مــــقــــــدمــــــة :
تعتبر دعوة الإلغاء حسب ما استقر عليه الفقه و القضاء ، هي دعوى يرفعها احد الأفراد أو احد الهيئات للقضاء الإداري للمطالبة بإلغاء أو إعدام قرار ادري صدر مخالفا للقانون .
و يمكن القول بان دعوى الإلغاء تعتبر بمثابة مخاصمة للقرار الإداري و ليس للسلطة الإدارية التي أصدرته.
إن التعريف بموضوع من المواضيع غالبا ما يرتبط بالتطور التاريخي لهذا الموضوع لان هذا التطور يكشف لنا عن كثير من المحددات و العوامل التي صاغتها ، و تسليط الضوء على دعوى الإلغاء بالمغرب يقتضي إلقاء نظرة على تطورها التاريخي في هذا البلد الذي عرف مراحل تاريخية أثرت في نظامه القانوني و القضائي .
فقبل الحماية عرف المغرب و طبق القانون العام الإسلامي ، فلم يطبق قانون إداري متميز و لا قضاء إداري مستقل ، و لا مبدأ فصل السلطات بالشكل المتعارف عليه اليوم رغم انه عرف والي المظالم أو ما كان يسمى " بوزير الشكايات " حيث كان ينظر للشكايات الموجهة ضد الإدارة و يتلقى التظلمات ضد رجال هذا الأخير ، وبعد توقيع معاهدة الحماية بادرت الإدارة الفرنسية إلى إصدار ظهير 12/08/1913 للإصلاح القضائي لكن لا يجب إن نفهم أن الإصلاح هنا كان يقصد به مصلحة المجتمع المغربي فجاء الفصل الثامن من ظهير 12 غشت 1913 ينص على انه يمنع على المحاكم المغربية أن تتخذ كل ما من شانه أن يعرقل نشاط الإدارة أو يعرقل نفاذ قراراتها .
و أمام الإلحاح المتزايد و الاحتجاجات العديدة المقدمة إلى المقيم العام اضطرت الإدارة الفرنسية إلى الانصياع لهذه المطالب فأصدرت ظهير 1 شتنبر 1928 الذي يقرر اختصاص مجلس الدولة الفرنسي للنظر في دعاوي الإلغاء المرفوعة من لدن الموظفين ضد القرارات الإدارية المرتبطة بنظامهم الأساسي و الصادرة عن سلطة الحماية .
فلم يعرف المغرب قضاء الإلغاء إلا بإحداث المجلس الأعلى بظهير 27 شتنبر 1957 و الذي منح الاختصاص للغرفة الإدارية للنظر في الطعون المرفوعة ضد القرارات الإدارية و المشرع المغربي قبل صدور قانون المحاكم الإدارية كان يسميها بدعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة ، أما بعد صدور القانون فانه استعمل مصطلح دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة . فاصطلاح التجاوز في استعمال السلطة هو مرادف لعدم الشرعية ، لان القاضي لا يلغي القرار إلا إذا كان غير شرعي.
و يعتبر موضوع الاختصاص القضائي و الذي سوف نتناوله في هذا العرض من الاختصاصات التي تحدد بالقانون ، فللمشرع صلاحية رسم الحدود بين اختصاص من كل نوع من أنواع المحاكم .
يقصد بالاختصاص القضائي تحديد مجال تدخل محكمة ما بالنظر إلى بقية المحاكم في التنظيم القضائي و بمعنى أدق ، و في مجال دعوى الإلغاء فهي القضايا و المنازعات التي يختص بها القاضي فغذي دعوى الإلغاء ، مع احترام قواعد عدم الاختصاص هذه المنازعات التي تحدد نوعيا و محليا إلا انه إذا كان هناك نزاع حول الاختصاص يمكن أثارته مع احترام قواعد عدم الاختصاص .
مما سبق تظهر أهمية هذا الموضوع الذي يرسم معالم الاختصاص القضائي بدعوى الإلغاء التي تشكل ضمانة جوهرية لصالح الأفراد لحماية حقوقهم و مراكزهم القانونية إزاء سلطة تنفيذية تملك امتيازات و سلطات استثنائية لا يتمتع بها هؤلاء الأفراد .
من خلال ما سبق الإشكالات التي تطرح نفسها ما هي الجهة المختصة بالبت في دعوى الإلغاء نوعيا و محليا ؟ و ما هي الاستثناءات الواردة عليها ؟ و ما هي قواعد عدم الاختصاص ؟
المبحث الأول:الجهات القضائية المختصة في دعوى الالغاء
إن الاختصاص في النظام القضائي هي السلطة التي خولها القانون لمحكمة ما في الفصل في نزاع ما. الاختصاص النوعي فيقصد بتوزيع العمل بين المحاكم المختلفة في داخل الجهة القضائية الواحدة بحسب نوع القضية.
