يعتبر حق التقاضي (الالتجاء إلى القضاء) L’accès à la justice من المبادئ الاساسية التي يقوم عليها أي نظام قضائي، فهو حقٌ اساسيٌ un droit fondamental ([1])مكفول دستورياً لجميع أفراد المجتمع دون استثناء، يجب علي دولة القانون un Etat de droit أن تحميه، لأنه فرع من واجبها في الخضوع للقانون، وبدون هذا الحق لا يكون هناك استقلال للقضاء، إذ لم يستطع أي شخص اللجوء إلى القضاء بكل حرية، وبدون استقلال للقضاء لا ضمان لحماية الحريات والحقوق الممنوحة للأشخاص بموجب الدستور.
وقد نصت صراحة على هذا المبدأ الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عام 1950 المادة 6/1 والتي نصت على أن «لكل إنسان الحق في أن تنظر قضية بعدالة أمام محكمة مستقلة نزيهة يتم إنشاؤها بمقتضى القانون». وتطبيقاً لهذا النص فقد أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذا المبدأ في العديد من أحكامها، وعدت أن هذا المبدأ يتمحور بصفة أساسية حول ثلاثة حقوق ([2]): –
1- الحق في الالتجاء للقضاء Le droit d’accés au juge
2- الحق في قضاء عادل Le droit à une bonne justice
3- الحق في تنفيذ القرارات الصادرة عن القضاء Le droit à l’exécution des decisions de justice
إن حق الالتجاء إلى القضاء من الحقوق اللصيقة بشخص الإنسان التي لا يمكن التنازل عنها بصورة مطلقة ([3])، ولا يجوز أن يكون محلاً للتقادم بمضي المدة ([4]).
وفحوى هذا المبدأ تقتضي علي الدولة أن تٌمكن كل متقاض من النفاذ إلى القضاء نفاذاً ميسراً لا تثقله أعباء مالية، ولا تحول دونه عوائق إجرائية. فيجب أن تكون ممارسة حق التقاضي ميسرة لا عائق أمامها، حيث إن هذه العوائق تشكل إرهاقاً لحق التقاضي بما قد يصد عن ممارسته.
متطلبات مباشرة إجراءات التقاضي إلكترونياً.
يتطلب لكي يكون القضاء مرناً [5]ضرورة مباشرة إجراءات التقاضي إلكترونياً، حيث يتمكن المتقاضي من الوصول إلى القضاء بطريقة مرنة سهلة من خلال شبكة الإنترنت، إلا أنه يجب أن يكون لديه جهاز كمبيوتر – يستطيع أن يتعامل معه – وخط هاتف ثابت أو جهاز هاتف متنقل مزود بخط يمكن من الاتصال بالإنترنت، وجهاز مودوم، بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون لدي المتقاضي مجموعة من البرمجيات التي تساعده على تصفح مواقع شبكة الانترنت، بالإضافة الي وجود بريد إلكتروني للمستخدم يسمح بإرسال واستقبال الرسائل الخاصة به عن طريق ذلك البريد.
وتتفاوت المجتمعات في امتلاك واستخدام تكنولوجيا الاتصال، وعلي الرغم أن الكثير من أفراد المجتمع يمتلك ويستخدم أدوات التكنولوجيا الحديثة، الا أن الكثير أيضاً لا يمتلك لكونه غير قادر مالياً financièrement علي امتلاكها، أو أنه قادر ولكنها لا تصل إليه –كما في المدن البعيدة عن العاصمة- أو أنه قد يمتلكها -خاصة في المدن الصناعية المتحضرة- ولكنه لا يفضلها لأسباب شخصية personnelles de préférence.([6]).
ويري بعض الفقة أن التفاوت في وصول واستخدام التكنولوجيا، مع تفعيل التقاضي الكترونيا، يؤدي إلي عدم المساواة بين المتقاضين في اللجوء إلي القضاء من خلال مباشرة الإجراءات الكترونياً، وهو أمر لا يمكن قبوله L’illégalité entre les justiciables en cas de dématérialisation totale de la procédure civile sera manifeste, ce qui n’est nullement envisageable([7]).
ويري الاستاذ Serge Guinchard([8]) في تقريره الذي أعده لوزارة العدل بشأن تبسيط وتحديث إجراءات التقاضي ، فذكر في تقريره le rapport Guinchard ، أن استخدام التكنولوجيا سوف يبسط إجراءات التقاضي ، الا أنه يجب للوصل إلي العدالة الناجزة – من خلال تحديث إجراءات التقاضي باستخدام تقنية الاتصال الالكتروني – أن تٌحترم المبادئ والقيم الأساسية لدولة القانون ، وهي مساوة أفراد المجتمع أمام القانون وحقهم في الالتجاء إلي القضاء المنجز بما في ذلك الفقراء ذاتهم.
فإذا تم استخدام تقنية الاتصال الالكتروني في مباشرة الإجراءات أمام المحاكم، وكان هناك خرقاً للمبادئ الأساسية في التقاضي، بأن لم يتمكن بعض الأشخاص من استخدام تقنية الاتصال الالكتروني، فلم يستطيعوا رفع دعواهم الكترونياً، فهنا يكون التقدم التقني في مباشرة الإجراءات خالف أحد المبادئ الاساسية التي تقوم عليها دولة القانون، وهو حق الشخص في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة الاتحاد الاوروبي فيما يتعلق بمباشرة الإجراء بطريقة الكترونية (غير ماديةla dématérialisation des procédures) بأنه” إذا كانت الدولة(المشرع) قد اشترطت قبل اللجوء إلى المحكمة، ضرورة لجوء الاطراف المتنازعة إلي التوفيق une conciliation، فهذا جائز شريطة الا يكون الطريق الالكتروني هو الوحيد في اللجوء إلي إجراء التوفيق ([9]).
فيتضح من قضاء محكمة الاتحاد الاوروبي la Cour de Justice de l’Union Européenne (CJUE)، أن المشرع لا يجب أن يلجأ في مباشرة إجراءات التقاضي – لضمان المساواة بين جميع المواطنين في حقهم الالتجاء إلى القضاء- إلى الطريق الالكتروني وحده، فيجب أن يكون بجانبه طريق التقاضي العادي (الورقي المادي أو الغير الكتروني).
واستكمالا لهذا القضاء، جاء قضاء محكمة حقوق الانسان الاوروبية La Cour Européenne des Droits de (CEDH)، موافقاً لقضاء محكمة الاتحاد الاوروبي في المحافظة علي حق المواطنين في اللجوء إلي القضاء مع تفعيل التقاضي الالكتروني، فأدانته المحكمة حكومة سلوفكيا([10]) ، لأنها طبقت التقاضي الالكتروني وفي ذات الوقت لم تقم بتجهيز وتزويد المحاكم بأدوات الاتصال الالكتروني (التكنولوجيا الجديدة).
ويستفاد من قضاء المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان أنه يجب علي الدولة إذا ارادت أن تطبق التقاضي الالكتروني أن تجهز المحاكم بأدوات الاتصال الالكتروني، وأن تمكن كل شخص من استخدام تلك الخدمة، بأن تصل تلك الخدمة إلى الاقليم الكائن به فإن لم تفعل ذلك فتكون الدولة قد خالفت أحد الضمانات الاساسية بدولة القانون، وهو حق الفرد في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي.
