المصلحة العامة وتمتيعهم بالاستفادة على غرار الأطفال الحاصلين على الجنسية المغربية.
بقي لنا فيما يخص الجانب الشخصي لهذا القانون 10-41، فقد خص الاستفادة للمطلقة الأم المعوزة. فهذا يعني حسب صريح المادة الثانية أن المطلقة التي لا تتوفر على أبناء ليس من حقها الاستفادة من خدمات الصندوق، وهذا التمييز يأتي ضدا على الفلسفة التي أحدث من أجلها الصندوق فالمشرع التونسي وحسب مدونة الأحوال الشخصية خصوصا الفصل 53 ينص " يتولى صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق دفع مبالغ النفقة أو جراية الطلاق الصادرة بها أحكام باتة تعذر تنفيذها لفائدة المطلقات وأولادهن من المحكوم عليه بسبب تلذذه وذلك وفقا للشروط المنصوص عليها بالقانون المحدث للصندوق".
فمن هنا يترآى لنا أن القانون التونسي لم يستثني المطلقات الغير متوفرات على أبناء باعتبار أن المطلقات حسب التعريف القانوني هن من طلقن أزواجهن بقوة حكم أوقع الطلاق، فكل امرأة تجد نفسها تتطابق مع هذه الحالة تستحق الاستفادة من خدمات الصندوق.
كما أن المادة الأولى تنص في فقرتها الثامنة من القانون البحريني، على أن الزوجة تستحق النفقة أو المطلقة دون تحديد هذه العبارة بالأم لتوفرها على الأبناء، كذلك صار نفس المسار المشرع المصري حينما نص في المادة 71 من القانون رقم 1 لسنة 2000 في الفقرة الثامنة، على أن المطلقة تستحق الاستفادة دون تقييد ولا تحديد، فسيرا على هذا المنوال على المشرع أن يتراجع على هذا التضييق ويخصص للزوجة المطلقة الاستفادة من خدمات الصندوق، تماشيا مع الأهداف النبيلة والمقاصد الحميدة التي ينم عنها هذا القانون والذي يؤسس لمبدأ التكافل الذي استلهمه من قيم الشريعة المحمدية السمحة القائمة على التآزر فمن خلال تسمية القانون الذي اكتسب رمزيته من مدونة الأسرة والذي أخذ من موضوع العائلة اسما له باعتبار هذا الوسط هو الوسط الشامل والأعم، فمن الواضح أن تستحق هذه الفئة من المطلقات الاستفادة من هذا القانون.
الفقرة الثانية: تحديد شروط الاستفادة من خدمات الصندوق
لقد حرص المشرع المغربي عند إعداد قانون 10-41 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي، أن يراعي الخصوصيات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع المغربي، لذلك جاء هذا القانون بشروط محددة من أجل تحقيق الاستفادة بشكل كاف ومتوازن.
وقد تبين من خلال ملاحظة هذه الإجراءات، أن واضعها تشدد من أجل أن يضمن لهذا الصندوق الاستمرارية والدوام حتى لا يكون عرضة للإفلاس، من خلال فتحه في وجه كل الفئات والأصناف.
فأكيد أن نسبة الأحكام المتعلقة بالنفقة هي في تزايد مستمر، إذ أصبحت هذه النسب تشكل معضلة كبيرة ويعزى ذلك إلى عدة أسباب سبق لنا وأن ذكرناها، غير أن التأثير الأكبر لهذه المعضلة يمس الطائفة الضعيفة في العلاقة الزوجية ويتعلق الأمر بالمطلقة والأطفال عند انحلال الرابطة الزوجية.
لدى فقد سارعت منذ فترات سابقة العديد من الأصوات المتمثلة في بعض الجمعيات، وكذلك جانب من الفقهاء القانونين والباحثين من أجل الإسراع بخروج هذا القانون.
وعندما صدر هذا القانون، والذي اعتبره البعض أنه يندرج ضمن مشروع اجتماعي بامتياز، لأنه يدعم إستراتيجية دعم النساء وتأهيلهن للإسهام في النسيج المجتمعي.
ويدفع بالمرآة من أجل أن تكرس موقعها، كشريك أساسي في تحقيق مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويدعم بلورت المخططات المختلفة القائمة على مقاربة النوع الاجتماعي، كما يأتي هذا الصندوق كمدخل أساسي لمعالجة الاختلالات الأسرية، وحماية حقوق المرأة والطفل، وخلق التوازن المادي لوضعية الأسرة بشكل عام، ويخفف العبء المعيشي على المرأة المطلقة المعوزة وأطفالها، ويمكنها من الاستفادة وفق الشروط التي جاء بها القانون.
فحسب المادة الثالثة من قانون 10-41، تتحقق الاستفادة بتوفر مجموعة من الشروط:
- تقديم طلب الاستفادة إلى الصندوق من المعني بالأمر.
- إثبات تعذر التنفيذ بمحضر محرر من المكلف بالتنفيذ.
- إرفاق الطلب بالمقرر القضائي المحدد للنفقة.
بعد التوفر على هذه الوثائق يتعين على الأم المطلقة المعوزة أو الحاضنة أو المستحق من الأبناء إذا كان راشدا، أن يتقدم إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم المحدد للنفقة أو المحكمة الابتدائية التي أوكل إليها تنفيذ المقرر القضائي طلبا، وعلى هذه الأخيرة أن تبت فيه داخل أجل 8 أيام في الأقصى من تاريخ تقديم الطلب بمقتضى مقرر أي قرار .
إذ يخول القانون للمستفيد أن يتقدم بهذا الطلب، بعد انصرام أجل شهرين من تاريخ تقديم طلب تنفيذ المقر القضائي المحدد للنفقة الدي سبق وان حددهدا المخصص المالي في حكم النفقة، على أن لا يتجاوز هذا المخصص مبلغ 1050 درهم، وبعد صدور المقرر القضائي يتوجب على المستفيد أن يتوجه إلى المصلحة المختصة، مرفوقا بطلب وبالمحرر القضائي، وقد تم تحديد هذه الهيئة في مؤسسة خدماتية( بريد بنك)، إذ ستستمر هذه الهيئة في صرف المخصص المالي للمنتفعين إلى غاية سقوط الحق في النفقة وإلى حين ثبوت تنفيذها من طرف المحكوم عليه، ويتعين على المستفيد من هذا المخصص المالي موافات رئيس المحكمة الابتدائية بعد انصرام سنتين، ابتداء من تاريخ صدور مقرر الاستفادة، ويصدر هذا الأخير مقررا آخر يؤكد أحقية الاستمرار في الاستفادة أم لا، ويعتبر هذا المقرر نهائيا لا يقبل أي طعن وينفذ على الأصل .
في حين نجد أن المشرع البحريني يستلزم بدوره ضرورة تقديم طلب من أجل الحصول على المبالغ المحكوم بها على الزوج إلى صندوق النفقة، وأن يشفع ذلك الطلب بشهادة تفيد عدم التنفيذ من قبل الزوج.
أي الصادر في حقه حكم النفقة.
وهذه هي نفسها الشروط التي أشار إليها المشرع المغربي في قانون 10-،41 غير أن القانون التظيمي البحريني حدد بالتفصيل هذه الشروط في المادة الثالثة وهي:
1-نسخة مصادق عليها من حكم النفقة.
2-نسخة من البطاقة الوطنية.
3-شهادة الضرائب.
4-شهادة تفيد صعوبة التنفيذ.
5-ملئ استمارة تسحب من الصندوق .
بعد التقدم بهذه الوثائق إلى الصندوق الذي يتولى دراستها خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم الطلب ، وهنا نسجل أن المشرع المغربي راعى بكثير من الحماية مصلحة المستفيد، حينما نص على أجل اقل من الأجل الذي تبناه المشرع البحريني وحدد مدة دراسة الطلب في 8 أيام، وذلك لتسهيل الاستفادة من أجل الحفاظ على كيان الأسرة نظرا لأهميته كمورد للعيش، وما يشكله من أهمية قصوى تسهم في استقرار الأسرة.