وقد تثار في كثير من الأحيان مسائل و قضايا حول تتداخل الاختصاص وقد تكون هذه المسائل المثارة أحيانا ضمن الجهة القضائية الواحدة وبين محاكمها سيما إذا كانت مختصة نوعيا بالنظر في تلك المسائل المطروحة أمام القضاء
لذلك سنحاول في هذا المبحث معالجة الجهة القضائية المختصة للنظر في دعوى الإلغاء
المطلب الأول:اختصاص القاضي الإداري في دعوى الإلغاء
إن تحديد الجهة القضائية المختصة في دعوى الإلغاء يقتضي البحث عن النصوص القانونية التي تحدد المحكمة التي لها صلاحية البت وهذا الحل المعروف بالتحديد على سبيل الحصر يكتسي طابع الدقة
المحاكم الإدارية: كان موضوع تحديد مجال اختصاص المحاكم الإدارية من اعقد المهمات التي واجهت الفقه و القضاء في فرنسا نظرا لعدم توفر ضوابط واضحة و دقيقة تساعد على معرفة مجال تدخل القضاء الإداري أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد حدد اختصاصات المحاكم الإدارية على سبيل الحصر في المادة 8 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.
حيث نصت المادة الثامنة منه على اختصاص المحاكم الإدارية بالنظر في دعوى إلغاء المقررات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية للتجاوز في استعمال السلطة إلا ما استثني من ذلك الاختصاص لفائدة الغرفة الإدارية لمحكمة النقض و المحكمة الإدارية بالرباط ودعوى الإلغاء التي هي موضوع القرارات الإدارية يجوز توجيهها ضد أي قرار إداري دونما حاجة إلى التنصيص على ذلك ببيان الجهة المصدرة للقرار.
ونصت المادة الخامسة من القانون المحدث للمحاكم الاستئناف الإدارية " تختص محاكم الاستئناف الإدارية بالنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية و أوامر رؤسائها.
بالتالي فان المحاكم الاستئناف الإدارية في الإحكام المستأنفة عن المحاكم الإدارية طبقا لما نصت عليه المادة الخامسة من قانون 80.03 وبذلك فالاختصاصات الواردة في القانون 90.41 المحدث للمحاكم الإدارية تستأنف بعد النظر فيها من طرف هذه المحاكم بوصفها مرجعا عاديا أمام محكمة الاستئناف الإدارية
على هذا الأساس فان هذه الأخير تختص بالنظر في الأحكام المستأنفة عن المحاكم الإدارية المتعلقة بدعوى الإلغاء.إلى جانب جميع القضايا التي تبث فيها المحاكم الإدارية انطلاقا من مقتضيات المادة 8من قانون 90.41 بما فيها دعوى الإلغاء.
وتختص المحكمة الإدارية بالرباط بمقتضى المادة 11 من قانون 41.90 إلى جانب الاختصاصات الموكولة للمحاكم الإدارية بمقتضى المادة 8 من نفس القانون بالنظر في النزعات المتعلقة بالوضعية الفردية للأشخاص المعينين يظهر شريف أو مرسوم و بالنزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم الإدارية التي تنشا خارج دائرة اختصاص جميع المحاكم .
وما يهمنا هو الشق الثاني من المادة 11 المتعلق بالقضايا و المسائل التي تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية التي تقع خارج دائرة اختصاص جميع المحاكم بالتالي فان المحكمة الإدارية بالرباط هي المحكمة المختصة بالنظر في دعوى إلغاء المقررات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية خارج التراب الوطني مثل القرارات الإدارية الصادرة عن السفراء و الدبلوماسيين.
المطلب الثاني: الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة
من المعلوم انه في حالة وجود نص تشيعي عام يسند الاختصاص إلى جهة قضائية معينة بالنظر في نوع من المنازعات لا يمن تفسيره و لا القياس عليه للقول بأنه الأولى بالتطبيق إذا تعارض مع نص تشريعي خاص يسند الاختصاص إلى جهة قضائية أخرى بالنظر في منازعة مماثلة و إلا اعتبر ذلك تجاوز لإرادة المشرع مادام النص الخاص يقدم على النص العام.
من هذا المنطلق فإذا كانت المحاكم الإدارية هي المختصة بصفة أساسية ورئيسية في دعوى الإلغاء كقاعدة عامة،فان هذا لا يمنع وجود استثناءات على هذه القاعدة العامة بموجب قوانين خاصة.
فالاستثناء الأول هو النصوص عليه في المادة 9 من القانون رقم 91.40 بمقتضاه تختص محكمة النقض بالبت ابتدائيا و انتهائنا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بالقرارات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة وقرارات السلطة الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية شريطة إلا يكون هذا الأخير غير قابل للتجزئة.
و الجدير بالذكر إن القرارات التنظيمية و الفردية الصادرة عن رئيس الحكومة تشمل حتى الموقعة بالعطف من لدن السلطة المفوضة إليها بذلك من طرف رئيس الحكومة لأنها تعتبر صادرة عن هذا الأخير وهذا ما أكدته محكمة الرباط الإدارية في حكمها الصادر في 2.2.1995 .
إلا أن محكمة النقض لا تختص بالبت ابتدائيا في طلبات الإلغاء الموجهة ضد القرارات الصادرة عن الوزراء بل تختص بذلك المحاكم الإدارية و هذا ما أكد عليه القرار الصادر عن الغرفة الإدارية عدد 1047 بتاريخ 19.11.1998
أما الاستثناء الثاني فهو الوارد في القانون رقم 03.02 المتعلق بدخول الأجانب بالمملكة المغربية و بالهجرة غير الشرعية حيث جاء في المادة 20 من هذا الأخير انه يمكن للأجنبي الذي رفض طلبه الرامي إلى الحصول على سند إقامة أو تحديده أو سحب منه هذا السند الطعن داخل اجل خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغ قرار الرفض أو السحب أمام رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات.
