MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



التعليق على قرار مجلس الدولة الفرنسي بخصوص قرار حظر البوركيني بتاريخ 26 غشت 2016

     

الإسم الكامل : عبد القادر معروف
طالب باحث بالقانون العام والعلوم السياسية
كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية- جامعة الحسن الأول- سطات



التعليق على قرار مجلس الدولة الفرنسي بخصوص قرار حظر البوركيني بتاريخ 26 غشت 2016

أولا: الدراسة الشكلية للقرار:

الإشارات:

  موضوع الدعوى: إلغاء قرار حظر البوركيني 

أطراف الدعوى:جامعة حقوق الإنسان و منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان لواجهة الاسلاموفوبيا بفرنسا أمام عمدة مدينة فيلنوف لوبيه و وزير الداخلية الفرنسي
  المذكرات:-مذكرة الرابطة المذكورة مطالبة بأن يقضي وفقا لأحكام الواردة في المادة 521-2 من قانون العدالة  الإدارية 
-مذكرة وزير الداخلية لإبداء بعض الملاحظات (غير موجودة بالحكم)
- مذكرة العمدة طالب فيها برفض الطعن لإنتفاء ش رط الإستعجال وعدم قانونية دفوع الطاعن  
القوانين و الإجراء ات : الدستور الفرنسي خاصة مقدمتة والمادة الأولى
الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان و الحريات الأساسية 
الكود العام للبلديات
قانون رقم 9 لسنة 1905 القاضي بفصىل الدين عن الدولة .
تاريخ الجلسة و نوعها :جلسة علنية بتاريخ 26/08/2016
تم سماع كل من : محزمية رابطة حقوق الإنسان وممثل جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا مع سماع محامي عمدة فيلنوف لوبيه و ممثل وزير الخارجية________________________________________البوركيني نوع من ملابس السباحة المخصصة للنساء المسلمات، حيث يغطي هذا اللباس جسم المرأة كاملا ما عدا الوجه و اليدين و القدمين، و يعود تصميمه إلى المصممة الأسترالية عاهدة زناتي الذي حصلت على براءة اختراع بإسمها.

الحيثيات

     أجاب مجلس الدولة الفرنسي على طلبات الأطراف باختصار دون توسع في الحيثيات و الإكثار من الشرح و التفسير ، وذلك وفق سبع نقط تماشيا مع الطلبات المقدمة إليه ، وبدأها في النقطة الأولى لحسم الاختصاص الاستعجالي المخول إليه ، وقد أشار “على ان قانون العدالة الإدارية يجيز له في ظروف خاصة الفصل في الدعوى في أسرع وقت ، واتخاذه الإجراءات ألازمة لحماية حريات الأساسية التي قد يتم الاعتداء عليها بصورة جسيمة و بمخالفة صريحة للقانون من قبل السلطات الإدارية” .
     ونرى هنا وان كان بصدد تحديد الاختصاص ، فإنه إطار حدد به توجهه ونظرته الأولية لموضوع الدعوى ، خاصة انه بقراءة البند الثاني لمجلس الدولة الفرنسي ومناقشته في الجلسة العامة ، انبرى واطر الموضوع بذكاء حاد وفصل بين الرداء المناسب والملائم للآداب العامة و العلمانية بجملة شاملة وهي “…امتد إلى ارتداء اللباس الذي يفصح بصورة واضحة عن اعتقاد ديني أثناء السباحة او على الشاطئ ..” اي بصيغة أخرى انه كان يجب على القانون الصادر من العمدة ألا يمتد إلى اللباس الذي يعبر عن دين معين كيفما كانت النية أو الهدف .
     أما البند الثالث فقد وافق على ضم الطعنين والدعويين التي قدمتها كل من جامعة حقوق الإنسان و أيضا جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان لمواجهة الاسلاموفوبيا ، لارتباطهما و إثارة نفس الطلبات .
     وقد أكد مجلس الدولة الفرنسي اختصاص العمدة في تنظيم البوليس الإداري للشواطئ وللأنشطة البحرية التي تمارس في الشواطئ الرملية ، ويتولى العمدة تحديد استخدام الأماكن الشاطئية وتوفير آليات الحماية ألازمة و المحافظة على السلامة و الصحة التي تقتضيها الظروف .
     لكن المجلس لم يقف عند هذا الحد ، بل تمم ذلك في البند الخامس رابطا بين الاختصاص الإداري المنوط بالعمدة و حدود هذا الاختصاص ، و الأخذ في الحسبان أثناء تنظيمه وتدبيره للشاطئ اعتبارات أخرى . خاصة أن دفوعات العمدة لم تؤكد أي خطر محدق و حقيقي ، و الاستناد إلى اعتبارات أخرى – كإشارة إلى حادثة نيس – هو خطر محتمل و غير مؤكد ، ولا يمكن أن يكون أساس لدعوى المحافظة على النظام العام لانعدام وعدم وجود أي ضرر ، خاصة انه لا يوجد نص تشريعي يحدد النظام العام . 
     وقد تمم ذلك في البند السادس لحسم المسألة ،وأورد إن ليس هناك في أوراق الدعوى أي 
مبررات وجيهة و إثباتات تبرز الخطر الذي يشكله ارتداء نوع من الملابس ، وإخلاله بالنظام العام ، 
     وقد أوضح المجلس بشكل لا لبس فيه ، حيث اعتبر ان اعتداء نيس ليس مبرر قانوني لاتخاذ مثل هذه التدابير ، أي التدابير الغير القانونية طبعا ، و بالتالي الخروج عن المشروعية ، الذي أدى إلى اعتداء صارخ على الحريات الأساسية ، من حرية التنقل و الاعتقاد و الحرية الشخصية .

