لقد انخرط المغرب في حماية الأسرة المغربية ومناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة وحماية الطفولة من الضياع والتشرد، وذلك بتوفير جميع مستلزمات الرفاهية والعيش الكريم إلى جانب ضمان كرامة الرجل في جو أسري يسوده الاحترام والمودة.
وبالتالي جاءت مضامين مدونة الأسرة في هذا الإطار من أجل ضمان الاستقرار الأسري، وملاءمة النصوص القانونية الداخلية الأسرية مع الاتفاقيات الدولية والصكوك التي تشتمل على مجموعة من المعايير العامة والخاصة في مجال تحقيق المساواة ومكافحة التمييز، حيث صادق المغرب على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والبروتوكول الاختياري الملحق بها، وصادق على البروتوكول الأول الملحق بالعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الملحق بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
وتماشيا مع الاختيار الاستراتيجي للمملكة المغربية في مجال ترسيخ حقوق الإنسان، وبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات، أقر المغرب إصلاحات دستورية مهمة في دستور 2011، الذي نص بدء من ديباجته على “حظر ومكافحة كل أشكال التمييز” وأن المغرب “يواصل بعزم مسيرة إرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية”، كما نص في فصله 19 على تمتيع كل من “الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية”.
x محتوى اعلاني
كما أكد الفصل 22 على وجوب ضمان السلامة الجسدية والمعنوية للأفراد “حيث لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف ومن قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة، كما لا يجوز لأحد أن يعامل الغير تحت أي ذريعة معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية”.
وانطلاقا مما ذكر في التوجه الراسخ في مجال حقوق الإنسان، حرص المشرع الدستوري على تكريس مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب، على التشريعات الوطنية في إطار أحكام الدستور.
إلى جانب ذلك، حرص دستور 2011 على التنصيص على إحداث الآليات الضرورية للترسيخ الفعلي لمبادئ المساواة بين الجنسين وحظر كافة أشكال التمييز من خلال تعزيز الإطار المؤسساتي الضامن لذلك، حيث نصت المادة 19 على إحداث هيئة مكلفة بالمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، تسهر بموجب الفصل 164 على احترام الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
ولقد شكلت هذه المبادئ المعيارية التي جاء بها دستور 2011، والمبادئ المضمنة لحماية الأسرة الواردة في مدونة الأسرة دينامية جديدة، جعلت الحماية القانونية الأسرية من صلب اهتمام كل الفاعلين في المجتمع المغربي (سياسيين، فقهاء القانون، المجتمع المدني، الهيئات المهنية….).
وقد وجه الملك محمد السادس رسالة إلى رئيس الحكومة تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة بتاريخ 26 شتنبر 2023، ولإعداد هذا الإصلاح تم تكليف وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة بهذه المهمة مع إشراك مختلف الهيئات المعنية بهذا الموضوع، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.
وتقضي التعليمات الملكية، برفع المقترحات التعديلات التي ستنبثق عن هذه المشاورات التشاركية الواسعة في أجل أقصاه ستة أشهر.
وفي هذا الإطار من أجل التفاعل مع هذا الإصلاح، نقترح بإعادة النظر في مجموعة من المقتضيات الواردة في مدونة الأسرة والتي أصبحت عاجزة عن تحقيق المبتغى من سن هذه المدونة.
فعملا على تحقيق الأهداف الكبرى للمدونة والمتعلقة بحماية حقوق المرأة والطفل وصيانة كرامة الرجل، أكدت المدونة على تفعيل مؤسسة الصلح عند الطلاق بحثا عن آلية يمكن أن تساعد على الحل الودي للنزاع في حالة إذا لم تستطع المحكمة الإحاطة بجميع أسباب الشقاق والمسؤول عنه، وبقيت الريبة والغموض مع الأمل في إمكانية حل النزاع بطريقة ودية من جهة أخرى، حيث يمكنها الالتجاء إلى حكمين لتقصي الحقائق وتجديد محاولة الصلح لإنهاء الشقاق كما يمكن الاستعانة بمؤسسة مجلس العائلة.