المشرع الفرنسي يتشدد ويجبر الاطراف علي سلوك التقاضي الالكتروني (في التمثيل الوجوبي)، ويقرر عدم قبول الطعن بالاستئناف أمام محاكم الاستئناف الفرنسية للتقرير به ورقياً (بغير الطريق الالكتروني) L’appel formé par support papier est donc irrecevable .
صدر المرسوم رقم Décret n°2012-634 du 3 mai 2012، بشأن إمكانية مباشرة بعض الإجراءات أمام محاكم الاستئناف إلكترونياً ، فأجاز المشرع الفرنسي استخدام وسائل الاتصال الإلكتروني أمام محاكم الاستئناف ، من قبل المحامين وفي الحالات التي يتطلب فيها المشرع التمثيل الوجوبي ، فيمكن للمحامي أن يقرر بالاستئناف أو يقدم مذكرات عن طريق رسالة إلكترونية إلي صندوق بريد إلكتروني عبر شبكة الانترنت(شبكة قضائية افتراضية تربط بين المحامي ومحاكم الاستئناف)، وبعد إرسال الرسالة يحصل المرسل(المحامي) علي إشعار إلكتروني بوصول رسالته. ونص المشرع الفرنسي في قانون الإجراءات المدنية علي جزاء عدم إيداع صحيفة الاستئناف الكترونيا، بأن مصير الطعن هو عدم قبوله لعدم سلوك الطريق الالكتروني. فالمشرع الفرنسي أشترط لكي يتم اللجوء إلي محكمة الاستئناف، أن تكون مباشرة الإجراء الكترونياً le recours aux procédés électroniques ، والا يكون الإجراء غير مقبول.
حلول مشكلة انتهاك حق الالتجاء إلى القضاء بمباشرة إجراءات التقاضي الكترونياً.
فقد اتجه بعض الفقه الفرنسي ([11])، إلى قصر تطبيق التقاضي الالكتروني في حالات التمثيل الوجوبي للخصوم، فوجود محامي يمثل الخصوم يضمن وصول كل طرف إلى المحكمة، وذلك بافتراض أن المحامي يمتلك ويستخدم تقنية الاتصال الالكتروني. ولكن ما هو الحل إذا كان هذا الأخير لا يمتلك أو لا يستخدم تقنية الاتصال الالكتروني؟!
عدم المساواة بين المحامين في الالتجاء للمحكمة.
la violation du principe d’égalité entre avocats d’accès à la Cour.
ليس جميع القانونيين علي مستوي واحد من الثقافة القانونية والتكنولوجية، ومن ثم علي حد تعبير الفقيهان Françoise Gleitz-Winterstein, Michel Attal ([12]) بأنه” لا يمكن أن يتحقق مبدأ المساواة بين المحامين في الالتجاء إلي القضاء ، في ظل شروط واحدة les memes conditions منظمه لعملية الاتصال الالكتروني بين المحامين والمحاكم ، فالمساواة بين المحامين تكون مضمونة عند ارتدائهم روب المحاماةle port de leur robe ، ويذهب الضمان باستبدال روب المحاماة بالاتصال الالكتروني (الغير مادي)”.
وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا بفرنسا في 15 مايو 2013([13]) ” ببطلان قرارات مجلس نقابة المحامين الفرنسية CNB ، والخاصة بالاتصال الالكتروني بين المحاكم والمحامين ، لمخالفة مبدأ المساواة بين المحامين ، حيث أن ظروف نقابة المحامين بباريس barreau de Paris تختلف عن محامي المقاطعات الأخرى – مثل محامي مقاطعة مارسليا- فوزارة العدل الفرنسية تركت للمحامين تنظيم الاتصال الالكتروني بينهم وبين المحاكم ، وحيث أن نقابة المحامين بباريس تضم 40% من محاميِ فرنسا بالنسبة لمحاميِ الأقاليم ، ومن ثم ظروف وإمكانيات عمل الأولي- من حيث توافر التكنولوجيا وأشياء أخري بالطبع – أفضل من الثانية، ومن ثم يكون هناك اختلاف في المعاملة ، مما يؤثر علي المساواة بين المحامين في الالتجاء للمحكمة.
وجهة نظري لمراعاة المساواة بين المحامين والمتقاضين أمام التقاضي الالكتروني.
وفي اعتقادي أن حل تلك المشكلة يكمن في الأتي:-
في بداية الأمر يجب أن يتاح بجانب الطريق الالكتروني لقيد ومباشرة الدعوى، الطريق التقليدي، بحيث إذا لم يتمكن الشخص من مباشرة إجراءات التقاضي الكترونياً، يتاح له مباشرتها مادياً، أي يقيد صحيفة الدعوى ورقياً بقلم كتاب المحكمة، ويودع مذكراته ومستنداته ورقياً، بالذهاب إلي المحكمة وإيداعها قلم الكتاب أو القاضي بحسب الأحوال.
وبعد انقضاء فترة من الوقت علي استخدام التقاضي الالكتروني بجانب التقاضي التقليدي ، تقوم الدولة بإنشاء مكاتب عامة علي كافة إقليم الدولة تقدم خدمات التقاضي الالكتروني ، بحيث لا تترك الدولة إقليماً وإلا أنشأت ذلك المكتب فيه ، ويمكن أن تكون هذه المكاتب عمومية بحيث تكون تابعة لوزارة العدل أو محاكم الدولة ، أو خاصه تتبع أشخاص أو مؤسسات خاصة ، ولكن يصدر بترخيصها للقيام بتلك المهام قرار من وزير العدل أو محاكم الدولة، وعن طريق تلك المكاتب (العامة أو الخاصة) يتمكن الافراد من قيد ومباشرة دعواهم الكترونياً، ذلك في حالة إذا لم يكن بوسعهم امتلاك أو استخدام تقنية الاتصال الالكتروني، وفي تلك المرحلة يلغي التقاضي التقليدي ويستبدل بالتقاضي الالكتروني ، مع امكانية التقاضي الالكتروني في حالة وجود قوة قاهرة أو سبب اجنبي منع المتقاضي من سلوك إجراءات التقاضي الكترونياً.
وجود قوة قاهرة أو سبب أجنبي يمنع المتقاضي من سلوك إجراءات التقاضي الكترونياً.
إذا تمكنت الدولة من وصول تقنية الاتصال الالكتروني إلى كافة أراضيها، وقدمت تلك التقنية بأسعار رمزية بحث يتمكن جميع أفراد المجتمع من امتلاك تقنية الاتصال الالكتروني، وقامت بتجهيز محاكمها بتلك التقنية، وأنشأت مكاتب عامة وخاصة تؤدي خدمات التقاضي الالكتروني، ورغم ذلك حال دون مباشرة المتقاضي لإجراءات التقاضي الكترونياً قوة قاهرة أو سبب أجنبي لا دخل له فيه، بحيث إذ لم يتواجد هذا السبب لقام المتقاضي بمباشرة الإجراءات الكترونياً.
أجاب علي ذلك المشرع الفرنسي في مرسوم 634 لسنة 2012 بشأن مباشرة إجراءات الاستئناف الكترونياً في المادة 930 /1 قانون الإجراءات المدنية ، حيث قرر في تلك المادة يجب أن تودع كافة الاوراق القضائية أمام محكمة الاستئناف بالطريق الالكتروني ، وإلا قضي بعدم قبول الإجراء (سواء كان صحيفة الطعن بالاستئناف أو تقديم مستندات أو مذكرات دفاع أو ورقة إعلان) ، فالجزاء هو عدم قبول الإجراء ، وإذا تعذر الاطراف لسبب أجنبي une cause étrangère إيداع الأوراق القضائية بالطريق الالكتروني ، يتم إثبات ذلك بموجب سند كتابي(دليل كتابي) يسلم إلي قلم كتاب المحكمة، وفي هذة الحالة تودع صحيفة الاستئناف وتسلم الإعلانات والمذكرات والمستندات مادياً (بالطريق التقليدي غير الالكتروني) لقلم كتاب المحكمة.
