ستنظم هيئة المحامين بالدار البيضاء و نادي المحامين ندوة دولية حول موضوع " تعويض ضحايا حوادث السير بعد35 سنة من صدور ظهير 2 أكتوبر 1984 "، و دلك يومي فاتح و ثاني نونبر بفندق فرح بالدار البيضاء.
أهمية الموضوع غير قابلة للمجادلة.
يكاد يجمع جل المحامين على أن ظهير 2 أكتوبر 1984 المتعلق بالتعويض عن حوادث السير يمس بشكل سافر بحقوق الضحايا في التعويض، و ينحاز للوبيات شركات التأمين التي تؤدي التعويضات المحكوم بها في إطار إجبارية التأمين على العربات البرية ذات محرك.
لم يحقق ظهير 1984 التوازن المطلوب بين مصالح المصابين وبين مصالح شركات التأمين.
حدد ظهير 1984 وسائل تقدير التعويضات وفق الجداول الملحقة به، و أقر سقفا لا يمكن تجاوزه في تحديد التعويض، و هو سقف لا يغطي حتما كل الضرر الذي قد يلحق المصاب أو ذوي حقوقه، و إستبعد بدلك مبدأ ''التعويض الكامل للضرر".
يعتمد ظهير 1984 بشكل مختزل في تحديد التعويض على الأجر و سن الضحية و عنصر الضرر الجسدي، سواء تعلق الأمر بالتعويض عن العجز الكلي المؤقت أو العجز الدائم،
يبقى أساس التعويض هو فقط الرأسمال الموازي للكسب المهني أو الأجر أو سن الضحية يوم وقوع الحادثة.
تطفو على السطح عدة إشكالات قانونية ينبغي العمل على تدارسها خلال أشغال ندوة دولية المزمع انعقادها، و إقتراح حلول و توصيات بشأنها قصد معالجتها، نورد جانبا منها على سبيل الحصر :
الإشكالات المتعلقة بالضرر القابل للتعويض :
الأضرار القابلة للتعويض هي فقط تلك المتعلقة بالحقوق المالية الخاصة بفقدان الأجر سواء بشكل دائم أو مؤقت.
بخصوص الأضرار الشخصية المتعلق بشخص الضحية فقد إستبعد ظهير 1984 التعويض عنها.
على سبيل المثال إستبعد ظهير 1984 التعويض عن الضرر الجنسي و ضرر التمتع بالحياة و ضرر الحرمان من إقامة أسرة ......... فمن المعلوم أن إصابة الجهاز التناسلي يؤدي إلى تعطل أهم وظائف العضو المصاب، مما يشكل ضررا خطيرا يستوجب التعويض عنه ليس فقط لفائدة الزوج بل لفائدة الزوجة التي فقدت حق التمتع بالحياة الجنسية رفقة زوجها.
الإشكالات المتعلقة بالشواهد الطبية الأولية :
غالبا ما يتم تسليم ضحايا حوادث شواهد طبية تقل عن 21 يوما على الرغم من خطورة الإصابات اللاحقة بهم، و هو ما يشكل إجحافا خطيرا في حقوق المصابين، و إنحيازا واضحا لصالح شركات التامين،
الإشكالات المتعلقة بتشطير المسؤولية :
يخضع ظهير 1984 التعويض لتشطير المسؤولية إنطلاقا من الوقائع المادية التي يستقل القاضي بتقديرها،
و تراعي الأحكام القضائية تحديد قسط المسؤولية الدي يتحمله الضحية و تحدد نسبة مساهمة المسؤول المدني في الحادثة كأساس لتحديد المسؤولية و قيمة التعويض المستحق للضحية،
ينص ظهير 1984 على أنه يجب أن يراعى في جميع الحالات قسط المسؤولية الذي يتحمله المتسبب في الحادثة أو المسؤول المدني.