غير أن تفعيل هذه المسطرة المتعلقة بالصلح الواردة في طلب التطليق للشقاق تجعلها بعيدة المنال، حيث لا ينحصر تطبيق مسطرة الشقاق في حالة وجود نزاع يخاف منه الشقاق وهذا هو الأصل الوارد في المادة 94 من المدونة، وإنما تطبق كمسطرة تابعة في حالة طلب التطليق للضرر عند عدم إثبات الزوجة للضرر وإصرارها على طلب التطليق، وهي الحالة التي ورد النص عليها في الفقرة الثانية من المادة 100 من المدونة، وكذلك في حالة الطلاق بالخلع عند رفض الزوج الاستجابة لطلب الخلع لسبب من الأسباب كاختلافهما على مبدئه أو المقابل طبقا للمادة 120 من المدونة، وتطبق هذه المسطرة في حالة الطلاق الرجعي التي يقوم فيها الزوج بإرجاع زوجته وتمتنع عن الرجوع بعد إشعارها بالرجعة من طرف القاضي طبقا للمادة 124 من المدونة، كما تطبق هذه المسطرة بطريقة تلقائية كلما تمسك الزوج بطلب الإذن بالتعدد ولم توافق الزوجة الأولى، ولم تطلب التطليق طبقا لمقتضيات المادة 45 من مدونة الأسرة.
فتنصيص المشرع على مسطرة الشقاق بهذا الشكل، يجعلها ممكنة في كل الأحوال مما يمكن القول معه أن على المشرع أن يستغني عن كل المواد المتعلقة بالطلاق والتطليق، ويكتفي بالتطليق للشقاق الذي نصت عليه المواد 94 إلى 97 مع الإبقاء على الطلاق الاتفاقي بشروطه.
وتجدر الإشارة إلى أن التيسير الذي رافق مسطرة الشقاق من شأنه تكريس تفكيك الأسرة خصوصا إذا كان هناك أطفال، وهذا من شأنه أن يؤثر على مسطرة الصلح كوسيلة بديلة لحل النزاع والحفاظ على كيان الأسرة بدلا من تفعيلها من خلال مسطرة الشقاق.
أمام هذا التضارب في اعمال مسطرة الشقاق، وأمام غياب مفهوم دقيق للشقاق والحالات التي يمكن أن تندرج ضمنه، أدى إلى انفجار الأطلقة وخاصة في ظل جائحة كورونا بفعل الاحتكاك الزوجي، وفقدان الشغل والضغط النفسي للأزواج، واستفحال النزاعات الأسرية وعدم المبالاة بإجراءات الصلح المنعقدة أمام المحكمة لاعتقادهم بأن لا فائدة من الصلح أمام انغلاق الأفق، وكثرة الملفات المتعلقة بالأطلقة لمغاربة الداخل والخارج، جعلت الصلح عملية روتينية، يتطلب الأمر إعادة النظر في مسطرة الصلح الأسري، وذلك بمأسسة الصلح في مؤسسة عمومية تابعة للحكومة تتكون من متخصصين في القانون وعلم النفس وعلم الاجتماع ورجال الدين، وتوفير الدعم المالي والمعنوي للأسر المتضررة.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه في حالة التطليق للغيبة كما هو منصوص عليها في المواد من 104 إلى 106 من مدونة الأسرة فإن المشرع في المادة 113 من المدونة نفسها، قد أعفى المحكمة من القيام بمحاولة الإصلاح بين الزوجين، لأن الغالب الأعم في هذه الحالة هو تعذر إجراء الصلح فيها، إذ لا يعقل إجراء الصلح مع طرف غائب، غير أنه يجب مراجعة هذه المقتضيات، حيث ظهرت في الآونة الأخيرة هجرة من نوع آخر تستهدف النساء المغربيات وذلك بفتح ما يسمى بالهجرة الموسمية وخاصة بإسبانيا وإيطاليا، حيث وصل عدد المغربيات بإسبانيا 6500 عاملة موسمية وأن 4000 عاملة لم تعد إلى أرض الوطن سنة 2018، وبلغ عدد التونسيات 3500 عاملة موسمية، وأن 2000 عاملة تونسية لم تعد إلى تونس سنة 2017.
وهذا الأمر ترتب عنه أن أغلب هذه النساء المتزوجات لا يرجعون للمغرب، وهذا ما يجعل الأزواج المتواجدين في المغرب في موضع لا يحسدون عليه، لا هم قادرين على التعدد ولا هم قادرين على الطلاق، وذلك بسبب التشدد في الإجراءات وخاصة التبليغ الشخصي للزوجة.
