MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




نادي قضاة المغرب يكرم القاضيتين حجيبة البخاري وزكية وزين

     



احتضنت القاعة الكبرى للجلسات بالمحكمة الابتدائية بمكناس يوم الجمعة السادس من أبريل 2012 ابتداء من الساعة الرابعة ونصف مساء حفل توزيع جائزة المرأة القاضية في دورتها الأولى لموسم 2011/2012، وهو الحفل الذي حضره حشد كبير من قاضيات وقضاة المغرب سواء من الدائرة الاستئنافية بمكناس أو من باقي محاكم المملكة.

في بداية الحفل قدم رئيس نادي قضاة المغرب الأستاذ ياسين مخلي كلمة أكد فيها أن تخصيص جائزة سنوية للمرأة القاضية مناسبة للاعتراف بالجهود التي تبدلها النساء القاضيات إلى جانب زملائهن القضاة، وأشار بالمناسبة إلى أن تجربة المرأة القاضية بالمغرب تبقى رائدة على المستويين العربي والإسلامي، مؤكدا في الوقت ذاته أن تنظيم هذا الحفل يأتي انطلاقا من الأهداف التي سطرها نادي قضاة المغرب منذ إنشائه خاصة تلك المتعلقة بالرفع من معنويات القضاة وتكريمهم.

من جهة أخرى أكد الأستاذ ياسين أنه بقدر سعادته بهذا الحفل التكريمي للمرأة القاضية بقدر أسفه عن تزامنه مع التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزير العدل والحريات والتي تم تداولها على نطاق إعلامي واسع والتي تحاول تحجيم المكتسبات التي كرسها دستور 2011 للسلطة القضائية خاصة على مستوى حق القضاة في التعبير وحقهم في تأسيس جمعيات مهنية وهي الحقوق التي تحصل عليها قضاة المملكة بعد نضال طويل مؤكدا في نفس الصدد على أن تصريحات الوزير تشكل استباقا لنتائج الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة،

وأضاف رئيس نادي قضاة المغرب قائلا: " إن وزير العدل والحريات تناسى أنه أصبح وزيرا للحريات، وان الدستور المغربي كفل للقضاة حرية التعبير العلني والانتساب إلى جمعيات مهنية شريطة الالتزام بواجب التحفظ والأخلاقيات المهنية، وان المؤسسة الوحيدة المخول إليها تقدير مدى احترام واجب التحفظ المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومن تم فوزير العدل هو الذي خرج عن واجب التحفظ بعدم تنفيذ الخطاب الملكي لـ 20 غشت 2009..".

وتناولت الكلمة الأستاذة حجيبة البخاري رئيسة المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب للدائرة الاستئنافية بمكناس حيث أعربت في البداية عن سعادتها لهذا التكريم الذي اعتبرته تكريما لكل النساء القاضيات، وتكريما للدائرة الاستئنافية التي تعمل بها، وتكريما للمكتب الجهوي وتكريما للمرأة المغربية عموما، كما أعربت عن ثقتها في المرحلة القادمة رغم كل الصعوبات والإكراهات بفضل وجود إطار دستوري جديد يكفل للسلطة القضائية استقلاليتها واحترامها، ووجود جمعية مهنية قوية ومستقلة تؤطر القضاة وهي جمعية نادي قضاة المغرب التي تضع من بين أهم أهدافها الدفاع عن استقلالية السلطة القضائية.

واستغلت الأستاذة البخاري الفرصة لتعبر عن استيائها الشديد من التصريحات الصادرة عن وزارة العدل والتي تهدف إلى حشر القضاة في دائرة ضيقة ومصادرة حقهم الدستوري في التعبير والانخراط في جمعيات مهنية والإشتغال داخلها، كما استغربت ما نقله السيد وزير العدل بكون بعض الحقوقيين قد ندموا على إخراج وزارة العدل من تركيبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، إذ اعتبرت تلك التصريحات التي نقلها السيد الوزير على سبيل الإشادة والتنويه نوعا من التنكر لاختيارات الشعب المغربي الذي صوت بأغلبية ساحقة على التعديلات الدستورية لسنة 2011 ولكل المكتسبات التي جاءت بها خاصة في الشق المتعلق بالسلطة القضائية، كما اعتبرت أن إعلان السيد الوزير كون النيابة العامة يجب أن تبقى تابعة لسيادته استباقا لنتائج الحوار الوطني لإصلاح العدالة واستباقا لكل التصورات التي يمكن طرحها بهذا الخصوص مؤكدة على أن استقلالية قضاة النيابة العامة عن السلطة التنفيذية هي جزء لا يتجزأ من استقلالية السلطة القضائية عموما.