تفسير محكمة استئناف ليون الفرنسية للسبب الأجنبي.
قضت محكمة استئناف ليون الفرنسية في الطعن رقم 29 janvier 2013, n°12/07947 ([14])، بأن مصير الطعن بالاستئناف المقدم بغير الطريق الالكتروني هو عدم قبوله ،وحيث أنه لم يكن هناك استحالة مادية l’impossibilité matérielle لاستخدام الطريق الالكتروني لمباشرة الطعن ، فالشهادات التي قدمت من المحامي دلت علي أنه لم يقدم الاستئناف بطريق الكتروني ، دون أن يثبت أنه كان هناك خلل في نظام الاتصال الالكتروني un dysfonctionnement du système de communication électronique ، وقررت المحكمة عدم توافر السبب الأجنبي الذي يبرر الطعن ورقياً ، وبذلك يكون الاستئناف المقدم ورقياً غير مقبول ، وعلي العكس إذا كان هناك قوة قاهرة حالت دون سلوك الطاعن في تقريره بالاستئناف الطريق الالكتروني ، يستبعد التقرير الكترونياً بالاستئناف ، وقالت محكمة استئناف ليون” لم يكن هناك مشكلة فنية في الوصول إلي شبكة المحامين الافتراضية والتي من خلال يتم الاتصال بموقع محكمة استئناف ليون Réseau Privé Virtuel Avocats [RPVA]” ، ومن ثم فأن التقرير ورقيا بالاستئناف غير مقبول.
تعليقي علي حكم محكمة استئناف ليون بخصوص وجود سبب أجنبي لاستبعاد الطريق الالكتروني في مباشرة الإجراء.
في اعتقادي أن المحكمة أصابت صحيح القانون ، بأن وضعت مبدأً – صحيحا -في شأن تفسيرها للسبب الأجنبي التي تبرر استبعاد تقنية الاتصال الالكتروني في مباشرة الإجراء ، فقالت أن السبب الأجنبي يتمثل في خلال النظام المعلوماتي ، الذي من خلال تباشر الإجراءات الكترونياً ، بأن يكون هناك مشكلة فنية في الوصول إلي شبكة معلومات المحكمة ، لا دخل لمباشر الإجراء (سواء كان مدعي أو مدعي عليه ،مستأنف أو مستأنف ضده) فيه، فسبب عدم تمكنه من مباشرة الإجراء الكترونياً هو بعيدا عنه ولكنه راجع إلي وجود مشكلة فنية في الوصول إلي الشبكة المعلوماتية التي يتمكن من خلالها مباشر الإجراء من ممارسته الكترونياً. وقد يكون سبب عدم تمكنه من الوصول إلى شبكة معلومات المحكمة هو أن يكون النظام نفسه لا يعمل، أو أن يكون النظام يعمل ولكن التواصل عبر شبكة الإنترنت لا يعمل، أو أن يكون النظام يعمل وشبكة الانترنت تعمل ولكنها لا تعمل في المنطقة التي يوجد فيها مباشر الإجراء، والسؤال هل يمكن اعتبار خلل النظام المعلوماتي بجهاز الحاسوب الخاص بمباشر الإجراء سبب أجنبي يبرر عدم تمكن مباشر الإجراء من مباشرته الكترونياً؟ في اعتقادي لا يعد سبباً أجنبياً حيث يجب عليه قبل فوات ميعاد مباشرة الإجراء –إن كان هناك ميعاد لمباشرته- القيام بصيانة وتهيئة جهازه ونظامه المعلوماتي.
ويضاف إلى الاسباب الأجنبية حالات القوة القاهرة la force majeure التي تحول دون ممارسة الشخص الإجراء الكترونياً، كحدوث الزلازل والبراكين والصواعق والفيضانات والثلوج، أو حدوث فوضي في البلاد أو سرقة مسلحة لأجهزة الحاسب بالمحكمة.
والسؤال هل يعد سبباً أجنبياً سرقة الشخص لجهاز الحاسب الآلي الخاص به؟ في اعتقادي يعد سبباً أجنبياً سرقة الشخص لجهازه الشخصي ويبرر استبعاد الطريق الالكتروني وسلوك الطريق العادي(الورقي) لمباشرة الإجراء، بشرطان اولهما أن يثبت واقعة سرقة جهاز الحاسب الآلي الشخصي، وثانيهما ألا يتمكن من مباشرة الإجراء من خلال المكاتب العامة أو الخاصة التابعة للمحكمة والتي من خلالها يتمكن الشخص من الدخول على موقع المحكمة ومباشرة الإجراء الكترونياً.
أن مباشرة إجراءات التقاضي الكترونياً خطوة هامة لتطوير العمل الإجرائي، الا أنه يجب الا يتخلل تلك الإجراءات أي عقبة فنية، حتي لا يتحول مباشرة الإجراء الكترونياً إلي عقبات إجرائية incidents de procédure!([15])
الإخلال بحق الدفاع إذا قضت المحكمة بعدم قبول الإجراء ورقياً، مع وجود سبب أجنبي لعدم مباشرة الاجراء الكترونياً.
أن مباشرة الإجراءات الكترونياً يجب الا تؤثر على الضمانات الاساسية في التقاضي ومنها حق الخصم في الدفاع، فإذا تم اقرار التقاضي الكترونياً، وباشر أحد الاطراف الاجراءات الكترونياً ولم يباشرها الخصم الأخر – مع وجود سبب أجنبي لعدم مباشرتها الكترونياً- وتبعاً لذلك قضت المحكمة بعدم قبول إجراءه، فهل يعد ذلك إخلالاً بمبدأ المساواة الإجرائية، يستطيع الخصم خاسر الدعوى أن يطعن على الحكم بالاستئناف للإخلال بحق الدفاع؟
إذا كان هناك سبب أجنبي لم يستطع الخصم من خلاله مباشرة الإجراءات الكترونياً، وقضت المحكمة بعدم قبول الإجراء لعدم تقديمه الكترونياً، فان المحكمة لم تراع حقوق الدفاع، واخلت بحق الدفاع بالنسبة للخصم الذي لم يستطع –لسبب أجنبي- تقديم الإجراء الكترونياً.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة استئناف ليون الفرنسية في حكمها الصادر في 12 مارس 2013 ، بأنه يوجد إخلال بمبدأ المساوة في الدفاع ، إذا سمح لأحد الخصوم اللجوء إلي المحكمة بالطريق الالكتروني ، ولم يسمح للأخر- لوجود قوة قاهرة لم تمكنه من مباشرة الإجراءات الكترونياً حيث أن النائب العام المستأنف لم يستطع التقرير بالاستئناف وتقديم المذكرات إلي قلم كتاب محكمة الاستئناف الكترونياً لأنه ليس عضواً في شبكة المحامين الافتراضية (RPVA)التي يتم الاتصال بالمحكمة من خلالها – ، فلا يوجد إخلال بالمساواة في الدفاع في علاقة الاطراف بعضهم ببعض لان كلاً منهما استخدم الطريق الورقي لمباشرة إجراءات الاستئناف، فالنائب العام اعلن المستأنف ضده بورقة الإعلان ورقياً ، والمستأنف ضده هو الأخر قام بالإعلان للنائب العام بذات الطريق الورقي ، بينما في علاقتهما بالمحكمة كان هناك انتهاك لحقوق الدفاع لأن أحدهم (المستأنف –النائب العام-) باشر إجراءات الاستئناف ورقياً فلم يستطع التقرير بالاستئناف وتقديم المذكرات إلي قلم كتاب المحكمة إلا ورقياً ، بينما الخصم الأخر (المستأنف ضده) باشرها الكترونياً ، والشخص الذي يدعي الإخلال بحق الدفاع هنا ليس المستأنف ضده ، الذي تمكن من مباشرة إجراءات الاستئناف الكترونياً – حيث في الدعوى الماثلة أن الذي أدعي بمخالفة المساواة في الدفاع هو المستأنف ضده الذي باشر الإجراء الكترونياً – وإنما المستأنف (النائب العام) الذي لم يتمكن من مباشرة إجراءات الاستئناف الكترونياً وقضت المحكمة تبعاً لذلك بعدم قبول إجراءاته ، حيث ذكرت المحكمة صراحة أن مخالفة حق الدفاع تضر فقط النائب العام cette inégalité est préjudiciable seulement au parquet général et ne porte pas atteinte aux droits de l’intimé – نظراً لعدم قبول إجراءاته المقدمة بغير الطريق الالكتروني – ولا تمس حقوق المستأنف ضده الذي تمكن من مباشرة إجراءات الاستئناف الكترونياً.
