MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers



تعليق على قرار: إشكاليات مسطرية في منازعات المحامين

     

إشكاليات مسطرية في منازعات المحامين
(تعليق على قرار محكمة الإستئناق بالرباط ع 66 )


الأستاذ النقيب الطيب بن لمقدم
محام بهيئة المحامين بالرباط (الخميسات)



رفقته نسخة للتحميل

تعليق على قرار: إشكاليات مسطرية في منازعات المحامين
مقـــــــدمة

بتاريخ 2023/5/25 صدر قرار عن محكمة الاستئناف بالرباط بغرفة المشورة بشأن نزاعات المحامين[1]قضى أولا : بتسجيل تنازل كل من الأساتذة حسن اليوسفي.، مروان العياشي ، عزيزة العسال ، السعيد أبو الطيب ، مساعف حسن ، حميد بريبري ، أحمد جعفر ، باعلا لحسن ، أحمد تومة وبشرى حصيني عن الطعن . ثانيا : في الشكل ، عدم قبول طلب التدخل الإرادي وتحميل المتدخل المصاريف ، وقبول باقي الطعن في الموضوع : تأييد المقرر المطعون فيه وتحميل الطاعنين المصاريف. وبصدور هذا القرار يكون قد أبرز عدة مشاكل قانونية قابلة للمناقشة تتعلق بالتدخل الإرادي بين قانون المسطرة المدنية وقانون المحاماة (/) وهل يكون من حق المحامي النيابة عن نفسه دون ان تتأثر صفته كمحامي (// ) واذا ما كان طرف من الأطراف موجهة الدعوى فقط بحضوره فما هو مدى الآثار الذي ينتج عن هذا الإجراء (///) وذلك فضلا عن اهمية نظام التكافل الاجتماعي كمؤسسة محدثة بهيئة المحامين بالرباط ومدى استمراريتها (/V)ولكن قبل مناقشة هذه هذه القواعد المثارة في القرار المذكور لابد من عرض موجز لوقائع هذه النازلة (أ) مع تعليلاتها (ب) .

(أ)- عرض موجز لوقائع النازلة :

قام عدد من أعضاء هيئة المحامين بالرباط بتقديم طعن أمام محكمة الإستئناف بالرباط في قرار مجلس هيئة المحامين بالرباط الصادر بتاريخ 2020/6/10 بشأن إحداث نظام للتكافل الإجتماعي للمحامين المنتسبين لهيئة المحامين بالرباط ، والذي تضمن ستة أبواب تتعلق باهداف النظام وبموارده وبتخصيصات هذه الموارد وبتطبيقه وباجراءات تنظيمه واجراءات ختامية . وقد قدم هذا الطعن بمقالين سجلا تحت عدد 70 و 73/1124/2020  بالإضافة الى مقال حول التدخل الإرادي لأحد المحامين في ملف الطعن المذكور . وكان أحد المقالين مرفوع من طرف محام بصفة شخصية دون أن ينوب عنه محام ، بينما المقال الآخر قدم من طرف عدد من المحامين بواسطة محام نائب عنهم . وبطبيعة الحال كانت المقالات مرتكزة على عدة أسباب طعنا في قواعد نظام التكافل الإجتماعي إلى أن حكمت المحكمة حسب ما ورد في قرارها المشار اليه أعلاه مرتكزة في تعليلها على المبادئ الآتية :

) تعليلات القرار :

أولا
: حيث حدد المشروط فروض الطعن في مقررات المجلس وان الثابت من الرجوع إلى القانون المنظم للمحاماة فإنه لم ينص على التدخل الإرادي أمام هيئة الطعن ، وان من
 المعلوم بالضرورة انه لا لقياس في الجانب المسطري وان سكوت المشرع إنما يحمل على المنع ، فالأصل في المادة المسطرية هو عدم الجواز، وذلك موجب لرد الطلب وتحميل رافعه المصاريف
.

ثانيا : حيث انه بخصوص الدفع المتعلق بجمع صفتي الخصم والدفاع في نفس الوقت طالما أن ذ. الأشهب يمثل نفسه أصالة وباعتباره دفاع نفسه ، فإنه بالنظر لطبيعة الطعن وتعلقه بمقتضيات تنظيمية تمس مصالحه كمحام فإن جمع الصفتين لا يمس من صحة الطعن ، فضلا عن أن الطعن متعلق به وبباقي الطاعنين الآخرين حول نفس الموضوع . كما إن مركز المحامي في القضية كطالب او كمطلوب لا تفقده صفته كمحام وبالتالي فلا مانعقانونا من أن ينوب المحامي نفسه ويناضل على حقوقه في القضية، خاصة وان العبرة بإنابة المحامي هي حماية حقوق المتقاضي بواسطة خبير في القانون ومهني في المادة القانونية والمحامي لا يفقد هذه المهنة عند نيابته لنفسه بل بالعكس فهو الأولى والاحرص بالنضال عنها.

ثالثا : حيث انه بخصوص عبارة بحضور ، فإنه تعين حملها على انه مطعون ضده طالما أن تلك العبارة مجرد ابتداع في اللفظ لا أساس له من قانون المسطرة المدنية وطالما أن المستشف من مقال الطعن أن النيابة العامة
طرف مطعون ضده.

رابعا : وحيث انه بخصوص السبب المستند لقيام الإبهام والغموض والتعميم ، فإنه جاء في سياقه مخالف لما قرره النظام المطعون فيه ، ذلك أن تحديد نسبة 10 في المائة إنما
تتعلق بالأتعاب ولا علاقة لها بقيمة التعويض ، فدعاوى التعويض هي المعنية باقتطاع نسبة من أتعاب الدفاع فيها وهو اقتطاع مرتبط بالأتعاب لا قيمة التعويض ، وبخصوص عدم تحديد طريقة الاقتطاع فذلك لا يعيب المقرر المطعون فيه طالما أن المقرر إنما يحدد الإطار العام للتكافل بين المنتسبين لهيئة المحامين بالرباط وان تفريعاته المرتبطة بالتطبيق إنما يسار إليها بالطرق القانونية والتي يمكن أن تكون محل طعن مستقل إن خالفت الضوابط القانونية ، فما يعيب المقرر هو ما يجعله في ذاته مخالفا للقانون لا غياب النص فيه على طرق إنفاذه طالما أن لذلك مساطرمخصوصة قد تستقل عنه

في التنظيم والتقعيد. وبخصوص عدم معرفة الأتعاب فذلك لا يعد سرا مهنيا محصنا طالما أن المشرع أقرنها
بضرورة تمكين الزبون من الوصولات المثبتة للأداء وطالما أن إدارة الضرائب تعتد بها سببا للتضريب وطالما أن
للمحامي في حال المنازعة حول قيمة الاقتطاع المنازعة في وعاء التحديد بإثبات القيمة الحقيقية للأتعاب
وحيث انه بخصوص باقي الأسباب ، فمن جهة ينبغي التمييز بين الدعوى الرامية إلى بطلان القرار المؤسس لنظام التكافل الاجتماعي والذي ينبغي أن يعتد فيها بما فيه من مثالب وما يعتريه من قوادح ومخالفات للقانون والنظام الداخلي وغيره ،وبين الاعتداد بافتراضات الثغرات التشريعية المبنية على التخمينات ، فحتى النصوص القانونية عند تشريعها تعترضها قراءات ترتبط بافتراضات نظرية ولكن لا تجعل من النص القانوني مخالف لضوابط التشريع بل توجب اللجوء إلى المساطر القانونية الملائمة عند انفاذه . ومن جهة ثانية فإنه ينبغي التذكير بأن نظام التكافل هو نظام تأميني مستند لأحكام القانون ومقاصده يقوم على قاعدة التعاون والتآزر بين أفراد المجموعة من ذوي الأخطار المتجانسة التي يتم تقاسم تبعاتها المادية بشكل جماعي وفقا للشرعة الجامعة بينهم والتي تحكم قواعده ونظامه ، فهو مفهوم قائم على المساعدة المتبادلة بما يجعله متداولا بين أفراده لا محققا لنفع حصري لفئة منهم دون غيرها. وانه انطلاقا مما ذكر فلا ينبغي فيه محاكمة المفاهيم بمعناها اللفظي الضيق واعتبار أحكامه مساسا بالذمة المالية للمنتسبين إليه طالما أن كلا منهم مرشحا للاستفادة منه ، ولأن التكليف فيه هدفه تعاوني لا نفعي محض لآحاد الأشخاص دون سواهم.
فمن هذه التعليلات تتبين المبادئ التي اعتمدها القرار موضوع هذا التعليق كما سبق تحديدها أعلاه ، وينبغي بيانها في ما يلي :

(/)- إشكالية التدخل الإرادي في الدعوى أو الطعن بين قانون المسطرة المدنية وقانون المحاماة :

حقيقة أن قانون المحاماة لم ينص على التدخل في الدعوى أو في الطعن، ولم ينص على الإجراءات المتبعة بشأنه (ب) ولكن ذلك لا يعني منع تطبيق قواعد قانون المسطرة المدنية
 لتحقيق الدعوى أو الطعن كلما كان النزاع معروضا على القضاء في ما يتعلق بنزاعات المحامين (أ ).


