MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




تعليق على قرار: الفصل التعسفي غير المباشر للأجير

     

الفصل التعسفي غير المباشر للأجير
من خلال التعليق على قرار محكمة النقض عدد191/1
الصادر بتاريخ 21 فبراير 2023 في ملف الاجتماعي رقم 2022/1/5/ 3633


عشعاش ملود
دكتـور في الحقوق



تعليق على قرار: الفصل التعسفي غير المباشر للأجير
  جاء في قرار محكمة النقض 1/191 الصادر بتاريخ 21 فبراير 2023  في الملف الإجتماعي رقم 2022/1/5/3633

باسم جلالة الملك وطبقا للقانون

  بناء على مقال النقص المودع بتاريخ 2022/07/21 من طرف الطاعنة المذكورة أعلاه بواسطة نائبها، الرامي إلى نقض القرار رقم 3116 الصادر بتاريخ 2022/05/16 في الملف رقم 2022/1501/2156 عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء.

  وبناء على المستندات المدلى بها في الملف.
  وبناء على قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28 شتنبر 1974.
  وبناء على الأمر بالتخلي والابلاغ به الصادر بتاريخ 07 فبراير 2023.
  وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 21 فبراير 2023
  وبناء على المناداة على الطرفين ومن ينوب عنهما وعدم حضورهم.
  وبعد تلاوة التقرير من طرف المستشار المقرر السيد ×××××.
  وبناء على مستنتجات المحامي العام ×××××.

 وبعد المداولة طبقا للقانون

   حيث يستفاد من أوراق القضية ومن القرار المطعون فيه أن المطلوب في النقض تقدم بمقال يعرض فيه أنه عمل لدى الطالبة إلى أن تم فصله بصفة تعسفية، ولأجل ذلك التمس الحكم له بالتعويضات المترتبة عن ذلك، وبعد انتهاء الإجراءات المسطرية أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها القاضي على الطالبة بأدائها لفائدة المطلوب في النقض مجموعة تعويضات عن الأجرة والضرر والاخطار والفصل والعطلة السنوية مع تمكينه من شهادة تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 100 درهم، استأنفته الطاعنة فقضت محكمة الاستئناف، بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به وهو القرار موضوع الطعن بالنقض.

في شأن وسيلة النقض الفريدة

   تعيب الطاعنة على القرار المطعون فيه عدم الارتكاز على أساس قانوني ونقصان التعليل الموازي لانعدامه وعدم الرد على الدفوعات، ذلك أنها تمسكت في سائر مراحل الدعوى بإجراء بحث لمعرفة الأسباب الداعية الى الازمة التي تعرضت لها والتي أدت الى خفض نشاطها وكذا المعرفة الاجراءات التي اتخذتها من أجل الحفاظ على العمال ومناصبهم، لكن محكمة الاستئناف لم تعر دفعها أي اهتمام ولم تحل عنه في تعليلها، وان الطالبة لم تتوقف نهائيا نشاطها وانما قلت المردودية نظرا لتراجع المبيعات وطلبات الصيانة بسبب فسخ العقد مع شركتي (س) و(ف) اللتان كانتا تسيطران عن أسطول النقل الحضري بكل من الرباط سلا وتمارة مما ادى إلى خلل في ميزانيتها ولو كان العكس لسلكت المسطرة الواجب اتباعها الفصل الاجراء الأسباب اقتصادية وأقفلت أبوابها بصفة نهائية وسرحت عمالها، وان إجراء بحث لن يعرقل سير الملف، وبعدم استجابة المحكمة لطلبها تكون قد أضرت بمصالحها، مما يتعين معه  نقض القرار.

   لكن حيث انه لما كان الاجر يعتبر ركنا اساسيا من أركان عقد الشغل فان توقف المشغلة الطالبة عن أداء اجور المطلوب في النقض يعتبر مساسا بركن جوهري في العقد، وأن عدم إلتحاق هذا الأخير بعمله لا يعد مغادرة تلقائية للعمل وانما فصلا مشوبا بالتعسف من الطاعنة ويترتب عنه تعويض الأجير، ولا موجب لإجراء بحث حول أسباب توقفها عن أداء أجور المطلوب في النقض طالما انها لم تسلك مسطرة الفصل الأسباب اقتصادية والمحكمة المطعون في قرارها لما اعتبرته قد فصل تعسفيا للسبب اعلاه ورتبت الآثار القانونية على ذلك تكون قد عللت قرارها تعليلا سليما وغير خارق لاي مقتضى قانوني والوسيلة على غير اساس.