في حين أن المشرع التونسي من خلال الفصل الثاني من القانون المحدث لصندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق، ضمن مجموعة من الشروط هي نفسها التي استوجبها القانون 10-41، باستثناء أن القانون المغربي استلزم شرطا جوهريا يشكل استثناء من كل القوانين وهو تحديد العوز.
ويأتي هذا التشديد كإستراتيجية هادفة إلى الحفاظ على المالية المعتمدة لدى الصندوق، حتى لا تتعرض للاستنزاف والتبدير .
غير أن المشرع التونسي حدد الشروط المخولة للاستفادة"يجب أن تكون مطالب الحصول على النفقة وجراية الطلاق مرفقة بالوثائق التالية:
نسخة من الحكم القاضي بالنفقة أو بجراية الطلاق.
محضر إعلام المدين بالحكم.
محضر محاولة تنفيذ الحكم.
شهادة في تقديم شكوى إهمال عيال.
مضمون دفاتر الحالة المدنية لكل من المحكوم لفائدتهم بالنفقة أو بجراية الطلاق.
نسخة من الحكم المسند للحضانة إن وقع إسنادها لغير الأبوين" .
وبعد استيفاء هذه الشروط، توضع لدى إدارة الصندوق القومي للضمان الاجتماعي من أجل دراسة الملف، ويتخذ هذا الصندوق عند توفر الشروط القانونية قرار بتحميل مبالغ النفقة أو جراية الطلاق، ويشرع في صرف هذه المبالغ لمستحقيها في الأجل المحدد بالقانون، في أجل 15 يوما كما هو الحال عليه بالنسبة للقانون البحريني، وعن صيغة تقديم الطلب لابد من ملء استمارة تسلمها إدارة الصندوق، غير أن الإدارة تتشدد في قبول هذه الطلبات وتحرص على أن تملئ بعناية فائقة وبشكل دقيق نظرا لطابعها الرسمي .
أما على مستوى تسيير الصندوق، فقد أوكل مهمة السهر على تسييره لمؤسسة خاضعة للقانون العام بموجب اتفاقية تبرم ما بين الدولة وهذه الهيئة .
وعن دراسات طلبات بشأن أحقية الإستفادة، خول القانون لرئيس المحكمة الإبتدائية صلاحيات واسعة، غير أنه في حالة رفضه لطلب الاستفادة، فإنه لا يحق والحالة هاته للمستفيد بالطعن في ذلك القرار لأنه يعد نهائيا .
في حين نجد أن المشرع التونسي، منح للمستفيدين الطعن في قرارات الصندوق القومي للضمان الاجتماعي أمام المحاكم الإدارية وفق نهج سلم التظلم الإداري، باعتبار هذه الأخيرة مؤسسة عمومية وقراراتها تعتبر إدارية، لدى كان من الأجدر أن يمنح المشرع المغربي لفائدة من صدر في حقهم مقررات لا تخول لهم الاستفادة، بـأن يطعنوا في هذه القرارات على غرار القانون التونسي حتى تتحقق فلسفة إحداث الصندوق، وإبعاد الوقوع في تهميش أي طرف قد يكون في أمس الحاجة من الاستفادة.
كما أنه قد يبرز إلى الوجود إشكال أثناء الممارسة والتطبيق، ويتجلى في تماطل المدين عن أداء النفقة، إذ سيعمد المدين إلى التوقف عن دفع النفقة المستحقة إلى الزوجة في المرة الموالية للمرة الأولى التي سبق وأن تقدمت بطلب إلى الصندوق الذي خول لها الاستفادة ثم يعود الزوج مرة أخرى للتماطل، مما يتوجب على الزوجة الإسراع بجمع الوثائق وتقديم طلب جديد من أجل الحصول على النفقة وفق الشروط السابقة، كما لو تعلق الأمر بطلب جديد مقدم إلى الصندوق لأول مرة.
فمن خلال هذا يبدوا أن المدين السيئ النية سيعمل على استفزاز المطلقة وإبقائها في حالة طوارئ وإجبارها كل مرة إلى سلك الإجراءات السالفة ذكرها.
إذ كان من الأجدر بالمشرع المغربي أن ينص صراحة من خلال نص القانون على تقييد حالة عود المدين إلى التملص على غرار القانون التونسي، إذ تستحق المطلقة أو الأولاد للنفقة في هذه الحالة دون اللجوء إلى نفس الشروط والإجراءات وحمايتهم من التشفي المشروع من طرف المدين بالنفقة حتى لا تبقى في حالة طوارئ دائم، حيث جاء في التشريع التونسي "في صورة العود المدين للتلذذ وبقطع النظر عن التبعيات من أجل عدم دفع النفقة وجراية الطلاق المنصوص عليها بالفصل 53 مكرر من مجلة الأحوال الشخصية يتعهد الصندوق القومي للضمان الاجتماعي مباشرة بمواصلة صرف مبلغ النفقة وجراية الطلاق لمستحقيها لمجرد استظهارهم بما يثبت عود المدين للتلذذ" .
وهكذا سيتم تخليص المطلقة المتضررة من تلذذ مطلقها، مما كان يرهقها ويثقل كاهلها من طول إجراءات كانت تقتضيها إعادة المطالبة بخدمات الصندوق من أولها .
أما بالنسبة للوثائق المطلوبة والذي يبدوا أنها كثيرة ويستعصى الحصول على بعض منها خصوصا تلك المتعلق بتحديد العوز، بالإضافة إلى الوثائق الأخرى التي تعد كثيرة ويستحسن أن لا يكثر منها حتى لا تشل الوظيفة الاجتماعية للصندوق، والقائمة على التكافل الاجتماعي والهادفة إلى شد ووثق روابط الأسرة وليس حلها وتشتيتها، هذا إذا استحضرنا أن أغلب النساء الذين يعانين من مشاكل النفقة، هم أميات أضف إلى ذلك تشعب وصعوبة اللجوء إلى المرافق الإدارية وما يطبعها من نمط بيروقراطي مما سيؤدي في الأخير إلى إبعاد الصندوق عن الهدف الذي جاء من أجله .
ومن أجل تجاوز هذه المشاكل، لابد من الاستشراف على التجربة التونسية والتي تعتبر رائدة في هذا المجال، فقد أصدرت الحكومة منشورا مشتركا، عن وزير العدل ووزير الشؤون الاجتماعية يتعلق بتسيير إجراءات الانتفاع من خدمات الصندوق لفائدة المطلقات والأولاد .
أما عن مبلغ الاستفادة التي سيخصصها القانون 10-41، فقد تناولت المادة الثامنة من نفس القانون.
على أن مبالغ الاستفادة جاءت محددة وفق نص بأن لا تتجاوز مبلغ 1050 درهم، وتبتدئ كحد أدنى من مبلغ 350 درهم، فالملاحظ على هذه المبالغ أنها زهيدة اعتبارا إلى الظروف التي تعرفها الأوساط المعيشية، وما تتطلبه من احتياجات كثيرة تدخل في صلب الضروريات الأساسية لصيرورة الحياة، وباعتبار أن النفقة تشتمل على الطعام والكسوة والمسكن، ويؤخذ بعين الاعتبار حال المنفق عليه وسعت المنفق وحال الوقت والأسعار، فإذا ما انفتحنا على التجربة التونسية في هذا المجال نجد أن تدخل الصندوق ابتداء من تاريخ تأسيسه، إلى غاية 31 ديسمبر من نفس السنة أسدى 37 تدخلا من جملة 145 مطلبا وقد ارتفع العدد ليشمل عدد المنتفعين به سنة 2003 حوالي 8405 أسرة وأن معدل النفقة المحكوم بها تبلغ حوالي 76 دينارا في الشهر .
كذلك الشأن بالنسبة للمشرع البحريني الذي يتولى صرف النفقة بصفة شهرية في حدود مبلغ لا يتجاوز 200 دينار شهريا.