(أ )- التدخل في قانون المسطرة المدنية:

أورد المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية نصا عاما بشأن التدخل الإرادي في النزاع المطروح شريطة أن تكون للمتدخل مصلحة في التدخل ولو أمام محكمة الاستئناف، سواء كان التدخل الإرادي تدخل تحفظي أو تدخل تبعي أو كان التدخل أصلي أو هجومي. ويعرف التدخل في الدعوى من أنه: "التدخل في الخصومة نوع من الطلبات العارضة يدخل به شخص غريب عن الخصومة فيها للدفاع عن مصالحه[2] ويتخذ هذا التدخل أحد صورتين : صورة التدخل الاختياري (Intervention volontaire)  وصورة التدخل الجبري   (Intervention forcee) .فالتدخل الإختياري هو الطلب الذي يتقدم به شخص في دعوى قائمة ليس خصما فيها، ويطلب بمقتضاه اعتباره طرفا في هذه الدعوى ليتمكن من الدفاع عن حقوقه ومصالحه خوف أن تضار هذه الحقوق والمصالح إذا صدر الحكم في الدعوى المذكورة دون أن يبين أقواله فيها . وأما التدخل الجبري فهو الذي بمقتضاه يجبر شخص ليس طرفا في الدعوى، على الدخول فيها، إما بناء على طلب أحد الخصوم في الدعوى الأصلية، وإما بناء على أمر تصدره المحكمة من نفسها[3]. والتدخل الارادي يعتبر من قبيل الطلبات العارضة بالنسبة للدعوى الأصلية، ويمكن القيام به أمام كل محكمة تنظر في الطلب الأصلي: فيمكن ممارسته أمام المحكمة الابتدائية أو المحكمة الاستئنافية أو المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا). غير  أنه محصور في الاستئناف بمن لهم الحق في استعمال تعرض الخـــــارج عن الخــــــصومة ( الفصل 144 م.م ) ؛ اذ انه لا يقبل طلب التدخل الإختصامي أو الهجومي الا اذا كان مرتبطا بالطلب الأصلي ، ويخضع للسلطة التقديرية للمحكمة [4]. وهو مقيد أيضا أمام المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) بأن يكون التدخل المطلوب تدخلا دفاعيا فقط إذ لا يقبل التدخل الهجومي سواء أمام الاستئناف أو أمام محكمة النقض (ف377 م.م) [5].
وفي حالة نقض الحكم وإحالة القضية على المحكمة ، فإنه يجوز التدخل ألإنضمامي لأول مرة أمام محكمة الإحالة لأن النقض يرجع الخصومة إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور القرار المنقوض، ولأنه تدخل لا يؤدي إلى إتساع نطاق الخصومة من حيث أطرافها[6]
.
(ب) – تطبيق قواعد المسطرة المدنية على نزاعات المحامين
:
إن قواعد المسطرة المدنية تعتبر الشريعة العامة الواجب إتباعها أمام القضاء في سائر المنازعات كلما انعدم نص إجرائي خاص. وتعتبر القانون الأساس في مسائل الإجراءات على العموم، إذ أن المشرع لم يضع لغيرها من الإجراءات، قواعد خاصة بسبب اختلاف جوهري قام بينها وبين المسائل المدنية الأخرى مما وجب بقاء قانون المسطرة المدنية كقاعدة وما عداها استثناء، بمعنى أنه يجب الرجوع للقواعد التي تضمنتها القوانين الإجرائية الأخرى ، كلما ظهر نقص أو غموض في نصوص قانون المسطرة الجنائية مثلا (1) وفي نصوص قانون مهنة المحاماة وذلك من أجل معالجة هذا النقص أو الغموض (2) [7]
.
 ( 1 ) – معالجة النقص في قانون المسطرة الجنائية
:
إن قانون المسطرة المدنية يعد قانونا عاما بالنسبة لقانون المسطرة الجنائية بحيث إذا نظم قانون المسطرة الجنائية موضوعا ولكنه ظل تنظيما ناقصا أو غامضا، فيجب على المحكمة أن ترجع إلى المسطرة المدنية لتسد بها ثغرات المسطرة الجنائية[8].
ولكن هذه القاعدة لا ينبغي فهمها الا موازاة مع شرطين اثنين ؛ أولهما: أن يتضمن قانون المسطرة الجنائية احالة صريحة أو ضمنية على قانون المسطرة المدنية، أي أن توجد في قانون المسطرة الجنائية مقتضيات تحيل صراحة أو ضمنيا على نصوص قانون المسطرة المدنية. وأما الشرط الثاني فهو أن لا يرجع إلى المسطرة المدنية إلا في قواعدها العامة وما أقره الاجتهاد بشأنها[9].وهكذا وعلى سبيل المثال ، فقد قضت محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) من أنه :" اذا كان قانون المسطرة الجنائية لم ينص على مسطرة ادخال الغير في الدعوى فانه يتعين الرجوع الى قانون المسطرة المدنية الذي يعتبر القانون الأصلي "[10].
وبصفة عامة فان قانون المسطرة المدنية تعتبر الشريعة العامة لقانون المسطرة الجنائية يتعين الرجوع اليه في حالة غياب نص في هذه الأخيرة[11].واذا ما كانت القضية بحكم أنها تتعلق بالدعوى المدنية التابعة للدعوى العمومية وان الغرفة الجنحية تطبق نصوص قانون المسطرة الجنائية ، فانه من المقرر فقها ان أحكام قانون المسطرة المدنية يمكن أن يرجع اليها باعتبارها القانون الأصلي لسد ما يكون من نقص في قانون المسطرة الجنائية وبجواز تطبيقها فيما لم يرد في المسطرة الجنائية مما يتعين معه تطبيق تلك المقتضيات في الدعوى المدنية التابعة للدعوى العمومية بما في ذلك الفصل 517 من قانون المسطرة المدنية[12].
هذا وانه لابد من اثارة الإنتباه الى ان قانون المسطرة الجنائية الحالي نص في المادة 752 منه على ما يلي:" تطبق أحكام قانون المسطرة المدنية المصادق عليه بالظهير الشريف رقم 474.74.1 الصادر في 28/9/ 1974 على الدعاوى المدنية المقامة أمام القضاء الزجري ، كلما كانت غير متناقضة مع المقتضيات الخاصة لهذا القانون والمتعلقة بنفس الموضوع " ، مما يكون معه بهذا النص قد حل جزئيا الإشكال المطروح الذي كان ولا زال يشكل معضلة قانونية كبرى في هذا الشأن .
ولعل هذه المعضلة قد تصبح كأنها لم تكن في يوم من الأيام ، وذلك اذا ما تمت المصادقة على المادة 669 من مشروع قانون المسطرة المدنية مستقبلا ، والتي تنص على ما يلي :" إن أحكام هذا القانون تطبق على كافة الإجراءات التي لم يرد بشأنها نص خاص ".