[1] – Karine Métayer, L’acces A La Justice : Un Droit Fondamental /Le Point De Vue De L’avocat Conférence « Vers un meilleur accès des citoyens à la justice » Bruxelles, 24-26 octobre 2002.p1.
[2] – Serge Guinchard, Monique bandrac, Xavier lagarde, méling Douchy, Droit processuel. Droit commun du process, Dalloz-Sirey.2001, P. 180.
[3] – إذ يمكن للشخص التنازل عن اللجوء لمحاكم الدولة باللجوء إلى التحكيم، من خلال بند تحكيم وارد في العقد الأصلي، والمسمى بشرط التحكيم، أو من خلال الاتفاق على التحكيم بعد حدوث النزاع وفي اتفاق مستقل عن العقد الأصلي والمسمى بمشارطة تحكيم.
[4] – بخلاف الحق في الدعوى الذي يكون محلاً للتقادم وليس الحق في الالتجاء للقضاء ، فإذا كانت الدعوى سقطت بالتقادم فلا يمنع ذلك صاحب الحق في الالتجاء إلي القضاء ، فلا يستطيع قلم كتاب المحكمة منعه من قيد دعواه ، ولكن تقيد دعواه لحقه في الالتجاء إلي القضاء ،ولكن دعواه لا تسمع لأنها سقطت بالتقادم ، وبالمثل أيضاً لا يمنع الشخص من اللجوء إلي محكمة الاستئناف لأن ميعاد الاستئناف قد أنقضي ، فلا يستطيع قلم كتاب المحكمة أن يمنع الشخص من قيد صحيفة الاستئناف بحجة أن ميعاد الاستئناف قد انقضي أو مثلاً لأن أسباب الاستئناف تعتبر طلبات جديدة مطروحة لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ،فالطاعن له الحق في قيد صحيفة استئنافه ولو انقضي ميعاد الاستئناف ، ولكن طعنه لا يقبل لتقديمه بعد الميعاد .
[5] – في المزيد حول التقاضي المرن، راجع مؤلفنا المرونة والقانون دار النهضة العربية طبعة 2022.
[6] – Sophia Binet, L’utilisation des nouvelles technologies dans le procès civil : Vers une procédure civile intégralement informatisée ? mémoire Université LUMIERE LYON 2 – Master Droit Processuel 2005, p 65. il reste néanmoins une grande partie qui n’en dispose pas, ce pour des raisons personnelles de préférence ou financières.
[7] – Sophia Binet, L’utilisation des nouvelles technologies dans le procès civil : Vers une procédure civile intégralement informatisée ? op.cit, p 65.
[8] – Guinchard, Rapport, L’ambition raisonnée d’une justice apaisée, 2008. La lettre de mission fait allusion à « la modernisation nécessaire de la justice », « face à ces objectifs, et singulièrement celui d’une justice porteuse de sens, la Commission a pensé que le service de la Justice ne peut être modernisé que dans le respect de valeurs et de principes qui fondent l’ةtat de droit, tels que l’égalité devant la loi et l’accès effectif à un juge, y compris et surtout pour les plus démunis. ».
[9] – Philippe Glaser , PROCEDURE ET IMMATERIEL »La dématérialisation de la procédure civile,’IMMATÉRIEL,Journée parisienne,Mardi 29 avril 2014 – 13h45, Journées internationales 2014 – L’immatériel (Barcelone et Madrid, 19-23 mai 2014), La CJUE a apporté une limitation à la dématérialisation des procédures, en ce qui concerne les consommateurs, en jugeant que l’Etat pouvait prévoir une conciliation obligatoire préalable à
toute saisine du juge, à condition que la voie électronique ne constitue pas l’unique moyen
d’accès à ladite procédure de conciliation.
[10] – (CEDH 16/06/09 Lawyers Partners / Slovaquie,n°54252/07). Philippe Glaser , PROCEDURE ET IMMATERIEL »La dématérialisation de la procédure civile,’IMMATÉRIEL,Journée parisienne,Mardi 29 avril 2014 – 13h45, Journées internationales 2014 – L’immatériel (Barcelone et Madrid, 19-23 mai 2014) La CEDH a condamné la Slovaquie dont le code de procédure civile prévoyait l’intégration de nouvelles technologies mais qui n’avait pas rempli son obligation d’équiper les juridictions et avait donc porté atteinte au droit d’accès au juge.
[11] – Philippe Glaser , PROCEDURE ET IMMATERIEL »La dématérialisation de la procédure civile,’IMMATÉRIEL, Op.cit.
[12] – Françoise Gleitz-Winterstein, Michel Attal, Communication électronique versus libre accès à la justice par l’avocat, LA SEMAINE JURIDIQUE – ÉDITION GÉNÉRALE – N° 17 – 28 AVRIL 2014,p830 , spéc 831.
[13] – Le Conseil d’Etat français, 15 mai 2013, n° 342500 :JurisData n° 2013-009400 ; JCP G 2013,act. 628, obs. L. Erstein.
[14] – CA Lyon, chambre civile 1 B, 29 janvier 2013, n°12/07947, JurisData n° 2013-010634,Bull No 3 2013. Obs Blandine ROLLAND , La Cour d’appel de Lyon vise l’article 930-1 du code de procédure civile précité. Or en l’espèce l’appelant n’explicite pas l’impossibilité matérielle d’utiliser la voie électronique dont il se prévaut. Les deux attestations produites font simplement apparaître que son avocat n’a pu réussir à formaliser son appel par voie électronique, sans démontrer un dysfonctionnement du système de communication électronique. La Cour décide qu’il n’est dès lors pas justifié d’une cause étrangère à celui qui a accompli l’acte. L’appel formé par support papier est donc irrecevable. Cette espèce peut être rapprochée d’une autre qui, au contraire, reconnaît un cas de force majeure permettant d’écarter la voie électronique. Le parquet général près la Cour d’appel de Lyon n’a pas la possibilité technique d’accéder au RPVA.