فبالنظر إلى هذه الأرقام والحصيلة نجدها متكافئة ومستوى العيش داخل هذه الدول، إذ لابد من أن يعمل المشرع المغربي على تعديل القانون لتحسن من الإستفادة التي يمنحها الصندوق حتى لا يبقى وجوده كعدمه، لأن الإستراتيجية التي جاء بها القانون والهادفة إلى تنقيح المستفيدين بعناية، وبالنظر إلى تلك القيود كان من الأجدر أن تكون الاستفادة متكافئة ونوعية التحصين المفروض حتى تتحقق استفادة فعالة وإيجابية.
وتضمن الحد الأدنى من العيش الكريم ،علما أن الواقع المعاش المغربي يكتنز العديد من المتغيرات والتي تظل في استمرار، وما يدخل في هذا الجانب من غلاء وارتفاع في الأسعار، لدى كان من البديهي تمتيع المستفيدات من المخصصات المالية التي يمنحها الصندوق بمرتب مالي يضمن لهم مستوى العيش العادي، فإذا عدنا إلى القانون البحريني كما سبق وأن ذكرنا يحدد هذا المخصص في مبلغ 200 دينار ويفوق هذا المبلغ الحد الأدنى للأجور المحدد لديهم في 150 دينار، كما أن الحد الأدنى للأجور في المغرب حدد مؤخرا في 2300 درهم، فإذا قارنا هذا المبلغ مع مبلغ 1050 درهم المخصص كحد أقصى لتدخل الصندوق، فإنه سيشكل ثلث مبلغ 2300 درهم الحد الأدنى للأجور؟
فكان على المشرع المغربي أن يستحضر هذه المعطيات أثناء سن المرسوم التنظيمي، لأن غاية الصندوق المثلى هي تعزيز الحماية لمؤسسة الأسرة وتعزيز المكتسبات التي سعت مدونة الأسرة إلى ترسيخها، والمتجلية في صيانة حقوق وكرامة الأطراف الضعيفة في العلاقة الزوجية، لدى لابد من السعي وراء تمتين هذه الاستفادة حتى يتسنى لنا القول بوجود فعلي للصندوق، لا الاكتفاء بالوجود الهيكلي والغياب الوظيفي والقول هنا ينبع من التطبيق والممارسة التي دأب القضاة على اعتمادها لأن معايير تحديد النفقة متعددة منها:
• دخل الملزم بالنفقة.
• حال المستحق للنفقة.
• التوسط ومستوى الأسعار.
• الأعراف والعادات السائدة.
• الوسط الاقتصادي والاجتماعي.
• عناصر أخرى
فحسب هذه المعطيات المدلى بها في الجدول الذي يحدد النفقة، والتي عممته وزارة العدل لتييسر تحديد مبالغ النفقة من طرف القاضي، لاحظنا أنه حسب هذا الجدول في حالة حصول أو تقاضي الزوج لمبلغ 5000 درهم في الشهر، يمكن للقاضي الحكم بمبلغ النفقة في حدود 2006درهم في الأقصى أو 1758 درهم في الأدنى .
فعموما كما يبدو أن هذه المبالغ لا تساوي المبلغ المحدد بالمرسوم التنظيمي الذي يفرغ المغزى والهدف الذي جاء به القانون .
كما أشار بعض المختصين، إلى أن الوزارة عليها تبني إستراتيجية حمائية تتجلى في إلزامية الإدلاء بورقة الأجر، أو ما يعادل هذه الوثيقة أثناء انعقاد الزواج، وذلك من أجل الرجوع إليها عند حدوث أي تصدع في العلاقة الزوجية وخصوصا عند تحديد مبلغ النفقة، حتى يوصد الباب في وجه كل الأزواج المتملصين ولتسهيل عمل القاضي، ثم أن القانون رقم 10-41، جاء بمقتضى آخر ينص فيه أن المستفيد ملزم كل سنتين ابتداء من تاريخ صدور المقرر القضائي المخول للاستفادة موافاة رئيس المحكمة الابتدائية.
بجميع الوثائق طبقا لأحكام المادة 7 من هذا القانون، في حين نجد أن المشرع البحريني من خلال قانون صندوق النفقة، لم يحدد هذا الإجراء، وإنما نص في المادة السابعة على إلزامية الأخبار بأي تغيير يطرأ على الحالة الاجتماعية أو القانونية يؤثر في وضعية استحقاق للنفقة، وذلك خلال أجل 10 أيام من حدوث التغير كما أن اللائحة الداخلية للصندوق، تنص في مادتها الخامسة على أن دراسة المطلب ومراقبة الشروط، يتولاها الباحثين الاجتماعيين التابعين للصندوق، معنى ذلك أن هذه الهيئة يعهد إليها القيام ببحث دوري يهم مراقبة مستحقي النفقة والتغيرات الحاصلة على مستوى العيش، ويحررون تقارير تحدد مدى أحقية الاستمرار في الاستفادة أو الزيادة أو الإنقاص منها.
لكن المشرع التونسي اتخذ منهجا آخر إذ ألزم بتقديم الوثائق إلى إدارة الصندوق حتى بعد الحصول على موافقته وبعد تدخله، إذ ينص الفصل السادس من أمر 9 غشت 1999 على أنه "يتعين على المنتفعين بالنفقة أو بجراية الطلاق من الصندوق موافاة المكتب بمضامين جديدة من دفاتير الحالة المدنية مرة كل سنة وكلما اقتضت الحاجة ذلك.
ويتعين كذلك على المنتفعين بجراية الطلاق لهم قضايا إهمال عيال منشورة لدى المحاكم تقديم شهادة في مآل القضية كل ثلاثة أشهر وكلما اقتضت الحاجة لذلك" غير أن المشرع المغربي لم ينص على هذا الأجل الذي تبناه المشرع التونسي ولكن كان من الأحسن أن يسير على نهج المشرع التونسي.،
لأن الغاية حسب بعض الفقه هو جعل ملف الصندوق جاهزا ومحينا باستمرار، مما يسمح بمراقبة مدى قيام موجب النفقة إذ ليست الغاية الإكثار من المطالبة بالوثائق، إذ يجب أن يتضمن ملف الصندوق حدا أدنى من البيانات والمعطيات والمستندات .
كما أنه قد تثار صعوبات أخرى أثناء سريان العمل بصندوق التكافل العائلي وتتجلى هذه الصعوبة في تزاحم الطلبات بشأن الأحقية في استحقاق النفقة ما بين الأبناء والزوجة المطلقة، فبالرجوع إلى القانون 10-41 لم ينص صراحة على أي مقتضى يتعلق بتحديد المستحق للاستفادة في هذه الحالة، علما أنه على مستوى أحكام النفقة نجد العديد منها يتضمن الأطفال، كما أنه بالرجوع إلى القانون 10-41 وخصوصا المادة الثانية حددت الفئات المستحقة للاستفادة في الأم المعوزة المطلقة ومستحقوا النفقة من الأطفال فمن يا ترى سيستفيد بالأولوية؟.
فإذا عدنا إلى القانون البحريني، فقد تفطن لذلك ونص من خلال مضامين القانون على أن الأولوية تكون للزوجة أو المطلقة ثم نفقة الأولاد، فهذا التحديد جاء واضحا وكان من الأجدر أن يعمل المشرع المغربي على إقرار هذا التحديد، لأنه سيغني أثناء التطبيق عن مجموعة من المشاكل.
فمن خلال هده الدراسة حاولنا ان نلم بمجموعة من الاشكاليات القانونية بلانفتاح على
التجارب المقارنة التي تعتمد هدا النوع من الصناديق حتى نقارب ما يمكن وضعه بغية
توجيه عمل صندوق التكافل العائلي نحو الغاية المثلى التي انشئ من اجله وكدلك حتى لا
يعود مولود وهو ميت ودلك بادراك كل النقط السلبية التي ينبغي تجاوزها في هدا النص
القانوني مع الاشادة ببعض المحاسن الدي ادركها الا ان الغاية التي ينبغي استحضارها هي
حماية كل الفئات التي تستحق الحماية
الفقرة الأولى: تحديد الفئات المستفيدة من مخصصات الصندوق
صادق البرلمان على مشروع قانون 10-41 والمتعلق بتحديد شروط الاستفادة من صندوق التكافل العائلي، ويتضمن هذا القانون 14 مادة خصت لتحديد الفئات المستفيدة من الصندوق وإجراءات الاستفادة منه وكيفية استرجاع المخصصات المالية .