منطوق الحكم

     قضى مجلس الدولة الفرنسي  بإلغاء الحكم الصادر من قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة الإدارية بمدينة نيس بتاريخ 22 غشت 2016 ، مع وقف تنفيذ الفقرة 3 من المادة 4 من قرار العمدة الصادر بتاريخ 5 غشت 2016 ، ورفض طلبات التعويض بنظر لواقعة الدعوى تطبيقا .

بطاقة الحكم

أ-الوقائع

     اصدر عمدة فيلنون-لوبيه بفرنسا قرارا بمنع ارتداء ملابس على الشاطئ تشير إلى اعتقاد الشخص الديني المنافي لمبادئ الدولة العلمانية ”البوركيني”، والذي جرى تأييده من قبل المحكمة الإدارية على أسس و مبادئ العلمانية الفرنسية وخاصة الراهنة والتي عبر عليها “بالحالة الأمنية” لاسيما الاعتداء الذي وقع في مدينة نيس. مما جعل رابطة حقوق الإنسان و منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان لواجهة الاسلاموفوبيا بفرنسا للطعن في القرار أمام أعلى هيئة قضائية إدارية في فرنسا متمثلة في المجلس الأعلى.

ب-المسطرة

قرار صادر عن مجلس الدولة الفرنسي يندرج ضمن قضاء الإلغاء.
ج-المشاكل القانونية
أي دورللقضاء الإداري في حماية الحقوق و الحريات العامة من الشطط في إستعمال السلطة ؟
متى يكون قضاء الأمور المستعجلة مختصإ؟
هل قرار الحظر منسجم مع القوانين الفرنسية ؟
ماهي حدود رقابة القاضي الإداري على القرارات المرتبطة بالنظام العام؟
د-منطوق الحكم
قضى مجلس الدولة الفرنسي  بإلغاء الحكم وبالتالي إلغاء قرارحظرالبوركيني

ه-التعليل

     يتجلى دور القضاء في حماية الحقوق و الحريات العامة من الشطط في إستعمال السلطة في كون المؤسس الدستوري أناط القضاء الإداري بمهمة مراقبة أعمال الإدارة بإعتباره أكثر الأجهزة القادرة على حماية مبدأ المشروعية و الدفاع عن الحقوق و الحريات،حيث تعتبر الرقابة القضائية على أعمال الإدارة واحدة من أقوى وأهم ضمانات الحرية الأساسية مقابل ما تقوم به الإدارة عموما1
     يكون قضاء الأمور المستعجلة مختصا في الحالات المحددة في المادة 521-2  من قانون العدالة الإدارية التي تجيز له في الظروف الخاصة الفصل في الدعوى في أسرع وقت ، واتخاذه الإجراأت ألازمة لحماية حريات الأساسية التي قد يتم الاعتداء عليها بصورة جسيمة و بمخالفة صريحة للقانون من قبل السلطات الإدارية. وذلك عند توفر شرطين أساسيين هما: وجود قرار إداري نهائي(تنفيذي)وأن يتعلق بحرية من الحريات الأساسية2.
     إن قرار حظر البوركيني ومدى إنسجامه مع القوانين الفرنسية شكل جدلا ونقاشا كبيرا خاصة في ظل الدستور الفرنسي الذي ينص على علمانية الدولة أي إبعاد أي مؤثرات دينية على أماكن العامة،وينص أيضا على إحترام جميع المعتقدات والمساواة أمام القانون دون تمييزعلى أساس العرق أو الجنس أو الدين 3.