كما يمكن للأجنبي الطعن بالإلغاء ضد قرارات الاقتياد إلى الحدود حيث جاء في المادة 23 من القانون السابق الذكر انه يمكن للأجنبي الذي صدر في حقه قرار الاقتياد إلى الحدود أن يطلب خلال اجل ثماني و أربعين ساعة التي تلي تبليغه إليه من رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات إلغاء القرار المذكور.
ويبت رئيس المحكمة الإدارية أو من يتوب عنه داخل اجل أربعة أيام كاملة ابتداء من رفع الأمر إليه ويمكن أن ينتقل إلى مقر الهيئة القضائية الأكثر قربا من المكان الذي يوجد به الأجنبي إذا كان هذا الأخير محتفظا به.كما يمكن للأجنبي أن يطلب من رئيس المحكمة الإدارية أو من ينوب عنه الاستعانة بترجمان و الإطلاع على الملف الذي يتضمن الوثائق التي استند إليها القرار المطعون فيه.
الاستثناء الثالث : الأصل أن المادة 23 من القانون 90.41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية تسند الاختصاص لهذه السلطات المحاكم بالنظر في دعاوي الإلغاء الموجهة ضد قرارات الصادرة عن السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة وهو نص عام إلا إن الفصل 12 من الظهير رقم 105.62.1 الصادر بتاريخ 30.6.1962 بشان ضم الأراضي الفلاحية الذي يسند الاختصاص بالنظر في دعوى الإلغاء الموجهة ضد قرار ضم الأراضي إلى محكمة النقض هو نص خاص حيث جاء في منطوق المادة انه"لا يمكن الطعن في مقررات اللجنة أمام محكمة النقض بدعوى خرق الصيغ الجوهرية للمسطرة وعدم الاختصاص.
ومن هذا الأساس قضت محكمة الاستئناف الإدارية في الحكم المؤرخ في 31.01.2007 ملف عدد 5.06.18 بإلغاء الحكم من جديد بعدم اختصاص النوعي للمحكمة الإدارية للبت في الطلب.
الاستثناء الرابع: هو الاستثناء الذي جاء في القانون رقم 19.42 المتعلق بهيئة الصيادلة بخصوص الطعن في قرارات هيئة الصيادلة بخصوص العقوبات التأديبية الماثلة في الإنذار و التوبيخ التي يتخذها المجلس الجهوي و التي تستأنف أمام المجلس الوطني.
المبحث الثاني: الدفع بعدم الاختصاص
المطلب الأول : الدفع بعدم الاختصاص النوعي
لا تثير طبيعة الاختصاص النوعي بالنسبة للمحاكم الإدارية أي إشكال فقد أورد المشرع في القانون رقم 90-41 المقتضيات المتعلقة بعدم الاختصاص النوعي في كل من الفصلين 12 و 13 .
فكما هو معلوم أن القواعد العامة تختلف بحسب ما إذا كان عدم الاختصاص متعلقا بالنظام العام أو غير متعلق به ، فما يتعلق الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية يدخل في صميم النظام العام بحيث لا يمكن للخصوم الاتفاق على رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة ، إضافة إلى ذلك نجد أن المشرع في المادة 12 من القانون 90 -41 اعتبر القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي من النظام العام و للأطراف أن يدفعوا بعدم الاختصاص النوعي في جميع مراحل الدعوى إجراءات الدعوى و على الجهة القضائية المعروضة عليها القضية أن تثيره تلقائيا.
من جهة أخرى تنص الفقرة الأولى من المادة 13 (القانون إحداث المحاكم الإدارية) على انه إذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام جهة قضائية أو إدارية و جب عليها أن تبث فيها بحكم مستقل و لا يجوز لها أن تضمه في الموضوع .
فقد جاء في حكم المحكمة الإدارية بالرباط " وحيث دفع المحافظ العقاري بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة الإدارية للبت في الطلب الذي يرجع الاختصاص بشأنه إلى المحكمة العادية طبقا لمقتضيات الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري .
وحيث إنه طبقا لمقتضيات المادة 13 من القانون رقم 90.41 بشأن إحداث المحاكم الإدارية ، فإنه إذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام أي جهة قضائية عادية أو إدارية وجب عليها أن تبت فيه بحكم مستقل ولا يجوز لها أن تضمه إلى الموضوع .
وحيث إن الأصل العام في القرارات التي يصدرها المحافظ على الأملاك العقارية ، أنها قرارات إدارية لصدورها عن سلطة إدارية وارتباطها بتسيير المرفق العام الذي يشرف عليه ، وبالتالي فإن الطعن فيها يكون من حيث المبدأ عن طريق سلوك دعوى الإلغاء التي تختص بالنظر فيها المحاكم الإدارية باعتبارها صاحب الولاية العامة بالبت في جميع طلبات الإلغاء الموجهة ضد القرارات الإدارية استنادا إلى مقتضيات المادتين 8 و20 من القانون السالف الذكر . إلا ما ارتأى المشرع استثناءه بنص صريح من خلال جعل بعض القرارات رغم طبيعتها الإدارية تخرج عن اختصاص القضاء الإداري وإسناد الاختصاص بشأنها إلى المحاكم العادية ، ويدخل في ذلك الحالات المحددة حصرا في الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري " .
من جهة أخرى يجب علي محكمة الإدارية أن يبث في هذا الدفع داخل أجل 30 يوما يبتدئ من تسلم كتابة الضبط به لملف الاستئناف لذا فان هذا الدفع يقبل الاستئناف أمام محكمة النقض وليس أمام محكمة الاستئناف الإدارية ، وذلك عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون المحاكم الإدارية التي جاء فيها و للأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بعدم الاختصاص النوعي أي كانت الجهة القضائية الصادر عنها أمام المجلس الأعلى الذي يجب عليه أن يبث في الأمر داخل اجل ثلاثين يوما يبتدئ من تسلم كتابة الضبط به الملف الاستئناف " هذا بالنسبة للقانون 90-41 أما القانون رقم 03 -80 المتعلق بمحاكم الاستئناف الإدارية فقد أحال على المادة 13 السابقة الذكر من قانون إحداث المحاكم الإدارية فتبقى سارية المفعول في شأن استئناف الأحكام الصادرة في موضوع الاختصاص النوعي ، ويحيل المجلس الأعلى الملف بعد البت فيه إلى المحكمة المختصة .
يمكن القول إذن أنه لو منح هذا الاختصاص لمحاكم الاستئناف الإدارية ، فإن ذلك سيفضي حتما إلى تعارض الاتجاهات فيما بينها الشيء الذي لا يمكنه أن يخدم مصلحة القضاء الإداري المتمثلة في ضرورة محافظته على مصداقيته ونجاعته ، كما لا يمكنه أن يخدم مصلحة المتقاضين الذين لا تستقيم أوضاعهم ومراكزهم القانونية أمام وجود هذا التعارض .
المطلب الثاني : الدفع بعدم الاختصاص المحلي
تهدف قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في الفصول 27 إلى 30 من قانون المسطرة المدنية إلى تبسيط مهمة المدعى عليه الذي من الممكن أن يتورط في خصومة ليس له فيها يد فتكون المحكمة المختصة هي محكمة موطنه ، إلا انه استثناء من ذلك ترفع طلبات الإلغاء إلى المحكمة الإدارية التي يوجد موطن المدعى داخل دائرتها أو التي صدر القرار المطعون فيه بدائرة نفوذ اختصاصها ( المادة 10 من قانون إنشاء المحاكم الإدارية رقم41.90 ) .
في حالة تنازع الاختصاص المحلي يكون النزاع بين نوع واحد من المحاكم و هي المحاكم الإدارية و من أهم القواعد التي طبقت بشأنه في فرنسا نذكر :
- تنازع الاختصاص المحلي من النظام العام
- لا يجوز للمحكمة الإدارية التي تصرح بعدم اختصاصها المحلي ، إن تعين المحكمة الإدارية المختصة أو تحيل الأطراف عليها .
- يحتفظ بأجل الطعن رغم توجيه الطلب إلى المحكمة إدارية أخرى غير مختصة محليا .
- القاضي الأصلي هو المختص للنظر في الطلبات اللاحقة سواء قدمت من لدن المدعي او المدعى عليه و الانحياز.
- قاضي الموضوع هو قاضي الاستثناء .
- إذا أصدرت أحكام متناقضة فيجب إلغاء حكم المحكمة غير مختصة
أما المشرع المغربي فلم ينص في قانون المحاكم الإدارية على طبيعة الاختصاص المحلي و إنما اكتفى بالإحالة في المادة 14 على مقتضيات الفصلين 16و 17 من قانون المسطرة المدنية ، إن قواعد
الاختصاص المحلي ليست كمثيلاتها المتعلقة بالاختصاص النوعي ، إذ أنها ليست من النظام العام و لهذا يجب على الأطراف إثارة الدفع بعدم الاختصاص المحلي قبل كل دفع أو دفاع أي خلال المرحلة الأولى من النزاع . و على من يتمسك ب هان يبين المحكمة الإدارية المختصة ، و إذا قبل الدفع رفع الملف إلى المحكمة المختصة بدون صائر ( الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية ) و تكون المحكمة الإدارية التي أثير أمامها الدفع بعدم الاختصاص المحلي في دعوى الإلغاء ملزمة إن تبت فيه بموجب حكم مستقل أو بإضافة الطلب العارض إلى الجوهر ( الفصل 17 من ق(.م.م ).
أما المحكمة الإدارية التي أحيل عليها الملف بعد أن تبت أنها هي المختصة محليا ، فيجب عليها أيضا أن تنظر في جميع الطلبات المرتبطة بالقضية ، بما فيها الدفوعات المتعلقة بعدم اختصاصها المحلي أيضا ( المادة 15 من قانون المحاكم الإدارية ) .
إذا رفعت إلى محكمة إدارية دعوى يكون لها ارتباط بدعوى تدخل أساسا في اختصاص المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا ) أو محكمة الرباط الإدارية فيجب عليها أن تحكم تلقائيا آو بناء على طلب احد الأطراف بعدم اختصاصها مع إحالة الملف برمته إلى الجهة المختصة ( محكمة النقض أو المحكمة الإدارية بالرباط ) وفقا لمقتضيات المادة 16 من ق.م.م ‘ و في هذه الحالة تكون محكمة النقض مختصة أيضا بالنظر في جميع الطلبات بما فيها الدفوعات التي تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية المادة 17 من قانون المحاكم الإدارية .
لا يمكن إثارة الدفع عدم الاختصاص المحلي في طور الاستئناف إلا بالنسبة للأحكام الغيابية .