وبناء عليه يجب تمديد التطليق للغيبة لصالح الزوج الذي تغيبت عليه زوجته. بنفس الشروط المنصوص عليها في المواد من 104 إلى 106 من المدونة.
وبالنسبة لطلب الزوجة التطليق للعيب فبمقتضى المادة 107 من المدونة، فإن العيوب التي تعتبر مؤثرة على استقرار الحياة الزوجية وتخول طلب إنهائها، تتجلى في العيوب المانعة من المعاشرة الجنسية، وكذلك الأمراض ذات الخطورة على حياة أو صحة الزوج الآخر والتي لا يرجى الشفاء منها داخل أجل سنة، وتلزم المادة 113 من المدونة في هذه الحالة كذلك المحكمة بإجراء جلسة الصلح بين الطرفين، لكن هل جائحة كورونا مثلا تعتبر من العيوب المهددة لخطورة الحياة أو صحة الزوج الآخر، وخاصة بالنسبة للزوج غير الملقح؟
وإذا كانت المدونة قد أحدثت ثورة في المفاهيم التقليدية الأسرية، ومنها على الأخص تلك المرتبطة بحماية بيت الزوجية، من أجل تأمين الاستقرار الأسري بين الزوجين، وذلك بمنع أحدهم من طرد شريكه خارج بيت الزوجية طبقا للمادة 53 من مدونة الأسرة، وتجريمه طبقا للفصل 1ـ480 من القانون الجنائي.
فهل هذه المقتضيات الحمائية كافية من أجل منع أحد الأزواج من طرد الآخر من المسكن المشترك؟ وهل حان الوقت لتعديل المادة 53 من مدونة الأسرة؟ وما هي الحدود الممكنة لتعديل المادة 53 من مدونة الأسرة انسجاما مع المقتضيات الفصل 1 ـ 480 من القانون الجنائي؟ وهل إصباغ الحماية الجنائية على المادة 53 من مدونة الأسرة من شأنه حماية الأسرة من التشتت؟ ولماذا أصبح لزاما تعديل المادة 53 من مدونة الأسرة؟ وما هي التدابير الفعالة لإرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية؟ وما هي المقترحات والتعديلات الممكن إدراجها على المادة 53 من مدونة الأسرة؟
يستشف من المادة 53 من مدونة الأسرة أن التدخل لا يفترض من طرف النيابة العامة إلا إذا كان الطرد دون مبرر، بمفهوم المخالفة إذا كان الطرد مبررا لا يحق للنيابة العامة إرجاع الزوج المطرود، وخصوصا إذا كان المطرود يشكل خطرا على الطرف الآخر.
كما أن وجود الأبناء داخل بيت الزوجية، قد يثير إشكالات جمة، فهؤلاء يحتاجون للرعاية المشتركة للأبوين بدل الزج بأحدهم في السجن، وبالتالي إرجاع الزوج المطرود هو مطلب آني ومستعجل لا يحتاج إلى مناقشة أسباب الطرد في كونها مبررة أو غير مبررة.
إذن وجود المبرر من عدمه، يجب أن يخضع للمبدأ العام الذي يحكم سلطة النيابة العامة والمتمثل في مبدأ الملاءمة، لكن تطبيق هذا المبدأ في المجال الأسري يقتضي الحكمة والنظرة الشمولية لمختلف الظروف الواقعية انسجاما مع الدور الاجتماعي والإنساني الجديد الذي أنيط بالنيابة العامة.
فالمكان الطبيعي للزوجين السكن الزوجي وليس الشارع على أساس المودة والحب، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالزوجة المطرودة وهي بعيدة عن أهلها وغير عاملة والمنزل مكترى من طرف الزوج أو أن الزوجين يقطنان في البادية وبعيدا عن مخفر الدرك الملكي والمحكمة، فالطرد من بيت الزوجية هو اعتداء مادي ومعنوي على الزوج المطرود بغض النظر عن كونه مبرر أو غير مبرر.
وغني عن البيان أهمية التعايش في إطار عقد الزواج وما يترتب عنه من أثار ذات طابع شخصي أو آثار ذات طابع مالي من نفقة وإرث، ناهيك عن العلاقات المالية التي يمكن أن تنشأ بسبب ملاءة ذمة الزوجين، مما يطرح إشكالية تحديد الوضعية المالية للزوجين في ضوء أحكام مدونة الأسرة.
فموضوع الوضعية المالية للزوجين له علاقة وطيدة بالقواعد والأحكام المنظمة للعلاقات المالية التي تنتج عن إبرام عقد الزواج، فمن المعلوم أن هذه العلاقات تأخذ أوجها متعددة فهي قد تنشأ كأثر مباشر لعقد الزواج، ومن أهمها العلاقات المالية للزوجين وفق التصور الجديد الذي وضعته المادة 49 من مدونة الأسرة باعتبارها من أهم المستجدات التي عرفها النظام القانوني المغربي.
ويرتبط موضوع الوضعية المالية للزوجين بالنظام المالي المطبق على أموال الزوجين، حيث إن الأنظمة المالية للزواج تؤثر بشكل مباشر على نطاق الذمة المالية للزوجين.
وتبعا لهذا يمكن تعريف النظام المالي بأنه علاقة كل من الزوجين بأمواله، وبأموال الزوج الآخر، وعلاقتهما معا بالأموال المشتركة بينهما، وكذلك علاقة كل من الزوجين بالديون المترتبة بذمة الزوج الآخر، وعلاقتهما معا بالديون المشتركة المستحقة عليهما.
فما هو أساس المادة 49 من مدونة الأسرة، هل يعود تنظيمها لأحكام الفقه الإسلامي أم إلى الأعراف المحلية؟ أم يناط تحديد نطاقها للتشريعات الغربية وخاصة القانون الفرنسي؟ وهل يمكن تضمين المبدأ العرفي الشرعي المتعلق بحق الكد والسعاية في المادة 49 من المدونة؟ وما هي التعديلات الممكنة إدراجها على المادة 49؟
يمكن القول إنه يجب أن تعتبر مساهمة المرأة خاصة في تكوين المكتسبات المالية الأسرية خاضعة لحق الكد والسعاية، وأن تخضع للإثبات الحر وليس للإثبات المقيد القانوني الوارد في قانون الالتزامات والعقود.
فالإثبات غير كاف لتحصين الادعاء أو نفيه، وأنه حتى عند وجود وسيلة لإثبات التملك في اسم أحد الزوجين، فإن ذلك الإثبات قابل للنقاش مما يجعل الحجة المعتمدة في إطار موضوع الأموال الأسرية غير متسمة بالقطعية، وقد تكون مجرد قرينة لإثبات العكس، وهذه أحد القواعد الأساسية لنظام الكد والسعاية والتي يجب على المشرع تضمينها في المادة 49 من المدونة في التعديل مرتقب.
ونظرا للمصلحة الفضلى للطفل، حاول المشرع تقييد الطلاق قضائيا، وجعل الصلح إلزاميا لمرتين، وتحديد المستحقات وإسناد الحضانة للأم ثم للأب ثم لكل من يرى القاضي أنه الأفضل في حماية وحضانة الطفل، حتى لا تكون حقوقهم محل مساومة، فبعد أن جعل الحضانة مشتركة أثناء قيام العلاقة الزوجية، أضحت بعد انحلالها لأحد الأبوين، وهي تمنح للأم وجوبا، لأنها الأجدر لرعاية ومراعاة مصلحة المحضون.
وبالتالي لا يمكن إسقاطها من هذه الأخيرة إلا بوجود حالات حصرية نص عليها المشرع المغربي في المادة 175 من المدونة.
وقد استقر القضاء المغربي على مراعاة أهمية إسناد الحضانة للأم، غير أن هذه الحماية القانونية والقضائية تبقى قاصرة مادام يمكن إسقاط حضانة الأم لزواجها طبقا للشروط الواردة في المادة 175 من مدونة الأسرة.
ويتضح أن إسقاط الحضانة يرتبط ارتباطا وثيقا بالمصلحة الفضلى للطفل، فإنه لا يمكن أن تتخذ المحكمة أي قرار من شأنه أن يتعارض مع هذه المصلحة، وفي هذا الإطار وجب تعديل المقتضيات التشريعية المنصوص عليها في المادة 175 من المدونة على الشكل التالي “زواج الأم، لا يسقط حضانتها”.
وبالتالي حذف الأحوال التي إن وجدت لا تسقط الحضانة لزواج الأم، ولأن الأم كأصل عام هي الأصلح لرعاية وحضانة المحضون دون غيرها من الناس، وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم قال عندما جاءه رجل، فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ يعني صحبتي قال أمك قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك.
وفي الختام يمكن القول إن هناك عدة صعوبات في هذه المدونة وجب إيجاد حلول ناجعة لها، وهذه أمثلة منها فقط من أجل بناء أسرة مغربية متماسكة ومستقرة أساسها المودة والرحمة.
وبالتالي جاءت مضامين مدونة الأسرة في هذا الإطار من أجل ضمان الاستقرار الأسري، وملاءمة النصوص القانونية الداخلية الأسرية مع الاتفاقيات الدولية والصكوك التي تشتمل على مجموعة من المعايير العامة والخاصة في مجال تحقيق المساواة ومكافحة التمييز، حيث صادق المغرب على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والبروتوكول الاختياري الملحق بها، وصادق على البروتوكول الأول الملحق بالعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الملحق بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب.
وتماشيا مع الاختيار الاستراتيجي للمملكة المغربية في مجال ترسيخ حقوق الإنسان، وبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات، أقر المغرب إصلاحات دستورية مهمة في دستور 2011، الذي نص بدء من ديباجته على “حظر ومكافحة كل أشكال التمييز” وأن المغرب “يواصل بعزم مسيرة إرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية”، كما نص في فصله 19 على تمتيع كل من “الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية”.
x محتوى اعلاني
كما أكد الفصل 22 على وجوب ضمان السلامة الجسدية والمعنوية للأفراد “حيث لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف ومن قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة، كما لا يجوز لأحد أن يعامل الغير تحت أي ذريعة معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية”.
وانطلاقا مما ذكر في التوجه الراسخ في مجال حقوق الإنسان، حرص المشرع الدستوري على تكريس مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية كما صادق عليها المغرب، على التشريعات الوطنية في إطار أحكام الدستور.
إلى جانب ذلك، حرص دستور 2011 على التنصيص على إحداث الآليات الضرورية للترسيخ الفعلي لمبادئ المساواة بين الجنسين وحظر كافة أشكال التمييز من خلال تعزيز الإطار المؤسساتي الضامن لذلك، حيث نصت المادة 19 على إحداث هيئة مكلفة بالمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، تسهر بموجب الفصل 164 على احترام الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
ولقد شكلت هذه المبادئ المعيارية التي جاء بها دستور 2011، والمبادئ المضمنة لحماية الأسرة الواردة في مدونة الأسرة دينامية جديدة، جعلت الحماية القانونية الأسرية من صلب اهتمام كل الفاعلين في المجتمع المغربي (سياسيين، فقهاء القانون، المجتمع المدني، الهيئات المهنية….).
وقد وجه الملك محمد السادس رسالة إلى رئيس الحكومة تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة بتاريخ 26 شتنبر 2023، ولإعداد هذا الإصلاح تم تكليف وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة بهذه المهمة مع إشراك مختلف الهيئات المعنية بهذا الموضوع، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.
وتقضي التعليمات الملكية، برفع المقترحات التعديلات التي ستنبثق عن هذه المشاورات التشاركية الواسعة في أجل أقصاه ستة أشهر.
وفي هذا الإطار من أجل التفاعل مع هذا الإصلاح، نقترح بإعادة النظر في مجموعة من المقتضيات الواردة في مدونة الأسرة والتي أصبحت عاجزة عن تحقيق المبتغى من سن هذه المدونة.
فعملا على تحقيق الأهداف الكبرى للمدونة والمتعلقة بحماية حقوق المرأة والطفل وصيانة كرامة الرجل، أكدت المدونة على تفعيل مؤسسة الصلح عند الطلاق بحثا عن آلية يمكن أن تساعد على الحل الودي للنزاع في حالة إذا لم تستطع المحكمة الإحاطة بجميع أسباب الشقاق والمسؤول عنه، وبقيت الريبة والغموض مع الأمل في إمكانية حل النزاع بطريقة ودية من جهة أخرى، حيث يمكنها الالتجاء إلى حكمين لتقصي الحقائق وتجديد محاولة الصلح لإنهاء الشقاق كما يمكن الاستعانة بمؤسسة مجلس العائلة.
غير أن تفعيل هذه المسطرة المتعلقة بالصلح الواردة في طلب التطليق للشقاق تجعلها بعيدة المنال، حيث لا ينحصر تطبيق مسطرة الشقاق في حالة وجود نزاع يخاف منه الشقاق وهذا هو الأصل الوارد في المادة 94 من المدونة، وإنما تطبق كمسطرة تابعة في حالة طلب التطليق للضرر عند عدم إثبات الزوجة للضرر وإصرارها على طلب التطليق، وهي الحالة التي ورد النص عليها في الفقرة الثانية من المادة 100 من المدونة، وكذلك في حالة الطلاق بالخلع عند رفض الزوج الاستجابة لطلب الخلع لسبب من الأسباب كاختلافهما على مبدئه أو المقابل طبقا للمادة 120 من المدونة، وتطبق هذه المسطرة في حالة الطلاق الرجعي التي يقوم فيها الزوج بإرجاع زوجته وتمتنع عن الرجوع بعد إشعارها بالرجعة من طرف القاضي طبقا للمادة 124 من المدونة، كما تطبق هذه المسطرة بطريقة تلقائية كلما تمسك الزوج بطلب الإذن بالتعدد ولم توافق الزوجة الأولى، ولم تطلب التطليق طبقا لمقتضيات المادة 45 من مدونة الأسرة.
فتنصيص المشرع على مسطرة الشقاق بهذا الشكل، يجعلها ممكنة في كل الأحوال مما يمكن القول معه أن على المشرع أن يستغني عن كل المواد المتعلقة بالطلاق والتطليق، ويكتفي بالتطليق للشقاق الذي نصت عليه المواد 94 إلى 97 مع الإبقاء على الطلاق الاتفاقي بشروطه.
وتجدر الإشارة إلى أن التيسير الذي رافق مسطرة الشقاق من شأنه تكريس تفكيك الأسرة خصوصا إذا كان هناك أطفال، وهذا من شأنه أن يؤثر على مسطرة الصلح كوسيلة بديلة لحل النزاع والحفاظ على كيان الأسرة بدلا من تفعيلها من خلال مسطرة الشقاق.
أمام هذا التضارب في اعمال مسطرة الشقاق، وأمام غياب مفهوم دقيق للشقاق والحالات التي يمكن أن تندرج ضمنه، أدى إلى انفجار الأطلقة وخاصة في ظل جائحة كورونا بفعل الاحتكاك الزوجي، وفقدان الشغل والضغط النفسي للأزواج، واستفحال النزاعات الأسرية وعدم المبالاة بإجراءات الصلح المنعقدة أمام المحكمة لاعتقادهم بأن لا فائدة من الصلح أمام انغلاق الأفق، وكثرة الملفات المتعلقة بالأطلقة لمغاربة الداخل والخارج، جعلت الصلح عملية روتينية، يتطلب الأمر إعادة النظر في مسطرة الصلح الأسري، وذلك بمأسسة الصلح في مؤسسة عمومية تابعة للحكومة تتكون من متخصصين في القانون وعلم النفس وعلم الاجتماع ورجال الدين، وتوفير الدعم المالي والمعنوي للأسر المتضررة.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه في حالة التطليق للغيبة كما هو منصوص عليها في المواد من 104 إلى 106 من مدونة الأسرة فإن المشرع في المادة 113 من المدونة نفسها، قد أعفى المحكمة من القيام بمحاولة الإصلاح بين الزوجين، لأن الغالب الأعم في هذه الحالة هو تعذر إجراء الصلح فيها، إذ لا يعقل إجراء الصلح مع طرف غائب، غير أنه يجب مراجعة هذه المقتضيات، حيث ظهرت في الآونة الأخيرة هجرة من نوع آخر تستهدف النساء المغربيات وذلك بفتح ما يسمى بالهجرة الموسمية وخاصة بإسبانيا وإيطاليا، حيث وصل عدد المغربيات بإسبانيا 6500 عاملة موسمية وأن 4000 عاملة لم تعد إلى أرض الوطن سنة 2018، وبلغ عدد التونسيات 3500 عاملة موسمية، وأن 2000 عاملة تونسية لم تعد إلى تونس سنة 2017.
وهذا الأمر ترتب عنه أن أغلب هذه النساء المتزوجات لا يرجعون للمغرب، وهذا ما يجعل الأزواج المتواجدين في المغرب في موضع لا يحسدون عليه، لا هم قادرين على التعدد ولا هم قادرين على الطلاق، وذلك بسبب التشدد في الإجراءات وخاصة التبليغ الشخصي للزوجة.
وبناء عليه يجب تمديد التطليق للغيبة لصالح الزوج الذي تغيبت عليه زوجته. بنفس الشروط المنصوص عليها في المواد من 104 إلى 106 من المدونة.
وبالنسبة لطلب الزوجة التطليق للعيب فبمقتضى المادة 107 من المدونة، فإن العيوب التي تعتبر مؤثرة على استقرار الحياة الزوجية وتخول طلب إنهائها، تتجلى في العيوب المانعة من المعاشرة الجنسية، وكذلك الأمراض ذات الخطورة على حياة أو صحة الزوج الآخر والتي لا يرجى الشفاء منها داخل أجل سنة، وتلزم المادة 113 من المدونة في هذه الحالة كذلك المحكمة بإجراء جلسة الصلح بين الطرفين، لكن هل جائحة كورونا مثلا تعتبر من العيوب المهددة لخطورة الحياة أو صحة الزوج الآخر، وخاصة بالنسبة للزوج غير الملقح؟
وإذا كانت المدونة قد أحدثت ثورة في المفاهيم التقليدية الأسرية، ومنها على الأخص تلك المرتبطة بحماية بيت الزوجية، من أجل تأمين الاستقرار الأسري بين الزوجين، وذلك بمنع أحدهم من طرد شريكه خارج بيت الزوجية طبقا للمادة 53 من مدونة الأسرة، وتجريمه طبقا للفصل 1ـ480 من القانون الجنائي.
فهل هذه المقتضيات الحمائية كافية من أجل منع أحد الأزواج من طرد الآخر من المسكن المشترك؟ وهل حان الوقت لتعديل المادة 53 من مدونة الأسرة؟ وما هي الحدود الممكنة لتعديل المادة 53 من مدونة الأسرة انسجاما مع المقتضيات الفصل 1 ـ 480 من القانون الجنائي؟ وهل إصباغ الحماية الجنائية على المادة 53 من مدونة الأسرة من شأنه حماية الأسرة من التشتت؟ ولماذا أصبح لزاما تعديل المادة 53 من مدونة الأسرة؟ وما هي التدابير الفعالة لإرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية؟ وما هي المقترحات والتعديلات الممكن إدراجها على المادة 53 من مدونة الأسرة؟
يستشف من المادة 53 من مدونة الأسرة أن التدخل لا يفترض من طرف النيابة العامة إلا إذا كان الطرد دون مبرر، بمفهوم المخالفة إذا كان الطرد مبررا لا يحق للنيابة العامة إرجاع الزوج المطرود، وخصوصا إذا كان المطرود يشكل خطرا على الطرف الآخر.
كما أن وجود الأبناء داخل بيت الزوجية، قد يثير إشكالات جمة، فهؤلاء يحتاجون للرعاية المشتركة للأبوين بدل الزج بأحدهم في السجن، وبالتالي إرجاع الزوج المطرود هو مطلب آني ومستعجل لا يحتاج إلى مناقشة أسباب الطرد في كونها مبررة أو غير مبررة.
إذن وجود المبرر من عدمه، يجب أن يخضع للمبدأ العام الذي يحكم سلطة النيابة العامة والمتمثل في مبدأ الملاءمة، لكن تطبيق هذا المبدأ في المجال الأسري يقتضي الحكمة والنظرة الشمولية لمختلف الظروف الواقعية انسجاما مع الدور الاجتماعي والإنساني الجديد الذي أنيط بالنيابة العامة.
فالمكان الطبيعي للزوجين السكن الزوجي وليس الشارع على أساس المودة والحب، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالزوجة المطرودة وهي بعيدة عن أهلها وغير عاملة والمنزل مكترى من طرف الزوج أو أن الزوجين يقطنان في البادية وبعيدا عن مخفر الدرك الملكي والمحكمة، فالطرد من بيت الزوجية هو اعتداء مادي ومعنوي على الزوج المطرود بغض النظر عن كونه مبرر أو غير مبرر.
وغني عن البيان أهمية التعايش في إطار عقد الزواج وما يترتب عنه من أثار ذات طابع شخصي أو آثار ذات طابع مالي من نفقة وإرث، ناهيك عن العلاقات المالية التي يمكن أن تنشأ بسبب ملاءة ذمة الزوجين، مما يطرح إشكالية تحديد الوضعية المالية للزوجين في ضوء أحكام مدونة الأسرة.
فموضوع الوضعية المالية للزوجين له علاقة وطيدة بالقواعد والأحكام المنظمة للعلاقات المالية التي تنتج عن إبرام عقد الزواج، فمن المعلوم أن هذه العلاقات تأخذ أوجها متعددة فهي قد تنشأ كأثر مباشر لعقد الزواج، ومن أهمها العلاقات المالية للزوجين وفق التصور الجديد الذي وضعته المادة 49 من مدونة الأسرة باعتبارها من أهم المستجدات التي عرفها النظام القانوني المغربي.
ويرتبط موضوع الوضعية المالية للزوجين بالنظام المالي المطبق على أموال الزوجين، حيث إن الأنظمة المالية للزواج تؤثر بشكل مباشر على نطاق الذمة المالية للزوجين.
وتبعا لهذا يمكن تعريف النظام المالي بأنه علاقة كل من الزوجين بأمواله، وبأموال الزوج الآخر، وعلاقتهما معا بالأموال المشتركة بينهما، وكذلك علاقة كل من الزوجين بالديون المترتبة بذمة الزوج الآخر، وعلاقتهما معا بالديون المشتركة المستحقة عليهما.
فما هو أساس المادة 49 من مدونة الأسرة، هل يعود تنظيمها لأحكام الفقه الإسلامي أم إلى الأعراف المحلية؟ أم يناط تحديد نطاقها للتشريعات الغربية وخاصة القانون الفرنسي؟ وهل يمكن تضمين المبدأ العرفي الشرعي المتعلق بحق الكد والسعاية في المادة 49 من المدونة؟ وما هي التعديلات الممكنة إدراجها على المادة 49؟
يمكن القول إنه يجب أن تعتبر مساهمة المرأة خاصة في تكوين المكتسبات المالية الأسرية خاضعة لحق الكد والسعاية، وأن تخضع للإثبات الحر وليس للإثبات المقيد القانوني الوارد في قانون الالتزامات والعقود.
فالإثبات غير كاف لتحصين الادعاء أو نفيه، وأنه حتى عند وجود وسيلة لإثبات التملك في اسم أحد الزوجين، فإن ذلك الإثبات قابل للنقاش مما يجعل الحجة المعتمدة في إطار موضوع الأموال الأسرية غير متسمة بالقطعية، وقد تكون مجرد قرينة لإثبات العكس، وهذه أحد القواعد الأساسية لنظام الكد والسعاية والتي يجب على المشرع تضمينها في المادة 49 من المدونة في التعديل مرتقب.
ونظرا للمصلحة الفضلى للطفل، حاول المشرع تقييد الطلاق قضائيا، وجعل الصلح إلزاميا لمرتين، وتحديد المستحقات وإسناد الحضانة للأم ثم للأب ثم لكل من يرى القاضي أنه الأفضل في حماية وحضانة الطفل، حتى لا تكون حقوقهم محل مساومة، فبعد أن جعل الحضانة مشتركة أثناء قيام العلاقة الزوجية، أضحت بعد انحلالها لأحد الأبوين، وهي تمنح للأم وجوبا، لأنها الأجدر لرعاية ومراعاة مصلحة المحضون.
وبالتالي لا يمكن إسقاطها من هذه الأخيرة إلا بوجود حالات حصرية نص عليها المشرع المغربي في المادة 175 من المدونة.
وقد استقر القضاء المغربي على مراعاة أهمية إسناد الحضانة للأم، غير أن هذه الحماية القانونية والقضائية تبقى قاصرة مادام يمكن إسقاط حضانة الأم لزواجها طبقا للشروط الواردة في المادة 175 من مدونة الأسرة.
ويتضح أن إسقاط الحضانة يرتبط ارتباطا وثيقا بالمصلحة الفضلى للطفل، فإنه لا يمكن أن تتخذ المحكمة أي قرار من شأنه أن يتعارض مع هذه المصلحة، وفي هذا الإطار وجب تعديل المقتضيات التشريعية المنصوص عليها في المادة 175 من المدونة على الشكل التالي “زواج الأم، لا يسقط حضانتها”.
وبالتالي حذف الأحوال التي إن وجدت لا تسقط الحضانة لزواج الأم، ولأن الأم كأصل عام هي الأصلح لرعاية وحضانة المحضون دون غيرها من الناس، وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم قال عندما جاءه رجل، فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ يعني صحبتي قال أمك قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك.
وفي الختام يمكن القول إن هناك عدة صعوبات في هذه المدونة وجب إيجاد حلول ناجعة لها، وهذه أمثلة منها فقط من أجل بناء أسرة مغربية متماسكة ومستقرة أساسها المودة والرحمة.