الهوامش
________________________________________
1-سمية بولعسل، سلطات القاضي الإداري في حماية الحقوق و الحيات الأساسية،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون العام المعمق،جامعة أبو بكربلقايد -تلمسان- 2016-2015 ص 7
2-موسى مصطفى شحادة،شروط االستعجال الجديد أمام القضاء اإلداري الفرنسي وتطبيقاته في نطاق الحريات الأساسية، شعبان 1434هـ، يونيو 2013م مجلة جامعة الشارقة للعلوم الرشعية والقانونية المجلد 10 العدد 1 ص 195
3-المادة الأولى من الدستور الفرنسي والصادر في 4 أكتوبر سنة 1958 والمعدل في 23 يليوز سنة 2008.

     يقوم للقاضي الإداري  إذا عرضت عليه مسألة معللة بإرتباطها بالنظام العام بالنظر فيما إذا كان فعللا الإجراء مرتبطا بالنظام العام أم لا ، وذلك لما يتمتع به من سلطة تقديرية في تحديد مثل هذه المسائل وربطها بالمشروعية و بقانونية الإجراء .لعدم وجود نص تشريعي يحدد  يحدد النظام العام .
و-خاتمة
يعد هذا الحكم مرتكزا أساسيا لأحكام القضاء الإداري و الأساس اللتي تنبني عليه في مجال حظر ملابس البحر وجاء في إطار الإجتهاد القضائي ظ، وبالتالي فهو حكم مبدأ لأنه وضع قاعدة جديدة ستأخذ بها باقي المحاكم الإدارية كما سنرى.
             







                ثانيا:التعليق على الحكم
مقدمة
     تفجّر في صائفة 2016  في فرنسا جدل على خلفية حظر "البوركيني" على عدد من الشواطئ الفرنسية، جدل يأتي عقب حظر "البوركيني" في مرحلة أولى بمدينة "كان" (جنوب)، قبل أن يمتد الحظر إلى بلدات "فيلينوف لوبيه" بالقرب من نيس (جنوب)، وسيسكو في جزيرة كورسيكا الفرنسية (غربي إيطاليا)، ثم نيس.ويرجح بعض المراقبين أنّه لا سند قانوني يدعمه، بما أنّ قانون ارتداء البرقع في الأماكن العامة لا يمكنه أن يشمل "البوركيني" طالما أنّ الأخير لا يخفي الوجه خلافا للأوّل وهو مايمثل إعتداء على الحريات العامة المكفولة قانونا.
     و الحكم الذي بين أيدينا يتعلق باصدر عمدة فيلنون لوبيه بفرنسا قرارا بمنع ارتداء ملابس على الشاطئ تشير إلى اعتقاد الشخص الديني المنافي لمبادئ الدولة العلمانية ”البوركيني”، والذي جرى تأييده من قبل المحكمة الإدارية على أسس و مبادئ العلمانية الفرنسية وخاصة الراهنة والتي عبر عليها “بالحالة الأمنية” لاسيما الاعتداء الذي وقع في مدينة نيس. مما جعل رابطة حقوق الإنسان و منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان لواجهة الاسلاموفوبيا بفرنسا للطعن في القرار أمام أعلى هيئة قضائية إدارية في فرنسا متمثلة في المجلس الأعلى لإلغأء القرار ،وهو ما قضى به المجلس بتاريخ 26 غشت 2016 . ومن هذا المنطلق تطرح مجموعة من التساؤلات حول دور القضاء الإداري في حماية هذه الحريات من تعسف الإدارة و الشطط في إستعمال السلطة ؟
للتعليق على هذاالحكم سنتبع الخطة التالية :
أولا: الوضع السابق للحكم 
ثانيا : تحليل المبادئ التي أرساها هذا الحكم 
ثالثا: نظرة على القضاء بعد الحكم
أولا: الوضع السابق للحكم 
تعتبر قضية البوركيني الأولى من نوعها في تاريخ القضاء الفرنسي أو بالأحرى مجلس الدولة الفرنسي على إعتبار أن محكمة الإستئناف الإدارية لمدينة نيس هي السباقة للنظر في هذه الدعوى حيث أقرت مشروعية وأيدته بالإستناد  لأسس و مبادئ العلمانية الفرنسية وخاصة الراهنة والتي عبر عليها “بالحالة الأمنية” لاسيما الاعتداء الذي وقع في مدينة نيس قبل القرار بحوالي الشهرين ،وكدا مستندة إلى قانون رقم 9 لسنة 1905 القاضي بفصىل الدين عن الدولة .
     وتبنت جل البلديات الفرنسية قرار حظر البوركيني بعدما إنطلق أولا من مدينة كان معتمدين في ذلك على اختصاص العمدة في تنظيم البوليس الإداري للشواطئ وللأنشطة البحرية التي تمارس في الشواطئ الرملية ، ويتولى العمدة تحديد استخدام الأماكن الشاطئية وتوفير آليات الحماية ألازمة و المحافظة على السلامة و الصحة التي تقتضيها الظروف المخولة له وفق المادة 2122-1 من  قانون الوحدات الإقليمية.
     لا يمكن إعتبار هذا القرار وليد اللحظة و إنما كانت له إرهاصات سابقة تراكمية تفجرت مع إعتدات نيس . وتمثلت هذه الإرهاصات في حظر الحجاب سنة 2004 في المدارس و والمؤسسات التعليمية عبرالقانون رقم 288-2004 المؤرخ في 15 مارس 2004 المتعلق بحظر ارتداء الرموز الدينية بما فيها الحجاب داخل المدارس والمعاهد الحكومية،ثم قامت فرنسا بسن قانون متعلق بحظر تغطية الوجه(النقاب) في الأماكن العامة 4. و تتجه فرنسا  إلى سن قانون آخر يمنع ارتداء الحجاب في الجامعات.
________________________________________
4 لقانون رقم1192-2010 المؤرخ في 11 أكتوبر 2010