ورغم الظروف الاستثنائية التي تمت فيها مناقشة مشروع القانون، والذي سجل رقما قياسيا في سرعة مناقشته، بسبب تأخر الحكومة في تقديمه للبرلمان في الأجل المناسبة مع أن الحكومة كان لها الوقت الكافي لتقديمه في الآجال المطلوبة .
إلا أن ذلك يعد مكسبا كبيرا وهاما للمرأة المغربية، وهذا ما عبرت عنه العديد من الهيئات والجمعيات النسائية
الفاعلة في القطاع، كما أنه يكرس سياسة الإصلاح الذي دعت إليها مدونة الأسرة المغربية. كما أن هذا القانون يعد نقلة نوعية على مستوى فلسفة المشرع في مجال الأسرة، والتي يطمح من خلاله إلى تعزيز مكانتها وتقوية روابط مؤسسة الأسرة لطابعها الإنساني الصرف، ولما يحيطها من تهديدات خصوصا في مرحلة التصدع في العلاقة الزوجية وأخص بالذكر فئة الأطفال والمطلقات.
لكون أن الحكم المحدد للنفقة وما يصطدم به من صعوبات في التنفيذ، يفتح الباب على مصراعيه أمام المطلقة وأبنائها، لتذوق طعم التيه والضياع والتشرد ويفرغ مؤسسة الأسرة ذات الحرمة والصون من محتواها، ويبقى حائلا يحول دون الوصول إلى الهدف المنشود التي تسعى من أجله المدونة.
وأمام التصاعد المضطرد لأعداد الأحكام المتعلقة بالنفقة وصعوبة تنفيذها، طرحت أفكار وتساؤلات سرعان ما تحولت إلى مطالب حقيقية تتوخى إيجاد حلول لهذه المشاكل التي أضحت تهدد العديد من الأطفال والمطلقات وتزحزحهم عن خط الاستقرار الذي كانوا يعيشون تحت ظله.
وفي نفس السياق، وتفاعلا مع هذا الموضوع ،تجندت الحكومة المغربية بعد تلقيها الضوء من صاحب الجلالة بإحداث صندوق للتكافل العائلي، والذي يندرج في إطار سياسة أسرية مندمجة ومتكاملة تهدف إلى إعادة الاعتبار لمؤسسة الأسرة ،وتقوي تماسكها وقوتها وتشجع على ترسيخ ثقافة أسرية بناءة وهادفة، بمختلف الوسائل والوسائط،ودالك نظرا لما لاقته مدونة الأسرة والتي انبثقت عن فلسفة قائمة على مقاربة الأسرة، من صعوبات وإكراهات في التطبيق، الشيء الذي أثر بشكل كبير على مكون الأسرة ككل، وولدت اختلالات كبيرة همت جوانب مهمة في هذه المؤسسة .
ويرى المتتبعون أن إحداث هذا الصندوق، سيساهم بشكل كبير في القضاء على بعض المشاكل البارزة خصوصا ما يتعلق بالنفقة، إضافة إلى أنه سيجعل الدولة تتحمل مسؤوليتها في ضمان حق تسديد النفقة لمستحقيها خاصة أنه من خلال المعاينة اليومية لما يدور بالمحاكم خلال تفحص لبعض أقسام قضاء الأسرة، نلاحظ أن جل هذه القضايا تنتهي بدعوى النفقة.
والتي تطرح إشكالات متعددة، خاصة في حال عدم وفاء الزوج بها، وما ينجم عن ذلك من مشاكل اجتماعية متعددة تؤثر بشكل كبير على المطلقة وأبنائها وتعرض الأسرة للتشرد في حالات معينة .
ويعتبر هذا الصندوق كآلية تتوخى المساهمة في إرساء قيم التضامن والتماسك العائلي والاجتماعي، الذي من خلاله يمكن الرقي بمؤسسة الأسرة والحفاظ على نوع من الاستقرار، حتى يجنبها الفوضى والوقوع في براثن الحاجة والسؤال.
فمن خلال قانون 10-41 والذي يعتبر الإطار القانوني لهذا الصندوق والذي حدد نوعية الفئة المؤهلة للاستفادة من مخصصاته المالية، تنص المادة الثانية على أن الاستفادة تقتضي ضوابط تتحدد في:
-تأخر تنفيذ المقرر القضائي المحدد للنفقة.
-تعذر تنفيذ المقرر القضائي بعسر المحكوم عليه.
-تعذر تنفيذ المقرر القضائي لغياب أو عدم العثور على المحكوم عليه.
-ثبوت عوز الأم.
وكل هذه الضوابط إذ توفر إحداها تستحق الاستفادة من مخصصات هذا الصندوق لفائدة:
-الأم المعوزة المطلقة.
-مستحقوا النفقة من الأطفال بعد انحلال ميثاق الزوجية.
فمن خلال معاني هذه المادة، يتبين أن المشرع المغربي حصر الفئات المستفيدة من هذا الصندوق وجعل لها حيزا ضيقا وتمييزا غير مبررا بين المرأة المطلقة المعوزة والمرأة الغير مطلقة المعوزة، لكن أمسك زوجها بالإنفاق عنها، فطالت مسطرة التقاضي (التبليغ والتنفيذ) فكيف ستدبر أمرها؟
فمن غير المنطقي حرمان هذه الفئة من مخصصات الصندوق، هذا إذا ما نسينا أنه يمكن أن يكون هناك أطفال متمدرسون يحتاجون إلى الرعاية والإنفاق، وهذه الحالة هي نفسها اتجه إليها المشرع التونسي .
"إذ حدد الاستفادة لفائدة المطلقات الصادرة لفائدتهن أحكام باته متعلقة بالنفقة وبجراية الطلاق، ولا يشمل النسوة اللواتي لا تزال قضاياهن في الطلاق منشورة لدى المحاكم" .كذلك تنص المادة الرابعة من القانون البحريني، على أن الاستفادة من مخصصات صندوق النفقة تتطلب التوفر على الحكم الصادر بالنفقة وما يفيد الإعلان به.
فهذا التوجه الذي صار عليه المشرع المغربي لا ينسجم وفلسفة إحداث هذا الصندوق الذي انبرى كآلية تهدف إلى خلق نوع من التكافل، وسيبعده عن الدائرة التي يعمل بها إذ ما حيلة هذه الزوجة والأبناء في حالة إطالة مسطرة التقاضي؟ .
فلابد أن يتدخل المشرع وينص صراحة من خلال القانون، على أحقية استفادة الزوجة خلال هذه الفترة على أن تتعهد برد تلك المبالغ أو اقتطاعها بمجرد ما يتم تنفيذ المقرر القضائي على الزوج، سواء انتهت الدعوى بالصلح أم بالطلاق .
وفي نفس السياق، تنص هذه المادة على أن فئة المستفيدات تقتصر على الأم المعوزة المطلقة والأطفال مستحقوا النفقة بعد انحلال الرابطة الزوجية، فمن خلال ملاحظة بسيطة للقوانين المقارنة خصوصا القانون البحريني الذي فتح هذه الاستفادة في وجه الآباء أي الوالدين، وكذا الزوجة سواء كانت مطلقة أو غير مطلقة، وهو نفس الاتجاه الذي سلكه المشرع المصري، إذ حصر هذه الفئة في المطلقة والزوجة والأولاد والأقارب، في حين أن المشرع التونسي توافق مع ما سار عليه المشرع المغربي في تصنيف مجال الاستفادة واقتصارها على المطلقة والأطفال.