تعتبر دعوة الإلغاء حسب ما استقر عليه الفقه و القضاء ، هي دعوى يرفعها احد الأفراد أو احد الهيئات للقضاء الإداري للمطالبة بإلغاء أو إعدام قرار ادري صدر مخالفا للقانون .
و يمكن القول بان دعوى الإلغاء تعتبر بمثابة مخاصمة للقرار الإداري و ليس للسلطة الإدارية التي أصدرته.
إن التعريف بموضوع من المواضيع غالبا ما يرتبط بالتطور التاريخي لهذا الموضوع لان هذا التطور يكشف لنا عن كثير من المحددات و العوامل التي صاغتها ، و تسليط الضوء على دعوى الإلغاء بالمغرب يقتضي إلقاء نظرة على تطورها التاريخي في هذا البلد الذي عرف مراحل تاريخية أثرت في نظامه القانوني و القضائي .
فقبل الحماية عرف المغرب و طبق القانون العام الإسلامي ، فلم يطبق قانون إداري متميز و لا قضاء إداري مستقل ، و لا مبدأ فصل السلطات بالشكل المتعارف عليه اليوم رغم انه عرف والي المظالم أو ما كان يسمى " بوزير الشكايات " حيث كان ينظر للشكايات الموجهة ضد الإدارة و يتلقى التظلمات ضد رجال هذا الأخير ، وبعد توقيع معاهدة الحماية بادرت الإدارة الفرنسية إلى إصدار ظهير 12/08/1913 للإصلاح القضائي لكن لا يجب إن نفهم أن الإصلاح هنا كان يقصد به مصلحة المجتمع المغربي فجاء الفصل الثامن من ظهير 12 غشت 1913 ينص على انه يمنع على المحاكم المغربية أن تتخذ كل ما من شانه أن يعرقل نشاط الإدارة أو يعرقل نفاذ قراراتها .
و أمام الإلحاح المتزايد و الاحتجاجات العديدة المقدمة إلى المقيم العام اضطرت الإدارة الفرنسية إلى الانصياع لهذه المطالب فأصدرت ظهير 1 شتنبر 1928 الذي يقرر اختصاص مجلس الدولة الفرنسي للنظر في دعاوي الإلغاء المرفوعة من لدن الموظفين ضد القرارات الإدارية المرتبطة بنظامهم الأساسي و الصادرة عن سلطة الحماية .
فلم يعرف المغرب قضاء الإلغاء إلا بإحداث المجلس الأعلى بظهير 27 شتنبر 1957 و الذي منح الاختصاص للغرفة الإدارية للنظر في الطعون المرفوعة ضد القرارات الإدارية و المشرع المغربي قبل صدور قانون المحاكم الإدارية كان يسميها بدعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة ، أما بعد صدور القانون فانه استعمل مصطلح دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة . فاصطلاح التجاوز في استعمال السلطة هو مرادف لعدم الشرعية ، لان القاضي لا يلغي القرار إلا إذا كان غير شرعي.
و يعتبر موضوع الاختصاص القضائي و الذي سوف نتناوله في هذا العرض من الاختصاصات التي تحدد بالقانون ، فللمشرع صلاحية رسم الحدود بين اختصاص من كل نوع من أنواع المحاكم .
يقصد بالاختصاص القضائي تحديد مجال تدخل محكمة ما بالنظر إلى بقية المحاكم في التنظيم القضائي و بمعنى أدق ، و في مجال دعوى الإلغاء فهي القضايا و المنازعات التي يختص بها القاضي فغذي دعوى الإلغاء ، مع احترام قواعد عدم الاختصاص هذه المنازعات التي تحدد نوعيا و محليا إلا انه إذا كان هناك نزاع حول الاختصاص يمكن أثارته مع احترام قواعد عدم الاختصاص .
مما سبق تظهر أهمية هذا الموضوع الذي يرسم معالم الاختصاص القضائي بدعوى الإلغاء التي تشكل ضمانة جوهرية لصالح الأفراد لحماية حقوقهم و مراكزهم القانونية إزاء سلطة تنفيذية تملك امتيازات و سلطات استثنائية لا يتمتع بها هؤلاء الأفراد .
من خلال ما سبق الإشكالات التي تطرح نفسها ما هي الجهة المختصة بالبت في دعوى الإلغاء نوعيا و محليا ؟ و ما هي الاستثناءات الواردة عليها ؟ و ما هي قواعد عدم الاختصاص ؟
المبحث الأول:الجهات القضائية المختصة في دعوى الالغاء
إن الاختصاص في النظام القضائي هي السلطة التي خولها القانون لمحكمة ما في الفصل في نزاع ما. الاختصاص النوعي فيقصد بتوزيع العمل بين المحاكم المختلفة في داخل الجهة القضائية الواحدة بحسب نوع القضية.
وقد تثار في كثير من الأحيان مسائل و قضايا حول تتداخل الاختصاص وقد تكون هذه المسائل المثارة أحيانا ضمن الجهة القضائية الواحدة وبين محاكمها سيما إذا كانت مختصة نوعيا بالنظر في تلك المسائل المطروحة أمام القضاء
لذلك سنحاول في هذا المبحث معالجة الجهة القضائية المختصة للنظر في دعوى الإلغاء
المطلب الأول:اختصاص القاضي الإداري في دعوى الإلغاء
إن تحديد الجهة القضائية المختصة في دعوى الإلغاء يقتضي البحث عن النصوص القانونية التي تحدد المحكمة التي لها صلاحية البت وهذا الحل المعروف بالتحديد على سبيل الحصر يكتسي طابع الدقة
المحاكم الإدارية: كان موضوع تحديد مجال اختصاص المحاكم الإدارية من اعقد المهمات التي واجهت الفقه و القضاء في فرنسا نظرا لعدم توفر ضوابط واضحة و دقيقة تساعد على معرفة مجال تدخل القضاء الإداري أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد حدد اختصاصات المحاكم الإدارية على سبيل الحصر في المادة 8 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.