(2)–معالجة النقص في قانون المحاماة:

إن قانون المحاماة الصادر في 20/10/2008[13] هو قانون خاص بتنظيم مهنة المحاماة بالمغرب ويتضمن اجراءات خاصة به وبعض الإحالات الصريحة والضمنية على قواعد المسطرة المدنية (أ)، كما أن العمل القضائي اعتمد هذه القواعد المسطرية لحل بعض نزاعات المحامين المطروحة أمام القضاء (ب).
( أ) - فلئن كان قانون المحاماة قد بين المسطرة المتبعة من أجل الطعن بالتعرض والطعن بالنقض، وما يصدر عن غرفة المشورة بشأن نزاعات المحامين، وذلك  بإحالة صريحة على الشروط والقواعد والآجال العادية المقررة في قانون المسطرة المدنية (م97)، فهو أيضا أحال عليها بصفة ضمنية في أمور أخرى، وعلى سبيل المثال شكليات استدعاء الأطراف المتنازعة (م96) وشكليات مختلف المقالات سواء عن الطعون أو عن الطلبات العارضة وغير ذلك (م 94 و96) .
 (ب)- ولئن كان قانون المحاماة الجديد لم يشير إلى وجوب توجيه الإنذار بتصحيح المسطرة والذي كان القانون القديم يعتبره إجراءا أساسيا ... فإن المبررات القانونية التي كانت توحي بهذا الإجراء لازالت قائمة، وبهذا يمكن القول بأن المشرع لم يتخلى نهائيا عن فكرة الإنذار هذه وإنما أراد أن يجعل مكانها ضمن نصوص المسطرة المدنية باعتبارها المكان الطبيعي لمثل هذه الإجراءات المسطرية[14].
كما انه وبالرغم من أن القانون المنظم لمهنة المحاماة لا ينص صراحة على إمكانية الطعن باعادة النظر في قرار غرفة المشورة بمناسبة مسطرة تأديب المحامين ، فإن قانون المسطرة المدنية يتيح ذلك باعتباره نصا عاما، إذ أنه ورد في الفصل 402 منه جواز الطعن بإعادة النظر بخصوص جميع الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم الموضوع بدون أي استثناء يذكر[15].
وقد أشار القضاء أيضا إلى أن تجريح القاضي أو عضو المجلس التأديبي للمحامين، الهدف منه هو تحقيق
المحاكمة العادلة وذلك بكفالة وضمان حق الدفاع. وأن التجريح في عضو من الأعضاء المكونين للمجلس التأديبي للمحامين جائز وتطبق بشأنه القواعد العامة لتجريح القضاة، والوارد النص عليها في قانون المسطرة المدنية[16].كما أن الأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة الإبتدائية بتذييل مقررات نقيب هيئة المحامين بالصيغة التنفيذية تخضع من حيث الإجراءات وآجال الإستئناف في حالة رفضها الى نفس الإجراءات والآجال المنصوص عليها ي الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية ، وفي حالة الإستجابة الى الطلب فانها لا تكون قابلة للإستئناف[17].
فهذه القواعد المشار إليها أعلاه سواء القانونية منها أو المبادئ القضائية كلها جاءت لتأكيد عمومية المسطرة المدنية تجاه قانون المحاماة في كل ما لم يرد بشأنه نص سواء كان صريحا أو ضمنيا وذلك لسد الفراغ والنقص الذي يعتري هذا القانون المهني.
فإذا لم يكن النص الخاص متضمنا لمادة معينة اقتضتها النزاعات بين المحامين، كما هو الشأن في التدخل الإرادي موضوع هذا القرار المعلق عليه، فإنه يلجأ إلى قانون المسطرة المدنية لحل هذا الإشكال. وما ذهب إليه القرار موضوع هذا التعليق في هذا الشأن هو خلاف المقتضيات القانونية والقضائية المذكورة آنفا، خاصة وان المتدخل في الطعن أمام محكمة الإستئناف له مصلحة في النزاع المطروح ،ويعتبر ان من حقه التعرض الخارج عن الخصومة توخيا منه لوضع حد للنزاع بين جميع من يدعي حقا أو صلة بالحق موضوع الدعوى أو الطعن ، كما ان له صفة المدعي أو الطاعن في مطالبه التي يتوجب على المحكمة البت فيها[18].وهو بطبيعة الحال تدخل انضمامي أو اختصامي يأخذ فيه المتدخل دور المدعي أو الطاعن يحق له أن يقدم طلبات مستقلة خاصة به اذا كان ممن لهم الحق في أن يستعملوا مسطرة التعرض الخارج عن الخصومة ، ولا تعد طلباته من الطلبات الجديدة الممنوع تقديمها استئنافا[19].
وتجدر الإشارة الى ان كل ما سبق بيانه في هذا الصدد يجد تأكيدا له في الفصل الثالث من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 447.74.1 بتاريخ 28/9/1974 بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية ، والذي ورد فيه ما يلي :" تستمر محاكم الإستئناف والمحاكم في تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة المنظمة لمساطر غير منصوص عليها في هذا القانون . غير أنه تطبق مقتضيات هذا القانون حتى في القضايا التي تنظمها نصوص تشريعية وتنظيمية خاصة اذا لم يرد في هذه القوانين نص صريح خاص بها ".


إشكالية نيابة المحامي عن نفسه أمام القضاء ومدى تأثر صفته في النزاع
:
هل يجوز للمحامي تمثيل نفسه والنيابة بصفة شخصية أمام المحاكم المغربية والى أي مدى تتأثر صفته في النزاع ؟ .
في اعتقادي أنه يمكن للمحامي النيابة عن نفسه أمام جميع المحاكم الإبتدائية والمتخصصة منها وكذلك محاكم
الإستئناف ، وأمام محكمة النقض كذلك شريطة أن يكون المحامي مقبولا للترافع أمامها .وبطبيعة الحال يستثنى من ذلك كله المحامي في طور التمرين والمحامي المتقاعد والمتغاضى عنه ، وكذلك المحامي الموقوف والمحامي المشطب عليه من جدول الهيئة (المادة 71/1،2 و76/3 من قانون المحاماة ) .
هذا وان القرار الصادر عن مجلس الهيئة بالمنع المؤقت ، لا ينزع عن المحامي صفته ،وانما يمنعه مؤقتا من ممارسة المهنة ليس الا[20]. وان ممارسة النشاط المهني من طرف محام أثناء فترة التوقيف التأديبي قد يعرضه للمتابعة بانتحال صفة محام طبقا للفصل 381 من القانون الجنائي[21].
ويمكن في هذا المجال، طرح السؤال التالي : هل يحتاج المحامي للإستعانة بمحام آخر في دعواه الشخصية من أجل الطعن في قرار اداري أو في حكم قضائي (أولا) والى أي مدى تتأثر صفته في النزاع ؟ (ثانيا)  .

(أولا) –الإستعانة بمحام ليس ضروريا في دعوى أو طعن المحامي بصفة شخصية أمام القضاء

ينبغي القيام بتحليل وعرض موضوع عدم ضرورة الإستعانة بالمحامي في الدعوى أو الطعن المرفوع من طرف المحامي شخصيا سواء أمام المحكمة الإدارية (أ) أو أمام محكمة النقض (ب) في ما يلي :

(أ)- فأمام المحاكم الإدارية لابد من ملاحظة عبارات الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون المحدث للمحاكم

 الإدارية التي توجب توقيع المقال من طرف محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب،فإذ اما وقع المقال محام مسجل في جدول هيئة للمحامين بالمغرب عن نفسه في دعواه الشخصية نكون أمام تطبيق سليم للقاعدة المذكورة أعلاه، اذ الغاية من توقيع العريضة من محام ولو كان هو نفسه المدعى، هي الرفع من مستوى الأحكام القضائية واغناء فقه القضاء في مجال القضاء الإداري ، نظرا لتوفر الكفاءة والأهلية لبحث مسائل القانون وهذه هي العناصر التي كان ينبغي للمحكمة الإدارية أن تنظر إليها وليس إلى ما جاء في نص الفصل 18 من النظام الداخلي لهيئة الرباط في شأن المثول أمام الهيئات القضائية والتأديبية لا يكون الا بارتداء بذلة المحاماة، ومنعه من ذلك في حالة دفاعه في قضيته الشخصية، شيء لا يقبله المنطق ولا يجيزه القانون.وهذا ما تم التعليق به على حكم المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 1994/10/27 تحت رقم 58 في الملف رقم 94/132 غ (وهو حكم غير منشور) والذي يتلخص فيما يلي: رفع أحد المحامين بصفة شخصية دون الاستعانة بمحام آخر عنه أمام المحكمة الإدارية بالرباط دعوى ضد القرار الإداري بأداء ضريبة التجارة(الإعلام بالضريبة التجارية) بسبب تجاور السلطة، وأجابت المحكمة الإدارية بعدم قبول الدعوى على أساس :

أولا: لكون القضايا الإدارية التي ترفع أمام المحاكم الإدارية تتم بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من طرف محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب. مع مراعاة الاستثناءات المقررة طبقا للقانون.

ثانيا: لكون الطالب تقدم بعريضته شخصيا دون تنصيب محام، وأنه وإن كان هو محاميا فهو غير مستثنى من نص المادة 3 من القانون رقم 41ـ90 المحدث للمحاكم الإدارية خاصة وان قانون المحاماة رقم 162-93-1 نص صراحة : في الفصل 17 منه أنه لا يحق للمحامي أن يمثل أمام الهيئات القضائية والتأديبية، إلا إذا كان مرتدياً بذلة المحاماة"، وهو النص الذي فسره الفصل 18 من النظام الداخلي لهيئة المحامين بالرباط - التي ينتمي إليها الطاعن بقوله: "يتعين على المحامي أن يرتدي بذلته عند دخوله قاعات الجلسات، بما في ذلك جلسات الصلح والبحث والتحقيق، غير أنه لا يحق له ارتداء هذه البذلة عندما يدافع في قضية شخصية له، أو حينما يؤدي شهادة عن وقائع خارجة عن نطاق المهنة".

