مقدمة:
البصمة لغة وهي العلامة، والبصمة التي يستعان بها في البحث الجنائي وهي تلك العلامة التي يكون مصدرها الفرد، وينفرد بها وتميزه عن غيره، وهي من مظاهر إعجاز الخالق، واعتماده له جذور في التاريخ، فالصينيون مثلا استعملوا بصمة الأصابع منذ زمن بعيد، وفي منتصف القرن التاسع عشر ظهر علم البصمات كعلم له قواعده وأصوله اهتم بدراسة البصمات، منذ الحصول عليها مباشرة أو من مسرح الجريمة حتى معرفة الشخص الذي تعود إليه تلك البصمات، وقد أثبت العلم الحديث الحجية القاطعة للبصمات في مجال الإثبات، إذا ما هي أنواع هذه البصمات، وما هي مصادر وخصوصيات كل واحدة منها ؟ للإجابة على ذلك سوف أتناول مختلف مصادر البصمات فيما يلي :
أولا: بصمات الأصابع:
اختلف المختصون في علم البصمات في مسألة تصنيف البصمات، بعضهم صنفها الى ثلاث أصناف وهي: المستديرات والمقوسات والمنحدرات؛ وهناك من صنفها الى أربعة أصناف حيث أضاف الى الأصناف السابقة الأربعة السابقة صنف خامس وهو صنف مجموعة المركبات الشاذة.
وتعتبر بصمة الأصابع أكثر جدوى وفعالية من غيرها في مجال الإثبات الجنائي، وهي من البصمات التي استعملتها الحضارات القديمة، وتألق هذا النوع من البصمات في مجال الإثبات ليس وليد الصدفة بل ناتج عن كون الإنسان يعتمد في أغلب حركاته اليومية على ملامسة الأشياء بيديه، وبالتالي يترك آثارها على كل جسم لامسه، وينطبق نفس الشيء في حالة تنفيذ جريمة من الجرائم، خاصة منها تلك التي يستعمل فيها العنف، كالقتل خنقا باليد، أو التعذيب بالضرب قبل القتل، والتي يكون الفاعل لم يخطط لها قبل الإقبال عليها، لأن في التحضير يكون التسلح بكامل الاحتياطات اللازمة لتفادي ترك البصمات في مسرح الجريمة.
ولبصمة الأصابع إشارة في القران الكريم في قوله تعالى: "أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه، بل قادرين على أن نسوي بنانه"، والبنان هي العقدة العليا من الأصبع وهي أطراف أصابعه مستوية، التي تحمل شكل البصمة، والتي يؤكد الحق سبحانه وتعالى على أنه قادر على إعادة دقائقها وجزئياتها حتى تكتمل صورتها الأولى.
ولهذا النوع من البصمات جذور في التاريخ وفي ذلك تأكيد لأهميتها وابتدأت الأبحاث العلمية في هذا النوع من البصمات سنة 1890م، وتم توظيفها في إثبات الهوية، وفي معرفة إذا كان الموت انتحارا وتحديد صورة تقريبية الى حد كبير لمعرفة صاحب الجثة، ومعرفة الحالة المرضية أحيانا خاصة في بعض الأمراض الجلدية.
ثانيا : بصمة رحى الكف وباطن القدم والركبة.
بالنسبة لراحة الكف بالمقارنة مع بصمة رؤوس الأصابع فإنها لا ترى إقبالا كثيرا لأنها قليلا ما تكون محفوظة في إدارات تحقيق الشخصية، وكذلك الحال بالنسبة لبصمة باطن القدم، فهي أيضا قليلة الإهتمام وعندما يتم العثور عليها في مسرح الجريمة فإنه يتم أخذها ومضاهاتها مع بصمة قدم المشتبه فيه لأنها في الغالب تكون غير محفوظة أيضا على غرار بصمة باطن ، ونفس الشيء بالنسبة لبصمة الركبة.
ثالثا : بصمة الأذن :
يقصد بهذه البصمة، بصمة صوان الأذن التي يتم العثور عليها نادرا في مسرح الجريمة ولها أيضا قيمة إثباتية قوية، يتم التقاطها بأساليب وطرق معينة لا يعرفها إلا خبراء البصمات، وبعد التقاطها تتم مضاهاتها مع بصمات صيوان أذن المشتبه فيه.