فمن خلال ذلك كان من الأجدر على المشرع المغربي أن لا يقف عند هذا الحد ويتماشى مع الأهداف النبيلة التي يقوم عليها القانون، والتي تكرس وتؤسس لمبادئ التكافل والتآزر وينمي إحدى أهم القيم النبيلة المبنية على التضامن الأسري، والذي يستمد كنهه من أعراف المجتمع المغربي الإسلامي العربي.
وهي نفسها الأسئلة التي تقاطرت على قبة البرلمان من طرف العديد من النواب، حول جدوى هذا القانون إذ كان سيجسد هذا الإقصاء ويضرب عرض الحائط كل التصورات التي كانت تعلق عليه، خصوصا إذا ما عدنا إلى مدونة الأسرة المغربية وتحديدا المادة 230 التي ألزمت بالإنفاق على الوالدين.
كما أن هذا التحديد والإقصاء، حرك العديد من الأطياف خصوصا تلك المهتمة بالجانب الحقوقي والفعاليات النسائية، لكون هذا التقييد ضرب صميم الآمال التي كانت تعلق على هذا القانون، هذا دون أن ننسى بعض الفقه ، الذي كان يتوخى إيجاد حل شامل لهذا المشكل بإدراج الوالدين والزوجة الغير المطلقة.
فكان الإشكال الكبير يتجلى في لماذا لم يشمل القانون هذه الفئة، وهل هناك إستراتيجية شاملة لحل هذا المشكل؟.
غير أن إجابة وزير العدل الأستاذ محمد الناصري أثناء تقديمه للرسالة مشروع القانون أمام مجلس المستشارين "فانطلاقا من حرصنا على تلافي فشل الصندوق تبنى المشرع المغربي في البداية منهج التدرج وذلك بحصر الفئات التي توجد في حاجة ماسة للمساعدة إذ بذلك ستضمن للصندوق قاعدة صلبة ستمكنه فيما بعد من استيعاب فئات أخرى يمكنها الاستفادة من خدماته" . وهي نفسها الإجابة التي أجابت بها وزيرة الشؤون الاجتماعية التونسية عن فحوى ومغزى هذا التحديد الذي خصه المشرع التونسي، في أن توسيع مجال تدخل الصندوق ليشمل كل الفئات التي سبق ذكرها من شأنه أن يثقل كاهل الصندوق ماديا، ويتطلب توفير موارد مالية إضافية هامة .
كما أنه بتأمل المادة الثانية من قانون 10-41 فقد رهن المشرع المغربي هذه الاستفادة بمجموعة من الضوابط من ضمنها العوز.
الذي أضحى شرطا جوهريا حتى يتم تحقيق الاستفادة من مخصصات الصندوق، لكن الأشكال يكمن في الوسيلة التي سيتم إعمالها لتحديد هذا العوز؟
ثم هل من السهل إثبات العوز، علما أن الواقع يوميء بكثير من الإيضاح أن إثبات العوز يبقى أمرا صعبا، مما سيبعد هذا القانون عن إطاره الذي جاء من أجله وهو تحقيق التكافل، كما أنه سيفتح مجالا آخر من التملص والخداع من أجل الظفر بالاستفادة من مخصصات الصندوق بطرق احتيالية تقوم بالحصول على وثائق مزورة .
فزيادة على الوثائق المتطلبة لتحديد هذه الحالة، والمتجلية في شهادة الاحتياج وفي شهادة الإعفاء من الضرائب مسلمة من مصالح وزارة المالية، لابد من أن تسند مهمة الرقابة والضبط لهيئات تابعة لوزارة الداخلية وأعوان السلطة لكون هذه الأخيرة، أدرى وأحق بهذه المهمة حتى يتسنى تحقيق الحماية المالية للصندوق، من خلال التجربة والخبرة التي يتوفران عليها.
هذا من الجانب المغربي، في حين أن المشرع البحريني ولا المصري لم يقرن هذه الاستفادة بهذا الشرط، وإنما وضعها مفتوحة لكل من يتوفر على الشروط الوارد ذكرها في نص القانون بإسناد المشرع المصري الذي نص على أن "على بنك ناصر الاجتماعي أداء النفقات والأجور وما في حكمها مما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الولدين وذلك وفقا للقواعد" والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات إذ علق القانون المصري الاستفادة على صدور قرار عن وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات.
فبالرجوع إلى القانون التونسي، وخصوصا الإطار القانوني لصندوق النفقة وجراية الطلاق، نجده يشمل نوعا آخر من الاستفادة وهي الجراية العمرية الذين يتمتعن بخدمات الصندوق، أي النساء إلى نهاية أمد عدتهن، وهي ثلاثة أشهر بعد حكم الطلاق الذي استوفى كافة طرق الطعن فيه، ويتمتعن بخدماته مادام الموجب القانوني قائما إذا كن من المحكوم لهن بجراية عمرية تعويضا عن الضرر المادي للطلاق، فالنساء لا يتمتعن بخدمات الصندوق بوصفهن زوجات وإنما يوصفهن مطلقات معتدات لهن حق نفقة العدة .
في حين أن الإطار القانوني للقانون المغربي لم يشمل هذه الفئة بالاستفادة، (أي المعتدات) وإنما خصها في النفقة فقط، فكان بالأحرى على المشرع المغربي أن لا يقف عند هذا الحد ويواصل في منح الاستفادة حتى للمعتدات، لأن في ذلك صيانة لهذه الشريحة وحفظا لكرامتها وتجسيد لمضامين وأهداف مدونة الأسرة المغربية القائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة وقواعد العدالة والإنصاف المنبثقة من القواعد الكونية، بيد أن إشكال من نوع آخر قد يثار، ويتجلى في الزيجات المختلطة، فبالنسبة للمرأة الفرنسية المتزوجة من مغربي على الأراضي المغربية، هل يحق لها تقديم طلب استفادة من خدمات الصندوق أم أن القانون يقتصر على المغربيات فقط؟
فبالرجوع إلى الواقع نجد أن نسبة الزواج المختلط عرفت ارتفاعا في السنوات الأخيرة، مما يوحي أن مشكلة الطلاق بدورها ستكون حاضرة، الشيء الذي سيتمخض عنه صدور أحكام بالنفقة ففي هذه الحالة ما هو الحل؟.
فإذا تأملنا القانون المغربي، لا نجده ينص على هذا التحديد وإنما تركه مفتوحا على غير الاتجاه الذي سلكه المشرع البحريني، والذي حصر مجال الاستفادة للبحرينيين فقط، لكن بالرجوع إلى التجربة التونسية والتي تعتبر رائدة في هذا المجال والتي وضعت حلا لهذه المعضلة حيث رجحت معيار المصلحة العامة، باعتبار ان مؤسسة الأسرة هي المستهدفة بهذه الحماية، وليس جنسية الأطراف، وبالتالي من حق الأم الأجنبية الاستفادة من مخصصات الصندوق، وهو نفس الاتجاه الذي يجب أن يسير عليه المشرع المغربي حتى يجسد المقاصد النبيلة التي انبعث من أجلها هذا الصندوق.
كما أن إشكال آخر والذي يتجلى في الأحكام المتعلقة بالنفقة، والصادرة عن المحاكم الأجنبية، والمتعلقة بالزوجات المغاربة، فهل يحق لهذه الزوجة تقديم طلب الاستفادة من مخصصات الصندوق؟.
إلا أن الإجابة على هذا السؤال، ستكون على نفس الإجابة التي أعطاها المشرع التونسي غير انه في الحالات التي يكون فيها حكم النفقة يحمل مبالغ كبيرة الشيء، الذي لا ينبغي أن يحصل حتى لا يتأثر الصندوق بشكل سلبي.
كذلك نفس الشيء بالنسبة للأطفال اللذين يتواجدون بالمغرب وهم من أم مغربية وأب أجنبي تقدموا بطلب الحصول على المخصص المالي من الصندوق، فهنا لابد من إعمال معيار المصلحة العامة وتمتيعهم بالاستفادة على غرار الأطفال الحاصلين على الجنسية المغربية.