[15] – Blandine ROLLAND, Incident en matière de communication électronique de conclusions en appel, CA Lyon, chambre civile 1A, 3 avril 2014, n° 13/08531 – JurisData n° 2014-007480, Bull No 1 2014. La communication électronique notamment en procédure d’appel est une formidable avancée pour la procédure et les auxiliaires de justice. Mais encore faut-il qu’elle ne soit pas émaillée d’incidents techniques qui peuvent alors dégénérer en incidents de procédure !
وقد نصت صراحة على هذا المبدأ الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عام 1950 المادة 6/1 والتي نصت على أن «لكل إنسان الحق في أن تنظر قضية بعدالة أمام محكمة مستقلة نزيهة يتم إنشاؤها بمقتضى القانون». وتطبيقاً لهذا النص فقد أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذا المبدأ في العديد من أحكامها، وعدت أن هذا المبدأ يتمحور بصفة أساسية حول ثلاثة حقوق ([2]): –
1- الحق في الالتجاء للقضاء Le droit d’accés au juge
2- الحق في قضاء عادل Le droit à une bonne justice
3- الحق في تنفيذ القرارات الصادرة عن القضاء Le droit à l’exécution des decisions de justice
إن حق الالتجاء إلى القضاء من الحقوق اللصيقة بشخص الإنسان التي لا يمكن التنازل عنها بصورة مطلقة ([3])، ولا يجوز أن يكون محلاً للتقادم بمضي المدة ([4]).
وفحوى هذا المبدأ تقتضي علي الدولة أن تٌمكن كل متقاض من النفاذ إلى القضاء نفاذاً ميسراً لا تثقله أعباء مالية، ولا تحول دونه عوائق إجرائية. فيجب أن تكون ممارسة حق التقاضي ميسرة لا عائق أمامها، حيث إن هذه العوائق تشكل إرهاقاً لحق التقاضي بما قد يصد عن ممارسته.
متطلبات مباشرة إجراءات التقاضي إلكترونياً.
يتطلب لكي يكون القضاء مرناً [5]ضرورة مباشرة إجراءات التقاضي إلكترونياً، حيث يتمكن المتقاضي من الوصول إلى القضاء بطريقة مرنة سهلة من خلال شبكة الإنترنت، إلا أنه يجب أن يكون لديه جهاز كمبيوتر – يستطيع أن يتعامل معه – وخط هاتف ثابت أو جهاز هاتف متنقل مزود بخط يمكن من الاتصال بالإنترنت، وجهاز مودوم، بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون لدي المتقاضي مجموعة من البرمجيات التي تساعده على تصفح مواقع شبكة الانترنت، بالإضافة الي وجود بريد إلكتروني للمستخدم يسمح بإرسال واستقبال الرسائل الخاصة به عن طريق ذلك البريد.
وتتفاوت المجتمعات في امتلاك واستخدام تكنولوجيا الاتصال، وعلي الرغم أن الكثير من أفراد المجتمع يمتلك ويستخدم أدوات التكنولوجيا الحديثة، الا أن الكثير أيضاً لا يمتلك لكونه غير قادر مالياً financièrement علي امتلاكها، أو أنه قادر ولكنها لا تصل إليه –كما في المدن البعيدة عن العاصمة- أو أنه قد يمتلكها -خاصة في المدن الصناعية المتحضرة- ولكنه لا يفضلها لأسباب شخصية personnelles de préférence.([6]).
ويري بعض الفقة أن التفاوت في وصول واستخدام التكنولوجيا، مع تفعيل التقاضي الكترونيا، يؤدي إلي عدم المساواة بين المتقاضين في اللجوء إلي القضاء من خلال مباشرة الإجراءات الكترونياً، وهو أمر لا يمكن قبوله L’illégalité entre les justiciables en cas de dématérialisation totale de la procédure civile sera manifeste, ce qui n’est nullement envisageable([7]).
ويري الاستاذ Serge Guinchard([8]) في تقريره الذي أعده لوزارة العدل بشأن تبسيط وتحديث إجراءات التقاضي ، فذكر في تقريره le rapport Guinchard ، أن استخدام التكنولوجيا سوف يبسط إجراءات التقاضي ، الا أنه يجب للوصل إلي العدالة الناجزة – من خلال تحديث إجراءات التقاضي باستخدام تقنية الاتصال الالكتروني – أن تٌحترم المبادئ والقيم الأساسية لدولة القانون ، وهي مساوة أفراد المجتمع أمام القانون وحقهم في الالتجاء إلي القضاء المنجز بما في ذلك الفقراء ذاتهم.
فإذا تم استخدام تقنية الاتصال الالكتروني في مباشرة الإجراءات أمام المحاكم، وكان هناك خرقاً للمبادئ الأساسية في التقاضي، بأن لم يتمكن بعض الأشخاص من استخدام تقنية الاتصال الالكتروني، فلم يستطيعوا رفع دعواهم الكترونياً، فهنا يكون التقدم التقني في مباشرة الإجراءات خالف أحد المبادئ الاساسية التي تقوم عليها دولة القانون، وهو حق الشخص في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة الاتحاد الاوروبي فيما يتعلق بمباشرة الإجراء بطريقة الكترونية (غير ماديةla dématérialisation des procédures) بأنه” إذا كانت الدولة(المشرع) قد اشترطت قبل اللجوء إلى المحكمة، ضرورة لجوء الاطراف المتنازعة إلي التوفيق une conciliation، فهذا جائز شريطة الا يكون الطريق الالكتروني هو الوحيد في اللجوء إلي إجراء التوفيق ([9]).
فيتضح من قضاء محكمة الاتحاد الاوروبي la Cour de Justice de l’Union Européenne (CJUE)، أن المشرع لا يجب أن يلجأ في مباشرة إجراءات التقاضي – لضمان المساواة بين جميع المواطنين في حقهم الالتجاء إلى القضاء- إلى الطريق الالكتروني وحده، فيجب أن يكون بجانبه طريق التقاضي العادي (الورقي المادي أو الغير الكتروني).
واستكمالا لهذا القضاء، جاء قضاء محكمة حقوق الانسان الاوروبية La Cour Européenne des Droits de (CEDH)، موافقاً لقضاء محكمة الاتحاد الاوروبي في المحافظة علي حق المواطنين في اللجوء إلي القضاء مع تفعيل التقاضي الالكتروني، فأدانته المحكمة حكومة سلوفكيا([10]) ، لأنها طبقت التقاضي الالكتروني وفي ذات الوقت لم تقم بتجهيز وتزويد المحاكم بأدوات الاتصال الالكتروني (التكنولوجيا الجديدة).
ويستفاد من قضاء المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان أنه يجب علي الدولة إذا ارادت أن تطبق التقاضي الالكتروني أن تجهز المحاكم بأدوات الاتصال الالكتروني، وأن تمكن كل شخص من استخدام تلك الخدمة، بأن تصل تلك الخدمة إلى الاقليم الكائن به فإن لم تفعل ذلك فتكون الدولة قد خالفت أحد الضمانات الاساسية بدولة القانون، وهو حق الفرد في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي.
المشرع الفرنسي يتشدد ويجبر الاطراف علي سلوك التقاضي الالكتروني (في التمثيل الوجوبي)، ويقرر عدم قبول الطعن بالاستئناف أمام محاكم الاستئناف الفرنسية للتقرير به ورقياً (بغير الطريق الالكتروني) L’appel formé par support papier est donc irrecevable .