لهذه الأسباب
  قضت محكمة النقض برفض الطلب وتحميل الطالبة الصائر.
  وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيسة الغرفة السيدة×××، والمستشارين السادة ××× مقررا و×××× و××××و××××× أعضاء، وبمحضر المحامي العام السيد ×××××××، وبمساعدة كاتب الضبط السيد ×××××.

 
تحديد القاعدة الأساسية للقرار
نزاع شغل - توقف المشغلة عن أداء الأجر – أثره
   لما كان الأجر يعتبر ركنا أساسيا من أركان عقد الشغل، فإن توقف المشغلة الطالبة عن أداء أجور المطلوب يعتبر مسا بركن جوهري في العقد، وأن عدم التحاق هذا الأخير بعمله نتيجة ذلك لا يعد مغادرة تلقائية للعمل وإنما فصلا تعسفيا من جانب الطالبة ويترتب عن ذلك تعويض الأجير عنه، ولا موجب لإجراء بحث حول أسباب توقفها عن أداء أجور المطلوب طالما أنها لم تسلك مسطرة الفصل الأسباب اقتصادية، والمحكمة المطعون في قرارها لما اعتبرته قد فصل تعسفيا للسبب المذكور ورتبت الآثار القانونية على ذلك، تكون قد ركزت قضاءها على أساس .

 
الوقائع:
 
   يتعلق القرار المشار إليه أعلاه  بفصل أحد الأجراء من قبل الجهة المشغلة بطريقة غير مباشرة وتتمثل في  عدم أداء الأجر، وهو ما اعتبره العامل فصلا تعسفيا وطالب بالتعويضات الناتجة على ذلك، حيث تقدمت الطالبة بمقال نقض بعد أن أيدت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي القاضي بتعويض الأجير واعتبار عدم أداء الأجر بمثابة فصل تعسفي.
 
الإجراءات:
 
    بعد تقديم الأجير لمقاله في المحكمة الابتدائية، أصدرت المحكمة حكما يقضي بتعويضه عن الفصل حيث إستأنفت الطالبة القرار أمام محكمة الاستئناف، التي أيدت الحكم الابتدائي بما قضى، وفي النهاية قامت الطالبة بتقديم طلب نقض إلى محكمة النقض من أجل نقض القرار.
 
الادعاءات:
 
   الجهة المشغلة: تمسكت بأن الفصل كان بسبب أسباب اقتصادية أدت إلى عدم قدرتها على دفع الأجور، وأكدت على ضرورة إجراء بحث في تلك الأسباب.
   الأجير: أكد أن توقف دفع الأجر يشكل فصلا تعسفيا، مطالبا بتعويضات نتيجة ذلك حيث إدعى أن عدم أداء الأجر يشكل مساسا بعقد الشغل.
 
المشكل القانوني:
 
   المشكل الرئيسي هنا هو مدى اعتبار توقف المشغلة عن دفع الأجور مساسا جوهريا بعقد الشغل، وما إذا كان يستدعي ذلك اعتباره  فصلا تعسفيا دون الحاجة لإجراء بحث حول الأسباب الاقتصادية التي قدمتها الطالبة.
 
منطوق القرار
 
     حيث منطوق القرار يؤكد أن أداء الاجر يعتبر أحد الأركان الأساسية لعقد الشغل وأن توقف الجهة المدعى عليها عن أداء الأجر يعتبر إخلالا من طرفها بأحد الأركان الأساسية للعلاقة الشغلية ويدخل في خانة الإنهاء التعسفي لعقد الشغل من طرف الجهة المشغلة.
 