     حيث قام في مطلع 2015 النائبان في البرلمان الفرنسي عن حزب الإتحاد من أجل حركة شعبية المعروف اختصارا بـ "UMP"، وهما النائب إريك سيوتي والنائبة فرانسوازلابورد اقتراحين ، الأول بخصوص الحجاب ينص على منع ارتدائه داخل الجامعات ، والتاني يتعلق بمنع المربيات من ارتدائه داخل البيوت أثناء تواجدهن مع الأطفال5.
     إلى جانب القانونين سالفي الذكر نجد  قانون 9 ديسمبر1905 ، والذي يهدف إلى حماية المجال العام من الضغوط الدينية مع احترام حرية الدين.الذي إعتمد عليه الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا أولوند لإصدار قانون يرمي إلى منع ارتداء الحجاب داخل الجامعات ، عندما تقدم النائب البرلماني ، إريك سيوتي، بالمقترح ، وهو ما يتناغم مع توجه اليمين الفرنسي المتطرف الذي يخشى من دور الإسلام في المجتمع الفرنسي6.
     وإعتبر مجلس الدولة أن الدفاع عن العلمانية ، بالارتكاز على قانون 9 ديسمبر1905 المؤسس لها، لإصدار قانون حظر ارتداء الحجاب ، يتنافى مع مبادئ العلمانية في حد ذاتها، لأنها لا تعني معاداة الدين ، وإنما فرض احترام الفصل المطلق ما بين الدولة والأديان بما يحقق التوازن ما بين حياد الدولة وحرية المعتقد دون منح أي امتياز لدين معين.حيث أكد على أن  قانون فصل الكنيسة عن الدولة لا يصلح أن يكون أساسا للحظر،كما انتقد فعلا المبررات التي تم الاستناد إليها في إصدار القانونين السالفي الذكر بسبب إخلالهما بمبدأ المساواة(المادة1 من الدستور الفرنسي وإعلان حقوق الإنسان والمواطنة 1789) ومبدأ الكرامة الإنسانية وحمايتها مع حق كل فرد في حرية المعتقد، ليخلص إلى أنه لا يمكن فرض منع كامل وشامل على تغطية الوجه بشكل عام أيا كانت أشكاله وصوره، وكذلك حظر ارتداء الرموز الدينية ، 
________________________________________
5-خالد الشرقاوي السموني،حظر الحجاب في الجامعات في فرنسا : الخرق السافر لحقوق الإنسان،منشور في موقعhttp://www.alislah.ma بتاريخ السبت, 28 فبراير 2015 على الساعة11:41 تم الإطلاع يوم 02/02/2019على الساعة 15:37
6-المرجع نفسه
لأنه سينتهك حقوقا أساسية وحريات عامة كالحق في التنقل والعمل وحرية المعتقد الديني والحرية الشخصية والخاصة7.
ثانيا : تحليل المبادئ التي أرساها هذا الحكم 
أرسى هذا الحكم مجموعة من المبادئ التي تعتبر علامة في تاريخ القضاء الإداري الفرنسي هي :
-1فصل القضاء الإداري عن أي مؤثرات دينية :
     حيث أن مجلس الدولة لم يناقش علمانية الدولة و الدخول في النقاش الفكري و سياسي ، وإنما أورد إشارات و تلميحات بما اصطلح عليه “حرية الاعتقاد” الديني المكفول من قبل الدولة العلمانية الحيادية .
-2التركيز على النظام العام و الحقوق المكفولة :
     حيث ركز المجلس على النظام العام و الحقوق المكفولة ، التي يحميها القانون بعيدا عن تأويلات و أحداث و ظروف اعتبرها ليست أساس قانوني و مبرر لحرمان حقوق أساسية مكفولة بأسمى القوانين.
    اختلف الفقه الفرنسي في تحديد مفهوم النظام العام اختلافاً كبيراً ، وذهب في ذلك مذاهب شتى ، فقد ذهب جانب من الفقه الى أن النظام العام المقصود هو النظام العام المادي الخارجي أي استتباب النظام المادي في الشوارع ،  وذهب رأي اخر الى ان النظام العام يقصد به : "مجموع الشروط اللازمة للأمن والآداب العامة التي لا غنى عنها لقيام علاقات سليمة بين 