صدر المرسوم رقم Décret n°2012-634 du 3 mai 2012، بشأن إمكانية مباشرة بعض الإجراءات أمام محاكم الاستئناف إلكترونياً ، فأجاز المشرع الفرنسي استخدام وسائل الاتصال الإلكتروني أمام محاكم الاستئناف ، من قبل المحامين وفي الحالات التي يتطلب فيها المشرع التمثيل الوجوبي ، فيمكن للمحامي أن يقرر بالاستئناف أو يقدم مذكرات عن طريق رسالة إلكترونية إلي صندوق بريد إلكتروني عبر شبكة الانترنت(شبكة قضائية افتراضية تربط بين المحامي ومحاكم الاستئناف)، وبعد إرسال الرسالة يحصل المرسل(المحامي) علي إشعار إلكتروني بوصول رسالته. ونص المشرع الفرنسي في قانون الإجراءات المدنية علي جزاء عدم إيداع صحيفة الاستئناف الكترونيا، بأن مصير الطعن هو عدم قبوله لعدم سلوك الطريق الالكتروني. فالمشرع الفرنسي أشترط لكي يتم اللجوء إلي محكمة الاستئناف، أن تكون مباشرة الإجراء الكترونياً le recours aux procédés électroniques ، والا يكون الإجراء غير مقبول.
حلول مشكلة انتهاك حق الالتجاء إلى القضاء بمباشرة إجراءات التقاضي الكترونياً.
فقد اتجه بعض الفقه الفرنسي ([11])، إلى قصر تطبيق التقاضي الالكتروني في حالات التمثيل الوجوبي للخصوم، فوجود محامي يمثل الخصوم يضمن وصول كل طرف إلى المحكمة، وذلك بافتراض أن المحامي يمتلك ويستخدم تقنية الاتصال الالكتروني. ولكن ما هو الحل إذا كان هذا الأخير لا يمتلك أو لا يستخدم تقنية الاتصال الالكتروني؟!
عدم المساواة بين المحامين في الالتجاء للمحكمة.
la violation du principe d’égalité entre avocats d’accès à la Cour.
ليس جميع القانونيين علي مستوي واحد من الثقافة القانونية والتكنولوجية، ومن ثم علي حد تعبير الفقيهان Françoise Gleitz-Winterstein, Michel Attal ([12]) بأنه” لا يمكن أن يتحقق مبدأ المساواة بين المحامين في الالتجاء إلي القضاء ، في ظل شروط واحدة les memes conditions منظمه لعملية الاتصال الالكتروني بين المحامين والمحاكم ، فالمساواة بين المحامين تكون مضمونة عند ارتدائهم روب المحاماةle port de leur robe ، ويذهب الضمان باستبدال روب المحاماة بالاتصال الالكتروني (الغير مادي)”.
وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة الإدارية العليا بفرنسا في 15 مايو 2013([13]) ” ببطلان قرارات مجلس نقابة المحامين الفرنسية CNB ، والخاصة بالاتصال الالكتروني بين المحاكم والمحامين ، لمخالفة مبدأ المساواة بين المحامين ، حيث أن ظروف نقابة المحامين بباريس barreau de Paris تختلف عن محامي المقاطعات الأخرى – مثل محامي مقاطعة مارسليا- فوزارة العدل الفرنسية تركت للمحامين تنظيم الاتصال الالكتروني بينهم وبين المحاكم ، وحيث أن نقابة المحامين بباريس تضم 40% من محاميِ فرنسا بالنسبة لمحاميِ الأقاليم ، ومن ثم ظروف وإمكانيات عمل الأولي- من حيث توافر التكنولوجيا وأشياء أخري بالطبع – أفضل من الثانية، ومن ثم يكون هناك اختلاف في المعاملة ، مما يؤثر علي المساواة بين المحامين في الالتجاء للمحكمة.
وجهة نظري لمراعاة المساواة بين المحامين والمتقاضين أمام التقاضي الالكتروني.
وفي اعتقادي أن حل تلك المشكلة يكمن في الأتي:-
في بداية الأمر يجب أن يتاح بجانب الطريق الالكتروني لقيد ومباشرة الدعوى، الطريق التقليدي، بحيث إذا لم يتمكن الشخص من مباشرة إجراءات التقاضي الكترونياً، يتاح له مباشرتها مادياً، أي يقيد صحيفة الدعوى ورقياً بقلم كتاب المحكمة، ويودع مذكراته ومستنداته ورقياً، بالذهاب إلي المحكمة وإيداعها قلم الكتاب أو القاضي بحسب الأحوال.
وبعد انقضاء فترة من الوقت علي استخدام التقاضي الالكتروني بجانب التقاضي التقليدي ، تقوم الدولة بإنشاء مكاتب عامة علي كافة إقليم الدولة تقدم خدمات التقاضي الالكتروني ، بحيث لا تترك الدولة إقليماً وإلا أنشأت ذلك المكتب فيه ، ويمكن أن تكون هذه المكاتب عمومية بحيث تكون تابعة لوزارة العدل أو محاكم الدولة ، أو خاصه تتبع أشخاص أو مؤسسات خاصة ، ولكن يصدر بترخيصها للقيام بتلك المهام قرار من وزير العدل أو محاكم الدولة، وعن طريق تلك المكاتب (العامة أو الخاصة) يتمكن الافراد من قيد ومباشرة دعواهم الكترونياً، ذلك في حالة إذا لم يكن بوسعهم امتلاك أو استخدام تقنية الاتصال الالكتروني، وفي تلك المرحلة يلغي التقاضي التقليدي ويستبدل بالتقاضي الالكتروني ، مع امكانية التقاضي الالكتروني في حالة وجود قوة قاهرة أو سبب اجنبي منع المتقاضي من سلوك إجراءات التقاضي الكترونياً.
وجود قوة قاهرة أو سبب أجنبي يمنع المتقاضي من سلوك إجراءات التقاضي الكترونياً.
إذا تمكنت الدولة من وصول تقنية الاتصال الالكتروني إلى كافة أراضيها، وقدمت تلك التقنية بأسعار رمزية بحث يتمكن جميع أفراد المجتمع من امتلاك تقنية الاتصال الالكتروني، وقامت بتجهيز محاكمها بتلك التقنية، وأنشأت مكاتب عامة وخاصة تؤدي خدمات التقاضي الالكتروني، ورغم ذلك حال دون مباشرة المتقاضي لإجراءات التقاضي الكترونياً قوة قاهرة أو سبب أجنبي لا دخل له فيه، بحيث إذ لم يتواجد هذا السبب لقام المتقاضي بمباشرة الإجراءات الكترونياً.
أجاب علي ذلك المشرع الفرنسي في مرسوم 634 لسنة 2012 بشأن مباشرة إجراءات الاستئناف الكترونياً في المادة 930 /1 قانون الإجراءات المدنية ، حيث قرر في تلك المادة يجب أن تودع كافة الاوراق القضائية أمام محكمة الاستئناف بالطريق الالكتروني ، وإلا قضي بعدم قبول الإجراء (سواء كان صحيفة الطعن بالاستئناف أو تقديم مستندات أو مذكرات دفاع أو ورقة إعلان) ، فالجزاء هو عدم قبول الإجراء ، وإذا تعذر الاطراف لسبب أجنبي une cause étrangère إيداع الأوراق القضائية بالطريق الالكتروني ، يتم إثبات ذلك بموجب سند كتابي(دليل كتابي) يسلم إلي قلم كتاب المحكمة، وفي هذة الحالة تودع صحيفة الاستئناف وتسلم الإعلانات والمذكرات والمستندات مادياً (بالطريق التقليدي غير الالكتروني) لقلم كتاب المحكمة.