رابعا : بصمة الشفاه:
إن للشفاه أيضا بصمات يختلف فيها الشخص عن الآخر، وقد توجد في مسرح الجريمة على فنجان أو كوب أو على خطاب يحمل تهديد أو تحبيب، تأخذ هذه البصمة وتضاهى ببصمة شفاه المتهم وفق تقنيات علمية محددة، بالرغم من نذرة استعمال هذه الوسيلة فإنها لها مكانتها في الإثبات الجنائي، ومن القضايا النادرة التي اعتمدت فيها هذه البصمة كدليل لإدانة متهم، وهي القضية التي جرت وقائعها في اليابان عام 1968م.
ومن القضايا المماثلة أيضا التي اعتمدت فيها بصمة الشفاه كدليل إثبات مادي قاطع وهي القضية التي وقعت في مصر عام 1979م رقم 5459، ولا تزال هذه البصمة التي تركها الجاني محفوظة بأرشيف إدارة البصمات بمصلحة الأداة الجنائية بالقاهرة.
خامسا: البصمة الوراثية.
تسمى في علم البيولوجيا البصمة الجينية لأنها تحمل مجموعة من الجينات أو المورثات، وهي أساس التباين الذي يلاحظ بين الأشخاص من حيث لون البشرة، ولون العينين، والطول والقصر، وغير ذلك من العلامات التي تجسد الإختلاف الذي يلاحظ بين أفراد المجتمع، وتسمى أيضا بصمة الشفرة الوراثية، وبصمة الحمض النووي، وتكتب في اللغة الفرنسية بالرموز التالية:"ADN "؛ ولمزيد من التوضيح فإن الحمض النووي نوعان : الأول وظيفي، والثاني غير وظيفي؛ وينحصر دور النوع الأول على انتقاء الصفات الوراثية، أما النوع الثاني فهو الذي يفيد في مجال البحث والتحقيق.
ويرجع فضل اكتشاف البصمة الوراثية، للعالم الانجليزي أليك جيفري (Alec Jefferys ) سنة 1984م، وبدأ استخدامها في ميدان البحث الجنائي سنة 1985م.
تتواجد البصمة الجينية داخل نواة مختلف الخلايا البيولوجية المكونة لجسم الإنسان، ويرتبط تكونها مباشرة بالمراحل الأولى لنشأة الإنسان، التي تبتدئ بمرحلة فيزيولوجية دقيقة، وهي مرحلة التخصيب التي تبدأ بعد ولوج الحيوان المنوي الحامل ل: 23 صبغي أي كروموسوم: (Chromosomes) الى داخل البويضة التي تحمل بدورها نفس المقدار من الصبغيات أي " 23 كروموسوم: (Chromosomes)"، وبعد ذلك يحدث الإندماج الذي ينتهي الى تكون بويضة مخصبة تحمل "46 كروموسوما" يصطلح عليها باسم "زيكوت: Zygote"، ومجموع الصبغيات أي"الكروموسومات" المجتمعة داخل نواة الخلية وفق ترتيب محكم تكون البصمة الوراثية.
ونظيف هنا أن ذلك التنظيم والترتيب الذي تعرفه الجينات، هو الذي يحدد خصائص ومميزات كل فرد من أفراد المجتمع عن غيره، وتضم تركيبة ذلك النظام أربعة عناصر تمثلها الحروف (G.C.T.A)، وتوجد حوالي ثلاثة وثلاثون من هذه التراكيب في الجينات البشرية، وتتشابك و تترابط تلك العناصر في خيوط تحملها وفق نظام ثابت في كل إنسان، ولا تتغير منذ تكونها.
وفي ظل ما تعرفه مختلف العلوم من تطور، تعرف أيضا دراسة حمض نواة الخلية تطورا متواصلا يعرف بتكنولوجيا الهندسة الوراثية، الذي يساعد على التمكن بطريقة فنية تحديد موقع الجينات، أي تحديد مكان تواجد عنصر الوراثة على الصبغيات "الكروموسومات" بواسطة رسم خريطة الجينات لكل إنسان.