 
التحليل:
 
 -  أهمية الاجر في العلاقة الشغلية: أكدت المحكمة على أن الأجر يعد ركنا أساسيا في عقد الشغل، وبالتالي، فإن عدم دفع الأجر يعتبر خرقا جوهريا لهذا العقد، مما يمنح العامل الحق في المطالبة بالتعويض.
 -  الفصل التعسفي: اعتبرت المحكمة أن عدم التحاق العامل بعمله نتيجة لتوقف دفع الأجر لا يمكن اعتباره مغادرة تلقائية، بل هو فصل تعسفي، هذا التحليل يبرز أهمية حماية حقوق العمال في إطار علاقات العمل.
- عدم الحاجة لإجراء بحث: أشارت المحكمة إلى أنه لا حاجة لإجراء بحث حول الأسباب الاقتصادية، لأن الجهة المشغلة لم تتبع الإجراءات القانونية اللازمة للفصل، هذا يعكس التزام المحكمة بتطبيق القوانين المعمول بها بشكل صارم.
 
النتيجة:
 
   توصلت محكمة النقض إلى رفض طلب النقض، مؤكدة أن القرار السابق قد تم تعليله بشكل سليم وفقا للأدلة القانونية المقدمة ويستند على القانون، هذه النتيجة تعزز من حماية حقوق الأجراء وتؤكد على أهمية الالتزام بالإجراءات القانونية عند اتخاذ قرارات تتعلق بفصل الأجراء.
 
ملاحظات حول توجه المحكمة
 
   في حقيقة الأمر إن توجه محكمة النقض في هذا القرار كان صائبًا بشكل واضح، حيث أكدت المحكمة على أن الأجر هو ركن أساسي من أركان عقد الشغل، وأن توقف المشغلة عن دفع أجور العامل يعد خرقا جوهريا للعقد، كما اعتبرت أن عدم التحاق العامل بعمله نتيجة لذلك لا يمكن اعتباره مغادرة تلقائية، بل يصنف كفصل تعسفي يستدعي التعويض، وقد بررت المحكمة عدم الحاجة لإجراء بحث حول الأسباب الاقتصادية، نظرا لعدم اتباع الطالبة الإجراءات القانونية اللازمة للفصل، هذا القرار يعكس التزام المحكمة بحماية حقوق الأجراء، ويعزز من مبدأ العدالة في العلاقات الشغلية مما يجعله متسقا مع مبادئ مدونة الشغل.
  غير أنه هنالك ملاحظة تتمثل في عدم تحديد المحكمة في قرارها المدة المطلوبة للتوقف عن أداء الاجر لكي نعتبر ذلك فصلا تعسفيا.

 
الخاتمة:

 
    من خلال استقراء مقتضيات القرار أعلاه يتبين لنا أن قرار الفصل من العمل إما أن يكون صريحا ومباشرا وإما بطريقة غير صريحة وضمنية ومقنعة بأن يتولى المشغل مثلا اتخاذ قرارات أو إتيان تصرفات تطال وتمس الأركان الأساسية للعلاقة الشغلية تكون الغاية منها إيصال الأجير إلى التصريح بعدم قدرته أو عدم رغبته في مواصلة العلاقة الشغلية وأبرز مثال على ذلك هو توقف الجهة المشغلة عن أداء أجرة الأجير.
  وعليه فتوجه محكمة النقض هذا يشكل مظهرا أساسيا من مظاهر الطابع الحمائي للقضاء الاجتماعي بالمغرب، حيث أنه لا يتردد في توضيح أو تفسير أو إنشاء قواعد قانونية تحمي الاجير باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية.
  كما أن هذا القرار لا محال سيشكل هاجسا لكل المشغلين الذين يتوقفون عن أداء أجور الأجراء ولا يكترثون لذلك مهما كانت مدة هذا التوقف، وبمفهوم المخالفة فإن وقع هذا القرار سيساعد على التزام المشغلين بأداء الأجور ما ذام أن أي توقف من طرفهم سيدخلهم في خانة الفصل التعسفي للأجير وما يترتب عنه من أثار وخيمة على الشركة.
 



الاربعاء 16 أكتوبر 2024
MarocDroit منصة مغرب القانون "الأصلية"

تعليق جديد
Twitter