بقي لنا فيما يخص الجانب الشخصي لهذا القانون 10-41، فقد خص الاستفادة للمطلقة الأم المعوزة. فهذا يعني حسب صريح المادة الثانية أن المطلقة التي لا تتوفر على أبناء ليس من حقها الاستفادة من خدمات الصندوق، وهذا التمييز يأتي ضدا على الفلسفة التي أحدث من أجلها الصندوق فالمشرع التونسي وحسب مدونة الأحوال الشخصية خصوصا الفصل 53 ينص " يتولى صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق دفع مبالغ النفقة أو جراية الطلاق الصادرة بها أحكام باتة تعذر تنفيذها لفائدة المطلقات وأولادهن من المحكوم عليه بسبب تلذذه وذلك وفقا للشروط المنصوص عليها بالقانون المحدث للصندوق".
فمن هنا يترآى لنا أن القانون التونسي لم يستثني المطلقات الغير متوفرات على أبناء باعتبار أن المطلقات حسب التعريف القانوني هن من طلقن أزواجهن بقوة حكم أوقع الطلاق، فكل امرأة تجد نفسها تتطابق مع هذه الحالة تستحق الاستفادة من خدمات الصندوق.
كما أن المادة الأولى تنص في فقرتها الثامنة من القانون البحريني، على أن الزوجة تستحق النفقة أو المطلقة دون تحديد هذه العبارة بالأم لتوفرها على الأبناء، كذلك صار نفس المسار المشرع المصري حينما نص في المادة 71 من القانون رقم 1 لسنة 2000 في الفقرة الثامنة، على أن المطلقة تستحق الاستفادة دون تقييد ولا تحديد، فسيرا على هذا المنوال على المشرع أن يتراجع على هذا التضييق ويخصص للزوجة المطلقة الاستفادة من خدمات الصندوق، تماشيا مع الأهداف النبيلة والمقاصد الحميدة التي ينم عنها هذا القانون والذي يؤسس لمبدأ التكافل الذي استلهمه من قيم الشريعة المحمدية السمحة القائمة على التآزر فمن خلال تسمية القانون الذي اكتسب رمزيته من مدونة الأسرة والذي أخذ من موضوع العائلة اسما له باعتبار هذا الوسط هو الوسط الشامل والأعم، فمن الواضح أن تستحق هذه الفئة من المطلقات الاستفادة من هذا القانون.
الفقرة الثانية: تحديد شروط الاستفادة من خدمات الصندوق
لقد حرص المشرع المغربي عند إعداد قانون 10-41 المتعلق بتحديد شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي، أن يراعي الخصوصيات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع المغربي، لذلك جاء هذا القانون بشروط محددة من أجل تحقيق الاستفادة بشكل كاف ومتوازن.
وقد تبين من خلال ملاحظة هذه الإجراءات، أن واضعها تشدد من أجل أن يضمن لهذا الصندوق الاستمرارية والدوام حتى لا يكون عرضة للإفلاس، من خلال فتحه في وجه كل الفئات والأصناف.
فأكيد أن نسبة الأحكام المتعلقة بالنفقة هي في تزايد مستمر، إذ أصبحت هذه النسب تشكل معضلة كبيرة ويعزى ذلك إلى عدة أسباب سبق لنا وأن ذكرناها، غير أن التأثير الأكبر لهذه المعضلة يمس الطائفة الضعيفة في العلاقة الزوجية ويتعلق الأمر بالمطلقة والأطفال عند انحلال الرابطة الزوجية.
لدى فقد سارعت منذ فترات سابقة العديد من الأصوات المتمثلة في بعض الجمعيات، وكذلك جانب من الفقهاء القانونين والباحثين من أجل الإسراع بخروج هذا القانون.
وعندما صدر هذا القانون، والذي اعتبره البعض أنه يندرج ضمن مشروع اجتماعي بامتياز، لأنه يدعم إستراتيجية دعم النساء وتأهيلهن للإسهام في النسيج المجتمعي.
ويدفع بالمرآة من أجل أن تكرس موقعها، كشريك أساسي في تحقيق مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويدعم بلورت المخططات المختلفة القائمة على مقاربة النوع الاجتماعي، كما يأتي هذا الصندوق كمدخل أساسي لمعالجة الاختلالات الأسرية، وحماية حقوق المرأة والطفل، وخلق التوازن المادي لوضعية الأسرة بشكل عام، ويخفف العبء المعيشي على المرأة المطلقة المعوزة وأطفالها، ويمكنها من الاستفادة وفق الشروط التي جاء بها القانون.
فحسب المادة الثالثة من قانون 10-41، تتحقق الاستفادة بتوفر مجموعة من الشروط:
- تقديم طلب الاستفادة إلى الصندوق من المعني بالأمر.
- إثبات تعذر التنفيذ بمحضر محرر من المكلف بالتنفيذ.
- إرفاق الطلب بالمقرر القضائي المحدد للنفقة.
بعد التوفر على هذه الوثائق يتعين على الأم المطلقة المعوزة أو الحاضنة أو المستحق من الأبناء إذا كان راشدا، أن يتقدم إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم المحدد للنفقة أو المحكمة الابتدائية التي أوكل إليها تنفيذ المقرر القضائي طلبا، وعلى هذه الأخيرة أن تبت فيه داخل أجل 8 أيام في الأقصى من تاريخ تقديم الطلب بمقتضى مقرر أي قرار .
إذ يخول القانون للمستفيد أن يتقدم بهذا الطلب، بعد انصرام أجل شهرين من تاريخ تقديم طلب تنفيذ المقر القضائي المحدد للنفقة الدي سبق وان حددهدا المخصص المالي في حكم النفقة، على أن لا يتجاوز هذا المخصص مبلغ 1050 درهم، وبعد صدور المقرر القضائي يتوجب على المستفيد أن يتوجه إلى المصلحة المختصة، مرفوقا بطلب وبالمحرر القضائي، وقد تم تحديد هذه الهيئة في مؤسسة خدماتية( بريد بنك)، إذ ستستمر هذه الهيئة في صرف المخصص المالي للمنتفعين إلى غاية سقوط الحق في النفقة وإلى حين ثبوت تنفيذها من طرف المحكوم عليه، ويتعين على المستفيد من هذا المخصص المالي موافات رئيس المحكمة الابتدائية بعد انصرام سنتين، ابتداء من تاريخ صدور مقرر الاستفادة، ويصدر هذا الأخير مقررا آخر يؤكد أحقية الاستمرار في الاستفادة أم لا، ويعتبر هذا المقرر نهائيا لا يقبل أي طعن وينفذ على الأصل .
في حين نجد أن المشرع البحريني يستلزم بدوره ضرورة تقديم طلب من أجل الحصول على المبالغ المحكوم بها على الزوج إلى صندوق النفقة، وأن يشفع ذلك الطلب بشهادة تفيد عدم التنفيذ من قبل الزوج.
أي الصادر في حقه حكم النفقة.
وهذه هي نفسها الشروط التي أشار إليها المشرع المغربي في قانون 10-،41 غير أن القانون التظيمي البحريني حدد بالتفصيل هذه الشروط في المادة الثالثة وهي:
1-نسخة مصادق عليها من حكم النفقة.
2-نسخة من البطاقة الوطنية.
3-شهادة الضرائب.
4-شهادة تفيد صعوبة التنفيذ.
5-ملئ استمارة تسحب من الصندوق .
بعد التقدم بهذه الوثائق إلى الصندوق الذي يتولى دراستها خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم الطلب ، وهنا نسجل أن المشرع المغربي راعى بكثير من الحماية مصلحة المستفيد، حينما نص على أجل اقل من الأجل الذي تبناه المشرع البحريني وحدد مدة دراسة الطلب في 8 أيام، وذلك لتسهيل الاستفادة من أجل الحفاظ على كيان الأسرة نظرا لأهميته كمورد للعيش، وما يشكله من أهمية قصوى تسهم في استقرار الأسرة.