و في هده الإطار قضت محكمة النقض في قرار لها عدد 4451 بتاريخ 09 - 12 - 09 في الملف المدني عدد 742 1 5 08: (يخضع الضرر المعنوي الناتج عن حادثة سير تسببت فيها عربة برية ذات محرك (سيارة) لتشطير المسؤولية طبقا للفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود وإن كان الفصل 4 من ظهير 4 - 10 - 1984 لا يخضعها للتشطير).
في الغالب يحصر القاضي تشطير مسؤولية الذي يتحمله الضحية أو المسؤول المدني في الثلت أو الربع أو النصف، و نادرا ما يحدد قسط مسؤولية الذي يتحمله المصاب أو المسؤول المدني في السدس أو الثمن أو التسع أو العشر..........
يخضع القضاء المصاريف القضائية لمبدأ "تشطير المسؤولية" رغم أن تقسيط المسؤولية يشكل خرقا صارخا لمبدأ ''التعويض الكامل للضرر"، و يؤدي إلى إجحاف و حيف سافر بحقوق الضحايا في التعويض،
تشطير المسؤولية خفف عن المتهم العقوبة و خفف عن شركة التامين أعباء التحملات المالية للتعويضات، و خفض من قيمة التعويضات المستحقة للضحايا.
الإشكالات المتعلقة بعدم تحيين الجداول الملحقة بظهير 1984:
طريقة احتساب التعويض حسب الرأسمال المعتمد لا تتماشى مع إرتفاع الحد الادنى للأجر المعمول به مما يؤدي إلى تعويضات هزيلة.
في هدا الإطار تنص المادة 8 ظهير 1984 على أنه " إذا لم يكن للمصاب حين إصابته أجرة أو كسب مهني و لكنه قطع في الدراسة أو التأهيل المهني مرحلة كافية لتجعله يأمل أن يتاح له القيام في المستقبل بعلم يدر عليه كسبا المبلغ الأدنى المنصوص عليه في الجدول المومأ إليه في المادة الخامسة أعلاه منح تعويضا وفقا للأسس التالية:
- ثلاثة أنصاف الأجرة الدنيا أو الكسب المهني الأدنى المبين في الجدول الآنف الذكر. إذا كان المصاب في مرحلة الدراسة الثانوية أو كان يلقن تأهيلا مهنيا بدون أجر؛
- ضعف المبلغ الأدنى المذكور إذا كان المصاب في السلك الأول أو الثاني من الدراسات العليا؛
ثلاثة أمثال المبلغ الآنف الذكر إذا كان المصاب بالسلك الثالث من الدراسات العليا."
الملاحظ أن ظهير 1984 لا زال يعتمد في حساب التعويض على حد أدنى للأجر لا يتعدى 1800 درهما، على الرغم من مراجعة الحد الأدنى للأجور عدة مرات بمقتضى قرارات متتالية صادرة عن رئيس الحكومة و منشورة في الجريدة الرسمية، و هو ما يقتضي سن مقتضيات تشريعية تحدد عناصر تحيين الجداول بصفة تلقائية و مستمرة،
فعلى سبيل المثال فإن ظهير 1984 لا زال يعتمد كأساس في حساب التعويض المستحق لفئة الطلبة على حد أدنى لا يتعدى سقف 1800 درهم لإستخراج الكسب المهني السنوي الأدنى، على الرغم أنه تمت مراجعة الحد الأدنى للأجر عدة مرات و إستقر في مبلغ 2689 درهم،
فالفارق بين مبلغ 2689 درهم و مبلغ 1800 درهم هو كبير، مما يعطي فكرة واضحة عن حجم المبالغ الضخمة التي تستفيد من ريعها شركات التأمين، و عن الحيف و الظلم في حق هاته الفئة الهشة.
