لقد صادق مجلس النواب على مشروع قانون المسطرة المدنية، وقد أثار هذا النص القانوني نقاشا كبيرا، داخل البرلمان وخارجه، وبين الأوساط الحقوقية وهيئات المحامون على المستوى الوطني.
وقد نال هذا المشروع موافقة 104 نائبا، ومعارضة 35 نائبا، دون تسجيل أي امتناع، بعد أن خلق نقاشا كبيرا بين فرق الأغلبية والمعارضة، سواء بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، أو من خلال الجلسات العمومية.
ونظرا لأهمية هذا القانون باعتباره الشريعة العامة في المجال المسطري، باعتبار كلما غاب النص الإجرائي الخاص كلما تم الاحتكام إليه كحل للنزاع المطروح، كما يعتبر أيضا متقاطعا ومتداخلا مع عدد كبير من النصوص المنظمة لمجالات قانونية مختلفة، من قبيل المادة الجنائية، والمادة الإدارية، والمادة التجارية، والمادة الضريبية، ومادة التحفيظ العقاري.
كما أن قانون المسطرة المدنية لم يعرف مراجعة شاملة لكل مقتضياته منذ تاريخ العمل به سنة 1974، حيث أدخلت عليه فقط بعض التعديلات حسب الضرورة، وبعد عقد العزم على إعادة النظر في هذا القانون بشكل يطال كل فصوله، والذي تم بسرعة قياسية ودون مراعاة، والشروع في إعداد مسودات، وإحالته على المسطرة التشريعية، أضحت المراجعة الشاملة واقعا ملموسا جسده مشروع قانون 02.23.
وقد جاء هذا المشروع بعدد من المستجدات أهمها، جمع كل النصوص المتعلقة بالمادة المسطرية، حيث اعتبر الاختصاص النوعي من النظام العام بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى، وذلك بهدف إرساء قواعد الاختصاص النوعي على مبدأي وحدة القضاء والتخصص، من خلال ملاءمة قواعد الاختصاص النوعي مع القانون المتعلق بالتنظيم القضائي.
كما عمل على تقليص آجال التقاضي، وعدم تمديد آجال الملفات الجاهزة، ونظّم مجال التبليغات، من خلال إلغاء "مسطرة القيم" التي كانت تقوم على تعيين القاضي لأحد أعوان كتابة الضبط من أجل "معالجة حالة متغيب في مواجهة خصومه أو إجراء تعيين، لأسباب متباينة يدخل من ضمنها تعذر الإدلاء بعنوانه الحقيقي".
وتم في هذا السياق، توظيف قاعدة البيانات المتعلقة بعناوين سكنى المتقاضين، المضمنة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية عند تعذر التوصل في العنوان المدلى به.
وجاء مشروع القانون بمقتضيات جديدة بخصوص مسطرة البث في الدفع بعدم الاختصاص النوعي وتحديد آجاله، من خلال إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ، وتحديد اختصاصاته والمسطرة المتبعة أمامه، من خلال منحه اختصاصات الإشراف على إجراءات التنفيذ، وتتبع طلبات تنفيذ الأحكام والبث في الصعوبات المادية والوقتية المثارة بشأن التنفيذ.
لكن في سياق آخر، من مواد مشروع قانون المسطرة المدنية هناك مقتضيات جديدة نعتبرها بالانتكاسة التشريعية الماسة بحقوق مرتفقي العدالة، وأن المشروع الذي صادق عليه مجلس النواب، يتضمن موادا جديدة تقيد الولوج للمرحلة الاستئنافية من التقاضي حسب المادة 30 من المشروع، وفي بعض الحالات الطعن بالنقض.
فضلا عن إعادة تنظيم مجال تدخل النيابة العامة في الدعوى المدنية باعتبارها وكيلة المجتمع، وأجاز لها سواء كانت طرفا في الدعوى أم لا، حق الطعن من أجل التصريح ببطلان الحكم المخالف للنظام العام دون التقييد بآجال الطعن.
كما قام بتقليص الولوج السلس إلى العدالة، والذي يعد حقا من حقوق كل مواطن مغربي، ويتجلى ذلك فيما نصت عليه المادة 383 من المشروع والتي تفيد بـ"وقف التنفيذ عندما يتعلق الأمر بالطعن بالنقض بالنسبة للإدارة العمومية أو الشخص الاعتباري، ولكن بالنسبة للمواطن العادي لا يتم وقف التنفيذ"، في إخلال واضح بمبدأ المساواة بين المواطنين.