وثالثا: لكون صفة المحامي تزول عن الطاعن في هذه النازلة، مادام طرفا في الدعوى .

(ب)- وقد كانت نفس المشكلة مطروحة على المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا ) عند ما طعن بالنقض الاستاذ جورج بردوكو شخصيا وهو طرف في الدعوى دون تنصيب محام عنه، غير أن المجلس الأعلى قضى بالتشطيب على القضية على أساس أن الفصل 354 من قانون المسطرة المدنية الذي يستثنى الدولة فقط لا يسمح للمحامي الذي يكون طرفا في النزاع أن يقدم عريضة النقض موقعة باسمه[22]. ويظهر أن المجلس الأعلى تراجع عن هذا المقتضى وقبل الطعن بالنقض المقدم بصفة شخصية من الخصم رغم كونه محاميا مقبولا للترافع أمام المجلس الأعلى، وذلك في الطعن بالنقض الذي تقدم به السيد المختاري أحمد وهو محام مقبول للترافع أمام المجلس الأعلى آنذاك ضد القرار الجنحي الصادر ضده عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 1987/12/17 في القضية الجنحية عدد 310/86 وقد تم نقض هذا القرار بتاريخ 10/2/1994 تحت عدد 1121 في الملف الجنحي عدد21831/88 (غير منشور) .
وهذا النهج الذي سار فيه المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) هو نفس ما كانت محكمة النقض المصرية سائرة فيه، اذ من الجدير بالذكر هنا أن الاجتهاد القضائي المصري أقر جواز رفع الطعن بالنقض من طرف الشخص نفسه اذا كان محاميا مقبولا أمام محكمة النقض دون الاستعانة بمحام في هذا الصدد[23].
فمحكمة النقض المصرية ، قضت بما يلي: «إنه وإن كانت المادة 436 مرافعات قد أوجبت توقيع المذكرات وحوافض المستندات المودعة باسم الخصم من محام مقبول أمام محكمة النقض إلا أنها لم تنص صراحة على البطلان، ولما كانت المادة 25 من هذا القانون تقضي ببطلان الإجراء إذا نص القانون على ذلك وشابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم وكانت المحكمة فيما أوجبه القانون على الخصوم من إنابة محامين عنهم في القيام بالإجراءات والمرافعة أمام محكمة النقض أن هذه المحكمة لا تنظر إلا في المسائل القانونية فلا يصح أن يتولى تقديم الطعون إليها والمرافعة فيها إلا المحامون المؤهلون لبحث مسائل القانون، وكانت هذه المحكمة متحققة إذا كان الطاعن وهو محام مقبول أمام محكمة النقض قد وقع شخصياً المذكرة الشارحة لطعنه وحوافظ مستنداته، فإن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم توقيعه من محام آخر مقبول أمام محكمة النقض يكون على غير أساس ذلك أن هذا الإجراء وإن وقع مخالفاً لنص المادة 435 مرافعات إلا أنه لا يبطل مادام القانون لم ينص على هذا الجزاء صراحة ومادام الإجراء وقد تحققت به حكمة التشريع لم يشبه عيب جوهري ولم يترتب عليه ضرر للخصم »[24]. وكذلك قضت هيئة المواد المدنية بمحكمة النقض المصرية في 1974/3/4 بجواز حصول التقرير بالطعن بالنقض من نفس الخصم الطاعن إذا كان محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض، ولا محل لاشتراط الغيرية بين الطاعن والمحامي الحاصل منه التقرير بالطعن[25].وقد كانت محكمة النقض المصرية قبل قضائها هذا ، تقرر بطلان الطعن بالنقض لوجوب التقرير بالنقض من محام موكل عن الطاعن لا من الطاعن نفسه ولو كان محامياً لأن القانون يقتضي الغيرية بين الطاعن والمحامي المقرر بالطعن[26].
1وكذلك حكمت محكمة النقض المصرية من أن :"النص في المادتين 58من قانون المحاماة17) لسنه 1983( المقابلة للمادة87من القانون 6لسنه 1968) ، 68من ذات القانون المقابلة للمادتين 132، 133من القانون رقم 61لسنه 1968) مؤداها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المتقاضين يستردون حقهم الاصيل في أن يباشروا منازعاتهم بانفسهم اذا كانت مرددة بينهم وبين أحد المحامين ومن ثم فان جزاء البطلان لا يسرى متى كانت الدعوى مرفوعة ضد احد المحامين ولم يكن رافعها لسبب أو لآخر قد تمكن من توكيل عام أو كان من وكله من المحامين لم يصدر له من مجلس النقابة الفرعية الأذن المتوه عنه في المادة 68 سالفة البيان منعا لحرج قد يجده المحامي وهو ما كان قد افصح عنه المشرع صراحة في ظل احكام قانون المحاماة الملغى رقم 61 لسنه 1968 فيما نص عليه في الفقرة الاخيرة من المادة 78منه على أنه ومع ذلك فلا ضرورة لتوقيع محام اذا كانت الدعوى مرفوعة ضد احد المحامين ولم يصدر من مجلس النقابة الفرعية الاذن المنوه عنه في المادة 133 ولا يغنى اغفال النص على هذه الفقرة في القانون 17لسنه 1983أن الشارع عدل عن هذا النهج اذ لم يعد الأمر يقتضى النص عليها صراحة باعتبار انها قاعدة اصولية تتفق ومقتضيات العدالة استقرت في الوجدان لما لهذا الجزاء من قوة في هذه الاحوال ، لما كان ذلك وكانت الخصومه في هذه الدعوى الماثلة مرددة بين المطعون عليها والطاعن وهو محام ، ومن ثم فان خلو صحيفتها امام المحكمة الابتدائية أو صحيفة الاستئناف المرفوع عنها من توقيع محام بفرض صحته - لا يترتب عليه بطلانها"[27].
وفي قرار آخر حكمت بان :"طلب محام غير مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض التدخل في الطعن دون توكيل محام تتوافر له هذه الصفة لإبداء طلبه . أثره : عدم قبول تدخله[28]. 
هذا وقد قضت محكمة النقض السورية من أنه «لا يحق للمحامي تقديم طعن بالنقض إذا كان متقاعداً، ولو كانت القضية شخصية تتعلق بحقوقه التقاعدية »[29]. كما قررت أيضاً أنه «لا يقبل الطعن بالنقض المقدم من محام وقاض متقاعد ما لم يكن مسجلاً في جدول المحامين الأساتذة »[30].
أما في القانون التونسي وفي غياب نص قانوني واضح فانه يمكن للمحامي من أن ينوب نفسه بنفسه امام القضاء وخاصة في المادة المدنية، وان الغاية من وجوبية المحامي حسن سير الإجراءات و معرفته بها المعرفة الجيدة، فضلا على أن من يمكنه الأكثر يمكنه الأقل، ويبقى الاشكال مطروح عندما يكون في مركز المتهم فقط ولعل هذا ما أكدته محكمة التعقيب التونسية .في القانون التونسي وفي ظل غياب نص قانوني واضح فإنه يمكن للمحامي أن ينوب نفسه سواء كان طالبا او مطلوبا و حتى اذا ما كانت انابة المحامي وجوبية و لا مانع قانوني في ذلك سواء في المرسوم المنظم للمهنة ولا في مجلة المرافعات وقد حسمت المسألة فيها، محكمة التعقيب في قرارها عدد 47000 بتاريخ 07 أفريل2011 وحجتها في ذلك أنه لا يمكن لاي انسان ان يدافع عن مصالحك مثلك
on n'est jamais mieux servi que par soi même.
وبالرغم من أن المسألة كذلك مازالت محل خلاف بين المحاكم فالمحكمة الإدارية على سبيل المثال ترفض هذه الإمكانية .
وفيما يلي مبدأ القرار التعقيبي : ان مركز المحامي في القضية كطالب أو كمطلوب لا تفقده صفته كمحام وبالتالي فلا مانع قانونا من أن ينوب المحامي نفسه ويناضل على حقوقه في القضية خاصة وأن العبرة بإنابة المحامي هي حماية حقوق المتقاضي بواسطة خبير في القانون ومهني في المادة القانونية والمحامي لا يفقد هذه المهنة عند نيابته لنفسه بل بالعكس فهو الأولى والأحرص بالنضال عنها[31].
فإذا كان الوضع أمام المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا ) ومحكمة النقض المصرية ومحكمة التعقيب التونسية ومحكمة النقض السورية في اجتهاداتهم في هذه النقطة المتعلقة بقبول رفع الطعن بالنقض من طرف الشخص نفسه اذا كان محاميا مقبولا للترافع أمام محكمة النقض أو المجلس الأعلى دون الاستعانة بمحام في هذا الصدد نظرا لتوفر الكفاءة والأهلية لبحث المسائل القانونية، هو وضع ايجابي ومنطقي ،فكيف اذا التعامل مع هذه المشكلة أمام المحاكم الإدارية؟ . لا أعتقد أن المحاكم الإدارية ستخرج عن النهج الذي وصل إليه كل من المجلس الأعلى ومحكمة النقض المصرية، خاصة وأنه من المحتمل جدا أن تصل أحكام المحاكم الإدارية الى المجلس الأعلى أو محكمة النقض عن طريق الطعن فيها. إذا لابد من مسايرة ما وصل إليه الاجتهاد في هذا الصدد، من طرف المحكمة الإدارية وبالتالي اعتبار أن ليس ضروريا الاستعانة بمحام في دعوى المحامي الشخصية أمام المحاكم الإدارية مستقبلا.

( ثانيا) - دعوى المحامي أو الطعن بصفة شخصية أمام المحاكم لا تأثير لهما على صفته :

ان صفة المحامي لا تزول عنه بمجرد كونه طرفا في دعوى معينة، بل زوال هذه الصفة لا يكون إلا بمقتضى ما ينص عليه قانون المحاماة وضمن سلطة مجلس هيئة المحامين ليس إلا .
ذلك أن حضور المحامي في الجلسات التي أدرجت فيها القضية في المرحلة الابتدائية بصفته متقاضيا عاديا وليس محاميا ، ومجردا من بذلة المحاماة، فان الاشارة الى صفته ومهنته في الانذار أو المقال الاستعجالي هو من قبيل تضمين مقال الدعوى لصفة ومهنة المدعى كما هو منصوص عليه في الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية[32]،وقانون المحاماة الصادر بتاريخ 1993/9/10كان ينص في فصله 68 على أن المحامي يتخلى عن وصف نفسه بصفة محام في حالتين اثنتين: حالة المحامي الموقوف وحالة المحامي المشطب عليه من جدول الهيئة كعقوبتين تأديبيتين واللتين يكون من اختصاص مجلس هيئة المحامين اصدارهما بصفته مجلسا تأديبيا .وقد بقيت هذه القاعدة في قانون المحاماة الحالي الصادر في 20 اكتوبر 2008 (قانون 08.28 ) في المادة 71/1،2  منه والتي نصت على ما يلي: "يتعين على المحامي الموقوف أو المشطب عليه ، بمجرد ما يصبح المقرر قابلا للتنفيذ ،أن يتخلى عن ممارسة أي عمل من أعمال المهنة ، أو أن يتعامل بصفته محاميا . يفقد المحامي المشطب عليه الحق في وصف نفسه بصفة محام ".
وهكذا لا يمكن اطلاقا اعتبار زوال صفة محامي عن أي محام لمجرد كونه طرفا في قضية أمام المحكمة حتى ولو كانت هذه المحكمة هي محكمة إدارية أو محكمة استئنافية أو محكمة للنقض .
ولعل ما ذهب اليه القرار موضوع هذا التعليق في هذا الباب ، هو خلاصة ما سبقت الإشارة اليه أعلاه في هذا الموضوع . اذ أنه ورد في تعليل القرار المعلق عليه من كون :" إن مركز المحامي في القضية كطالب او كمطلوب لا تفقده صفته كمحام وبالتالي فلا مانع قانونا من أن ينوب المحامي نفسه ويناضل على حقوقه في القضية، خاصة وان العبرة بإنابة المحامي هي حماية حقوق المتقاضي بواسطة خبير في القانون ومهني في المادة القانونية والمحامي لا يفقد هذه المهنة عند نيابته لنفسه بل بالعكس فهو الأولى والأحرص بالنضال عنها " .
 
(///)- إشكالية رفع الدعوى أو الطعن"بحضور الطرف"ومدى قانونية هذا الإجراء :

ومن جملة ما أثاره القرار الإستئنافي موضوع هذا التعليق أيضا، اشكالية الطرف "المطلوب حضوره" في الدعوى
المقامة أو الطعن المرفوع ، بحيث تتجلى في مدى قانونية اجراء"المطلوب حضوره"في ظل تباين قرارات محكمة النقض
في الموضوع (1) وخاصة بشأن مركزه القانوني المنافس لما هو للمدعي أو الطاعن من حقوق واجراءات (2).

1 – تباين
قرارات محكمة النقض بشأن الطرف "
المطلوب حضوره
"في
الدعوى أو الطعن:
 قضى المجلس الأعلى بتاريخ1983/9/9 بأن الطاعن عندما أدخل المجموعة الحضرية بالدار البيضاء والجماعة الحضرية بابن امسيك لم يطلب الحكم عليهما لا بالضمان ولا بالتعويض ولا بأي شيئ بل طلب ادخالهما لتقديم ملاحظاتهما فقط ولهذا لم يكن اعتبارهما طرفين في الدعوى حتى تكون العلامة ملزمة باتباع جميع إجراءات المسطرة معهما واستدعائهما[33].  وتأكيدا لهذا القرار  ، حكم المجلس الأعلى بتاريخ 1996/10/30 بأن : " الأطراف الحقيقيين في الدعوى هم الذين يكونون ممثلين تمثيلا لا يتيح لهم الدفاع عن حقوقهم وذلك بصرف النظر عن وضعهم القانوني بالمستأنفين أو المستأنف عليهم أو المتدخلين اختياريا أو المتدخلين في الدعوى أو بالمنضمين لأحد الأطراف أو المطلوب الحكم أو الطعن بحضورهم[34]. غير أن المجلس الأعلى خالف هذه القاعدة وبصورة متناقضة معها في القرار الصادر عنه بغرفتين مجتمعتين بتاريخ 1998/2/10 تحت عدد 871 حيث قضى فيه بأن : "العبرة في وصف الطرف بالخصم الحقيقي بتقديم الطلبات ضده سواء وجهت إليه الدعوى بصفة أصلية أو طلب صدور الحكم بحضوره، والمحكمة عندما عللت قرارها المطعون فيه القاضي بعدم قبول استئناف الطاعنين بأنه لم تقدم ضدهما طلبات وانه لا يغير من ذلك تقديمهما لأجوبتهما أمام محكمة أول درجة تكون قد جعلته مشوبا بعيب فساد التعليل "[35] .وهذه القاعدة الأخيرة هي تأكيد لما ذهب إليه المجلس الأعلى من قبل في هذا الصدد، إذ انه قضى من أنه:" وخلافا لما يدعيه الطاعن فان المسمى صاحب وكالة الفتح العقارية لم يدخل في الدعوى من أي من الطرفين وإنما أقيمت بحضوره، ومن ثمة فانه لم يكن طرفا فيها حتى يبلغ إليه المقال الاستئنافي ،ويبقى أمر استدعائه موكولا لتقدير المحكمة[36].وهذا القرار جاء تأكيد له كذلك في القرار الصادر عن المجلس الأعلى تحت ع 4029 بتاريخ 1994/11/23[37]. ولكن المجلس الأعلى تراجع عن هذه القاعدة الأخيرة في قرارات أخرى منها القرار عدد 405 الصادر بتاريخ 1998/7/14 حيث أشار إلى أن ما عللت به محكمة الإستئناف قرارها بأن ع.م. مستأنف عليها في حين أنها ليست طرفا في الإستئناف بل هي من بين المدعى عليهم الذين قدم مقال الإستئناف بحضورهم يجعل القرار ناقص التعليل[38] . بل وفي قرار حديث للمجلس الأعلى ذهب إلى اعتبار أن صدور الحكم او القرار الإستئنافي بحضور أحد الأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين لا يجعل منهم أطرافا في القرار، وبالتالي لا صفة لهم في ممارسة الطعن بالنقض. واعتبر المجلس الأعلى الشخص الذي صدر الحكم أو القرار بمحضره، غيرا بالنسبة للمسطرة التي انتهت بصدور القرار ، فان وقع المساس بحقوقه بمقتضى هذا الأخير، فله أن يسلك المساطر المخولة للغير الخارج عن الخصومة للدفاع عن حقوقه، لا أن يمارس طرق الطعن العادية وغير العادية التي لم تتقرر إلا لأطراف الحكم أو القرار[39].
 وتأكيدا لهذا الاتجاه فقد قرر المجلس الأعلى من أن : "توجيه الدعوى أو الطعن " بحضور" في مواجهة طرف أصلي في الخصومة يجعل الطعن غير مقبول من الناحية القانونية. ولا وجود في المسطرة المدنية لمفهوم " بحضور" فإما أن يكون الطرف مدع أو مدعى عليه أو متدخلا أو مدخلا في الدعوى[40].كما أشار المجلس الأعلى إلى أن طرفي الخصومة في دعوى التأديب أمام غرفة المشورة هما المحامي المعني بالأمر، والوكيل العام للملك، وان ممارسة الطعن من أحدهما تستوجب رفعه ضد الثاني بصفة صريحة. ولا يقبل الطعن بالنقض الذي لم يرفع في مواجهة الوكيل العام للملك صراحة، واكتفى فقط بعبارة بحضور الوكيل العام" والحال انه طرف أصيل في الدعوى التأديبية[41] . مؤكدا فى قرار آخر على أن مجرد اكتفاء الطاعن بعبارة " بحضور الوكيل العام للملك " فإنها لا تفيد تقديم الطعن ضده مما يجعل الطعن غير مقبول من الناحية القانونية[42] غير أن المجلس الأعلى لم يستقر على هذه القاعدة الأخيرة بل عاد إلى القاعدة السابقة حسب القرار الصادر عنه بتاريخ 2009/10/7 والذي قضى فيه بان : "توجيه الخصومة القضائية من طرف أول إلى طرف ثان بمحضر طرف ثالث يجعل الطرف الثالث المطلوب حضوره طرفا في الدعوى . والأشخاص المطلوب حضورهم في الدعوى، يتعين استدعاؤهم ويمكن لهم ممارسة كل الإجراءات المخولة لكل طرف ومنها ممارسة الطعن في الأحكام . والمحكمة عندما صرحت في القرار المطعون فيه ، بان المطلوب حضوره في الدعوى لا مركز قانوني له ولا يحكم له ولا عليه، تكون قد بنت قضاءها على غير أساس"[43]. وبذلك يكون هذا القرار قد أكد هذه القاعدة بعدما تراجع عنها كما سبق في القرارات المذكورة أعلاه، وذلك حسب القرار ع 4034 الصادر في 2008/11/19 والذي قضى : " باعتبار المطلوب حضوره في الدعوى طرفا فيها له وعليه ما لباقي الأطراف[44].وفي قرار حديث لمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) قضت المحكمة بما يلي : "يوجه الطعن بالنقض ضد كل من كان طرفا في القرار الإستئنافي المطعون فيه ، وان تقديم الطعن بالنقض بحضور المؤمن يجعل الطعن بالنقض غير مقبول. ولا يعد طرفا في الدعوى ولا في الطعن من وجهت الدعوى بحضوره[45].