في حين أن المشرع التونسي من خلال الفصل الثاني من القانون المحدث لصندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق، ضمن مجموعة من الشروط هي نفسها التي استوجبها القانون 10-41، باستثناء أن القانون المغربي استلزم شرطا جوهريا يشكل استثناء من كل القوانين وهو تحديد العوز.
ويأتي هذا التشديد كإستراتيجية هادفة إلى الحفاظ على المالية المعتمدة لدى الصندوق، حتى لا تتعرض للاستنزاف والتبدير .
غير أن المشرع التونسي حدد الشروط المخولة للاستفادة"يجب أن تكون مطالب الحصول على النفقة وجراية الطلاق مرفقة بالوثائق التالية:
نسخة من الحكم القاضي بالنفقة أو بجراية الطلاق.
محضر إعلام المدين بالحكم.
محضر محاولة تنفيذ الحكم.
شهادة في تقديم شكوى إهمال عيال.
مضمون دفاتر الحالة المدنية لكل من المحكوم لفائدتهم بالنفقة أو بجراية الطلاق.
نسخة من الحكم المسند للحضانة إن وقع إسنادها لغير الأبوين" .
وبعد استيفاء هذه الشروط، توضع لدى إدارة الصندوق القومي للضمان الاجتماعي من أجل دراسة الملف، ويتخذ هذا الصندوق عند توفر الشروط القانونية قرار بتحميل مبالغ النفقة أو جراية الطلاق، ويشرع في صرف هذه المبالغ لمستحقيها في الأجل المحدد بالقانون، في أجل 15 يوما كما هو الحال عليه بالنسبة للقانون البحريني، وعن صيغة تقديم الطلب لابد من ملء استمارة تسلمها إدارة الصندوق، غير أن الإدارة تتشدد في قبول هذه الطلبات وتحرص على أن تملئ بعناية فائقة وبشكل دقيق نظرا لطابعها الرسمي .
أما على مستوى تسيير الصندوق، فقد أوكل مهمة السهر على تسييره لمؤسسة خاضعة للقانون العام بموجب اتفاقية تبرم ما بين الدولة وهذه الهيئة .
وعن دراسات طلبات بشأن أحقية الإستفادة، خول القانون لرئيس المحكمة الإبتدائية صلاحيات واسعة، غير أنه في حالة رفضه لطلب الاستفادة، فإنه لا يحق والحالة هاته للمستفيد بالطعن في ذلك القرار لأنه يعد نهائيا .
في حين نجد أن المشرع التونسي، منح للمستفيدين الطعن في قرارات الصندوق القومي للضمان الاجتماعي أمام المحاكم الإدارية وفق نهج سلم التظلم الإداري، باعتبار هذه الأخيرة مؤسسة عمومية وقراراتها تعتبر إدارية، لدى كان من الأجدر أن يمنح المشرع المغربي لفائدة من صدر في حقهم مقررات لا تخول لهم الاستفادة، بـأن يطعنوا في هذه القرارات على غرار القانون التونسي حتى تتحقق فلسفة إحداث الصندوق، وإبعاد الوقوع في تهميش أي طرف قد يكون في أمس الحاجة من الاستفادة.
كما أنه قد يبرز إلى الوجود إشكال أثناء الممارسة والتطبيق، ويتجلى في تماطل المدين عن أداء النفقة، إذ سيعمد المدين إلى التوقف عن دفع النفقة المستحقة إلى الزوجة في المرة الموالية للمرة الأولى التي سبق وأن تقدمت بطلب إلى الصندوق الذي خول لها الاستفادة ثم يعود الزوج مرة أخرى للتماطل، مما يتوجب على الزوجة الإسراع بجمع الوثائق وتقديم طلب جديد من أجل الحصول على النفقة وفق الشروط السابقة، كما لو تعلق الأمر بطلب جديد مقدم إلى الصندوق لأول مرة.
فمن خلال هذا يبدوا أن المدين السيئ النية سيعمل على استفزاز المطلقة وإبقائها في حالة طوارئ وإجبارها كل مرة إلى سلك الإجراءات السالفة ذكرها.
إذ كان من الأجدر بالمشرع المغربي أن ينص صراحة من خلال نص القانون على تقييد حالة عود المدين إلى التملص على غرار القانون التونسي، إذ تستحق المطلقة أو الأولاد للنفقة في هذه الحالة دون اللجوء إلى نفس الشروط والإجراءات وحمايتهم من التشفي المشروع من طرف المدين بالنفقة حتى لا تبقى في حالة طوارئ دائم، حيث جاء في التشريع التونسي "في صورة العود المدين للتلذذ وبقطع النظر عن التبعيات من أجل عدم دفع النفقة وجراية الطلاق المنصوص عليها بالفصل 53 مكرر من مجلة الأحوال الشخصية يتعهد الصندوق القومي للضمان الاجتماعي مباشرة بمواصلة صرف مبلغ النفقة وجراية الطلاق لمستحقيها لمجرد استظهارهم بما يثبت عود المدين للتلذذ" .
وهكذا سيتم تخليص المطلقة المتضررة من تلذذ مطلقها، مما كان يرهقها ويثقل كاهلها من طول إجراءات كانت تقتضيها إعادة المطالبة بخدمات الصندوق من أولها .
أما بالنسبة للوثائق المطلوبة والذي يبدوا أنها كثيرة ويستعصى الحصول على بعض منها خصوصا تلك المتعلق بتحديد العوز، بالإضافة إلى الوثائق الأخرى التي تعد كثيرة ويستحسن أن لا يكثر منها حتى لا تشل الوظيفة الاجتماعية للصندوق، والقائمة على التكافل الاجتماعي والهادفة إلى شد ووثق روابط الأسرة وليس حلها وتشتيتها، هذا إذا استحضرنا أن أغلب النساء الذين يعانين من مشاكل النفقة، هم أميات أضف إلى ذلك تشعب وصعوبة اللجوء إلى المرافق الإدارية وما يطبعها من نمط بيروقراطي مما سيؤدي في الأخير إلى إبعاد الصندوق عن الهدف الذي جاء من أجله .
ومن أجل تجاوز هذه المشاكل، لابد من الاستشراف على التجربة التونسية والتي تعتبر رائدة في هذا المجال، فقد أصدرت الحكومة منشورا مشتركا، عن وزير العدل ووزير الشؤون الاجتماعية يتعلق بتسيير إجراءات الانتفاع من خدمات الصندوق لفائدة المطلقات والأولاد .
أما عن مبلغ الاستفادة التي سيخصصها القانون 10-41، فقد تناولت المادة الثامنة من نفس القانون.
على أن مبالغ الاستفادة جاءت محددة وفق نص بأن لا تتجاوز مبلغ 1050 درهم، وتبتدئ كحد أدنى من مبلغ 350 درهم، فالملاحظ على هذه المبالغ أنها زهيدة اعتبارا إلى الظروف التي تعرفها الأوساط المعيشية، وما تتطلبه من احتياجات كثيرة تدخل في صلب الضروريات الأساسية لصيرورة الحياة، وباعتبار أن النفقة تشتمل على الطعام والكسوة والمسكن، ويؤخذ بعين الاعتبار حال المنفق عليه وسعت المنفق وحال الوقت والأسعار، فإذا ما انفتحنا على التجربة التونسية في هذا المجال نجد أن تدخل الصندوق ابتداء من تاريخ تأسيسه، إلى غاية 31 ديسمبر من نفس السنة أسدى 37 تدخلا من جملة 145 مطلبا وقد ارتفع العدد ليشمل عدد المنتفعين به سنة 2003 حوالي 8405 أسرة وأن معدل النفقة المحكوم بها تبلغ حوالي 76 دينارا في الشهر .
كذلك الشأن بالنسبة للمشرع البحريني الذي يتولى صرف النفقة بصفة شهرية في حدود مبلغ لا يتجاوز 200 دينار شهريا.