حيث نصت المادة الثامنة منه على اختصاص المحاكم الإدارية بالنظر في دعوى إلغاء المقررات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية للتجاوز في استعمال السلطة إلا ما استثني من ذلك الاختصاص لفائدة الغرفة الإدارية لمحكمة النقض و المحكمة الإدارية بالرباط ودعوى الإلغاء التي هي موضوع القرارات الإدارية يجوز توجيهها ضد أي قرار إداري دونما حاجة إلى التنصيص على ذلك ببيان الجهة المصدرة للقرار.
ونصت المادة الخامسة من القانون المحدث للمحاكم الاستئناف الإدارية " تختص محاكم الاستئناف الإدارية بالنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية و أوامر رؤسائها.
بالتالي فان المحاكم الاستئناف الإدارية في الإحكام المستأنفة عن المحاكم الإدارية طبقا لما نصت عليه المادة الخامسة من قانون 80.03 وبذلك فالاختصاصات الواردة في القانون 90.41 المحدث للمحاكم الإدارية تستأنف بعد النظر فيها من طرف هذه المحاكم بوصفها مرجعا عاديا أمام محكمة الاستئناف الإدارية
على هذا الأساس فان هذه الأخير تختص بالنظر في الأحكام المستأنفة عن المحاكم الإدارية المتعلقة بدعوى الإلغاء.إلى جانب جميع القضايا التي تبث فيها المحاكم الإدارية انطلاقا من مقتضيات المادة 8من قانون 90.41 بما فيها دعوى الإلغاء.
وتختص المحكمة الإدارية بالرباط بمقتضى المادة 11 من قانون 41.90 إلى جانب الاختصاصات الموكولة للمحاكم الإدارية بمقتضى المادة 8 من نفس القانون بالنظر في النزعات المتعلقة بالوضعية الفردية للأشخاص المعينين يظهر شريف أو مرسوم و بالنزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم الإدارية التي تنشا خارج دائرة اختصاص جميع المحاكم .
وما يهمنا هو الشق الثاني من المادة 11 المتعلق بالقضايا و المسائل التي تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية التي تقع خارج دائرة اختصاص جميع المحاكم بالتالي فان المحكمة الإدارية بالرباط هي المحكمة المختصة بالنظر في دعوى إلغاء المقررات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية خارج التراب الوطني مثل القرارات الإدارية الصادرة عن السفراء و الدبلوماسيين.
المطلب الثاني: الاستثناءات الواردة على القاعدة العامة
من المعلوم انه في حالة وجود نص تشيعي عام يسند الاختصاص إلى جهة قضائية معينة بالنظر في نوع من المنازعات لا يمن تفسيره و لا القياس عليه للقول بأنه الأولى بالتطبيق إذا تعارض مع نص تشريعي خاص يسند الاختصاص إلى جهة قضائية أخرى بالنظر في منازعة مماثلة و إلا اعتبر ذلك تجاوز لإرادة المشرع مادام النص الخاص يقدم على النص العام.
من هذا المنطلق فإذا كانت المحاكم الإدارية هي المختصة بصفة أساسية ورئيسية في دعوى الإلغاء كقاعدة عامة،فان هذا لا يمنع وجود استثناءات على هذه القاعدة العامة بموجب قوانين خاصة.
فالاستثناء الأول هو النصوص عليه في المادة 9 من القانون رقم 91.40 بمقتضاه تختص محكمة النقض بالبت ابتدائيا و انتهائنا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بالقرارات التنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة وقرارات السلطة الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية شريطة إلا يكون هذا الأخير غير قابل للتجزئة.
و الجدير بالذكر إن القرارات التنظيمية و الفردية الصادرة عن رئيس الحكومة تشمل حتى الموقعة بالعطف من لدن السلطة المفوضة إليها بذلك من طرف رئيس الحكومة لأنها تعتبر صادرة عن هذا الأخير وهذا ما أكدته محكمة الرباط الإدارية في حكمها الصادر في 2.2.1995 .
إلا أن محكمة النقض لا تختص بالبت ابتدائيا في طلبات الإلغاء الموجهة ضد القرارات الصادرة عن الوزراء بل تختص بذلك المحاكم الإدارية و هذا ما أكد عليه القرار الصادر عن الغرفة الإدارية عدد 1047 بتاريخ 19.11.1998
أما الاستثناء الثاني فهو الوارد في القانون رقم 03.02 المتعلق بدخول الأجانب بالمملكة المغربية و بالهجرة غير الشرعية حيث جاء في المادة 20 من هذا الأخير انه يمكن للأجنبي الذي رفض طلبه الرامي إلى الحصول على سند إقامة أو تحديده أو سحب منه هذا السند الطعن داخل اجل خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغ قرار الرفض أو السحب أمام رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات.