تفسير محكمة استئناف ليون الفرنسية للسبب الأجنبي.
قضت محكمة استئناف ليون الفرنسية في الطعن رقم 29 janvier 2013, n°12/07947 ([14])، بأن مصير الطعن بالاستئناف المقدم بغير الطريق الالكتروني هو عدم قبوله ،وحيث أنه لم يكن هناك استحالة مادية l’impossibilité matérielle لاستخدام الطريق الالكتروني لمباشرة الطعن ، فالشهادات التي قدمت من المحامي دلت علي أنه لم يقدم الاستئناف بطريق الكتروني ، دون أن يثبت أنه كان هناك خلل في نظام الاتصال الالكتروني un dysfonctionnement du système de communication électronique ، وقررت المحكمة عدم توافر السبب الأجنبي الذي يبرر الطعن ورقياً ، وبذلك يكون الاستئناف المقدم ورقياً غير مقبول ، وعلي العكس إذا كان هناك قوة قاهرة حالت دون سلوك الطاعن في تقريره بالاستئناف الطريق الالكتروني ، يستبعد التقرير الكترونياً بالاستئناف ، وقالت محكمة استئناف ليون” لم يكن هناك مشكلة فنية في الوصول إلي شبكة المحامين الافتراضية والتي من خلال يتم الاتصال بموقع محكمة استئناف ليون Réseau Privé Virtuel Avocats [RPVA]” ، ومن ثم فأن التقرير ورقيا بالاستئناف غير مقبول.
تعليقي علي حكم محكمة استئناف ليون بخصوص وجود سبب أجنبي لاستبعاد الطريق الالكتروني في مباشرة الإجراء.
في اعتقادي أن المحكمة أصابت صحيح القانون ، بأن وضعت مبدأً – صحيحا -في شأن تفسيرها للسبب الأجنبي التي تبرر استبعاد تقنية الاتصال الالكتروني في مباشرة الإجراء ، فقالت أن السبب الأجنبي يتمثل في خلال النظام المعلوماتي ، الذي من خلال تباشر الإجراءات الكترونياً ، بأن يكون هناك مشكلة فنية في الوصول إلي شبكة معلومات المحكمة ، لا دخل لمباشر الإجراء (سواء كان مدعي أو مدعي عليه ،مستأنف أو مستأنف ضده) فيه، فسبب عدم تمكنه من مباشرة الإجراء الكترونياً هو بعيدا عنه ولكنه راجع إلي وجود مشكلة فنية في الوصول إلي الشبكة المعلوماتية التي يتمكن من خلالها مباشر الإجراء من ممارسته الكترونياً. وقد يكون سبب عدم تمكنه من الوصول إلى شبكة معلومات المحكمة هو أن يكون النظام نفسه لا يعمل، أو أن يكون النظام يعمل ولكن التواصل عبر شبكة الإنترنت لا يعمل، أو أن يكون النظام يعمل وشبكة الانترنت تعمل ولكنها لا تعمل في المنطقة التي يوجد فيها مباشر الإجراء، والسؤال هل يمكن اعتبار خلل النظام المعلوماتي بجهاز الحاسوب الخاص بمباشر الإجراء سبب أجنبي يبرر عدم تمكن مباشر الإجراء من مباشرته الكترونياً؟ في اعتقادي لا يعد سبباً أجنبياً حيث يجب عليه قبل فوات ميعاد مباشرة الإجراء –إن كان هناك ميعاد لمباشرته- القيام بصيانة وتهيئة جهازه ونظامه المعلوماتي.
ويضاف إلى الاسباب الأجنبية حالات القوة القاهرة la force majeure التي تحول دون ممارسة الشخص الإجراء الكترونياً، كحدوث الزلازل والبراكين والصواعق والفيضانات والثلوج، أو حدوث فوضي في البلاد أو سرقة مسلحة لأجهزة الحاسب بالمحكمة.
والسؤال هل يعد سبباً أجنبياً سرقة الشخص لجهاز الحاسب الآلي الخاص به؟ في اعتقادي يعد سبباً أجنبياً سرقة الشخص لجهازه الشخصي ويبرر استبعاد الطريق الالكتروني وسلوك الطريق العادي(الورقي) لمباشرة الإجراء، بشرطان اولهما أن يثبت واقعة سرقة جهاز الحاسب الآلي الشخصي، وثانيهما ألا يتمكن من مباشرة الإجراء من خلال المكاتب العامة أو الخاصة التابعة للمحكمة والتي من خلالها يتمكن الشخص من الدخول على موقع المحكمة ومباشرة الإجراء الكترونياً.
أن مباشرة إجراءات التقاضي الكترونياً خطوة هامة لتطوير العمل الإجرائي، الا أنه يجب الا يتخلل تلك الإجراءات أي عقبة فنية، حتي لا يتحول مباشرة الإجراء الكترونياً إلي عقبات إجرائية incidents de procédure!([15])
الإخلال بحق الدفاع إذا قضت المحكمة بعدم قبول الإجراء ورقياً، مع وجود سبب أجنبي لعدم مباشرة الاجراء الكترونياً.
أن مباشرة الإجراءات الكترونياً يجب الا تؤثر على الضمانات الاساسية في التقاضي ومنها حق الخصم في الدفاع، فإذا تم اقرار التقاضي الكترونياً، وباشر أحد الاطراف الاجراءات الكترونياً ولم يباشرها الخصم الأخر – مع وجود سبب أجنبي لعدم مباشرتها الكترونياً- وتبعاً لذلك قضت المحكمة بعدم قبول إجراءه، فهل يعد ذلك إخلالاً بمبدأ المساواة الإجرائية، يستطيع الخصم خاسر الدعوى أن يطعن على الحكم بالاستئناف للإخلال بحق الدفاع؟
إذا كان هناك سبب أجنبي لم يستطع الخصم من خلاله مباشرة الإجراءات الكترونياً، وقضت المحكمة بعدم قبول الإجراء لعدم تقديمه الكترونياً، فان المحكمة لم تراع حقوق الدفاع، واخلت بحق الدفاع بالنسبة للخصم الذي لم يستطع –لسبب أجنبي- تقديم الإجراء الكترونياً.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة استئناف ليون الفرنسية في حكمها الصادر في 12 مارس 2013 ، بأنه يوجد إخلال بمبدأ المساوة في الدفاع ، إذا سمح لأحد الخصوم اللجوء إلي المحكمة بالطريق الالكتروني ، ولم يسمح للأخر- لوجود قوة قاهرة لم تمكنه من مباشرة الإجراءات الكترونياً حيث أن النائب العام المستأنف لم يستطع التقرير بالاستئناف وتقديم المذكرات إلي قلم كتاب محكمة الاستئناف الكترونياً لأنه ليس عضواً في شبكة المحامين الافتراضية (RPVA)التي يتم الاتصال بالمحكمة من خلالها – ، فلا يوجد إخلال بالمساواة في الدفاع في علاقة الاطراف بعضهم ببعض لان كلاً منهما استخدم الطريق الورقي لمباشرة إجراءات الاستئناف، فالنائب العام اعلن المستأنف ضده بورقة الإعلان ورقياً ، والمستأنف ضده هو الأخر قام بالإعلان للنائب العام بذات الطريق الورقي ، بينما في علاقتهما بالمحكمة كان هناك انتهاك لحقوق الدفاع لأن أحدهم (المستأنف –النائب العام-) باشر إجراءات الاستئناف ورقياً فلم يستطع التقرير بالاستئناف وتقديم المذكرات إلي قلم كتاب المحكمة إلا ورقياً ، بينما الخصم الأخر (المستأنف ضده) باشرها الكترونياً ، والشخص الذي يدعي الإخلال بحق الدفاع هنا ليس المستأنف ضده ، الذي تمكن من مباشرة إجراءات الاستئناف الكترونياً – حيث في الدعوى الماثلة أن الذي أدعي بمخالفة المساواة في الدفاع هو المستأنف ضده الذي باشر الإجراء الكترونياً – وإنما المستأنف (النائب العام) الذي لم يتمكن من مباشرة إجراءات الاستئناف الكترونياً وقضت المحكمة تبعاً لذلك بعدم قبول إجراءاته ، حيث ذكرت المحكمة صراحة أن مخالفة حق الدفاع تضر فقط النائب العام cette inégalité est préjudiciable seulement au parquet général et ne porte pas atteinte aux droits de l’intimé – نظراً لعدم قبول إجراءاته المقدمة بغير الطريق الالكتروني – ولا تمس حقوق المستأنف ضده الذي تمكن من مباشرة إجراءات الاستئناف الكترونياً.
[1] – Karine Métayer, L’acces A La Justice : Un Droit Fondamental /Le Point De Vue De L’avocat Conférence « Vers un meilleur accès des citoyens à la justice » Bruxelles, 24-26 octobre 2002.p1.
[2] – Serge Guinchard, Monique bandrac, Xavier lagarde, méling Douchy, Droit processuel. Droit commun du process, Dalloz-Sirey.2001, P. 180.
[3] – إذ يمكن للشخص التنازل عن اللجوء لمحاكم الدولة باللجوء إلى التحكيم، من خلال بند تحكيم وارد في العقد الأصلي، والمسمى بشرط التحكيم، أو من خلال الاتفاق على التحكيم بعد حدوث النزاع وفي اتفاق مستقل عن العقد الأصلي والمسمى بمشارطة تحكيم.
[4] – بخلاف الحق في الدعوى الذي يكون محلاً للتقادم وليس الحق في الالتجاء للقضاء ، فإذا كانت الدعوى سقطت بالتقادم فلا يمنع ذلك صاحب الحق في الالتجاء إلي القضاء ، فلا يستطيع قلم كتاب المحكمة منعه من قيد دعواه ، ولكن تقيد دعواه لحقه في الالتجاء إلي القضاء ،ولكن دعواه لا تسمع لأنها سقطت بالتقادم ، وبالمثل أيضاً لا يمنع الشخص من اللجوء إلي محكمة الاستئناف لأن ميعاد الاستئناف قد أنقضي ، فلا يستطيع قلم كتاب المحكمة أن يمنع الشخص من قيد صحيفة الاستئناف بحجة أن ميعاد الاستئناف قد انقضي أو مثلاً لأن أسباب الاستئناف تعتبر طلبات جديدة مطروحة لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ،فالطاعن له الحق في قيد صحيفة استئنافه ولو انقضي ميعاد الاستئناف ، ولكن طعنه لا يقبل لتقديمه بعد الميعاد .
[5] – في المزيد حول التقاضي المرن، راجع مؤلفنا المرونة والقانون دار النهضة العربية طبعة 2022.
[6] – Sophia Binet, L’utilisation des nouvelles technologies dans le procès civil : Vers une procédure civile intégralement informatisée ? mémoire Université LUMIERE LYON 2 – Master Droit Processuel 2005, p 65. il reste néanmoins une grande partie qui n’en dispose pas, ce pour des raisons personnelles de préférence ou financières.
[7] – Sophia Binet, L’utilisation des nouvelles technologies dans le procès civil : Vers une procédure civile intégralement informatisée ? op.cit, p 65.
[8] – Guinchard, Rapport, L’ambition raisonnée d’une justice apaisée, 2008. La lettre de mission fait allusion à « la modernisation nécessaire de la justice », « face à ces objectifs, et singulièrement celui d’une justice porteuse de sens, la Commission a pensé que le service de la Justice ne peut être modernisé que dans le respect de valeurs et de principes qui fondent l’ةtat de droit, tels que l’égalité devant la loi et l’accès effectif à un juge, y compris et surtout pour les plus démunis. ».
[9] – Philippe Glaser , PROCEDURE ET IMMATERIEL »La dématérialisation de la procédure civile,’IMMATÉRIEL,Journée parisienne,Mardi 29 avril 2014 – 13h45, Journées internationales 2014 – L’immatériel (Barcelone et Madrid, 19-23 mai 2014), La CJUE a apporté une limitation à la dématérialisation des procédures, en ce qui concerne les consommateurs, en jugeant que l’Etat pouvait prévoir une conciliation obligatoire préalable à
toute saisine du juge, à condition que la voie électronique ne constitue pas l’unique moyen
d’accès à ladite procédure de conciliation.
[10] – (CEDH 16/06/09 Lawyers Partners / Slovaquie,n°54252/07). Philippe Glaser , PROCEDURE ET IMMATERIEL »La dématérialisation de la procédure civile,’IMMATÉRIEL,Journée parisienne,Mardi 29 avril 2014 – 13h45, Journées internationales 2014 – L’immatériel (Barcelone et Madrid, 19-23 mai 2014) La CEDH a condamné la Slovaquie dont le code de procédure civile prévoyait l’intégration de nouvelles technologies mais qui n’avait pas rempli son obligation d’équiper les juridictions et avait donc porté atteinte au droit d’accès au juge.
[11] – Philippe Glaser , PROCEDURE ET IMMATERIEL »La dématérialisation de la procédure civile,’IMMATÉRIEL, Op.cit.
[12] – Françoise Gleitz-Winterstein, Michel Attal, Communication électronique versus libre accès à la justice par l’avocat, LA SEMAINE JURIDIQUE – ÉDITION GÉNÉRALE – N° 17 – 28 AVRIL 2014,p830 , spéc 831.
[13] – Le Conseil d’Etat français, 15 mai 2013, n° 342500 :JurisData n° 2013-009400 ; JCP G 2013,act. 628, obs. L. Erstein.
[14] – CA Lyon, chambre civile 1 B, 29 janvier 2013, n°12/07947, JurisData n° 2013-010634,Bull No 3 2013. Obs Blandine ROLLAND , La Cour d’appel de Lyon vise l’article 930-1 du code de procédure civile précité. Or en l’espèce l’appelant n’explicite pas l’impossibilité matérielle d’utiliser la voie électronique dont il se prévaut. Les deux attestations produites font simplement apparaître que son avocat n’a pu réussir à formaliser son appel par voie électronique, sans démontrer un dysfonctionnement du système de communication électronique. La Cour décide qu’il n’est dès lors pas justifié d’une cause étrangère à celui qui a accompli l’acte. L’appel formé par support papier est donc irrecevable. Cette espèce peut être rapprochée d’une autre qui, au contraire, reconnaît un cas de force majeure permettant d’écarter la voie électronique. Le parquet général près la Cour d’appel de Lyon n’a pas la possibilité technique d’accéder au RPVA.
[15] – Blandine ROLLAND, Incident en matière de communication électronique de conclusions en appel, CA Lyon, chambre civile 1A, 3 avril 2014, n° 13/08531 – JurisData n° 2014-007480, Bull No 1 2014. La communication électronique notamment en procédure d’appel est une formidable avancée pour la procédure et les auxiliaires de justice. Mais encore faut-il qu’elle ne soit pas émaillée d’incidents techniques qui peuvent alors dégénérer en incidents de procédure !