7-قرار مجلس الدولة الفرنسي،رقم 358169 بتاريخ12أبريل 2012

المواطنين.  وعلى ذلك فان النظام العام طبقاً لهذا الراي يتسع ليشمل الجانب الأدبي أو المعنوي الى جوار الجانب المادي. وذهب رأي ثالث الى ان النظام العام هو: "ذلك التنظيم الذي يتسع ليشمل جميع  أبعاد النظام الاجتماعي ، فهو بذلك يشمل النظام المادي والأدبي والنظام الاجتماعي.8
-3السلطة التقديرية للقاضي في تحديد مدى تأثير الفعل على النظام العام:
     فبغياب نص تشريعي يحدد النظام العام يقوم القاضي الإداري بعد إطلاعه على القضية بتحديد يما إذا كان فعللا الإجراء مرتبطا بالنظام العام أم لا ، وذلك مما بما يتمتع به من سلطة تقديرية في تحديد مثل هذه المسائل وربطها بالمشروعية و بقانونية الإجراء .
     ويرجع ذلك لسكوت المشرع على تحديد ماهية النظام العام وإنما اكتفى بالإشارة إلى العناصر التي يتكون منها ،وهي الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة .9
-4حرية إرتداء ملابس البحرالبوركيني حق مشروع:
حيث أقر المجلس صراحة على عدم وجود أساس قانوني لهذا الحظر و أن إرتداء البوركيني هو حرية  شخصية لا تمس بالنظام العام  شريطة عدم إخفائه لملامح الوجه.
وأقر حكم البوركيني مبدأ هاما هو مبدأ الحرية الشخصية للأفراد في إرتداء ملابس البحر كل حسب خلفيته شريطة أن لا تمس النظام العام الذي يبقى للقاضي الإداري السلطة التقديرية في تحديد ذلك، لكن عموما يظهر بأن الشرط الوحيد لملابس البحر هو عدم إخفائها لملامح الوجه كالنقاب .

