يعود الفصل 475 من القانون الجنائي إلى الواجهة من جديد بعد بلاغ وزارة العدل والحريات الذي أكدت من خلاله موافقتها على مقترح القانون الذي تقدم به أحد الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين يقضي بحذف الفقرة الثانية من الفصل المذكور.
وللتذكير فهذا الفصل ينص على أنه "من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة، بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. ومع ذلك فإن القاصر التي اختطفت أو غرر بهاإذا كانت بالغة وتزوجت من اختطفها أو غرر بها فإنه لا يمكن متابعته إلا بناء على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلا".
فبعد الضجة التي أثارها هذا الفصل بعد انتحار أمينة الفيلالي احتجاجا على تزويجها، كَرها، من الشخص الذي اختطفها، عاد الرأي العام ليتحدث من جديد عن جريمة الاغتصاب وعقوبتها ومدى نجاعة النصوص القانونية التي تتعلق بها، ويهمنا في هذا المقام إثارة الانتباه إلى نقطتين أساسيتين هما:
1- التأكيد على أن الفصل 475 لا يتعلق، ألبتةَ، بجريمة الاغتصاب التي عرفها المشرع في الفصل 486 بأنها مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها، واعتبرها جناية، بل إن الفصل المذكور يتحدث عن جريمتي التغرير بالقاصر واختطافه،واعتبرهما مجرد جنحة، مما يستوجب الانتباه إلى ضرورة ضبط المصطلحات القانونية نظرا لما يترب عنها من آثار.
إذن، من الناحية القانونية الصرفة فالفصل المثير للجدل لا علاقة له بالاغتصاب مطلقا، لكنه يتحدث عن جريمة أخرى يمكن اعتبارها مشابهة، في انعكاساتها السلبية على نفس الضحية، لجريمة الاغتصاب، ذلك أن آثار هاته الجريمة ستبقى عالقة بذهن الضحية مهما طال الزمن، بل إن الحل الذي وضعه القانون المتمثل في تزويج المختطفة أو المغرر بها بمرتكب الجريمة في حقها، والذي هو الآن موضوع مراجعة، يبقى حلا غير ذي جدوى لسببين: يتجلى أولهما في أن هذا الحل ثبت، واقعيا، أنه فاشل نظرا للمآل المؤسفلهاته الزيجات (انتحارأمينة الفيلالي نموذجا)، والسبب الثاني يبدو من خلال التغييب الكلي للجانب النفسي للضحية، ذلك أنه لئن كان الحل المقترح يساهم في الحفاظ على "سمعة" الأسرة، ويحفظ "شرف" الفتاة الضحية، فإنه لم يستحضر الجانب النفسي لها، لأنه من المستبعد أن تعيش المختطفة إلى جانب من اختطفها في حالة نفسية متوازنة، فكيف يمكن لها أن تطمئن إلى شخص كان بالأمس مجرما ليصبح اليوم محتضنا وأنيسا تعيش بجانبه تحت سقف واحد؟ بل كيف يمكن لغايات الزواج المتمثلة في المودة والعفاف والإحصان أن تتحقق في ظل علاقة جاءت نتيجة لخرق هاته الغايات من طرف الجاني/الزواج؟ وبالتالي يمكن القول إن هذا الزواج ليس إلا شكليا فرضته تقاليد وأعراف معينة بعيدا عن المصلحة الحقيقية للضحية وبعيدا عن الأهداف السامية للزواج.
وللتذكير فهذا الفصل ينص على أنه "من اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة، بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. ومع ذلك فإن القاصر التي اختطفت أو غرر بهاإذا كانت بالغة وتزوجت من اختطفها أو غرر بها فإنه لا يمكن متابعته إلا بناء على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلا".
فبعد الضجة التي أثارها هذا الفصل بعد انتحار أمينة الفيلالي احتجاجا على تزويجها، كَرها، من الشخص الذي اختطفها، عاد الرأي العام ليتحدث من جديد عن جريمة الاغتصاب وعقوبتها ومدى نجاعة النصوص القانونية التي تتعلق بها، ويهمنا في هذا المقام إثارة الانتباه إلى نقطتين أساسيتين هما:
1- التأكيد على أن الفصل 475 لا يتعلق، ألبتةَ، بجريمة الاغتصاب التي عرفها المشرع في الفصل 486 بأنها مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها، واعتبرها جناية، بل إن الفصل المذكور يتحدث عن جريمتي التغرير بالقاصر واختطافه،واعتبرهما مجرد جنحة، مما يستوجب الانتباه إلى ضرورة ضبط المصطلحات القانونية نظرا لما يترب عنها من آثار.
إذن، من الناحية القانونية الصرفة فالفصل المثير للجدل لا علاقة له بالاغتصاب مطلقا، لكنه يتحدث عن جريمة أخرى يمكن اعتبارها مشابهة، في انعكاساتها السلبية على نفس الضحية، لجريمة الاغتصاب، ذلك أن آثار هاته الجريمة ستبقى عالقة بذهن الضحية مهما طال الزمن، بل إن الحل الذي وضعه القانون المتمثل في تزويج المختطفة أو المغرر بها بمرتكب الجريمة في حقها، والذي هو الآن موضوع مراجعة، يبقى حلا غير ذي جدوى لسببين: يتجلى أولهما في أن هذا الحل ثبت، واقعيا، أنه فاشل نظرا للمآل المؤسفلهاته الزيجات (انتحارأمينة الفيلالي نموذجا)، والسبب الثاني يبدو من خلال التغييب الكلي للجانب النفسي للضحية، ذلك أنه لئن كان الحل المقترح يساهم في الحفاظ على "سمعة" الأسرة، ويحفظ "شرف" الفتاة الضحية، فإنه لم يستحضر الجانب النفسي لها، لأنه من المستبعد أن تعيش المختطفة إلى جانب من اختطفها في حالة نفسية متوازنة، فكيف يمكن لها أن تطمئن إلى شخص كان بالأمس مجرما ليصبح اليوم محتضنا وأنيسا تعيش بجانبه تحت سقف واحد؟ بل كيف يمكن لغايات الزواج المتمثلة في المودة والعفاف والإحصان أن تتحقق في ظل علاقة جاءت نتيجة لخرق هاته الغايات من طرف الجاني/الزواج؟ وبالتالي يمكن القول إن هذا الزواج ليس إلا شكليا فرضته تقاليد وأعراف معينة بعيدا عن المصلحة الحقيقية للضحية وبعيدا عن الأهداف السامية للزواج.
2 إن القاعدة القانونية توضع لتنظيم العلاقات في مجتمع معين، وبالتالي فهي قابلة للتغير في كل وقت وحين كلما تبين للمشرع أن المجتمع الذي وضعت لتنظيمه قد تجاوزها أو تخلف عنها، ولذلك فإن تعديل هذا الفصل بما يتناسب ومصلحة الضحية أمر محمود ومطلوب، لكن يجب أن تسبق هذا التعديل حملة تحسيسية تستهدف توعية أفراد المجتمعبمخاطر الإقدام على مثل هاته الأفعال وضرورة استحضار جزء كبير من ثقافتنا الغارقة في التقاليد، مع التساؤل عن مدى قيام وسائل الإعلام بتحسيس الأسر الفقيرة، في بعض المناطق النائية، بضرورة تعليم الفتاة واعتبارها ذات حقوق كاملة بدل أن تعتبرها حملا ثقيلا ينبغي التخلص منه في أسرع وقت؟ ثم هل تقوم المنظمات النسائية بالاطلاع،عن قرب، على أوضاع النساء والفتيات القرويات وتحسيسهن وتوعيتهن والالتصاق بمعاناتهن، أم يكتفين فقط بتنظيم لقاءات دون النزول إلى أرض الواقع المرير الذي يعيش فيه أولائك النسوة؟
أعتقد أن تعديل النص القانوني هام للغاية، لكن الأهم منه، في نظري، هو توعية المواطنين بأن "ثقافة العار" يجب أن لا تكون معيارا لتقويم الظواهر والوقائع، لأن إثم هاته الثقافة أكبر من نفعها، فطالما تعيش أسر كثيرة وضعا نفسيا حرجا تحت ضغط هذه الثقافة المنتشرة وسط المجتمع، بدعاوى واهية كالحفاظ على السمعة والشرف، فتنتج عنها مآس اجتماعية أخرى تابعة أشد وطئا وأقسى إيلاما.