من المؤكد أن الحد الأدنى للأجر يعتبر من النظام العام، لدلك فإنه في إنتظار تحيين مقتضيات ظهير 1984 يستوجب أن يمارس القاضي دوره في ترسيخ إحترام النظام العام و تحيين الرأسمال المعتمد كتعويض واجب للطلبة و دوي الدخل المحدود، و دلك لتحقيق الدفاع عن الفئات الهشة لا سيما و أن ظهير 1984 ميز على نحو تعسفي بين دوي الدخل المحدود و دوي الدخل المرتفع،
ينبغي إستخراج الكسب المهني السنوي الأدنى على أساس حد أدنى للأجر محدد في مبلغ 2689 درهم،
و من المفروض تقدير الدخل الواجب إعتماده بالنسبة للتلميد في المرحلة الثانوية على أساس رأسمال قدره 255000 درهم و هو الرأسمال المقابل للدخل السنوي المحين،
للاسف فإن الأضرار خضعت لمعايير حسابية غير محينة و مجحفة في حق الضحايا، و عجزت عن جبر الضرر الحقيقي اللاحق بهم.
يجب رفع التعويض المستحق للضحايا كلما ارتفع الحد الأدنى للأجر في حالة عدم الإدلاء بشهادة الأجر أو إثبات الدخل في حالة عدم وجود جهة تمنح شهادة الأجر .
الإشكالات المتعلقة بعدم التعويض عن العجز الكلي المؤقت عن العمل:
إعتبرت محكمة النقض من خلال عدة قرارات أن التعويض عن العجز المؤقت لا يشمل المتدربين و الطلبة و العاطلين عن العمل، و الأطفال دون سن الشغل، و التلاميذ في المرحلة ما قبل الإبتدائية، و التلاميذ في المرحلة الابتدائية أو المرحلة الإعدادية... طالما أنهم لم يثبتوا فقد الأجرة أو الكسب المهنـي الناتج عن عجزهم،
في هدا الإطار ورد في قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 3 نونبر 1992 في الملف الجنحي عدد 98/22796 '' حيث إن القرار المطعون فيه قضى للمطالبة بالحق المدني بتعويض عن العجز المؤقت بعلة أن مدة العجز المؤقت فوتـت عليها فرصة العمل أو الكسب أو الاتجار، فتعويض عن ذلك بدون احتياج إلى إثبات، خلافا إلى ما ذهب إليـه الحكم الابتدائي، لكن حيث إنه وبمقتضى الفصل الثالث، فإن التعويض عن العجز المؤقت يكون عن فقــد الأجرة أو الكسب المهني الناتج عن عجز المصاب ويستفاد منه أن المصاب يكون مطالبا بإثبات الأجــرة ، أو الكسب المهني الناتج عن عجز المصاب ويستفاد منه أن المصاب يكون مطالب بإثبات الأجرة أو الكسب المهنـي خلال مدة العجز المؤقت، مما تكون معه محكمة الدرجة الثانية قد أساءت تطبيق مقتضيات الفقرة أ – من الفصل الثالث المذكور لما قضت للمطالبة بالحق المدني بتعويض عن عجزها المؤقت بتعليل أنه فوت عليها فرصة العمـل أو الكسب أو الاتجار ''
الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض يخالف مقتضيات المادة السادسة من ظهير 1984 التي تنص صراحة على أنه"يجب أن يدلى المصاب بما يثبت مبلغ أجرته وكسبه المهني، وإذا لم يثبت المصاب أن له أجرة أو كسبا مهنيا اعتبر كما لو كانت أجرته أو كسبه المهني يساوي المبلغ الأدنى المحدد في الجدول المشار إليه أعلاه "
التعويض عن العجز المؤقت يجب أن يشمل الاستفادة منه كل الفئات العمرية، وإذا عجزت عن إثبات الأجرة أو الكسب المهني اعتبر كما لو كان أجرتها أو كسبها المهني يساوي المبلغ الأدنى.
الإشكالات المتعلقة بعدم التعويض عن النفقات الطبية المستقبلية:
لم يأخد ظهير 1984 بعين الإعتبار المصاريف و النفقات الطبية المستقبلية و الدائمة مدى الحياة، دلك أنه يشمل فقط المصاريف الطبية الآنية المثبتة بواسطة فواتير.
من المؤسف و أللإنساني أن يجعل المشرع عبء مصاريف الخبرة الطبية على الضحية على الرغم من حالته الصحية الخطيرة و توقفه عن الكسب المهني.
في جميع الأحوال يخضع تقييم الفواتير و الوصولات الطبية للسلطة التقديرية للقاضي، و بهدا الخصوص ورد في قرار المجلس الأعلى عدد 116/2 المؤرخ في 2002.26 ملف جنحي 5313/01: أن'' للمحكمة السلطة التقديرية في تقييم ما يعرض عليها من وصولات وفواتير طبية ''
الإشكالات المتعلقة بعدم تمييز ظهير 1984 بين طرق تحقيق الكسب:
لم يميز ظهير 1984 بين طرق تحقيق الكسب، و ساوى بين من يحقق مداخيل عن طريق الأنشطة الريعية التي لا تتطلب مجهودا فكريا أو جسديا كإستغلال رخص النقل و رخص المقالع...... و من جهة أخرى بين من يحقق الكسب عن طريق القوة الجسمانية أو القدرات الفكرية أو المهارة اليدوية الحرفية.
بخصوص الإشكالات المتعلقة بهزالة قيمة التعويضات:
قيمة جل التعويضات هزيلة و لا تتعدى في المتوسط 25000 درهم و هي قد تكون مشمولة بالنفاد المعجل في الربع أو الثلت أو النصف.
في حالة التعويضات هزيلة تصل المصاريف القضائية و صوائر الخبرة إلى ربع أو نصف مبلغ التعويض المحكوم،
من باب الإنصاف يجب إخضاع التعويضات التي لا تتعدى 30000 درهم للنفاذ المعجل الكلي.
من المجحف أن تستأنف شركات التأمين جل ملفات التعويض عن حوادث السير مهما بلغت القيمة الزهيدة للمبالغ المحكوم بها لفائدة المصاب. نقترح حصر الطعن بالإستئناف فقط في التعويضات التي تتعدى 30000 درهم.
بخصوص الإشكالات المتعلقة بإثباث مادية الحادثة:
ويتحمل صندوق ضمان حوادث السير التعويض الكلي أو الجزئي للأضرار البدنية التي تتسبب فيها عربة برية ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية أو بواسطة مقطوراتها أو شبه مقطوراتها و ذلك في الحالة التي يكون فيها الأشخاص المسئولين عن هذه الحوادث مجهولين أو غير مؤمنين وغير قادرين على تعويض الضحايا بسبب عسرهم .
يصعب إثبات مادية حادثة السير في الحالة التي يكون فيها االمسئول مجهولا أو في حالة فرار. حالة الضحية تحول دون تمكنه من التعرف على الشخص المسئول عن الحادثة أو على العربة البرية ذات محرك.
صعوبة الإثبات تفسر سبب صدور عدة أحكام برفض طلب التعويض الكلي أو الجزئي عن الأضرار البدنية.
الإشكالات المتعلقة ببطئ إحالة محاضر حوادث السير لنيابة العامة
يعاني الضحايا من بطئ المساطر القضائية المتعلقة بإنجاز و إحالة محاضر حوادث السير على النيابة العامة، و بطئ هذه الاخيرة في دراسة القضايا و تكييف الفعل نظرا للكم المهول المعروض على وكلاء الملك، مما يدفع بالمحامين إلى توجيه عدة رسائل تذكير و تعجيل بالدراسة.
في هدا الإطار يجب إلزام الشرطة القضائية بإنجاز و إحالة محاضر حوادث السير على المحكمة في أجال معقولة، كما يجب إلزام النيابة العامة بدراستها في أجال محددة.