كما يمكن للأجنبي الطعن بالإلغاء ضد قرارات الاقتياد إلى الحدود حيث جاء في المادة 23 من القانون السابق الذكر انه يمكن للأجنبي الذي صدر في حقه قرار الاقتياد إلى الحدود أن يطلب خلال اجل ثماني و أربعين ساعة التي تلي تبليغه إليه من رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضيا للمستعجلات إلغاء القرار المذكور.
ويبت رئيس المحكمة الإدارية أو من يتوب عنه داخل اجل أربعة أيام كاملة ابتداء من رفع الأمر إليه ويمكن أن ينتقل إلى مقر الهيئة القضائية الأكثر قربا من المكان الذي يوجد به الأجنبي إذا كان هذا الأخير محتفظا به.كما يمكن للأجنبي أن يطلب من رئيس المحكمة الإدارية أو من ينوب عنه الاستعانة بترجمان و الإطلاع على الملف الذي يتضمن الوثائق التي استند إليها القرار المطعون فيه.
الاستثناء الثالث : الأصل أن المادة 23 من القانون 90.41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية تسند الاختصاص لهذه السلطات المحاكم بالنظر في دعاوي الإلغاء الموجهة ضد قرارات الصادرة عن السلطات الإدارية بسبب تجاوز السلطة وهو نص عام إلا إن الفصل 12 من الظهير رقم 105.62.1 الصادر بتاريخ 30.6.1962 بشان ضم الأراضي الفلاحية الذي يسند الاختصاص بالنظر في دعوى الإلغاء الموجهة ضد قرار ضم الأراضي إلى محكمة النقض هو نص خاص حيث جاء في منطوق المادة انه"لا يمكن الطعن في مقررات اللجنة أمام محكمة النقض بدعوى خرق الصيغ الجوهرية للمسطرة وعدم الاختصاص.
ومن هذا الأساس قضت محكمة الاستئناف الإدارية في الحكم المؤرخ في 31.01.2007 ملف عدد 5.06.18 بإلغاء الحكم من جديد بعدم اختصاص النوعي للمحكمة الإدارية للبت في الطلب.
الاستثناء الرابع: هو الاستثناء الذي جاء في القانون رقم 19.42 المتعلق بهيئة الصيادلة بخصوص الطعن في قرارات هيئة الصيادلة بخصوص العقوبات التأديبية الماثلة في الإنذار و التوبيخ التي يتخذها المجلس الجهوي و التي تستأنف أمام المجلس الوطني.
المبحث الثاني: الدفع بعدم الاختصاص
المطلب الأول : الدفع بعدم الاختصاص النوعي
لا تثير طبيعة الاختصاص النوعي بالنسبة للمحاكم الإدارية أي إشكال فقد أورد المشرع في القانون رقم 90-41 المقتضيات المتعلقة بعدم الاختصاص النوعي في كل من الفصلين 12 و 13 .
فكما هو معلوم أن القواعد العامة تختلف بحسب ما إذا كان عدم الاختصاص متعلقا بالنظام العام أو غير متعلق به ، فما يتعلق الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية يدخل في صميم النظام العام بحيث لا يمكن للخصوم الاتفاق على رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة ، إضافة إلى ذلك نجد أن المشرع في المادة 12 من القانون 90 -41 اعتبر القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي من النظام العام و للأطراف أن يدفعوا بعدم الاختصاص النوعي في جميع مراحل الدعوى إجراءات الدعوى و على الجهة القضائية المعروضة عليها القضية أن تثيره تلقائيا.
من جهة أخرى تنص الفقرة الأولى من المادة 13 (القانون إحداث المحاكم الإدارية) على انه إذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام جهة قضائية أو إدارية و جب عليها أن تبث فيها بحكم مستقل و لا يجوز لها أن تضمه في الموضوع .
فقد جاء في حكم المحكمة الإدارية بالرباط " وحيث دفع المحافظ العقاري بعدم الاختصاص النوعي للمحكمة الإدارية للبت في الطلب الذي يرجع الاختصاص بشأنه إلى المحكمة العادية طبقا لمقتضيات الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري .
وحيث إنه طبقا لمقتضيات المادة 13 من القانون رقم 90.41 بشأن إحداث المحاكم الإدارية ، فإنه إذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام أي جهة قضائية عادية أو إدارية وجب عليها أن تبت فيه بحكم مستقل ولا يجوز لها أن تضمه إلى الموضوع .
وحيث إن الأصل العام في القرارات التي يصدرها المحافظ على الأملاك العقارية ، أنها قرارات إدارية لصدورها عن سلطة إدارية وارتباطها بتسيير المرفق العام الذي يشرف عليه ، وبالتالي فإن الطعن فيها يكون من حيث المبدأ عن طريق سلوك دعوى الإلغاء التي تختص بالنظر فيها المحاكم الإدارية باعتبارها صاحب الولاية العامة بالبت في جميع طلبات الإلغاء الموجهة ضد القرارات الإدارية استنادا إلى مقتضيات المادتين 8 و20 من القانون السالف الذكر . إلا ما ارتأى المشرع استثناءه بنص صريح من خلال جعل بعض القرارات رغم طبيعتها الإدارية تخرج عن اختصاص القضاء الإداري وإسناد الاختصاص بشأنها إلى المحاكم العادية ، ويدخل في ذلك الحالات المحددة حصرا في الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري " .
من جهة أخرى يجب علي محكمة الإدارية أن يبث في هذا الدفع داخل أجل 30 يوما يبتدئ من تسلم كتابة الضبط به لملف الاستئناف لذا فان هذا الدفع يقبل الاستئناف أمام محكمة النقض وليس أمام محكمة الاستئناف الإدارية ، وذلك عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 13 من قانون المحاكم الإدارية التي جاء فيها و للأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بعدم الاختصاص النوعي أي كانت الجهة القضائية الصادر عنها أمام المجلس الأعلى الذي يجب عليه أن يبث في الأمر داخل اجل ثلاثين يوما يبتدئ من تسلم كتابة الضبط به الملف الاستئناف " هذا بالنسبة للقانون 90-41 أما القانون رقم 03 -80 المتعلق بمحاكم الاستئناف الإدارية فقد أحال على المادة 13 السابقة الذكر من قانون إحداث المحاكم الإدارية فتبقى سارية المفعول في شأن استئناف الأحكام الصادرة في موضوع الاختصاص النوعي ، ويحيل المجلس الأعلى الملف بعد البت فيه إلى المحكمة المختصة .
يمكن القول إذن أنه لو منح هذا الاختصاص لمحاكم الاستئناف الإدارية ، فإن ذلك سيفضي حتما إلى تعارض الاتجاهات فيما بينها الشيء الذي لا يمكنه أن يخدم مصلحة القضاء الإداري المتمثلة في ضرورة محافظته على مصداقيته ونجاعته ، كما لا يمكنه أن يخدم مصلحة المتقاضين الذين لا تستقيم أوضاعهم ومراكزهم القانونية أمام وجود هذا التعارض .
المطلب الثاني : الدفع بعدم الاختصاص المحلي
تهدف قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في الفصول 27 إلى 30 من قانون المسطرة المدنية إلى تبسيط مهمة المدعى عليه الذي من الممكن أن يتورط في خصومة ليس له فيها يد فتكون المحكمة المختصة هي محكمة موطنه ، إلا انه استثناء من ذلك ترفع طلبات الإلغاء إلى المحكمة الإدارية التي يوجد موطن المدعى داخل دائرتها أو التي صدر القرار المطعون فيه بدائرة نفوذ اختصاصها ( المادة 10 من قانون إنشاء المحاكم الإدارية رقم41.90 ) .
في حالة تنازع الاختصاص المحلي يكون النزاع بين نوع واحد من المحاكم و هي المحاكم الإدارية و من أهم القواعد التي طبقت بشأنه في فرنسا نذكر :
- تنازع الاختصاص المحلي من النظام العام
- لا يجوز للمحكمة الإدارية التي تصرح بعدم اختصاصها المحلي ، إن تعين المحكمة الإدارية المختصة أو تحيل الأطراف عليها .
- يحتفظ بأجل الطعن رغم توجيه الطلب إلى المحكمة إدارية أخرى غير مختصة محليا .
- القاضي الأصلي هو المختص للنظر في الطلبات اللاحقة سواء قدمت من لدن المدعي او المدعى عليه و الانحياز.
- قاضي الموضوع هو قاضي الاستثناء .
- إذا أصدرت أحكام متناقضة فيجب إلغاء حكم المحكمة غير مختصة
أما المشرع المغربي فلم ينص في قانون المحاكم الإدارية على طبيعة الاختصاص المحلي و إنما اكتفى بالإحالة في المادة 14 على مقتضيات الفصلين 16و 17 من قانون المسطرة المدنية ، إن قواعد
الاختصاص المحلي ليست كمثيلاتها المتعلقة بالاختصاص النوعي ، إذ أنها ليست من النظام العام و لهذا يجب على الأطراف إثارة الدفع بعدم الاختصاص المحلي قبل كل دفع أو دفاع أي خلال المرحلة الأولى من النزاع . و على من يتمسك ب هان يبين المحكمة الإدارية المختصة ، و إذا قبل الدفع رفع الملف إلى المحكمة المختصة بدون صائر ( الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية ) و تكون المحكمة الإدارية التي أثير أمامها الدفع بعدم الاختصاص المحلي في دعوى الإلغاء ملزمة إن تبت فيه بموجب حكم مستقل أو بإضافة الطلب العارض إلى الجوهر ( الفصل 17 من ق(.م.م ).
أما المحكمة الإدارية التي أحيل عليها الملف بعد أن تبت أنها هي المختصة محليا ، فيجب عليها أيضا أن تنظر في جميع الطلبات المرتبطة بالقضية ، بما فيها الدفوعات المتعلقة بعدم اختصاصها المحلي أيضا ( المادة 15 من قانون المحاكم الإدارية ) .
إذا رفعت إلى محكمة إدارية دعوى يكون لها ارتباط بدعوى تدخل أساسا في اختصاص المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا ) أو محكمة الرباط الإدارية فيجب عليها أن تحكم تلقائيا آو بناء على طلب احد الأطراف بعدم اختصاصها مع إحالة الملف برمته إلى الجهة المختصة ( محكمة النقض أو المحكمة الإدارية بالرباط ) وفقا لمقتضيات المادة 16 من ق.م.م ‘ و في هذه الحالة تكون محكمة النقض مختصة أيضا بالنظر في جميع الطلبات بما فيها الدفوعات التي تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية المادة 17 من قانون المحاكم الإدارية .
لا يمكن إثارة الدفع عدم الاختصاص المحلي في طور الاستئناف إلا بالنسبة للأحكام الغيابية .