2 – مدى قانونية اجراء"المطلوب حضوره" في الدعوى أو الطعن :

ونظرا لتضارب القرارات القضائية الصادرة عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) فقد جاء الرأي معلقا على قرار من القرارات السابقة بقوله : إن ما جاء به المجلس الأعلى في مبدئه من تأسيس مركز جديد" للمطلوب حضوره" في الدعوى لا ينسجم مع قواعد المسطرة المدنية ومبادئها والتوجهات السابقة للمجلس الأعلى نفسه، مضيفا أن توجها من هذا النوع ليس من شأنه أن يمس بالجانب الإجرائي في الدعوى فحسب ،وإنما من شأنه أن يغير المراكز القانونية في الدعوى والمدعي والحق المدعى فيه وهو الأمر الذي لا يرجى من قضاء المجلس الأعلى ببلادنا .
وهذا الرأي الوارد في هذا التعليق على قرار المجلس الأعلى ع 3810 المذكور أعلاه ،أعتقد انه في محله خاصة وان الأمر لا سند له من القانون لا في قانون المسطرة المدنية ولا في غيرها من القوانين الخاصة[46] ..
 وأعتقد أن محكمة النقض في قرار حديث لها سارت في نفس المنحى الأخير حيث قررت ما يلي : "بمقتضى الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية فانه لا يصح التقاضي الا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة في إثبات حقوقه وان الصفة في الطعن تستمد من القرار المطعون فيه، ولما كان الثابت قانونا أن أطراف الدعوى هم المدعي والمدعى عليه والمتدخل فيها إراديا والمدخل فيها، وهؤلاء هم من يقضى لفائدتهم أو عليهم ، فان المطلوب حضورهم لا يحكم لهم ولا عليهم بشيئ ولا صفة لهم في الطعن في الحكم أو القرار الذي يهم أطراف الدعوى المشار إليهم، وان غاية طلب حضورهم هو إشعارهم بالدعوى للتدخل فيها أو لإدخالهم فيها ممن يرى فائدة له في ذلك[47] .
وبالنظر الى ما قدمناه أعلاه من آراء الفقه وإجتهاد القضاء ، رغم تباينه وعدم استقراره ، يظهر ان ما ذهب اليه
القرار الإستئنافي موضوع هذا التعليق لا اساس له رغم كونه ارتكز على اعتبار تلك العبارة مجرد ابتداع في اللفظ ولا اساس لها من قانون المسطرة المدنية ورغم ذلك اتجه الى حملها على انه مطعون ضده وبالتالي اعتبر ذلك بمثابة طرف في الطعن مما يكون قد منحه مركزا قانونيا كمركز المدعى عليه أو المطعون ضده في كل ما تخوله له المسطرة من حقوق واجراءات ، والحال أن لا استقرار لمحكمة النقض في هذا الشأن. ذلك أن العمل أمام المحاكم ، درج على اجراء مفاده ادراج بعض الخصوم الثانويين بالموازاة مع الخصوم الأصليين في النزاع تحت اسم "المطلوب حضورهم" وهم أشخاص لم توجه طلبات في مواجهتهم حتى تمنح لهم صفة المدعى عليه ، وليس لهم حق المنازعة في الخصومة لأنها لا تعنيهم . ولم ترد في القانون مقتضيات تنظم مركزهم في الخصومة ببيان ما لهم من حقوق اجرائية وما يتحملونه من أعباء فيها ، خاصة وان هذا الخصم عديم الصفة والمصلحة في النزاع[48].

 - إشكالية تنظيم مؤسسة التكافل الإجتماعي في الوسط المهني(/V)
ينبغي للتعرف على اشكالية تنظيم مؤسسة التكافل الإجتماعي للمحامين ، معرفة مكونات هذا النظام وأهميته (أولا) وما يحتاجه من أجل استمراره في الوجود وخاصة من الناحية القضائية (ثانيا) .

(أولا): مكونات نظام التكافل الإجتماعي وأهميته :
بتاريخ 10/6/2020 أصدر مجلس هيئة المحامين بالرباط قرارا بموجبه أحدث نظاما للتكافل الإجتماعي الذي أسس على أساس تطلعات وحاجيات المحامين وتعزيز عرى التضامن والتآزر بينهم لتحسين ودعم أوضاعهم بهدف تقديم المساعدات المادية لمختلف المجالات الإجتماعية للمحامي المتوقف عن ممارسة المهنة لظروف صحية ،وللمحامي المعوز أو لذويه بعد وفاته ، وتوزيع جزء من مداخيل النظام على المحامين الرسميين المسجلين في الجدول بعد مرور سنة على ذلك (الباب الأول من النظام ) .
وجاء النظام محددا موارده في الباب الثاني ؛ ومنها اقتطاع 10% من أتعاب الدفاع من جميع قضايا التعويض كيفما كانت طبيعتها ، وفي غير هذه الملفات فرض دمغة محددة في 200 درهم عن كل ملف بما فيها ملفات الجنايات ولو كانت في اطار المساعدة القضائية ، أما ملفات الجنحي فحدد النظام مبلغ 100 درهم. بالإضافة الى تخصيص نسبة مأوية قدرها 50% من مداخيل استثمارات مشاريع الهيئة ...
وتحصيل هذه الأموال تنفق في اقساط التأمين عن المسؤولية المدنية لأعضاء الهيئة،وعن واجبات التأمين عن الوفاة ، والتأمين الصحي الأساسي والتكميلي ،وما قد يتبقى بعد هذه النفقات يتم توزيعه بالتساوي على جميع المحامين الرسميين خلال شهري يونيه ودجمبر .وقد حدد النظم قائمة طويلة للمستثنون من علملية التوزيع في الباب الرابع والخامس من الأبواب السته لهذا النظام .