ومن جهة أخرى فإن مشروع قانون م م يخالف مبدأ مجانية التقاضي المنصوص عليه في الفصل 121 من الدستور من خلال فرض مشروع القانون غرامات على المتقاضين في حالة خسارتهم للدعوى مفترضا فيهم سوء النية مما قد يثني المتقاضين عن اللجوء إلى القضاء خوفا من الغرامات وبالتالي يؤدي إلى ضياع حقوقهم.
وبالتالي فإن مقتضيات مشروع قانون المسطرة المدنية فيه مساس خطير بحقوق المواطنين، بل الأكثر من هذا لم يعد هناك حق للمواطن في الولوج المستنير للعدالة، وهو ما يشكل مساسا خطيرا بمقتضيات دستور سنة 2011، هذه التشريعات الشاذة والجائرة التي تضرب العدالة في مقتل، فهي تضرب أيضا في الأمن القضائي والقانوني.
إن هذا المشروع فيه مساس بجوهر العدالة وبحقوق الدفاع وباختصاصات مهنة المحاماة وبالامتياز الذي تمتاز به، وإن مهنة المحاماة هي شريك في تحقيق العدالة وفي الإصلاح العميق والشامل لمنظومتها وليست ولم تكن يوما مشكلا كما يروج له البعض.
كما أن تقديم الدعوى أمام المحاكم يتم من خلال مقال مكتوب يودع بكتابة الضبط، موقع من طرف المحامي، لكن المشروع الجديد جاء بمقتضيات جديدة تقضي بإمكانية تقديم المسطرة الكتابية عن طريق الشخص نفسه أو وكيله، ويتضح أن المشرع لم يعطي أي أهمية حقوقية أو علمية الواجب توفرها في الوكيل مما سيؤدي إلى عدم حماية حقوق المتقاضين ويفتح الباب أمام أشخاص غير مؤهلين قانونا للولوج إلى مرفق العدالة، وهو ما يعتبر مساسا خطيرا بمهنة المحاماة واستقلاليتها.
كما نص مشروع القانون على إمكانية تبليغ الإنذارات عن طريق كتابة الضبط، في الوقت الذي يرى فيه المفوضون القضائيون أن التبليغ من اختصاصهم.
وعليه فإن مشروع قانون المسطرة المدنية تضمن تراجعات على مستوى المساواة ودرجة التقاضي والعديد من المقتضيات الدستورية، على غرار الفصل 6 من الدستور الذي ينص على أن "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له". والفصل 154 من الدستور الذي ينص في فقرته الأولى على أن "يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني والاستمرارية في أداء الخدمات...".
وقد نال هذا المشروع موافقة 104 نائبا، ومعارضة 35 نائبا، دون تسجيل أي امتناع، بعد أن خلق نقاشا كبيرا بين فرق الأغلبية والمعارضة، سواء بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، أو من خلال الجلسات العمومية.
ونظرا لأهمية هذا القانون باعتباره الشريعة العامة في المجال المسطري، باعتبار كلما غاب النص الإجرائي الخاص كلما تم الاحتكام إليه كحل للنزاع المطروح، كما يعتبر أيضا متقاطعا ومتداخلا مع عدد كبير من النصوص المنظمة لمجالات قانونية مختلفة، من قبيل المادة الجنائية، والمادة الإدارية، والمادة التجارية، والمادة الضريبية، ومادة التحفيظ العقاري.
كما أن قانون المسطرة المدنية لم يعرف مراجعة شاملة لكل مقتضياته منذ تاريخ العمل به سنة 1974، حيث أدخلت عليه فقط بعض التعديلات حسب الضرورة، وبعد عقد العزم على إعادة النظر في هذا القانون بشكل يطال كل فصوله، والذي تم بسرعة قياسية ودون مراعاة، والشروع في إعداد مسودات، وإحالته على المسطرة التشريعية، أضحت المراجعة الشاملة واقعا ملموسا جسده مشروع قانون 02.23.
وقد جاء هذا المشروع بعدد من المستجدات أهمها، جمع كل النصوص المتعلقة بالمادة المسطرية، حيث اعتبر الاختصاص النوعي من النظام العام بالنسبة لمحاكم الدرجة الأولى، وذلك بهدف إرساء قواعد الاختصاص النوعي على مبدأي وحدة القضاء والتخصص، من خلال ملاءمة قواعد الاختصاص النوعي مع القانون المتعلق بالتنظيم القضائي.
كما عمل على تقليص آجال التقاضي، وعدم تمديد آجال الملفات الجاهزة، ونظّم مجال التبليغات، من خلال إلغاء "مسطرة القيم" التي كانت تقوم على تعيين القاضي لأحد أعوان كتابة الضبط من أجل "معالجة حالة متغيب في مواجهة خصومه أو إجراء تعيين، لأسباب متباينة يدخل من ضمنها تعذر الإدلاء بعنوانه الحقيقي".
وتم في هذا السياق، توظيف قاعدة البيانات المتعلقة بعناوين سكنى المتقاضين، المضمنة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية عند تعذر التوصل في العنوان المدلى به.
وجاء مشروع القانون بمقتضيات جديدة بخصوص مسطرة البث في الدفع بعدم الاختصاص النوعي وتحديد آجاله، من خلال إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ، وتحديد اختصاصاته والمسطرة المتبعة أمامه، من خلال منحه اختصاصات الإشراف على إجراءات التنفيذ، وتتبع طلبات تنفيذ الأحكام والبث في الصعوبات المادية والوقتية المثارة بشأن التنفيذ.
لكن في سياق آخر، من مواد مشروع قانون المسطرة المدنية هناك مقتضيات جديدة نعتبرها بالانتكاسة التشريعية الماسة بحقوق مرتفقي العدالة، وأن المشروع الذي صادق عليه مجلس النواب، يتضمن موادا جديدة تقيد الولوج للمرحلة الاستئنافية من التقاضي حسب المادة 30 من المشروع، وفي بعض الحالات الطعن بالنقض.
فضلا عن إعادة تنظيم مجال تدخل النيابة العامة في الدعوى المدنية باعتبارها وكيلة المجتمع، وأجاز لها سواء كانت طرفا في الدعوى أم لا، حق الطعن من أجل التصريح ببطلان الحكم المخالف للنظام العام دون التقييد بآجال الطعن.
كما قام بتقليص الولوج السلس إلى العدالة، والذي يعد حقا من حقوق كل مواطن مغربي، ويتجلى ذلك فيما نصت عليه المادة 383 من المشروع والتي تفيد بـ"وقف التنفيذ عندما يتعلق الأمر بالطعن بالنقض بالنسبة للإدارة العمومية أو الشخص الاعتباري، ولكن بالنسبة للمواطن العادي لا يتم وقف التنفيذ"، في إخلال واضح بمبدأ المساواة بين المواطنين.
ومن جهة أخرى فإن مشروع قانون م م يخالف مبدأ مجانية التقاضي المنصوص عليه في الفصل 121 من الدستور من خلال فرض مشروع القانون غرامات على المتقاضين في حالة خسارتهم للدعوى مفترضا فيهم سوء النية مما قد يثني المتقاضين عن اللجوء إلى القضاء خوفا من الغرامات وبالتالي يؤدي إلى ضياع حقوقهم.
وبالتالي فإن مقتضيات مشروع قانون المسطرة المدنية فيه مساس خطير بحقوق المواطنين، بل الأكثر من هذا لم يعد هناك حق للمواطن في الولوج المستنير للعدالة، وهو ما يشكل مساسا خطيرا بمقتضيات دستور سنة 2011، هذه التشريعات الشاذة والجائرة التي تضرب العدالة في مقتل، فهي تضرب أيضا في الأمن القضائي والقانوني.
إن هذا المشروع فيه مساس بجوهر العدالة وبحقوق الدفاع وباختصاصات مهنة المحاماة وبالامتياز الذي تمتاز به، وإن مهنة المحاماة هي شريك في تحقيق العدالة وفي الإصلاح العميق والشامل لمنظومتها وليست ولم تكن يوما مشكلا كما يروج له البعض.
كما أن تقديم الدعوى أمام المحاكم يتم من خلال مقال مكتوب يودع بكتابة الضبط، موقع من طرف المحامي، لكن المشروع الجديد جاء بمقتضيات جديدة تقضي بإمكانية تقديم المسطرة الكتابية عن طريق الشخص نفسه أو وكيله، ويتضح أن المشرع لم يعطي أي أهمية حقوقية أو علمية الواجب توفرها في الوكيل مما سيؤدي إلى عدم حماية حقوق المتقاضين ويفتح الباب أمام أشخاص غير مؤهلين قانونا للولوج إلى مرفق العدالة، وهو ما يعتبر مساسا خطيرا بمهنة المحاماة واستقلاليتها.
كما نص مشروع القانون على إمكانية تبليغ الإنذارات عن طريق كتابة الضبط، في الوقت الذي يرى فيه المفوضون القضائيون أن التبليغ من اختصاصهم.
وعليه فإن مشروع قانون المسطرة المدنية تضمن تراجعات على مستوى المساواة ودرجة التقاضي والعديد من المقتضيات الدستورية، على غرار الفصل 6 من الدستور الذي ينص على أن "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له". والفصل 154 من الدستور الذي ينص في فقرته الأولى على أن "يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني والاستمرارية في أداء الخدمات...".