إن اختلاف البصمة الوراثية عن باقي البصمات، لا يتوقف على مستوى الشكل والنوع فحسب بل يتعدى ذلك الى التقنيات المعتمدة في استخلاصها ودراستها
سادسا : بصمة الصوت:
عندما يتكلم الإنسان ينتج صوته دبدبات تختلف من شخص لآخر، وهي من الوسائل المعتمدة في البحث الجنائي خاصة في بعض الجرائم التي تحدث بعد اتصال أو اتفاق، وكذلك في جرائم القذف والسب والتهديد والتجسس والتخابر مع الأعداء ونحوها.
يقوم أساسها على تسجيل الموجات الصوتية بنبراتها ومميزاتها الفردية وخواصها الذاتية، وإعادة سماعها ومضاهاتها بصوت المشتبه فيه، يستعمل في ذلك جهاز مضاهاة الأصوات الذي يطلق عليه جهاز التخطيط التحليلي للصوت، يحول الانطباع المغناطيسي على شريط مسجل إلى مخطط مرئي على هينة خطوط متوازية متباينة تأخذ شكلا خاصا في دكنتها وسمكها والمسافات الفاصلة بينها، وفق خصائص الصوت.
سابعا : بصمة المخ :
اكتشف هذه البصمة الدكتور "لوارانس فارويل" وهو من مدينة فيرفيلد بولاية أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهذه البصمة تقوم على استمرار الموجة المخية P300 التي لها علاقة بالذاكرة والكشف عن الحقيقة، ويتم ذلك بالطريقة التالية :
يجلس المتهم أمام شاشة كومبيوتر، ويجلس المحقق أمام جهاز آخر يسجل نتائج التحقيق في صورة خطوط متعرجة، وفي حالة القتل بأداة معينة كالسكين ذو قبضة زرقاء اللون مثلا، تعرض أمام المتهم السكاكين بألوان مختلفة، ولا يلاحظ تغير على مستوى موجة P 300، وبمجرد أن يعرض عليه السكين ذو القبضة الزرقاء فان ذاكرته تسترجع الأحداث ويرتفع الخط البياني إلى أقصى قمة له على هيئة قوس وذلك بفعل تأثر الموجة P 300 مما يدل على علاقته بالجريمة.
واعتمدت هذه الوسيلة في إثبات العديد من الجرائم، وفك رموز العديد من القضايا، كما استعملت أيضا في إثبات براءة المتهم البريء.
ثامنا : بصمة الأسنان:
رغم ندرة استعمالها، فإنها تحظى بمكانة كبيرة في البحث الجنائي عامة، وفي الجرائم المرتبطة باستعمال العنف بصفة خاصة، كالاغتصاب وهتك العرض والقتل وما شابهها، يقوم المحقق بأخذ تلك البصمات الموجودة على الضحية والاحتفاظ بها، وقد توجد أيضا على الجاني المشتبه فيه، نتيجة مقاومة الضحية له، وبعد ذلك تتم مضاهاة تلك الآثار بآثار أسنان المتهم وفق تقنيات خاصة، وغالبا ما تكون النتيجة ايجابية حيث تساعد في معظم الحالات على الوصول الى الحقيقة، والخبير المختص في هذا المجال وهو خبير الأدونتولوجيا، وهو أيضا ينتمي الى فريق الطب الشرعي.
خاتمة:
في الختام يجب الإشارة الى أن مجموع مصادر البصمات التي سبق لنا تناولها تبقى من الوسائل الهامة في فك رموز العديد من الجرائم، ولا يمكن الاستغناء عليها في أي جريمة من الجرائم خارج حالات التلبس، إلا أن الحصول على دلك النوع من النتائج الذي يحمل من الجودة والدقة ما يفيد في البحث الجنائي يتطلب توفير كفاءات متخصصة، وتجهيزات متطورة، وتكوين مستمر يواكب كل المستجدات، وأي اختلال أو نقص في أي العناصر المذكورة فإنه يؤثر سلبا على جودة ودقة النتائج .