8-فكرة النظام العام في مجال الضبط الاداري،مقال منشور بالموقع http://almerja.net بتاريخ2 / 4 / 2016 الساعة 11:19 ،تم الإطلاع بتاريخ   03/02/2019 على الساعة 00:37
9- ويتضح هذا الأمر من نص المادة  2212 من القانون  رقم 142 الصادر في 21 فبراير 1996 والذي يتعلق بالجماعات الإقليمية أو المحلي
ثالثا: نظرة على القضاء بعد الحكم
     أصبح حكم البوركيني الأساس القانوني الذي يستمد منه رواد البحرمن النساء المسلمين المحجبات شرعية إرتداء البوركيني وسارت إدارية مدينة ليل على نفس منوال مجلس الدولة الفرنسي وألغت قرار بلدية المدينة حظر ارتداء لباس البحر "البوركيني".حيث اعتبرت المحكمة ا ردّا على شكوى تقدّمت بها "رابطة حقوق الإنسان" في فرنسا، عقب تعليق وإلغاء قرار حظر البوركيني من قبل مجلس الدولة الفرنسي في مدينة فيلنوف لوبيه جنوبي البلاد، أن تقنين ارتداء الملابس من طرف البلدية "لا يمتلك أية صبغة قانونية".
     وقال القضاة أثناء النطق بالقرار إن "العاطفة والمخاوف الناجمة عن الهجمات الإرهابية في فرنسا، ليست كافية لتبرير إجراء الحظر قانونا"، لافتين إلى أنه لم يسجّل وجود أي "بوركيني" على شاطئ "ليل" في الماضي.
   وتواصل المحاكم الإدارية المحلية في إلغاء قرارات حظر ارتداء "البوركيني"، استنادا إلى قرار مجلس الدولة بهذا الشأن والصادر في26  غشت2016 
     ولكن على النقيض تم إعلان من قبل رؤساء البلديات الفرنسية بأن اى سيدة تقوم ب ارتداء الملابس الطويلة المحتشمة البوركينى سيقوم بتحرير محضر ضدها وانه بعض البلديات تلتزم ب قرار منع ارتداء الملابس الطويلة المحتشمة البوركينى على الرغم من قرار مجلس الدولة.كما أن هناك بلدية فرنسية أعلنت ان قرار منع ارتداء الملابس الطويلة والمحتشمة على الشواطئ هو قرار يتم العمل بها فى جميع الأوقات دون النظر إلى قرار مجلس الدولة10.
      وفي نفس الإطار فإن المحكمة الإدارية لكورسيكا العليا أصدرت بتاريخ 6/9/16 حكما 
10-حسن هارون،القضاء الفرنسي يجعل قرار منع ارتداء الملابس المحتشمة الطويلة البوركينى على الشواطئ معلق،،مقال منشور بالموقع http://www.baldak-news.com بتاريخ 27 / 08 / 2016 الساعة غير موجودة ،تم الإطلاع بتاريخ   14/02/2019 على الساعة 01:07

بموجبه صدقت قرار عمدة إحدى المدن في كورسيكا الذي يمنع لباس البحر المذكور، وهذا 
الحكم مخالف لقرار مجلس الدولة والذي يعتبر أعلى سلطة قضائية في مجال القضاء الإداري . وفي هذه الحالة فسيضطر المتضررون من الإجراءات المجحفة بحقهم من قبل تلك السلطات المحلية إلى اللجوء إلى المحاكم الإدارية مطالبين بتحقيق العدالة مستندين لقرار مجلس الدولة الذي يعتبر سابقة قضائية .11
     فقد اعتبرت المحكمة الإدارية في باستيا أنه "في الحالة هذه مع الأخذ بعين الاعتبار الأحداث الأخيرة التي حدثت في الـ 13 من أغسطس 2016، وحقيقة أن موجتها لم تضعف"، فيمكن أن يؤدي وجود النساء على شواطئ سيسكو بلباس البوركيني إلى "انتهاك النظام العام، والذي يقع على كاهل رئيس البلدية منعه"12.

خاتمة:

     ختاما يمكن القول بأن قرار مجلس الدولة الفرنسي،جاء منصفا وحاميا للحقوق والحريات الفردية،ففي القرار موضوع التعليق فإن القضاء قام بحماية الأفراد من سلطة الإدارة،في إطار رقابة القضاء الإداري على السلطة التقديرية للإدارة.
     أما بخصوص قرار إدارية باستيا،فإن مصيره الإلغاء عاجلا أم أجلا،وذلك راجع لقرار مجلس الدولة أعلى سلطة قضائية في المجال القضاء الإداري .

*جرى حظر ارتداء لباس البحر "البوركيني" في بلدة سيسكو بعد مشاجرة جماعية عنيفة جراء تصوير سائح لنساء يرتدين الـ"البوركيني" على الشاطئ.
11-عبدالإله الراوي،لباس السباحة بين نفاق الإسلاميين وعنصرية الفرنسيين،مقال منشور بالموقع http://www.iraq4allnews.dk  بتاريخ 16/09/2016،الساعة غير موجودة ،تم الإطلاع بتاريخ   14/02/2019 على الساعة 01:31
12-محكمة فرنسية تقر حظر "البوركيني"،مقال منشور بالموقع https://www.bokra.net ،الساعة 21:00  ،تم الإطلاع بتاريخ   14/02/2019 على الساعة 01:46



الخميس 21 مارس 2019
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter