MarocDroit  -  موقع العلوم القانونية
plateforme des décideurs juridiques - Platform of Legal Decision-Makers




الحكامة الإدارية وتدبير المرفق العمومي: إدارة الجمارك نموذج متطور

     



 
توطئة:

قد يتفاجأ الزائر لإدارة الجمارك بالمديرية الجهوي لطنجة تطوان الحسيمة بلباقة وحسن المعاملة التي تخصص له والتي توحي له بأهميته أكان مواطن أو مستثمر أو مرتفق عام. استقبال مخصص لكي لا نتجاوز بالصوف ونقول  « V.I.P » شخصية جد مهمة.
نعم أنا صادق في قولي. فأطر هذه المديرية، كنموذج خاص لما آلت إليه أحوال الإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة في عهد السيد المدير العام الجديد عبد اللطيف عمراني، تأكد أن الإدارة الجمركة أضحت تركز بشكل جدي وأساسي على صورتها من خلال تجويد استقبال وخدمة مرتفقيها.
كيف يمكن مقاربة الحكامة الإدارية من خلال حكامة الاستقبال وجودة الخدمة المقدمة؟ وماهي المعايير المستحسن اتباعها؟

المسلمات والرهانات:

إن السياسة العمومية للدولة في الاهتمام بالمواطن والفاعل الاقتصادي على حد سواء تعود لعقدين من الزمن ونيف حيث استبقت تطور مناخ الاقتصاد والتحولات الاجتماعية لتخلص لأهمية ما ذهب له الفقه الإداري في علوم الإدارة ونظريات تطور المرفق العمومي. هذا التكريس والممارسة الفعلية تنم عليه التعيينات الأخيرة بالمديريات الحساسة والاستراتيجية للدولة باعتبار الكفاءات والتجربة وتراكم الخبرات بعيدا عن الحسابات الكلاسيكية الضيقة المتوارثة عن مخلفات المدرسة الإدارية الفرنسية الاستعمارية.
اعتبار مقاربة شمولية واضحة وصحيحة للمصلحة العامة للدولة ومرافقها هي ترسيخ لسياسة الدولة الأمة التي يقوم قوامها انطلاقا من اعتبار الموظف لديها أساس المعادلة لخدمة الانسان والمواطن والمرتفق كأهم عنصر وجب الاهتمام به لقيام المصلحة بدورها وانجاح الرهانات التي رفعتها للمستقبل.

من المتفق عليه أنه لا يمكن قيام الدولة بلا انسان ولا وجود لإدارة او مصلحة عمومية دون توفير خدمات لهذا الانسان. فوجود الدولة وأعضائها الحيوية لا يكون إلا بوجود المواطن المرتفق ولا بثبت سلطانها في السلم والأمن إلا بثقة هذا المواطن. الدولة العصرية الناجحة التي تبتغي التطور والنماء الاقتصادي تهتم بمواطنيها وجودة الخدمات المقدمة لهم ومصداقيتها مع اعتبار السرية والمحافظة على المعطيات الشخصية. هذه مهام تطورت بتطور العلم وتدبير المعلومات والحفاظ عليها.

إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في قلب الحكامة الإدارية:

 بمجرد ولوج بهو الإدارة بطنجة تستقبل من طرف عنصريين من الفيالق. واحد أنثى والثاني ذكر بزيهم الرسمي وبابتسامة بريئة، يقومون بالتأكد من سبب زيارتك وتوثيقها ثم توجيهك للمصلحة المختصة. تستعين المصلحة بفضاء مجهز باتات جميل وألوان واضحة بهيجة كما تسخر برامج معلوماتية لضبط الزيارات المصالح المعنية بها وتدقيق هويات الزوار مع الحفاض على سلامة الكل من خلال اليات التصوير المتطورة

لماذا الحديث على إدارة الجمارك ونموذج المديرية الجهوية لطنجة؟ الجواب بسيط يرجع لحدث مهم وحيوي هو تغيير رأس الهرم الجمركي بتعيين السيد المدير العام الجديد عبد اللطيف عمراني الذي ابدى واهتمامه الصادق بالمرفق العمومي وحبه لخدمة الوطن من جهة ابتداء برعاية موظفيه ومن جهة ثانية الوصول لخدمة المرتفق بمعايير واضحة ومحددة سالف.

التجربة الجمركية تستحق الدراسة القانونية حتى تكون عبرة لمجموعة من الإدارات العمومية التي لاتزال منطوية على نفسها تسدل ستار الغموض والسرية وإن لم يكن لها من أهمية السر شيئا ومعتمدة على أساليب تدبير متجاوزة.

الرهان الآني والمستقبلي الذي ترفعه الدولة والإدارات المحترمة وإدارة الجمارك كنموذج للمقاربة يجعل المستثمر والانسان العادي يحكم على المملكة المغربية من خلال حسن معاملة مصالحها وموظفيها معهم ومن خلال جودة المعلومة المقدمة لهم ومدى احترام هؤلاء الموظفين للقانون ومعايير الخدمة والضوابط الداخلية للإدارة.
 
رفع سقف التحديات الحداثية وتجاوز الماضي:

من المعلوم اليوم أن المملكة المغربية أصبحت مثالا يقتضي به في عدة مجالات رياضية وثقافية وعلمية وأمنية ودبلوماسية وسياحية الخ...

فلا عيب في أن يتفق المسؤولون الإداريون على غرار إدارات الجمارك والأمن الوطني وعدد من المؤسسات العمومية الرسمية الإدارية على نهج نفس السياسة العمومية لتدبير وحكامة المرفق العمةمي من خلال حسن الاستقبال وإعطاء الأولوية للموظف لخدمة سليمة للمرتفق.

الدرس هذا يقودنا لتشوير وتخصيص الخطاب للمرافق المنتخبة التي وجب اليوم عليها أن تسير على نهج واحد مع مؤسسات الدولة وأن تحدو حدو هذه المؤسسات للرفع من مستوى خدمات الدولة وإبراز عمل الحكومة في خدمة الوطن والمرتفق اقتذاء بمبدئ المصلحة العامة.

في الواقع ما يحز على الأنفس، فكلما احتاج المواطن لخدمة ما اصطدم بعراقيل لا تعد ولا تحصى بسبب تدمر الموظف وغياب المسؤول أو عدم كفاءته أو لتوكل المصلحة على مساطر يدوية أو بدائية لم تطلها سياسة المغرب والإدارة الرقمية. إن امتحان للصبر والجلد والتحكم في الأعصاب. المرفق العمومي ليس صراطا محتوما على المرتفق وعلينا أن نجعل منه خدمة تقضى بطرق عادية ويجب "أنسنتها" «humanisé» بحيث لا تقلل من كرامة الانسان ولا تنقص منه ولا تفتح أبواب الزبونية والارتشاء في أوساط الإدارة مما تضيع معه كل الحقوق.

توصيف بلا توصية:

في عصر الذكاء الاصطناعي وانفتاح المملكة المغربية الشريفة على محيطها الإقليمي وما باتت تلعبه من أدوار هامة أمنية ودبلوماسية سيادية خطيرة وجب علينا النهوض بأقسى سرعة بالإدارة وخدمة المرتفق وتجويد المعلومات وتحسين فضاءات استقبالهم تروق للذوق الحسن وتطمئن الزائر والمرتفق.

فضاء الاستقبال هو أول تمثل للإدارة لدى الزائر وأحسن جو لمطمئنته ومساعدته في الثقة بالإدارة. حسن الاستقبال في الزمان والمكان لا يتطلب كثيرا من الاستثمار والجهد بقدر ما يحتاج لرغبة وانخراط لدى المسؤولين عن المرفق العام ولعل نموذج الإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة في ظل رئيسها الجديد عبرة ومثال يحتذى به في حكامة الاستقبال في تدبير المرفق العام وتجويد خدماته، كل حسب اختصاصه، وجب علينا أن نفتخر به حيث تبنى السيد عمراني عبد اللطيف منذ قدومه لإدارة الجمارك الاهتمام الكبير والعقلاني بالمرتفق من خلال الاهتمام بموظفيه وتكوينهم، علما منه أن فاقد الشيء لا يعطيه.



الجمعة 24 ماي 2024

عناوين أخرى
< >

السبت 29 يونيو 2024 - 19:13 البرلمان والضريبة


تعليق جديد
Twitter