ثانيا: سبل استمرار نظام التكافل الاجتماعي في الوجود:

لسلامة نظام التكافل الاجتماعي من الانهيار لا بد من توفر ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن يقبل نظام التكافل الإجتماعي من طرف المحامين المسجلين بجدول الهيئة:

إن مقتضيات المادة 91/5 من قانون تنظيم مهنة المحاماة (ق 08.28) تمنح الاختصاص مجلس الهيئة المحامين في: "إنشاء وإدارة مشاريع اجتماعية لفائدة أعضاء الهيئة، وتوفير الموارد الضرورية لضمان الإعانات والمعاشات لهم أ-أو للمتقاعدين منهم أو لأراملهم وأولادهم سواء في شكل مساعدات مباشرة، أو عن طريق تأسيس صندوق للتقاعد أو الانخراط في صندوق مقبول للتقاعد". ولكن ليس في القانون المهني ما يلزم تنازل المحامين عن جزء من أتعابهم قهرا لفائدة المشاريع الاجتماعية ،والشيء الذي يكون مفيدا من أجل إنجاح نظام التكافل الاجتماعي، هو الموافقة عليه من أغلب المحامين المسجلين بجدول الهيئة  أو على الأقل الثلثين. وبهذا الشرط تضمن الهيئة وجود نظام التكافل الاجتماعي واستمراره.

الشرط الثاني: أن يسلم نظام التكافل الإجتماعي من الطعون:

إن ضمان سلامة نظام التكافل الاجتماعي من الطعن فيه أمام القضاء يكون من خلال موافقة ورضا المحامين المسجلين في جدول الهيئة عليه ، ولكن ينبغي أن يسلم أيضا من طعن النيابة العامة التي هي وصية على الهيئة.
ولكي يسلم المقرر من الطعن ينبغي أن يكون القرار التنظيمي الصادر بشأن التكافل الاجتماعي قد أخذ بالاعتبار، وبمقتضى عقد رضائي لجميع المحامين او على الأقل أغلبهم وفي حدود الثلثين من المسجلين في جدول الهيئة ، وذلك بتنازلهم عن جزء من أتعابهم في دعاوى التعويضات وغيرها ،وعدم تقييد حق المحامي في اختياره لمحل المخابرة معه خارج دائرة اختصاص محكمة الاستئناف ، لأن قانون المحاماة لا يعطي الحق للنقيب أو لمجلس الهيئة، حق فرض تنازل محام أو فئة من المحامين على جزء من أتعابهم جبرا لفائدة محام آخر أو لفائدة شريحة أخرى من نفس الهيئة ،لا في قضايا التعويض ولا في غيرها.
أما إذا طعنت النيابة العامة في المقرر فينبغي النضال من أجل سلامة نظام التكافل الإجتماعي، والدفاع عنه أمام محكمة الاستئناف حتى يبقى قائما وموجودا بدون أن يشوبه البطلان.

الشرط الثالث: أن يعين لنظام التكافل الإجتماعي طاقم من المسيرين الدائمين والمنتخبين :

وهذا الشرط ينبغي توضيحه أكثر في النظام الداخلي لمقرر التكافل الاجتماعي بحيث يبين فيه شروط التعيين وكيفيته سواء للمسيرين الدائمين أو المنتخبين ومدة صلاحيتهم وطرق اشتغالهم.
واعتقد أنه إذا ما توفرت هذه الشروط فإن نظام التكافل الاجتماعي سيكون ناجحا ومستمرا في الوجود.
ولعل القرار ألاستئنافي موضوع هذا التعليق، الذي أيد مقرر مجلس الهيئة  معتبرا نسبة 10 في المائة إنما تتعلق بالأتعاب ولا علاقة لها بقيمة التعويض خلاف اتجاه محكمة النقض، التي اعتبرت: " أن المقرر التنظيمي صدر في إطار مبدأ التكافل والتضامن بين المحامين المتضررين، وأن تنازل المحامي عن جزء من أتعابه الذي اكتسبها بعمله لا يمكن أن يكون إلا بمقتضى عقد رضائي، ولا يجبر أشخص على ذلك قهرا إلى درجة أنه يعرض للتأديب إذا لم يمتثل، وفي ذلك مخالفة لمقتضيات الفصلين 228،230 من ق .ل.ع " [49] . وقد سارت محكمة الاستئناف بالقنيطرة في نفس الاتجاه الذي ذهبت اليه محكمة النقض، إذ قررت من أنه: "لا يسع المحكمة إلا تأكيد ما سارت عليه في قرار سابق من أن تضامن وتكافل المحامين يجب أن يتم بالتراضي، ولا إجبار عليه، يتنافى مع طبيعة المحاماة كمهنة حرة قوامها التنافس الشريف، ومع قانون المهنة الذي ليس فيه ما يلزم تنازل المحامين عن جزء من أتعابهم قهرا لفائدة المشاريع الاجتماعية، ومع المبدأ الشرعي للتكافل الذي يتسم بأنه غير مفروض" [50].

خاتـــــمة :

إن مجموع هذه الإشكاليات طرحت بمناسبة مناقشة مقرر نظام التكافل الاجتماعي نتيجة الطعن في هذا المقرر
الصادر عن مجلس هيئة المحامين بالرباط. وقد مر بمرحلة الطعن الاستئنافية .ولعله بقي الطعن فيه أمام محكمة
النقض حتى يصبح إما محصننا أو باطلا جزئيا أو كليا.
ولتفادي هذه المسارات المتعلقة بالطعون المحتمل توجيهها لنظام التكافل الإجتماعي ، ينبغي – في اعتقادي – توفر الشروط التي تم بيانها أعلاه، وعلى الأقل لضمانه وتطبيقه من طرف أعضاء الهيئة. 

المراجع :

الكتب :

1 – عمر الشيكر ،وسائل حماية الغير في قانون المسطرة المدنية المغربي ،مطبعة بني ازناسن ،الرباط 2011.
2 – خالد الحبيب ، الطلبات العارضة في قانون المسطرة المدنية المغربي ،مطبعة اليت ،سلا 2008 .
3 – سعاد موافق ،تعدد أطراف الدعوى وأثره في قانون المسطرة المدنية ،مطبعة الأمنية ،الراط 2015 .
4 – عبد السلام بناني وآخرين ،التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي في ضوء الفقه والقضاء ،ج 1 اصدار الدار العربية للموسوعات ،ط 2 القاهرة 1992 .
5 – مأمون الكزبري وادريس العلوي العبدلاوي ،شرح المسطرة المدنية في ضوء القانون المغربي ،ج 2 مطابع دار القلم ،بيروت 1983 .
6 – محمد بفقير ،قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي ،ج 1 ط 6 مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء 2020.
7 – عمر أزوكار ، الموسوعة الكاملة لقانون المسطرة المدنية ج 1 مطبعة مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء 2021.
8 – الطيب بن لمقدم ،ابحاث وتعاليق قانونية ،ج 3 مطبعة الأمنية ،الرباط 2023.
9 – الطيب بن لمقدم ،القرارات القضائية المتناقضة لمحكمة النقض ،الكتاب 1 مطبعة الأمنية ،الرباط 2019.
10 – الطيب بن لمقدم ،آراء ومناقشات قانونية ، الشركة المغربية للطباعة والنشر ،الرباط 1996.
11 – أحمد مليجي ،قانون المرافعات ،ج3 طبعة نادي القضاة،المركز القومي للإصدارات القانونية ط 8 القاهرة 2010 .
12 – محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي ،قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن ،ج2 المطبعة النموذجية 1958 .
13 – سعيد زياد ، الوسيط في النقض المدني ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط 2023 .
14 – سعيد زياد ،النقض في المادة المدنية ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط 2021.
15 – محمد لمعمري ،قرارات المجلس الأعلى وآثارها في المادة المدنية ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء 2010 .
16 – منشورات مجلة الحقوق المغربيةة ،قانون المسطرة المدنية في العمل الفقهي والإجتهاد القضائي ،سلسلة الأعداد الخاصة رقم 1 س 2009 مطبعة الأمنية ،الرباط 2009 .
17 – سلسلة احياء علوم القانون ،مهنة المحاماة على ضوء الإجتهاد القضائي ورؤى المهنيين ، مكتبة دار السلام ،الرباط 2021
المجلات :
  • مجلة المحاماة المصرية ،أبريل 1994 الجزء الأول .
  • مجلة الإشعاع عدد 39/40 .
  • مجلة قضاء المجلس الأعلى ع 59/60 .
المقالات :
  1. – عبد القادر الوزاني ، تعليق على قرار المجلس الأعلى ع 3810 مجلة العرائض ،ع 2 يوليوز/دجمبر 2006 .
الخميسات: 24/4/2024
الطيـب بن لـمـقدم
 