وقالت الأستاذة حجيبة البخاري "إن السلطة التنفيذية مدعوة هي الأخرى إلى أن تلتزم بواجب التحفظ اتجاه السلطة القضائية وألا تتدخل في الشؤون المهنية للقضاة ولا في طريقة عملهم من خلال الجمعية المهنية التي اختاروا تأسيسها والإشتغال من خلالها وممارسة حقهم الدستوري في التعبير والتجمع والتنظيم"، وأضافت "إننا في مرحلة فاصلة .. نحن سندافع عن حقوقنا واستقلاليتنا بكل ما أوتينا من جهد ومهما كلف الامر. والجمعيات الحقوقية والمجتمع بكافة أطيافه مدعوٌّ للتدخل وقول الكلمة الحق. استقلالية قضائنا مسؤولية الجميع. والتاريخ سيُدَوِّنُ لكل واحد منّا مواقفه. ليس من اكتفى بالفرجة كمن دخل الميدان".

من جهة ثانية أكدت الأستاذة حجيبة البخاري أن بعض الممارسات الصادرة عن السلطة التنفيذية مؤخرا باتت مفهومة بعد هذه التصريحات إذ أن المضايقات التي يتعرض لها نادي قضاة المغرب وتراجع السيد الوزير عن الوعود التي قطعها على نفسه بخصوص تمكين هذه الجمعية المهنية للقضاة من حقها المشروع في الحصول على مقر وعلى الدعم الذي تمنحه الدولة للجمعيات الأكثر تمثيلا.. كل ذلك أصبح مفهوما بعد فشل كل محاولات احتواء النادي، لتختم حديثها بكون المرأة القاضية بالمغرب تقف إلى جانب زميلها القاضي من أجل الدفاع عن استقلالية السلطة القضائية.

وتجدر الإشارة إلى أن الأستاذة حجيبة البخاري هي قاضية من الفوج 28 عينت في بداية مشوارها القضائي قاضية بالمحكمة التجارية بطنجة منذ سنة 2002 إلى غاية 2008 قبل أن تلتحق  بالعمل كقاضية أيضا بالمحكمة الابتدائية بمكناس، ترشحت لانتخابات المجلس الجهوي لنادي قضاة المغرب بالدائرة الاستئنافية بمكناس وحصلت على ثقة زملائها لتكون أول رئيسة للمكتب الجهوي للنادي على مستوى الدائرة التي تعمل بها، والثانية على المستوى الوطني، ومنذ ذلك الحين تعمل جاهدة من أجل تحقيق الأهداف التي من أجلها تم إنشاء نادي قضاة المغرب، ولا أدل على ذلك من حصول المكتب الجهوي للدائرة الاستئنافية لمكناس على شهادة التميز للمكاتب الجهوية لنادي قضاة المغرب مناصفة مع المكتب الجهوي للقنيطرة في دورة هذه السنة.

وأكدت الأستاذة زكية وزين من جانبها سعادتها الكبيرة بهذا التكريم الذي تهديه إلى كل امرأة قاضية تعمل بصمت، كما تهديه إلى كل زملائها داخل الدائرة الاستئنافية، وتستحضر بالمناسبة نضال النساء القاضيات الأوائل اللواتي ولجن في وقت مبكر القضاء واللواتي جعلن المغرب رائدا في هذا المجال.

تقول الأستاذة زكية وزين عن دخولها إلى القضاء: " اخترت التوجه للقضاء بناء على رغبة مبكرة و بناء على رغبة والدتي التي أفنت حياتها على تعليمنا وكانت لديها رغبة في أن يكون أحد أبنائها قاضيا أو قاضية، مما زاد من تصميمي على هدا الهدف، واعترافا كذلك بالجميل وبتضحيات السيدة الوالدة"، ورغم كثرة انشغالاتها لا تتوانى الأستاذة زكية على المشاركة الفعالة في جميع الأنشطة التي ينظمها المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بمكناس، كما تحرص على متابعة دراساتها العليا في الوقت ذاته إذ تحضر رسالة لنيل شهادة الماستر في المهن القانونية و القضائية.

وعن تجربة المرأة القاضية بالمغرب تقول الأستاذة زكية وزين "أعترف بكوني فخورة بانتمائي للسلك القضائي بالمغرب فأول امرأة ولجت القضاء في العالم العربي كانت مغربية، ولقد أبانت المرأة المغربية بأنها وصلت الى هذا المنصب عن جدارة واستحقاق فخلال العشر سنوات التي أمضيتها في المهنة تعرفت على زميلات كنّ دوما رمزا للنزاهة و الكفاءة و التفاني و الحكمة و الالتزام و روح المسؤولية و التجرد و العطاء.."

وتضيف "ألاحظ أن بعض المسئولين القضائيين يرون أن المرأة القاضية يجب أن يكون اختصاصها محدودا مثلا في القضايا المدنية دون القضايا الجنحية، لكن الكثير من القاضيات اللواتي حظيت بشرف معرفتهن أثبتن انهن كالند للقاضي الرجل يترأسن جلسات جنحية و نراهم في جلسات تلبسية و في جلسات الجنايات و يتألقن في مهام النيابة العامة، لذلك أدعو السادة المسئولين لإعطاء المرأة القاضية المكانة التي تستحقها و فسح المجال لها لإبراز قدراتها و معاملتها على قدم المساواة مع زميلها القاضي، و الكف عن النظر اليها ككائن ضعيف يتواجد بهذا المنصب على سبيل الصدفة".