فبالنظر إلى هذه الأرقام والحصيلة نجدها متكافئة ومستوى العيش داخل هذه الدول، إذ لابد من أن يعمل المشرع المغربي على تعديل القانون لتحسن من الإستفادة التي يمنحها الصندوق حتى لا يبقى وجوده كعدمه، لأن الإستراتيجية التي جاء بها القانون والهادفة إلى تنقيح المستفيدين بعناية، وبالنظر إلى تلك القيود كان من الأجدر أن تكون الاستفادة متكافئة ونوعية التحصين المفروض حتى تتحقق استفادة فعالة وإيجابية.
وتضمن الحد الأدنى من العيش الكريم ،علما أن الواقع المعاش المغربي يكتنز العديد من المتغيرات والتي تظل في استمرار، وما يدخل في هذا الجانب من غلاء وارتفاع في الأسعار، لدى كان من البديهي تمتيع المستفيدات من المخصصات المالية التي يمنحها الصندوق بمرتب مالي يضمن لهم مستوى العيش العادي، فإذا عدنا إلى القانون البحريني كما سبق وأن ذكرنا يحدد هذا المخصص في مبلغ 200 دينار ويفوق هذا المبلغ الحد الأدنى للأجور المحدد لديهم في 150 دينار، كما أن الحد الأدنى للأجور في المغرب حدد مؤخرا في 2300 درهم، فإذا قارنا هذا المبلغ مع مبلغ 1050 درهم المخصص كحد أقصى لتدخل الصندوق، فإنه سيشكل ثلث مبلغ 2300 درهم الحد الأدنى للأجور؟
فكان على المشرع المغربي أن يستحضر هذه المعطيات أثناء سن المرسوم التنظيمي، لأن غاية الصندوق المثلى هي تعزيز الحماية لمؤسسة الأسرة وتعزيز المكتسبات التي سعت مدونة الأسرة إلى ترسيخها، والمتجلية في صيانة حقوق وكرامة الأطراف الضعيفة في العلاقة الزوجية، لدى لابد من السعي وراء تمتين هذه الاستفادة حتى يتسنى لنا القول بوجود فعلي للصندوق، لا الاكتفاء بالوجود الهيكلي والغياب الوظيفي والقول هنا ينبع من التطبيق والممارسة التي دأب القضاة على اعتمادها لأن معايير تحديد النفقة متعددة منها:
• دخل الملزم بالنفقة.
• حال المستحق للنفقة.
• التوسط ومستوى الأسعار.
• الأعراف والعادات السائدة.
• الوسط الاقتصادي والاجتماعي.
• عناصر أخرى
فحسب هذه المعطيات المدلى بها في الجدول الذي يحدد النفقة، والتي عممته وزارة العدل لتييسر تحديد مبالغ النفقة من طرف القاضي، لاحظنا أنه حسب هذا الجدول في حالة حصول أو تقاضي الزوج لمبلغ 5000 درهم في الشهر، يمكن للقاضي الحكم بمبلغ النفقة في حدود 2006درهم في الأقصى أو 1758 درهم في الأدنى .
فعموما كما يبدو أن هذه المبالغ لا تساوي المبلغ المحدد بالمرسوم التنظيمي الذي يفرغ المغزى والهدف الذي جاء به القانون .
كما أشار بعض المختصين، إلى أن الوزارة عليها تبني إستراتيجية حمائية تتجلى في إلزامية الإدلاء بورقة الأجر، أو ما يعادل هذه الوثيقة أثناء انعقاد الزواج، وذلك من أجل الرجوع إليها عند حدوث أي تصدع في العلاقة الزوجية وخصوصا عند تحديد مبلغ النفقة، حتى يوصد الباب في وجه كل الأزواج المتملصين ولتسهيل عمل القاضي، ثم أن القانون رقم 10-41، جاء بمقتضى آخر ينص فيه أن المستفيد ملزم كل سنتين ابتداء من تاريخ صدور المقرر القضائي المخول للاستفادة موافاة رئيس المحكمة الابتدائية.
بجميع الوثائق طبقا لأحكام المادة 7 من هذا القانون، في حين نجد أن المشرع البحريني من خلال قانون صندوق النفقة، لم يحدد هذا الإجراء، وإنما نص في المادة السابعة على إلزامية الأخبار بأي تغيير يطرأ على الحالة الاجتماعية أو القانونية يؤثر في وضعية استحقاق للنفقة، وذلك خلال أجل 10 أيام من حدوث التغير كما أن اللائحة الداخلية للصندوق، تنص في مادتها الخامسة على أن دراسة المطلب ومراقبة الشروط، يتولاها الباحثين الاجتماعيين التابعين للصندوق، معنى ذلك أن هذه الهيئة يعهد إليها القيام ببحث دوري يهم مراقبة مستحقي النفقة والتغيرات الحاصلة على مستوى العيش، ويحررون تقارير تحدد مدى أحقية الاستمرار في الاستفادة أو الزيادة أو الإنقاص منها.
لكن المشرع التونسي اتخذ منهجا آخر إذ ألزم بتقديم الوثائق إلى إدارة الصندوق حتى بعد الحصول على موافقته وبعد تدخله، إذ ينص الفصل السادس من أمر 9 غشت 1999 على أنه "يتعين على المنتفعين بالنفقة أو بجراية الطلاق من الصندوق موافاة المكتب بمضامين جديدة من دفاتير الحالة المدنية مرة كل سنة وكلما اقتضت الحاجة ذلك.
ويتعين كذلك على المنتفعين بجراية الطلاق لهم قضايا إهمال عيال منشورة لدى المحاكم تقديم شهادة في مآل القضية كل ثلاثة أشهر وكلما اقتضت الحاجة لذلك" غير أن المشرع المغربي لم ينص على هذا الأجل الذي تبناه المشرع التونسي ولكن كان من الأحسن أن يسير على نهج المشرع التونسي.،
لأن الغاية حسب بعض الفقه هو جعل ملف الصندوق جاهزا ومحينا باستمرار، مما يسمح بمراقبة مدى قيام موجب النفقة إذ ليست الغاية الإكثار من المطالبة بالوثائق، إذ يجب أن يتضمن ملف الصندوق حدا أدنى من البيانات والمعطيات والمستندات .
كما أنه قد تثار صعوبات أخرى أثناء سريان العمل بصندوق التكافل العائلي وتتجلى هذه الصعوبة في تزاحم الطلبات بشأن الأحقية في استحقاق النفقة ما بين الأبناء والزوجة المطلقة، فبالرجوع إلى القانون 10-41 لم ينص صراحة على أي مقتضى يتعلق بتحديد المستحق للاستفادة في هذه الحالة، علما أنه على مستوى أحكام النفقة نجد العديد منها يتضمن الأطفال، كما أنه بالرجوع إلى القانون 10-41 وخصوصا المادة الثانية حددت الفئات المستحقة للاستفادة في الأم المعوزة المطلقة ومستحقوا النفقة من الأطفال فمن يا ترى سيستفيد بالأولوية؟.
فإذا عدنا إلى القانون البحريني، فقد تفطن لذلك ونص من خلال مضامين القانون على أن الأولوية تكون للزوجة أو المطلقة ثم نفقة الأولاد، فهذا التحديد جاء واضحا وكان من الأجدر أن يعمل المشرع المغربي على إقرار هذا التحديد، لأنه سيغني أثناء التطبيق عن مجموعة من المشاكل.
فمن خلال هده الدراسة حاولنا ان نلم بمجموعة من الاشكاليات القانونية بلانفتاح على
التجارب المقارنة التي تعتمد هدا النوع من الصناديق حتى نقارب ما يمكن وضعه بغية
توجيه عمل صندوق التكافل العائلي نحو الغاية المثلى التي انشئ من اجله وكدلك حتى لا
يعود مولود وهو ميت ودلك بادراك كل النقط السلبية التي ينبغي تجاوزها في هدا النص
القانوني مع الاشادة ببعض المحاسن الدي ادركها الا ان الغاية التي ينبغي استحضارها هي
حماية كل الفئات التي تستحق الحماية