البصمة لغة وهي العلامة، والبصمة التي يستعان بها في البحث الجنائي وهي تلك العلامة التي يكون مصدرها الفرد، وينفرد بها وتميزه عن غيره، وهي من مظاهر إعجاز الخالق، واعتماده له جذور في التاريخ، فالصينيون مثلا استعملوا بصمة الأصابع منذ زمن بعيد، وفي منتصف القرن التاسع عشر ظهر علم البصمات كعلم له قواعده وأصوله اهتم بدراسة البصمات، منذ الحصول عليها مباشرة أو من مسرح الجريمة حتى معرفة الشخص الذي تعود إليه تلك البصمات، وقد أثبت العلم الحديث الحجية القاطعة للبصمات في مجال الإثبات، إذا ما هي أنواع هذه البصمات، وما هي مصادر وخصوصيات كل واحدة منها ؟ للإجابة على ذلك سوف أتناول مختلف مصادر البصمات فيما يلي :
أولا: بصمات الأصابع:
اختلف المختصون في علم البصمات في مسألة تصنيف البصمات، بعضهم صنفها الى ثلاث أصناف وهي: المستديرات والمقوسات والمنحدرات؛ وهناك من صنفها الى أربعة أصناف حيث أضاف الى الأصناف السابقة الأربعة السابقة صنف خامس وهو صنف مجموعة المركبات الشاذة.
وتعتبر بصمة الأصابع أكثر جدوى وفعالية من غيرها في مجال الإثبات الجنائي، وهي من البصمات التي استعملتها الحضارات القديمة، وتألق هذا النوع من البصمات في مجال الإثبات ليس وليد الصدفة بل ناتج عن كون الإنسان يعتمد في أغلب حركاته اليومية على ملامسة الأشياء بيديه، وبالتالي يترك آثارها على كل جسم لامسه، وينطبق نفس الشيء في حالة تنفيذ جريمة من الجرائم، خاصة منها تلك التي يستعمل فيها العنف، كالقتل خنقا باليد، أو التعذيب بالضرب قبل القتل، والتي يكون الفاعل لم يخطط لها قبل الإقبال عليها، لأن في التحضير يكون التسلح بكامل الاحتياطات اللازمة لتفادي ترك البصمات في مسرح الجريمة.
ولبصمة الأصابع إشارة في القران الكريم في قوله تعالى: "أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه، بل قادرين على أن نسوي بنانه"، والبنان هي العقدة العليا من الأصبع وهي أطراف أصابعه مستوية، التي تحمل شكل البصمة، والتي يؤكد الحق سبحانه وتعالى على أنه قادر على إعادة دقائقها وجزئياتها حتى تكتمل صورتها الأولى.
ولهذا النوع من البصمات جذور في التاريخ وفي ذلك تأكيد لأهميتها وابتدأت الأبحاث العلمية في هذا النوع من البصمات سنة 1890م، وتم توظيفها في إثبات الهوية، وفي معرفة إذا كان الموت انتحارا وتحديد صورة تقريبية الى حد كبير لمعرفة صاحب الجثة، ومعرفة الحالة المرضية أحيانا خاصة في بعض الأمراض الجلدية.
ثانيا : بصمة رحى الكف وباطن القدم والركبة.
بالنسبة لراحة الكف بالمقارنة مع بصمة رؤوس الأصابع فإنها لا ترى إقبالا كثيرا لأنها قليلا ما تكون محفوظة في إدارات تحقيق الشخصية، وكذلك الحال بالنسبة لبصمة باطن القدم، فهي أيضا قليلة الإهتمام وعندما يتم العثور عليها في مسرح الجريمة فإنه يتم أخذها ومضاهاتها مع بصمة قدم المشتبه فيه لأنها في الغالب تكون غير محفوظة أيضا على غرار بصمة باطن ، ونفس الشيء بالنسبة لبصمة الركبة.
ثالثا : بصمة الأذن :
يقصد بهذه البصمة، بصمة صوان الأذن التي يتم العثور عليها نادرا في مسرح الجريمة ولها أيضا قيمة إثباتية قوية، يتم التقاطها بأساليب وطرق معينة لا يعرفها إلا خبراء البصمات، وبعد التقاطها تتم مضاهاتها مع بصمات صيوان أذن المشتبه فيه.
رابعا : بصمة الشفاه:
إن للشفاه أيضا بصمات يختلف فيها الشخص عن الآخر، وقد توجد في مسرح الجريمة على فنجان أو كوب أو على خطاب يحمل تهديد أو تحبيب، تأخذ هذه البصمة وتضاهى ببصمة شفاه المتهم وفق تقنيات علمية محددة، بالرغم من نذرة استعمال هذه الوسيلة فإنها لها مكانتها في الإثبات الجنائي، ومن القضايا النادرة التي اعتمدت فيها هذه البصمة كدليل لإدانة متهم، وهي القضية التي جرت وقائعها في اليابان عام 1968م.
ومن القضايا المماثلة أيضا التي اعتمدت فيها بصمة الشفاه كدليل إثبات مادي قاطع وهي القضية التي وقعت في مصر عام 1979م رقم 5459، ولا تزال هذه البصمة التي تركها الجاني محفوظة بأرشيف إدارة البصمات بمصلحة الأداة الجنائية بالقاهرة.
خامسا: البصمة الوراثية.
تسمى في علم البيولوجيا البصمة الجينية لأنها تحمل مجموعة من الجينات أو المورثات، وهي أساس التباين الذي يلاحظ بين الأشخاص من حيث لون البشرة، ولون العينين، والطول والقصر، وغير ذلك من العلامات التي تجسد الإختلاف الذي يلاحظ بين أفراد المجتمع، وتسمى أيضا بصمة الشفرة الوراثية، وبصمة الحمض النووي، وتكتب في اللغة الفرنسية بالرموز التالية:"ADN "؛ ولمزيد من التوضيح فإن الحمض النووي نوعان : الأول وظيفي، والثاني غير وظيفي؛ وينحصر دور النوع الأول على انتقاء الصفات الوراثية، أما النوع الثاني فهو الذي يفيد في مجال البحث والتحقيق.
ويرجع فضل اكتشاف البصمة الوراثية، للعالم الانجليزي أليك جيفري (Alec Jefferys ) سنة 1984م، وبدأ استخدامها في ميدان البحث الجنائي سنة 1985م.
تتواجد البصمة الجينية داخل نواة مختلف الخلايا البيولوجية المكونة لجسم الإنسان، ويرتبط تكونها مباشرة بالمراحل الأولى لنشأة الإنسان، التي تبتدئ بمرحلة فيزيولوجية دقيقة، وهي مرحلة التخصيب التي تبدأ بعد ولوج الحيوان المنوي الحامل ل: 23 صبغي أي كروموسوم: (Chromosomes) الى داخل البويضة التي تحمل بدورها نفس المقدار من الصبغيات أي " 23 كروموسوم: (Chromosomes)"، وبعد ذلك يحدث الإندماج الذي ينتهي الى تكون بويضة مخصبة تحمل "46 كروموسوما" يصطلح عليها باسم "زيكوت: Zygote"، ومجموع الصبغيات أي"الكروموسومات" المجتمعة داخل نواة الخلية وفق ترتيب محكم تكون البصمة الوراثية.
ونظيف هنا أن ذلك التنظيم والترتيب الذي تعرفه الجينات، هو الذي يحدد خصائص ومميزات كل فرد من أفراد المجتمع عن غيره، وتضم تركيبة ذلك النظام أربعة عناصر تمثلها الحروف (G.C.T.A)، وتوجد حوالي ثلاثة وثلاثون من هذه التراكيب في الجينات البشرية، وتتشابك و تترابط تلك العناصر في خيوط تحملها وفق نظام ثابت في كل إنسان، ولا تتغير منذ تكونها.
وفي ظل ما تعرفه مختلف العلوم من تطور، تعرف أيضا دراسة حمض نواة الخلية تطورا متواصلا يعرف بتكنولوجيا الهندسة الوراثية، الذي يساعد على التمكن بطريقة فنية تحديد موقع الجينات، أي تحديد مكان تواجد عنصر الوراثة على الصبغيات "الكروموسومات" بواسطة رسم خريطة الجينات لكل إنسان.
إن اختلاف البصمة الوراثية عن باقي البصمات، لا يتوقف على مستوى الشكل والنوع فحسب بل يتعدى ذلك الى التقنيات المعتمدة في استخلاصها ودراستها
سادسا : بصمة الصوت:
عندما يتكلم الإنسان ينتج صوته دبدبات تختلف من شخص لآخر، وهي من الوسائل المعتمدة في البحث الجنائي خاصة في بعض الجرائم التي تحدث بعد اتصال أو اتفاق، وكذلك في جرائم القذف والسب والتهديد والتجسس والتخابر مع الأعداء ونحوها.
يقوم أساسها على تسجيل الموجات الصوتية بنبراتها ومميزاتها الفردية وخواصها الذاتية، وإعادة سماعها ومضاهاتها بصوت المشتبه فيه، يستعمل في ذلك جهاز مضاهاة الأصوات الذي يطلق عليه جهاز التخطيط التحليلي للصوت، يحول الانطباع المغناطيسي على شريط مسجل إلى مخطط مرئي على هينة خطوط متوازية متباينة تأخذ شكلا خاصا في دكنتها وسمكها والمسافات الفاصلة بينها، وفق خصائص الصوت.
سابعا : بصمة المخ :
اكتشف هذه البصمة الدكتور "لوارانس فارويل" وهو من مدينة فيرفيلد بولاية أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهذه البصمة تقوم على استمرار الموجة المخية P300 التي لها علاقة بالذاكرة والكشف عن الحقيقة، ويتم ذلك بالطريقة التالية :
يجلس المتهم أمام شاشة كومبيوتر، ويجلس المحقق أمام جهاز آخر يسجل نتائج التحقيق في صورة خطوط متعرجة، وفي حالة القتل بأداة معينة كالسكين ذو قبضة زرقاء اللون مثلا، تعرض أمام المتهم السكاكين بألوان مختلفة، ولا يلاحظ تغير على مستوى موجة P 300، وبمجرد أن يعرض عليه السكين ذو القبضة الزرقاء فان ذاكرته تسترجع الأحداث ويرتفع الخط البياني إلى أقصى قمة له على هيئة قوس وذلك بفعل تأثر الموجة P 300 مما يدل على علاقته بالجريمة.
واعتمدت هذه الوسيلة في إثبات العديد من الجرائم، وفك رموز العديد من القضايا، كما استعملت أيضا في إثبات براءة المتهم البريء.
ثامنا : بصمة الأسنان:
رغم ندرة استعمالها، فإنها تحظى بمكانة كبيرة في البحث الجنائي عامة، وفي الجرائم المرتبطة باستعمال العنف بصفة خاصة، كالاغتصاب وهتك العرض والقتل وما شابهها، يقوم المحقق بأخذ تلك البصمات الموجودة على الضحية والاحتفاظ بها، وقد توجد أيضا على الجاني المشتبه فيه، نتيجة مقاومة الضحية له، وبعد ذلك تتم مضاهاة تلك الآثار بآثار أسنان المتهم وفق تقنيات خاصة، وغالبا ما تكون النتيجة ايجابية حيث تساعد في معظم الحالات على الوصول الى الحقيقة، والخبير المختص في هذا المجال وهو خبير الأدونتولوجيا، وهو أيضا ينتمي الى فريق الطب الشرعي.
خاتمة:
في الختام يجب الإشارة الى أن مجموع مصادر البصمات التي سبق لنا تناولها تبقى من الوسائل الهامة في فك رموز العديد من الجرائم، ولا يمكن الاستغناء عليها في أي جريمة من الجرائم خارج حالات التلبس، إلا أن الحصول على دلك النوع من النتائج الذي يحمل من الجودة والدقة ما يفيد في البحث الجنائي يتطلب توفير كفاءات متخصصة، وتجهيزات متطورة، وتكوين مستمر يواكب كل المستجدات، وأي اختلال أو نقص في أي العناصر المذكورة فإنه يؤثر سلبا على جودة ودقة النتائج .