وترى الأستاذة زكية وزين أن أنوثة المرأة لا يمكن أن تشكل لها أي مانع لممارسة مهمة القضاء على حد سواء مع زميلها القاضي وتقول "بالعكس يمكن للمرأة القاضية أن تتحلى بالحزم عندما يستدعي الأمر ذلك و يمكن ان تستغل يعض المميزات التي ميزها الله بها عن الرجل في أحيان أخرى فهي تبرع في الصلح بين الأطراف و تقنعهم بذلك أكثر من الرجل و في التعامل مع الأحداث وفي قضايا العنف ضد المرأة فهي تستطيع التواصل مع هذه الاخيرة و تتمكن من وضع يدها على مكامن الخلاف و هذا ما عاينته من خلال تجربتي البسيطة" وتؤكد الأستاذة وزين أنها متفائلة بخصوص مستقبل القضاء بالمغرب ودور المرأة القاضية في هذا المجال خلال الفترة القادمة وذلك بفضل "نادي قضاة المغرب والتعديل الدستوري الذي أعطى للقضاة حق تأسيس جمعيات مهنية حيث سيتمكن القضاء من السمو و المضي الى الامام و سيتبوأ ان شاء الله المكانة التي تليق به كسلطة مستقلة ما دام هناك قضاة شرفاء لهم غيرة على المهنة وعلى هذا البلد و يحسون بمدى أهمية و جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم و انا ثقتي بالنادي كبيرة و أؤمن بالأهداف التي سطرها فنحن لا نطالب بشيء ليس من حقنا فحق إنشاء جمعية مهنية هو حق دستوري و على جميع المنخرطين فيها الالتزام بالقرارات التي تتخذها سيما و أن كل القرارات التي يتخذها النادي يتخذها بطريقة ديمقراطية"

وتحكي الأستاذة زكية وزين إحدى الطرائف التي تعرضت لها خلال عملها كقاضية غداة التحاقها بالمحكمة الابتدائية بمكناس "حضرت ذات مرة كعضو في جلسة الجنحي العادي ليوم الاثنين و بعدها أخبرني السيد الرئيس بأني سأتولى رئاسة جلسة الجنحي العادي فردي ليوم الجمعة و فعلا في اول جلسة دخلت الى القاعة بمعية ممثل النيابة العامة و كاتبة الضبط و بعد افتتاح الجلسة ناديت على المتهم في اول ملف فمثل أمامي وكان رجلا مسنا فسألته عن اسمه فلم يجبني رغم أنني كررت السؤال أكثر من مرة حتى ظننت انه أصم، فلم يجب و أخذ يتطلع الى الياب ورائي .. هل تدرون لماذا ؟ لقد كان ينتظر أن يدخل القاضي.. فالرجل لم يتقبل فكرة وجود امرأة قاضية على المنصة ستتولى البت في ملفه.. ولكن الحمد لله هذه الأفكار بدأت تتغير وبات المجتمع المغربي تدريجيا يتقبل الفكرة".

وجدير بالذكر أن الأستاذة زكية وزين هي قاضية من الفوج 32 ولجت المعهد العالي للقضاء سنة 2002 وتخرجت منه سنة 2004، عينت قاضية بالمحكمة الإبتدائية بمكناس، ثم عينت مؤخرا نائبة لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بأزرو حيث تعتبر أول امرأة تشغل هذا المنصب على مستوى هذه المدينة.

وقد عرف الحفل أيضا تسليم جائزة التميز للمكاتب الجهوية لنادي قضاة المغرب والتي فاز بها مناصفة المكتبان الجهويان لدائرتي القنيطرة ومكناس تقديرا لمجهوداتهما في تحقيق أهداف الجمعية المهنية لنادي قضاة المغرب على المستوى الجهوي.

كما أعلن الأستاذ ياسين مخلي رئيس نادي قضاة المغرب بالمناسبة عن إطلاق جائزة جديدة في الدورة القادمة وهي جائزة الدفاع عن استقلالية السلطة القضائية ستمنح للشخصيات التي لها دور في الدفاع عن السلطة القضائية واستقلالها انسجاما مع المستجدات التي جاء بها دستور 2011 في هذا المجال وتماشيا مع الأهداف التي شكلت منطلقا لتأسيس نادي قضاة المغرب.


ذ أنس سعدون
عضو نادي قضاة المغرب
نادي قضاة المغرب يكرم القاضيتين حجيبة البخاري وزكية وزين

نادي قضاة المغرب يكرم القاضيتين حجيبة البخاري وزكية وزين

نادي قضاة المغرب يكرم القاضيتين حجيبة البخاري وزكية وزين



الاثنين 9 أبريل 2012

تعليق جديد
Twitter