الأستاذ عسيلة ياسين محامي بالدار البيضاء
أهمية الموضوع غير قابلة للمجادلة.
يكاد يجمع جل المحامين على أن ظهير 2 أكتوبر 1984 المتعلق بالتعويض عن حوادث السير يمس بشكل سافر بحقوق الضحايا في التعويض، و ينحاز للوبيات شركات التأمين التي تؤدي التعويضات المحكوم بها في إطار إجبارية التأمين على العربات البرية ذات محرك.
لم يحقق ظهير 1984 التوازن المطلوب بين مصالح المصابين وبين مصالح شركات التأمين.
حدد ظهير 1984 وسائل تقدير التعويضات وفق الجداول الملحقة به، و أقر سقفا لا يمكن تجاوزه في تحديد التعويض، و هو سقف لا يغطي حتما كل الضرر الذي قد يلحق المصاب أو ذوي حقوقه، و إستبعد بدلك مبدأ ''التعويض الكامل للضرر".
يعتمد ظهير 1984 بشكل مختزل في تحديد التعويض على الأجر و سن الضحية و عنصر الضرر الجسدي، سواء تعلق الأمر بالتعويض عن العجز الكلي المؤقت أو العجز الدائم،
يبقى أساس التعويض هو فقط الرأسمال الموازي للكسب المهني أو الأجر أو سن الضحية يوم وقوع الحادثة.
تطفو على السطح عدة إشكالات قانونية ينبغي العمل على تدارسها خلال أشغال ندوة دولية المزمع انعقادها، و إقتراح حلول و توصيات بشأنها قصد معالجتها، نورد جانبا منها على سبيل الحصر :
الإشكالات المتعلقة بالضرر القابل للتعويض :
الأضرار القابلة للتعويض هي فقط تلك المتعلقة بالحقوق المالية الخاصة بفقدان الأجر سواء بشكل دائم أو مؤقت.
بخصوص الأضرار الشخصية المتعلق بشخص الضحية فقد إستبعد ظهير 1984 التعويض عنها.
على سبيل المثال إستبعد ظهير 1984 التعويض عن الضرر الجنسي و ضرر التمتع بالحياة و ضرر الحرمان من إقامة أسرة ......... فمن المعلوم أن إصابة الجهاز التناسلي يؤدي إلى تعطل أهم وظائف العضو المصاب، مما يشكل ضررا خطيرا يستوجب التعويض عنه ليس فقط لفائدة الزوج بل لفائدة الزوجة التي فقدت حق التمتع بالحياة الجنسية رفقة زوجها.
الإشكالات المتعلقة بالشواهد الطبية الأولية :
غالبا ما يتم تسليم ضحايا حوادث شواهد طبية تقل عن 21 يوما على الرغم من خطورة الإصابات اللاحقة بهم، و هو ما يشكل إجحافا خطيرا في حقوق المصابين، و إنحيازا واضحا لصالح شركات التامين،
الإشكالات المتعلقة بتشطير المسؤولية :
يخضع ظهير 1984 التعويض لتشطير المسؤولية إنطلاقا من الوقائع المادية التي يستقل القاضي بتقديرها،
و تراعي الأحكام القضائية تحديد قسط المسؤولية الدي يتحمله الضحية و تحدد نسبة مساهمة المسؤول المدني في الحادثة كأساس لتحديد المسؤولية و قيمة التعويض المستحق للضحية،
ينص ظهير 1984 على أنه يجب أن يراعى في جميع الحالات قسط المسؤولية الذي يتحمله المتسبب في الحادثة أو المسؤول المدني.
و في هده الإطار قضت محكمة النقض في قرار لها عدد 4451 بتاريخ 09 - 12 - 09 في الملف المدني عدد 742 1 5 08: (يخضع الضرر المعنوي الناتج عن حادثة سير تسببت فيها عربة برية ذات محرك (سيارة) لتشطير المسؤولية طبقا للفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود وإن كان الفصل 4 من ظهير 4 - 10 - 1984 لا يخضعها للتشطير).
في الغالب يحصر القاضي تشطير مسؤولية الذي يتحمله الضحية أو المسؤول المدني في الثلت أو الربع أو النصف، و نادرا ما يحدد قسط مسؤولية الذي يتحمله المصاب أو المسؤول المدني في السدس أو الثمن أو التسع أو العشر..........
يخضع القضاء المصاريف القضائية لمبدأ "تشطير المسؤولية" رغم أن تقسيط المسؤولية يشكل خرقا صارخا لمبدأ ''التعويض الكامل للضرر"، و يؤدي إلى إجحاف و حيف سافر بحقوق الضحايا في التعويض،
تشطير المسؤولية خفف عن المتهم العقوبة و خفف عن شركة التامين أعباء التحملات المالية للتعويضات، و خفض من قيمة التعويضات المستحقة للضحايا.
الإشكالات المتعلقة بعدم تحيين الجداول الملحقة بظهير 1984:
طريقة احتساب التعويض حسب الرأسمال المعتمد لا تتماشى مع إرتفاع الحد الادنى للأجر المعمول به مما يؤدي إلى تعويضات هزيلة.
في هدا الإطار تنص المادة 8 ظهير 1984 على أنه " إذا لم يكن للمصاب حين إصابته أجرة أو كسب مهني و لكنه قطع في الدراسة أو التأهيل المهني مرحلة كافية لتجعله يأمل أن يتاح له القيام في المستقبل بعلم يدر عليه كسبا المبلغ الأدنى المنصوص عليه في الجدول المومأ إليه في المادة الخامسة أعلاه منح تعويضا وفقا للأسس التالية:
- ثلاثة أنصاف الأجرة الدنيا أو الكسب المهني الأدنى المبين في الجدول الآنف الذكر. إذا كان المصاب في مرحلة الدراسة الثانوية أو كان يلقن تأهيلا مهنيا بدون أجر؛
- ضعف المبلغ الأدنى المذكور إذا كان المصاب في السلك الأول أو الثاني من الدراسات العليا؛
ثلاثة أمثال المبلغ الآنف الذكر إذا كان المصاب بالسلك الثالث من الدراسات العليا."
الملاحظ أن ظهير 1984 لا زال يعتمد في حساب التعويض على حد أدنى للأجر لا يتعدى 1800 درهما، على الرغم من مراجعة الحد الأدنى للأجور عدة مرات بمقتضى قرارات متتالية صادرة عن رئيس الحكومة و منشورة في الجريدة الرسمية، و هو ما يقتضي سن مقتضيات تشريعية تحدد عناصر تحيين الجداول بصفة تلقائية و مستمرة،
فعلى سبيل المثال فإن ظهير 1984 لا زال يعتمد كأساس في حساب التعويض المستحق لفئة الطلبة على حد أدنى لا يتعدى سقف 1800 درهم لإستخراج الكسب المهني السنوي الأدنى، على الرغم أنه تمت مراجعة الحد الأدنى للأجر عدة مرات و إستقر في مبلغ 2689 درهم،
فالفارق بين مبلغ 2689 درهم و مبلغ 1800 درهم هو كبير، مما يعطي فكرة واضحة عن حجم المبالغ الضخمة التي تستفيد من ريعها شركات التأمين، و عن الحيف و الظلم في حق هاته الفئة الهشة.
من المؤكد أن الحد الأدنى للأجر يعتبر من النظام العام، لدلك فإنه في إنتظار تحيين مقتضيات ظهير 1984 يستوجب أن يمارس القاضي دوره في ترسيخ إحترام النظام العام و تحيين الرأسمال المعتمد كتعويض واجب للطلبة و دوي الدخل المحدود، و دلك لتحقيق الدفاع عن الفئات الهشة لا سيما و أن ظهير 1984 ميز على نحو تعسفي بين دوي الدخل المحدود و دوي الدخل المرتفع،
ينبغي إستخراج الكسب المهني السنوي الأدنى على أساس حد أدنى للأجر محدد في مبلغ 2689 درهم،
و من المفروض تقدير الدخل الواجب إعتماده بالنسبة للتلميد في المرحلة الثانوية على أساس رأسمال قدره 255000 درهم و هو الرأسمال المقابل للدخل السنوي المحين،
للاسف فإن الأضرار خضعت لمعايير حسابية غير محينة و مجحفة في حق الضحايا، و عجزت عن جبر الضرر الحقيقي اللاحق بهم.
يجب رفع التعويض المستحق للضحايا كلما ارتفع الحد الأدنى للأجر في حالة عدم الإدلاء بشهادة الأجر أو إثبات الدخل في حالة عدم وجود جهة تمنح شهادة الأجر .
الإشكالات المتعلقة بعدم التعويض عن العجز الكلي المؤقت عن العمل:
إعتبرت محكمة النقض من خلال عدة قرارات أن التعويض عن العجز المؤقت لا يشمل المتدربين و الطلبة و العاطلين عن العمل، و الأطفال دون سن الشغل، و التلاميذ في المرحلة ما قبل الإبتدائية، و التلاميذ في المرحلة الابتدائية أو المرحلة الإعدادية... طالما أنهم لم يثبتوا فقد الأجرة أو الكسب المهنـي الناتج عن عجزهم،
في هدا الإطار ورد في قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 3 نونبر 1992 في الملف الجنحي عدد 98/22796 '' حيث إن القرار المطعون فيه قضى للمطالبة بالحق المدني بتعويض عن العجز المؤقت بعلة أن مدة العجز المؤقت فوتـت عليها فرصة العمل أو الكسب أو الاتجار، فتعويض عن ذلك بدون احتياج إلى إثبات، خلافا إلى ما ذهب إليـه الحكم الابتدائي، لكن حيث إنه وبمقتضى الفصل الثالث، فإن التعويض عن العجز المؤقت يكون عن فقــد الأجرة أو الكسب المهني الناتج عن عجز المصاب ويستفاد منه أن المصاب يكون مطالبا بإثبات الأجــرة ، أو الكسب المهني الناتج عن عجز المصاب ويستفاد منه أن المصاب يكون مطالب بإثبات الأجرة أو الكسب المهنـي خلال مدة العجز المؤقت، مما تكون معه محكمة الدرجة الثانية قد أساءت تطبيق مقتضيات الفقرة أ – من الفصل الثالث المذكور لما قضت للمطالبة بالحق المدني بتعويض عن عجزها المؤقت بتعليل أنه فوت عليها فرصة العمـل أو الكسب أو الاتجار ''
الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض يخالف مقتضيات المادة السادسة من ظهير 1984 التي تنص صراحة على أنه"يجب أن يدلى المصاب بما يثبت مبلغ أجرته وكسبه المهني، وإذا لم يثبت المصاب أن له أجرة أو كسبا مهنيا اعتبر كما لو كانت أجرته أو كسبه المهني يساوي المبلغ الأدنى المحدد في الجدول المشار إليه أعلاه "
التعويض عن العجز المؤقت يجب أن يشمل الاستفادة منه كل الفئات العمرية، وإذا عجزت عن إثبات الأجرة أو الكسب المهني اعتبر كما لو كان أجرتها أو كسبها المهني يساوي المبلغ الأدنى.
الإشكالات المتعلقة بعدم التعويض عن النفقات الطبية المستقبلية:
لم يأخد ظهير 1984 بعين الإعتبار المصاريف و النفقات الطبية المستقبلية و الدائمة مدى الحياة، دلك أنه يشمل فقط المصاريف الطبية الآنية المثبتة بواسطة فواتير.
من المؤسف و أللإنساني أن يجعل المشرع عبء مصاريف الخبرة الطبية على الضحية على الرغم من حالته الصحية الخطيرة و توقفه عن الكسب المهني.
في جميع الأحوال يخضع تقييم الفواتير و الوصولات الطبية للسلطة التقديرية للقاضي، و بهدا الخصوص ورد في قرار المجلس الأعلى عدد 116/2 المؤرخ في 2002.26 ملف جنحي 5313/01: أن'' للمحكمة السلطة التقديرية في تقييم ما يعرض عليها من وصولات وفواتير طبية ''
الإشكالات المتعلقة بعدم تمييز ظهير 1984 بين طرق تحقيق الكسب:
لم يميز ظهير 1984 بين طرق تحقيق الكسب، و ساوى بين من يحقق مداخيل عن طريق الأنشطة الريعية التي لا تتطلب مجهودا فكريا أو جسديا كإستغلال رخص النقل و رخص المقالع...... و من جهة أخرى بين من يحقق الكسب عن طريق القوة الجسمانية أو القدرات الفكرية أو المهارة اليدوية الحرفية.
بخصوص الإشكالات المتعلقة بهزالة قيمة التعويضات:
قيمة جل التعويضات هزيلة و لا تتعدى في المتوسط 25000 درهم و هي قد تكون مشمولة بالنفاد المعجل في الربع أو الثلت أو النصف.
في حالة التعويضات هزيلة تصل المصاريف القضائية و صوائر الخبرة إلى ربع أو نصف مبلغ التعويض المحكوم،
من باب الإنصاف يجب إخضاع التعويضات التي لا تتعدى 30000 درهم للنفاذ المعجل الكلي.
من المجحف أن تستأنف شركات التأمين جل ملفات التعويض عن حوادث السير مهما بلغت القيمة الزهيدة للمبالغ المحكوم بها لفائدة المصاب. نقترح حصر الطعن بالإستئناف فقط في التعويضات التي تتعدى 30000 درهم.
بخصوص الإشكالات المتعلقة بإثباث مادية الحادثة:
ويتحمل صندوق ضمان حوادث السير التعويض الكلي أو الجزئي للأضرار البدنية التي تتسبب فيها عربة برية ذات محرك غير مرتبطة بسكة حديدية أو بواسطة مقطوراتها أو شبه مقطوراتها و ذلك في الحالة التي يكون فيها الأشخاص المسئولين عن هذه الحوادث مجهولين أو غير مؤمنين وغير قادرين على تعويض الضحايا بسبب عسرهم .
يصعب إثبات مادية حادثة السير في الحالة التي يكون فيها االمسئول مجهولا أو في حالة فرار. حالة الضحية تحول دون تمكنه من التعرف على الشخص المسئول عن الحادثة أو على العربة البرية ذات محرك.
صعوبة الإثبات تفسر سبب صدور عدة أحكام برفض طلب التعويض الكلي أو الجزئي عن الأضرار البدنية.
الإشكالات المتعلقة ببطئ إحالة محاضر حوادث السير لنيابة العامة
يعاني الضحايا من بطئ المساطر القضائية المتعلقة بإنجاز و إحالة محاضر حوادث السير على النيابة العامة، و بطئ هذه الاخيرة في دراسة القضايا و تكييف الفعل نظرا للكم المهول المعروض على وكلاء الملك، مما يدفع بالمحامين إلى توجيه عدة رسائل تذكير و تعجيل بالدراسة.
في هدا الإطار يجب إلزام الشرطة القضائية بإنجاز و إحالة محاضر حوادث السير على المحكمة في أجال معقولة، كما يجب إلزام النيابة العامة بدراستها في أجال محددة.
الأستاذ عسيلة ياسين محامي بالدار البيضاء