قرار ع 66 بتاريخ 2023/5/25 ملف رقم 2020/1124/70،77 غير منشور .[1]
[2]ذ.أحمد مليجي، الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، ج 3 طبعة نادي القضاة ،المركز القومي للإصدارات القانونية، ط 8 القاهرة 2010 ص 167
[3]مأمون الكريزي وادريس العلوي العبدلاوي، شرح المسطرة المدنية في ضوء القانون المغربي، ج 2 طبع دار القلم، بيروت 1973 ص 120 و129.
[4]قرار محكمة النقض ع 40 بتاريخ 12/1/2012 مجلة المحاكم المغربية ع 139 ص 96.
[5] انظر التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي في ضوء الفقه والقضاء . ذ. عبد السلام بناني، سعيد الفكهاني العباسي العلوي، عبد الباسط جميعى وشاكر الناصري ج1 ط2 اصدر الدار العربية للموسوعات ، القاهرة 1992 – 1993 ص 514
[6]سعيد زياد، الوسيط في النقض المدني، مطبعة المعارف، الجديدة ،الدار البيضاء 2023 ص 307 .
[7]أنظر محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي قواعد المرافعات في التشريع المصري والمقارن، ج 1 المطبعة النموذجية 1957 ص7.
[8]عبد الوهاب حومد، الموجز في المسطرة الجنائية المغربية، نشر وتوزيع مكتبة التومي، الرباط 1968 ص 12.
[9]للمزيد من التفاصيل يراجع مؤلفنا أبحاثوتعاليق قانونية ج1 مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 1989 ص 200.
[10]قرار الغرفة الجنائية ع 1203 بتاريخ 19/11/1981  مجلة القضاء والقانون ع 131 ص 138. وقرار محكمة الإستئناف بالقنيطرة بتاريخ 20/4/1993 ملف 254/1994 مجلة الإشعاع عدد 13 ص 148
[11]قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا ) ع 2066 بتاريخ 18/10/1995 مجلة المرافعة ع 7ص 101.
[12]قرار المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا ) ع 2980 بتاريخ 19/9/1995 مجلة قضاء المجلس الأعلى ع 49/50 ص 169
[13]ج.ر عدد 5680 بتاريخ 6/11/2008.
[14]قرار محكمة النقض عدد 2249 بتاريخ 28/11/1984 مجلة قرارات المجلس الأعلى عدد 37/38 ص 18. وقرار عدد 1084 بتاريخ 8/5/1985 مجلة رابطة القضاة عدد 18/19 ص 71.
[15]قرار محكمة النقض ع 64 بتاريخ 27/1/2010 ملف 109/4/2/2008 أنظر الموقع الالكتروني محكمتيWWW.mahkamaty.comتاريخ الإطلاع 16/4/2018.
[16]قرار محكمة النقض ع 668 بتاريخ1/7/2009 مجلة المحاكم المغربية ع 148 ص 96.
[17]قرار محكمة الإستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 1/4/2013 ملف رقم 12/2/2013 مجلة التواصل القضائي ، الودادية الحسنية للقضاة (جهة الدار البضاء ) ع 2/3 ص 200.
[18]قرار محكمة النقض ع 3384 بتاريخ 24/8/2010 نشرة قرارات محكمة النقض ،الغرفة المدنية ج 9 ص 62.
[19]قرار محكمة النقض ع 54 بتاريخ 2/3/1979 مجلة قضاء المجلس الأعلى ع 28 ص 154.
[20]قرار محكمة النقض ع 375/1 بتاريخ 23/6/2015 انظر كتاب مهنة المحاماة على ضوء الإجتهاد القضائي ورؤى المهنيين ، سلسلة احياء علوم القانون ، تصدر عن منصة مروك دروا ،مكتبة دار السلام ، الرباط 2021 ص 247.
[21]قرار محكمة النقض ع 272/10 بتاريخ 11/2/2009 كتاب مهنة المحاماة على ضوء الإجتهاد القضائي ورؤى المهنيين ، م.س ص 250.
[22]قرار المجلس الأعلى عدد 1154 بتاريخ 89/5/3 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 46 ص 127.
[23]الطيب بن لمقدم ، اشكاليات مهنة المحاماة ،طبع  ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام ، الرباط 2005 ص 125 وما بعدها.
[24]طعن رقم 180 لسنة 22 في جلسة 1956/1/19الموسوعة الذهبية ج 10، الإصدار المدني، حسن الفكهاني وعبد المنعم حسنى  الدار العربية للموسعات القاهرة 1982 قاعدة 85 ص 37.
[25]أحمد أبو الوفاء التعليق على قوانين المرافعات ج. 31 من موسوعة القضاء والفقه للدول العربية،  الدار العربية للموسوعات 1980 ص  854.
[26]طعن رقم 172جلسة1969/12/16 الموسوعة الذهبية المرجع السابق ج 8 قاعدة 1565 ص 757 أنظر أيضاً نقض 1970/2/24 مذكور في أبو الوقا . م. س. ص 854.
[27]طعن رقم 2528 لسنة 57 ق جلسة 13/6/1993 الدائرة المدنية ، مجلة المحاماة المصرية ع أبريل 1994 الجزء الأول ،ص 89.
[28]طعن رقم 16842 ورقم 17214 لسنة 62 ق جلسة 6/9/1992 الدائرة الجنائية ، مجلة المحاماة المصرية ع أبريل 1994 الجزء الأول ،ص 29.
[29]نقض مدني أساس 575 قرار 145 بتاريخ 14/6/1975  أديب استانبولي، قانون أصول المحاكمات المدنية ، طبع دار الأنوار للطباعة دمشق 1989 ط 3 قاعدة رقم 1147 ص 283.
[30]نقض مدني قرار عدد 95بتاريخ 12/3/1967 استانبولي م.س، قاعدة رقم 1157 ص285.
[31]قرار تعقيبي مدني عدد 47004 مؤرخ في 07 أفريل2011 ( غير منشور) انظر الموضوع في الأنترنيت ،تاريخ الإطلاع 12/1/2018.
[32]قرار محكمة الاستئناف بالرباط عدد 6936 بتاريخ 1989/10/9 ملف مدني عدد 88/4073غير منشور.
[33]قرار ع 227 مجلة المحامون ع 3 ص 194.
[34]قرار ع 6403 ملف عدد 95/6/1/105 ذكره ذ. الحسن بويقين في تعليقه على القرار ع 871 مجلة القضاء والقانون 145 ص 213، انظر ايضا القرار ع 4682 بتاريخ 1994/12/27 بغرفتين، ادريس بلمحجوب، قرارات المجلس الأعلى بغرفتين أو بجميع الغرف ، ص 232 والقرار ع 3810 بتاريخ 2002/12/12 ، مجلة العرائض ع 1 ص 101.
[35]مجلة القضاء والقانون ع 145 ص 203.
[36]قرار ع 2910 بتاريخ 1994/9/14 مجلة قضاء المجلس الأعلى ع 47 ص 38.
[37]منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى ع 48 ص 84.
[38]ذكره ذ. بويقين م. س. ص 215 ، وفي نفس المرجع انظر قرار ع 896 بتاريخ 1998/2/11 في نفس الإتجاه ض 217.
[39]قرار ع 788 بتاريخ 2009/5/13 مجلة المحاكم المغربية ع 124-125 ص 192.
[40]قرار المجلس الأعلى ع 346 بتاريخ 2007/4/11 منشور في كتاب المحاماة من خلال العمل القضائي د. عمر ازوكار مكتبة الرشاد ، سطات 2012 ص 181.
[41]قرار ع 410 بتاريخ 2007/5/2 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى ع 69 ص 190.
[42]قرار ع 660 بتاريخ 2007/9/12 منشور في مؤلف المحاماة من خلال العمل القضائي م. س ص 170.
[43]قرار ع 3420 مجلة المعيار ع 44 ص 235.
[44]انظر القرار في مجلة المعيار ع 46 ص 220.
[45]قرار ع 2061 بتاريخ 2012/4/24 منشور في سلسلة الاجتهاد القضائي ع 3 س 2013 ص 148.
[46]انظر تعليق د. عبد القادر الوزاني على قرار المجلس الأعلى ع 3810 بتاريخ 2002/12/12 مجلة العرائض ع 2 / 2006 ص 60.
[47]فرار ع 63 بتاريخ 2016/6/23 نشرة قرارات محكمة النقض، الغرفة المدنية، نشر محكمة النقض، مطبعة الأمنية الرباط 2018ع 33 ص 127.
[48]سعاد موافق ، تعدد أطراف الدعوى وأثره في قانون المسطرة المدنية ، مطبعة الأمنية ،الرباط 2015 ص 96 وما بعدها.
[49]قرار ع 3813 بتاريخ 12/12/2002 مجلة قضاء المجلس الأعلى ع 59-60 ص 471 .
[50]قرار عدد 5 بتاريخ 18/1/2012 مجلة الإشعاع ع 39/40 صفحة 371.



الجمعة 26 أبريل 2024
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter