تقديم
أمام التطور التكنولوجي وظهور وسائل الاتصال الحديثة واستخدامها في مجال الجريمة، دفع المشرع إلى مواكبتها من خلال إدخال تقنية التقاط المكالمات والاتصالات المنجزةعن بعد، واعتمادها وسيلة إثبات حديثة يتم اللجوء إليها في حالة الضرورة من طرف قضاء التحقيق، وبشكل استثنائي من طرف الوكيل العام للملك بعد الحصول على إذن مسبق، على قرينة البراءة باعتبارها من المبادئ من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، إلا أن هذا الإجراء قد يؤثر سلبا الخصوصية التي نصت عليها مختلف التشريعات والمواثيق الدولية، لتحقيق محاكمة عادلة تراعى فيها جميع ضمانات حقوق الدفاع من أجل الكشف عن الحقيقة.
ولذلك تعد الخصوصية من الحقوق الدستورية الأساسية الإلزامية للشخص الطبيعي إذ تحرص المجتمعات خاصة الديمقراطية على كفالة هذا الحق، فالحق في الحياة الخاصة يعتبر عصب الحرية الشخصية وركيزة أساسية لحقوق الإنسان والحريات العامة، وتبعا لذلك يقتضي هذا الحق الاحترام من قبل السلطات والأفراد ولذلك يجب أن تُكفل حماية ضد الاستعمال غير المشروع له.
ومن المعلوم أن أكبر مشكل يعترض التشريع في ميدان الإجراءات الجنائية لضمان حسن سير العدالة وتحقيق المحاكمة العادلة، هو مشكل التوفيق بين فعالية الإجراءات التي تحمي أمن المجتمع وسلامته والمحافظة على النفس والأموال التي تضمن في الوقت ذاته حقوق ضحايا الجرائم، وبين ضمان الحرية للمتهم التي لا تتحقق إلا بمنحه حقوقا أساسية للدفاع عن نفسه في مراحل البحث والتحقيق والمحاكمة.
ونجد الحق في حرمة الحياة الخاصة ليس وليد الصدفة، فالدين الإسلامي نهى عن التجسس على خصوصية الغير حيث قال سبحانه وتعالى: “ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا”، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن الاغتياب والتجسس على الآخرين “إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا”.
أما التشريعات المقارنة فقد أقرت جوانب من حماية الخصوصية منذ مئات السنين، أما في العصر الحديث فنجد جل المواثيق ذات الشرعية الدولية أولت الاهتمام بالحياة الخاصة، ولذلك سارع المشرع المغربي أسوة بغالبية التشريعات المقارنة التي سبقته في هذا المجال إلى التنصيص على التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال الأخرى من خلال المواد من 108 إلى 116 من قانون المسطرة إجراء استثنائيا أحاطه بضوابط مسطرية اعتبرها من النظام العام ورتب على عدم احترامها قيام المسؤولية الجنائية، واعتبره المسؤولية الجنائية فضلا عن ترتيب بطلان هذه الإجراءات.
وكذلك خول المشرع المغربي من خلال المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية لجهتين اثنتين صلاحية الأمر بالتقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد: هما قاضي التحقيق (الفقرة الأولى) والوكيل العام للملك (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: قاضي التحقيق
بخصوص القضاء المغربي، على الرغم من عدم إصداره لأي حكم صريح يقضي بشرعية التقاط المكالمات الهاتفية، إلا أنه يمكننا أن نستشف إضفاءه لطابع الشرعية على التقاط المكالمات الهاتفية من خلال تفعيل القضاء للنصوص القانونية المتعلقة بالالتقاط على المستوى العملي وذلك باعتماد هذه التقنية والأخذ بها في التثبت من الجرائم وجمع الأدلة للوصول إلى الحقيقة.
وفي هذ الصدد قضت المحكمة الابتدائية بتازة بما يلي: “وحيث أنه إلى غاية وقت قريب كانت عملية التقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة عن بعد ممنوعة بصفة مطلقة، إلا أنه نظرا لتطور وسائل الاتصال وتطور الدور الذي أصبحت تلعبه في ارتكاب الجريمة فإن قانون المسطرة الجنائية سمح لقاضي التحقيق في إطار ما تقتضيه ضرورة حق اللجوء إلى عملية التقاط المكالمات الهاتفية نظرا لما يتسم به التحقيق الإعدادي من طابع سري، الذي يضمن عدم إفشاء الأسرار الشخصية الخارجة عن حرية متابعة الذي يسمح له بصفة استثنائية سلوك هذه المسطرة وذلك من أجل جرائم محددة في الفقرة الثانية من المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية.
إذا كانت القاعدة العامة تقضي بمنع التقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد، فإن المشّرع المغربي قد أجاز استثناء لجهات حددها حصرا سلطة الأمر باعتراض هذه المكالمات. وقد خولت مقتضيات المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية صراحة لقاضي التحقيق صلاحية الأمر كتابة بالتقاط المكالمات والاتصالات متى اقتضت ضرورة البحث اتخاذ هذا الإجراء سواء على مستوى المحكمة الابتدائية أو على مستوى محكمة الاستئناف، إذ ليس هناك ما يمنع قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية من هذا الحق ما دامت المادة المذكورة أعلاه قد وردت على إطلاقها دون تقييد، وخولت لقاضي التحقيق إمكانية الأمر بالالتقاط في أي نوع من الجرائم دون تحديد وفقا للمقتضيات التنظيمية التي تحددها المواد 109 وما يليها، ولا يحد من سلطة قاضي التحقيق في اتخاذ هذا الأمر سوى تقديره هو نفسه، لما عبرت عنه المادة 108 بضرورة البحث، وهذا عكس الفقرتين الثالثة والرابعة اللتين حددتا على سبيل الحصر الجرائم التي يجوز أن يتم فيها الالتقاط بمسعى من النيابة العامة في شخص الوكيل العام للملك.
الفقرة الثانية: الوكيل العام للملك
لقد ذهب المشرع المغربي على غرار بعض التشريعات المقارنة إلى تمكين النيابة العامة من الأمر بالتقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة عن بعد، حيث لم يجعل هذا التدبير من اختصاص قاضي التحقيق وحده، بل جعله أيضا من اختصاص الوكيل العام للملك بشروط صارمة يمكن على أساسها سلوك هذا الإجراء الخطير على خصوصية الأفراد، لذا تبقى سلطات وكيل العام للملك في الأمر بالتنصت الهاتفي مقيدة بشكل كبير في جرائم محددة على سبيل الحصر في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، عكس قاضي التحقيق الذي له صلاحيات واسعة وغير محددة.
وعليه في حالة الاستعجال القصوى يجوز للوكيل العام للملك بصفة استثنائية أن يأمر بكتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها وحجزها. متى كانت ضرورة البحث تقتضي التعجيل خوفا من اندثار وسائل الإثبات، إذا كانت الجريمة تمس بأمن الدولة أو جريمة إرهابية أو تتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية أو بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات أو بالاختطاف أو بأخذ الرهائن على سبيل المثال.
الفقرة الثالثة: الضوابط الشكلية لالتقاط المكالمات والاتصالات
إلى جانب الشروط الموضوعية التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة عن بعد، قد تطلب المشرع المغربي بموجب المادة 198 من قانون المسطرة الجنائية توافر شروط شكلية تتمثل في ما يلي:
– ضرورة كتابة أمر التقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات وتعليله: بحيث تعتبر الكتابة من أهم الشروط الشكلية في الإذن بالتنصت على الاتصالات الشخصية، فقد نص عليها المشرع صراحة في الفقرة الثانية من المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية بالنسبة لقاضي التحقيق وفي الفقرة 3 من المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية بالنسبة لوكيل العام للملك، ويعتبر هذا الشرط ضروريا لسلوك هذا الإجراء، إذ في حالة غيابه يشكل هذا الإجراء خطورة كبيرة على خصوصية الأفراد من جهة، ومن جهة أخرى تكون كل الإجراءات المترتبة عليه غير قانونية تشكل تعديا وتعسفا على حقوق المواطنين، ولعل وجود هذا الشرط من شأنه أن يشكل إحدى الضمانات القانونية التي تمنع التدخل في الحياة الخاصة بدون مسوغ قانوني.
– كما يعتبر تحديد تاريخ بداية عملية التقاط ونهايتها من الضمانات القانونية التي خولها المشرع لمراقبة هذا الإجراء، لكن المشرع المغربي لم يحدد جزاء في حالة مخالفة قاضي التحقيق والوكيل العام للملك هذه النقطة في مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، أما بالنسبة لتعليل أمر التقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة عن بعد، فرغم عدم التنصيص عليه صراحة في المادتين 108 و109 من قانون المسطرة الجنائية، إلا أن تبرير اللجوء إلى هذا من طرف قاضي التحقيق والوكيل العام للملك يقتضي تعليله. وفي المنوال نفسه ذهب المشرع المصري إلى ضرورة تعليل إذن اعتراض المحادثات السلكية واللاسلكية واعتبره من بين الشروط الشكلية المهمة لهذا الإجراء طبقا لنص المادتين 95 و206 من قانون الجنائي المصري.
– يجب أن تكون مدة التنصت على المكالمات الهاتفية محددة: حيث تتجلى أهميته في عدم ترك خصوصية الناس عرضة للانتهاك لمدة غير محددة من الزمن، نظرا لما لهذه الخصوصية من حرمة تستمد قوتها من التشريع والمواثيق الدولية، لذلك أقر المشرع المغربي هذه الضمانة بموجب الفقرة الثانية من المادة 109 من قانون المسطرة الجنائية، التي حددت مدة التنصت على المكالمات في أربعة أشهر كما هو الشأن بالنسبة للمشرع الفرنسي الذي حددها بدوره في المدة المذكورة.
أمام التطور التكنولوجي وظهور وسائل الاتصال الحديثة واستخدامها في مجال الجريمة، دفع المشرع إلى مواكبتها من خلال إدخال تقنية التقاط المكالمات والاتصالات المنجزةعن بعد، واعتمادها وسيلة إثبات حديثة يتم اللجوء إليها في حالة الضرورة من طرف قضاء التحقيق، وبشكل استثنائي من طرف الوكيل العام للملك بعد الحصول على إذن مسبق، على قرينة البراءة باعتبارها من المبادئ من طرف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، إلا أن هذا الإجراء قد يؤثر سلبا الخصوصية التي نصت عليها مختلف التشريعات والمواثيق الدولية، لتحقيق محاكمة عادلة تراعى فيها جميع ضمانات حقوق الدفاع من أجل الكشف عن الحقيقة.
ولذلك تعد الخصوصية من الحقوق الدستورية الأساسية الإلزامية للشخص الطبيعي إذ تحرص المجتمعات خاصة الديمقراطية على كفالة هذا الحق، فالحق في الحياة الخاصة يعتبر عصب الحرية الشخصية وركيزة أساسية لحقوق الإنسان والحريات العامة، وتبعا لذلك يقتضي هذا الحق الاحترام من قبل السلطات والأفراد ولذلك يجب أن تُكفل حماية ضد الاستعمال غير المشروع له.
ومن المعلوم أن أكبر مشكل يعترض التشريع في ميدان الإجراءات الجنائية لضمان حسن سير العدالة وتحقيق المحاكمة العادلة، هو مشكل التوفيق بين فعالية الإجراءات التي تحمي أمن المجتمع وسلامته والمحافظة على النفس والأموال التي تضمن في الوقت ذاته حقوق ضحايا الجرائم، وبين ضمان الحرية للمتهم التي لا تتحقق إلا بمنحه حقوقا أساسية للدفاع عن نفسه في مراحل البحث والتحقيق والمحاكمة.
ونجد الحق في حرمة الحياة الخاصة ليس وليد الصدفة، فالدين الإسلامي نهى عن التجسس على خصوصية الغير حيث قال سبحانه وتعالى: “ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا”، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن الاغتياب والتجسس على الآخرين “إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا”.
أما التشريعات المقارنة فقد أقرت جوانب من حماية الخصوصية منذ مئات السنين، أما في العصر الحديث فنجد جل المواثيق ذات الشرعية الدولية أولت الاهتمام بالحياة الخاصة، ولذلك سارع المشرع المغربي أسوة بغالبية التشريعات المقارنة التي سبقته في هذا المجال إلى التنصيص على التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال الأخرى من خلال المواد من 108 إلى 116 من قانون المسطرة إجراء استثنائيا أحاطه بضوابط مسطرية اعتبرها من النظام العام ورتب على عدم احترامها قيام المسؤولية الجنائية، واعتبره المسؤولية الجنائية فضلا عن ترتيب بطلان هذه الإجراءات.
وكذلك خول المشرع المغربي من خلال المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية لجهتين اثنتين صلاحية الأمر بالتقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد: هما قاضي التحقيق (الفقرة الأولى) والوكيل العام للملك (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: قاضي التحقيق
بخصوص القضاء المغربي، على الرغم من عدم إصداره لأي حكم صريح يقضي بشرعية التقاط المكالمات الهاتفية، إلا أنه يمكننا أن نستشف إضفاءه لطابع الشرعية على التقاط المكالمات الهاتفية من خلال تفعيل القضاء للنصوص القانونية المتعلقة بالالتقاط على المستوى العملي وذلك باعتماد هذه التقنية والأخذ بها في التثبت من الجرائم وجمع الأدلة للوصول إلى الحقيقة.
وفي هذ الصدد قضت المحكمة الابتدائية بتازة بما يلي: “وحيث أنه إلى غاية وقت قريب كانت عملية التقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة عن بعد ممنوعة بصفة مطلقة، إلا أنه نظرا لتطور وسائل الاتصال وتطور الدور الذي أصبحت تلعبه في ارتكاب الجريمة فإن قانون المسطرة الجنائية سمح لقاضي التحقيق في إطار ما تقتضيه ضرورة حق اللجوء إلى عملية التقاط المكالمات الهاتفية نظرا لما يتسم به التحقيق الإعدادي من طابع سري، الذي يضمن عدم إفشاء الأسرار الشخصية الخارجة عن حرية متابعة الذي يسمح له بصفة استثنائية سلوك هذه المسطرة وذلك من أجل جرائم محددة في الفقرة الثانية من المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية.
إذا كانت القاعدة العامة تقضي بمنع التقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد، فإن المشّرع المغربي قد أجاز استثناء لجهات حددها حصرا سلطة الأمر باعتراض هذه المكالمات. وقد خولت مقتضيات المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية صراحة لقاضي التحقيق صلاحية الأمر كتابة بالتقاط المكالمات والاتصالات متى اقتضت ضرورة البحث اتخاذ هذا الإجراء سواء على مستوى المحكمة الابتدائية أو على مستوى محكمة الاستئناف، إذ ليس هناك ما يمنع قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية من هذا الحق ما دامت المادة المذكورة أعلاه قد وردت على إطلاقها دون تقييد، وخولت لقاضي التحقيق إمكانية الأمر بالالتقاط في أي نوع من الجرائم دون تحديد وفقا للمقتضيات التنظيمية التي تحددها المواد 109 وما يليها، ولا يحد من سلطة قاضي التحقيق في اتخاذ هذا الأمر سوى تقديره هو نفسه، لما عبرت عنه المادة 108 بضرورة البحث، وهذا عكس الفقرتين الثالثة والرابعة اللتين حددتا على سبيل الحصر الجرائم التي يجوز أن يتم فيها الالتقاط بمسعى من النيابة العامة في شخص الوكيل العام للملك.
الفقرة الثانية: الوكيل العام للملك
لقد ذهب المشرع المغربي على غرار بعض التشريعات المقارنة إلى تمكين النيابة العامة من الأمر بالتقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة عن بعد، حيث لم يجعل هذا التدبير من اختصاص قاضي التحقيق وحده، بل جعله أيضا من اختصاص الوكيل العام للملك بشروط صارمة يمكن على أساسها سلوك هذا الإجراء الخطير على خصوصية الأفراد، لذا تبقى سلطات وكيل العام للملك في الأمر بالتنصت الهاتفي مقيدة بشكل كبير في جرائم محددة على سبيل الحصر في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، عكس قاضي التحقيق الذي له صلاحيات واسعة وغير محددة.
وعليه في حالة الاستعجال القصوى يجوز للوكيل العام للملك بصفة استثنائية أن يأمر بكتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها وحجزها. متى كانت ضرورة البحث تقتضي التعجيل خوفا من اندثار وسائل الإثبات، إذا كانت الجريمة تمس بأمن الدولة أو جريمة إرهابية أو تتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية أو بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات أو بالاختطاف أو بأخذ الرهائن على سبيل المثال.
الفقرة الثالثة: الضوابط الشكلية لالتقاط المكالمات والاتصالات
إلى جانب الشروط الموضوعية التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة عن بعد، قد تطلب المشرع المغربي بموجب المادة 198 من قانون المسطرة الجنائية توافر شروط شكلية تتمثل في ما يلي:
– ضرورة كتابة أمر التقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات وتعليله: بحيث تعتبر الكتابة من أهم الشروط الشكلية في الإذن بالتنصت على الاتصالات الشخصية، فقد نص عليها المشرع صراحة في الفقرة الثانية من المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية بالنسبة لقاضي التحقيق وفي الفقرة 3 من المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية بالنسبة لوكيل العام للملك، ويعتبر هذا الشرط ضروريا لسلوك هذا الإجراء، إذ في حالة غيابه يشكل هذا الإجراء خطورة كبيرة على خصوصية الأفراد من جهة، ومن جهة أخرى تكون كل الإجراءات المترتبة عليه غير قانونية تشكل تعديا وتعسفا على حقوق المواطنين، ولعل وجود هذا الشرط من شأنه أن يشكل إحدى الضمانات القانونية التي تمنع التدخل في الحياة الخاصة بدون مسوغ قانوني.
– كما يعتبر تحديد تاريخ بداية عملية التقاط ونهايتها من الضمانات القانونية التي خولها المشرع لمراقبة هذا الإجراء، لكن المشرع المغربي لم يحدد جزاء في حالة مخالفة قاضي التحقيق والوكيل العام للملك هذه النقطة في مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، أما بالنسبة لتعليل أمر التقاط المكالمات الهاتفية والاتصالات المنجزة عن بعد، فرغم عدم التنصيص عليه صراحة في المادتين 108 و109 من قانون المسطرة الجنائية، إلا أن تبرير اللجوء إلى هذا من طرف قاضي التحقيق والوكيل العام للملك يقتضي تعليله. وفي المنوال نفسه ذهب المشرع المصري إلى ضرورة تعليل إذن اعتراض المحادثات السلكية واللاسلكية واعتبره من بين الشروط الشكلية المهمة لهذا الإجراء طبقا لنص المادتين 95 و206 من قانون الجنائي المصري.
– يجب أن تكون مدة التنصت على المكالمات الهاتفية محددة: حيث تتجلى أهميته في عدم ترك خصوصية الناس عرضة للانتهاك لمدة غير محددة من الزمن، نظرا لما لهذه الخصوصية من حرمة تستمد قوتها من التشريع والمواثيق الدولية، لذلك أقر المشرع المغربي هذه الضمانة بموجب الفقرة الثانية من المادة 109 من قانون المسطرة الجنائية، التي حددت مدة التنصت على المكالمات في أربعة أشهر كما هو الشأن بالنسبة للمشرع الفرنسي الذي حددها بدوره في المدة المذكورة.